تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 17 من 17

الموضوع: شركيات - الحجة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    Post شركيات - الحجة

    بسم الله, والحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على رسول الله, صلى الله عليه وسلم -
    السلام عليكم -

    1- قولهم آيات شرك الدعاء فيمن يعبد الأصنام, ونحن مسلمين لا نعبد الأصنام, ولا ندعوا أحداً من دون الله, ولا نقارن بمشركين قريش الذين لا يؤمنون بالله ويعتقدون أن الأصنام بذاتها من تجلب النفع والضرر.؟
    2- قولهم أن هناك فرق بين النداء والدعاء والعبادة .؟
    3- قولهم أن الله أعطاهم الشفاعة وكما ملوك الدنيا لا يوصل إليهم إلا بشفاعة مقربيهم، فهكذا نحن مع الله تعالى نستشفع بأوليائه المقربين عنده, فجاههم ومنزلتهم عند الله عظيمة.؟
    4- قولهم بالسماع المطلق للميت وعلمه بأحوال أهل الدنيا وعرض أعمال العباد عليه, فعلى ذلك يجوز طلب الدعاء منه.؟
    5- قولهم سؤال الميت عند قبره ان يدعوا الله له ليس شركاً, بل بدعة وذريعة إلى الشرك, وأن ابن تيمية وغيره وصفوها بذلك.؟
    6- قولهم: يا ولي الله اشفني بمعنى كن سبباً لشفائي, وأنه لفظ مجازي, وأن ذلك بإذن الله كرامة لهم أن فوّض إليهم بعض الأمر.؟
    7- قولهم التوسل إلى الله بمعنى دعائهم, ليخلطوا ويلبسوا على جهالهم.؟
    8- قولهم نحن لا ندعوهم, بل نتوسل فندعوا الله بجاههم وحقهم, الذي هو عند الله عظيم.؟
    9- قولهم وتعمقهم في فروع الدين, وتجاهلهم أصل الدين بحجج وآهية.؟
    10- قولهم لولا أن توسلنا وتبركنا بهم جائز لما أستجيب لنا, ولما شاهدنا القبول والكرامات .؟
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    1- قولهم آيات شرك الدعاء فيمن يعبد الأصنام, ونحن مسلمين لا نعبد الأصنام, ولا ندعوا أحداً من دون الله, ولا نقارن بمشركين قريش الذين لا يؤمنون بالله ويعتقدون أن الأصنام بذاتها من تجلب النفع والضرر.؟

    وجميع آيات الله في شرك الدعاء في كل من جعل في الخلق صفات الأنداد والشركاء لله تعالى، من التصرف والسمع المطلق وعلم الغيب واحوال الداعي وجلب الخير ودفع الضر, وغير ذلك .
    والأصنام والأنصاب في الجاهلية كانت بأسماء ملائكة وأنبياء وأولياء وجن وكل ما اعتقدوه صالحا للتقرب به الى الله .
    فالصنم يرمز لحي قادر ولا يوجد احد يدعوا حجراً او صنماً مبهم مجهول الهوية, وإن كان يدعوا حجراً او شجراً فقد اعتقد منه النفع والضرر فخلقه وألهه .
    وكذلك من يدعوا الميت والغائب في طلب الحاجات فقد أستحضره بهيئته فصنمه, وشرط طلب الدعاء من المخلوق ان يكون حياً حاضراً قادراً على طلبه .

    قال سبحانه (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألكم الذكر وله الأنثى), فهذه بعض أصنام قريش, حين ادعوا أن (الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا), وأنهم بنات الله, ثم جسموا صورهم وقالوا: هم شفعاؤنا عند الله, ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى, وكان في كل صنم منها شيطان يتراءى لهم ويكلمهم ويفتنون به: (إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا).

    وجميع آيات الله في شرك الدعاء يذكرهم بقول من دون الله, فلا يساويهم به سبحانه وتعالى, فكل من اختار دعاء غير الله، فقد اختار دعاء من هم دونه من الأنداد الذين جعل لهم من صفات الألوهية المطلقة الخاصة بالله تبارك وتعالى .

    فعبادة الأصنام بدءت بتعظيم الأموات والأحياء, بإتخاذ صورهم وتجسيمها ومسحها والصلاة عندها, أو تعظيم قبورهم والعكوف عليها .
    قال ابن عباس وغيره من السلف: كان هؤلاء قوما صالحين من قوم نوح النبي عليه السلام فلما ماتوا عكف الناس على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم. وهذا هو مبتدأ عبادة الأصنام .
    وهذا قول أكثر المفسرين, ومن أقوال المخالفين: قال الرازي: "أنهم وضعوا هذه الأصنام والأوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم ، وزعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل ، فإن أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله تعالى . ونظيره في هذا الزمان اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر ، على اعتقاد أنهم إذا عظموا قبورهم فإنهم يكونون شفعاء لهم عند الله". مفاتيح الغيب (49/17).
    وقال ابن عبد البر: "وكل ما يعبد من دون الله فهو وثن ، صنما كان أو غير صنم ، وكانت العرب تصلي إلى الأصنام وتعبدها ، فخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمتـه أن تصنع كما صنع بعض من مضى من الأمم ، كانوا إذا مات لهم نبي عكفوا حول قبره كما يُصنع بالصنم". التمهيد (177/5).

    وكفار قريش كانوا يؤمنون بأن الأصنام بذاتها لا تجلب النفع وتدفع الضرر, بل قالوا: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى, ويقولون: هم شفعاؤنا عند الله .
    فكانو مقرين أن الله هو خالق الأصنام والأزلام التي ترمز لأمواتهم وأحيائهم، وأن الله هو الخالق الرازق المدبر بيده كل شيء، قال الله تعالى (ققل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون), (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله), (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله), وهذا بخلاف قول الدهرية من مشركي العرب في إنكارهم البعث والنشور .
    وكانوا متمسكين ببعض شعائر دين إبراهيم, كالحج والعمرة والسعي والإفاضة، وكانوا يدعون الله وحده في الشدة, وما أدخلهم ذلك في الإسلام فلم يكونوا موحدين بنقضهم الألوهية بأن جعلوا لله تعالى شريك في عبادته .

    ● إذن شرك الدعاء في كتاب الله هو: طلب أمور خارقة لا يقدر عليها الا الله، كطلب الشفاعة من الأموات أو من الحي الغائب معتقداً أن بمقدوره أن يسمع وأن يحقق له طلبه, فهذه الشفاعة الشركية التي تواردت الآيات القرآنية بالتحذير منها وإبطالها :
    قال الله تعالى (إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم ان كنتم صادقين), (والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير * إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم)، فنفى الله تعالى عنهم الملك وسماع الدعاء, وقوله (ويوم القيامة يكفرون بشرككم) عند بعث العابدين .
    (والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ● أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون)، والشعور هو الإدراك بالحواس فنفى عنهم الشعور وأنهم يبعثون, (ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون).
    (ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون، وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين), وهذا حال الميت والغائب لا يستجيب للداعي، وهو غافل عنه, ويوم القيامة يكفر بشركه, (فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين).

    (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين), (فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين), (ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو) - ففي هذه الآيات بيان أن كل مدعو يكون إلهاً، حين أعتقد فيه صفات الإلوهية المطلقة الخاصة بالله تبارك وتعالى, ومن عبد الله ليلاً ونهارا، ثم دعا نبياً أو ولياً فقد اتخذ إلهين اثنين، ونقض شهادة لا إله إلا الله .
    والمشركون سابقاً وحاضراً ما سألوا الأموات والغائبين ومن أعتقدوه صالحاً ودعوهم إلا وهم يظنون أنهم يسمعون ويعلمون كل نجوى ودعاء ولا يخفى عليهم شيء من ذلك ولا تلتبس عليهم المسائل أينما كانوا قريبين أو بعيدين بالآلف كانوا أم بالملايين يسمعهم بلهجات ولغات مختلفة يسمعهم في آن واحد, وهذا شرك في ربوبية الله تعالى وصفاته, ودعائهم هو شرك في إلوهية الله تعالى, وهو شرك العبادة في كتاب الله الذي افتتح به الرسل دعوتهم .
    فالله سبحانه هو الذي يعلم السر وأخفى، يعلم مابين أيديهم وما خلفهم ولا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء, وهو السميع البصير يسمع ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات، لا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه المسائل, وليس كمثله شيء .
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    2- قولهم إن هناك فرق بين النداء والدعاء والعبادة .؟

    ومعلوم أن النداء والدعاء واحد. قال الله تعالى (ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا), وقال تعالى (وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين ), (وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين), (ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له), (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين).

