السؤال

♦ الملخص:
زوجة طلقها زوجها ثم زعم أنه لم يُطلقها، وأنه كان مدهوشًا لا يَعي ما يقول! وبعد خمسة أعوام أخبرها أنه كان في وعْيِه، وأنه كان يُريد تأديبَها، وتسأل عن الحكم!

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حدث خلاف بيني وبين زوجي منذ خمسة أعوام، فجلس زوجي بجانبي وقتها وقال لي: الحياة لا تستقيم بيننا، فماذا تريدين؟ قلتُ: أريد أن نذهب إلى المأذون، فقال لي: أنت طالق!


صرَخْتُ في وجهه، وقلتُ له: لماذا طلقتني؟ فكأنه أفاق مِن غيبوبة، وحلف بالله كثيرًا أنه لم يقلْ شيئًا، وقام إلى المطبخ وكسر بعض الزجاج، ثم تركني وخرج.


في اليوم التالي ردَّني زوجي إليه شرعًا، ثم جلس وقال: أُقسم بالله لم أسمعها مني، أو لم أشعر بها، ولكني رأيتُ ردَّ فعلك أني قلتُها، واسألي في حكمها.


سألتُ وأخبرني بعض الشيوخ العدول بعدم وقوعها؛ لأنها طلاق مدهوش، فكتمتُ عنه ذلك، ولكني كتبتها بتاريخها وتفاصيلها وأسماء الشيوخ؛ لأنه رجلٌ مِطلاق.


والآن وبعد خمسة أعوام قال لي زوجي: إنه يَشعر أنه كان يُريد تأديبي وأنها وقعتْ.
فهل تقع هذه الطلقة أو تُعتبر طلاق مدهوش؟
الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فلا شكَّ أيتها الأخت الكريمة أنه لكي نعرف حكم وقوع طلاق المدهوش أنه يجب أن نَعرف أولًا الشروط المتعلِّقة بالمُطلِّق، حتى يكون طلاقه صحيحًا؛ فيُشترط في المطلق: أن يكون بالغًا، عاقلًا، مختارًا قاصدًا اللفظ المُوجِب للطلاق من غير إجبار، فلا يقع طلاق ذاهب العقل، ولا المُكرَه، ولا الغضبان غضبًا يُغلق العقل.


وإذا نظرنا للمدهوش نجد أن: "الدهَش: ذهاب العقل مِن الذَّهَل والوَلَه، وقيل: مِن الفزع ونحوه، ودُهِشَ الرجل: دهَشًا: تحيَّر"؛ كما في لسان العرب (6 / 303).


والذي يظهر من كلامك أن الدهشة بلغَتْ بزوجِكِ أن زال عقلُه؛ بحيث لا يدري ما قال، ولا يعقل ما حوله، ومِن ثَمَّ فلا يقع طلاقُه لما ذكرناه مِن أن مِن شروط المطلِّق أن يكون عاقلًا مُختارًا قاصدًا، وهذا ما لا يوجد في المدهوش.


قال في الروض المربع شرح زاد المستقنع (ص: 560): "(ومَن زال عقله معذورًا)؛ كمجنون، ومُغمى عليه، ومَن به برسام أو نشاف ونائم، ومَن شرب مُسكرًا كرهًا، أو أكل بِنجًا ونحوه لتداوٍ أو غيره (لم يقع طلاقه)؛ لقول علي رضي الله عنه: "كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه"؛ ذكره البخاري في صحيحه".


وكذلك قرَّر عدم اعتبار طلاق المدهوش طلاقًا ابنُ عابدين في رد المحتار على الدر المختار (3 / 230).
أما قول زوجك الأخير: إنه يشعر أنه كان يريد تأديبك، وأنها وقعتْ، فالقولُ في الطلاق للزوج، فإن قال: إنه كان مدهوشًا لم يقع الطلاق، وإنْ رجع عن إقراره فالقولُ أيضًا قولُه ويقع الطلاق؛ لأننا حكمنا بعدم وقوع الطلقة بناءً على كلامه، فإن رجع عن الإقرار فالأمرُ إليه ديانةً، وإن كان الأولى أن يُستحلَف بالله تعالى على ذلك.
أصلَحَ اللهُ حالَكِ وأحوالَ المسلمين




رابط الموضوع: http://www.alukah.net/fatawa_counsel...#ixzz4roKwpfYk