الاعتداء على ثروات المسلمين



إن العدوان على أموال الناس واقتصادهم من قبل الكفار، وأذنابهم المنافقين، لم يعد خافياً على أحد من المهتمين بأمر هذا الدين وأهله، حتى آل الأمر إلى أن يكون المال دُولة بين الأغنياء، الذين احتكروا المال، وأوقدوا فيه نار الربا، وأغرقوا الفقراء – وهم الكثرة من المسلمين – بسيل من الديون التي تتضاعف مع الزمن، فأكل القوي فيها الضعيف، ومحقت فيه بركة المال، وأُكل المال بالباطل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وأسوق فيما يلي بعض صور هذا العدوان على أمن الأموال والاقتصاد:

أولاً: التشبه بالكفار في حبهم العظيم للمال، وكونه غاية عندهم لا يبالون من أي جهة حصلوا عليه من حلال أو حرام، ولذلك صدروا إلى ديار المسلمين صنوفاً من البضائع المحرمة، وأدخلوا على مجتمعات المسلمين وسائل كثيرة من المعاملات المحرمة.

ومن أعظمها وأخطرها نشر الربا الصريح، واستحداث المعاملات المصرفية التي تقوم على الربا تارة، وعلى الجهالة والغرر تارة، وعلى التحايل تارة.

ولا يخفى ما في ذلك من محق لبركة المال، وغش وتحايل على المسلمين، وظلم للفقراء وما أكثرهم، وفي كل ذلك عدوان على أمن الناس في أموالهم، ومؤذن بعقوبة من الله عز وجل، قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ )) (البقرة : 279,278).

ثانياً: استنزاف الكفار لأموال المسلمين، وسحب رؤوس أموال المسلمين إلى الاتجار بها في ديار الكفار.

ولا يخفى ما في ذلك من دعم لاقتصاد الكفرة، وفي المقابل إضعاف لاقتصاد المجتمعات المسلمة، فوق أن غالب هذه الاستثمارات الخارجية يقوم على الربا والتحايل والمعاملات المحرمة ، المهم عندهم كسب المال بأية وسيلة كانت، ولا يخفى ما في ذلك من إضعاف للمسلمين، ونهب لأموالهم، وتسلط على مقدراتهم.

ثالثاً: نشأ من غزو الكفار وعدوانهم على الدين والأخلاق والأعراض، والذي سبق الكلام عنه أن قل الخوف من الله عز وجل، وقل الوازع الديني، فانتشرت الجرائم ومنها السرقات، والاعتداء على أموال الناس بالقوة أو بالخلسة.

رابعاً: إشغال مجتمعات المسلمين باللهث وراء الدنيا، وجرهم إلى صنوف من المعاملات التي جعلتهم في دوامة من أمرهم، وجعلتهم في سعار شديد، وتنافس ممقوت على كسب المال.

وأذكر من ذلك تجارة الأسهم، التي في أغلبها هي أشبه شيء بالقمار والميسر، حيث يصبح الرجل غنياً ويمسى فقيراً، ويمسي عاقلاً ويصبح منهاراً كئيباً، وقد أدى هذا إلى عمى القلوب عن الآخرة، وعن شئون المسلمين ومآسيهم، وهذا ما يريده الأعداء الكفرة وإخوانهم المنافقون.

خامساً: تضييق الخناق على الجمعيات الخيرية للمسلمين، التي كان لها الأثر العظيم في مواساة فقراء المسلمين في كل مكان، وكفالة أيتامهم ودعاتهم، وطباعة الكتب الإسلامية ونشرها، ونصر المجاهدين في سبيل الله تعالى، وإغاثة اللاجئين والمنكوبين من المسلمين، ولم يقف الأمر عند التضييق، بل ذهبوا إلى مصادرة أموال هذه الجمعيات أو تجميدها، وتخويف الناس وإرهابهم من دعم هذه الجمعيات، أو الانفاق في وجوه الخير، فهل بعد هذا من عدوان على المال، بل إنه تعداه إلى العدوان على الأنفس، وإطعامها وكسوتها وإغاثتها.

سادساً: امتصاص الخيرات من الأراضي المسلمة، وبخاصة البترول والنفط، والتحكم في إنتاجه وأسعاره.

سابعاً: إغراق أسواق المسلمين بآلاف الأصناف من البضائع المختلفة، التي تستورد من بلاد الكفار .

وهذا بدوره يقوي اقتصاد الأعداء من الكفرة، ويجعل بلاد المسلمين بلاداً مستوردة ومستهلكة، لا منتجة مصدرة، بل إن الكفار يضعون العوائق أمام كون بلدان المسلمين مصنعة منتجة، تستغني عن مصانع الكفار، ولا يخفى ما في ذلك من عدوان على أموال المسلمين وإرادتهم، وإضعاف لاقتصادهم .

فوق ما في ذلك من تبعية للأعداء، وبخاصة فيما يتعلق بالغذاء والطعام. ولا يخفى على ذي لب أن أمة لا تمتلك ولاتنتج غذاءها فإنها لا تمتلك أمنها.

فالأمن على الغذاء ليس هو فقط أمن أكل وشرب، يأمن صاحبه فيه من الموت، بل إن الأمر يتعدى ذلك إلى أن يؤثر على أمن الدين والنفس والعرض، لأن المرأ تحت وطأة الجوع، معرض أن يتنازل عن دينه أو عن عرضه عياذاً بالله تعالى.

ثامناً: القيام بالحملات الدعائية الفاجرة الكاذبة، التي تروج السلع، وتخدع الناس، وتؤزهم إلى شرائها أزاً.

وبهذا تمتص الأموال من جيوب الناس، ولو كانوا كارهين.

ولا يخفى ما في ذلك من أكل لأموال الناس بالباطل، لأنه يقوم على الخداع والكذب والدجل.

وفي هذا عدوان على أموال الناس ولو كان برضاهم.