    وكل أمة يبعث الله إليهم رسولا، أول ما يأمرهم به (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره)، والعبادة هي التذلل والخضوع لله تعالى بكل ما أمر به ونهى عنه, والدعاء اصل العبادة ففي الصحيح: "الدعاء هو العبادة".
    ويكفينا قول الله تعالى (قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله), فالدعاء هنا عباده .
    وفي قول الله تعالى (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين).
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    3- قولهم أن الله أعطاهم الشفاعة وكما ملوك الدنيا لا يوصل إليهم إلا بشفاعة مقربيهم، فهكذا نحن مع الله تعالى نستشفع بأوليائه المقربين عنده, فجاههم ومنزلتهم عند الله عظيمة.؟

    ومعلوم أن الشفاعة لا تطلب من احد في الدنيا بأن يشفع لنا يوم القيامة, ولم يدع النبي صلى الله عليه وسلم أمته لطلب الشفاعة منه في الدنيا، ولن يصدر الإذن بعد وفاته إلا يوم القيامة, والخلق في ذلك اليوم يطلبون منه أن يشفع لهم عند الله ليعجل بالفصل بين الخلائق بعد طول انتظار, وهو حي, حاضر محسوس يسمعهم, ويسمعونه, وباستطاعته أن يتوجه إلى ربه بالسؤال, كما كانوا في الدنيا يطلبون منه أن يدعو الله لهم في الاستسقاء وغيره .
    وشفاعة الأنبياء والأولياء يوم القيامة معلقة على الإذن والرضا (من ذا الذي يشفع عنده إلا باذنه), (ولايشفعون إلا لمن ارتضى), والله لا يرضى إلا لأهل التوحيد (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون), قلا بد أن ينطق الشهادة عالماً عاملاً بها, لا ناقضاً لها, (ان الله لايغفر ان يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء)، (ومن اشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنه).
    وهناك أسباب تنال بها شفاعة الأنبياء والأولياء أهمها: إفراد الله بالعبادة, وشدة اتباع النبي وأقتفاء أثره, وكثرة الصلاة عليه, صلى الله عليه وآله وسلم .

    فهل يقارن التشفع عند ملوك الدنيا الذي قد يكون معاوناً لهم على ملكهم، والملك يقبل شفاعته لحاجته إليه، وقد تكون شفاعته تزعجه ولا ترضيه, وجاءت بغير إذنه، وفيما لا يختاره فيحتاج إلى إجابة شفاعته رغبة ورهبة منه إضطراراً؛ حتى إنه يقبل شفاعة ولده وزوجته لأنه محتاج إليهما، فلو أعرض عنه ولده وزوجته لتضرر، ويقبل شفاعة مملوكه خوفاُ أن ألا يطيعه، أو يضره، فلا يقبل أحد شفاعة أحد إلا رغبة أو رهبة،
    فهل يقارن التشفع بهؤلاء والتشفع بملك الملوك الذي لا يرجو ولا يخاف ولا يحتاج أحدا.؟
    بل كيف يقال أن الله تعالى لا يرغب في نفع عباده ورحمتهم إلا بمحرك يضطره كما هو حال ملوك الدنيا.؟
    بل كيف المقارنة بين التشفع بحي حاضر سامع شاهد ليتوسط عند الملك, وبين التشفع بميت غائب بعيد منقطع للتوسط به عند ملك الملوك سبحانه.!؟
    بل كيف المقارنة وهي شفاعة المشركين حين قالوا: هم شفعاؤنا عند الله, وما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى.؟

    وهل الجاه والمنزلة والمكانة والشفاعة التي ذكرها الله لبعضٍ من أوليائه وأصفيائه, أي نساويهم بالله تعالى وندعوهم والله أمرنا ألا ندعوا غيره، ونطلب منهم أمور لا يقدرون عليها، كما يطلب العُباد من آلهتهم, ونتجاهل آيات الله التي تحذرنا من فعل ذلك؟
    فمعلوم الميت ميت, منقطع عن أحوال أهل الدنيا, والسبب الحسي للمنفعة أن يكون بين الطالب والمطلوب تواصل, وبعد الموت المطلوب منه منقطع بعيد غائب لا يعلم ولا يملك ولا يقدر أن يساعد, فلا منفعة ترجى منه .
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أحمد القبي مشاهدة المشاركة
    .وجميع آيات الله في شرك الدعاء يذكرهم بقول من دون الله, فلا يساويهم به سبحانه وتعالى, فكل من اختار دعاء غير الله، فقد اختار دعاء من هم دونه من الأنداد الذين جعل لهم من صفات الألوهية المطلقة الخاصة بالله تبارك وتعالى .
    جزاك الله خيرا اخى الكريم أبو أحمد القبي استوقفنى هذا الكلام المهم -فائدة مكملة لهذا الكلام - - لفظ (من دون الله) يكثر في القرآن والسنة، و(من دون الله) عند علماء التفسير وعلماء التحقيق يراد بها شيئان:
    الأول: أن تكون بمعنى (مع)، (من دون اللّهِ) يعني مع الله، وعبَّر عن المعية بلفظ (من دون اللّهِ) لأن كل من
    دُعِىَ مع الله فهو دون الله جل وعلا فهم دونه، والله جل وعلا هو الأكبر هو العظيم وفي هذا دليل على بشاعة عمله.
    والثاني: أن قوله (من دون اللّهِ) يعني غير الله؛ (من ماتَ وهوَ يَدعو من دون اللّهِ) يعني وهو يدعو إلـها غير الله، فتكون (من دون اللّهِ) يعني أنه لم يعبد الله وأشرك معه غيره؛ بل دعا غيره استقلالا، فشملت من دون الله الحالين: من دعا الله ودعا غيره، ومن دعا غير الله وتوجه إليه استقلالا[كفاية المستزيد]

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    يا هلا بك أخي الكريم: محمد عبداللطيف, إضافه مثمرة جزآك الله خيرا . وانتظر منك المزيد .
    ومن لديه إضافات مثمرة, أو تعقيب على أمر ما, فلا يتردد, وأي شبهات لدعاة البدعة, فلا يتردد أحدكم في وضعها, والمهم والأهم الإختصار بالحجج البينة .
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    4- قولهم بالسماع المطلق للميت وعلمه بأحوال أهل الدنيا وعرض أعمال العباد عليه, فعلى ذلك يجوز طلب الدعاء منه.؟

    والله تبارك وتعالى يقول لرسوله (انك ميت وانهم ميتون)، (وماجعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون)، (كل نفس ذائقة الموت), (ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون), أي حاجز وحاجب بين شيئين فلا يصل أحدهما إلى الآخر, وقال تعالى (انك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء اذا ولوا مدبرين)، (وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمعٍ من في القبور), فالموتى حين كانوا لا يسمعون حقيقة شبهوا بالكفار الأحياء في عدم السماع, وهذا هو الأصل أن الميت لا يسمع في قبره, فكيف يسمع بعيداً عنه .

    وقال تعالى (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى)، فالميت كما النائم لا يشعر بمن يتكلم عنده .
    وقال سبحانه (ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون • وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين), وهذا حال الميت والغائب لا يستجيب للداعي، وهو غافل عنه, ويوم القيامة يكفر بشركه: (فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين).
    وقال سبحانه (والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون • أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون)، والشعور هو الإدراك بالحواس فنفى عنهم الشعور وأنهم يبعثون .
    وقال سبحانه (والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير • إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم)، فنفى الله تعالى عنهم الملك وسماع الدعاء والذي لا يملك لا يعطي، والذي لا يسمع لا يستجيب ولا يدري, وقوله (ويوم القيامة يكفرون بشرككم) عند بعث العابدين .
    وقال سبحانه (إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم ان كنتم صادقين), عباد لله من ملائكة وانبياء وصالحين, غائبين منقطعين لا يسمعوا دعائكم .

    فطلب الدعاء من الميت يثبت ان له سمع كسمع رب العالمين فيسمع من يناجيه من أي مكان، ويثبت ان له ملك وقدره وعلم بحال الداعي فهو يعلم الغيب واحوال أهل الدنيا, وهذا عين الإشراك فإذا كانوا في حياتهم الدنيا لا يسمعون من يجاورهم ولا يعلمون فكيف وهم غائبين منقطعين عن هذه الحياة الدنيا .
    يقول الله تعالى لرسوله (ومن حولك من الاعراب منافقين مردوا على النفاق لا تعلمهم الله يعلمهم), (قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم)، (لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء)، (قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشدا)، (فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون), (وعنده مفاتح الغيب لايعلمها إلا هو), فالغيب: ما غاب عن الناس، والشهادة: ما شهدوه وأبصروه وعاينوه .
    (قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا • عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا • إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا • ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا), فعالم الغيب هو الله وحده، ويظهر بعضه على من يرتضيه من رسول ويراقبه ويحرسه حتى يبلغ ذلك الغيب إلى الناس كما أُوحي إليه, وهو في حياته الدنيا معجزة نبي ال قومه .
    وكل ما يوحى إليه من قول أو فعل كان يطبقه على الفور وما أُمر بتبليغه كان يبلغه حالاً لعامة الموجودين, ولم يكن يخفي شيئاً مما أوحاه الله إليه .

    ● والروايات الواردة في سماع الأموات هي سمع مخصص, في وقت مخصص, عند قبورهم، وهي معجزة النبي صلى الله عليه وسلم في قتلى بدر, حين قال: "ماأنتم بأسمع لما اقول منهم ولكنهم لايقدرون أن يجيبوا", والثانية: تأنيب وتقريع للميت بسماعه قرع نعالهم بعد دفنه .
    فالموتى لا يسمعون شيئاً من كلام الأحياء عند قبورهم ولا يشعرون بهم وهذا عام في كل الأحوال, ويستثنى من ذلك ما ثبت به الحديث الصحيح من أن الميت يسمع قرع نعال مشيعيه بعد انصرافهم من دفنه, وذلك ان الروح تعاد للبدن للمساءلة في القبِر، فيكون للروح تعلق غير دائم بالبدن يحصل به السماع في وقت المساءلة فقط, كإعادة عارضة للإمتحان .
    وحديث إسماع قتلى بدر الذي هو معجزة من معجزاته صلى الله عليه وسلم، فقد أحياهم الله له حتى سمعوا كلامه، وهذا خاص به دون غيره من الناس. فقد قال: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم", ولم يقل: «لما يُقال»،
    وقد روي بلفظ: "والله إنهم الآن ليسمعون كلامي", عند أحمد في مسنده (31/2)، حيث قيد سماعهم له باللحظة التي ناجاهم فيها خرقاً للعادة، ومعجزة لنبوته .
    وهذا الذي فهمه الصحابة الذين سألوه, وغيرهم, كعائشة وعمر, من نفي سماع الموتى عند قبورهم, وأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهم على ذلك .

    وهذا القول أختاره جماعة من العلماء منهم: قتادة والبيهقي, أنظر فتح الباري لابن حجر (324/7)، وابن الجوزي في كشف المشكل (148/1)، وابن قدامة في المغني (352/7)، وأبي يعلى (نقله عنه ابن رجب في أهوال القبور ص133)، والألباني (أنظر كتابه الآيات البينات في عدم سماع الأموات (ص23). وغيرهم .
    والقول بقولهم فيه عمل بالآيات والأحاديث معاً بخلاف القول بإثبات السماع للأموات بقدر المسافة الُتي يسمع الأحياء بعضهم, فإن القائلين بالسماع عطلوا الآيات أو أولوها فنفوا دلالتها. والآيات صريحة في نفي السماع كما تقدم, والأحاديث واضح تخصيصها كما تقدم أيضاً، وهناك أحاديث أخرى ضعيفة لا يصح الإستدلال بها ولا يصح تقويتها ببعضها لضعف أسانيدها ونكارة متنها، وأصل معظم ما نقل وقيل في ذلك مبني على ما رواه أبن أبي الدنيا في كتاب القبور من أحاديث غير ثابتة، وآثار ومنامات .

    ● وفي قول الله تعالى (ولاتقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات بل احياء ولكن لا تشعرون)، (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون • فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون), دلالة على أنهم أحياء متنعمين عند ربهم وليسوا في حياتنا الدنيا، وطلب الحاجات منهم يثبت لهم صفات الانداد من السمع المطلق وعلم الغيب وأحوال الداعين, وأصل الآيات خطاب للمجاهدين في سبيل الله رداً على المنافقين الذين يثبطون المسلمين عن الجهاد؛ فهي حث وتحفيز للمقاتلين وبشرى لهم، فمن استشهد الشهاده الحق فهو حي عند ربه في رزق ونعيم إلى ان تقام الساعة, ومحال خروجه من هذا النعيم ورجوعه إلى الحياة الدنيا .
    ولو ثبت رجوعه, وأن روحه تحوم بيننا ولا نشعر بها, فكيف نعلم أن روحه حاضرة بجانب فلان ليسمعه ويجيبه.؟

    ● وفي صلاة الأنبياء في قبورهم الذي ليس هو تكليف يثاب عليه، فالتكليف منقطع بالموت، أنما هي صلاة على وجه التنعم والتلذذ بعبادة الله وذكره, كما كانوا يتلذذون بذلك في الدنيا وكما يتنعم أهل الجنة بالتسبيح إلهاما .

    ● وفي قولهم الصلاة والسلام على الأموات توسل بهم ودليل على علمهم .
    والصلاة على النبي دعاء له فنحن نقول اللهم صل على محمد، ولم نطلب الدعاء منه. وهذا الدعاء فيه خير كثير لا يحصيه إلا الله, ويكفي أن ربنا أمرنا به, فقال سبحانه (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما), والصلاة عليه دعاء لأنفسنا, فمن صلى عليه صلى الله عليه بها عشرا .
    قال سبحانه (هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمؤمنين رحيما), ومعنى صلاة الله على نبيه وعلى عبادة المؤمنين: أي رحمتهم والثناه عليهم في الملأ الأعلى ورفع ذكرهم في الدنيا والآخرة, فالصلاة من الصلَة ولا شك أن الثناء على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعظم الصلات والقربات الى الله .

    وحين نقول: السلام عليك أيها النبي السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين, أو السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين, فنحن ندعوا لرسول الله ولأنفسنا وللمؤمنين بالسلامة والحفظ والعناية .
    فالسلام على الحي والميت دعاء له بالسلامة, فهو القاء السلام أسم الله الذي يبث الأمن والسكينة عليه فيحفظه ويعتني به .
    وقد جاءت بصيغة المخاطب لقوة الاستحضار الذهني, وجاءت بصيغة السلام على النبي كما ورد في صحيح البخاري (ح5910) عن ابن مسعود قوله: "علمني رسول الله وكفي بين كفيه التشهد كما يعلمني السورة من القرآن التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وهو بين ظهرانينا فلما قبض قلنا السلام على النبي".
    والنية عموماً ليست مخاطبة النبي بقول "السلام عليك"، ولا عباد الله الغائبين, بل هو دعاء مثل قول: رحمك الله يا فلان, وما شابه .

    وقد ثبت رد السلام واجباً على الحي السامع الشاهد ولم يثبت في الميت, وهناك أحاديث ضعيفة, أقواها حديث: "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام"، وهو خبر غريب من الآحاد روي عن أبو هريرة ولم يروى في الصحيحين ولا الكثير من كتب الحديث, تفرد به أبو صخر حميد بن زياد الخراط عن يزيد بن قسيط, عن بقية كبار تلامذة يزيد مثل مالك بن أنس ويزيد بن خصيفة والليث بن سعد. وأبو صخر أقل ما قيل فيه أنه صدوق يهم, ومثله لا يأمن منه الغلط والوهم .
    وفيه نكارة: كون النبي في بعض مراحله لا يدرك وأنه ميت, ويستدعي القول بخروج روحه ورجوعها الى جسده طوال الوقت, ويستدعي انه يرد السلام، أي يدعوا لنا، وأن عمله لم ينقطع وقد نفى النبي قدرة الإنسان على فعل أي شيء بعد موته فقال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له"، فالميت انقطع عملُه وهو بحاجة إلى من يدعو له .
    وهل الصلاة على الجنائز إلا دليل على أن الأموات بحاجة إلى دعاء الأحياء؟, وهل شرع لنا زيارة قبورهم الا لحاجتهم للدعاء لإنقطاع اعمالهم؟

    فإذا كان رسول الله لا يسمع السلام غيره من الموتى أولى وأحرى ان لا يسمع .
    وجميع ما جاء من أحاديث رد السلام من الأموات فيها ضعف صريح منها: حديث عن أبي هريرة مرفوعاً: "ما من رجل يمر على قبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام". وفي إسناده: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، متروك, وفي طرق الحديث إنقطاع بين زيد بن أسلم وأبو هريرة, وفيه ضعيف ابن قدامة الجوهري, وموقوف من قول أبو هريرة .
    وحديث آخر عن أبي هريرة مرفوعاً: "أن النبي وقف على مصعب بن عمير حبن رجع من أحد فوقف عليه وعلى أصحابه فقال: "أشهد أنكم أحياء عند الله فزوروهم وسلموا عليهم فوالذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا عليه إلى يوم القيامة". وإسناده مضطرب, روي مرفوعاً ومرسلا, روي عن قطن بن وهب من عدة أوجه, وأدخل تارة عن أبي ذر وتارة ابن عمر وابو هريرة .
    وحديث عن ابن عباس مرفوعاً: "ما من أحد مر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام". وفيه أبي عبد الله عبيد بن محمد عن فاطمة بنت الريان المستملي, وكلاهما مجهولان .
    وحديث عن عائشة مرفوعاً: "ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلا استأنس به ، ورد عليه ، حتى يقوم". وفي إسناده يحيى بن يمان: يخطئ كثيرًا, وعبد الله بن زياد بن سليمان المخزومي متروك الحديث .

    ● وهناك حديث صحيح الإسناد في أن النبي يُبلغ سلام أمته عليه, وهو ما رواه احمد والنسائي عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً: "إن لله عز وجل ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام".
    وهذا صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمع سلام المسلمين عليه, بل يُبلغ, ولا يرد عليهم السلام .

    وهناك أحاديث وردت في أن صلاة أمته معروضة عليه, وهي احاديث لا تسلم أسانيدها من ضعف، وأجود ما جاء فيها ما روي في السنن دون الصحيحين عن أوس بن أوس مرفوعاً: "من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي فقالوا يا رسول الله وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت يعني وقد بليت قال إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء صلوات الله عليهم".
    ومع ذلك فالحديث معلول, وخلاصته في قول ابن رجب في شرح علل الترمذي (681/2) : "قالت طائفة: هو حديث منكر، وحسين الجعفي سمع من عبد الرحمن بن يزيد بن تميم الشامي، وروى عنه أحاديث منكرة فغلط في نسبته. وممن ذكر ذلك: البخاري، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو داود، وابن حبان، وغيرهم. وأنكر ذلك آخرون وقالوا: الذي سمع منه حسين هو ابن جابر".
    وبقية الأحاديث الواردة في عرض وبلاغ الصلاة والسلام فيها ضعف ووضع صريح, وهي معلومة بالظرورة عند من له أدنى علم في كتب الحديث, ومن ادرج بعضها في صحيحه وقال: حسن إن شاء الله تعالى فله طريقته في تحسين الأحاديث بالشواهد المعلولة .

