" لمّا كان الطول و القصر أمرا نسبيّا اختلف الخطباء في تقدير مدّة خطبهم فكشف لنا ذلك عن سوء فهم عند كثيرين منهم لسنّة تقصير خطبة الجمعة و تطويل صلاتها و بالتالي فبقدر ضبط الخطيب لمفهوم هذه السنّة و حسن تطبيقها تكون مئنة من فقهه (1) أو من جهله فالسنّة أحبابي هنا ليست بتقصير مخل و لا بتطويل ممل إنّما هي قصد(2) معتدل. "



-----------------
(1)قَالَ أَبُو وَائِلٍ : خَطَبَنَا عَمَّارٌ – أي : ابن ياسر - فَأَوْجَزَ ، وَأَبْلَغَ ، فَلَمَّا نَزَلَ قُلْنَا : يَا أَبَا الْيَقْظَانِ لَقَدْ أَبْلَغْتَ وَأَوْجَزْتَ فَلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ – أي : أطلتَ - ، فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ ، وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ ، وَإِنَّ مِنْ الْبَيَانِ سِحْراً ) . رواه مسلم ( 869 ) .
ومعنى ( مئنة من فقهه ) أي علامة على فقهه ودليل عليه .
(2)عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ : ( كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ فَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَصْدًا ، وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا ) .
رواه مسلم (1433) .
قال النووي - رحمه الله - :
أي : بين الطول الظاهر ، والتخفيف الماحق .
" شرح مسلم ( 6 / 1599 ) .