تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: شبهات منكري المهدي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي شبهات منكري المهدي

    الشبهة الأولى: يقولون: (لم يرد أيّ إشارة إلى المهدي في القرآن ولا حجة فيما سوى القرآن)، وهذه شبهة القرآنيين:

    - نقول: دعوى لا حجة فيما سوى القرآن لا تصدر من مؤمن بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم، فحجية السنة مما يعلم من دين الإسلام بالضرورة فهي معلومة للقاصي والداني وللعالم والجاهل.
    فنقول لهؤلاء: أين تجدوا صفة الوضوء وصفة الصلاة وصفة الحج وغيرها من العبادات، أليست من السنة؟، ألم يقل الله تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) الحشر: 7
    ولله دَرّ الشافعي فقد قال يومًا حديثًا، وقال: (إنه صحيح)، فقال له قائل: أتقول به يا أبا عبد الله؟ فاضطرب، وقال:
    (يا هذا أرأيتني نصرانيًّا؟ أرأيتني خارج من كنيسة؟ أرأيتني في وسطي زُنَّارًا؟ أروي حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أقول به). مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة: (صـ 6)، للسيوطي.

    - ولهؤلاء نقول: حكى بعض المفسرين ما يفيد الإشارة للمهدي ضمن حكايتهم وجوه تفسير قوله تعالى: (لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ). البقرة: 114
    نقل إمام المفسرين ابن جرير الطبري عن السُدي في قوله:
    (لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ)، أما خزيهم في الدنيا؛ فإنهم إذا قام المهدي، وفتحت القسطنطنية قتلهم، فذلك الخزي، وأما العذاب؛ فإنه عذاب جهنم لم يخفف عن أهله ولا يقضى عليهم فيها فيموتوا). جامع البيان: (2/ 525)، وحكى القرطبي عن السُدي وقتادة نحوه. انظر الجامع لأحكان القرآن: (2/ 79)، وحكى ابن كثير عن السُدي وعكرمة ووائل بن داود نحوه. انظر تفسيره: (1/ 204)، وبه قال الشوكاني في: (فتح القدير: (1/ 132).

    انظر كتابي: (الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: (جزء العقيدة: (صـ 210).


    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    الشبهة الثانية: قالوا: (إن أحاديث المهدي لا توجد في الصحيحين، ولا يصح الاحتجاج بحديث في غير الصحيحين، إلا إذا كان له أصل فيها أو في أحدهما).

    - نقول هذه المقولة دندن حولها كثير ممن أنكروا حقيقة المهدي، ابتداءًا من ابن خلدون ومرورًا بمحمد رشيد رضا، وانتهاءًا بمحمد سليم العوا ومن على شاكلته.
    فلهم نقول: إن هذه الدعوى غير صحيحة؛ بل في الصحيحين ما يشير إلى المهدي دون ذكر لفظة المهدي، منها حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم)، وفي رواية: (وأمَّكم). متفق عليه: البخاري: (3449)، ومسلم: (155).
    وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول:
    لا إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة لهذه الأمة). مسلم: (156).


    وقد صحت الروايات التي فيها ذكر المهدي وللحمد لله والمنَّة، كما نصَّ على ذلك جهابذة الحديث وحرَّاسه، كالحافظ ابن حجر العسقلاني والسخاوي والسفاريني في لوائح الأنوار والكتاني في نظم المتناثر من الحديث المتواتر، والحافظ الفقيه ابن حجر الهيتمي، وابن تيمية وابن القيم والذهبي، والشوكاني والألباني وأحمد شاكر، وغيرهم.


    - كما أن القاعدة التي قعَّدوها باطلة وليس لها أساس من الصحة ولم يقل بها أحد من أهل العلم الثقات، فهي قاعدة محدثة مبتدعة باطلة، فمن المعلوم لدى صغار طلاب العلم فضلًا عن علمائها أن الصحيحين لم يجمعا كل ما صحَّ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذا قال الحاكم: (صنَّفا -أي البخاري ومسلم- في صحيح الأخبار في كتابين مهذَّبين انتشر ذكرهما في الأقطار ولم يحكمَا ولا واحد منهما أنه لم يصح من الحديث غير ما أخرجه). المستدرك: (1/ 2).


    انظر كتابي: (الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: (جزء العقيدة: (صـ 210 - 211).


    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    الشبهة الثالثة: قالوا جاء في الحديث: (لا مهدي إلا عيسى ابن مريم)، وهذا ينفي وجود مهدي أخر.

    فنقول: هذا الحديث ضعيف: رواه ابن ماجة (4039)، والحاكم (8363)، من حديث أنس بن مالك، وضعفه البيهقي والحاكم، وفيه: أبان بن صالح وهو متروك الحديث تحفة الأحوذي (13/6). والحديث مداره على: محمد بن خالد الجندي، قال الذهبي، قال الأزدي: منكر الحديث، وقال الحاكم: مجهول، وقال الحافظ في التقريب: مجهول، والحديث ضعفه ابن تيمية في منهاج السنة والألباني في الضعيفة (1/154).

    وعلى فرض صحته يكون معنى الحديث: أي: لا مهدي كامل إلا عيسى، ولا شك أنّ عيسى - عليه السلام - أكمل في الهداية من المهدي فيكون النفي المراد في الحديث نفي كمال، لا نفي وجود، هذا مع افتراض سلامة الحديث؛ بل هو ضعيف كما رأيت، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    جزاك الله خيرًا أبا البراء.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    الشبهة الرابعة: قالوا: (يستحيل عقلًا أن يهيأ في يوم لأمر الخلافة).

    فنقول أولًا: هؤلاء العقلانيون سمو بذلك لأنهم يغلبون العقل على كل شيء فما يتمخض عنه فهو الحق اليقين وهم يغلبونه على العاطفة والدين فما تقبله عقولهم فهو المعقول المقبول، وهم يفسرون الأشياء بإجتهادت عقلية ولو ناقضت كل التفاسير وأقوال العلماء السابقين.
    فبدءو أولًا بإنكار كرامات العلماء الصالحين وعللوها بانها منافية للطبيعة ولا يمكن حدوثها، ثم أنكرو سنة رسول الله وما روي من أحاديث وبلغ الأمر بالبعض منهم بوصفها بالخرافات والخزعبلات وأن الرواة ليسو ثقات وليسو فوق الشبهات وبذلك لا يعتد بما رووه ونقلوه ثم ذهبو إلى القرآن وأخذو يفسرونه كما يشاءون بما توحي به عقولهم بغض النظر عن كل التفاسير المعروفه التي كانت ولا زالت مراجع التفاسير.
    وقد قسَّمهم ابن القيم رحمه الله إلى خمس طوائف:
    فالطائفة الأولى: عارضت الوحي بعقولهم، وقدمت عليه العقل، فقالوا لأصحاب الوحي: لنا العقل ولكم النقل.
    والطائفة الثانية: عارضته بآرائهم وقياساتهم، فقالوا لأهل الحديث: لكم الحديث ولنا الرأي والقياس.
    والطائفة الثالثة: عارضته بأذواقهم وحقائقهم، وقالوا: لكم الشريعة ولنا الذوق والحقيقة.
    والطائفة الرابعة: عارضت الوحي بسياساتهم وتدبيرهم، فقالوا: أنتم أصحاب الشريعة ونحن أصحاب السياسة.
    والطائفة الخامسة: عارضته بالتأويل الفاسد، وادعوا أنهم يفهمون أكثر مما يفهمه أهل الحديث والفقه.
    ثم إنه إذا رُدَّ على كل من هؤلاء باطلة رجع إلى طاغوته وقال:
    في العقل ما لا يقتضيه النقل، وقال الآخر: في الرأي، والقياس ما لا يجيزه الحديث، وقال الثالث: في الذوق والحقيقة ما لا تسوِّغه الشريعة، وقال الآخر: في السياسة ما تمنع منه الشريعة.
    وقال أيضًا: فكيف يُظن أن شريعة الله الكاملة ناقصة تحتاج إلى سياسة خارجة عنها تكملها، أو إلى قياس أو معقول خارج عنها، ومن ظن ذلك فهو كمن ظن أن بالناس حاجة إلى رسول آخر بعد محمد.
    كما قال عنهم ابن تيمية رحمه الله عن حديثهم: (هو أخبث من لحم خنزير في صينية من ذهب).
    وقال الأصبهاني -رحمه الله-: (إذا رأيت الرجل إذا قيل له: لم لا تكتب الحديث؟ يقول: العقل أولى، فاعلم أنه صاحب بدعة).
    بل لقد ذهب الشافعي -رحمه الله- إلى أبعد من هذا، حيث جعل ترك السنة والاعتراض عليها وعدم الأخذ بها نوع جنون أو هو جنون وإن لم يكن حسيًّا، فقد قال -رحمه الله-: (متى عرفتُ لرسول الله حديثًا ولم آخذ به فأنا أشهدكم أن عقلي قد ذهب).
    ومن هنا وصف ابن تيمية -رحمه الله- العقل بالصنم إذا غلا فيه المرء وطغى، فقال -رحمه الله-: (والداعون إلى تمجيد العقل إنما هم في الحقيقة يدعون إلى تمجيد صنم سموه عقلًا، وما كان العقل وحده كافيًا في الهداية والإرشاد، وإلا لما أرسل الله الرسل).
    فنحن نرى الغيبيات بعين القلب الذي ينبض بالإيمان المصدق بكلام الرحمن وكلام خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم، فهي أول صفات المؤمنين، أنهم يؤمنون بالغيب، قال تعالى في أول صفات المؤمنين في سورة البقرة:
    (الذين يؤمنون بالغيب).

    ولشبهتهم هذه نقول: جاء في كتاب حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر: (ويؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم في المهدي أنه يصلحه الله في ليلته أن المهدي لا يعلم بنفسه أنه المهدي المنتظر قبل وقت إرادة الله إظهاره، ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشرف المخلوقات لم يعلم برسالته إلا وقت ظهور جبريل له بغار حراء حين قال له: اقرأ باسم ربك الذي خلق ـ وأما قبل ذلك فكان يرى منامات كثيرة تأسيسًا لرسالته وتقوية لقلبه، لكنه لم يعلم أن المراد منها تأسيس الرسالة، حتى أنه كان كلما رأى منامًا من تلك المنامات يخبر زوجته خديجة ـ رضي الله عنها ـ ويشكو إليها حاله، فكانت تثبته وتقول له كلامًا يقوي به قلبه، كما هو موضح في كتب الحديث، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد ظهور جبريل عليه السلام له وقوله: اقرأ باسم ربك.. فبالأولى أن المهدي المنتظر لا يعلم بأنه المهدي المنتظر إلا بعد إرادة الله إظهاره، ولذلك يمتنع من البيعة حتى يتهدد بالقتل ويبايع مكرهًا، فهذا هو سر قوله صلى الله عليه وسلم ـ يصلحه الله في ليلته ـ ليعلم من ذلك أنه لم يعلم أنه المهدي إلا وقت إرادة الله إظهاره ...).

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرًا أبا البراء.
    وجزاك مثله يالحبيب الغالي
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    الشبهة الخامسة: قالوا: (إن من العلماء من ضعَّف أحاديث المهدي جميعها كابن خلدون):

    نقول ابن خلدون ليس من علماء الحديث وليس له في هذا الشأن باع ولا ذراع كي يعتمد قوله في هذا، ولله دَرّ ابن حجر عندما قال:
    (وإذا تكلم المرء في غير فنه أتى بهذه العجائب).
    وقد تصدى للرد عليه ثُلة من أعلام السنة، وعابوه وخطّأوه،
    منهم:
    المباركفوري في تحفة الأحوذي في باب: (ما جاء في المهدي): (وقد بالغ الإمام المؤرخ عبد الرحمن بن خلدون المغربي في تاريخه في تضعيف أحاديث المهدي كلها فلم يصب؛ بل أخطأ ...).
    والشيخ أحمد شاكر، قال: (أما ابن خلدون فقد قفا ما ليس له به علم، واقتحم قحمًا لم يكن من رجاله، وغلبه ما شغله من السياسة، وأمور الدولة، وخدمة من كان يخدم من الملوك والأمراء، فأوهم أنّ شأن المهدي عقيدة شيعية أو أوهمته نفسه ذلك فعقد في مقدمته المشهورة فصلاً طويلاً جعل عنوانه، فصل في أمر الفاطمي وما يذهب إليه الناس من أمره ...).
    والشيخ الألباني، قال: (وقد أخطأ ابن خلدون خطأ واضحًا حيث ضعف أحاديث المهدي جُلها ولا غرابة في ذلك؛ فإن الحديث ليس من صناعته، والحق أن الأحاديث الواردة في المهدي فيها الصحيح والحسن وفيها الضعيف والموضوع، وتمييز ذلك ليس سهلًا إلا على المتضلع في علم السُّنة ومصطلح الحديث فلا تعبأ بكلام من يتكلم فيما لا علم له به).
    والشيخ عبد المحسن العباد، قال: (ابن خلدون مؤرخ وليس من رجال الحديث، فلا يعتد به في التصحيح والتضعيف! وإنما الاعتماد بذلك بمثل البيهقي، والعقيلي، والخطابي، والذهبي، وابن تيمية، وابن القيم، وغيرهم من أهل الرواية والدراية الذين قالوا بصحة الكثير من أحاديث المهدي).
    بل أزيدك من الشعر بيتًا، أن ابن خلدون كان مترددًا في مسألة إنكار المهدي ولم يجزم، واعترف بسلامة بعض الأحاديث الواردة في شأنه، حيث قال: (وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل والأقل منه). مقدمة ابن خلدون: (1/ 574).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: شبهات منكري المهدي

    حكم منكر المهدي:
    فقد بلغت أحاديث المهدي المنتظر حد التواتر كما ذكر ذلك أئمة الحديث، منهم: الحافظ ابن حجر العسقلاني والسخاوي والسفاريني في لوائح الأنوار والكتاني في نظم المتناثر من الحديث المتواتر، والحافظ الفقيه ابن حجر الهيتمي، والشوكاني.
    قال الشوكاني في الفتح الرباني: الذي أمكن الوقوف عليه من الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر خمسون حديثاً وثمانية وعشرون أثراً، ثم سردها مع الكلام عليها، ثم قال: وجميع ما سقناه بالغ حد التواتر كما لا يخفى على من له فضل اطلاع.
    وللإمام الشوكاني رسالة في هذا سماها:
    "التوضيح في تواتر ما جاء في الأحاديث في المهدي والدجال والمسيح".
    وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية بعد أن سرد بعض أحاديث المهدي فقال: وهذه الأحاديث غلط فيها طوائف.. طائفة أنكروها واحتجوا بحديث ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا مهدي إلا عيسى ابن مريم. وهذا حديث ضعيف، وقد اعتمد أبو محمد بن الوليد البغدادي وغيره عليه، وليس مما يعتمد عليه.
    وقد سئل ابن حجر الهيتمي عمن أنكر المهدي الموعود به فأجاب: أن ذلك إن كان لإنكار السنة رأسا فهو كفر يقضى على قائله بسبب كفره وردته فيقتل، وإن لم يكن لإنكار السنة وإنما هو محض عناد لأئمة الإسلام فهو يقتضي التعزير البليغ، والإهانة بما يراه الحاكم لائقاً بعظيم هذه الجريمة، وقبح هذه الطريقة، وفساد هذه العقيدة، من حبس وضرب وصفع وغيرها من الزواجر عن هذه القبائح ويرجعه إلى الحق راغماً على أنفه، ويرده إلى اعتقاده ما ورد به الشرع ردعاً عن كفره. انتهى.
    فإن من أنكر المتواتر بعد العلم به من غير تأول، يكون كافراً، كما قال ابن دقيق العيد في شرح العمدة: والحق أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة, إلا بإنكار متواتر من الشريعة عن صاحبها, فإنه حينئذ يكون مكذبا للشرع. اهـ.
    وذكر شيخ الإسلام في المجموع 12/497 قريبا من هذا حيث يقول عن الواجبات المتواترة، والمحرمات المتواترة: والجاحد لها كافر بالاتفاق. اهـ. وقال إسحاق بن راهويه: من بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر يقر بصحته، ثم رده بغير تقية، فهو كافر.
    وقال السيوطي: من أنكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم الثابت عنه، كفر وخرج عن دائرة الإسلام. اهـ.
    ولكنه لا بد في تكفير المعين من إقامة الحجة عليه، وإزالة شبهته كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط، حتى تقام عليه الحجة، وتُبيَّن له المحجة. ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل عنه ذلك بالشك؛ بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة. اهـ.
    وفي شأن تواتر أحاديث المهدي، قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
    أما إنكار المهدي المنتظر بالكلية كما زعم ذلك بعض المتأخرين فهو قول باطل; لأن أحاديث خروجه في آخر الزمان، وأنه يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا، قد تواترت تواترا معنويا وكثرت جدا، واستفاضت، كما صرح بذلك جماعة من العلماء, منهم أبو الحسن الآبري السجستاني من علماء القرن الرابع, والعلامة السفاريني، والعلامة الشوكاني وغيرهم, وهو كالإجماع من أهل العلم. انتهى.

    والله أعلم.
    منقول من إسلام ويب

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •