ذكر الحافظ المزي في تهذيب الكمال 7/ 318، وغيره من أهل العلم، قال المزي رحمه الله:
وَقَال أبو الطيب عبد المنعم بن عَبد الله بن غلبون المقرئ : أخبرنا أبو بكر محمد بن نصر السامري ، قال : حَدَّثَنَا سُلَيْمان بن جبلة ، قال : حَدَّثَنَا إدريس بن عبد الكريم الحداد ، قال : حَدَّثَنَا خلف بن هشام البزاز ، قال : قال لي سليم بن عيسى : دخلت على حمزة بن حبيب الزيات فوجدته يمرغ خديه في الارض ويبكي ، فقلت : أعيذك بالله. فقال : يا هذا استعذت في ماذا ؟ فقال : رأيت البارحة في منامي كأن القيامة قد قامت ، وقد دعي بقراء القرآن ، فكنت فيمن حضر ، فسمعت قائلا يقول بكلام عذب : لا يدخل علي إلا من عمل القرآن. فرجعت القهقرى ، فهتف باسمي : أين حمزة بن حبيب الزيات ؟ فقلت : لبيك داعي الله لبيك. فبدرني ملك فقال : قل لبيك اللهم لبيك. فقلت كما قال لي ، فأدخلني دارا ، فسمعت فيها ضجيج القرآن ، فوقفت أرعد ، فسمعت قائلا يقول : لا بأس عليك ، ارق واقرأ. فأدرت وجهي فإذا أنا بمنبر من در ابيض دفتاه من ياقوت أصفر مراقته زبرجرد أخضر فقيل لي : ارق واقرأ. فرقيت ، فقيل لي : اقرأ سورة الانعام. فقرأت وأنا لا أدري على من أقرأ حتى بلغت الستين آية فلما بلغت {وهو القاهر فوق عباده). قال لي : يا حمزة، ألست القاهر فوق عبادي ؟ قال : فقلت : بلى. قال : صدقت ، اقرأ. فقرأت حتى تممتها ، ثم قال لي : اقرأ. فقرأت"الاعراف"حت ى بلغت آخرها ، فأومأت بالسجود ، فقال لي : حسبك ما مضى ( أي حسبك ما سجدته في دار التكليف في الدنيا أما الآن - أي في الآخرة - حسب المنام ) لا تسجد يا حمزة ، من أقرأك هذه القراءة ؟ فقلت : سُلَيْمان ، قال : صدقت ، من أقرأ سُلَيْمان ؟ قلت : يحيى. قال : صدق يحيى ، على من قرأ يحيى ؟ فقلت : على أبي عبد الرحمن السلمي. فقال : صدق أبو عبد الرحمن السلمي ، من أقرأ أبا عبد الرحمن السلمي ؟ فقلت : ابن عم نبيك علي بن أَبي طالب. قال : صدق علي ، من أقرأ عليا ؟ قال : قلت : نبيك صلى الله عليه وسلم. قال : ومن أقرأ نبيي ؟ قال : قلت : جبريل. قال : من أقرأ جبريل قال : فسكت ، فقال لي : يا حمزة ، قل أنت. قال : فقلت : ما أجسر أن أقول أنت. قال : قل أنت. فقلت : أنت. قال : صدقت يا حمزة ، وحق القرآن لأكرمن أهل القرآن سيما إذا عملوا بالقرآن ، يا حمزة القرآن كلامي ، وما أحببت أحدًا كحبي لاهل القرآن ، ادن يا حمزة. فدنوت فغمر يده في الغالية ثم ضمخني بها ، وَقَال : ليس أفعل بك وحدك ، قد فعلت ذلك بنظرائك من وفوقك ، ومن دونك ومن أقرأ القرآن كما أقرأته لم يرد به غيري ، وما خبأت لك يا حمزة عندي أكثر ، فأعلم أصحابك بمكاني من حبي لاهل القرآن ، وفعلي بهم ، فهم المصطفون الاخيار ، يا حمزة وعزتي وجلالي لا أعذب لسانا تلا القرآن بالنار ، ولا قلبا وعاه ، ولا أذنا سمعته ، ولا عينا نظرته. فقلت : سبحانك سبحانك أبي رب ! فقال : يا حمزة أين نظار المصاحف ؟ فقلت : يا رب حفاظهم. قال : لا ، ولكني أحفظه لهم حتى يوم القيامة ، فإذا أتوني رفعت لهم بكل آية درجة". أفتلومني أن أبكي ، وأتمرغ في التراب.اهـ
نسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن وأهل رضوانه سبحانه .