تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: ولي نعجة واحدة

  1. #1

    افتراضي ولي نعجة واحدة

    في قوله تعالى: {وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب (20) وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب (21) إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط (22) إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب (23) قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب (24) فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب (25) ياداوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب (26)}



    يقول الباحث محمد الأمين بارك الله فيه: ((في سياق ذكر الله عز وجل لنعمه على عبده داود وثناءه على عبادته وتسبيح الجبال والطير معه، وحسن تدبيره للحكم، يذكر مثالا على التوازن بين العبادة وبين إدارة الحكم، فيذكر أن داود قد خلى لتعبد في مكان عبادة له سور، وتخاصم رجلان حول خرافهما، ولم يجدا داود، فتسلقا السور ودخلا عليه، فتفاجئ بهما، فأخبراه قصتهما وأنهما يطلبان الحكم الشرعي بالمسألة {واهدنا إلى سواء الصراط}. فحكم بينهما بالعدل، ثم ظن أنه مقصر بالاعتزال عن الناس الذين يحتاجونه للحكم وتعلم الشرع، فاستغفر ربه، فغفر له ربه وأثنى على عدله وحسن إدارته لرعيته.






    الذين فسروا هذه الآية بدون الإسرائيليات قد اختلفوا في السبب الذي دعا داود للاستغفار:



    1- يذهب الرازي وابن حبان وتبعه الطنطاوي أن السبب هو ظن داود عليه السلام أن هذين الخصمين أتيا لاغتياله. والجواب أن هذا الظن ليس ذنباً ليستغفر منه، فمن حقه أن يخاف عندما يتفاجئ باثنين في محرابه المغلق.



    2- يذهب قوم إلى أن السبب هو تعجل داود هو حكمه على واحد دون أن يسمع من الآخر. وقد رد ابن حبان على من يقول ذلك بقوله: «{قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} ليس هذا ابتداء من داود، عليه السلام، إثر فراغ لفظ المدعي، ولا فتيا بظاهر كلامه قبل ظهور ما يجب، فقيل ذلك على تقدير، أي لئن كان ما تقول، لقد ظلمك. وقيل: ثم محذوف، أي فأقر المدعى عليه فقال: لقد ظلمك، ولكنه لم يحك في القرآن اعتراف المدعى عليه، لأنه معلوم من الشرائع كلها، إذ لا يحكم الحاكم إلا بعد إجابة المدعى عليه».



    3- ويذهب قوم إلى أن السبب هو إدراك داود عليه السلام أنه انشغل بالعبادة عن الحكم. فقد اعتزل في محراب له سور ومنع الناس من دخوله. وقد جاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم أن داود أعبد البشر. فجاءت الخصوم، ولم يجدوا له طريقًا، فتَسَوَّرُوا إليه، وليسوا بملائكة، إنما هم قومٌ تخاصموا في النِّعاج على ظاهر الآية، فحكم بينهم بالعدل. ثم ظن أن هذا كان تنبيهاً من الله عز وجل، فاستغفر ربه من انشغاله عن القضاء بين الناس.



    والصواب هو القول الأخير لأنه موافقٌ لظاهر القرآن، فقد قال الله عز وجل قبل القصة مباشرة {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ}، فقد أثنى على عدله وحسن حكمه لمُلكه، ثم ذكر الله القصة، ثم ختمها بقوله: {يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ، فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ. وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ...} فالله تبارك وتعالى يحذره من أن يُقصّر في الحكم بين الناس بالعدل. ))



    انتهى كلام الأخ العزيز محمد الأمين



    وهذا الذي رجحه ضعيف من وجوه:



    الأول: أن سرد الشكاية وسرد الحكم الذي حكم به داوود عليه السلام يدل على أن الحكمة من هذا السياق أبعد من مجرد التنبيه على خطورة الاعتكاف عن الناس، فكان يمكن الاكتفاء بذكر التسور وفقط.

    الثاني: أن اعتزال الناس في المحراب لا يليق بعوام الناس بكيف يليق بالأنبياء فهذا بعيد أن يحدث من نبي إلا إذا كان باذن الله ووحيه.

    والذي يظهر أنه عليه السلام نسي فتسرع في الحكم، فأناب عندما تذكر، وسياق الآيات يدلك على ذلك، ويؤيد ذلك ما يأتي:

    أولا: لفظة: {تسوروا}، ولفظة: {نعجة}، ولفظة: {فصل الخطاب}، فعند التأمل نجد أن الشاكي قال: {له تسعة وتسعين نعجة}، ويستحيل أن يوجد شخص عنده تسعة وتسعين نعجة بدون ذكور ووِلْد، ولكن الشاكي أراد أن يختصر قوله ويفصل الخطاب بلفظة تدل على مراده بسرعة، ويؤثر في نبي الله داوود، فالذي عنده قطيع ليس فيه إلا نعجة واحدة فمن الغبن أن يبيع هذه النعجة فينقطع نسل القطيع كله، وأما لفظة تسوروا جاءت اعتذارا لنبي الله داوود عليه السلام فهو معذور فقد تفاجأ بهؤلاء وربما أصابه الذعر ولم يكن مستعدا لهم، خاصة وأنه كان مشغولا بالمناجاة، وذهنه غير صاف.

    ثانيا: أنه سبحانه جمع بين قول داوود وإنابته في آية واحدة ولم يفصل بينهما فدل ذلك أن أن قوله كان سببا في إنابته، فقد بدأت الآية رقم 24 بقوله تعالى: {قال}، وختمت بقوله تعالى: {وأناب}.

    هذا والله أعلى، وأعلم، وأحكم،،،



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2016
    المشاركات
    159

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المعتز بالله مشاهدة المشاركة
    يذهب قوم إلى أن السبب هو تعجل داود هو حكمه على واحد دون أن يسمع من الآخر. وقد رد ابن حبان على من يقول ذلك بقوله: «{قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} ليس هذا ابتداء من داود، عليه السلام، إثر فراغ لفظ المدعي، ولا فتيا بظاهر كلامه قبل ظهور ما يجب، فقيل ذلك على تقدير، أي لئن كان ما تقول، لقد ظلمك. وقيل: ثم محذوف، أي فأقر المدعى عليه فقال: لقد ظلمك، ولكنه لم يحك في القرآن اعتراف المدعى عليه، لأنه معلوم من الشرائع كلها، إذ لا يحكم الحاكم إلا بعد إجابة المدعى عليه».
    =
    رجحه
    ضعيف من وجوه:
    مارجحه الأمين بالغ الضعف والوهاء أخي الفاضل, ولا أرد هنا لهذا السبب,
    فقط أرد على ماتم نسبته لسيد قطب رحمه الله
    فهو قول قديم جداً, اظن في تفسير الجصاص او تفسير قريب لزمنه والله اعلم, وهو الأكثر وجاهة, وأراد الله بعد ان منحه خصائص فريدة في القضاء ان يمتحنه ويبين فضله ونعمته عليه.
    فسيدنا داود بعد أن تحدث أحدهم, رد فوراً: لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ
    فهو حكم ان الأخ ظالم ثم بين حال الخلطاء وأن بعضهم يبغي على بعض, كأنه أراد ان يعظ الآخر ويسلي من بدأ الشكوى,

    رغم أنهم نبهوه قبل ذلك: لا تشطط
    والله أجل وأعلم
    مايخص ماورد في الاسرائيليات فهو قول ممجوج, وقد قالوا يد الله مغلولة غلت أيديهم, فلن يتوروعوا عن نسج تلك الحكاوي على الانبياء.

  3. #3

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا

  4. #4

    افتراضي

    وجزاكم وأحسن الله إليكم،،،

  5. #5

    افتراضي

    الأخ العزيز/ أبو العزايم
    شاركني هذا المقال، وكان هذا هو الرد


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو العزايم عبد الحميد مشاهدة المشاركة
    [قال] الحافظ ابن كثير ... فالأولى أن يقتصر على مجرد تلاوة هذه القصة


    كلامه صحيح، ولكن لا بأس أن نبني على مفهوم قطعي أو ألفاظ قطعية، وأما أن نبني الحكم على مفهوم راجح أو مرجوح فهذا يوقع في الخطأ ولا محالة


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو العزايم عبد الحميد مشاهدة المشاركة
    الوقفة الثانية:- ليس في ألفاظ الاية ... أما استنباط الخطأ من عبارة" فاستغفر ربه "


    بارك الله فيك، مغفرة الذنب كما تكرمت تكون رفعة في درجة الأنبياء بدون صدور الخطأ، وتكون عند الخطأ، كما معنا هنا، والآية واضحه قال تعالى: فغفرنا له ذلك ، ولم يقل فغفرنا له فقط ولكن أكد بالإشارة إلى شيء في القصة كما سيأتي.


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو العزايم عبد الحميد مشاهدة المشاركة
    الوقفة الثالثة:... وهنا تنبّه داوود أن الرعية يحدث بينها مظالم تحتاج الى رعاية دائمة ينبغي الا ينشغل عنهم بالعبادة فلا يجد المظلوم من يدافع عنه


    بارك الله فيك، هذا ظن منك ومن كثير من المفسرين، ولكن الآيات لم تسند في القصة إلى داوود أي فعل إلا الآتي: الأول: الخوف بعد التسور، الثاني: أقوال، الثالث: الإنابة، فلم يقل كان يصلى ولم يقل اعتكف أو اعتزل وإنما أبهم حاله قبل الفزع، فليس لنا أن نبحث في حاله قبل الفزع، بل عليك أن تفكر في كلمة الفزع، وأنها كانت سببا في الخطأ، ثم جاء قوله تعالى: فغفرنا له ذلك، و ذلك ، وجودها هنا تعود على أحد الأقوال أو كلها، ولا يمكن أن تعود على أي مفهوم فهمه بعض المفسرين، لأن هذه المفاهيم ظنيه ليس في ألفاظ الآيات ما يؤيدها.

    وراجع معي سياق الآيات:

    1- داوود داخل المحراب وليس من سبيل إليه إلا التسور، كل المفسرون متفقون على ذلك.
    2- داوود كان في غفلة عنهم، ولا يعلم بمكانهم وحاجتهم إليه بدليل، أنه فزع منهم. وأبهم القرآن سبب هذه الغفلة، وهي تحتمل أكثر من سبب وإذا رجحت سببا دون الآخر فأنت تركت النص، واتبعت الظن.
    3- أيا كان السبب فالفزع أعقبه قول أعقبه توبة، وكأن الفزع سببا في القول والخطأ، والقول كان سببا في التوبة.

    على هذا فعلى القاضي أن لا يقضي في أي حكم وهو فزع أو جائع أو نعسان أو غير مستعد، أو ذهنه مشغول بالقرآن أو غير ذلك، وإنما عليه أن يختار الوقت والمكان والحال المناسب، فإبهام القرآن لحال داوود الحكمة منه أن نستنبط أن على القاضي ألا يحكم وهو غير مستعد للحكم، هذا الذي يظهر من سياق السورة ومن الألفاظ، وينبغي ألا نشغل أنفسننا إلا بمفاهمم ألفاظ الآيات، وأما الانشغال بأنه انشغل بالعبادة عن الناس، أو العكس، أو غير ذلك، فهذا سيؤدي إلى تفسير خاطئ.


    أسأل الله لي ولك ولكل المشتغلين بالقرآن السداد والفلاح في الدنيا والآخرة،،،

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •