فِيْ دَوْحِ حُبِّكَ
القصيدة الفائزة بالمركز الأول في جائزة البردة العالمية الدورة 14
كانَ الْمَدَى بِيْدَاً دَجَتْ وَهَزِيْعَا
...حَتَّى هَلَلْتَ سَنَاً وجِئْتَ رَبيعا
فَغَرَسْتَ فِي أُفُقِ العَفـــــافِ أَهِلَّةً
لِتشُعَّ طُهْراً في الورى وتَضُوعا
وَبِذكركَ انْبَجَسَتْ يَنابـــــيعُ الْهُدى
شهداً روى جَدْبَ النُّفوسِ خُشُوعا
أَضْفَى على وَجَلَ القلوبِ سَكينةً
وَكَسَا الْجوارحَ رِقَّةً وَخُضُــــوعــا
..لولاكَ ما انْتَشَتِ الدُّهورُ وما انْجَلى
فَجرٌ فَكَفْكَفَ للــــوجودِ دُمــــوعــــا
وَلَمَا أَتَى قلبي قِبَــــابَكَ يَمْـــتَـــطِي
نُجُبَ الصَّبَابَةِ سَامعاً ومُطيــــعــا
فانداحَ في أَلَقٍ , تَوَضَّأَ بالشَّــــــذَا
وامتدَّ ما بينَ القِبَابِ صَـــــرِيْعا
****
أيرومُ نَسْرُ الأبْجديةِ نَــــــجْمَ مَنْ
بعُرُوجِهِ وَهَـبَ النُّجومَ سُطوعا ؟
وَأمــــامَهُ وَجَــــــمَ البيانُ , وقد بَدا
فَحْلُ القريضِ على الْمِهَادِ رضيعا
وأَتَتْهُ أبكـــــارُ الْمعـــــــاني خُشَّعَاً
يُغْضِيْنَ فوقَ ثَرى الحياءِ رُكوعا
..هاروتُ يَنْفُثُ سِحْرَهُ في بَحْرِ قَا
فِيَتِيْ , وحاشا أنْ تَضُــــمَّ شَفـــيعا
..لَمْ يُجْدِ نَبْذُ السَّامريِّ بِخاطري
أَثَرَ الرَّســـــول لكي أصوغَ بَديعا
فحدا بِيَ الشَّـــــوقُ الْمُبَرِّحُ للحِمى
صبّــاً أُقَبِّـــلُ تُــــرْبَةً ورُبـــــــوعا
وَهَزَزْتُ جِذْعَ مَشَاعِريْ فاسَّاقطتْ
بِدُجَى مِدادي لُؤْلُؤاً وشُــــمـــــوع ا
وَسَكَبْتُ في سِفْرِ الْجوى دمَ مُهجتي
وَغرسْتُ فـي كَبِدِ السُّطور ضُلوعا
وســــقيتُها خَـــــــمْرَ الْهُيَامِ مُعَتَّقَاً
بِحُشَاشَتِي فَزَهَتْ جَـــــنَىً وجُذُوعا
بِظِـلالِها أسْـرابُ قافِيَتِي شَــــــدَتْ
ومضتْ إلى روضِ النّبِيِّ جُموعا
وانْسَابَ صَيِّبُ نُورِهِ فِـــــي مُقْلتِي
فَنَمَا السَّنا بِفَلا السُّهـــــاد رَبـيعـا
وغفــــا بأَيْكِ الْهُــــــدْبِ بُلبلُ طَيْفِهِ
..لكنْ , مضى حُلْما , وغابَ سريعا
فَتَبِعْتُهُ والنَّـــــوحُ جَفَّـــــفَ لي دِمَا
دَمْعِي فَسَال ضِيَا السَّوادِ وَجِيْعا
..أَ أَشَمُّ طِيْبَ قميصهِ ويُظِلُّنِي
لأرى لكوكبِ وَجْنَتَيْهِ طُلوعا ؟!
****
ما الحبُّ أيــــــدي نِسوةٍ قطَّعْنَها

بِمُدًى , ولا عينٌ تُطيل هُجوعا
بل خافقٌ أَضْنَاهُ تَبْرِيحُ الْجَـــــوى
بِظُبَى الحنيــــنِ مُقــــطَّعٌ تقطيعا
دَمُـــــهُ سَـــرابٌ , و النَّوَى يَغْتَالُهُ
بِمَخَالِبٍ تَــــــذَرُ الشَّغافَ بَقيـــعــا
..فأتَتْهُ مُـــــزْنُ الْحُبِّ تلثُمُ رمــــلَهُ
فاخضـــــرَّ وافترَّ الأريجُ مُذِيعـــا
..أحيا الْهَوى مَيْتَ النَّوى , هل يا تُرى
لَمَسَتْهُ كــــفٌّ للنـــــبيِّ (يســــوعا) ؟!
****
وُلِـــــدَ النَّبِيُّ فـــــلألأتْ أمُّ القُــــرى
من بعــــــد ما كان الظَّلامُ مُريعــــا
وسناهُ أخْمَدَ نــــــارَ فارسَ , بل حَبَا
حُبُكَ السَّماءِ كــــــواكباً وَنُصُوعَا
وأضاءَ بُصرى الشَّام ,جَفَّفَ سَاوَةً
وعروشُ كسرى صُدِّعَتْ تَصديعا
وَشَّى فَيَافِيَ آلِ سَـــــعْــــدٍ سُــنْدُسٌ
فَرَبَتْ جِناناً حين حـــــــلَّ رضيعا
وَرَبِيْعُـــهُ ضَـمَــــــدَ الْجِراحَ لأُمّةٍ
ثكـــــــلى , فأسعدَ قلبَها الْمَفْجُوعا
..سَـــلْ وردةً خُنِفَتْ بِكَفِّ رِمالهم
لَم تَحْيَ في روض الْهَنَا أُسبوعا
مَنْ رَدَّها تَغْفُوْ بِحُضْـــــنٍ دافئٍ
إلا الذي رحمَ الأنامَ جَميــــــعا ؟
وَوَرِيْدُهُ وِرْدُ اليــــــتامى , والْحَشا
قُوْتٌ , وكم كــــانَ الإدامُ ضَريعا !
..أحيا رميمَ العدْلِ من جَدَثِ الْهوى
ساوى بشيخ القريتينِ وَضــــــيعا
****
يا سيّدي كمْ آيةٍ لك غـــــــرَّدتْ

شَــــــــفَةُ الخلودِ بِها تُذِيْعُ ذُيُوْعَا !
جِـذعٌ تَسَرْبَلَ بالْحَنينِ , وَصِنْـوُهُ
فاضَ الهــــــيامُ به , أتاك وَلُوعا
أُحُدٌ يُزلزلُهُ الْغــــرامُ , وقد شكا
دمعُ البعـــــــير شــقاءَه والجوعا
..إنْ فجّرَ الْحَجَرَ الكـــليمُ مَشارباً
بِعَـصاً فـــكَفُّكَ فجَّــــــــرت يَنبوعا
وبِها شفيتَ العينَ , سبّحتِ الحصا
وحلبتَ من يَبَس الشِّياهِ ضُروعا
..حفَّتْكَ جُنْدٌ لا تُرى لَمّــــا بـــــكى
في الغارِ صاحبُك الصَّدوقُ هَلوعا
باضَ الْحَمام , وصار بيتُ عناكبٍ
حِصْنَاً ـ وإنْ وَهَنَ النَّسيجُ ـ مَنِيْعَا
****
..لاحتْ بِفَوْدَيَّ النُّجومُ ولَــــــــمْ أزلْ

كَصَدَىً , أغيبُ سُدَىً ,أَعِيْشُ مَضِيْعا
لا عاصمٌ للنَّفس من لُجَجِ الْهَوى
سَكْرَى , تُجرِّعُها الذُّنوبُ نَقيعا
فانثرْ غمامَ الوَصْلِ يَسْكُبُ عَابقاً
في تِيْهِ أعْمــــــــاقي حَيَاك مَرِيْعا
لِتُذيبَ بين جوانحي بلظى الجوى
قلباً لِقَسْوَتِهِ اسْتحـــــــــا ل صَقِيْعا
وتُنيرَ في عَتَماتِهِ سُـــــرُجَ الْهدى
فالرّانُ يَحْجُبُ للهلالِ طُلــــــوعا
****
...علَّقْتُ فـــي جِيْدِ الْخُلـــــودِ قِلادةً
رصَّعْتُ دُرَّ حُـــــروفـــها ترصيعا
وعنادلي غَنَّتْ على فَنَنِ الْـــمَـــدى
فـــــــي دَوْحِ حبِّك كي تكونَ شفيعا
****
..زَكّتْـــكَ آيـــــاتٌ شَـــذَتْ ومآذنٌ
ليدومَ ذكرُكَ عاطـــــراً ورَفيــــــعا
شعر : مصطفى قاسم عباس
لتحميل القصيدة بصيغة pdf اضغط على الرابط
http://www.burda.ae/…/…/2016/poetry/01MostafaKasem-Faseh.pdf