جزآك الله خيراً أن جعلتني انشط لمراجعة وإستكمال البقية؛ فتمعن جيداً وخذ وقتك واعطني رد علمي دون التعرض لشخصي؛
والله أسأل ان يغفر لي خطيئتي وجهلي, وأن يهدني إلى الحق أنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم, وصلي اللهم وسلم على محمد ومن والاه والحمد لله رب العالمين :
- كما قلت سابقاً, لم يثبت قراءة آية الكرسي عند النوم. ولا في الصباح والمساء, ولا بعد الصلوات, أما الأخيره فليست من موضوعنا وهو خلاصة الصحيح من أذكار وآداب النوم والإستيقاظ, وليست من خبر القصة المكررة, ولها موضوع مستقل بإذن الله :
● عند النوم - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة قال فخليت عنه فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة قال قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته فخليت سبيله قال أما إنه قد كذبك وسيعود فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيعود فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دعني فإني محتاج وعلي عيال لا أعود فرحمته فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة ما فعل أسيرك قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته فخليت سبيله قال أما إنه قد كذبك وسيعود فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم لا تعود ثم تعود قال دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت ما هو قال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل أسيرك البارحة قلت يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله قال ما هي قلت قال لي إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية الله لا إله إلا هو الحي القيوم وقال لي لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح وكانوا أحرص شيء على الخير فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما إنه قد صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة قال لا قال ذاك شيطان". البخاري (ح2311).
وهذا الحديث رواه البخاري معلقًا ثلاث مرات، تاماً كما تقدم في كتاب الوكالة، ومختصراً في كتاب فضائل القرآن، وفي كتاب الصيام؛ رواه معلقًا بإسناد منقطع :" قَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو عَمْرٍو حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ..", جميعها يبدأ بقوله :"قال عثمان" وليس "حدثنا" وهو ما يعنى عدم سماع البخارى للحديث من الراوى إلا بواسطة أو بغيرها .
قال الحميدي في الجمع بين الصحيحين: أخرجه البخاري تعليقاً", وتعقب ابن حجر من أنكر قوله فقال: "لم ينفرد به الحميدي بل تبع فيه الإسماعيلي، والدارقطني، والحاكم، وأبا نعيم، وغيرهم، وهو الذي عليه عمل المتأخرين والحفاظ، كالضياء المقدسي، وابن القطان، وابن دقيق العيد، والمزي. وقال الخطيب في "الكفاية": لفظ "قال" لا يحمل على السماع إلا ممن عرف من عادته أنه لا يقولها إلا في موضع السماع". الفتوحات لابن علان (147/3).
روى البخاري في صحيحه كتاب الأذان: "قال لنا آدم: ثنا شعبة. . الخ". وهذا واضح وصله, ويوضح طريقة البخاري عند لفظه (قال فلان), و(قال لنا).
والرواية التي يعلقها البخاري ولم يروها من وجه آخر مسندة متصلة، فهي ليست على شرط صحيحه، (شرط الإسناد أي الاتصال بالرفع), وهو شرطه الذي اشترطه في عنوان كتابه ((الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه)), بل الرواية عنده فيها من الضعف، وهذا ما تبناه البخاري في تاريخه الكبير عندما أورد لهذا الخبر: عدة أسانيد من عدة أوجه تبين اضطراب أسانيده :
فقال في تاريخه الكبير (28/1) : "حدثني عمرو بن علي قال حدثنا أبو داود عن حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن الحضرمي بن لاحق عن محمد بن أبي قال كان لجدي يعني أبيا جرين من تمر
وقال لنا موسى حدثنا أبان قال حدثنا يحيى عن الحضرمي حدثه عن محمد بن أبي بن كعب أن أبيا كان له جرين من تمر فسرقه الجني
وقال لي سليمان حدثنا الوليد قال حدثنا الأوزاعي عن يحيى قال حدثني بن أبي بن كعب أن أباه أخبره بهذا
وقال عثمان بن الهيثم حدثنا عوف عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة بهذا
وقال لي عمرو بن منصور حدثنا إسماعيل بن مسلم عن أبيه عن أبي المتوكل أن مفاتيح الصدقة كانت مع أبي هريرة بهذا
وقال لنا نعيم حدثنا عبد المؤمن بن خالد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه سمعت معاذا قال ضم الى النبي صلى الله عليه و سلم تمر الصدقة فذكر نحوه
وقال غير نعيم عن أبي خالد الحنفي عن بن بريدة أتيت أبا الأسود فقال أتيت معاذا عن النبي صلى الله عليه و سلم بهذا".
فقد يكون ذكر البخاري للرواية في صحيحه تعليقًا لأنه اطمئن لورودها من عدة أوجه قد تكون متعارضة، لكنه لم يرفعها إلى مرتبة الصحيح المسند .
وقد يكون تعليق البخارى بسبب ضعف عثمان بن الهيثم, فقد تفرد عثمان بن الهيثم، وهو رجل فيه ضعف عند أهل الجرح والتعديل، قال عنه أبو حاتم :"صدوق، بآخره كان يتلقن", وقال الدارقطني :"صدوق كثير الخطأ", وقال الساجى: صدوق، ذكر عند أحمد بن حنبل فأومأ إلى أنه ليس بثبت". أنظر تهذيب التهذيب (158/7), وتهذيب الكمال (192/9), ولخصه ابن حجر فقال في التقريب:" ثقة، تغير فصار يتلقن".
أما الروايات التي رواها البخاري عن عثمان بن الهيثم، فهي مسندة, ولها متابعات، فعثمان بن الهيثم، لا يحتج بما يتفرد به على الراجح، بل خرّج له البخاري في المتابعات خمسة أحاديث مسندة موصولة :
1- فى كتاب الحج : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ ذُو الْمَجَازِ وَعُكَاظٌ مَتْجَرَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلامُ كَأَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ حَتَّى نَزَلَتْ ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ .
2- في كتاب اللباس : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَوْ مُحَمَّدٌ عَنْهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ سَمِعَ عُرْوَةَ وَالْقَاسِمَ يُخْبِرَانِ عَنْ عَائِشَةَ قَـالَتْ : طَيَّبْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ بِذَرِيرَةٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِلْحِلِّ وَالإِحْرَامِ .
3- في كتاب الأيمان والنذور : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَوْ مُحَمَّدٌ عَنْهُ عَـنِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ حَدَّثَهُ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ ، إِذْ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ ، فَقَالَ : كُنْتُ أَحْسِبُ يَا رَسُولَ اللهِ كَذَا وَكَذَا قَبْلَ كَذَا وَكَذَا ، ثُمَّ قَامَ آخَرُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ كُنْتُ أَحْسِبُ كَذَا وَكَذَا لِهَؤلاء الثَّلاث ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( افْعَلْ وَلا حَـرَجَ ) لَهُنَّ كُلِّهِنَّ يَوْمَئِذٍ ، فَمَا سُـئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ إِلا قَالَ : ( افْعَلْ وَلا حَرَجَ ) .
4- في كتاب المغازى : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَـنِ الْحَسَنِ عَـنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ : لَقَدْ نَفَعَنِي اللهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الْجَمَلِ ، بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِـلَ مَعَهُمْ ، قَالَ : لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ : (لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً).
5- في كتاب النكاح : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ).
وفي الحديث :"وكانوا أحرص شيء على الخير", وهذا إدراج واضح من كلام الرواة, أو إرسال في الحديث, والمفترض أن يقول الصحابى: "وكنا أحرص الناس".
والحديث عموما لم يروى في صحيح مسلم وسنن النسائي الصغرى وسنن أبي داود وسنن الترمذي وسنن ابن ماجة ولا مسند احمد, وهذا يوضح تعليق البخاري له في صحيحه, وهو ما يبين إعراض أهل السنن عنه .
وقد جاء الحديث في صحيح ابن خزيمة: (ح2424) قال: "حدثنا هلال بن بشر البصري بخبر غريب غريب، حدثنا عثمان بن الهيثم، مؤذن مسجد الجامع، حدثنا عوف، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة ..", وهو مشابه للنص الذي عند البخاري .
فوجه استغراب ابن خزيمة شديد, مما يوحي أن في الحديث ضعف في الإسناد أو نكارة .
وقد جاء الحديث أيضاً موصولاً عند النسائي في الكبرى أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ..", بنفس النص الذي عند البخاري .
وهذا يقربنا إلى أن قول البخاري: "وقال عثمان", هو شك في صحة قول عثمان, فهو ضعيف عنده إذا تفـرد مع ضعيف, كما تقدم .
وقد رواه النسائي في سننه الكبرى، ولم يروه في سننه الصغرى (المجتبى) التي انتقى فيه الصحيح من حديثه .