ومنهم من يرى ظنّه فيك يقينا، يعتقد أنّه يعرفك أكثر من نفسك؛ فتراه يهجم على غوامض الغيوب في نفسك، يغوص في عميقات أفكارك وكأنّه يقرأ كتابًا مفتوحا، يقول عن نفسه: لا يبطل لي ظنّ، ولا يكذب لي توهّم؛ كلّ هذا ليسوّغ لنفسه وللسمّاعين له إطلاق لسان ظنّه فيك.
فإذا ظهر للناس بطلان ظنّه، وفالَ وهمه الذي رآه يقينًا فيك بدأ بتتبّع زلّاتك، فإن ظفر بواحدةٍ سقط إليها سقوط الغراب على الجيف، وطار بها للناس ليُثبت لهم صدق تخرّصه فيك؛ لينسب لك كلّ عيبٍ ووكف، ويتركك مِزَعًا مِزَقا.
وإن لم يقع على زلّاتك، تشذَّرَ لمعاداتك، وأظهر كوامن الإحَن، فانظروا رحمكم الله كيف يفعل الظنّ بأهله، فمن ظنانٍ إلى عيّابٍ إلى أضِمٍ حقود.
فأين هو من قول الله تعالى:
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}.
أخوكم: ماهر مصطفى.