    وقد قيل في معنى عرض الصلاة وبلاغ السلام أي: يبُلغ خبرها جملةَ واحدة, أي: إجمالاً, لا عرضها فرداً فردا, كما عرضت عليه في حياته أعمال أمته إجمالاً, فقد عرضت عليه الأمم وعرضت عليه الجنة والنار وأطلعه الله على غيبيات, مثل ما ورد في الصحيح عن أبي ذر مرفوعاً: "عرضت علي أعمال أمتي ، حسنها وسيئها ، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ، ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن", وهذه أعمال مجرَّدة نجهل فاعليها، فقد رأى كل عمل صالح كما رأى كل عمل سيء, وذلك ليعلم أمته الأعمالَ الحسنة ليعملوا بها, والأعمالَ السيئة ليجتنبوها .
    وكل ذلك في حياته الدنيا تأييداً لنبوته وسلوكاً وتهذيباً لصحابته, وتشريعاً لأمته, أما بعد وفاته, فقد ثبت أن النبي يقال له يوم القيامة (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك), وثبت أيضاً قول النبي كما قال عيسى ابن مريم: (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد), (البخاري ح6213,3263 ومسلم ح4243,5104). فاعمال العباد تعرض على الله تعالى، وليس لخلقه أن تعرض عليه أعمال عبيده فرادا وجماعات .
    وقيل هو عرض وبلاغ لعملين مخصوصين, فنتوقف عندهما .
    وقيل طالما الصلاة على النبي دعاء لله تعالى أن يصلي ويسلم على النبي, فهذا لا يستلزم العلم ولا الرد .
    وقيل لو بلغه السلام لستوجب رده, ولو رده فقد دعا لهم, وقد ثبت إنقطاع عمل ابن آدم بعد موته .
    وقيل وهل الملائكة خلقوا لتطبيق أوامر الله تعالى، أم لتوصيل الطلبات بين البشر, فتخويل الملائكة ليس مطلق بل بالأمر كما جاء في آيات كثر في كتاب الله .
    وقيل الحديث بفعل فاعل ظن أنها سنة حسنة برفعه لشأن يوم الجمعة والحث على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم, اذا علموا أن كل صلاتهم ستعرض عليه, فرفعه إلى النبي .
    وقيل أن الصحابة كانوا ياتونه صلى الله عليه وسلم, ليصلون ويسلمون عليه, فقال لهم قولته أن صلوا في بيوتكم وستبلغني صلاتكم, كما في حديث: "وصلوا علي فإن صلاتكم وتسليمكم يبلغني حيث ما كنتمْ". وهو حديث ضعيف حسنه بعضهم لغيره .

    ● وجميع ما جاء من أحاديث في عرض الأعمال ومعرفة الأموات لأحوال العباد فيها ضعف صريح :
    أشهرها حديث: "حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم، فما رأيت من خير حمدت الله وما رأيت من شر استغفرت لكم". رواه البزار في مسنده (ح 1925) بهذا اللفظ، وقال: "هذا الحديثُ آخِرُهُ لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد". وأول الحديث سنده صحيح، وهو قول: "إن لله ملائكة سياحين يبلغون عن أمتي السلام".
    وقد رواه أربعة عشر راويا عن سفيان الثورى في عشرات الكتب ولم يذكروا قوله :"حياتى خير لكم" وخالفهم عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، فتفرد به عن الثوري بهذا النص فذكره .
    وعبد المجيد هذا قال عنه ابن حجر: "صدوق يخطىء وكان مرجئا أفرط ابن حبان فقال: متروك"، وقال فيه القطان:" كذاب".، وقال يعقوب الفسوي: "مبتدع عنيد داعية"، وقال الدارقطني: "ثبت في حديث ابن جريج، ومرة قال: لا يحتج به، يعتبر به"، وقال أبو حاتم: "ليس بالقوي، يكتب حديثه"، وقال الحاكم: "ممن سكتوا عنه"، وقال بن حنبل: "ثقة مغال في الإرجاء"، وقال أبو داود: "كان عبد المجيد رأسا في الإرجاء"، وقد روى له مسلم حديثا واحد في كتاب الحج (1229)، مقرونا بغيره ممن رواه وهو هشام المخزومي .

    قال الألباني في السلسلة الضعيفة (406/2): "وجملة القول أن الحديث ضعيف بجميع طرقه، وخيرها حديث بكر بن عبد الله المزني وهو مرسل، وشرها حديث أنس بطريقيه، وهما موضوعان".
    ثم تراجع, فقال في السلسلة الصحيحة (604/6): "وكنت خرجتهما في " الضعيفة " ( 864 ) و لم أكن قد وقفت على الطريق الأولى الموقوفة الصحيحة , و لذا وجب نقلهما منها إلى هنا , و كذا الحديث الذي هناك ( 863 ) من حديث أنس رضي الله عنه ينقل إلى هنا , .... ثم وجدت للحديث شاهدا آخر مرسلا ".
    فتراجع الألباني لوقوفه على شواهد موقوفة ومرسلة، وبناء عليها أدرج أحاديث عرض الأعمال إجمالاً في الصحيحة, ومن المعلوم ان التصحيح بالشواهد المعلولة يخالف طريقة المتقدمين والمتأخرين، وكل هذه الشواهد لاتخلو من علل قادحة كما سنبين, والمعتمد في أصول علل الحديث أن المتروك أو المتهم بالكذب لا يُعتبر بروايته ولا تتقوى, وقد استعمل الألباني ذلك في مواضع عديدة في كتبه، نذكر منها قوله في حديث (لا يمس القرآن إلا طاهر): "وجملة القول: أن الحديث طرقه كلها لا تخلو من ضعف، ولكنه ضعف يسير إذ ليس فى شىء منها من اتهم بكذب، وإنما العلة الإرسال أو سوء الحفظ، ومن المقرر فى علم المصطلح أن الطرق يقوى بعضها بعضاً إذا لم يكن فيها متهماً". إرواء الغليل (ح122).

    وهذه طرق الحديث: - حديث عن أنس مرفوعاً ورد من طريقين أولهما عن مجهول *حدثنا سفيان عمن سَمِعَ أنس بن مالكٍ :" إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى أَقَارِبِكُمْ وَعَشَائِرِكُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَإِنْ كَانَ خَيْراً اسْتَبْشَرُوا بِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالُوا اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْهُمْ حَتَّى تَهْدِيَهُمْ كَمَا هَدَيْتَنَا". والطريق الآخر: رواه خراش بن عبد الله، وهو منكر الحديث متروك بالأجماع، وفي السند أيضا أبو سعيد الحسن بن علي بن صالح العدوي، متروك وضاع الحديث.
    وحديثين عن أبي أيوب مرفوع وفيه :"وَيُعْرَضُ عَلَيْهِمْ عَمَلُ الْمُسِيءِ ، فَيَقُولُونَ :"اللَّهُمَّ أَلْهِمْهُ عَمَلا صَالِحًا تَرْضَى بِهِ عَنْهُ وتُقَرِّبُهُ إِلَيْكَ". رواه مسلمة بن علي الخشني وهو واه متروك الحديث.
    والحديث الآخر موقوف وفيه :"فيعرض عليهم أعمالهم فإذا رأوا حسنا فرحوا واستبشروا وقالوا هذه نعمتك على عبدك فأتمها وإن رأوا سوء قالوا اللهم راجع بعبدك".
    وفي السند انقطاع بين ثور بن يزيد (ولد سنة 83هـ تقريبا) وأبي رهم السماعي الذي أدرك الجاهلية ولا يعرف لثور سماع من أبي رهم، وقد جاء لثور رواية ضعيفة لهذا الحديث عند ابن حبان في المجروحين (1/336) عن سلام الطويل عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي رهم به، فأدخل بين ثور وأبي رهم خالد بن معدان .
    وحديثين عن أبي هريرة موقوف ونصه :"إنّ أعمالكم تعرض على أقربائكم من موتاكم ، فإن رأوا خيرا فرحوا به ، وإن رأوا شرا كرهوه". رواه عبد الرحمن بن عثمان الثقفي البصري (البكراوي) وهو ضعيف مطروح الحديث.
    والحديث الآخر مرفوعاً وفيه :"لَا تَفْضَحُوا مَوْتَاكُمْ بِسَيِّئَاتِ أَعْمَالِكُمْ فَإِنَّهَا تُعْرَضُ عَلَى أَوْلِيَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ". رواه عبد الله بن شبيب بن خالد وهو متروك الحديث. وفيه أيضاً سعيد المقبري رمي بالاختلاط في آخر عمره .
    وحديث عن جابر بن عبدالله مرفوعاً: "إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى عَشَائِرِكُمْ ، وَأَقْرِبَائِكُ مْ فِي قُبُورِهِمْ ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا اسْتَبْشَرُوا بِهِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ ، قَالُوا : اللَّهُمَّ أَلْهِمْهُمْ أَنْ يَعْمَلُوا بِطَاعَتِكَ ".
    رواه الصلت بن دينار وهو ضعيف متروك الحديث
    وحديث عن النعمان بن بشير مرفوعاً :"ألا إنَّه لم يبق من الدنيا إلا مثل الذباب تمور في جوها ، فَاللهَ اللهَ فِي إِخْوَانِكِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُبُورُ فِإِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَيْهِمْ". وفي السند مجهولان لا ترجمة لهما ولا يعرف حالهما : أبو إسماعيل السكوني وشيخه مالك بن أدي .

    ● وفي قول الله تعالى في المنافقين (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون)، أي: اعملوا فلن يخفى أمركم .
    ونصها واضح في معظم كتب التفسير: (وقل)، يا محمد، لهؤلاء الذين اعترفوا لك بذنوبهم من المتخلفين عن الجهاد معك (اعملوا)، لله بما يرضيه، من طاعته، وأداء فرائضه فسيرى الله عملكم, ويراه رسوله والمؤمنون، في الدنيا (وستردون)، يوم القيامة، إلى من يعلم سرائركم وعلانيتكم, فلا يخفى عليه شيء من باطن أموركم وظواهرها فيخبركم بما هو خالصًا وما هو رياءً فيجازيكم على ذلك كله .

    ● وفي أن عائشة قالت: "كنت أدخل بيتي الذي دفن فيه رسول الله وأبي فاضع ثوبي فأقول إنما هو زوجي وأبي فلما دفن عمر معهم فوالله ما دخلت إلا وأنا مشدودة على ثيابي حياء من عمر".
    وبعيداً عن البحث في علل الحديث, بالعقل والفطرة لو كان للميت بصر خارق ينفذ من التراب وفي وسعه ان يرى الناس خارج قبره, فمن باب أولى أن ينفذ من الثياب ومن الجدران ويكون لبس الثياب لا فائدة منه .

    ● وفي أن عمر نادى وهو يخطب المسلمين فوق منبر المدينة قائد جيوشه وهو في بلاد فارس: يا سارية: الجبل ــ فسمعه القائد فانحاز بالجيش إلى الجبل.
    وهذه قصة ليس فيها طلب إستغاثة, وردت في كتب الغرائب, ولم تروى في كتب الحديث الستة, ولم يثبت لها سند صحيح وقد حسنها بعض أهل العلم لشواهدها, وذكرها بعضهم في السير والتراجم من باب ذكر كل ما قيل وقال. قال المعلمي في رفع الاشتباه (ص138): "وقصة (ياسارية الجبل) لم تصح ، وإن قال بعض المتأخرين ان لها طرقاً تبلغ بها درجة الحسن لغيره".
    وأجود سند ورد من عنها هو طريق بن وهب عن يحيى بن أيوب عن بن عجلان عن نافع عن بن عمر .
    وفيه: يحيى بن أيوب الغافقي, فيه ضعف. قال عنه بن حنبل: "سيئ الحفظ", وقال أبو حاتم: "لا يحتج به"، ولخص حاله ابن حجر في التقريب فقال: "صدوق ربما أخطأ".
    وفي سنده أيضاً: ابن عجلان قد تفرد بها عن نافع, ونافع إمام مكثر له أصحاب فيصعب فهم هذا التفرد, علاوة على أنه مضطرب في حديث نافع, جاء في ضعفاء العقيلي (118/4): "حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبو بكر بن خلاد قال سمعت يحيى يقول كان ابن عجلان مضطرب الحديث في حديث نافع ولم يكن له تلك القيمة عنده"؛ فهذا تفرد لا يحتمل مع توفر أسباب التواتر, ومع قصة فيها أمر خارق للعادة .

    وتوجيه القصة بأنها كرامة لعمر وسارية وأن عمر محدث ملهم, فهذا قد يكون صحيح في قضايا التشريع والأمور الدنيوية بالترجيح بينها بالقول الفصل, أما إلهام بمعرفة شيء غائب عنه, فهذا يدل على أنه يوحى اليه, أو أن له بصر نافذ, وصوت خارق, وأن سارية سمعه من الآف الكيلومترات بعد أن شاهدهم عمر في محنة في وقت لم يعد هناك أنبياء ولا معجزات أنبياء .
    ففي القصة وحي, وليس هو من باب الإلهام الذي لا يقطع بحقيقته إلا مجنون, ولا من باب الرؤيا التي لا يعلم صدقت أم كذبت, ولا هو من باب إلهام المخلوقات في الاهتداء لسبل معيشتها .
    بل هو وحي يعلمه ويدركه بحواسه وبديهة عقله ولا مجال للشك في شيء منه, إما بمجيء المَلَك إليه، وإما بخطاب يخاطب به في نفسه .
    ومعلوم أن الوحي قد أنقطع بموت النبي صلى الله عليه وسلم, وهو الوحي المجزوم به, أما الحكمة والفراسة والإلهام, فليست بحجة ولا تشريع,
    فالحكمة والفراسة هي: الفهم والتعبير والتدبير، والإلهام هو إلقاء معنى في القلب فيطمئن له بلا خوف, والمُحدَّث الملهم من يجري الصواب على لسانه بلا قصد يظن فيصيب .

    ● فلم يثبت شيء من روايات السماع المطلق للميت لا عند قبره ولا بعيد عنه, ولا علمه بأحوال أهل الدنيا, ولا عرض أعمال العباد عليه, وحتى بلاغ الصلاة والسلام على النبي لم يثبت سنداً ومتنا. ولسنا في مقام الإستدلال بالأحاديث الضعيفة والتُي فيها مقال, ونحن نتحدث عن إعتقاد يكسب صفة مطلقة للأموات من سمع أو عرض أو علم, والحمد لله رب العالمين العليم الحكيم .
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    5- قولهم سؤال الميت عند قبره ان يدعوا الله له ليس شركاً, بل بدعة وذريعة إلى الشرك, وأن ابن تيمية وغيره وصفوها بذلك.؟

    وهذا من إتخاذ الوسائط, وهو شرك المشركين عندما قالوا: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى, هم شفعاؤنا عند الله, وهم بحضرة أصنامهم .
    فلا فرق بين سؤال الميت أن يدعوا الله له قريباً من قبره, أو بعيداً عنه, فمن دعى ميتا ًعند قبره فقد اعتقد أنه حي وأنه يسمعه, ويشعر به, ولو كان هامسا,
    وهذا القول باطل, فالميت مقبور تحت الأرض بأمتار وبينهما ستور وحواجز وكتل من التربة عبر الزمن, فكيف له أن يسمعه أو يعلمه.؟

    أما وصف ابن تيمية بأنها بدعة وذريعة إلى الشرك, فهو من الكلام المجمل والمشتبه, وقد يكون عدم تصريحه بأنه شرك لإحتمال ظرف يمر به, فقد كتب أغلب مؤلفاته في السجن أو مطارد, وهو محارب من دعاة البدع بالإفتراء والتدليس عليه في كتبه, مع كثرة حواراته معهم ومتابعة الحكام, وأصول كتبه قد اوضحت وقررت هذه المسألة .
    فمن أقواله في دعاء الميت بحضرة قبره: "وهذا المقام مما يظهر به ضلال هؤلاء المشركين خلقا وأمرا ، فإنهم مطالبون بالأدلة الشرعية على أن الله شرع لخلقه أن يسألوا ميتا أو غائبا أو يستغيثوا به ، سواء كان ذلك عند قبره ، أو لم يكن عند قبره ، وهم لا يقدرون على ذلك". الرد على البكري ص(221).
    وقال في مجموع الفتاوى (133/1): "وهذا ونحوه مما يبين أن الذين يدعون الأنبياء والصالحين بعد موتهم عند قبورهم وغير قبورهم من المشركين الذين يدعون غير الله".

    ومن وصفها بأنها بدعة وذريعة إلى الشرك, قد يسوغ له ذلك .
    فسؤال الميت بحضرة قبره أن يدعوا الله له, قد اختلف فيه بعض العلماء .
    والقول الأقرب: إن كان الميت قريباً منه بحيث يسمعه كما يسمع الأحياء بعضهم لبعض, فهي بدعة غليظة وذريعة إلى الشرك, لاعتقاده بسماع الميت عند قبره, وسؤاله شيء يقدر عليه, وهو أنه يدعوا الله له، فقد يكون معذوراً بتأويله, فلا يعتبر مشركاً كافراً, إلا بعد وصول الحجة إليه ومخالفته .
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أحمد القبي مشاهدة المشاركة
    والقول الأقرب: إن كان الميت قريباً منه بحيث يسمعه كما يسمع الأحياء بعضهم لبعض, فهي بدعة غليظة وذريعة إلى الشرك, لاعتقاده بسماع الميت عند قبره, وسؤاله شيء يقدر عليه, وهو أنه يدعوا الله له، فقد يكون معذوراً بتأويله, فلا يعتبر مشركاً كافراً, إلا بعد وصول الحجة إليه ومخالفته .
    هذا ليس بالقول الاقرب واليك الجواب- سؤال-هناك بعض الناس في بلاد أخرى يأتون إلى بعض الناس يزعمون أنهم أولياء فيطلبون منهم أن يدعوا لهم الله عز وجل فما حكم هذا العمل؟
    الشيخ صالح آل الشيخ: إذا أتى إلى ميت؛ ولي أو نبي أو نحو ذلك فطلب منه أن يدعو الله له؛ يعني قال: يا فلان أدعو الله لي. هذا ميت، هذا هو معنى الشفاعة فمعنى طلب الشفاعة من الميت طلب أن يدعو الله له، أن يسأل الله، فإذن قول القائل للميت أدعو الله لي، أو يأتي للنبي صلى الله عليه وسلم خارج الحجرة والأسوار ويقول يا رسول الله أدعو الله لي أن يرزقني بكذا، ومعنى هذا اشفع لي بهذا المطلب، لهذا معنى أدعو الله لي اشفع، وحكمها حكم الشفاعة وقد مر معنا في هذا الكتاب أنّ أولئك ما قصدوا إلا الشفاعة، وهم حين يتقربون للموتى يريدون في النهاية أن الموتى يشفعون لهم إذا طلبوا ومنهم شيئا، فيأتي يذبح له ينذر له في المواسم وبين الحين والآخر لظنه أن هذا الميت أو هذا الولي أو هذا النبي أو هذا الجني أو إلى آخره يعرفه بأنه يتقرب إليه، فإذا سأله عند حاجته فإنه مباشرة يرفع حاجته ويدعوا له ويطلب له ما سأل؛ لأنه يتقرب إليه، فهم ما عبدوا إلا للقربى، ولا ذبحوا ولا نذروا ولا استغاثوا ولا عملوا هذه الأشياء بأنواع العبادات إلا لأجل أن يُشفع لهم يعني أن يشفع لهم من سئل.
    فإذن من طلب من الميت أن يدعو له هذا معناه أنه طلب منه أن يشفع له والشفاعة لا تصلح إلا لله.
    [شرح كشف الشبهات]

    س: من سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له وأن يطلب له المغفرة من الله بعد موته، هل هذا شرك؟
    الشيخ صالح آل الشيخ: نعم، وهو شرك أكبر لأن النبي عليه الصلاة والسلام لا يدعى بعد موته، فطلب الدعاء من الميت، وطلب الدعاء بالإغاثة أو الاستسقاء؛ يعني أن يدعو الله أن يغيث، أو أن يدعو الله أن يغفر، أن يدعو الله أن يعطي ونحو ذلك، هذا كله داخل في الدعاء في لفظ الدعاء والله جل وعلا قال: ((وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)) [الجن:18]، والذي يقول إنّ هذه الصورة وهي طلب الدعاء تخرج عن الطلب الذي به يكون الشرك شركا فإنه ينقض أصل التوحيد كله في هذا الباب، فكل أنواع الطلب؛ طلب الدعاء يعني طلب الدعاء من الميت، طلب المغفرة من الميت، أو طلب الدعاء من الميت أن يدعو الله أن يغفر، أو طلب الإغاثة من الميت أو طلب الإعانة أو نحو ذلك كلها باب واحد هي طلب، والطلب دعاء فداخلة في قوله تعالى ((وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ)) [المؤمنون:117]، وفي قوله (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)، وفي قوله ((وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ))[فاطر:13]، ونحو ذلك من الآيات، فالتفريق مضاد للدليل، ومن فهم من كلام بعض أئمتنا التفريق أو أن هذا طلب الدعاء من الميت بدعة لا يعني أنه ليس بشرك بل هو بدعة شركية؛ يعني ما كان أهل الجاهلية يفعلونه، وإنما كانوا يتقربون ليدعوا لهم، لكن أن يطلب من الميت الدعاء هذا بدعة ما كانت أصلا موجودة لا عند الجاهليين ولا عند المسلمين فحدثت فهي بدعة ولاشك، ولكنها بدعة شركية كفرية وهي معنى الشفاعة، إيش معنى الشفاعة التي من طلبها من غير الله فقد أشرك؟ الشفاعة طلب الدعاء، طلب الدعاء من الميت هو الشفاعة.
    [شرح الطحاوية]

    سئل الإمام عبد العزيز بن باز : كثير من الطلبة يفهم من الشرك أنه طلب قضاء الحاجة من الأموات ، وأنه إذا طلب من الميت الشفاعة والدعاء ، يعني يدعو له ، فيقول هذا ليس من الشرك لكن يكون بدعة ؟
    فأجاب رحمه الله : هذا من الشرك الأكبر لا يستطيعون أن يدعوا له ولا يشفعوا له ، كلهم مرتهنون بأعمالهم ، والدعاء والشفاعة تكون في حياته ، ولهذا لما استسقى عمر بالصحابة لم يستسق بالنبي صلى الله عليه وسلم يشفع لهم إنما استسقوا بالعباس وبيزيد بن الأسود وبالدعاء ، ولو كان هذا شرعيًا لاستسقوا بالنبي وقالوا : ادع لنا يا رسول الله )) [
    شرح كشف الشبهات].
    وسئل أيضاً:
    السائل : أحسن الله إليك يا شيخ من جاء إلى قبر وطلب منه أن يدعو له عند الله ؟
    الشيخ : كذلك لا يملك ، إذا قال له اشفع لي أو ادع لي شرك على الصحيح ، ما في شك لأنه لا يملك ذلك .
    السائل: أحسن الله عملك إذا قال للقبر
    الشيخ مداخلا : ادع الله له او اشفع لي
    السائل : ادع لي ، ادع لي عند الله
    الشيخ : ما يجوز ، هذا من الشرك شرك أكبر لأنه طلب منه ما لا يقدر عليه انتهى أمره .
    السائل : زعم بعض الناس إن هذا قول ابن تيمية صحيح هذا يا شيخ.
    الشيخ : نعم هذا هو ، مثل ما صرح ابن تيمية
    السائل مستفسرا من جواب الشيخ : سم
    الشيخ : صرح ابن تيمية أنه شرك أكبر .
    [شرح كشف الشبهات]

    قال شيخ الإسلام : (( وقد يخاطبون الميت عند قبره : سل لي ربك . أو يخاطبون الحي وهو غائب كما يخاطبونه لو كان حاضرًا حيا ، وينشدون قصائد يقول احدهم فيها : يا سيدي فلان أنا في حسبك ، أنا في جوارك ،اشفع لي إلى الله ، سل الله لنا أن ينصرنا على عدونا ، سل الله أن يكشف عنا هذه الشدة ، أشكو إليك كذا وكذا فسل الله أن يكشف هذه الكربة . أو أن يقول أحدهم : سل الله أن يغفر لي ... فهذه الأنواع من خطاب الملائكة والأنبياء والصالحين بعد موتهم عند قبورهم وفي مغيبهم وخطاب تماثيلهم هو من أعظم أنواع الشرك ... ))
    [مجموع الفتاوى 1/ 158]

    هذا سائل يقول: مهم. جعل الكتابة بالقلم الأحمر عشان تصير خطر يعني، يقول: ما رأيك فيمن ينسب لشيخ الإسلام ابن تيمية أن سؤال الميت أن يدعو الله لك ليس من الشرك الأكبر بل هو بدعة؟
    الشيخ صالح آل الشيخ: هذا جاء في كلام شيخ الإسلام صحيح لكن البدعة يريد بها البدعة الحادثة؛ يعني التي حدثت في هذا الأمة، وليس مراده رحمه الله بالبدعة أنها البدعة التي ليست شركا لأن البدع التي حدثت في الأمة منها بدع كفرية شركية ومنها بدع دون ذلك فإذن قوله: وأما سؤال الميت أن يدعو الله للسائل فإنه بدعة. يعني هذا حدث في هذه الأمة حتى أهل الجاهلية ما يفعلون هذا، ما يقولون أدعو الله لنا، إنما يقولون اشفع لنا.
    فمسألة أن يطلب من الميت الدعاء هذه بدعة حدثت، حتى المشركين ليست عندهم، وأهل الجاهلية ليست عندهم بل حدثت في هذه الأمة، وإنما كان عند أهل الجاهلية الطلب بلفظ الشفاعة اشفع لنا، يأتون ويتقربون لأجل أن يشفع، يتعبدون لأجل أن يشفع أو يخاطبونه بالشفاعة ويقولون اشفع لنا بكذا وكذا، أما أدع الله لنا هذه بدعة حدثت في الأمة.
    فكلام شيخ الإسلام صحيح أنها بدعة محدثة، وكونها بدعة لا يعني أن لا تكون شركا أكبر، فبناء القباب على القبور وسؤال أصحابها والتوجه إليها على هذا النحو الذي تراه من مشاهد والحج إلى هذه المشاهد وجعل لها مناسك كلها بدعة، نقول بدعة حدثت في هذه الأمة، وهي يعني سؤال أصحاب هذه المشاهد والذبح لها وعلى هذا النحو الموجود لم يكن موجودا في الجاهلية على هذا النحو، وإنما كانت عبادتهم للأموات على شكل أصنام وأوثان والتجاء للقبور وأشباه ذلك؛ لكن ليس على هذا النحو، فلم يكن أهل الجاهلية يحجون كالحج إلى بيت الله الحرام يحجون إلى مشهد أو إلى قبر أو ما أشبه ذلك.
    نقول هذه بدعة؛ لكن هل يعني أن هذا ليس شركا أكبر؛ لا؟ لأن البدع منها ما هو مكفِّر.
    [شرح كشف الشبهات]--------------------
    يقول الشيخ حمد بن ناصر بن معمر

    ( معلوم أن أعلى الخلق ، وأفضلهم ، وأكرمهم عند الله الرسل والملائكة المقرّبون ، وهم عبيد محض لا يسبقونه بالقول ، ولا يتقدمون بين يديه ، ولا يفعلون شيئاً إلا بعد إذنه لهم وأمره ، فيأذن سبحانه لمن يشاء أن يشفع فيه فصارت الشفاعة في الحقيقة إنما هي له تعالى، والذي شفع عنده إنما بإذنه له ، وأمره ، بعد شفاعته سبحانه إلى نفسه ، وهي إرادته أن يرحم عبيده).

    قلت :
    ــــــــ

    فالشفاعة من الله تبدأ ، وإليه تعود ، يشفع سبحانه إلى نفسه أولا ، وهي إرادته سبحانه أن يرحم عبيده ، ثم يأمر الشفيع بالشفاعة ، تكريما له ، فالشفيع عبد مأمور بالشفاعة ، لا تبدأ الشفاعة منه ، ولا يبدأ هو بها من غير أمر الله له .

    وعليه فإن الشفاعة عند الله لا تُطلب إلا من الله ، لا تُطلب ممن يأتيه يوم القيامة عبدا ، قال تعالى ( إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا) ، لا يتقدم بين يدي مالك يوم الدين بقول ولا عمل. ----------------------------ويقول شيخ الاسلام ين تيمية رحمه الله-
    وإنما مقصودهم من دعائه يتمثل فى قولهم ليشفع ، ولذلك رد عليهم الله تعالى مقصدهم هذا بقوله : " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " فلا يشفع من له شفاعة من الملائكة و النبيين إلا باذنه ، وتأمل قوله بعد ذلك ( وإذا كان الله لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه ولا يشفعون إلا لمن ارتضى : فما بقي الشفعاء شركاء كشفاعة المخلوق عند المخلوق ، فإن المخلوق يشفع عنده نظيره - أو من هو أعلى منه أو دونه - بدون إذن المشفوع إليه و يقبل المشفوع إليه ولا بد شفاعته....... وتكون شفاعة الشفيع : هي التي حركت إرادة المشفوع إليه وجعلته مريدا للشفاعة بعد أن لم يكن مريدا لها ، كأمر الآمر الذي يؤثر في المأمور ، فيفعل ما أمره به بعد أن لم يكن مريدا لفعله .وكذلك سؤال المخلوق للمخلوق ، فإنه قد يكون محركا له إلى فعل ما سأله . فالشفيع كما أنه شافع للطالب شفاعته فى الطلب ، فهو أيضا قد شفع المشفوع إليه فبشفاعته صار المشفوع إليه فاعلا للمطلوب فقد شفع الطالب و المطلوب ، والله تعالى وتر لايشفعه أحد فلا يشفع عنده أحد إلا باذنه فالأمر كله إليه وحده ، فلا شريك له بوجه و لهذا ذكر سبحانه نفى ذلك فى آية الكرسي التى فيها تقرير التوحيد فقال " له ما فى السموات و ما فى الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا باذنه " . )

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    يا هلا بك أخي الكريم محمد عبداللطيف: بارك الله فيك, وكثر الله من أمثالك .
    وكل عام وأنتم بخير وعيدكم مبارك وتقبل الله منا ومنكم .

    جميع ما وضعىت لنا صحيح, وهو يؤيد ما ذكرت:
    هو من إتخاذ الوسائط, وهو شرك المشركين عندما قالوا: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى, هم شفعاؤنا عند الله, وهم بحضرة أصنامهم .
    فلا فرق بين سؤال الميت أن يدعوا الله له قريباً من قبره, أو بعيداً عنه, فمن دعى ميتا ًعند قبره فقد اعتقد أنه حي وأنه يسمعه, ويشعر به, ولو كان هامسا,
    وهذا القول باطل, فالميت مقبور تحت الأرض بأمتار وبينهما ستور وحواجز وكتل من التربة عبر الزمن, فكيف له أن يسمعه أو يعلمه.؟
    وقلت:
    إن كان الميت قريباً منه بحيث يسمعه كما يسمع الأحياء بعضهم لبعض, فهي بدعة غليظة وذريعة إلى الشرك, لاعتقاده بسماع الميت عند قبره, وسؤاله شيء يقدر عليه, وهو أنه يدعوا الله له، فقد يكون معذوراً بتأويله, فلا يعتبر مشركاً كافراً, إلا بعد وصول الحجة إليه ومخالفته .
    فعند مناداة حي مدفون تحت الأرض بحاجز طيني طوله قامة وأكثر, هل سيسمع.؟
    طبعاً لا . وهذا يوضح قولي هو من إتخاذ الوسائط, وهو شرك المشركين ولا يعتبر مشركاً كافراً, إلا بعد وصول الحجة إليه ومخالفته, بخلاف دعاء الأموات بعيدً عن قبورهم فهو الشرك الذي لا يقبل فيه قول مخالف علم او جهل .
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    6- قولهم: يا ولي الله اشفني بمعنى كن سبباً لشفائي, وأنه لفظ مجازي, وأن ذلك بإذن الله كرامة لهم أن فوّض إليهم بعض الأمر.؟

    وقولهم بالمجاز باطل لأننا لو قلنا به لما وجد الكفر، فكيف يًخرج الكلام الذي ظاهره شرك ومجمع عليه لغة وشرعاً، كما من يدعوا الأصنام ويقول: (انا أدعو رب الأصنام), فهذا خلط وتلبيس واضح في الألفاظ, وهي من الحجج المحدثة التي يجددها القوم على مر العصور لإقناع العوام بما أفلسوا في الإجابه عنه .
    وقولهم هذا يخالف الواقع, فالألفاظ التي ينطقون بها دالة على اعتقاد التأثير من الميت والغائب, وأنه يعلم الغيب ويسمع النداء ويقدر على جلب الخير ودفع الضر، فنرى دعائهم والإستغاثة بهم مع إظهار البكاء والفاقة والاضطرار, ومنهم من يظن أن الولي يعلم ذنوبه وحوائجه وإن لم يذكرها وأنه يقدر على قضائها ويقدر على ما يقدر عليه الله ويعلم ما يعلمه الله .
    ونجد السائل منهم راغباً راجياً، فيه من الذل والافتقار والخضوع والخشوع والهمة بما لا يفعله عند دعاء الله، ويكفي أن هذه عبادات قلبية لا تصرف إلا لله وحده .

    وجميع ما يحصل في الكون هو بإذن الله ومشيئته, فما لم يشاء لم يكن, وما شاء كان, والشرك كله باذن الله .
    وكرامة الله لعباده الصالحين لا ملك لهم فيها ولا قصد, فهي في حياتهم الدنيا تكون معجزة أو كرامة, كعيسى عليه السلام الذي جعله الله وجيهاً في الدنيا لمن عاصره وشاهد المعجزات, وبرفع ذكره والثناء عليه, وكما لمريم ابنة عمران، التي جعلها الله وأبنها آية للعالمين, وكما أبراهيم الذي صبر وأنجز أوآمر أبتلي بها، فجعله الله إماما للناس يقتفى أثره ويقتدى به .
    وتكون بعد مماتهم برفع ذكرهم بين الناس والثناء عليهم, وتكون بين الخلائق يوم الحساب, ولا تكون بجعلهم آلهة وشركاء مع الله تعالى في ملكه وحكمه لهم التصرف والصفات العظمى المطلقه, صفات الانداد لله تعالى (أإله مع الله قليلا ما تذكرون).
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    7- قولهم التوسل إلى الله بمعنى دعائهم, ليخلطوا ويلبسوا على جهالهم.؟

    فهل التوجه الى الأموات بالدعاء وطلب الحاجات يسمى توسلاً إلى الله !
    اليست الوسيلة منقطعة بعدم الحضور والسماع ! الا يثبت الاستغناء عن الله تعالى وجعل الشريك معه بخصائص ليست لأحد ولا تليق بأحد غير الله تبارك وتعالى !!

    وخلطهم في هذا مشهور, فقد جعلوا التوسل لفظ مجمل يدخل فيه دعاء الميت بقصد التمويه وتزيين الشرك بأسماء ينخدع بها عامة الناس .
    فحين علم دعاته أن كل من سمع القرآن هرب بقلبه من الشرك ألقوا في قلوب الجهال أن هذا توسلاً وتشفعاً بهم .

    والتوسل المقصود لديهم هو قول: اللهم أفعلي بحق او جاه وليك, وهذا لايوجد ما يدل على جوازه, وهو بدعة موصلة للشرك .
    والدعاء هو أن يقول: يا ولي الله افعلي, فهذا شرك صريح لأنه صرف حق الله لغيره، وتوجه إليه بعبادات قلبية وبعض صفات الألوهية المطلقة الخاصة بالله تبارك وتعالى .
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    8- قولهم نحن لا ندعوهم, بل نتوسل فندعوا الله بجاههم وحقهم, الذي هو عند الله عظيم.؟

    والتوسل بسؤال الله بالنبي والولي, كقول (اللهم ارزقني بحق فلان أو بجاه فلان), بدعة منكرة وطريق سريع يوصل قائلها إلى الشرك, وغالباً لا نجد أحد يتلفظ بذلك إلا ويدعوا مباشرة من يتوسل به: يا رسول الله يا ولي الله أشفعلي وافعلي, فيقع في قول الظلم العظيم .

    وجاه الصالحين بعملهم وجهدهم وتوفيق الله لهم, ويعود نفعه إليهم, ولا ننتفع من ذلك بشيء إلا بمحبتهم والإقتداء بهم, كما توسلنا إلى الله بإيماننا بنبيه ومحبته واتباع سنته .
    وهذا علمناه بالفطرة قبل شريعة الإسلام, فالعمل الصالح عمل المسلم بجهده وتوفيق الله له, وتوسل المسلم بعمله مما لا ينكره أحد, أما توسل المسلم بعبادة غيره ومزاياه فهو مما ينكر وغير مشروع ولا معقول, وكمن يتسلق على اكتاف الاخرين بسرقة عمل غيره .
    ولم يثبت قرآن ولا حديث في جواز سؤال الله بجاه أو حق خلقه, وكل ما ورد في ذلك روايات ضعيفة أو موضوعة .

    والتوسل الصحيح في الدعاء خمسة من القرآن والحديث الصحيح قد أغنانا الله بها : ـــ
    الأول: التوسل بأسماء الله وصفاته, وهو أفضلها, كما قال الله تعالى (ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها).
    الثاني: التوسل بالعمل الصالح، كقصة الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة في الغار فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم, أو التوسل بالإيمان برسول الله كما في القرآن (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار).

    الثالث: التوسل إلى الله بذكر الحال والفاقة، مثل توسل موسى عليه السلام بحاله (ربي اني بما انزلت إلي من خير فقير), وكما زكريا (قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا).
    الرابع: التوسل بفعل الله السابق لتحقيق الفعل اللاحق، كقوله (كما صليت على آل إبراهيم), يعني كما سبق منك الفضل على آل إبراهيم فألحق الفضل على محمد وآله, وهو كما توسل زكريا عندما رأى عند مريم رزقا سألها قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب, هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء .
    الخامس: التوسل بطلب الدعاء من العبد الصالح الحي الحاضر القادر، كما قول أبناء يعقوب لأبيهم (يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين).
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    9- قولهم وتعمقهم في فروع الدين, وتجاهلهم أصل الدين بحجج وآهية.؟

    فيشغلون عامة الناس بالتركيز في أمور فرعية أو دنيوية ما خلقنا لأجلها, ويتجاهلون أصل الدين: توحيد الإلوهية المبني على إخلاص التأله لله تعالى، وإفراده بالعبادة. وهو التوحيد هو الذي افتتح به الرسل دعوتهم وقامت حياتهم على أساسها, قال الله تعالى لرسوله (قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون), (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت), (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون), فما من رسول يأتي إلا ويقول لقومه (اعبدوا الله ما لكم من اله غيره).

    وإذا كان مثلاً: القتل والإبادة الجماعية جرائم تستنكرها البشرية، فإن الشرك بالله سبحانه أعظم جريمة، فتلك جرائم في حق الإنسان وهذه جريمة في حق الله تعالى من جعل الشريك والند والنظير مع الله سبحانه وتعالى .

    روي عن رسول الله حين بعث معاذ بن جبل إلى اليمن قال: "ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم". البخاري (ح1331) ومسلم (ح19).
    وفيه: أنهم إن لم يوحدوا الله فلا حاجة لدعوتهم إلى الصلاة، إذ لا تقبل منهم بدون توحيد, إذا أن الأصل فاسدا من أصله, فلا يستدل بالفرع على ثبوت الأصل .فكيف يبصروا في الفروع وهم غير عاملين ولا مُقرين بأصل الدين .
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    10- قولهم لولا أن توسلنا وتبركنا بهم جائز لما أستجيب لنا, ولما شاهدنا القبول والكرامات .؟

    والكثير ممن يطلبون الحاجات من الأموات تقضى حاجتهم، وشريعة الاسلام لا تثبت باستجابة الدعاء, فقد تحصل الإجابة إستدراجاً بتعجيل الخير لهم, أو إبتلاء وفتنة, وقد تحصل مصادفة, أو أضطراراً أو بفعل الشياطين، فليس كل من أجاب الله دعاءه يكون راضياً عن فعله ولا محباً له .
    فالنفع لا يستلزم جواز الفعل، وحصول الغرض لا يستلزم إباحته، وثبت بالتجربة لا تغني شيئا, فالمسلمين متبعين منقادين لعبادات شرعها ربنا, ولم تشرع بالتجارب والأهواء .

    وتشبت من يدعون الأموات بمعتقدهم قد يكون لرؤيتهم كرامات تجعلهم يفتنون بالأموات ويصرفون لهم انواع العبادة, وأغلب هذه الأمور قد تحصل على أيدي الشياطين, فيتمثل الشيطان للمستغيث في صورة الذي استغاث به، ويخاطبه, أو يخبره بأمور غائبة أو يريه أمور عجيبة من خوارق العادات، أو يقضي بعض حوائجه؛ فيظن أن ذلك كرامة لمن استغاث به .
    وخوارق العادات في ذلك فتنة، كما الدجال يأتي آخر الزمان بغرائب يفتن بها الناس, فيجوب الأرض طولاً وعرضًا ومعه جنة ونار، يقول للسماء: أمطري؛ فتمطر، ويقول للأرض: أنبتي فتُنبت، ويستعين بالشياطين لتتمثل في صور بعض الأموات كي يظن الناس أنه أحياهم, فيغرر ويحرف ويضلل الناس .

    وتمسك عباد بوذا والبقر بمعتقدهم, ومن قبل من يدعوا الشمس والقمر وآلهة الفراعنة أمون وأتون, وعباد المسيح ومريم وغيرهم, إلا من إستدراج الله تعالى وتزيين الشيطان وتلبسه, فيستجاب لهم ويرون معجزات القبول فيفتنون بهم, والا لما تمسكوا بهم, فلا نقول أن القبول والإجابة والكرامات التٌي يرونها دليل على جواز فعلهم, كمن يسجد لصنم ويطلب منه الحاجات ويستجاب له . فهل نقول بجواز فعله.؟

    والله تعالى قد جعل الشيطان فتنة للناس, وقال في كتابه مراراً وتكراراً أنه عدوكم الأزلي, وحذر وقص علينا افاعيله مع آدم, وغيره, وقد قطع عهدًا على نفسه أن يُغوي بني آدم ما دامت أرواحهم في أجسادهم, فزين لهم واحتال وتلبس, ولو ترك أحدهم فعل الشرك تلاعب به أكثر وتسلط عليه بوسوسته، فيوهمه أن تركه سيصيبه بمصيبة, كما قال الله تعالى (إإنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون).
    وغريزة الخوف لدى الإنسان, وإشباع التأله ومشاعر التعظيم والمحبة والتوكل والخوف والرجاء وشوق القلب وحنينه, لا بد أن تصرف في طبيعة الإنسان, والإلتجاء والحنين إلى شيء يبعث الطمأنينة هو مايستهويه ويتلاعب فيه الشيطان, ويصور الخيالات والأوهام الزائفة . فسلخ الجلود من الشرك أمر عظيم يحتاج جهاد كبير وتوفيق من الله سبحانه .
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أحمد القبي مشاهدة المشاركة
    9

    فيشغلون عامة الناس بالتركيز في أمور فرعية أو دنيوية ما خلقنا لأجلها, ويتجاهلون أصل الدين: توحيد الإلوهية المبني على إخلاص التأله لله تعالى، وإفراده بالعبادة. وهو التوحيد الذي افتتح به الرسل دعوتهم وقامت حياتهم على أساسها, قال الله تعالى لرسوله (قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون), (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)--------- أنهم إن لم يوحدوا الله فلا حاجة لدعوتهم إلى الصلاة، إذ لا تقبل منهم بدون توحيد, إذا أن الأصل فاسدا من أصله, فلا يستدل بالفرع على ثبوت الأصل .فكيف يبصروا في الفروع وهم غير عاملين ولا مُقرين بأصل الدين .
    جزاك الله خيرا اخى الكريم أبو أحمد القبي على هذا الكلام المهم- إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    الهدف من المواضيع الإختصار بالحجج البينة, فمن لديه إضافات مثمرة, أو تعقيب, أو أي شبهات, فلا يتردد في وضعها بإختصار.
    بارك الله في مجلسنا وجمعتنا, والسلام عليكم ورحمة الله .
    http://majles.alukah.net/t161611/#post859154
    http://majles.alukah.net/t159608/#post850084
    http://majles.alukah.net/t159324/#post848832
    http://majles.alukah.net/t161601/#post859046
    http://majles.alukah.net/t160920/#post855539
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •