قال شيخ لإسلام ابن تيمية رحمه الله:
الأزل
ليس شيئاً محدوداً يقف عنده العقل
، بل ما من غاية ينتهي إليها تقدير الفعل إلا والأزل قبل ذلك بلا غاية محدودة،
حتى لو فرض وجود مدائن أضعاف مدائن الأرض في كل مدينة من الخردل ما يملؤها، وقدر أنه كلما مضت ألف ألف سنة فنيت خردلة - فني الخردل كله والأزل لم ينته،
ولو قدر أضعاف ذلك أضعافاً لا ينتهي.
فما من وقت يُقدَّر إلا والأزل قبل ذلك.
وما من وقت صدر فيه الفعل إلا وقد كان قبل ذلك ممكناً.
وإذا كان ممكناً فما الموجب لتخصيص حال الفعل بالخلق دون ما قبل ذلك فيما لا يتناهى؟
وأيضاً فالأزل معناه عدم الأولية، ليس الأزل شيئاً محدوداً،
فقولنا: لم يزل قادراً،
بمنزلة قولنا: هو قادر دائماً،
وكونه قادراً وصف دائم لا ابتداء له،
فكذلك إذا قيل لم يزل متكلماً إذا شاء، ولم يزل يفعل ما شاء،
يقتضي دوام كونه متكلماً وفاعلاً بمشيئته وقدرته اهـ.
يقول شيخ الاسلام بن تيمية فى كتابه منهاج السنة النبوية الجزء الاول ص 172
فإن كان الرب
هو
الأول المتقدم على كل ما سواه
كان كل شيء متأخرا عنه
وإن قدر أنه لم يزل فاعلا فكل فعل معين ومفعول معين هو متأخر عنه
وإذا قيل الزمان مقدار الحركة
فليس هو مقدار حركة معينة كحركة الشمس أو الفلك
بل الزمان المطلق مقدار الحركة المطلقة
وقد كان قبل أن يخلق الله السماوات والأرض والشمس والقمر حركات وأزمنة
وبعد أن يقيم الله القيامه فتذهب الشمس والقمر تكون في الجنة حركات وأزمنة كما قال تعالى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً} سورة مريم وجاء في الآثار أنهم يعرفون الليل والنهار بأنوار تظهر من جهة العرش وكذلك لهم في الآخرة يوم المزيد يوم الجمعة يعرف بما يظهر فيه من الأنوار الجديدة القوية وإن كانت الجنة كلها نورا يزهر ونهرا يطرد لكن يظهر بعض الأوقات نور آخر يتميز به النهار عن الليل
فالرب تعالى إذا كان لم يزل متكلما بمشيئته فعالا بمشيئته
كان مقدار كلامه وفعاله الذي لم يزل
هو الوقت الذي يحدث فيه ما يحدث من مفعولاته وهو سبحانه متقدم على كل ما سواه التقدم الحقيقي المعقول-
قال المأربى
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي
والصواب: أن الإمكان نوعان:
إمكان ذهني، وهو تجويز الشيء، أو عدم العلم بامتناعه، محلّه الذهن.
والثاني: الإمكان الخارجي وهو المتعلق بالفاعل، أو المحلّ، مثل أن تقول: يمكن القادر أن يفعل،
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي
يقول الشيخ صالح ال الشيخأَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ،
وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيءٌ
)
) فأما الأول والآخر فهما اسمان لأزلية الرب جل وعلا وأبديته ،
فالأول متناه في الزمان من جهة الأولية
والآخر متناه في الزمان من جهة الآخرية
فهو جل وعلا بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله أول ليس قبله شيء لم يسبق ذاته جل وعلا ذات ولم يسبق صفاته جل وعلا صفات ولم يسبق أسماءه جل وعلا أسماء ولم يسبق أفعاله جل وعلا أفعال لأحد بل هو جل وعلا الأول الذي ليس قبله شيء ،
كذلك جل وعلا هو الآخر الذي ليس بعده شيء وهذا تفسير لمعنى الآخر في آية الحديد ?هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ? ففسرها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بقوله " أَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيءٌ "
فمعنى آخرية الله جل وعلا معنى كونه جل وعلا الآخر أنه جل وعلا الأبدي يعني الذي هو آخر أبدي بذاته وصفاته وأفعاله جل وعلا فليس بعده شيء جل وعلا
وهذا يدل على أن جميع المخلوقات من جهة الزمان أن الله جل وعلا محيط بها
فهو جل وعلا قبلها وبعدها كذلك الصفات والأسماء هو جل وعلا قبلها وبعدها كذلك الأفعال هو جل وعلا قبلها وبعدها سبحانه وتعالى
وفي هذا دليل على بطلان قول من قال إن أسماء الله محدثة أحدثها الخلق ،
وفيها دليل على بطلان قول من قال إن صفات الله جل وعلا اتصف بها بعد خلقه للخلق ،
وفيها دليل على بطلان قول من قال إن هذا العالم المنظور قديم أو أزلي كقول الفلاسفة ،
وفيها إثبات أن جنس المخلوقات قديم وأن الله جل وعلا يفعل ما يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه إذ إنه جل وعلا بصفاته أول
،
والصفات لا بد وأن تظهر آثارها في الخلق وأهل السنة يأخذون بالفرق بين هذين المقامين العظيمين
فيقولون إن هذا الاسم من أسماء الله الأول يدل على أنه جل وعلا أول بأسمائه وصفاته وأفعاله ولا بد لأسمائه من أن تظهر آثارها في خلقه ولا بد لصفاته أن تظهر آثارها ولا بد لأفعاله أن تظهر آثارها ،
فجنس ما تظهر فيه آثار أسماء الرب وصفاته وأفعاله قديم
وأما قول أهل الباطل فإنهم يقولون إن هذا العالم الذي نراه السماوت والأرض والأفلاك والنجوم أن هذا قديم هذا باطل
،
لأن الله جل وعلا أخبر أنه خلق هذه خلق السماوات والأرص ووصف لنا ذلك وأنه قدّر مقادير الخلق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وهذا يدل على أنها معروفة الأول
وأما جنس المخلوقات فلا تُحَد
وهذا يوضح الفرق بين قول أهل السنة وقول الفلاسفة وقول المعتزلة وقول الأشاعرة والماتريدية
[شرح الواسطية]