#فوائد_الصبيحي
808- من قواعد فهم منهج الصحيحين:
5- الشيخان ملتزمان-بمقتضى أصل وضع كتابيهما- أن لا يخرجا حديثًا-- يحتجان به في بابه إلا إذا غلب على ظنهما بعد النظر والبحث والتفتيش أنه ليس له علة تمنع من الاحتجاج به.
خلافا لما صرح به الحاكم في مقدمة المستدرك واتكأ عليه في التساهل المشين في الاستدراك عليهما.
فقد قال: الحاكم في خطبة «المستدرك»:
«سألني جماعة من أعيان أهل العلم بهذه المدينة وغيرها أن أجمع كتابا يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد بن إسماعيل، ومسلم بن الحجاج بمثلها، إذ لا سبيل إلى إخراج ما لا علة له، فإنهما رحمهما الله لم يدعيا ذلك لأنفسهما، وقد خرج جماعة من علماء عصرهما ومن بعدهما عليهما أحاديث قد أخرجاها، وهي معلولة، وقد جهدت في الذب عنهما في «المدخل إلى الصحيح» بما رضيه أهل الصنعة».
فظاهر كلام الحاكم أنه لم َ يتعن ذلك السبيل الذي تتبين به العلل أصلا؛ لأنه - في رأيه- لا سبيل إلى ذلك، مستدلا بوقوع أحاديث عندهما قد أعلها بعض المعاصرين لهما او من بعدهما.
وهذا افتئات وتجنٍّ على الشيخين، لما قدمته آنفا من أصل وضع الكتابين، ولأن الاختلاف معهما في تصحيح بعض الأحاديث لا يعني ابدًا أنهما لم يلتزما خلو ما يخرجونه من العلة.
وأرى أن الحاكم رحمه الله قد تأثر بشيخه الدرقطني لمَّا صنف كتاب الإلزامات والتتبع، فالإلزامات استدراك أحاديث زعم الدارقطني أنها على شرطهما أو أحدهما ولم يخرجاها.
والتتبع انتقاده لأحاديث فيهما، ولم يسلم للدارقطني من كلا الأمرين إلا القليل، وقد قام الشيخ مقبل بن هادي رحمه الله تعالى بالتعليق على الكتاب والجواب عن أكثر ما ذكره الدارقطني.