قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
لا تتحقق المتابعة حتى تكون العبادة موافقة لما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام في أمور ستة: في سببها، وجنسها، وقدرها وصفتها، وزمانها، ومكانها.أولا: سببها:
لا بد أن تكون موافقة للشرع في سببها. فمن تعبد لله بعبادة وقرنها بسبب لم يجعله الله سببا فإنها لا تقبل منه مثال ذلك: لو أن الإنسان أحدث عبادة مقرونة بسبب لكن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يجعله سببا بل لكنها ليست بسبب لا في الكتاب ولا في السنة. فإنها لا تقبل منه لو كانت هي خيرا ما دام جعلها مربوطة بسبب لم يجعله الله سببا لها فإنها لا تقبل منه مثال ذلك:
لو أن رجلا صار كلما تمت له سنة ذبح ذبيحة وتصدق بها، ذبح الذبائح والتصدق بها جائز، لكن هذا جعل كلما تمت السنة ذبح هذه الذبيحة. صارت بدعة لا يؤجر عليها بل يأثم عليها. وكذلك لو أحدث احتفالا بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام وقال: أنا أحب الرسول وأحدث احتفالا للصلاة عليه والثناء عليه - عليه الصلاة والسلام بما هو أهله - ماذا تقول له، نقول له: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم خير. من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة صلى الله بها عليه عشرة. كيف تقول: هذه بدعة. لأنها غير مربوطة بهذا السبب أنت صل على النبي صلى الله عليه وسلم كل وقت ما نمنعك، لكن كونك تجعل هذا السبب سببا للصلاة عليه والثناء عليه واحتفالا بالمولد فهذا لا يصح ولا تقبل منك.
الثانى: جنسها: أن تكون موافقة للشرع في جنسها، هذا رجل في عيد الأضحى ضحى بشاة من بهيمة الأنعام على الوجه الشرعي بالطبع تقبل أضحيته لأنها شرعية. الشاة قيمتها ثلاثمائة ريال فجاء رجل آخر وقال: سأضحي بفرس لأن الفرس قيمته ألف ريال والشاة ثلاثمائة ريال فأنا سأضحي بفرس يوم العيد.
هذه غير صحيحة لماذا لأنها ليست من بهيمة الأنعام فخالفت الشرع في الجنس فلا تقبل. يعني لا بد أن تكون موافقة للشرع في الجنس.
الثالث: قدرها: أن تكون موافقة للشرع في قدرها (مثال) رجل قال: إن الإنسان إذا صلى الظهر أربعا كل ركعة فيها ركوع وفيها سجودان وأتى بشروطها وأركانها. تقبل إن شاء الله لأنه ماش على ما رسم شرعا.
لكن آخر قال: سأصليها ستا أزيد. الله يقول: " {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} " لا تقبل بل ترد عليه لأنها خالفت الشرع في قدرها. رجل آخر قال: الوضوء ثلاثا سنة لكنه توضأ أربعا. الغسلة الرابعة لا تقبل لأنها صارت على خلاف الشرع.
الرابع: صفتها: أن تكون موافقة للشرع في صفتها: كيف يتوضأ الإنسان؟ .
يبدأ بغسل الكفين ثم الوجه ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم غسل الرجلين هكذا الترتيب لكن هذا الرجل عكس فبدأ يغسل الرجلين ثم يمسح الرأس ثم يغسل اليدين ثم يغسل الوجه إن عبادته هذه غير مقبولة لأنها خالفت الشرع في صفتها وكيفيتها.
الخامس: زمانها: أن تكون موافقة للشرع في زمانها.
لو أن رجلا في عيد الأضحى أصبح فذبح أضحيته قبل الصلاة وأكل منها وذهب وصلى. لا تقبل هذه الأضحية. لأنها ليست في وقت العبادة.
الأضحية ما تكون إلا بعد صلاة الإمام.
مثال آخر: رجل تعمد ألا يصلي الظهر إلا بعد دخول وقت العصر بدون عذر. لا تقبل لأنها مخالفة للشرع في وقتها. أو في زمانها.
السادس: مكانها: أن تكون موافقة للشرع في مكانها.
لو أن رجلا لما دخل العشر الأخير من رمضان بقي في غرفة من بيته لا يخرج منها وقال: أنا معتكف لله. الاعتكاف غير صحيح لمخالفته للشرع في مكان العبادة لأن الاعتكاف في المساجد.
إذا أيها الإخوة: كل عبادة لا تقبل إلا بشرطين أساسين: أحدهما الإخلاص لله، والثاني المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرنا الأدلة لذلك، وقلنا: إن المتابعة لا تتحقق إلا إذا كانت موافقة للشرع في أمور ستة وهي: السبب، الجنس،القدر،الص فة،الزمان، المكان.
((مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين)) (7/ 335، 336)