*امارة النفس
أ. مصطفى صادق الرافعي

إنَّ لله عباداً استخصّهم لنفسه، أولُ علامته فيهم أنَّ الذُلَّ تحت أقدامهم، وهم يجيئون في هذه الحياة لإثبات القدرة الإنسانية على حكم طبيعة الشهوات، التي هي نفسها طبيعة الذُّلِّ.

فإذا اطرح أحدهم الشهوات، وزَهَد فيها، واستقامَ على ذلك في عقد نيّةٍ، وقُوٍّة إرادة، فليس ذلك بالزَّاهد كما يصُفه النّاسُ، ولكنّه رجلٌ قويٌ، يحمل أسلحة النفس في معاركها الطاحنة، كما يحملُ البطل الأروعُ أسلحة الجسم في معاركه الدامية، هذا يُتعلَّمُ منه فنٌّ، وذاك يُتعلَّمُ منه فنٌّ آخر، وكلاهُما يُرمى به على الموت لإيجاد النوع المستعزِّ من الحياة، فأوّلُ فضائِلِه الشعورُ بالقوّة، وآخر فضائله إيجاد القوّةِ.

ومن أقوال الامام الاديب مصطفى صادق الرافعي الفريدة الّتي تعبّر عن فهمه لمكنونات النّفس وخبايا اسرار الفكر :

* ينفر الإنسان من الكلمة الّتي تحكمه ، ولكنّه في الحبّ لا يبحث إلّا عن الكلمة الّتي تحكمه *

•إذا رأيت كبراء قوم همّهم عيشهم ; فاعلم أنّها أمّة مأكولة . فلو شهرت السّيف الماضي لقاتل بروح ملعقة ، ولو رعدت بالأسطول الجبّار لصلصل كآنية المطبخ .

ويقول في وحي الروح ( فصل من كتاب المساكين ) :

" وفي الإنسان كالطبيعة أرض وسماء .. فترابه لا يتغشّاه مما فوقه غير الظلّ وقد خلق مقسوماً .. فشقة منه في أرضه .. وشقة في سمائه .. فإذا حضره الموت ضرب الضربة بين هاتين .. فأخذت السماء السماء .. وجذبت الأرض الأرض ..!" فانظر اخي وتامل والسلام ختام.