تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 136

الموضوع: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    قال الخلال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل، حدثني أبي -حنبل بن إسحاق- قال: قال عمي .............
    وكان اللَّه تعالى قبل أن يكون شيء، واللَّه تعالى الأول، وهو الآخر ولا يبلغ أحد حد صفاته، والتسليم لأمر اللَّه تعالى والرضا بقضائه، نسأل اللَّه التوفيق والسداد، إنه على كل شيء قدير.

    بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية



  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    .............
    وكان اللَّه تعالى قبل أن يكون شيء، واللَّه تعالى الأول، وهو الآخر
    نعم الله سبحانه وتعالى قبل كل شيئ ولا يلزم من هذا تعطيل الرب جل وعلا عن فعله - لا يمكن الفرار بهذا الى تعطيل الله عن فعله ونفى تسلسل الحوادث فى الماضى- الله تعالى متقدم على كل شيء، مهما يُفرض من مخلوقات متسلسلة فالله تعالى سابق لها، فكل مخلوق فالله تعالى خالقه، والمخلوق محدثٌ والله تعالى لم يزل.
    وهذه في الحقيقة تُشكِل على كثير من الناس؛ --قال الشيخ محمد خليل هرّاس في شرح النونية لابن القيم ص174:
    انقسم الناس في تسلسل الحوادث والآثار الى :

    (1)
    التسلسل في الماضي والمستقبل مذهب أهل السنة والجماعة

    (2)
    لا تسلسل لا في الماضي ولا في المستقبل مذهب الجهمية وأبو الهذيل

    (3)
    التسلسل في المستقبل دون الماضي وهو مذهب الجبائي وأبو الحسن الأشعري والباقلاني وجميع أهل الكلام الباطل المذموم ----يقول الشيخ البراك هؤلاء الجهمية، والمعتزلة، ومن تبعهم في نفي قيام الأفعال الاختيارية به سبحانه وتعالى قالوا: إنه يجب أن تكون لجنس المخلوقات بداية، وقبل هذه البداية يمتنع دوام الحوادث، أو تسلسل المخلوقات، أو دوام المخلوقات، أو حوادث لا أول لها، قالوا: هذا مستحيل، ممتنع لذاته، وإذا كان دوام الحوادث ممتنعا فالرب تعالى غير قادرٍ على أن يخلق في الأزل! وكفى بهذا تنقصا لرب العالمين!
    لأن الممتنع لا تتعلق به القدرة.
    ومن يقول: إن دوام الحوادث ممتنع، والرب لم يزل قادرا عليها؛ فقد جمع بين النقيضين؛ لأن كونه قادرا يقتضي أن يكون دوام الحوادث ممكنا، فكأنه يقول: إن دوام الحوادث ممكن ممتنع، وهذا جمعٌ بين النقيضين.
    وجمهور المتكلمين على امتناع دوام الحوادث في الماضي.
    لكن ينبغي فهم معنى دوام الحوادث، أو تسلسل الحوادث ـ أي: المخلوقات ـ أو حوادث لا أول لها فمعناه: هل يمكن أن يكون ما من مخلوق إلا قبله مخلوق، وقبل المخلوق مخلوق، وقبل المخلوق مخلوق إلى ما لا نهاية له، هل هذا ممتنع؟ هذا هو معنى الكلام.
    وفي تسلسل المخلوقات ثلاثة مذاهب: (1)
    قال جهم: بامتناع دوام الحوادث في الماضي والمستقبل فجنس الحوادث عنده لها بداية، ويمتنع دوامها في المستقبل، ولهذا قال بفناء الجنة والنار.
    وجمهور المتكلمين قالوا بامتناع دوام الحوادث في الماضي، وجوازه في المستقبل.
    وإقرارهم بدوام الحوادث في المستقبل حُجّةٌ عليهم، والصواب هو: جواز دوام الحوادث في الماضي والمستقبل؛ لأنه جائز ـ أي: ممكن لا مانع منه ـ فإذا كان الرب لم يزل على كل شيءٍ قدير، فلم يزل الفعل ممكنا، ومن يقول: إنه لم يخلق في الأزل فعليه الدليل.
    والأمر الذي نقطع ببطلانه قول من يقول: بامتناع دوام الحوادث في الماضي.أما إذا قيل: إنه ممكن، والله فعالٌ لما يريد فهذا هو الحق، وأهم شيء أن تعلم أن هذا لا يستلزم محذورا كما ضنه الضانون والجاهلون؛ لأنه على هذا التقدير ـ دوام الحوادث ـ معناه: أن كل مخلوق فإنه مسبوق بعدم نفسه. ـ أي محدث بعد أن لم يكن ـ والله تعالى متقدم على كل شيء، مهما يُفرض من مخلوقات متسلسلة فالله تعالى سابق لها، فكل مخلوق فالله تعالى خالقه، والمخلوق محدثٌ والله تعالى لم يزل.
    وهذه في الحقيقة تُشكِل على كثير من الناس؛ لكن يجب أن تؤمن أيها المسلم بأن الله لم يزل على كل شيء قدير، ولم يزل فعالا لما يريد، وإذا آمنت بأن الله لم تحدث له قدرة ـ أي ـ لم يصر قادرا بعد أن لم يكن قادرا، ولم يصر فعالا بعد أن لم يكن فعالا، فإذا آمنت بهذا حصل المطلوب سواء فهمت المسألة أو ما فهمت.
    لكن نقول لك: إذا استقر في نفسك هذا فهمت أن هذا يقتضي جواز وإمكان دوام الحوادث في الماضي، مادام أن ربك لم يزل على كل شيء قدير، ولم يزل فعالا لما يريد.
    وأهم شيء هو الأصل: الإيمان بكمال ودوام قدرة وفاعلية الرب، وأنه تعالى لم يزل فعالا لما يريد، ولم يزل على كل شيء قدير، هذا هو الذي يجب أن تستمسك به.
    والمسلمون هذه فطرتهم، وهذه عقيدتهم، ولا يتكلمون في مسألة التسلسل، لكن ألجأ إلى الكلام في ذلك أهل البدع المعطلة ـ الجهمية، والمعتزلة، والذين تأثروا بهم ـ حين تكلموا وقالوا: يمتنع دوام الحوادث!
    فلزم بيان الحق، وهو أن الله تعالى لم يزل على كل شيء قدير، ولم يزل فعالا لما يريد، ولم يزل خالقا، ولم يزل قادرا، وهكذا (مازال بصفاته قديما قبل خلقه) -----------------وهو مذهب الأشاعرة والماتريدية ومذهب طوائف من أهل الكلام في أنّ الرب جل وعلا كان متّصفا بالصفات وله الأسماء، ولكن لم تظهر آثار صفاته ولا آثار أسمائه؛ بل كان زمنا طويلا طَويلا معطلا عن الأفعال جل وعلا، له صفة الخلق وليس ثم ما يخلقه، له صفة الفعل ولم يفعل شيئا، له صفة الإرادة وأراد أشياء كونية مؤجلة غير منجزة وهكذا.

    فمن أسمائه -عند هؤلاء- الخالق، ولكنه لم يخلق، ومن أسمائه عندهم أو من صفاته الكلام ولم يتكلم، ومن صفاته الرحمة بمعنى إرادة الإنعام وليس ثم مُنعَم عليه، ومن أسمائه المحيي وليس ثَم من أحيى، ومن أسمائه الباري وليس ثم برأ، وهكذا حتى أنشأ الله جل وعلا وخلق جل وعلا هذا الخلق المنظور الذي تراه يعني الأرض والسماوات وما قصَّ الله في كتابه، ثم بعد ذلك ظهرت آثار أسمائه وصفاته، فعندهم أن الأسماء والصفات متعلقة بهذا العالم المنظور أو المعلوم دون غيره من العوالم التي سبقته. هذا لا دليل عليه، إنما هو عقل بحت.

    وقالوا هذا فِرارا من قول الفلاسفة الذين زعموا أن هذا العالم قديم، أو أن المخلوقات قديمة متناهية أو دائمة من جهة الأولية؛ من جهة القدم مع الرب جل وعلا.

    -- مذهب أهل الحديث والأثر وأهل السنة؛ أعني عامة أهل السنة، وهو أنّ الرب جل وعلا أولٌ بصفاته، وصفاته سبحانه وتعالى قديمة، يعني هو أوّل سبحانه وتعالى بصفاته، وأنّه سبحانه كان من جهة الأولية بصفاتهِ وأنّ صفات الرب جل وعلا لابد أن تظهر آثارها؛ لأنه سبحانه فعّال لما يريد، والرب جل وعلا له صفات الكمال المطلق، ومن أنواع الكمال المطلق أنْ يكون ما أراد سبحانه وتعالى، فما أراده كونا لابد أن يكون ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

    ومن مذهب أهل السنة والحديث والأثر أنّه سبحانه يجوز أن يكون خلق أنواعا من المخلوقات وأنواعا من العوالم غير هذا العالم الذي نراه، فجنس مخلوقات الله جل وعلا أعمّ من أن تكون هذه المخلوقات الموجودة الآن، فلا بد أن يكون ثَم مخلوقات أَوْجدها الله جل وعلا وأفناها ظهرت فيها آثار أسمائه وصفاته جل وعلا، فإن أسماء الرب جل وعلا وإنّ صفات الرب جل وعلا لابد أن يكون لها أثرُها؛ لأنه سبحانه فعّال لما يريد، فما أراده سبحانه فعله، ووصف نفسه بهذه الصفة على صيغة المبالغة الدالة على الكمال بقوله ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾، فما أراده سبحانه كان، وهذا متسلسل في الزمن الأول، يعني في الأولية وفي الآخرية فهو سبحانه (كَمَا كَانَ بِصِفَاتِهِ أَزَلِيًّا كَذَلِكَ لَا يَزَالُ عَلَيْهَا أَبَدِيًّا).وهذا منهم -يعني من أهل الحديث والأثر والسنة- هذا القول منهم لأجل إثبات الكمال للرب جل وعلا.

    وقول المعتزلة والجهمية فيه تعطيل للرب عن أسمائه وصفاته؛ يعني أنّ الله جل وعلا كان بلا صفات وبلا أسماء، وأنه لما فعل وُجدت صفات الرب جل وعلا، وهذا نسبة النقص لله جل وعلا؛ لأنّ الصفات هي عنوان الكمال، والله سبحانه وتعالى كمالاته بصفاته.

    وأمّا قول الأشاعرة والماتريدية ومن نحا نحوهم، هذا أيضا فيه وصف الرب جل وعلا بالنقص؛ لأن أولئك يزعمون أنه متّصف ولا أثر للصفة.

    ومعلوم أن هذا العالم المنظور الذي تعلقت به عندهم الأسماء والصفات، هذا العالم إنما وُجد قريبا، فوجوده قريب وإن كانت مدته أو عمره طويل لكنه بالنسبة إلى الزمن بعامة -الزمن المطلق- لا شك أنه قريب لهذا قال عليه الصلاة والسلام «إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء» جل وعلا فالتقدير كان قبل أن يخلق هذه الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وهي مدة محدودة، والله جل وعلا لا يحدّه زمان، فهو أول سبحانه وتعالى ليس قبله شيء جل وعلا، وفي هذا إقرار لأنه من جهة الأولية يتناهى الزمان في إدراك المخلوق، وننقل من الزمان المنسوب إلى الزمان المطلق، وهذا تتقاصر عقولنا عنه وعن إدراكه، وأما هذا العالم المنظور فإنه محدَث وحدوثه قريب.

    ولهذا نقول إنّ قول الآشاعرة والماتريدية بأنه كان متصفا بصفات وله الأسماء، ولكن لم تظهر آثارها ولم يفعل شيئا إلا بعد أن وجد هذا العالم، نقول معناه أن ثم زمانا مطلقا طويلا طويلاً جدا ولم يكن الرب جل وعلا فاعلا، ولم يكن لصفاته أثر ولا لأسمائه أثر في المربوبات، ولا بد أن الله جل وعلا له سبحانه وتعالى من يعبده جل وعلا من خلقه، ولا بد أن يكون له جل وعلا مخلوقات؛ لأنه سبحانه فعّال لما يريد، وهذه صفة مبالغة مطلقة في الزمن كله؛ لأن (ما) اسم موصول وأسماء الموصول تعمّ ما كان في حيّز صلتها.

    بقي أنْ يُقال إن قولهم أراد ولكن إرادته كانت معلقة غير منجزة، ونقول هذا تحكّم؛ لأن هذا مما لا دليل عليه إلا الفرار من قول الفلاسفة ومن نحا نحوهم بقدم هذا العالَم المنظور، وهذا الإلزام ولا يلزم أهل الحديث والسنة والأثر؛ لأننا نقول إن العوالم التي سبقت هذا العالم كثيرة متعددة لا نعلمها، الله جل وعلا يعلمها.[شرح الطحاوية]

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    وكان اللَّه تعالىقبل أن يكون شيء
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    الله تعالى متقدم على كل شيء
    لو تأملت ( قبل أن يكون شيء ) لظهر لك الفرق ؟

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    لو تأملت ( قبل أن يكون شيء ) لظهر لك الفرق ؟
    الله سبحانه وتعالى قبل كل شيئ ومتقدم على كل شيئ ومع ذلك لم يزل يفعل ما يريد - أتؤمن بهذا أخى الكريم الطيبونى؟ أما آن لك أن تؤمن بهذا يا طيبونى

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    كان قبل أن يكون شيء و مع ذلك لم يزل يفعل ما يريد هذه هي عقيدة السلف الكرام و الأئمة الأعلام
    و بارك الله فيك اخي الكريم

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    كان قبل أن يكون شيء و مع ذلك لم يزل يفعل ما يريد هذه هي عقيدة السلف الكرام و الأئمة الأعلام
    و بارك الله فيك اخي الكريم
    لقد اقتربت جدا اخى الكريم الطيبونى ولم يتبقى لك الا شعره فلا تقطعها -قل قبل كل شيئ و مع ذلك لم يزل يفعل ما يريد----اذا كان قولك قبل أن يكون شيء-- اذا كان معناه ان الله سبحانه وتعالى قبل كل شيئ و مع ذلك لم يزل يفعل ما يريد
    فقد آمَنتَ عندنا يا طيبونى بأن الله لم يكن معطلا فى وقت من الاوقات عن الفعل-ويشفع لك قولك-و مع ذلك لم يزل يفعل ما يريد - ما الذى يمنعك اخى الكريم الطيبونى ان تصرح بأن الله لم يزل يفعل ما يريد وقد رددنا كل ما الزمونا به فليس من لازم هذا القول قدم المخلوقات ولا قدم مخلوق معين والذى نعتقده وندين به ان جميع المخلوقات كائنة بعد ان لم تكن وان الله سبحانه هو الذى خلقها واوجدها--- فكما ان تسلسل الحوادث فى المستقبل لا ينفى ان الله بعدها فكذلك تسلسل الحوادث فى الماضى لا ينفى ان الله قبلها--أهل السنة والجماعة: يؤمنون أن الله – سبحانه وتعالى – هو الأول ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، كما قال سبحانه: هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الحديد:3] وكما أن ذاته - سبحانه وتعالى - لا تشبه الذوات، فكذلك صفاته لا تشبه الصفات؛ لأنه سبحانه لا سمي له، ولا كفء له ولا ند له، ولا يقاس بخلقه؛ فيثبتون لله ما أثبته لنفسه إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل؛ فحين يثبتون لله ما أثبته لنفسه لا يمثلون، وإذا نزهوه لا يعطلون الصفات التي وصف نفسه بها،

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Sep 2016
    المشاركات
    36

    افتراضي

    ممن قال بأن للمخلوقات أول الإمام أحمد والطبري والطحاوي وكذلك ذكر فى الاعتقاد القادري الذي كتب عليه الفقهاء خطوطهم وكان فى أوله : هذا اعتقاد المسلمين ومن اعتقد غيره فقد كفر أو فسق . وجاء فى حديث عمران التصريح بأن الله كان ولا شيء معه ولا شيء غيره ولم ينكر هذه الألفاظ أحد من السلف وفى حديث رواه عمر أن رسول الله حدثهم ببدء الخلق . أما ما يعتمد غليه القائل بتسلسل الحوادث فى الأزل وهو أن الله لا يمكن تعطيله من الخلق فلازم قوله أن الله كان فى الأزل ولا يزال إلى الآن معطلا عن بعض صفاته كبعث المخلوقات وحشرها والمجيء يوم الفصل ومعلوم أن الله متصف بهذه الصفات ولا يجوز أن يقال إنه معطل عنها لأنه لم يفعلها فى الأزل ولكن كما قال الإمام عبد العزيز : إن الله فعال سيفعل . ولو كان القول بأن ليس للمخلوقات بداية من قول الجهمية وغيرهم من الملاحدة لرد عليهم السلف فيها كما ردوا على سائر بدعهم بالقرآن والسنة لا بعلم الكلام الذميم . فهذه أقوال السلف وهم أعلم منا وأحكم وأقرب للحق وليس لمن قال بتسلسل الحوادث سلف .

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Sep 2016
    المشاركات
    36

    افتراضي

    قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - فى رسالة ( الرد على الجهمية ) : " وإذا أردت أن تعلم أن الجهمي كاذب على الله حين زعم أن الله في كل مكان، ولا يكون في مكان دون مكان، فقل: أليس الله كان ولا شيء؟ فيقول: نعم. فقل له: حين خلق الشيء خلقه في نفسه أو خارجًا من نفسه؟ فإنه يصير إلى ثلاثة أقوال، لا بد له من واحد منها: إن زعم أن الله خلق الخلق في نفسه كفر، حين زعم أن الجن والإنس والشياطين في نفسه، وإن قال: خلقهم خارجًا من نفسه ثم دخل فيهم، كان هذا كفرًا أيضًا؛ حين زعم أنه دخل في كل مكان وحش قذر رديء، وإن قال: خلقهم خارجًا عن نفسه، ثم لم يدخل فيهم، رجع عن قوله كله أجمع، وهو قول أهل السنة"

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Sep 2016
    المشاركات
    36

    افتراضي

    قال ابو جعفر بن جرير الطبري في مقدمة تاريخه :
    "فإذا كان معلوما أن خالق الأشياء وبارئها كان ولا شيء غيره وأنه أحدث الأشياء فدبرها . وانه قد خلق صنوفا من خلقه قبل خلق الأزمنة والأوقات . وقبل خلق الشمس والقمر الذين يجريهما في افلاكهما . وبهما عرفت الساعات والأوقات.وأرخت التاريخات .وفصل بين الليل والنهار.فلنقل فيم ذلك الخلق خلق قبل ذلك وما كان اوله "

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Sep 2016
    المشاركات
    36

    افتراضي

    قال الإمام اللالكائي في شرح أصول اهل السنة:
    314 - " حدثنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب قال : أخبرنا محمد بن هارون الروياني قال : حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا عبد الواحد بن سليم ، عن عطاء قال : حدثني الوليد بن عبادة وسألته : كيف كانت وصية أبيك حين حضره الموت ؟ قال : دعاني فقال : يا بني ، اتق الله ، واعلم أنك لا تتقي الله حتى تؤمن بالله ، وتؤمن بالقدر خيره وشره ، فإن مت على غير هذا دخلت النار ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « أول ما خلق الله القلم قال : اكتب ، فكتب ما كان وما هو كائن إلى الأبد »
    قلت : فأخبر أن أول الخلق القلم ، والكلام قبل القلم ، وإنما جرى القلم بكلام الله الذي قبل الخلق إذا كان القلم أول الخلق . "
    فلو كانت المخلوقات متسلسلة لا إلى أول لم يصح الاحتجاج على الجهمية بهذا الحديث ، وقد احتج عليهم كذلك به الإمام أحمد .

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Sep 2016
    المشاركات
    36

    افتراضي

    هذا متن الاعتقاد القادري نقلته بطوله لنفاسته :
    "يحب على الإنسان أن يعلم أن الله عز وجل وحده لا شريك له لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، وهو أول لم يزل وآخر لايزال، قادر على كل شيء، غير عاجز عن شيء، إذا أراد شيئا قال له كن فيكون، غني غير محتاج إلى شيء، لا إله إلا هو الحي القيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، يطعم ولا يطعم، لا يستوحش من وحدة، ولا يأنس بشيء، وهو الغني عن كل شيء، لا تخلفه الدهور والأزمان وكيف تغيره الدهور والأزمان وهو خالق الدهور والأزمان، والليل والنهار والضوء والظلمة، والسموات والأرض، وما فيها من أنواع الخلق، والبر والبحر وما فيهما، وكل شيء حي أو موات أو جماد، كان ربنا واحد لا شيء معه، ولا مكان يحويه، فخلق كل شيء بقدرته، وخلق العرش لا لحاجته إليه، فاستوى عليه كيف شاء وأراد، لا استقرار ، راحة كما يستريح الخلق، وهو مدبر السموات والأرضين ومدبر ما فيهما، ومن في البر والبحر، ولا مدبر غيره، ولا حافظ سواه، يرزقهم ويمرضهم ويعافيهم، ويميتهم ويحييهم، والخلق كلهم عاجزون، الملائكة والنبيون والمرسلون والخلق كلهم أجمعون، وهو القادر بقدرة، والعالم بعلم أزلي غير مستفاد، وهو السميع بسمع، والبصير ببصر، يعرف صفتهما من نفسه.
    لا يبلغ كنههما أحد من خلقه، متكلم بكلام لا بآلة مخلوقة كآلة المخلوقين، لا يوصف إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به نبيه عليه السلام، وكل صفة وصف بها نفسه أو وصفه بها رسوله فهي صفة حقيقية لا مجازية، ويعلم أن كلام الله تعالى غير مخلوق، تكلم به تكليما، وأنزله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - على لسان جبريل بعد ما سمعه جبريل منه، فتلا جبريل على محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتلاه محمد على أصحابه، وتلاه أصحابه على الأمة، ولم يصر بتلاوة المخلوقين مخلوقا؛ لأنه ذلك الكلام بعينه الذي تكلم الله به فهو غير مخلوق بكل حال، متلوا ومحفوظا ومكتوبا ومسموعا، ومن قال إنه مخلوق على حال من الأحوال فهو كافر حلال الدم بعد الاستتابة منه، ويعلم أن الإيمان قول وعمل ونية، وقول باللسان وعمل بالأركان والجوارح وتصديق به، يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وهو ذو أجزاء وشعب، فأرفع أجزائه لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، والإنسان لا يدري كيف هو مكتوب عندالله، ولا بماذا يختم له، فلذلك يقول: مؤمن إن شاء الله، وأرجو أن أكون مؤمنا، ولا يضره الاستثاء والرجاء، ولا يكون بهما شاكا ولا مرتابا، لأنه يريد بذلك ما هو مغيب عنه عن أمر آخرته وخاتمته، وكل شيء يتقرب به إلى الله تعالى ويعمل لخالص وجهه من أنواع الطاعات فرائضه وسننه، وفضائله فهو كله من الإيمان منسوب إليه، ولا يكون للإيمان نهاية أبدا؛ لأنه لا نهاية للفضائل ولا للمتبوع في الفرائض أبدا، ويجب أن يحب الصحابة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم، ونعلم أنهم خير الخلق بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن خيرهم كلهم وأفضلهم بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، ويشهد للعشرة بالجنة ويترحم على أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن سب عائشة فلا حظ له في الإسلام، ولا يقول في معاوية إلا خيرا، ولا يدخل في شيء شجر بينهم، ويترحم على جماعتهم، قال الله تعالى: {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم} (الحشر، آية ١٠) ، وقال فيهم: {ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين} الأعراف، آية ٤٣) ، ولا يكفر بترك شيء من الفرائض غير الصلاة المكتوبة وحدها، فإنه من تركها من غير عذر وهو صحيح فارغ حتى يخرج وقت الأخرى فهو كافر وإن لم يجحدها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "بين العبد والكفر ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر"، ولايزال كافرا حتى يندم ويعيدها فإن مات قبل أن يندم ويعيد، أو يضمر أن يعيد لم يصل عليه، وحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف، وسائر الأعمال لا يكفر بتركها، وإن كان يفسق حتى يجحدها، ثم قال: هذا قول أهل السنة والجماعة الذي من تمسك به كان على الحق المبين، وعلى منهاج الدين والطريق الواضح، ورجي به النجاة من النار ودخول الجنة، وإن شاء الله، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلم "الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين ولعامتهم" وقال عليه السلام: "أيما عبد جاءته موعظة من الله تعالى في دينه فإنها نعمة من الله سيقت إليه فإن قبلها يشكر، وإلا كانت حجة عليه والله ليزداد بها إثما، ويزاد بها من الله سخطا جعلنا الله لآلائه من الشاكرين، ولنعمائه ذاكرين وبالسنة معتصمين وغفر لنا ولجميع المسلمين. "

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلم الغريب مشاهدة المشاركة

    كان ربنا واحد لا شيء معه، ولا مكان يحويه، فخلق كل شيء بقدرته
    نعم بارك الله فيك

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلم الغريب مشاهدة المشاركة
    ممن قال بأن للمخلوقات أول الإمام أحمد والطبري والطحاوي ----.
    قال الإمام أحمد رحمه الله: لم يزل الله عالماً متكلماً غفوراً----عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
    أخرج البخاري في صحيحه عن المنهال عن سعيد بن جبير قال قال رجل لابن عباس
    : إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي ؟- وذكر منها - قال { وكان الله غفورا رحيما } / النساء 96 / . { عزيزا حكيما } / النساء 56 /
    { سميعا بصيرا } / النساء 58 / فكأنه كان ثم مضى فقال ابن عباس : سمى نفسه بذلك وذلك قوله أي لم يزل كذلك فإن الله لم يرد شيئا إلا أصاب به الذي أراد فلا يختلف عليك القرآن فإن كلا من عند الله .رواه البخاري - كتاب التفسير- تفسير سورة فصلت .---------------اما كلام الامام الطبرى فالحجة فيما نقلته عنه انت --قال ابو جعفر بن جرير الطبري في مقدمة تاريخه :----
    "فإذا كان معلوما أن خالق الأشياء وبارئها كان ولا شيء غيره وأنه أحدث الأشياء فدبرها . وانه قد خلق صنوفا من خلقه قبل خلق الأزمنة والأوقات-اما الطحاوى رحمه الله خالف اهل الحديث والسنة والاثر فى هذه المسألة وقال بقول الاشاعرة والماتريدية بعدم تسلسل الحوادث فى الماضى ---
    فلو كانت المخلوقات متسلسلة لا إلى أول لم يصح الاحتجاج على الجهمية بهذا الحديث
    هذا دليل على انك تقول ان القلم اول المخلوقات وارد عليك بقول الامام الطبرى الذى نقلته انت
    وانه قد خلق صنوفا من خلقه قبل خلق الأزمنة والأوقات
    قول المتكلمين : إنه يجب أن يتراخى عنها معلولها جواب غير صحيح ، كما أن قول الفلاسفة عن هذه العلة : إنه يجب أن يقارنها معلولها بالزمان قول باطل أيضا .
    والجواب الصحيح هو قول ثالث ، وهو : " أن التأثير التام من المؤثر يستلزم الأثر ، فيكون عقبه ، لا مقارنا له ، ولا متراخيا عنه ؛ كما يقال : كسرت الإناء فانكسر ، وقطعت الحبل فانقطع ، وطلقت المرأة فطلقت ، وأعتقت العبد فعتق ، قال تعالى : { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } فإذا كون شيئا ، كان عقب تكوين الرب له ، لا يكون مع تكوينه ، ولا متراخيا عنه وقد يقال : يكون مع تكوينه ؛ بمعنى أنه يتعقبه لا يتراخى عنه ، وهو سبحانه ما شاء كان ووجب بمشيئته وقدرته ، وما لم يشأ لم يكن لعدم مشيئته له ، وعلى هذا فكل ما سوى الله تعالى لا يكون إلا حادثا مسبوقا بالعدم ؛ فإنه يجب أن يكون عقب تكوينه له ؛ فهو مسبوق بغيره سبقا زمانيا ، وما كان كذلك لا يكون إلا محدثا ، والمؤثر التام يستلزم وجود أثره عقب كمال التأثير التام " .
    فليس القول بوجوب مقارنة العلة لمعلولها قولا صحيحا ، ولا بوجوب تراخيها عنه كذلك .
    وقول الفلاسفة بمقارنة العلة لمعلولها : " يوجب أن لا يحدث في العالم شيء وهو خلاف المشاهدة ؛ فقد قالوا بما يخالف الحس والعقل وأخبار الأنبياء "
    وهو من أعظم الباطل المخالف لدين الرسل عليهم الصلاة والسلام اهـ-
    -----
    وليس يفهم من هذا وجود المفعولات أزلا مع الله تعالى ؛ فما من مفعول إلا وهو حادث كائن بعد أن لم يكن ؛ " فليس مع الله في الأزل شيء من المفعولات ؛ إذ كان كل منهما حادثا بعد أن يكن ، والحادث بعد أن لم يكن لا يكون مقارنا للقديم الذي لم يزل .
    والسلف رحمهم الله يجيزون هذا النوع من التسلسل ، ويرون أن إثباته ضروري لإثبات أفعال الله تعالى الاختيارية .
    وعلى هذا النوع يشهد قولهم :لم يزل الله فاعلا بمشيئته وقدرته ، أولم يزل متكلما بمشيئته وقدرته ، ولا نهاية لكلماته ؛ كما أخبر جل وعلا { قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا } .
    لهذا يقول السلف رحمهم الله عن أفعال الله الاختيارية :
    لم يزل يفعل كذا ؛ يريدون بذلك قدم النوع ، وتجدد الآحاد ، لا بمعنى وجود المفعولات معه جل وعلا أزلا ؛ فإن القول بوجود المفعولات أو المخلوقات مع الله تعالى أزلا ليس من أقوال المسلمين .--بل ائمة السلف يقولون لم يزل الله متكلما إذا شاء بما شاء وكيف شاء خلوه عنها في وقت من الأوقات لأن الخلو عن الكمال الممكن نقص مستحيل على الله ، ولا يلزم من دوام فعله وكلامه قدم شيء من المفعولات ، فإن الله لم يزل يفعل الأشياء ويحدثها شيئا بعد شيء ، وكذلك لم يزل متكلما بما شاء ، فكل من الكلام والفعل قديم النوع ولكن آحاده لم تزل تحدث في ذاته سبحانه بلا بداية ولا انقطاع ، وهذا مستلزم للتسلسل في الآثار ، وهو ليس بممتنع ، بل دل الشرع والعقل على ثبوته ، وإنما الممتنع هو التسلسل في العلل والمؤثرين .-------------------ما أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها من أن الله عز وجل لم يزل حيا قادرا فعالا لما يريد متكلما إذا شاء بما شاء ، وأن الفعل والكلام من صفات كماله التي لا يجوز تعطيله عنها في وقت من الأوقات ، وأن الفعل والكلام لم يزل ممكنا مقدورا لا يجوز القول بامتناع ذلك منه في وقت من الأوقات كذلك------أصحاب الحديث أهل السنة والجماعة كأحمد بن حنبل الشيباني ومحمد بن إسماعيل البخاري وغيرهما من أئمة الإيمان رضي الله عنهم ذهبوا إلى أن الله لم يزل متكلما إذا شاء ، لأن الكلام صفة كمال إذ أن من يتكلم أكمل ممن لا يتكلم ومن يتكلم بمشيئته وقدرته أكمل ممن يكون الكلام لازما لذاته وإذا فلا يعقل خلوه تعالى عنه في الأزل ، لأن الخلو عن الكمال نقص يستحيل على الله . ولأن الكلام إذا كان ممتنعا عليه في الأزل ، ثم صار متكلما فيما لا يزال ، فما الذي اقتضى انقلابه من الامتناع إلى الإمكان ، مع أنه لم يتجدد في ذاته شيء يوجب ذلك الانقلاب فتبين أن الرب سبحانه لم يزل متكلما إذا شاء بمعنى أن جنس كلامه قديم وتعاقب الكلمات وخروجها إلى الوجود شيئا بعد شيء هو أمر ثابت لها لذواتها مثل تعاقب الأزمنة فكما أن أجزاء الزمان لا توجد مجتمعة ، بل توجد على سبيل التعاقب آنا بعد آن ، فكذلك الحروف التي هي أجزاء الكلمات لا يمكن النطق بها مجتمعة بحيث يكون النطق بالحرف الثاني مع الأول في آن واحد ، بل لابد من وجودها على سبيل التعاقب والتسلسل حرفا بعد حرف ، فإذا قال الله عز وجل : حم أو طه فلا يعقل اجتماع الحرفين من كل من هاتين الآيتين بحيث ينطق بالميم مع الحاء ، أو بالهاء مع الطاء بل تأتي الحروف مترتبات في النطق كما هي مترتبة في السماع . وإذا كان وجود وقتين من الزمان في وقت واحد غير معقول لأن الزمان كم متصل غير قار الذات لا يجتمع أجزاؤه في الوجود ، فكذلك وجود حرفين من متكلم واحد في آن واحد مستحيل ، وإنما يعقل ذلك في الرسم أي الكتابة أو إذا كان المتكلم أكثر من واحد------من جهة العقل فلأنه لا يعقل متكلما ولا فاعلا إلا من قام به الفعل والكلام وأما من جهة النقل فالنصوص كلها دلت على أن الله متكلم بمشيئته وقدرته ، وأن كلامه ليس إلا حروفا وأصواتا مسموعة .-------فكيف تصفون الله بالكلام والفعل-- والكلام ليس إلا حروفا وأصواتا مسموعة---- ولا يعقل فاعلا الا من قام به الفعل- أنا اسألكم اكان الله سبحانه وتعالى قبل خلقه هذا العالم المشهود معطلا عن الفعل دهورا طويلة او كما قال الامام الطبرى صنوفا من الازمن معطلا عن الفعل---وحجتكم التى فهمتموها من الحديث ان اول المخلوات القلم----اما حجتنا فى الحديث ان القلم اول المخلوقات من هذا العالم المشهود وهذا لا يمنع عندنا إثبات عوالم اخرى غير هذا العالم- لان الله سبحانه وتعالى لم يكن معطلا فى وقت من الاوقات عن الفعل فانه لم يزل يفعل والفعل من صفات الحى -----------اما مذهبكم فهو مذهب الأشاعرة والماتريدية ومذهب طوائف من أهل الكلام في أنّ الرب جل وعلا كان متّصفا بالصفات وله الأسماء، ولكن لم تظهر آثار صفاته ولا آثار أسمائه؛ بل كان زمنا طويلا طَويلا معطلا عن الأفعال جل وعلا، له صفة الخلق وليس ثم ما يخلقه، له صفة الفعل ولم يفعل شيئا، له صفة الإرادة وأراد أشياء كونية مؤجلة غير منجزة

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Sep 2016
    المشاركات
    36

    افتراضي

    قلت : قال الإمام أحمد رحمه الله: لم يزل الله عالماً متكلماً غفوراً .
    ليس فى هذا دليل على التسلسل بل الإمام قوله واضح كالشمس حيث صرح بأن الله كان ولا شيء معه ، وما نقلته عنه لا يعنى أنه لا بد أن يظل يخلق في الأزل حتي يكون عالما أو متكلما أو غفورا فإن الله علمه أزلي يعلم المخلوقات قبل أن يخلقها وهو لم يزل متكلما كما قال السلف : يتكلم إذا شاء ، وكذلك لم يزل غفورا رحيما ولم يزل متصفا بجميع صفاته لأن كل صفاته صفات كمال سبحانه .
    وكلام الطبري واضح كذلك لا إشكال فيه فإنه قال في بدايته : فإذا كان معلوما أن خالق الأشياء وبارئها كان ولا شيء غيره . وهذا لا ينافي قوله : وانه قد خلق صنوفا من خلقه قبل خلق الأزمنة والأوقات . لأنه قرر أن الله كان ولا شيء غيره فيعنى هذا أن ذلك كان قبل خلق هذه المخلوقات وقبل خلق الأزمنة والأوقات وإلا لما استقام كلام الإمام . وحتي لم يذكر الإمام أن هذه المخلوقات كانت قبل خلق العرش أو القلم بل لو رجعت لتاريخه في الموضع الذي يلي هذا الموضع لوجدته يحكي الخلاف بين السلف فى أول مخلوق خلقه الله أهو العرش أم القلم ولم يتطرق أبدا هو ولا غيره من السلف إلى تسلسل الحوادث في الماضي .
    وأما قولك إن الطحاوي خالف أهل الحديث والأثر . فمن قال بتسلسل الحوادث في الأزل من أهل الحديث والأثر . وقولك : إن استدلالي بكلام الإمام أحمد يعني أنني أقول بأن القلم أول المخلوقات وهذا يرده كلام الطبري . فإن الطبري كذلك يقول بأن أول مخلوق إطلاقا هو القلم وكذلك لم ترد علي استدلال الإمام أحمد ولا أحد منا يقول إن الإمام كان يجهل أن قوله معناه تعطيل الله عن كماله .
    ولتعلم أن قولنا بعدم تسلسل الحوادث ليس قولا بعجز الله عن الخلق أو تعطيله عنه ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
    بل إننا نقول بذلك لأن رسول الله أخبرنا بذلك ولأن سلفنا الصالح نقله لنا عن نبينا وقال به ، ومسألة كهذه فى العظمة لا يمكن إهمالها ولا قول أقوال محتملة فيها ولقد رد السلف على قول الجهمية بعدم تسلسل الحوادث فى المستقبل حين قالوا بفناء الجنة والنار وكفروهم بهذا القول وكان دليلهم على ذلك أن الله أخبر أن أهلهما خالدون فيهما أبدا ولم يردوا عليهم بعلم الكلام الذى هو في الحقيقة جهل ووبال علي صاحبه حتى لو تعلمه ليرد على المبتدعين، فإذا كان السلف كفروهم لقولهم بعدم تسلسل الحوادث في المستقبل بأوضح عبارات وأصرحها فكيف لا يفعلون مثل ذلك فى الرد على قولهم بعدم تسلسل الحوادث في الأزل بل احتجوا عليهم بأنهم يقرون بأن للمخلوقات أولا ، واعلم أن الملاحدة نفوا التسلسل في الأزل تعطيلا لله عن صفاته أما السلف فنفوه بنص ونقل ، لذا تجدهم يردون على تعطيلهم لله فيقولون : لم يزل الله متكلما سميعا بصيرا ، ومع ذلك يحتجون عليهم بأن للمخلوقات أولا ، ولما أراد رأس الكفر المريسي إلزام الإمام عبد العزيز بأنه يقول إن الله لم يزل يخلق في الأزل لما أنكر عليه الإمام تعطيله لله عن صفاته رد عليه الإمام بأن معنى قوله أنه فعال سيفعل لأن فعله بإرادته سبحانه ، وهذا الاعتقاد القادري أمامك وقد رأيت فيه إجماعهم على أن الله كان ولا شيء معه ، فهل هناك ما هو أوضح من ذلك ، وهل غاب عن السلف وهؤلاء الفقهاء أن هذا القول يعني تعطيل الله عن صفاته . ثم إنه يلزمك القول بأن الله كان معطلا عن بعث العباد والمجيء يوم القضاء بل والقول بأن الله كان معطلا عن النزول إلى السماء الدنيا والاستواء علي العرش لأن العرش ليس قديما مع الله باتفاق ، ولا أراك ولا أري مسلما يقول بهذا القول . وأسأل الله الهداية لي ولعباده المؤمنين وأسأله جل وعلا النصر والتمكين . والحمد لله رب العالمين .

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلم الغريب مشاهدة المشاركة
    قلت : قال الإمام أحمد رحمه الله: لم يزل الله عالماً متكلماً غفوراً .
    --حيث صرح بأن الله كان ولا شيء معه ، --- وقد رأيت فيه إجماعهم على أن الله كان ولا شيء معه ، .
    ليس القول بوجوب مقارنة العلة لمعلولها قولا صحيحا ، ولا بوجوب تراخيها عنه كذلك .
    وقول الفلاسفة بمقارنة العلة لمعلولها : " يوجب أن لا يحدث في العالم شيء وهو خلاف المشاهدة ؛ فقد قالوا بما يخالف الحس والعقل وأخبار الأنبياء "
    وهو من أعظم الباطل المخالف لدين الرسل عليهم الصلاة والسلام اهـ-
    -----
    وليس يفهم من هذا وجود المفعولات أزلا مع الله تعالى ؛ فما من مفعول إلا وهو حادث كائن بعد أن لم يكن ؛ " فليس مع الله في الأزل شيء من المفعولات ؛ إذ كان كل منهما حادثا بعد أن يكن ، والحادث بعد أن لم يكن لا يكون مقارنا للقديم الذي لم يزل .
    والسلف رحمهم الله يجيزون هذا النوع من التسلسل ، ويرون أن إثباته ضروري لإثبات أفعال الله تعالى الاختيارية .---------
    أصحاب الحديث أهل السنة والجماعة كأحمد بن حنبل الشيباني ومحمد بن إسماعيل البخاري وغيرهما من أئمة الإيمان رضي الله عنهم ذهبوا إلى أن الله لم يزل متكلما إذا شاء ، لأن الكلام صفة كمال إذ أن من يتكلم أكمل ممن لا يتكلم ومن يتكلم بمشيئته وقدرته أكمل ممن يكون الكلام لازما لذاته وإذا فلا يعقل خلوه تعالى عنه في الأزل ، لأن الخلو عن الكمال نقص يستحيل على الله . ولأن الكلام إذا كان ممتنعا عليه في الأزل ، ثم صار متكلما فيما لا يزال ، فما الذي اقتضى انقلابه من الامتناع إلى الإمكان ، مع أنه لم يتجدد في ذاته شيء يوجب ذلك الانقلاب فتبين أن الرب سبحانه لم يزل متكلما إذا شاء بمعنى أن جنس كلامه قديم وتعاقب الكلمات وخروجها إلى الوجود شيئا بعد شيء هو أمر ثابت لها لذواتها مثل تعاقب الأزمنة فكما أن أجزاء الزمان لا توجد مجتمعة ، بل توجد على سبيل التعاقب آنا بعد آن ، فكذلك الحروف التي هي أجزاء الكلمات لا يمكن النطق بها مجتمعة بحيث يكون النطق بالحرف الثاني مع الأول في آن واحد ، بل لابد من وجودها على سبيل التعاقب والتسلسل---يتضح مما سبق ان قول
    الإمام أحمد رحمه الله: بأن الله كان ولا شيء معه لا يتعارض نهائيا مع قوله لم يزل الله عالماً متكلماً غفوراً فالله هو الاول ليس قبله شيئ وكذلك قبل كل شيئ. وهذا هو قول اصحاب الحديث والاثر--اما قول الاشاعرة والماتريدية ومن يناقشونى ان الله قبل خلق هذا العالم المشهود كان معطلا دهورا طويلة وازمنة مديدة عن الفعل----وما قدروا الله حق قدره

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Sep 2016
    المشاركات
    36

    افتراضي

    الخلاف ليس في كون الله قبل كل شيء بل الخلاف في كونه ولا شيء معه لأن نصوصهم واضحة صريحة بأنه كان ولا شيء معه وأن للخلق بداية ، وتسلسل الحوادث في الماضي يعني أن الله لا يمكن أن يكون ولا شيء معه لأنكم تعتبرون هذا نقصا فكيف توفق بين هذا القول وبين قول السلف بأن الله كان ولا شيء معه .
    لذا ضعف ابن تيمية رواية "ولا شيء معه" و "ولا شيء غيره" لأنهما تردان القول بتسلسل الحوادث في الأزل .
    ولا يعني هذا القول أنه - جل وعلا - كان معطلا عن صفاته ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
    لكن لله صفات هو متصف بها فى الأزل ويفعلها إذا شاء فهو متصف بأنه ينزل إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الأخير مع أن هذه السماوات ليس قديمة وكانت بعد أن لم تكن باتفاق ، فهل كان الله معطلا في الأزل عن هذه الصفة .
    كذلك استواؤه - سبحانه علي عرشه - ومعلوم أن العرش ليس بقديم اتفاقا فهل هذا يعني أن الله كان معطلا عن الاستواء في الأزل .
    ولكن اشتبه عليك الأمر لأنك تري أنه إذا لم توجد آثار الصفة فمعناه أن الله معطل عن هذه الصفة .
    ثم إنك ترد علي بالرد علي كلام الفلاسفة مع أنني من أشد الناس بغضا لكلامهم وأكره سماعه أو قراءته أو تعلمه حتي ولو للرد عليهم لأن السلف لم يتعلم أحد منهم هذا الجهل للرد على المبتدعة بل كانوا يحذرون منه لأنه سبب البدع أصلا .
    واعلم أن أقوال السلف في إثبات الصفات لله في الأزل ليس معناها إثبات التسلسل بل قالوا ذلك ردا علي المبتدعين الذين قالوا إن الله كان معطلا عن صفاته في الأزل فلما أراد المبتدعة إلزامهم بالقول بحوداث لا أول لها رد السلف هذا الإلزام لأن عدم خلق الله للعالم في الأزل لا يعني تعطيله سبحانه بل لأنه لم يرد ذلك ولو أراد لفعل .
    حتى ابن القيم يقرر هذا في نونيته فيقول :
    والله كان وليس شيء غيره ... وبرى البرية وهي ذو حدثان
    قالها - رحمه الله - في بداية رده علي الجهمية المعطلة واستدل عليهم بنفس استدلال الإمام أحمد والإمام عبد العزيز .
    أما الفلاسفة فيظنون أن الله لا يفعل شيئا بإرادته لذلك ظنوا أن الله كان معطلا عن الخلق لأنه لم يخلق في الأزل ، وأما أهل السنة فيقولون إنه كما وصف نفسه "فعال لما يريد" "وربك يخلق ما يشاء" فإذا لم يخلق في وقت فلأنه لم يرد أن يخلق لا أنه كان معطلا .
    أسألك : هل كان الله معطلا عن الاستواء على العرش أو النزول إلى السماء الدنيا أو بعث العباد أو المجيء يوم القيامة .
    وأسأل الله الهداية والتوفيق .

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    الفتوى الحموية الكبرى لابن تيمية

    [قول عمرو بن عثمان المكي] :

    ( خلصت له الأسماء السَّنِيَّة فكانت واقعة في قديم الأزل بصدق الحقائق، لم يستحدث تعالى صفة كان منها خليًا، أو اسمًا كان منه بريًا تبارك وتعالى، فكان هاديًا سيهدي، وخالقًا سيخلق، ورازقًا سيرزق، وغافرًا سيغفر، وفاعلًا سيفعل، لم يحدث له الاستواء إلا وقد كان في صفة أنه سيكون ذلك الفعل فهو يسمى به في جملة فعله كذلك، قال الله تعالى: {وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} بمعنى أنه سيجي، فلم يستحدث الاسم بالمجيء، وتخلف الفعل لوقت المجيء، فهو جاء سيجيء، ويكون المجيء منه موجودًا بصفة لا تلحقه الكيفية ولا التشبيه، لأن ذلك فعل الربوبية، فتحسر العقول وتنقطع النفس عن إرادة الدخول في تحصيل كيفية المعبود، فلا تذهب في أحد الجانبين لا معطلاً، ولا مشبهًا، وارضَ لله بما رضي به لنفسه، وقف عند خبره لنفسه مسلمًا، مستسلمًا، مصدقًا؛ بلا مباحثة التنفير ولا مناسبة التنقير )

    ابن القيم في مدارج السالكين

    (
    هو الأول الذي ليس قبله شيء . فمتى طالع العبد عين هذا السبق شهد معنى الأزل وعرف حقيقته ، فبدا له حينئذ علم التوحيد ، فاستقبله كما يستقبل أعلام البلد ، وأعلام الجيش . ورفع له فشمر إليه . وهو شهود انفراد الحق بأزليته وحده . وأنه كان ولم يكن شيء غيره ألبتة . وكل ما سواه فكائن بعد عدمه بتكوينه )



  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Sep 2016
    المشاركات
    36

    افتراضي

    وهذه - ولله الحمد - نقول واضحة كالشمس في بيان عقيدة أهل السنة فى هذه المسألة

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلم الغريب مشاهدة المشاركة
    الخلاف ليس في كون الله قبل كل شيء بل الخلاف في كونه ولا شيء معه لأن نصوصهم واضحة صريحة بأنه كان ولا شيء معه وأن للخلق بداية ،
    سأبين لك انشاء الله قول اهل السنة والحديث والاثر وَكُلُّ قَوْلٍ سِوَى هَذَا فَصَرِيحُ الْعَقْلِ يَرُدُّهُ وَيَقْضِي بِبُطْلَانِهِ - إن اعتقادكم هو عين التعطيل وليس هو قول السلف بل هو قول سلفكم من الماتريدية والاشاعرة المعطلة- يقول شارح الطحاوية أبى العز الحنفى-وَأَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ دَوَامَ الْحَوَادِثِ مُمْتَنِعٌ، وَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِلْحَوَادِثِ مَبْدَأٌ، لِامْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْبَارِي عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَزَلْ فَاعِلًا مُتَكَلِّمًا بمشيئة، بَلْ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ مُمْتَنِعَةٌ! وَهَذَا فَاسِدٌ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ حُدُوثِ الْعَالَمِ وَهُوَ حَادِثٌ، وَالْحَادِثُ إِذَا حَدَثَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُحْدَثًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا، وَالْإِمْكَانُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مَحْدُودٌ، وَمَا مِنْ وَقْتٍ يُقَدَّرُ إِلَّا وَالْإِمْكَانُ ثَابِتٌ فِيهِ، وَلَيْسَ لِإِمْكَانِ الْفِعْلِ وَجَوَازِهِ وَصِحَّتِهِ مَبْدَأٌ يَنْتَهِي إِلَيْهِ، فَيَجِبُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلِ الْفِعْلُ مُمْكِنًا جَائِزًا صَحِيحًا، فَيَلْزَمُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلِ الرَّبُّ قَادِرًا عَلَيْهِ، فَيَلْزَمُ جَوَازُ حَوَادِثَ لَا نِهَايَةَ لِأَوَّلِهَا.[ وهذا فيه رد على الطيبونى]
    قَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ: نَحْنُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ إِمْكَانَ الْحَوَادِثِ لَا بِدَايَةَ لَهُ، لَكِنْ نَقُولُ، إِمْكَانُ الْحَوَادِثِ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مَسْبُوقَةً بِالْعَدَمِ لَا بِدَايَةَ لَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَوَادِثَ عِنْدَنَا تَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ قَدِيمَةَ النَّوْعِ، [بَلْ] يَجِبُ حُدُوثُ نَوْعِهَا وَيَمْتَنِعُ قِدَمُ نَوْعِهَا، لَكِنْ لَا يَجِبُ الْحُدُوثُ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ، فَإِمْكَانُ الْحَوَادِثِ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مَسْبُوقَةً بِالْعَدَمِ لَا أَوَّلَ لَهُ، بِخِلَافِ جِنْسِ الْحَوَادِثِ.
    فَيُقَالُ لَهُمْ: هَبْ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ ذَلِكَ، لَكِنْ يُقَالُ: إِمْكَانُ جِنْسِ الْحَوَادِثِ عِنْدَكُمْ لَهُ بِدَايَةٌ، فَإِنَّهُ صَارَ جِنْسُ الْحُدُوثِ عِنْدَكُمْ مُمْكِنًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا، وَلَيْسَ لِهَذَا الْإِمْكَانِ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، بَلْ مَا مِنْ وَقْتٍ يُفْرَضُ إِلَّا وَالْإِمْكَانُ ثَابِتٌ قَبْلَهُ، فَيَلْزَمُ دَوَامُ الْإِمْكَانِ، وَإِلَّا لَزِمَ انْقِلَابُ الْجِنْسِ مِنَ الِامْتِنَاعِ إِلَى الْإِمْكَانِ مِنْ غَيْرِ حُدُوثِ شَيْءٍ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ انْقِلَابَ حَقِيقَةِ جِنْسِ الْحُدُوثِ أَوْ جِنْسِ الْحَوَادِثِ، أَوْ جِنْسِ الْفِعْلِ، أَوْ جِنْسِ الْأَحْدَاثِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنَ العبارات من الامتناع إلى الإمكان، وهو مصير ذَلِكَ مُمْكِنًا جَائِزًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مُمْتَنِعًا مِنْ غَيْرِ سَبَبِ تَجَدُّدٍ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ فِي صَرِيحِ الْعَقْلِ، وَهُوَ أَيْضًا انْقِلَابُ الْجِنْسِ مِنَ الِامْتِنَاعِ الذَّاتِيِّ إِلَى الْإِمْكَانِ الذَّاتِيِّ، فَإِنَّ ذَاتَ جِنْسِ الْحَوَادِثِ عِنْدَهُمْ تَصِيرُ مُمْكِنَةً بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مُمْتَنِعَةً، وَهَذَا الِانْقِلَابُ لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّهُ مَا مِنْ وَقْتٍ يُقَدَّرُ إِلَّا وَالْإِمْكَانُ ثَابِتٌ قَبْلَهُ، فَيَلْزَمُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ هَذَا الِانْقِلَابُ مُمْكِنًا، فَيَلْزَمُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلِ الْمُمْتَنِعُ مُمْكِنًا! وَهَذَا أَبْلَغُ فِي
    الِامْتِنَاعِ مِنْ قَوْلِنَا: لَمْ يَزَلِ الْحَادِثُ مُمْكِنًا، فَقَدْ لَزِمَهُمْ فِيمَا فَرُّوا إِلَيْهِ أَبْلَغُ مِمَّا لَزِمَهُمْ فِيمَا فَرُّوا مِنْهُ! فَإِنَّهُ يُعْقَلُ كَوْنُ الْحَادِثِ مُمْكِنًا، وَيُعْقَلُ أَنَّ هَذَا الْإِمْكَانَ لَمْ يَزَلْ، وَأَمَّا كَوْنُ الْمُمْتَنِعِ مُمْكِنًا فَهُوَ مُمْتَنِعٌ فِي نَفْسِهِ، فَكَيْفَ إِذَا قِيلَ: لَمْ يَزَلْ إِمْكَانُ هَذَا الْمُمْتَنِعِ؟! وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ.
    فَالْحَاصِلُ: أَنَّ نَوْعَ الْحَوَادِثِ هَلْ يُمْكِنُ دَوَامُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْمَاضِي أَمْ لَا؟ أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَقَطْ؟ أَوِ الْمَاضِي فَقَطْ؟
    فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مَعْرُوفَةٍ لِأَهْلِ النَّظَرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ:
    أَضْعَفُهَا: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ، لَا يُمْكِنُ دَوَامُهَا لَا فِي الْمَاضِي وَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، كَقَوْلِ جهم بن صفوان وأبي الهديل الْعَلَّافِ.
    وَثَانِيهَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: يُمْكِنُ دَوَامُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَاضِي، كَقَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ.
    وَالثَّالِثُ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: يُمْكِنُ دَوَامُهَا فِي الماضي والمستقبل، كما يقوله أئمة الحديث، هي [مِنَ] الْمَسَائِلِ الْكِبَارِ, وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ يُمْكِنُ دَوَامُهَا فِي الْمَاضِي دُونَ الْمُسْتَقْبَلِ .
    وَلَا شَكَّ أَنَّ جُمْهُورَ الْعَالَمِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ يَقُولُونَ: إِنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى مَخْلُوقٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَهَذَا قَوْلُ الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ.
    وَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالْفِطْرَةِ أَنَّ كَوْنَ الْمَفْعُولِ مُقَارِنًا لِفَاعِلِهِ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ مَعَهُ مُمْتَنِعٌ [مُحَالٌ]، وَلَمَّا كَانَ تَسَلْسُلُ الْحَوَادِثِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ هُوَ الْآخِرَ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ، فَكَذَا تَسَلْسُلُ الْحَوَادِثِ فِي الْمَاضِي لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْأَوَّلَ الَّذِي لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ, فَإِنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَتَكَلَّمُ إِذَا يَشَاءُ, قَالَ تَعَالَى: {قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [سورة آلِ عِمْرَانَ: 40] , وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [سورة الْبَقَرَةِ: 253]. وَقَالَ تَعَالَى: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [سورة الْبُرُوجِ: 15، 16]. وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [سورة لُقْمَانَ: 27]. وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الْكَهْفِ: 109].
    وَالْمُثْبِتُ إِنَّمَا هُوَ الْكَمَالُ1 الْمُمْكِنُ الْوُجُودِ، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَ النَّوْعُ دَائِمًا فَالْمُمْكِنُ وَالْأَكْمَلُ هُوَ التَّقَدُّمُ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنَ الْأَفْرَادِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ فِي أَجْزَاءِ الْعَالَمِ شَيْءٌ يُقَارِنُهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ.
    وَأَمَّا دَوَامُ الْفِعْلِ فَهُوَ أَيْضًا مِنَ الْكَمَالِ، فَإِنَّ الْفِعْلَ إِذَا كَانَ صِفَةَ كَمَالٍ فدوامه دوام كمال.
    قَالُوا: وَالتَّسَلْسُلُ لَفْظٌ مُجْمَلٌ، لَمْ يَرِدْ بِنَفْيِهِ وَلَا إِثْبَاتِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ، لِيَجِبَ مُرَاعَاةُ لَفْظِهِ، وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى وَاجِبٍ وَمُمْتَنِعٍ وَمُمْكِنٍ, فالتسلسل فِي الْمُؤَثِّرِينَ مُحَالٌ مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُؤَثِّرُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ اسْتَفَادَ تَأْثِيرَهُ مما قَبْلَهُ لَا إِلَى غَايَةٍ.
    وَالتَّسَلْسُلُ الْوَاجِبُ: مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ وَالشَّرْعُ، مِنْ دَوَامِ أَفْعَالِ الرَّبِّ تَعَالَى فِي الْأَبَدِ، وَأَنَّهُ كُلَّمَا انْقَضَى لِأَهْلِ الْجَنَّةِ نَعِيمٌ أَحْدَثَ لَهُمْ نَعِيمًا آخَرَ لَا نَفَادَ لَهُ، وَكَذَلِكَ التَّسَلْسُلُ فِي أَفْعَالِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ طَرَفِ الْأَزَلِ، وَأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ مَسْبُوقٌ بِفِعْلٍ آخَرَ، فَهَذَا وَاجِبٌ فِي كَلَامِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ، وَلَمْ تَحْدُثْ لَهُ صِفَةُ الْكَلَامِ فِي وَقْتٍ، وَهَكَذَا أَفْعَالُهُ الَّتِي هِيَ مِنْ لَوَازِمِ حَيَاتِهِ، فَإِنَّ كُلَّ حَيٍّ فَعَّالٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ: الفعل، وَلِهَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ: الْحَيُّ الْفَعَّالُ، وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ: كُلُّ حَيٍّ فَعَّالٌ، وَلَمْ يَكُنْ رَبُّنَا تَعَالَى قَطُّ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ مُعَطَّلًا عَنْ كَمَالِهِ، مِنَ الْكَلَامِ وَالْإِرَادَةِ وَالْفِعْلِ.
    وَأَمَّا التَّسَلْسُلُ الْمُمْكِنُ: فَالتَّسَلْسُلُ فِي مَفْعُولَاتِهِ مِنْ هَذَا الطَّرَفِ، كَمَا تَتَسَلْسَلُ فِي طَرَفِ الْأَبَدِ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَزَلْ حَيًّا قَادِرًا مُرِيدًا مُتَكَلِّمًا، وَذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِ ذاته, فالفعل ممكن له بموجب هَذِهِ الصِّفَاتِ لَهُ، وَأَنْ يَفْعَلَ أَكْمَلُ مِنْ أَنْ لَا يَفْعَلَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ مَعَهُ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ تَقَدُّمًا لَا أَوَّلَ لَهُ، فَلِكُلِّ مَخْلُوقٍ أَوَّلُ، وَالْخَالِقُ سُبْحَانَهُ لَا أَوَّلَ لَهُ، فَهُوَ وَحْدَهُ الْخَالِقُ، وَكُلُّ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لم يكن. قَالُوا: وَكُلُّ قَوْلٍ سِوَى هَذَا فَصَرِيحُ الْعَقْلِ يَرُدُّهُ وَيَقْضِي بِبُطْلَانِهِ، وَكُلُّ مَنِ اعْتَرَفَ بِأَنَّ الرَّبَّ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ لَزِمَهُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ، لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُمَا: إِمَّا أَنْ يَقُولَ بِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يَزَلْ مُمْكِنًا، وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ لَمْ يَزَلْ وَاقِعًا، وَإِلَّا تَنَاقَضَ تَنَاقُضًا بَيِّنًا، حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ الرَّبَّ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ، وَالْفِعْلُ مُحَالٌ مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ، لَوْ أَرَادَهُ لَمْ يُمْكِنْ وُجُودُهُ، بَلْ فَرْضُ إِرَادَتِهِ عِنْدَهُ مُحَالٌ وَهُوَ مَقْدُورٌ لَهُ, وَهَذَا قَوْلٌ يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا.
    وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ، أَنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى مُحْدَثٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ, أَمَّا كَوْنُ الرَّبِّ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ مُعَطَّلًا عَنِ الْفِعْلِ ثُمَّ فَعَلَ، فَلَيْسَ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي الْعَقْلِ مَا يُثْبِتُهُ، بَلْ كِلَاهُمَا يَدُلُّ عَلَى نَقِيضِهِ.
    وَقَدْ أَوْرَدَ أَبُو الْمَعَالِي فِي إِرْشَادِهِ وَغَيْرُهُ مِنَ النُّظَّارِ عَلَى التَّسَلْسُلِ فِي الماضي، فقالوا: إنك لَوْ قُلْتَ: لَا أُعْطِيكَ دِرْهَمًا إِلَّا أُعْطِيكَ بَعْدَهُ دِرْهَمًا، كَانَ هَذَا مُمْكِنًا، وَلَوْ قُلْتَ: لَا أُعْطِيكَ دِرْهَمًا حَتَّى أُعْطِيَكَ قَبْلَهُ دِرْهَمًا، كَانَ هَذَا مُمْتَنِعًا.
    وَهَذَا التَّمْثِيلُ وَالْمُوَازَنَة ُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، بَلِ الْمُوَازَنَةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ تَقُولَ: مَا أَعْطَيْتُكَ دِرْهَمًا إِلَّا أَعْطَيْتُكَ قَبْلَهُ دِرْهَمًا، فَتَجْعَلَ مَاضِيًا قَبْلَ مَاضٍ، كَمَا جَعَلْتَ هُنَاكَ مُسْتَقْبَلًا بَعْدَ مُسْتَقْبَلٍ, وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: لَا أُعْطِيكَ حَتَّى أُعْطِيَكَ قَبْلَهُ، فَهُوَ نَفْيٌ لِلْمُسْتَقْبَل ِ حَتَّى يَحْصُلَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَيَكُونُ قَبْلَهُ, فَقَدْ نَفَى المستقبل حتى يوجد المستقبل، وهذا ممتنع, أما نفي الْمَاضِيَ حَتَّى يَكُونَ قَبْلَهُ مَاضٍ، فَإِنَّ هَذَا ممكن, والعطاء المستقبل ابتداؤه من المستقبل[ ونحن نقول بتعاقب الافعال وتجددها فى الماضى والمستقبل فلا يلزمنا قولك الاتى][و هذا فيه الرد على كلامك يا غريب فى قولك
    هل كان معطلا عن بعث العباد والمجيء يوم القضاء كبعث المخلوقات وحشرها والمجيء يوم الفصل ومعلوم أن الله متصف بهذه الصفات ولا يجوز أن يقال إنه معطل عنها لأنه لم يفعلها فى الأزل
    ], والمعطى الَّذِي لَهُ ابْتِدَاءٌ وَانْتِهَاءٌ لَا يَكُونُ قَبْلَهُ مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ، فَإِنَّ مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ فِيمَا يَتَنَاهَى مُمْتَنِعٌ.
    قَوْلُهُ: "لَيْسَ بعد خَلَقَ الْخَلْقَ اسْتَفَادَ اسْمَ "الْخَالِقِ" وَلَا بِإِحْدَاثِهِ الْبَرِيَّةَ اسْتَفَادَ اسْمَ "الْبَارِي"".
    ش: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَمْنَعُ تَسَلْسُلَ الْحَوَادِثِ في الماضي، ويأتي في
    كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ لَا تَفْنَيَانِ أَبَدًا وَلَا تَبِيدَانِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ كَمَا تَقَدَّمَ, وَلَا شَكَّ فِي فَسَادِ قَوْلِ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَ لِ، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجَهْمُ وَأَتْبَاعُهُ، وَقَالَ بِفَنَاءِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، لِمَا يَأْتِي مِنَ الْأَدِلَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
    وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا، مِنَ الْقَائِلِينَ بِحَوَادِثَ لَا آخِرَ لَهَا, فَأَظْهَرُ فِي الصِّحَّةِ مِنْ قَوْلِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَزَلْ حَيًّا، وَالْفِعْلُ مِنْ لَوَازِمِ الْحَيَاةِ، فَلَمْ يَزَلْ فَاعِلًا لِمَا يُرِيدُ، كَمَا وَصَفَ بِذَلِكَ نَفْسَهُ، حَيْثُ يَقُولُ: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}
    وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أُمُورٍ:
    أَحَدُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى يَفْعَلُ بِإِرَادَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ.
    الثَّانِي: أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ سَاقَ ذَلِكَ فِي مَعْرِضِ المدح والثناء على نفسه، [و] أن ذَلِكَ مِنْ كَمَالِهِ سُبْحَانَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَادِمًا لِهَذَا الْكَمَالِ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}. وَلِمَا كَانَ مِنْ أَوْصَافِ كَمَالِهِ وَنُعُوتِ جَلَالِهِ لَمْ يَكُنْ حَادِثًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ.
    الثَّالِثُ: أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا فَعَلَهُ، فَإِنَّ مَا مَوْصُولَةٌ عَامَّةٌ، أَيْ: يَفْعَلُ كُلَّ مَا يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَهَذَا فِي إِرَادَتِهِ الْمُتَعَلِّقَة ِ بِفِعْلِهِ,
    الرَّابِعُ: أَنَّ فِعْلَهُ وَإِرَادَتَهُ مُتَلَازِمَانِ، فَمَا أراد أن يفعل فعل، وَمَا فَعَلَهُ فَقَدْ أَرَادَهُ. بِخِلَافِ الْمَخْلُوقِ، فَإِنَّهُ يُرِيدُ مَا لَا يَفْعَلُ، [وَقَدْ يَفْعَلُ] مَا لا يريده, فَمَا ثَمَّ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ.
    الْخَامِسُ: إِثْبَاتُ إِرَادَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِحَسَبِ الْأَفْعَالِ، وَأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ لَهُ إِرَادَةٌ تَخُصُّهُ، [وهذا يفيد تعاقب الارادات -كتبه محمد عبد اللطيف] هَذَا هُوَ الْمَعْقُولُ فِي الْفِطَرِ، فَشَأْنُهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يُرِيدُ عَلَى الدَّوَامِ وَيَفْعَلُ مَا يُرِيدُ.
    السَّادِسُ: أَنَّ كُلَّ مَا صَحَّ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهِ إِرَادَتُهُ جَازَ فِعْلُهُ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْزِلَ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَأَنْ يَجِيءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَأَنْ يُرِيَ عِبَادَهُ نَفْسَهُ، وَأَنْ يَتَجَلَّى لَهُمْ كَيْفَ شَاءَ، وَيُخَاطِبَهُمْ ، وَيَضْحَكَ إِلَيْهِمْ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُرِيدُ سُبْحَانَهُ, لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ فِعْلُهُ، فَإِنَّهُ تَعَالَى فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ. وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ ذَلِكَ عَلَى إِخْبَارِ الصَّادِقِ بِهِ، فَإِذَا أَخْبَرَ وَجَبَ التَّصْدِيقُ، وَكَذَلِكَ مَحْوُ مَا يَشَاءُ، وَإِثْبَاتُ مَا يَشَاءُ، كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
    وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْحَوَادِثَ لَهَا أَوَّلٌ، يَلْزَمُ مِنْهُ التَّعْطِيلُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يَزَلْ غَيْرَ فَاعِلٍ ثُمَّ صَارَ فَاعِلًا,[ وهذا عين قولك يا غريب] وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ قِدَمُ الْعَالَمِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى مُحْدَثٌ مُمْكِنُ الْوُجُودِ، مَوْجُودٌ بِإِيجَادِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ، لَيْسَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ إِلَّا الْعَدَمُ، وَالْفَقْرُ وَالِاحْتِيَاجُ وَصْفٌ ذَاتِيٌّ لَازِمٌ لِكُلِّ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَاللَّهُ تَعَالَى وَاجِبُ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ، غَنِيٌّ لِذَاتِهِ، وَالْغِنَى وَصْفٌ ذَاتِيٌّ لَازِمٌ له سبحانه وتعالى.
    وَاخْتَلَفُوا فِي أَوَّلِ هَذَا الْعَالَمِ مَا هُوَ؟ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [سورة هُودٍ: 7].
    وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ أَهْلُ الْيَمَنِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ، وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ [أَوَّلِ] هَذَا الْأَمْرِ، فَقَالَ: "كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ" 1، وَفِي رِوَايَةٍ: "وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ معه"،وَفِي رِوَايَةٍ غَيْرُهُ: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَفِي لَفْظِ: ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ, فَقَوْلُهُ: "كَتَبَ فِي الذِّكْرِ", [يَعْنِي اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105] من بعد الذكر يسمى مَا يُكْتَبُ فِي الذِّكْرِ ذِكْرًا] , كَمَا يُسَمَّى مَا يُكْتَبُ فِي الْكِتَابِ كِتَابًا.

    وَالنَّاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى قَوْلَيْنِ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمَقْصُودَ إِخْبَارُهُ بِأَنَّ اللَّهَ كَانَ مَوْجُودًا وَحْدَهُ وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ دَائِمًا، ثُمَّ ابْتَدَأَ إِحْدَاثَ جَمِيعِ الْحَوَادِثِ، فَجِنْسُهَا وَأَعْيَانُهَا مَسْبُوقَةٌ بِالْعَدَمِ، وَأَنَّ جِنْسَ الزَّمَانِ حَادِثٌ لَا فِي زَمَانٍ، وَأَنَّ اللَّهَ صَارَ فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ شَيْئًا مِنَ الْأَزَلِ إِلَى حِينِ ابْتِدَاءِ الْفِعْلِ كَانَ الْفِعْلُ مُمْكِنًا [وهذا هو عين قولكم والكلام موجه الى مسلم الغريب والطيبونى], وَالْقَوْلُ الثَّانِي: الْمُرَادُ إِخْبَارُهُ عَنْ مَبْدَأِ خَلْقِ هَذَا الْعَالَمِ المشهود الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، كَمَا أَخْبَرَ الْقُرْآنُ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى مَقَادِيرَ الْخَلْقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ" 1. فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنَّ تَقْدِيرَ هَذَا الْعَالَمِ الْمَخْلُوقِ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ كَانَ قَبْلَ خَلْقِهِ السَّمَاوَاتِ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَأَنَّ عَرْشَ الرَّبِّ تَعَالَى كَانَ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَاءِ".
    دَلِيلُ صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ قَوْلَ أهل اليمن "جِئْنَاكَ لِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِوَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى حَاضِرٍ مَشْهُودٍ مَوْجُودٍ، وَالْأَمْرُ هُنَا بِمَعْنَى الْمَأْمُورِ، أَيِ الَّذِي كَوَّنَهُ اللَّهُ بِأَمْرِهِ, وَقَدْ أَجَابَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَدْءِ هَذَا الْعَالَمِ الْمَوْجُودِ، لَا عَنْ جِنْسِ الْمَخْلُوقَاتِ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْأَلُوهُ عَنْهُ، وَقَدْ أَخْبَرَهُمْ عَنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ حَالَ كَوْنِ عَرْشِهِ عَلَى الْمَاءِ، وَلَمْ يُخْبِرْهُمْ عَنْ خَلْقِ الْعَرْشِ، وَهُوَ مَخْلُوقٌ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ, وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: "كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ"، وَقَدْ رُوِيَ مَعَهُ، وَرُوِيَ غَيْرُهُ، وَالْمَجْلِسُ كَانَ وَاحِدًا، فَعُلِمَ أَنَّهُ قَالَ أَحَدَ الألفاظ والآخران رؤيا بِالْمَعْنَى، وَلَفْظُ "الْقَبْلِ" ثَبَتَ عَنْهُ فِي غَيْرِ هذا الحديث, ففي حديث مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ" ، الْحَدِيثَ. وَاللَّفْظَانِ الْآخَرَانِ لَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَلِهَذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِنَّمَا يَرْوِيهِ بِلَفْظِ الْقَبْلِ، كَالْحُمَيْدِيّ ِ وَالْبَغَوِيِّ وَابْنِ الْأَثِيرِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا اللَّفْظِ تَعَرُّضٌ لِابْتِدَاءِ الْحَوَادِثِ، وَلَا لِأَوَّلِ مَخْلُوقٍ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يُقَالُ: "كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ". فَأَخْبَرَ عَنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِالْوَاوِ، وَ"خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ" رُوِيَ بِالْوَاوِ وَبِثُمَّ، فَظَهَرَ أَنَّ مَقْصُودَهُ إِخْبَارُهُ إِيَّاهُمْ بِبَدْءِ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَهِيَ الْمَخْلُوقَاتُ الَّتِي خُلِقَتْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، لَا ابْتِدَاءِ خَلْقِ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى خَلْقِهِمَا، وَذَكَرَ مَا قَبْلَهُمَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ وَوُجُودِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِابْتِدَاءِ خَلْقِهِ لَهُ, وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ قَدْ وَرَدَ بِهَذَا وَهَذَا، فَلَا يُجْزَمُ بِأَحَدِهِمَا إِلَّا بِدَلِيلٍ، فَإِذَا رَجَحَ أَحَدُهُمَا فَمَنْ جَزَمَ بِأَنَّ الرَّسُولَ أَرَادَ الْمَعْنَى الْآخَرَ فَهُوَ مُخْطِئٌ قَطْعًا، وَلَمْ يَأْتِ فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي السُّنَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الْآخَرِ، فَلَا يَجُوزُ إِثْبَاتُهُ بِمَا يُظَنُّ أَنَّهُ مَعْنَى الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَرِدْ كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ مُجَرَّدًا، وَإِنَّمَا وَرَدَ عَلَى السِّيَاقِ الْمَذْكُورِ، فَلَا يُظَنُّ أَنَّ مَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ بِتَعْطِيلِ الرَّبِّ تَعَالَى دَائِمًا عَنِ الْفِعْلِ حَتَّى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ, [ وذلكم ظنكم الذى ظننتم بربكم ياطيبونى انت ومسلم الغريب] وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ قَبْلَهُ - أَوْ مَعَهُ، أَوْ غيره - وكان عرشه على الْمَاءِ"، لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى مَوْجُودٌ وَحْدَهُ لَا مَخْلُوقَ مَعَهُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: "وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ". يَرُدُّ ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ وَهِيَ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ إِمَّا حَالِيَّةٌ، أَوْ مَعْطُوفَةٌ، وَعَلَى كلا التقديرين هو مَخْلُوقٌ مَوْجُودٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ الْمَشْهُودِ.

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    فَيَجِبُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلِ الْفِعْلُ مُمْكِنًا جَائِزًا صَحِيحًا، فَيَلْزَمُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلِ الرَّبُّ قَادِرًا عَلَيْهِ، فَيَلْزَمُ جَوَازُ حَوَادِثَ لَا نِهَايَةَ لِأَوَّلِهَا.[ وهذا فيه رد على الطيبونى]
    بهذا افهم انك لازلت لحد الان لم تفهم نقطة الخلاف .
    لماذا ؟
    جواز و امكان حوادث لا أول لها عقلا هو قولنا نحن ليس ذاك بقولك
    الا زلت لم تعلم انك تقول بالوجوب و الا تخلف الكمال بعدم ظهور آثار الصفات على قولك
    ففرق بين امكان وجواز تسلسل الخلق في الأزل لأن ذلك يرجع لمشيئة الحكيم العليم
    و بين القول بالوجوب في الازل . فالواجب يلزم وقوعه و لا بد
    فتعليل التسلسل بظهور الكمال و إلا لزم من عدم ذلك النقص
    معناه الحكم بالبطلان على من يقول بالجواز و الامكان
    لان معنى الجواز و الامكان - ان ذلك ليس بممتنع ممكن يقع و ممكن لا يقع . الامر راجع للمشيئة
    و انت تقول ان ذلك لا يرجع للمشيئة . بل لا بد ان يقع او لزم النقص و التعطيل
    ثم تقول بالجواز و الامكان !

    حاول ان تفهم هذا جيدا . ثم ننتقل لباقي الكلام
    ان شئت ذلك ؟

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •