بسم الله الرحمن الرحيم أما:قال الشيخ عبد اللطيف رحمه الله :وأما قول المعترض: (وبما ذكرنا يعلم اختلاف الخليفتين في قتال مانع الزكاة أنه ليس على كفره بالمنع؛ بل هل يباح دمه بمنعه أم لا؟ فسلم بعد ذلك الفاروق للصدِّيق) .
فيقال لهذا الغبي الجاهل: ما وقع من عمر رضي الله عنه من التوقف في قتال مانعي الزكاة واستدلاله بالحديث على ترك القتال لا يدل على أنه يرى إسلام تارك الزكاة، وقد ثبت عنه أنه صرح بتكفير تارك الحج ولم يقتله، فمسألة القتال لا تستلزم تكفيرًا، والتكفير لا يستلزم القتال هذا باعتبار أصل الخلاف، وقد سلَّم الفاروق للصدِّيق والتزم ما ذهب إليه الصديق من وجوب القتال، وصارت المسألة إجماعية، وإذا أجمعوا على القتال فما المانع من التكفير؟ وقد تقدم كلام شيخ الإسلام في تكفير مانع الزكاة، وأن الصحابة لم يفرقوا في التكفير والقتال بين من جحد الوجوب، وبين من منعها ولم يؤدها، مع اعترافه بالوجوب.
وقال أبو العباس رحمه الله أيضًا في الكلام على كفر مانع الزكاة (والصحابة لم يقولوا: هل أنت مقر بوجوبها أو جاحد لها؟ هذا لم يعهد عن الخلفاء والصحابة؛ بل قال الصدِّيق لعمر رضي الله عنهما: "والله لو منعوني عَنَاقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها" فجعل المبيح للقتال مجرد المنع لا جحد الوجوب.
وقد روي أن طوائف كانوا يقرون بالوجوب لكن بخلوا بها، ومع هذا فسيرة الخلفاء فيهم جميعهم سيرة واحدة، وهي قتل مقاتلتهم، وسبي ذراريهم، وغنيمة أموالهم، والشهادة على قتلاهم بالنار، وسموهم جميعهم أهل الردة، وكان من أعظم فضائل الصدِّيق عندهم أن ثبَّته الله عند قتالهم، ولم يتوقف كما توقف غيره، فناظرهم حتى رجعوا إلى قوله، وأما قتال المقرين بنبوة مسيلمة، فهؤلاء لم يقع بينهم نزاع في قتالهم) . انتهى