موالي بني هاشم
قال ابن قدامة رحمه الله في (المغني): " مسألة : قال: "ولا لمواليهم" يعني أن موالي بني هاشم ــ وهم من أعتقهم هاشمي ــ لا يعطون من الزكاة". أهـ .
قال الجصاص رحمه الله في (أحكام القران): "واختلف في الصدقة على موالي بني هاشم وهل أريدوا بآية الصدقة فقال أصحابنا ــ يعني الحنفية ــ والثوري: مواليهم بمنزلتهم في تحريم الصدقات والمفروضات عليهم. وقال مالك بن أنس لا بأس بأن يعطى مواليهم".أهـ
وقال اللخمي رحمه الله في (التبصرة) : وأجازها ابن القاسم لموالي آل محمد ومنع ذلك مطرف، وابن الماجشون في كتاب ابن حبيب. وقال مالك في كتاب ابن حبيب أيضًا : لا يعطى لآل محمد من التطوع. وأجازه ابن القاسم في كتاب محمد. والذي آخذ به، أنها تحرم على بني هاشم دون من بعدهم، وأن مواليهم بمنزلتهم" أهـ .
وقال ابن حزم رحمه الله في (المحلى) : اختلف الناس في: من هم آل محمد؟ فوجب النظر في ذلك: فوجدنا ما حدثناه عبد الله بن ربيع قال ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا عمرو بن علي ثنا يحيى - وهو ابن سعيد القطان - ثنا شعبة ثنا الحكم - هو ابن عتيبة - عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه أن رسول الله r استعمل رجلا من بني مخزوم على الصدقة، فأراد أبو رافع أن يتبعه، فقال رسول الله r :"إن الصدقة لا تحل لنا، وإن مولى القوم منهم". فبطل قول من أخرج الموالي من حكمهم في تحريم الصدقة" .أهـ المراد بتصرف.
قال ابن حجر رحمه الله في (فتح الباري): وروى أصحاب السنن وصححه الترمذي وابن حبان وغيره عن أبي رافع مرفوعا:" إنا لا تحل لنا الصدقة، وأن موالي القوم من أنفسهم". وبه قال أحمد وأبو حنيفة وبعض المالكية كابن الماجشون ، وهو الصحيح عند الشافعية". أهـ
وقال الشوكاني رحمه الله في (نيل الأوطار) عند كلامه على حديث أبي رافع:"الحديث يدل على تحريم الصدقة على النبي r وتحريمها على آله، وقد تقدم الكلام على ذلك.
ويدل على تحريمها على موالي آل بني هاشم، ولو كان الأخذ على جهة العمالة وقد سلف ما فيه.
قال الشافعي: حرم على مواليه من الصدقة ما حرم على نفسه، وبه قال أبو حنيفة وهو مروي أيضا عن الناصر والشافعي وأصحابه، وإليه ذهب المؤيد بالله وأبو طالب، وهو مروي عن الناصر وابن الماجشون.
وقال مالك ويحيى ــ وهو مروي أيضا عن الناصر والشافعي في قول له ــ إنها تحل لهم. قال في البحر: لأن علة التحريم مفقودة وهي الشرف.
قلنا: جزم الخبر يدفع ذلك انتهى.
ونصب هذه العلة في مقابل هذا الدليل الصحيح من الغرائب التي يعتبر بها المتيقظ".أهـ
وقال رحمه الله في (الدراري المضية) : وقد وقع الخلاف في الآل الذين تحرم عليهم الصدقة على أقوال أظهرها أنهم بنو هاشم وحكم مواليهم حكمهم في ذلك".أهـ
وبمثل هذا جزم صديق خان رحمه الله في (الروضة الندية).

قال أبو أيوب عفا الله عنه : حديث أبي رافع t دليل واضح ونص صريح في هذه المسألة وقد رواه أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي رافع t: "أن النبي r بعث رجلا على الصدقة من بني مخزوم، فقال لأبي رافع t: اصحبني فإنك تصيب منها. قال: حتى آتي رسول الله r فأسأله، فأتاه فسأله، فقال r: مولى القوم من أنفسهم، وإنا لا تحل لنا الصدقة ". فلا داعي للأخذ والرد بعد ورود النص، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل .
وأيضا : فإنه لما كانت الصدقة محرمة على آل النبي r بالأصالة وهم بنوا هاشم كان مواليهم بمثابتهم إذ أن الولاء لحمة كلحمة النسب كما صح بذلك الخبر عن النبي r .
قال ابن قدامة رحمه الله في (المغني) : "ولأنهم ممن يرثهم بنو هاشم بالتعصيب فلم يجز دفع الصدقة اليهم كبني هاشم، وقولهم ــ يعني المخالفين ــ انهم ليسوا بقرابة، قلنا هم بمنزلة القرابة بدليل قول النبي r:"الولاء لحمة كلحمة النسب". وقوله :"مولى القوم منهم". وثبت فيهم حكم القرابة من الأرث والعقل والنفقة فلا يمتنع ثبوت حكم تحريم الصدقة فيهم".أهـ .
فثبت بهذا أن موالي آل بيت رسول الله r الهاشميين أصالة منهم، وأنهم تحرم عليهم الصدقة والعمالة عليها كما تحرم على مواليهم وبالله التوفيق .


من بحثي (تحرير القول في بيان حكم الصدقة على آل الرسول)