تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 41 إلى 56 من 56

الموضوع: مجموعة نصائح تعليمية وتربوية (متجدد) .

  1. افتراضي



    النصيحة التعليمية التربوية (41).

    البناء العلمي لطالب العلم

    قال شيخنا فتحي الموصلي – وفقه الله-:

    " البناء العلمي لطالب العلم
    إذا لم يستند إلى التلقي من الشيوخ المتقنين في فنهم؛
    وإلى مصاحبة النظر في الكتب،
    وملازمة البحث العلمي للمسائل؛
    يبقى مجرد أماني قد تضمحل مع الوقت
    ؛

    - لأن الأخذ من الشيوخ وسيلة،
    - والدخول في الكتب بعد ذلك مرتبة وطريقة.
    - والاتصاف بالبحث العلمي باب يدخل منه طالب العلم إلى الربانية ...


    وشرط هذا البناء :

    التواضع عند الوسيلة ،
    وعلو الهمة في الطريقة ،
    والتجرد في الربانية ...

    وموانع هذا البناء :

    التعجل، والتخصص المبكر، والنقص في التأصيل ، وتتبع الغرائب ، والولوج في الخلاف ،
    وإلقاء العداوة بين الشيخ والكتاب ، والتحزب للذوات ، والاشتغال بالألقاب العلمية ،
    والزهد في المناصحة الدينية ، والإيغال في المتغيرات السياسية ، والميل إلى المعارضات الجدلية .


    ورفع الموانع:

    يكون بالدعاء ، وإصلاح النية ، وكثرة السجود ...

    وأيسر الطرق في المعالجة :

    طلب العلم؛ (ففتنة العلم لا تزول إلا بالعلم) !!.

    انتهى كلامه -سدده الله-.



    ***



  2. افتراضي



    النصيحة التعليمية التربوية (42).


    طالب العلم والهوى


    اعلم -وفقك الله- أن من سمات طلب العلم النافع تحصيل مقصوده،
    وهو العمل به، ومن عوائق بلوغ المقصود التعلق بالهوى.



    فلا يجتمع في العبد طلب العلم النافع والهوى؛
    لذلك جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال :
    قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    :
    "خصلتان لا يجتمعان في منافق : حسن سمت، ولا فقه في الدين"
    [الصحيحة: 287].


    والتخلص من الهوى يحصل:
    بتحقيق محبة الله –وحده- وتقديم حقه على حظ العبد؛
    فبذلك ينبل طالب العلم ويشرف.



    ومن يتوكل على الله فهو حسبه



    ***




  3. افتراضي



    النصيحة التعليمية التربوية (43).

    تسلل الهوى إلى مسائل الخلاف

    اعلم –وفقك الله- أن الهوى ألطف تسللا إلى محال نمائه
    من النسيم الرقيق الذي ينفذ مع الأنفاس، وينتشر باختلاس
    .

    ومعاطن الهوى كل موطن منافسة ومغالبة؛ ومنها: (مسائل الخلاف).
    فإذا خالط الرأي الاجتهادي في مسائل الخلاف (نزعة هوى) حجبت عنه :

    - خطأ رأيه وإن قل.
    - وصواب مخالفه وإن كثر
    .

    وفقيه النفس يحترس من هواه أشد من احتراسه من أشرس أعدائه.

    ومفتاح مسالك الحذر في هذا الباب:

    (حسن الإصغاء) إلى الرأي الآخر، ومحاولة تفهمه.
    بل والتحيُّل للاقتناع به ؛ فإن أعياه ذلك لعدم وضوحه، وخلوه من البراهين .
    استظهر بيانه بعقول النابغين من إخوانه بالمشورة والمذاكرة ...


    فإن عجز عن تصحيحه طرحه ولم يبال به.
    وأقبل على الحق خاليا من الهوى سليما من نزغات الشيطان ووساوسه.

    وبهذا يهتدي العبد إلى الحق؛
    لأنه جرد النظر من حظوظ النفس
    .

    وذلك الفوز العظيم.



    ***



  4. افتراضي



    النصيحة التعليمية التربوية (44).

    العلم صمام أمان من الشرور كلها

    اعلم –وفقك الله- أن الشر: هو الألم وأسبابه.

    والآلام بمختلف أنواعها:

    - (الحسية) كالمصائب، والأمراض.
    - (والمعنوية) كالهموم والغموم والأحزان.
    - (الدنيوية) التي تقع في هذه الدار.
    - (والأخروية) التي تقع بعد الموت.


    ومنها: الذنوب وعقوبتها.

    وجماع هذه الشرور: (الجهل) بالله –تعالى-، وبأمره، وبوعده ووعيده.

    فالجهل مفتاح الشر، والعلم صمام الأمان من هذه الشرور؛
    لذلك كان صلاح الأرض بالعلم، الذي هو (وظيفة القلب).

    والانتكاسة التي تقع عند حمل الأمانة العامة سببها: (الجهل)، (والظلم).
    قال –تعالى-:{ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}[الأحزاب: 72 ].

    فأداء الأمانة: بالعلم ومقتضاه.

    وطالب العلم: يطلب العلم لتحقيق هذا الأصل الكلي الذي به السعادة التامة.

    ومن الله التوفيق.



    ***



  5. افتراضي



    النصيحة التعليمية التربوية (45).

    العلم الغذاء والدواء

    اعلم أخي الحبيب –سددك الله- أن العلم يطلب لأمرين:

    الأول: لتحقيق الإيمان الذي لا صلاح للقلب إلا به.

    فالعبد خلق مضطراً إلى معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، ومحبته، وطاعته،
    ولا ينال العبد ذلك على التفصيل إلا من طريق رسله –صلوات الله وسلامه عليهم-.


    ولا سبيل لتحصيل ذلك منهم إلا بالتعلم؛
    فالعلم بالرسالة المفصلة رأس أمر الصلاح كله للفرد والجماعة.

    وحاجتهم إليه أشد من حاجتهم إلى الطعام والشراب؛
    لأن بفوته تفوت مصالحهم الكلية في الدارين، وتموت قلوبهم، ويخسرون الدنيا والآخرة.
    وهذا أشد من فوات الطعام والشراب الذي يفضي إلى موت الأبدان وخسارة الدنيا –فقط-.


    فاللبيب يطلب ما فيه بقاؤه السرمدي، وصلاحه القلبي، وسعادته التامة.

    وتحقيق ذلك بتعلم:

    1- التوحيد، ولبه: إفراد الله –تعالى- بالعبادة.
    2- تحقيق السنة، ولبها: إفراد الرسول –صلى الله عليه وسلم- بالمتابعة.
    3- تزكية النفوس، ولبها: الطاعة بامتثال الشريعة في أوامرها ونواهيها.

    الثاني: حماية الإيمان وصيانته.

    وذلك أن الإيمان يزيد وينقص؛ وزيادته بالطاعة، ونقصانه بالمعصية.
    والشيطان عدو صائل، يبث جنوده من الوساوس، والخواطر إلى قلوب العباد لإفساد حصن الإسلام،
    والحرب سجال.

    فإذا أصيبت حصون التوحيد والسنة والتزكية في قلب العبد نزفت جراحه،
    وخرج منها الإيمان كما يسيل الدم من العرق؛ فإن لم يبادر بتوبة توقف نزيفه،
    وإلا فارق قلبه الحياة، أو أضحى هزيلا لا يقوى على الحراك.


    وفي هذه الحال يتعين على العبد العلم بأسباب التوبة وأحكامها،
    فكم من جرح لا يشعر به صاحبه، وما لجرح بميت إيلام.


    ومما يعين على التوبة ويحمل عليها مشاهدة (الوعد والوعيد).

    فأصل العلمان الغذاء والدواء ما أمر الله به بقوله:
    { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَالْمُؤْمِنَات ِ}[محمد: 19].


    ولا عاصم إلا الله.



    ***



  6. افتراضي



    النصيحة التعليمية التربوية (46).

    طالب العلم والصدق.

    اعلم –وفقك الله- أن طالب العلم لا يفلح في الطلب
    حتى يصدق مع الله –تعالى- في سعيه في التحصيل،
    ورأس الصدق خشية الله –تعالى-.

    ومن علامات الصادق من طلاب العلم:

    1- طالب العلم الصادق محب لدرسه متعلق به؛ لأنه يطلبه ابتغاء وجه الله –تعالى-.
    2- طالب العلم الصادق حريص على فهم درسه على أكمل الوجوه حتى يستوفي إدراكه.
    3- طالب العلم الصادق مجتهد في دروسه بلا فتور، ولا انقطاع، ولا قفز على المراتب.
    4- طالب العلم الصادق يوظف ما تعلمه على نفسه وأهله.
    5- طالب العلم الصادق مبلغ لما تعلم بالحكمة والرفق واللين.
    6- طالب العلم الصادق متدرع بـ(لا أدري)، فلا يقفو ما ليس له به علم.
    7- طالب العلم الصادق لا يبحث عن الطبوليات؛ ليقول هأنذا!
    8- طالب العلم الصادق ليس حوله ضبابية ولا غموض بل واضح منير.
    9- طالب العلم الصادق رزن في أقواله وأعماله وأحواله، فليس فيه خفة الشباب ولا طيش الصغار.


    فحقيقة طالب العلم الصادق أنه طالب نجاة،
    سعيه في نجاة نفسه وفكاك أسره من هواه، وعدوه الشيطان؛
    فهو يسعى في تقطيع شراكهما التي نسجت من خيوط الجهل بالعلم والتفقه في الدين.


    ولا عاصم إلا الله.



    ***




  7. افتراضي



    النصيحة التعليمية التربوية (47).

    طالب العلم والجد.

    اعلم -وفقك الله- أن (الجِّدَّ) مركب الطالب إلى أعالي المراتب العلمية والعملية.

    - فبه يصل الطالب إلى مقصوده.
    - وبه يتقن الطالب علومه.
    - وبه يحفظ الطالب وقته.
    - وبه ينظم الطالب دروسه.
    - وبه يرتب الطالب نمط حياته.
    - وبه يحقق الطالب عبادة ربه.
    - وبه ينجح الطالب في دعوته.
    - وبه الخير كله.


    فالجد قرين التوفيق والظفر، وشقيق العزم والصدق.

    ومن أهم أسباب تحصيله، الآتي:

    1- الإخلاص.
    2- كثرة الاستغفار.
    3- الدعاء والاستعانة بالله.
    4- قراءة القرآن.
    5- الرفقة الصالحة.
    6- مطالعة سير العلماء.


    {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم}[محمد: 38].

    وأسأل الله أن يستعملنا في طاعته ويوفقنا إلى مراضيه.



    ***




  8. افتراضي



    النصيحة التعليمية التربوية (48).

    بسم الله الرحمن الرحيم

    من وصايا السلف.

    قَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِي ُّ , قَالَ لِي أَبُو قِلابَةَ –رحمهما الله-:
    " إِذَا أَحْدَثَ اللَّهُ لَكَ عِلْمًا فَأَحْدِثْ لَهُ عِبَادَةً ، وَلا يَكُنْ هَمُّكَ أَنْ تُحَدِّثَ بِهِ"
    (جامع بيان العلم وفضله: 1/654).

    إضاءات الوصية الأثرية:

    1- العلم هبة من الله –تعالى-.
    2- الغاية من العلم العمل به.
    3- شكر العلم يكون بعبادة الله –تعالى- بما تعلمته.
    4- قصر الهمة على التحديث بالعلم دون العمل به من المعايب.


    وعليه؛

    - (فظاهرة التكاثر) في حجم المنشورات في وسائل التواصل
    إن لم تؤسس على معالم التربية الربانية
    فليست هي من سمات طلاب العلم الذين يريدون بعلمهم وجه الله والدار الآخرة.

    - والجمع بين لسان (الحكيم)، وفعل (اللئيم) من النفاق.

    وقفة:

    إذا اقتنعت بخطأ مسلكك المتناقض وجب عليك التغيير من الآن، وذلك:

    - بالتوبة والاستغفار.
    - وطول الصمت والاعتبار.
    - وإحياء أوقات الأسحار.


    ولا تكن ممن يقول –بلسان حاله أو مقاله-:
    سمعنا وعصينا؛ فإنها مركب أهل النار؛ نفاقاً، أو فسقاً.

    ولا عاصم إلا الله.



    ***




  9. افتراضي



    النصيحة التعليمية التربوية (49).

    طالب العلم والمحاسبة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اعلم –وفقك الله- أن المحاسبة لطالب العلم ولادة جديدة؛
    يعرف بها حجم تحصيله خلال مدة الطلب، ويقف بها على ما فاته من العلم.
    فهي ضد الغفلة؛
    والغفلة في طلب العلم من أعظم أسباب تضييع الأعمار دون فائدة تذكر
    .

    فالطالب المحاسب لنفسه؛

    1- لا تضيع عليه أوقاته؛ لأنه مراقب لزمانه.
    2- ولا تتفلت عليه محفوظاته؛ لأنه صائن لها.
    3- ولا تغيب عنه أصول العلم؛ لأنه مذاكر لها.


    ومن أصول المحاسبة:

    - مراجعة المحفوظات حتى لا تنسى.
    - تكميل الفن الذي طلبه بمتابعة ما وصل إليه منه.
    - أخذ الفنون التي فاته تحصيلها.

    ومن أدوات المحاسبة:

    - تنظيم وقته ودروسه بالجداول المناسبة.
    - حمل دفتر الملاحظات والتنبيهات.
    - استعمال ساعة التنبيه.


    ومن نواقض المحاسبة:

    - الإفراط في النظر إلى الجوال.
    - التوسع في الزيارات والسمر.
    - الانهماك في التعليق على كل حدث
    .

    وجماع المحاسبة الخوف من الله –تعالى-:
    {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}[البقرة: 281].



    ***




  10. افتراضي


    النصيحة التعليمية التربوية .(50)

    بِسْم الله الرحمن الرحيم

    هذه أسئلة مهمة -سلمك الله-.

    وكأني فهمت منها أنها متعلقة بشقين؛ لذلك سأتناول كل شق على حدة.

    بالنسبة للشق الأول منها فقد تضمن ثلاثة أسئلة.


    السؤال الأول: ما هو أنفع كتاب تنصح به لمعالجة أمراض القلوب؟

    الجواب: هو (القرآن).

    وأما ثاني الأسئلة: وما هو أنفع كتاب لتربية وتزكية طالب العلم ؟

    فالجواب -أيضاً-: هو (القرآن).

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "والقرآن، شفاء لما في الصدور ومن في قلبه أمراض الشبهات والشهوات, ففيه من البينات ما يزيل الحق من الباطل , فيزيل أمراض الشبهة المفسدة للعلم والتصور والإدراك بحيث يرى الأشياء على ما هي عليه, وفيه من الحكمة والموعظة الحسنة بالترغيب والترهيب , والقصص التي فيها عبرة ما يوجب صلاح القلب , فيرغب القلب فيما ينفعه ويرغب عما يضره ,فيبقى القلب محبا للرشاد ,مبغضا للغي, بعد أن كان مريدا للغي, مبغضا الرشاد.
    فالقرآن، مزيل للأمراض ,الموجبة للإرادات الفاسدة ,حتى يصلح القلب فتصلح أراداته, ويعود إلى الفطرة التي فطر عليها, كما يعود البدن إلى الحال الطبيعي, ويغذي القلب من الإيمان, والقرآن بما يزكيه, ويؤيده, كما يتغذى البدن بما ينميه ويقومه, فإن زكاة القلب مثل نماء البدن
    "(مجموع الفتاوى:10/95-96)

    وقال ابن باز - رحمه الله -: " فان كتاب الله الكريم هو أعظم علاج وانفع علاج لأمراض القلوب ولأمراض الأعمال والمجتمع ، وهو – أيضاً – علاج عظيم لأمراض البدن – أيضاً – ولكن الله عز وجل أنزله لعلاج أمراض القلوب وعلاج أمراض المجتمع من الفساد ,حتى ترجع القلوب إلى صلاحها, و إلى طهارتها , و إلى إيمانها بالله ورسوله, و إلى بعدها عن كل ما حرم الله ورسوله, وحتى ترجع المجتمعات إلى طاعة الله ورسوله, والتعاون على البر والتقوى , وعدم التعاون على الإثم والعدوان.
    فبالإقبال على كتاب الله القرآن , وتدبر معانيه, والإكثار من تلاوته, والمذاكرة فيما دل عليه مع الإخوان والأحباب وأهل العلم في ذلك أعظم وسيلة لعلاج القلب ولطهارة القلب مما نزل به من شبهة , أو مرض شك, أو مرض شهوة, فهذا أعظم علاج, واكبر علاج, وقد عالج به النبي-صلى الله عليه وسلم-أمراض المجتمع في مكة وفي المدينة حتى هدى الله به من هدى ودخلوا في دين الله-عز وجل-

    من شريط: (أمراض القلوب وعلاجها, لابن باز –رحمه الله-).

    وهنا يأتي السؤال المهم: كيف نقوي الإيمان بالقرآن؟

    والجواب: يكون ذلك باتباع هدي السلف في ذلك؛ فإنهم كانوا يقدمون (تعلم مجمل الإيمان) أولاً. ثم (يتعلمون القرآن) ثانياً.

    فعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانًا"(رواه ابن ماجه برقم: 61، وصححه الألباني).

    والسر في تقديم (مجمل الإيمان) على (القرآن)؛ لأجل اقتلاع العقائد الفاسدة من القلب حتى يكون زاكياً يقبل (الحق) بلا معارض، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: " ولابدَّ مع ذلك أن يكون زكياً صافياً سليماً حتى يزكو فيهِ العلمُ ويثمر ثمراً طيباً , وإلا فلو قبلَ العلمَ وكان فيه كدرٌ وخبثٌ افسدَ ذلك العلم , وكان كالدغل في الزرعِ إن لم يمنع الحبَ مِنْ أنْ ينبت منعه من أن يزكو ويطيب , وهذا بين لأولي الأبصار" (مجموع الفتاوى: 9/315).

    ويوضحُ هذا ما ذكرَهُ ابنُ القيمِ-رحمَهُ اللهُ- بقولِهِ:" قُبولُ المحلِ لما يوضعُ فيهِ مشروطٌ بتفريغِهِ من ضدِهِ, وهذا كما أنهُ في الذواتِ والأعيانِ فكذلك هو في الاعتقاداتِ والإراداتِ , فإذا كان القلبُ ممتلئاً بالباطلِ اعتقاداً ومحبةً لم يبقَ فيهِ لاعتقادِ الحقِ ومحبتِهِ موضعٌ.. وسرُّ ذلكَ : أنَّ إصغاءَ القلب ِكإصغاءِ الأذنِ,فإذا أصغى إلى غيرِ حديثِ اللهِ لم يبقَ فيهِ إصغاءٌ, ولا فهمٌ لحديثِهِ , كما إذا مالَ إلى غيرِ محبةِ اللهِ لم يبقَ فيهِ ميلٌ إلى محبتِهِ....."(الفوائد:ص/44,45).

    إذا قسا القلب لم تنفعه موعظة....... كالأرض أن سبخت لم يحيها المطر

    تنبيه مهم: (ما أول ما يتعلم من القرآن

    أخرج البخاري في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: ”إنما نزل أول ما نزل سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس للإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا: لا ندع شرب الخمر، ولو نزل أول شيء: لا تزنوا لقالوا: لا ندع الزنا، وإنه أنزلت {وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [سورة القمر، الآية: 46]، بمكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني جارية ألعب، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده".

    فيستفاد من هذا الحديث: تقديم (المفصَّل) من سور القرآن في الحفظ والتعلم؛ لاشتماله على ذكر الجنة والنار.

    وسور المفصَّل تبدأ من سورة (ق) أو سورة الحجرات على خلاف بين العلماء.

    فإذا فهم العبد هذه الطريقة القرآنية الإيمانية السلفية وعمل بها مستعيناً بالله –تعالى- متوكلاً عليه؛ وفق وهدي إلى صراط مستقيم.

    وأما بالنسبة للسؤال الثالث: ما هي أنفع كتب السنة في الآداب ؟

    فالجواب: أنفع الكتب ما أشتملت على عمل اليوم والليلة من الأدعية والأذكار والآداب الثابتة بالسنن الصحيحة، ومنها:

    1- الكلم الطيب لابن تيمية.
    2- الوابل الصيب لابن القيم.


    قال العلامة صديق حسن خان –رحمه الله-: " وظني أن من كان عنده تصنيف من تصانيف هذا الحبر العظيم الشأن (يقصد ابن القيم –رحمه الله-) الرفيع المكان أو تصنيف شيخه ... لكفى لسعادة دنياه وآخرته ولم يحتج بعد ذلك إلى تصنيف أحد من المتقدمين والمتأخرين في درك الحقائق الإيمانية –إن شاء الله –تعالى –" (أبجد العلوم: 3/143).

    والله أعلى وأعلم وإسناد العلم إليه أسلم.



    ***



  11. افتراضي


    النصيحة التعليمية التربوية (51).

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وأما الشق الثاني من (الأسئلة المهمة)؛ ففيه ثلاثة أسئلة:

    السؤال الأول: كيف ينظم طالب العلم وقته؟

    الجواب:

    اعلم –وفقك الله- أن تنظيم الوقت وما يتبعه ويسبقه من ترتيب طلب العلم -مادة وأولوية- يعتمد على (علو الهمة) في الطلب.

    فمن علت همته انتظم طلبه في العلم في كل شيء.

    (وعلو الهمة) يقوم على ثلاثة أسس:

    الأول: الإخلاص؛ بأن لا يبتغي بعلمه إلا وجه الله.
    الثاني: الصدق؛ بأن لا يدخر من وسعه شيئاً إلا ويبذله في تحصيل العلم.
    الثالث: الاستطاعة؛ بأن لا يكلف نفسه من العلم إلا ما يناسب مستواه.

    فالموفق من يجتهد في تحصيل هذه الأسس؛ فإن حققها استقام شأنه كله.

    ثم بعد ذلك:

    - يختار من الأوقات (ما خلا عن المشاغل)، ومن الأماكن (ما بعد عن الضوضاء) هذا من حيث الضابط -النسبي- فيختلف فيه وقت كل طالب بحسب ما يناسبه.

    - وأما من جهة (أفضلية الوقت في نفسه)؛ فالعلماء –غالباً- يقسمون الوقت إلى ثلاثة أوقات:

    الأول: (بعد الفجر) إلى (الزوال) للحفظ والمراجعة.
    الثاني: (من الزوال) إلى (الليل) للقراءة والمدارسة.
    الثالث: (أول الليل) إلى (قبيل نومه) للكتابة والبحث.

    فإذا فرغ (صلى ما كتب له) ثم نام.

    السؤال الثاني: كيف يقيد الطالب معلوماته؟

    الجواب:

    اعلم –وفقك الله- أن تقييد العلم (بالقلم والقرطاس) من أصول العلم التي لا يدرك إلا بها، فقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قوله : " قيدوا العلم بالكتاب "( السلسلة الصحيحة : 2026 ).

    وقال الخليل بن أحمد – رحمه الله - :" ما كٌتِب قَرَّ، وما حُفظ فَرَّ ".

    (وتقييد العلم) له آداب كثيرة، من أهمها:

    1- (تقييد الشرح).
    والمراد به: تقييد طالب العلم شرح (المتون العلمية المعتبرة)، وله مسلكان:

    الأول: تدوينها على نسخته الخاصة.
    الثاني: تدوينها في كراسة يخصصها له؛ فيكون لكل متن كراسة خاصة.

    2- (تقييد الفوائد).
    والمراد به: تقييد طالب العلم (الفوائد المتناثرة) التي يقف عليها من خلال مطالعاته أو لقاءاته، وله فيها مسالك:

    الأول: يدونها في أول صفحة من الكتب التي يقرؤها؛ فتكون بمثابة فهرست لتلك الكتب.
    الثاني: يدونها في كراسة (عامة) تجمع كل الفوائد المتناثرة.
    الثالث: يجعل لكل فن كراسة؛ فيجمع فوائد اللغة في كراسة وفوائد العقيدة في كراسة وهكذا ...


    3- (تقييد الإشكالات).
    والمراد به: تقييد طالب العلم (الإشكالات المعتبرة) التي تظهر له من خلال طلبه للعلم –درساً أو مطالعة أو مذاكرة-؛ حتى إذا وفق له متخصص في بابها كان يوم غنيمته يعرض عليه المسائل ويستفيد منه.

    4- (تقييد البحث).
    والمراد منه: تقييد طالب العلم (المتوسط) ، أو (المتمكن) بعض الأبحاث العلمية ليقوي بذلك ملكته في العلم؛ ولا يجعل همه التصنيف أو النشر؛ وإنما يكون مقصوده بالبحث –أولاً- تنمية قدراته العلمية.

    5- (تقييد المختصرات).
    والمراد منه: اختصار طالب العلم (بعض) الكتب المعتبرة في بابها، ولذلك فوائد، منها:

    - تقوية الفهم؛ فإن الاختصار النافع فرع التصور الصحيح للعلم.
    - تقوية الحفظ؛ فإن في كتابة العلم اجتماع الحواس على تثبيته.
    - تسهيل المراجعة؛ فإن المختصرات تقلل الألفاظ ولا تفوت المعاني، وبذلك تسهل مراجعة العلم.


    السؤال الثالث: يعاني الكثير من الإخوة مشكلات تعيقه عن التحصيل والتفكير وتسبب له حالات نفسيه قد تقطعه وترده عن الطلب؟

    الجواب: هذه العقبات اختبار (الادعاء)؛ فإن العلم من (الإيمان) والله يقول –في سورة العنكبوت-: {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)}.

    ومن أدرك هذه الحقيقة تعين عليه (تحقيق الصدق) في طلب العلم، والصدق يقوم على ساقين اثنين:

    الأول: سبب معنوي، وهو التوكل على الله والاستعانة به في تحصيل العلم.
    الثاني: سبب حسي، وهو مجموع ثلاثة أمور:

    - الحرص على النافع دون غيره من العلوم والكتب.
    - اجتناب الذنوب والآثام.
    - الصبر على السهر والتعب، واحتساب الأجر عند الله –تعالى-.


    تنبيه (خاص) لمن ابتلي بالمصائب.

    إن العبد إذا قهرته المصائب وغلبت عليه الابتلاءات؛ فعليه بأصل الأصول وهو (القرآن) فلا يفرط في حفظه ولا مراجعته؛ فإنه وإن ترك كل شيء من كتب العلم بسبب ظروف قاهرة لا يقوى على مدافعتها فليتمسك (بالقرآن) فإنه (حصن العلم) ومنبعه الأول فمن لازمه واعتنى به لم يفته العلم. بل سيجد بعد ذلك الفيئة إلى (تفاصيل العلم).

    وأسأل الله –تعالى- أن يبصرنا بأمر ديننا، ويلهمنا رشدنا ويوفقنا لكل خير.



    ***



  12. افتراضي


    النصيحة التعليمية التربوية (52).

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اعلم –سلمك الله- أن (طالب العلم) وصف له معنى،

    وحقيقته أنه (مركب إضافي). مؤلف من مفردتين: (طالب)، (والعلم).
    فأما (طالب) فهو اسم فاعل يدل على (حدث)، و(ذات قام بها الحدث


    فلا يصدق هذا الوصف على (عبد) إلا مع الملازمة والدوام -الذي تفيده الإسمية في (اسم الفاعل)-
    بين (ذاته)، (والحدث) أي: (الطلب).

    وأما (العلم) فهو –هنا- اسم يدل على معرفة الحق بدليله.
    والإضافة بمعنى (اللام) أي: طالبٌ للعلم.


    (واللام) للاختصاص، أي: طلبه -وهو سعيه- مقصور ومختص بالعلم.

    فوصفنا لعبد أنه (طالب علم) يتضمن:

    (اجتماع همته على تحصيل الحق من دليله صدقاً بلا فتور).

    وقد دل على هذا المعنى حديث عَنْ أَنَسٍ –رضي الله عنه- ، قَالَ:
    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسَلَّمَ-
    :
    "مَنْهُومَانِ لا يَشْبَعَانِ طَالِبُ عِلْمٍ وَطَالِبُ دُنْيَا"
    (صحيح الجامع رقم: 6624).

    فقوله: (مَنْهُومَانِ) مثنى منهوم،
    (والمنهوم): اسم المفعول من نَهِمَ،
    وهو المولع بالشيء الذي تعلق قلبه به فلا يفتر عنه ولا يصبر على مفارقته.

    وهو من بلغت رغبته في الشيء مبلغ (الشَّرَه)، (والشهوة المفرطة)
    التي لا ينتهي توقدها، وتطلعها إلى حد؛ لذلك قال: (لا يَشْبَعَانِ).


    والمقصود: أن الوصف (بطالب علم) وصف جليل القدر، عزيز المنال.
    لا يدرك إلا بالجد والاجتهاد، والصبر والدوام.

    وتأمل ما رواه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: 1/76): بسنده عن " مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ، قَالَ: " حَضَرْتُ الْمَأْمُونَ بِالْمِصِّيصَةِ ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ بِيَدِهِ مَحْبَرَةٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، صَاحِبُ حَدِيثٍ مُنْقَطِعٌ بِهِ. قَالَ: فَوَقَفَ الْمَأْمُونُ، فَقَالَ لَهُ: إِيشِ تَحْفَظُ فِي بَابِ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: فَسَكَتَ الرَّجُلُ، فَقَالَ الْمَأْمُونُ: نا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ فُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ، عَنْ فُلَانٍ، وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الْأَعْوَرُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ كَذَا حَتَّى عَدَّدَ لَهُ كَذَا حَدِيثًا، ثُمَّ قَالَ: إِيشِ تَحْفَظُ فِي بَابِ كَذَا؟ قَالَ: فَسَكَتَ، فَسَرَدَ فِيهِ كَذَا حَدِيثًا، ثُمَّ قَالَ: أَحَدُهُمْ يَطْلُبُ الْحَدِيثَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، يَقُولُ: أَنَا صَاحِبُ حَدِيثٍ، أَعْطُوهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ".

    فلا يكون (العبد) طالباً للعلم إلا إذا وظف جوارح العلم فيما خلقت له:

    1- العين في مطالعة العلم وقراءة الكتب.
    2- والأذن في سماعه.
    3- والبنان في كتابته.
    4- والرجل في السعي إلى حلقه.
    5- والقلب في حفظه وإتقانه، وفهمه وتعقله.
    6- وسائر الجوارح في رعايته والتقرب إلى الله به.


    ومن يتوكل على الله يوفقه.



    ***



  13. افتراضي



    النصيحة التعليمية التربوية (53)

    بسم الله الرحمن الرحيم


    أسباب علو الهمة في طلب العلم

    اعلم أخي الحبيب –وفقك الله- أن علو الهمة حقيقتها: (زيادة الإيمان).

    وذلك أن الهمة هي (عمل القلب)؛ لأنها الإرادة الجازمة الموجبة لعمل الجوارح.

    والإرادة عمل قلبي حقيقته تحرك القلب وميله إلى المطلوب،
    وعمل القلب من الإيمان، وزيادته تكون بمادة من جنسه ومرجعها إلى (الإيمان بالله واليوم الآخر).


    فكل من أراد علو همته في طلب العلم فعليه بطلب زيادة إيمانه بالله واليوم الآخر.

    وأصول أسباب زيادة الإيمان بالله –تعالى- ثلاثة:

    الأول: معرفة الله –تعالى- بأسمائه وصفاته وأفعاله.
    الثاني: معرفة آياته الكونية ومخلوقاته، وتأملها.
    الثالث: معرفة آياته الشرعية وتلاوتها وتدبر معناها.

    وأصول أسباب زيادة الإيمان باليوم الآخر ثلاثة:

    الأول: تأمل أدلة الفطر العقلية الدالة على البعث بعد الموت.
    الثاني: تأمل آيات الجزاء ونصوص الوعد والوعيد.
    الثالث: تأمل صفات الجنة وصفات النار.

    فمن أعطى هذه الأسباب حظها من التفكر والتذكر والتدبر تضاعف إيمانه وتجدد ونمى نماء حسناً،
    وولد معها قلبه ولادة جديدة توجب للعبد إرادة جازمة
    تحمله على طلب تفاصيل الإيمان والإسلام والإحسان
    .

    وهذه حقيقة الهمة العالية في طلب العلم.

    اللهم اجعلنا من أهلها وارزقنا زيادتها.



    ***



  14. افتراضي



    النصيحة التعليمية التربوية (54)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    (تأصيل منهج التلقي) من المطالب المهمة التي تحقق عدداً من المصالح الضرورية، منها:

    - (حفظ العلم) سالماً من كل دخيل.
    - (تأسيسه في الأمة).
    - (بناء الملكات) العلمية القادرة على الاجتهاد.


    ولفهم حقيقة هذه الجملة (تأصيل منهج التلقي) نوضح معاني مفرداتها:

    أولاً: (التلقي) معناه : أخذ العلم.

    ويعبر العلماء ( بمصادر التلقي ) عن المحال التي يؤخذ منها العلم .
    فالمصدر : محل العلم . والتلقي أخذه من محله .
    ومصدر التلقي هو الوحي : ( الكتاب والسنة ) .
    ويلحق بهما ما دلا عليه .


    ثانياً: (منهج التلقي) هو كيفية أخذ العلم منهما،
    وحقيقته: طريقة السلف في الاستدلال والاستنباط .
    ومنها – للتوضيح - :
    - إجراء الكلام على ظاهره إلا لقرينة صحيحة صريحة .

    ثالثاً: (تأصيله) يراد به : تعليم (منهج التلقي) للخلق كأساس يبنى عليه العلم، وذلك:

    1- بالابتداء به.
    2- بالتركيز عليه.
    3- بإرجاع المشتبهات إلى محكماته.
    4- بتفريع العلوم منه.
    5- عدم قبول العلم من غيره.


    ويتحقق (تأصيل منهج التلقي) في الأمة بعدد من الطرق، أهمها:

    1- تدريسه للطلاب من خلال متون الاعتقاد.
    2- بثه في المحاضرات والخطب وفي مواقع التواصل ونحو ذلك .


    ومن الله التوفيق.



    ***




  15. #55
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو زيد العتيبي مشاهدة المشاركة

    النصيحة التعليمية التربوية (53)

    بسم الله الرحمن الرحيم


    أسباب علو الهمة في طلب العلم

    اعلم أخي الحبيب –وفقك الله- أن علو الهمة حقيقتها: (زيادة الإيمان).

    وذلك أن الهمة هي (عمل القلب)؛ لأنها الإرادة الجازمة الموجبة لعمل الجوارح.

    والإرادة عمل قلبي حقيقته تحرك القلب وميله إلى المطلوب،
    وعمل القلب من الإيمان، وزيادته تكون بمادة من جنسه ومرجعها إلى (الإيمان بالله واليوم الآخر).


    فكل من أراد علو همته في طلب العلم فعليه بطلب زيادة إيمانه بالله واليوم الآخر.

    جزاكم الله خيرا
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  16. افتراضي



    النصيحة التعليمية التربوية (55)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    سؤال من أحد الإخوة الكرام: ما هو الأصل الجامع او الحاوي للأخلاق التي ينبغي لطالب العلم أن يتحلى بها نريد منهجاً واضحاً في هذه المسألة التي يغفل عنها كثير من طلاب العلم؟

    الجواب:

    أسس مكارم الأخلاق

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

    أما بعد:

    فأسأل الله –تعالى- أن يرزقني وإياكم (مكارم الأخلاق)، (ومحاسن الآداب)، (وصالح الخلال).

    اعلم -وفقك الله- أن هذا الموضوع من المقاصد الرسالية؛ فهو من أصول المنة الربانية، ومن مطالب الدعوة الإبراهيمية، وحقيقته الظفر (بالتزكية القلبية)، كما قال –تعالى-:{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[البقرة: 129].

    وقال –تعالى-:{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[آل عمران: 164].

    وأصول الأخلاق هي (مباني التزكية القلبية)، وأسسها ثلاثة:

    الأساس الأول: تطهير مقصود القلب (بالتوحيد).
    الأساس الثاني: تطهير فهم القلب (بالاتباع).
    الأساس الثالث: تطهير إرادة القلب (بالصدق).

    فإذا تمت هذه الأسس في القلب (زكى) وطهر من كل خبث أو رجس.

    وعند التأمل نجد أن (فساد العقيدة) هو أعظم أسباب (انحطاط الأخلاق)؛ فلا تسل بعد ذلك عن (قبائح الفواحش) وانتشارها في المجتمعات (الوثنية)، أو (العلمانية)، وسرعة تلقي تلك البيئة لكل خصلة ذميمة.

    ولهذا كانت بعثة النبي –صلى الله عليه وسلم- متممة للأخلاق ببنائها على العقيدة الصحيحة، كما قال –صلى الله عليه وسلم-: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وفي رواية: "صالح الأخلاق". (السلسة الصحيحة، رقم: 45).

    وأول ما بدأ به النبي –صلى الله عليه وسلم- في بعثته إصلاح العقيدة بالتوحيد والإخلاص، كما قال ابْنُ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما-: "لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ -رضي الله عنه- إِلَى نَحْوِ أَهْلِ اليَمَنِ قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى" (متفق عليه).

    ومن هذا التأصيل نفهم حقيقة الخلل الحاصل في (واقع كثير من طلبة العلم) أنه راجع إلى (فساد النيات).

    (فالتصنع) –رياء، وسمعة- من أعظم (مفسدات الأخلاق)؛ لأن هَمَّ الطالب في تلك الحال (طلب مدح الخلق)؛ فيسعى -جاهداً- في بناء ظاهره دون التفات إلى (صلاح الباطن).

    فيكون كمن يؤسس بنيانه (على شفا جرف هار)؛ فإذا صدمه الواقع بنازلة من النوازل (انهار) –سريعاً- (ظاهره الأجوف)؛ مسقطاً معه (أقنعته الصناعية)، وتنكشف حقيقته الباطنة عن (أحمق، جاهلٍ).

    وكذا الحال عند (فساد المتابعة) فهو مؤذن (بتفشي منكرات الأخلاق)؛ لأن (الهوى) موجب للبدعة والمخالفة.

    قال الشاطبي –رحمه الله-: "المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المكلف عن داعية هواه ; حتى يكون عبدا لله اختيارا ، كما هو عبد لله اضطرارا " (الموافقات: 2/290).

    فالذي ينشأ على (البدع) يألف مخالفة (الشرع)؛ ولا يكون له في نفسه (تعظيمٌ للوحي). بل كلما استحسن شيئاً ركبه؛ وذلك منتهى (الانحلال) عن الشريعة العاصمة لأخلاقه وأعماله عما يفسدها.

    وفي (البدعة) استحسان ما تهواه نفسه؛ "وإنما الاستحسان تلذذ" كما قاله الشافعي في الرسالة (ص: 507).

    وهذا (التلذذ) بالهوى يورث (إدمان) المخالفة؛ فلا تنفك نفسه عن المنكرات والسقطات "فهى تجري بطبعها فى ميدان المخالفة" (إغاثة اللهفان: 1/86).

    ولذلك جمع النبي –صلى الله عليه وسلم- في التعوذ بين (منكرات الأخلاق والأعمال)، (ومنكرات الأهواء)، فقال: «اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء» (صحيح الجامع، رقم: 1298).

    فتطهير (طالب العلم) قلبه من الأهواء والبدع (يزكي أخلاقه)؛ لاعتصامه (بالشرع)؛ {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[آل عمران: 101]. "أي من يتمسك بدينه الحق الذي بيّنه بآياته على لسان رسوله، وهو الإسلام والتوحيد، المعبر عنه بسبيل الله، فهو على هدى لا يضل متبعه" (محاسن التأويل للقاسمي: 2/368).

    ومن هدايته إلى الصراط المستقيم هدايته (لأحسن الأخلاق)، كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ" (رواه مسلم).

    والسبب في ذلك أن (الاعتصام بالوحي) بإيمان وإيقان بصحته وصدقه وعاقبته الحميدة في الأمور كلها يجعله منقاداً لأوامره يدور مع الشريعة حيث دارت "كالجمل الأنف إن قيد انقاد وإذا أنيخ على صخرة استناخ" (حسن، صحيح الجامع، رقم: 6669).

    والشريعة جاءت متممة للأخلاق الفاضلة داعية إليها وحاثة العباد على التخلق بها، والتجمل بأرفعها منزلة، وأتمها مقاماً.

    وكذلك الحال عند (فساد الإرادة) بسبب (ضعف الصدق)؛ فإن الأخلاق الفاضلة تترحل عن القلب متتابعة؛ فيصبح (كذاباً في حديثه، مخلفاً لوعده، خائناً لأمانته، فاجراً في خصومته).

    وذلك لأن (ضعيف الصدق): (كسول الهمة)، (مترهل الإرادة)، (متذبذب العزيمة) تدب إلي قلبه (أخلاق المنافقين) من (خوخة) فساد الإرادة فتفسد عليه أخلاقه وتتبدل طباعه.

    وعلامات المنافقين متولدة من (فساد صدقهم) فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَرْبَعُ خِلاَلٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا: مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا "(متفق عليه).

    والصدق داعٍ إلى الفضائل، كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ" (متفق عليه).

    فلا يزال الصادق يترقى في مدارج الكمالات حتى تزكو أخلاقه وتنبل طباعه، وتسمو صفاته.

    فتطهير (طالب العلم) إرادته بالصدق، وعلو الهمة يحمله على التخلق (بأخلاق الأبرار) {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَة ِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}[البقرة: 177].

    فتأمل كيف جعل الله –تعالى- من أوصاف { الَّذِينَ صَدَقُوا} حقائق {الْبِرَّ} ومنها: مجامع الأخلاق وكمالاتها: (الكرم)، (والوفاء بالعهود)، (والشجاعة)، (والصبر).

    فطالب العلم الصادق: كريم سخي، وشجاع صبور، ووفي أمين.
    فهذه الأسس الثلاثة التي (تزكي النفس) وتطهرها من الشرك والبدع والفسوق، هي أسس الأخلاق الفاضلة.

    وأما حقيقة (الخلق الفاضل) في نفسه –عند معاملة الخلق- فأفضل ما قيل فيه ما جاء عن الحسن البصري -رحمه الله- :" بأنه كف الأذى، وبذل الندى ، وطلاقة الوجه". (الآداب الشرعية لابن مفلح: 2/216).

    فجماع الأخلاق في هذه الثلاثة، وقد نبه عليها النبي –صلى الله عليه وسلم- وجمع أصولها في حديث واحد فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه-، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ، إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ»(رواه مسلم).

    ففي قوله: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ" الحث على (بذل الندى) والمعروف المالي، ومنه يؤخذ فضيلة بذل كل معروف بالمال والعلم والجاه.

    وفي قوله: "وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ، إِلَّا عِزًّا" دلالة أولوية على (كف الأذى)؛ لأن العفو (ترك مقابلة المعتدي بمثل أذيته) والصفح عنه. فمن ترك أذية غيره بالحق لهو أبعد عن أذيتهم بلا حق.

    وفي قوله: "وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ" إشارة إلى (طلاقة الوجه)؛ لأن المتكبر (مصعر خده) عن الخلق كبراً {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ}[لقمان: 18].

    " قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَقُولُ لَا تَتَكَبَّرْ فَتُحَقِّرَ النَّاسَ وَتُعْرِضَ عَنْهُمْ بِوَجْهِكَ إِذَا كَلَّمُوكَ" (تفسير القرطبي: 3/589).

    فطالب العلم الموفق إذا لم تكن هذه الأوصاف الثلاثة طبعاً له؛ فإنه يجاهد نفسه على التطبع بها حتى تكون ملكات راسخة فيها.

    وطالب العلم أحوج الناس إلى التربية على الأخلاق والآداب؛ لإصلاح نفسه، وإصلاح غيره :( فإن الأخلاق الفاضلة بريد الحق إلى القلوب الغافلة).

    وما نقلت العلوم إلى القلوب بمثل الأخلاق الحسنة فهي مراكب فاضلة شريفة بها يسمو محمولها ويزداد بهاءا وزينة ، كما قال سُفْيَان الثَّوْرِي – رحمه الله - : «زَيِّنُوا الْحَدِيثَ بَأَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَزَيَّنُوا بِالْحَدِيثِ» .

    فعلى طالب العلم أن يتعاهد أخلاقه كما يتعاهد محفوظاته . بل عليه أن يتعلم الأخلاق الحسنة والهدي الفاضل كما يتعلم العلم ، قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: «كَانُوا يَتَعَلَّمُونَ الْهَدْيَ كَمَا يَتَعَلَّمُونَ الْعِلْمَ» .

    وليجعل الطالب الأخلاق الحسنة أسس وأركان بنائه العلمي ، فخباء العلم بلا أوتاد الأخلاق لا يصمد عند زلازل المحن .

    ولهذا حرص علماؤنا على العناية بأخلاق طلابهم فهذا مالك بن أنس – رحمه الله – يوصي، قائلاً: «إِنَّ حَقًّا عَلَى مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ وَخَشْيَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَّبِعًا لِأَثَرِ مَنْ مَضَى قَبْلَهُ» .

    بل إن حاجة طالب العلم إلى الأدب والخلق أكثر من حاجته إلى المعلومات ، فعَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِلَى أَدَبٍ حَسَنٍ أَحْوَجُ مِنْهُ إِلَى خَمْسِينَ حَدِيثًا» .

    وعن عِيسَى بْنَ حَمَّادِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ، يَقُولُ: - وَقَدْ أَشْرَفَ عَلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَرَأَى مِنْهُمْ شَيْئًا - فَقَالَ: «أَنْتُمْ إِلَى يَسِيرٍ مِنَ الْأَدَبِ أَحْوَجُ مِنْكُمْ إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الْعِلْمِ» .

    ومن أجمل ما مثل به أفتقار العلم إلى الأدب ما قاله أَبَو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِي – رحمه الله -: " عِلْمٌ بِلَا أَدَبٍ كَنَارٍ بِلَا حَطَبٍ، وَأَدَبٌ بِلَا عِلْمٍ كَرُوحٍ بِلَا جِسْمٍ " .

    فشبه الأدب بوقود النار التي لا دوام لها دونه ، ومتى قطع عنها خبت وانطفئت .

    اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأقوال والأعمال .



    *****



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •