تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: القلب المعمور بالتقوى إذا رجح بمجرد رأيه فهل هو ترجيح شرعي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي القلب المعمور بالتقوى إذا رجح بمجرد رأيه فهل هو ترجيح شرعي

    قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله
    القلب المعمور بالتقوى إذا رجح بمجرد رأيه فهو ترجيح شرعي قال : فمتى ما وقع عنده وحصل في قلبه ما بطن معه إن هذا الأمر أو هذا الكلام أرضى لله ورسوله كان هذا ترجيحا بدليل شرعي والذين أنكروا كون الإلهام ليس طريقا إلى الحقائق مطلقا أخطئوا فإذا اجتهد العبد في طاعة الله وتقواه كان ترجيحه لما رجح أقوى من أدلة كثيرة ضعيفة فإلهام مثل هذا دليل في حقه وهو أقوى من كثير من الأقيسة الضعيفة والموهومة والظواهر والاستصحابات الكثيرة التي يحتج بها كثير من الخائضين في المذاهب والخلاف؛ وأصول الفقه . وقد قال عمر بن الخطاب : اقربوا من أفواه المطيعين واسمعوا منهم ما يقولون؛ فإنهم تتجلى لهم أمور صادقة . وحديث مكحول المرفوع " ما أخلص عبد العبادة لله تعالى أربعين يوما إلا أجرى الله الحكمة على قلبه؛ وأنطق بها لسانه وفي رواية إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه " . وقال أبو سليمان الداراني : إن القلوب إذا اجتمعت على التقوى جالت في الملكوت؛ ورجعت إلى أصحابها بطرف الفوائد؛ من غير أن يؤدي إليها عالم علما . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الصلاة نور؛ والصدقة برهان؛ والصبر ضياء " ومن معه نور وبرهان وضياء كيف لا يعرف حقائق الأشياء من فحوى كلام أصحابها ؟ ولا سيما الأحاديث النبوية؛ فإنه يعرف ذلك معرفة تامة؛ لأنه قاصد العمل بها؛ فتتساعد في حقه هذه الأشياء مع الامتثال ومحبة الله ورسوله حتى أن المحب يعرف من فحوى كلام محبوبه مراده منه تلويحا لا تصريحا .
    والعين تعرف من عيني محدثها إن كان من حزبها أو من أعاديها
    إنارة العقل مكسوف بطوع هوى وعقل عاصي الهوى يزداد تنويرا
    وفي الحديث الصحيح : " لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها " ومن كان توفيق الله له كذلك فكيف لا يكون ذا بصيرة نافذة ونفس فعالة ؟ وإذا كان الإثم والبر في صدور الخلق له تردد وجولان؛ فكيف حال من الله سمعه وبصره وهو في قلبه . وقد قال ابن مسعود : الإثم حواز القلوب وقد قدمنا أن الكذب ريبة والصدق طمأنينة فالحديث الصدق تطمئن إليه النفس ويطمئن إليه القلب . وأيضا فإن الله فطر عباده على الحق؛ فإذا لم تستحل الفطرة : شاهدت الأشياء على ما هي عليه؛ فأنكرت منكرها وعرفت معروفها . قال عمر : الحق أبلج لا يخفى على فطن . فإذا كانت الفطرة مستقيمة على الحقيقة منورة بنور القرآن . تجلت لها الأشياء على ما هي عليه في تلك المزايا وانتفت عنها ظلمات الجهالات فرأت الأمور عيانا مع غيبها عن غيرها . وفي السنن والمسند وغيره عن النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ضرب الله مثلا صراطا مستقيما؛ وعلى جنبتي الصراط سوران؛ وفي السورين أبواب مفتحة؛ وعلى الأبواب ستور مرخاة؛ وداع يدعو على رأس الصراط . وداع يدعو من فوق الصراط؛ والصراط المستقيم هو الإسلام؛ والستور المرخاة حدود الله؛ والأبواب المفتحة محارم الله فإذا أراد العبد أن يفتح بابا من تلك الأبواب ناداه المنادي : يا عبد الله لا تفتحه؛ فإنك إن فتحته تلجه . والداعي على رأس الصراط كتاب الله؛ والداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مؤمن " فقد بين في هذا الحديث العظيم - الذي من عرفه انتفع به انتفاعا بالغا إن ساعده التوفيق؛ واستغنى به عن علوم كثيرة - أن في قلب كل مؤمن واعظا والوعظ هو الأمر والنهي؛ والترغيب والترهيب . وإذا كان القلب معمورا بالتقوى انجلت له الأمور وانكشفت؛ بخلاف القلب الخراب المظلم؛ قال حذيفة بن اليمان : إن في قلب المؤمن سراجا يزهر . وفي الحديث الصحيح : " إن الدجال مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن قارئ وغير قارئ " فدل على أن المؤمن يتبين له ما لا يتبين لغيره؛ ولا سيما في الفتن وينكشف له حال الكذاب الوضاع على الله ورسوله؛ فإن الدجال أكذب خلق الله مع أن الله يجري على يديه أمورا هائلة ومخاريق مزلزلة حتى إن من رآه افتتن به فيكشفها الله للمؤمن حتى يعتقد كذبها وبطلانها . وكلما قوي الإيمان في القلب قوي انكشاف الأمور له؛ وعرف حقائقها من بواطلها وكلما ضعف الإيمان ضعف الكشف وذلك مثل السراج القوي والسراج الضعيف في البيت المظلم؛ ولهذا قال بعض السلف في قوله : {نُّورٌ عَلَى نُور } [ النور : 35 ] قال : هو المؤمن ينطق بالحكمة المطابقة للحق وإن لم يسمع فيها بالأثر فإذا سمع فيها بالأثر كان نورا على نور .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    فالإيمان الذي في قلب المؤمن يطابق نور القرآن؛ فالإلهام القلبي تارة يكون من جنس القول والعلم؛ والظن أن هذا القول كذب . وأن هذا العمل باطل؛ وهذا أرجح من هذا؛ أو هذا أصوب . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قد كان في الأمم قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي منهم أحد فعمر " .
    والمحدث : هو الملهم المخاطب في سره . وما قال عمر لشيء : إني لأظنه كذا وكذا إلا كان كما ظن وكانوا يرون أن السكينة تنطق على قلبه ولسانه . وأيضا فإذا كانت الأمور الكونية قد تنكشف للعبد المؤمن لقوة إيمانه يقينا وظنا؛ فالأمور الدينية كشفها له أيسر بطريق الأولى؛ فإنه إلى كشفها أحوج فالمؤمن تقع في قلبه أدلة على الأشياء لا يمكنه التعبير عنها في الغالب فإن كل أحد لا يمكنه إبانة المعاني القائمة بقلبه فإذا تكلم الكاذب بين يدي الصادق عرف كذبه من فحوى كلامه فتدخل عليه نخوة الحياء الإيماني فتمنعه البيان ولكن هو في نفسه قد أخذ حذره منه وربما لوح أو صرح به خوفا من الله وشفقة على خلق الله ليحذروا من روايته أو العمل به . وكثير من أهل الإيمان والكشف يلقي الله في قلبه أن هذا الطعام حرام؛ وأن هذا الرجل كافر؛ أو فاسق؛ أو ديوث؛ أو لوطي؛ أو خمار؛ أو مغن؛ أو كاذب؛ من غير دليل ظاهر بل بما يلقي الله في قلبه . وكذلك بالعكس يلقي في قلبه محبة لشخص وأنه من أولياء الله؛ وأن هذا الرجل صالح؛ وهذا الطعام حلال وهذا القول صدق؛ فهذا وأمثاله لا يجوز أن يستبعد في حق أولياء الله المؤمنين المتقين . وقصة الخضر مع موسى هي من هذا الباب وأن الخضر علم هذه الأحوال المعينة بما أطلعه الله عليه . وهذا باب واسع يطول بسطه قد نبهنا فيه على نكت شريفة تطلعك على ما وراءها . [مجموع الفتاوى -الجزء العشرون]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: القلب المعمور بالتقوى إذا رجح بمجرد رأيه فهل هو ترجيح شرعي


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: القلب المعمور بالتقوى إذا رجح بمجرد رأيه فهل هو ترجيح شرعي

    ويقول ابن القيم فى هذا المعنى:
    والمعول في ذلك كله ـ يعني إصابة الحق ـ على حسن النية، وخلوص القصد، وصدق التوجه في الاستمداد من المعلم الأول معلم الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، فإنه لا يرد من صدق في التوجه إليه لتبليغ دينه وإرشاد عبيده ونصيحتهم والتخلص من القول عليه بلا علم، فإذا صدقت نيته ورغبته في ذلك لم يعدم أجرا إن فاته أجران، والله المستعان، وسئل الإمام أحمد، فقيل له: ربما اشتد علينا الأمر من جهتك، فمن نسأل بعدك؟ فقال: سلوا عبد الوهاب الوراق، فإنه أهل أن يوفق للصواب، واقتدى الإمام أحمد بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اقتربوا من أفواه المطيعين واسمعوا منهم ما يقولون، فإنهم تجلى لهم أمور صادقة، وذلك لقرب قلوبهم من الله، وكلما قرب القلب من الله زالت عنه معارضات السوء، وكان نور كشفه للحق أتم وأقوى، وكلما بعد عن الله كثرت عليه المعارضات، وضعف نور كشفه للصواب، فإن العلم نور يقذفه الله في القلب، يفرق به العبد بين الخطأ والصواب، وقال مالك للشافعي ـ رضي الله عنهما ـ في أول ما لقيه: إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية، وقد قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا {الأنفال: 29} ومن الفرقان النور الذي يفرق به العبد بين الحق والباطل، وكلما كان قلبه أقرب إلى الله كان فرقانه أتم. اهـ.
    لكن كون صدق النية سببا لإصابة الحق ليس معناه أن يعوَّل المسلم على ما ينشرح له صدره فقط، بل الواجب هو اتباع الأدلة الشرعية الظاهرة وسلوك سبل الترجيح بينها عند التعارض، فإذا عدمت سبل الترجيح الظاهرة فحينئذ يكون ما يميل له قلب المؤمن المعمور بتقوى الله وإخلاص النية له مرجحا يُعمل به عند تعارض الأدلة واشتباه الوقائع،

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: القلب المعمور بالتقوى إذا رجح بمجرد رأيه فهل هو ترجيح شرعي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    فإن العلم نور يقذفه الله في القلب، يفرق به العبد بين الخطأ والصواب،
    قال السعدي رحمه الله:
    فلولا نوره تعالى لتراكمت الظلمات، ولهذا كل محل يفقد نوره فثمَّ الظلمة والحصر
    ومن رحمة الله بعباده أن بعث إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه ليخرجهم من الظلمات إلى النور
    وقال سبحانه وتعالى: ﴿ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [إبراهيم:1]
    قال السعدي رحمه الله:
    يخبر تعالى أنه أنزل كتابه على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم لنفع الخلق، ليخرج الناس من ظلمات الجهل والكفر والأخلاق السيئة، وأنواع المعاصي، إلى نور العلم والإيمان والأخلاق الحسنة.
    قال الله عز وجل: ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ﴾ [الأنعام:122]
    قال ابن القيم رحمه الله:
    يصف سبحانه هذا الضرب من الناس بأنهم أموات غير أحياء، وبأنهم في الظلمات لا يخرجون منها، ولهذا كانت الظلمة مستولية عليهم من جميع جهاتهم، فقلوبهم مظلمة ترى الحق في صورة باطل، والباطل في صورة الحق، وأعمالهم مظلمة، وأقوالهم مظلمة، وأحوالهم كلها مظلمة، وقبورهم ممتلئة عليهم ظلمة، وإذا قُسمت الأنوار دون الجسر للعبور عليه بقوا في الظلمات، ومدخلهم في النور مظلم...فالظلمة لازمة لهم في دورهم الثلاث."
    ومن كان أعمى البصيرة في الدنيا، فإنه يوم القيامة أعمى البصر والبصيرة،
    قال الله عز وجل: ﴿ وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء:72] وأعمى البصيرة في ظلمات وهو لا يشعر فقلبه مظلم ووجه مظلم وكلامه مظلم وحاله مظلم.
    إن من يعيش في تلك الظلمات ليس كمن يعيش في نور التوحيد، والإيمان، والتقوى، والطاعة، والصلاح،
    فالظلمات لا تستوي مع النور أبداً،
    قال الله عز وجل: ﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ ﴾ [فاطر:20-21] ومن يعيش في تلك الظلمات فحياته قلق ورعب، وحزن وهم، وضيق وغم، وحيره وخوف، وتخبط وضياع، قال الله عز وجل: ﴿ ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور ﴾ [النور:40]
    أما من يعيش في نور الإيمان والطاعة فحياته فرح وسرور، وراحة نفسية، وطمأنينة قلبية، وانشراح الصدر، حياة لو ذاقها الملوك وأبناء الملوك لقاتلوهم عليها بالسيوف................
    وقال ابن القيم رحمه الله:
    الخارجون عن طاعة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، ومتابعتهم يتقلبون في عشر ظلمات: ظلمة الطبع، وظلمة الجهل، وظلمة الهوى، وظلمة القول، وظلمة العمل، وظلمة المدخل، وظلمة المخرج، وظلمة القبر، وظلمة القيامة، وظلمة دار القرار.
    قال الشيخ صالح آل الشيخ:
    " الظلمات جاءت في القرآن على أنواع:
    الظلمة الأولى: ظلمة الشرك...ونورها توحيد الله عز وجل الظلمة
    الثانية: ظلمة الجهل، ونورها العلم بالله عز وجل الظلمة
    الثالثة: ظلمة البدعة والخروج عن صراط النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به ونورها باتباع السنة
    الظلمة الرابعة والأخيرة: ظلمة الهوى، والمعصية، والشهوة، ونورها بتقوى الله جل جلاله، والخوف من لقائه. فهذه أنواع الظلمات في القرآن...
    ولهذا ما أعظم الحاجة إلى أن يتخلص الإنسان من الظلمات، ولا بدَّ لكل قلب من نوع من أنواع الظلمة قلت، أو كثرت." ومن يعيش في ظلمات الكفر والشرك والبدعة، يعتقد بجهله أنه يستطيع إطفاء نور الله، وهو دينه، بكثرة الجدال، قال الله عز وجل: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [التوبة:32]
    قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:
    يقول تعالى يريد هؤلاء الكفار من المشركين وأهل الكتاب ﴿ أن يطفئوا نور الله ﴾ أي ما بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق بمجرد جدالهم وافترائهم فمثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفئ شعاع الشمس أو نور القمر بنفخه، وهذا لا سبيل إليه،
    فكذلك ما أرسل به رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بدَّ أن يتمَّ ويظهر،
    قال العلامة السعدي رحمه الله:
    ﴿ ويأبى الله إلا أن يتم نوره ﴾ أنه النور الباهر، الذي لا يمكن لجميع الخلق لو اجتمعوا على إطفائه أن يطفئوه، والذي إنزاله جميع نواصي العباد بيده، وقد تكفل بحفظه من كل من يريده بسوء."
    قال السعدي رحمه الله:
    أخبر تعالى أن الذين أمنوا بالله وصدقوا إيمانهم بالقيام بواجبات الإيمان، وترك كل ما ينافيه، أنه وليهم، يتولاهم بولايته الخاصة..فيخرجهم من ظلمات الجهل والكفر والمعاصي والغفلة والإعراض، إلى نور العلم واليقين والإيمان والطاعة والإقبال على ربهم، وينور قلوبهم، بما يقذفه فيها من نور الوحي والإيمان."
    قال الشيخ صالح آل الشيخ:
    واختلاف النور باختلاف الإيمان، واختلاف منزلة العبد في تحقيق الإيمان...فليس إيمان كل أحدٍ متساوياً..وتفاوت هم في الإيمان..هذا بحسبه يكون اختلاف النور.
    وقال الشيخ صالح آل الشيخ:
    التقوى في القرآن والسنة على ثلاث مراتب، وهي:
    المرتبة الأولى: تقوى الله بالإسلام والتوحيد، والكفر بالطاغوت والشرك. المرتبة الثانية: تقوى الله بامتثال الواجبات وترك المحرمات المرتبة الثالثة: تقوى الله بامتثال المستحبات، وترك المكروهات، وترك ما يؤدي إلى المشتبهات، والمحرمات،
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
    غضُّ البصر عن الصورة التي نُهي عن النظر إليها كالمرأة والأمرد الحسن يورث ذلك ثلاث فوائد جليلة القدر...الفائدة الثانية: يورث نور القلب والفراسة...والله تعالى يجزي العبد على عمله بما هو من جنس عمله فغض بصره عما حرم يعوضه الله عليه من جنسه بما هو خير منه فيطلق نور بصيرته ويفتح عليه باب العلم والمعرفة والكشوف ونحو ذلك مما ينال ببصيرة القلب، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: في غضِّ البصر عدّة منافع....الرابع: أنه يكسب القلب نوراً. قالة ابن عثيمين رحمه الله:ما جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم كله نور..يشع، إن تأملت أخباره استنرت بها، وأحكامه كذلك، فهو نور يستنير به الإنسان في طريقه إلى الله عز وجل، وفي طريقه إلى معاملة عباد الله، هو أيضاً نور في القلب، فكل من تمسك بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ازداد نوراً في قلبه. ويظهر أثر ذلك نور القلب في قوة الفراسة، ودقة الاستنباط للإحكام الشرعية، وزيادة المعرفة بشريعة الله،، وغير ذلك،
    قال الله عز وجل: ﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ﴾ [الزمر:22] قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: من فوائد الآية الكريمة: أن من شرح الله صدره للإسلام فقبل الحق، فإنه على نور من ربه، ويتفرع عليها: زيادة علمه، لأن العلم نور،
    كما قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾ [النساء:174]
    ويتفرع عليها: قوة الفراسة بمعنى أن الله يعطى الإنسان فراسة، بحيث يعلم ما في قلوب الناس من لمحات وجوههم، بل أكثر من ذلك يستدلُّ بالحاضر على الغائب ويُعطيه استنتاجات لا تكون لغيره.
    ويظهر أثر نور القلب في انكشاف حقائق الأشياء له، في والفرقان بين الحق والباطل، فهو يمشي بين الناس
    قال ابن القيم رحمه الله:
    كما يمشي الرجل بالسراج المضيء في الظلمة، فهو يرى أهل الظلمة في ظلماتهم، وهم لا يرونه، كالبصير الذي يمشي بين العميان، وقال رحمه الله: أضاء لهم نور الوحي المبين فرأوا في نوره أهل الظلمات في ظلمات آرائهم يعمهون، وفي ضلالتهم يتهوكون، وفي ريبهم يترددون.
    قال السعدي رحمه الله:
    ما يقع في القلوب من الإلهامات والكشوف، التي يكثر وقوعها...لا تدل بمجردها على أنها حق، ولا تصدق حتى تعرض على كتاب الله وسنة رسوله، فإن شهد لها بالقبول، قبلت، وإن ناقضتها ردت، وإن لم يعلم شيء من ذلك، توقف فيها ولم تصدق، ولم تكذب، لأن الوحي والإلهام يكون من الشيطان، فلا بد من التمييز بينهما والفرقان،
    قال ابن القيم رحمه الله:
    ترى صاحب إتباع الأمر والسنة قد كُسي من الروح والنور وما يتبعهما من الحلاوة والمهابة والجلالة والقبول ما قد حُرمه غيره، كما قال الحسن: إن المؤمن رُزق حلاوة ومهابة،
    وقال رحمه الله:
    المهابة أثر من آثار امتلاء القلب بعظمة الله ومحبته وإجلاله،
    فإذا امتلاء القلبُ بذلك حلَّ فيه النورُ، ونزلت عليه السكينة، وأُلبس رداء الهيبة،
    فاكتسى وجهُه الحلاوة والمهابة، فأخذ بمجامع القلوب محبةً ومهابةً.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: القلب المعمور بالتقوى إذا رجح بمجرد رأيه فهل هو ترجيح شرعي

    قال ابن القيم رحمه الله فى مدارج السالكين
    الْبَصِيرَةَ هِيَ نُورٌ فِي الْقَلْبِ يُبْصِرُ بِهِ الْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ، وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ فِي هَذِهِ لِأَوْلِيَائِهِ ، وَفِي هَذِهِ لِأَعْدَائِهِ، فَأَبْصَرَ النَّاسَ وَقَدْ خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ مُهْطِعِينَ لِدَعْوَةِ الْحَقِّ، وَقَدْ نَزَلَتْ مَلَائِكَةُ السَّمَاوَاتِ فَأَحَاطَتْ بِهِمْ، وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ، وَقَدْ نُصِبَ كُرْسِيُّهُ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَقَدْ نُصِبَ الْمِيزَانُ، وَتَطَايَرَتِ الصُّحُفُ، وَاجْتَمَعَتِ الْخُصُومُ، وَتَعَلَّقَ كُلُّ غَرِيمٍ بِغَرِيمِهِ، وَلَاحَ الْحَوْضُ وَأَكْوَابُهُ عَنْ كَثَبٍ، وَكَثُرَ الْعِطَاشُ وَقَلَّ الْوَارِدِ، وَنُصِبَ الْجِسْرُ لِلْعُبُورِ، وَلُزَّ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَقُسِّمَتِ الْأَنْوَارُ دُونَ ظُلْمَتِهِ لِلْعُبُورِ عَلَيْهِ، وَالنَّارُ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا تَحْتَهُ، وَالْمُتَسَاقِط ُونَ فِيهَا أَضْعَافُ أَضْعَافِ النَّاجِينَ فينفتح فِي قَلْبِهِ عَيْنٌ يَرَى بِهَا ذَلِكَ، وَيَقُومُ بِقَلْبِهِ شَاهِدٌ مِنْ شَوَاهِدِ الْآخِرَةِ يُرِيهِ الْآخِرَةَ وَدَوَامَهَا، وَالدُّنْيَا وَسُرْعَةَ انْقِضَائِهَا.[مَنْزِلَةُ الْبَصِيرَةِ]فَالْبَصِيرَةُ مَعْنَاهَا نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي الْقَلْبِ، يَرَى بِهِ حَقِيقَةَ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ، كَأَنَّهُ يُشَاهِدُهُ رَأْيَ عَيْنٍ، فَيَتَحَقَّقُ مَعَ ذَلِكَ انْتِفَاعُهُ بِمَا دَعَتْ إِلَيْهِ الرُّسُلُ، وَتَضَرُّرُهُ بِمُخَالَفَتِهِ مْ،
    وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِ الْعَارِفِينَ:
    الْبَصِيرَةُ تَحَقُّقُ الِانْتِفَاعِ بِالشَّيْءِ وَالتَّضَرُّرُ بِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْبَصِيرَةُ مَا خَلَّصَكَ مِنَ الْحَيْرَةِ، إِمَّا بِإِيمَانٍ وَإِمَّا بِعِيَانٍ.
    وقال رحمه الله فى شرح المدارج

    ﻳﺮﻳﺪ ﺑﺎﻟﺒﺼﻴﺮﺓ ﻓﻲ اﻟﻜﺸﻒ ﻭاﻟﻌﻴﺎﻥ ﺃﻥ ﺗﺘﻔﺠﺮ ﺑﻬﺎ ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ اﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﺐ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ ” ﺗﻔﺠﺮ اﻟﻌﻠﻢ ” ﻷﻥ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺃﺧﺺ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻨﺪ اﻟﻘﻮﻡ، ﻭﻧﺴﺒﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ اﻟﻌﻠﻢ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺮﻭﺡ ﺇﻟﻰ اﻟﺠﺴﺪ، ﻓﻬﻲ ﺭﻭﺡ اﻟﻌﻠﻢ ﻭﻟﺒﻪ.
    ﻭﺻﺪﻕ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﺈﻥ ﺑﻬﺬﻩ اﻟﺒﺼﻴﺮﺓ ﺗﺘﻔﺠﺮ ﻣﻦ ﻗﻠﺐ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﺭﻑ، اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﺎﻝ ﺑﻜﺴﺐ ﻭﻻ ﺩﺭاﺳﺔ، ﺇﻥ ﻫﻮ ﺇﻻ ﻓﻬﻢ ﻳﺆﺗﻴﻪ اﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪا ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻭﺩﻳﻨﻪ، ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺑﺼﻴﺮﺓ ﻗﻠﺒﻪ...........
    ويقول ابن القيم رحمه الله
    : ومن لم يقبل هدى الله، ولم يرفع به رأسًا دَخَلَ قَلْبُهُ فِي الْغلَافِ، وَالْأَكِنَّةِ، فَأَظْلَمَ، وَعَمِيَ عَنِ الْبَصِيرَةِ، فَحُجِبَتْ عَنْهُ حَقَائِقُ الْإِيمَانِ، فَيَرَى الْحَقَّ بَاطِلًا، وَالْبَاطِلَ حَقًّا، وَالرُّشْدَ غَيًّا، وَالْغَيَّ رُشْدًا، قَالَ تَعَالَى {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14] "وَالرَّيْنُ" "وَالرَّانُّ" هُوَ الْحِجَابُ الْكَثِيفُ الْمَانِعُ لِلْقَلْبِ مِنْ رُؤْيَةِ الْحَقِّ، وَالِانْقِيَادِ لَهُ. انتهى.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: القلب المعمور بالتقوى إذا رجح بمجرد رأيه فهل هو ترجيح شرعي

    لجوء طالب الحق للإلهام حال انسداد وجوه الترجيح.. رؤية شرعية

    السؤال

    إذا احتار المسلم في أمر أيقدم عليه أم يحجم، فهل إذا قال مع نفسه أنوي في نفسي أن أفعل الأرضى لله والأصلح والأحب إليه، وهو لا يعلمه على وجه التأكيد، لأنّ هذا الأمر اجتمعت فيه مفسدة ومصلحة وسأل النّاس، فاختلفوا فيه، فهل بهذه النّية فقط سوف يشرح الله له صدره إلى ما ينوي؟.


    الإجابــة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
    فإن مما لا ريب فيه أن صدق النية مع الله، وخلوص السريرة في طلب مرضاته سبحانه سبب لإصابة الحق، والتوفيق لما يحبه تعالى، يقول ابن القيم شارحًا هذا المعنى: والمعول في ذلك كله ـ يعني إصابة الحق ـ على حسن النية، وخلوص القصد، وصدق التوجه في الاستمداد من المعلم الأول معلم الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، فإنه لا يرد من صدق في التوجه إليه لتبليغ دينه وإرشاد عبيده ونصيحتهم والتخلص من القول عليه بلا علم، فإذا صدقت نيته ورغبته في ذلك لم يعدم أجرا إن فاته أجران، والله المستعان، وسئل الإمام أحمد، فقيل له: ربما اشتد علينا الأمر من جهتك، فمن نسأل بعدك؟
    فقال: سلوا عبد الوهاب الوراق، فإنه أهل أن يوفق للصواب، واقتدى الإمام أحمد بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اقتربوا من أفواه المطيعين واسمعوا منهم ما يقولون، فإنهم تجلى لهم أمور صادقة، وذلك لقرب قلوبهم من الله، وكلما قرب القلب من الله زالت عنه معارضات السوء، وكان نور كشفه للحق أتم وأقوى، وكلما بعد عن الله كثرت عليه المعارضات، وضعف نور كشفه للصواب، فإن العلم نور يقذفه الله في القلب، يفرق به العبد بين الخطأ والصواب، وقال مالك للشافعي ـ رضي الله عنهما ـ في أول ما لقيه: إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية، وقد قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا {الأنفال: 29}
    ومن الفرقان النور الذي يفرق به العبد بين الحق والباطل، وكلما كان قلبه أقرب إلى الله كان فرقانه أتم. اهـ.
    لكن كون صدق النية سببا لإصابة الحق ليس معناه أن يعوَّل المسلم على ما ينشرح له صدره فقط، بل الواجب هو اتباع الأدلة الشرعية الظاهرة وسلوك سبل الترجيح بينها عند التعارض، فإذا عدمت سبل الترجيح الظاهرة فحينئذ يكون ما يميل له قلب المؤمن المعمور بتقوى الله وإخلاص النية له مرجحا يُعمل به عند تعارض الأدلة واشتباه الوقائع، قال ابن تيمية: فالترجيح بمجرد الإرادة التي لا تستند إلى أمر علمي باطن ولا ظاهر لا يقول به أحد من أئمة العلم والزهد، فأئمة الفقهاء والصوفية لا يقولون هذا، لكن قد يقال: القلب المعمور بالتقوى إذا رجح بإرادته، فهو ترجيح شرعي، وعلى هذا التقدير فمن غلب على قلبه إرادة ما يحبه الله وبغض ما يكرهه الله إذا لم يدر في الأمر المعين هل هو محبوب لله أو مكروه؟ ورأى قلبه يحبه أو يكرهه، كان هذا ترجيحا عنده، كما لو أخبره من صدقه أغلب من كذبه، فإن الترجيح بخبر هذا عند انسداد وجوه الترجيح ترجيح بدليل شرعي، ففي الجملة متى حصل ما يظن معه أن أحد الأمرين أحب إلى الله ورسوله كان هذا ترجيحا بدليل شرعي، والذين أنكروا كون الإلهام طريقا على الإطلاق أخطئوا كما أخطأ الذين جعلوه طريقا شرعيا على الإطلاق، ولكن إذا اجتهد السالك في الأدلة الشرعية الظاهرة فلم ير فيها ترجيحا وألهم حينئذ رجحان أحد الفعلين مع حسن قصده وعمارته بالتقوى، فإلهام مثل هذا دليل في حقه، قد يكون أقوى من كثير من الأقيسة الضعيفة، والأحاديث الضعيفة والظواهر الضعيفة والاستصحابات الضعيفة التي يحتج بها كثير من الخائضين في المذهب والخلاف وأصول الفقه، وفي الترمذي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله، ثم قرأ قوله تعالى: إن في ذلك لآيات للمتوسمين ـ وقال عمر بن الخطاب: اقتربوا من أفواه المطيعين واسمعوا منهم ما يقولون، فإنه تتجلى لهم أمور صادقة، وقد ثبت في الصحيح قول الله تعالى: ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي ـ وأيضا فالله سبحانه وتعالى فطر عباده على الحنيفية: وهو حب المعروف وبغض المنكر، فإذا لم تستحل الفطرة، فالقلوب مفطورة على الحق، فإذا كانت الفطرة مقومة بحقيقة الإيمان منورة بنور القرآن وخفي عليها دلالة الأدلة السمعية الظاهرة ورأى قلبه يرجح أحد الأمرين كان هذا من أقوى الأمارات عند مثله، والإلهام في القلب تارة يكون من جنس القول والعلم والظن والاعتقاد، وتارة يكون من جنس العمل والحب والإرادة والطلب، فقد يقع في قلبه أن هذا القول أرجح وأظهر وأصوب، وقد يميل قلبه إلى أحد الأمرين دون الآخر، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قد كان في الأمم قبلكم محدثون، فإن يكن في أمتي أحد فعمر ـ والمحدث الملهم المخاطب، وفي مثل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث وابصة: البر ما اطمأنت إليه النفس وسكن إليه القلب، والإثم ما حاك في نفسك، وإن أفتاك الناس وأفتوك ـ وهو في السنن، وفي صحيح مسلم عن النواس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ـ وقال ابن مسعود: الإثم حواز القلوب ـ وليس المقصود هنا بيان أن هذا وحده دليل على الأحكام الشرعية، لكن إن مثل هذا يكون ترجيحا لطالب الحق إذا تكافأت عنده الأدلة السمعية الظاهرة، فالترجيح بها خير من التسوية بين الأمرين المتناقضين قطعا، فإن التسوية بينهما باطلة قطعا.اهـ باختصار.
    والله أعلم.


    https://www.islamweb.net/ar/fatwa/31...B9%D9%8A%D8%A9
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •