تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: تعقيب على أحمد الحازمي في إقراره دليل الحدوث بصيغته الكلامية

  1. #1

    افتراضي تعقيب على أحمد الحازمي في إقراره دليل الحدوث بصيغته الكلامية

    تعقيب على أحمد الحازمي في إقراره دليل الحدوث بصيغته الكلامية

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
    أما بعد :

    قال الحازمي في شرح سلم الخضري :" فالمقدمة الأولى تسمى صغرى، العالم متغير، وكل متغير حادث، الأولى العالم متغير هذه صغرى، والثانيى التي تليها كبرى، إذا أردت القياس الاقتراني بل مطلقًا وجب تقديم الصغرى على الكبرى، (وَرَتِّبِ المُقَدِّماتِ) بأن تقدم الصغرى منها على الكبرى، ما هي الصغرى وما هي الكبرى؟
    نقول: الصغرى هي المشتملة على موضوع النتيجة، ما هي النتيجة؟
    العالم حادث.
    العالم أين وجد في أي المقدمتين؟
    الأولى، العالم متغير.
    إذًا هذه هي الصغرى لأن كلمة العالم جاءت أولى الموضوع وجاءت في النتيجة هي الموضوع.
    العالم متغير، وكل متغير حادث، العالم حادث. إذًا العالم حادث هذه النتيجة موضوعها كلمة عالم، العالم أين وجدت؟
    وجدت في مقدمة وهي العالم متغير، إذًا هذه هي الصغرى.
    يلزم منه أن الكبرى ما اشتملت على محمول النتيجة وهو كلمة حادث، أين وجدت؟ وجدت في المقدمة التي هي بعنوان: كل متغير حادث، وتجعلها كبرى"


    أقول : لا حول ولا قوة إلا بالله هنا يتكلم الحازمي بدليل الحدوث الكلامي الذي وصفه ابن تيمية بأنه ينبوع البدع


    وقبل بيان الرد والإشكال في كلامه أشرح المسألة


    الفلاسفة المنتسبين للإسلام كابن سينا وأضرابه كانوا يقولون بقدم العالم تقليداً لأرسطو مع قولهم بوجود الإله


    وعدد من الفلاسفة قالوا بأن الله صدرت منه العلة الفاعلة والعلة الفاعلة هي التي كونت هذا الكون


    والعلة الفاعلة صارت المسيح في قول بعض النصارى فهو مخلوق من وجه خالق من وجه


    وأما المتكلمون فيقولون كما يقول أهل الملل بأن هذا العالم متأخر عن الإله واستدلوا على عدم قدم العالم بحجة الحدوث بمعنى أننا نرى هذا العالم تحل به الحوادث ( والحوادث هي الأمور التي تقع بعد إن لم تكن كالحركات ) وما حلت به الحوادث لم يخل منها وما لم يخل منها فهو حادث لاستحالة اجتماع الحدوث والقدم


    ولكنهم بسبب هذه الحجة التزموا أن الله عز وجل لا تقوم به الأفعال لأنها لو قامت به لانطبقت عليه قاعدتهم ( ما حلت به الحوادث فهو حادث )


    وتكلفوا لأجله نفي الصفات


    وألزمهم الفلاسفة بعدة إلزامات ليس هذا محل بسطها


    وأما ابن تيمية فأجابهم بأنه مع تسليم صحة قاعدتهم المزعومة فإن أفعال الله لا أول لها يعني جنسها قديم وبناءً عليه لا تنطبق عليه قاعدة ما حلت به الحوادث فهو حادث إذا قامت به الأفعال وبين أن هذا مذهب واستدل بما روي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى : ( وكان الله سميعاً بصيراً ) قال لم يزل كذلك


    والبحث أعمق من هذا ولكن أعطيكم فكرة


    وأما حدوث المخلوقات فهذا ضروري المعرفة ودفع بعض الفلاسفة له سفسطة يظهر من موتها وحياتها ونقصها الظاهر وأمور أخرى


    فلا داعي لذلك البرهان المزعوم الذي قدمه المتكلمون والتزموا لأجله نفي الصفات


    وأما الملاحدة اليوم فسلموا للمتكلمين بحدوث العالم وهذا يلزمهم بأن يكون مخلوقاً لخالق لأن كل حادث لا بد له من محدث مؤثر لأن الانتقال من حالة العدم إلى حالة الوجود لا بد لها من سبب مؤثر


    فإما أن يكون الشيء خلق نفسه وهذا ممتنع لأن المعدوم لا يفعل ، وإما أن يكون انتقل من العدم إلى الوجود بلا سبب وهذا يناقض بديهية السببية




    فما كان صنيع القوم أمام هذا دائماً يطرحون السؤال الشيطاني السخيف ( فمن خلق الله ) ولماذا لا ينطبق عليه قانون السببية تعالى الله عما يقولون




    وهذا السؤال طرحه دوكنز واعتبره أقوى حجة ضد المؤمنين وقد سخر منه الملحد الآخر مايكل روس لأنها حجة قديمة وقد تم تفنيدها




    أنا أسألك من طبخ الطعام فتقول فاطمة فأقول لك فمن طبخ فاطمة ؟




    هذا سؤال أخرق أشد خرقاً منه سؤال من خلق الله لأن الخالق لا يكون مخلوقاً




    وإليك بيان ذلك أكثر هناك شيء اسمه امتناع التسلسل في المؤثرات




    فنحن إذا رأينا حدث لا يفسر نفسه لأنه جاء بعد أن لم يكن فلا بد أن يؤثر فيه مؤثر وهذا المؤثر إذا تأثر بغيره فلا بد أن نأتي إلى مؤثر لا يتأثر بغيره وإلا لزم عدم وجود الشيء




    مثال ذلك جندي يريد إطلاق رصاصة ( الرصاصة هي هذا العالم ) فإن قلنا للجندي لا تطلق حتى يطلق صاحبك وقلنا لكل صاحب لا تطلق حتى يطلق الذي قبلك إلى ما لا بداية فهذا معناه أن الرصاصة لم تنطلق أبداً




    فإذا رأينا الرصاصة انطلقت ( كما نرى العالم موجوداً ) فهذا معناه أن هناك جندي لا ينتظر الأوامر من غيره وهو المؤثر الذي لا يتأثر بغيره أو متوقف على غيره




    ولعل المرء السلفي سيظن هذا الكلام أجنبياً عن السنة ولكن هذه الحجة الدامغة استخدمها السلف في الرد على الجهمية القائلين بخلق القرآن




    فالله عز وجل يقول ( إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) فلو كانت (كن ) مخلوقة لاحتاجت إلى كن أخرى إلى ما لا بداية وهذا يعني أن الخلق لن يحصل ولكن كن من ذات الله وهي كلامه وهي غير مخلوقة فلا تحتاج إلى كن أخرى هذه الحجة ذكرها الخلال في السنة واللالكائي أيضاً وذكروا أن الإمام أحمد أقرها واستحسنها فمنع التسلسل في المؤثر معلوم عند السلف الكرام وهم رأس في كل حجة قوية بل استخرجوها من النصوص رضي الله عنهم


    فالملاحدة المعاصرون أقروا بحدوث العالم ورفضوا أن يكون لحدوثه سبب مؤثر فخالفوا بذلك كل من سبقهم من البشر


    وبهذا الإقرار من القوم نعلم الشق الأول من دليل الحدوث في إثبات حدوث العالم لا حاجة له اليوم في الحقيقة على أنه كان دافع القوم لتعطيل الصفات


    والآن نأتي للعبارة التي استخدمها أحمد الحازمي ( التغير دليل الحدوث ) هذه من أشهر عباراتهم ويستخدمونها دائماً إذا أرادوا تعطيل نصوص الصفات الفعلية


    والآن ندع المجال لحية الوادي في هذا الشأن شيخ الإسلام ابن تيمية ليشرح لنا بطلان قولهم وما فيه من إجمال


    قال ابن تيمية في جامع الرسائل :" وإيضاح ذَلِك: أَن لفظ " التَّغَيُّر " لفظ مُجمل فالتغير فِي اللُّغَة الْمَعْرُوفَة لَا يُرَاد بِهِ مُجَرّد كَون الْمحل قَامَت بِهِ الْحَوَادِث فَإِن النَّاس لَا يَقُولُونَ للشمس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب إِذا تحركت: إِنَّهَا قد تَغَيَّرت وَلَا يَقُولُونَ للْإنْسَان إِذا تكلم وَمَشى إِنَّه تغير وَلَا يَقُولُونَ إِذا طَاف وَصلى وَأمر وَنهى وَركب إِنَّه تغير إِذا كَانَ ذَلِك عَادَته بل إِنَّمَا يَقُولُونَ تغير لمن اسْتَحَالَ من صفة إِلَى صفة كَالشَّمْسِ مَا زَالَ نورها ظَاهرا لَا يُقَال إِنَّهَا تَغَيَّرت فَإِذا اصْفَرَّتْ قيل قد تَغَيَّرت.
    وَكَذَلِكَ الْإِنْسَان إِذا مرض أَو تغير جِسْمه بجوع أَو تَعب قيل قد تغير وَكَذَلِكَ إِذا تغير خلقه وَدينه مثل أَن يكون فَاجِرًا فيتوب وَيصير برا أَو يكون برا فينقلب فَاجِرًا فَإِنَّهُ يُقَال قد تغير.
    وَمِنْه الحَدِيث: " رَأَيْت وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متغيرا "، وَهُوَ لما رأى بِهِ أثر الْجُوع، وَلم يزل يرَاهُ يرْكَع وَيسْجد، فَلم يسم حركته تغيرا.
    قَالَ الله تَعَالَى: {إِن الله لَا يُغير مَا بِقوم حَتَّى يُغيرُوا مَا بِأَنْفسِهِم} . وَمَعْلُوم أَنهم إِذا كَانُوا على عَادَتهم الْمَوْجُودَة يَقُولُونَ ويفعلون مَا هُوَ خير لم يَكُونُوا قد غيروا مَا بِأَنْفسِهِم فَإِذا انتقلوا عَن ذَلِك فاستبدلوا بِقصد الْخَيْر قصد الشَّرّ وباعتقادهم الْحق اعْتِقَاد الْبَاطِل قيل: قد غيروا مَا بِأَنْفسِهِم مثل من كَانَ يحب الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فَتغير قلبه وَصَارَ لَا يحب الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فَهَذَا قد غير مَا فِي نَفسه.
    وَإِذا كَانَ هَذَا " معنى التَّغَيُّر " فالرب تَعَالَى لم يزل وَلَا يزَال مَوْصُوفا بِصِفَات الْكَمَال منعوتا بنعوت الْجلَال وَالْإِكْرَام وكماله من لَوَازِم ذَاته فَيمْتَنع أَن يَزُول عَنهُ شَيْء من صِفَات كَمَاله وَيمْتَنع أَن يصير نَاقِصا بعد كَمَاله.
    و" هَذَا الأَصْل " عَلَيْهِ يدل قَول السّلف وَأهل السّنة: أَنه لم يزل متكلما إِذا شَاءَ وَلم يزل قَادِرًا وَلم يزل مَوْصُوفا بِصِفَات الْكَمَال وَلَا يزَال كَذَلِك فَلَا يكون متغيرا.
    وَهَذَا معنى قَول من يَقُول: يَا من يُغير وَلَا يتَغَيَّر، فَإِنَّهُ يحِيل صِفَات الْمَخْلُوقَات ويسلبها مَا كَانَت متصفة بِهِ إِذا شَاءَ، ويعطيها من صِفَات الْكَمَال مَا لم يكن لَهَا، وكماله من لَوَازِم ذَاته؛ لم يزل وَلَا يزَال مَوْصُوفا بِصِفَات الْكَمَال قَالَ تَعَالَى {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه} وَقَالَ تَعَالَى: {كل من عَلَيْهَا فان} {وَيبقى وَجه رَبك ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام} .
    وَلَكِن " هَؤُلَاءِ النفاة " هم الَّذين يلْزمهُم أَن يكون قد تغير؛ فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: كَانَ فِي الْأَزَل لَا يُمكنهُ أَن يَقُول شَيْئا؛ وَلَا يتَكَلَّم بمشيئته وَقدرته؛ وَكَانَ ذَلِك مُمْتَنعا عَلَيْهِ لَا يتَمَكَّن مِنْهُ ثمَّ صَار الْفِعْل مُمكنا يُمكنهُ أَن يفعل"


    الإلزام الأخير عظيم فهم يقولون بأن أفعاله لها أول فهذا معناه أنه لم يكن يفعل ثم فعل وهذا تغير في الحقيقة على اصطلاحهم ولكن عامتهم في حقيقة قوله ينكر أنه فاعل بالمعنى الذي نعرفه لهذا يحترز الأشعرية من إثبات الكلام المتعلق بالمشيئة وهذا السمع والبصر الفعلي يحترزون منه وحتى إنكارهم للحرف والصوت متفرع عن كون هذه الأمور إنما تكون متعلقة بالمشيئة


    ثم إن تغير المؤثر يختلف عن تغير المتأثر


    ثم إنه لا فرق في الحقيقة بين أفعال الله المتعدية ( كالخلق والرزق ) وأفعاله القائمة بذاته


    قال ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية :" لكن هذه مسألة حلول الحوادث وقد ذكر الرازي أنه ليس في الأدلة العقلية ما يحيلها وأن القول بها يلزم كل الطوائف"


    وهذا الاعتراف من الرازي كان ابن تيمية باستمرار يذكره ويحتج به


    وقال في جامع الرسائل :" (الْحجَّة الثَّالِثَة) لَهُم: أَنهم قَالُوا: لَو قَامَت بِهِ الْحَوَادِث للَزِمَ " تغيره " والتغير على الله محَال وأبطلوا هم " هَذِه الْحجَّة " الرَّازِيّ وَغَيره؛ بِأَن قَالُوا: مَا تُرِيدُونَ بقولكم: لَو قَامَت بِهِ للَزِمَ تغيره، أتريدون بالتغير نفس قِيَامهَا بِهِ أم شَيْئا آخر؟ فَإِن أردتم الأول كَانَ الْمُقدم هُوَ الثَّانِي والملزوم هُوَ اللَّازِم وَهَذَا لَا فَائِدَة فِيهِ فَإِنَّهُ يكون تَقْدِير الْكَلَام لَو قَامَت بِهِ الْحَوَادِث لقامت بِهِ الْحَوَادِث وَهَذَا كَلَام لَا يُفِيد.
    وَإِن أردتم بالتغير معنى غير ذَلِك فَهُوَ مَمْنُوع فَلَا نسلم أَنَّهَا لَو قَامَت بِهِ لزم " تغير " غير حُلُول الْحَوَادِث فَهَذَا جوابهم."


    وقال في منهاج السنة :" وَامْتُحِنَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ [بْنُ حَنْبَلٍ] (4) وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، وَثَبَّتَ اللَّهُ الْإِمَامَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَجَرَتْ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ [مَعْرُوفَةٌ] (5) ، وَانْتَشَرَ بَيْنَ الْأُمَّةِ النِّزَاعُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، قَامَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كُلَّابٍ الْبَصْرِيُّ، وَصَنَّفَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَ ةِ مُصَنَّفَاتٍ، وَبَيَّنَ تَنَاقُضَهُمْ [فِيهَا] (6) ، وَكَشَفَ كَثِيرًا مِنْ عَوْرَاتِهِمْ، لَكِنْ سَلَّمَ لَهُمْ ذَلِكَ الْأَصْلَ الَّذِي هُوَ يَنْبُوعُ الْبِدَعِ، فَاحْتَاجَ لِذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ الرَّبَّ لَا تَقُومُ بِهِ الْأُمُورُ الِاخْتِيَارِيّ َةُ، وَلَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَلَا نَادَى مُوسَى حِينَ جَاءَ الطُّورَ، بَلْ وَلَا يَقُومُ بِهِ نِدَاءٌ حَقِيقِيٌّ، وَلَا يَكُونُ [إِيمَانُ] (7) الْعِبَادِ وَعَمَلُهُمُ الصَّالِحُ هُوَ السَّبَبُ فِي رِضَاهُ وَمَحَبَّتِهِ، وَلَا كُفْرِهِمْ هُوَ السَّبَبُ فِي سُخْطِهِ وَغَضَبِهِ، فَلَا يَكُونُ بَعْدَ أَعْمَالِهِمْ لَا حُبَّ وَلَا رِضَا وَلَا سُخْطَ وَلَا فَرَحَ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا أَخْبَرَتْ بِهِ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ"


    فإن قيل : أن الحازمي لم يرد المعنى الفاسد


    فيقال : هذا درس للمبتدئين وهذه ألفاظ القوم التي لا يستخدمونها إلا بالباطل والمجملات في مثل هذا المقام مذمومة


    قال ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل :" ولهذا يجب على من يريد كشف ضلال هؤلاء وأمثالهم: أن يوافقهم على لفظ مجمل حتى يتبين معناه، ويعرف مقصوده، ويكون الكلام في المعاني العقلية المبينة، لا في معان مشتبهة بألفاظ مجملة"


    وقال أيضاً في الدرء :" فليست هذه من الحجج الشرعية التي يجب علي الناس إجابة من دعا إلي موجبها، فإن الناس إنما عليهم إجابة الرسول فيما دعاهم إليه، وإجابة من دعاهم إلي ما دعاهم إليه الرسول صلي الله عليه وسلم، لا إجابة من دعاهم إلي قول مبتدع، ومقصود المتكلم بها مجمل لا يعرف إلا بعد الاستفصال والاستفسار، فلا هي معروفة في الشرع، ولا معروفة بالعقل إن لم يستفسر المتكلم بها"


    ومن أعجب ما في شرح الحازمي المشار إليه قوله :" علم مشوب بِشُبَه الفلاسفة. يعني: فيه شيء دخيل من علم الفلسفة.
    النوع الثاني: علم خالص من شُبَه الفلاسفة. يعني: ليس فيه شيء من الفلسفة البتة.
    هذان نوعان لعلم المنطق، الناظم رحمه الله تعالى أراد أن يبين المنطق الذي ليس مشوبًا بعلم الفلاسفة فجره ذلك إلى إدخال الخلاف في النوع الأول قلنا: العلم علمان: مشوب بعلم الفلاسفة هذا وقع فيه نزاع هل يحوز قراءة هذه الكتب ويتعلم طالب العلم هذا المنطق أو لا؟ هذا محل خلاف وهو الذي ذكره الناظم هنا، وأما النوع الثاني وهو: علم المنطق الخالص. يعني: المصفى الذي صفاه العلماء وخلصوه من شبه الفلاسفة ولم يكن فيه شيء من الشبه التي أدخلها الفلاسفة، هذا العلم النوع الثاني متفق على جواز الاشتغال به، وحكي الإجماع على ذلك"


    وهذا كلام لا يدري المرء بماذا يعلق عليه فهو بمنزلة من يقول أشرب الماء ولا يصل إلى جوفي


    فعلم المنطق وضعه أصلاً أرسطو الفيلسوف فكيف يكون هناك منطق ( كالذي يدرسه الحازمي ) وهو خال من كلام الفلاسفة !


    لقد تضمن القرآن والسنة وكلام العلماء المنتهى في الحجاج في أهم مطالب الدين في الإلهيات والنبوات والمعاد وما عرف الناس منطق أرسطو


    ولا زال الناس يعرفون التناقض والعموم والخصوص وغيرها معرفة بداهة لا ينازع بها إلا السوفسطائية وإنما تخفى بعض الأفراد فتحتاج إلى شرح لهذا جمع الفارابي الاستدلالات المنطقية من الأخبار النبوية !


    ولكن المنطق المذكور جمع فيه إلى جانب هذه البديهيات والمقدمات السليمة بعض اجتهادات الفلاسفة الباطلة وجعلت معها جنباً إلى جنب فيظن الجاهل أنها كلها بابة واحدة فيذهب يعارض النصوص إذا خالفت هذا


    ولهذا ما أحسن ما قال ابن تيمية ( لا يحتاج إليه ذكي ولا ينتفع به بليد ) لأن بعض البديهيات يعقدونها بألفاظ متقعرة


    والأمر كما قال محمد بن عرفة الورغمي في مختصره في المنطق :" حتى إن بعض من أدركناه من أشياخ الزمان كان يلمع ببعض ألفاظ مبادئ الفن في المسائل الفقهية فيما يدعيه ويفسره فيسكت بذلك عن مراجعته غير المشارك فيه سكوت الأخرس عما يتيقنه ويستبصره"


    وهذا يمارسه البعض اليوم والله المستعان


    ونحن أحوج إلى إتقان علوم الشريعة السلفية من التوسع في ميراث اليونان والإقبال على هذا مع البعد عن الأثر والإسناد علامة مرض كالذي أشار إليه الورغمي


    قال ابن تيمية في الرد على المنطقيين :" فإني كنت دائما أعلم أن المنطق اليوناني لا يحتاج إليه الذكي ولا ينتفع به البليد ولكن كنت أحسب أن قضاياه صادقة لما رأيت من صدق كثير منها.
    ثم تبين لي فيما بعد خطأ طائفة من قضاياه وكتبت في ذلك شيئا ثم لما كنت بالإسكندرية اجتمع بي من رأيته يعظم المتفلسفة بالتهويل والتقليد فذكرت له بعض ما يستحقه من التجهيل والتضليل. واقتضى ذلك أني كتبت في قعدة بين الظهر من الكلام على المنطق ما علقته تلك الساعة"


    وسلفنا فتحوا الفتوحات وحرروا الفقه والحديث والتفسير وردوا على كل الملل والنحل دون الاستعانة بشقاشق اليونان

    وأقح مما سبق قول الحازمي في تعليقه على شرح القومسي :" واعلم أن المنطق قسمان: قسم خال عن شبه الفلاسفة كهذا الكتاب و ((مختصر الإمام السنوسي))، ((وتأليف الكاتبي)) فهذا لا خلاف في جوازه، ولا يصد عنه إلا من لا معقول له، بل هو فرض كفاية لأن القدرة على رد شبه الفلاسفة لا تحصل إلا به، وردها فرض كفاية، "

    إذن السلف كانوا عاجزين عن الرد على الفلاسفة لأنهم ما درسوا منطق أرسطو وابن تيمية حين قال ( لا يحتاج إليه ذكي ) كان لا معقول عنده هذا كلام وقح وفيه اتهام للنصوص بالقصور عن القصد

    هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم


    - See more at: http://alkulify.blogspot.com.eg/2016....4pinKLKi.dpuf

  2. #2

    افتراضي

    ها الحازمي يقرر أكبر أصول جهم بن صفوان فما حكم عاذريه عند القوم؟ ابتسامة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •