تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: كيف جاز ليوسف أن يُسرِّق من لم يسرق؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي كيف جاز ليوسف أن يُسرِّق من لم يسرق؟

    قال الله تعالى : ( فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِم قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76). سورة يوسف .

    كيف كاد الله ليوسف الصديق ؟
    نبي الله يوسف عليه السلام نبي صديق ووصفه بذلك مبالغة في صدقه عليه السلام .

    قال الرازي رحمه الله في تفسيره مفاتيح الغيب 10 / 137:

    " الصِّدِّيقُ: اسْمٌ لِمَنْ عَادَتُهُ الصِّدْقُ، وَمَنْ غَلَبَ عَلَى عَادَتِهِ فِعْلٌ ، إِذَا وُصِفَ بِذَلِكَ الْفِعْلِ قِيلَ فِيهِ: فِعِّيلٌ ".اهــ


    وقال القرطبي رحمه الله في الجامع لأحكام القرآن 5 / 272 :

    " الصِّدِّيقُ هُوَ الَّذِي يُحَقِّقُ بِفِعْلِهِ مَا يَقُولُ بِلِسَانِهِ ".اهــ

    وقال القرطبي أيضا :
    قوله تعالى: (كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ) ... " كِدْنا" معناه صنعنا، عن ابن عباس. القتبي: دبرنا. ابن الأنباري: أردنا، قال الشاعر:
    كادت وكدت وتلك خير إرادة ... لو عاد من عهد الصبا ما قد مضى
    وفيه جواز التوصل إلى الأغراض بالحيل إذا لم تخالف شريعة، ولا هدمت أصلا .

    وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره :

    " (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ) وَهَذَا مِنَ الْكَيْدِ الْمَحْبُوبِ الْمُرَادِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْحِكْمَةِ وَالْمَصْلَحَةِ الْمَطْلُوبَةِ ".

    قال تعالى في قصة يوسف عليه السلام مع إخوته :
    ( فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ * قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ * قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ * قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ * قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ * قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ * فَبَدَأَ بِأَوعِيَتِهمْ قبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ * قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ ) يوسف/ 70 – 77 .

    قال العلامة السعدي رحمه الله في تفسيره تيسير الكريم الرحمن ص402 :

    " (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ) أي: كال لكل واحد من إخوته، ومن جملتهم أخوه هذا.
    (جَعَلَ السِّقَايَةَ) وهو: الإناء الذي يشرب به ، ويكال فيه ( فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ ) أوعوا متاعهم . فلما انطلقوا ذاهبين، ( أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ) ولعل هذا المؤذن، لم يعلم بحقيقة الحال.
    (قَالُوا) أي: إخوة يوسف (وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ) جاءوا مقبلين إليهم، ليس لهم همٌّ إلا إزالة التهمة التي رموا بها عنهم، فقالوا في هذه الحال: (مَاذَا تَفْقِدُونَ) ولم يقولوا: "ما الذي سرقنا" لجزمهم بأنهم براء من السرقة.
    (قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ) أي: أجرة له على وجدانه (وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) أي: كفيل، وهذا يقوله المؤذن المتفقد.
    (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأرْضِ) بجميع أنواع المعاصي، (وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ) فإن السرقة من أكبر أنواع الفساد في الأرض، وإنما أقسموا على علمهم أنهم ليسوا مفسدين ولا سارقين، لأنهم عرفوا أنهم سبروا من أحوالهم ما يدلهم على عفتهم وورعهم، وأن هذا الأمر لا يقع منهم بعلم من اتهموهم، وهذا أبلغ في نفي التهمة، من أن لو قالوا: " تالله لم نفسد في الأرض ولم نسرق "
    (قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ) أي: جزاء هذا الفعل (إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ) بأن كان معكم؟
    (قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ) أي: الموجود في رحله (جَزَاؤُهُ) بأن يتملكه صاحب السرقة، وكان هذا في دينهم أن السارق إذا ثبتت عليه السرقة كان ملكا لصاحب المال المسروق، ولهذا قالوا: (كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) .
    (فَبَدَأَ) المفتش ( بِأَوعِيتهِمْ قَبْلَ وعَاءِ أَخِيهِ ) وذلك لتزول الريبة التي يظن أنها فعلت بالقصد، فلما لم يجد في أوعيتهم شيئا (اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ) ولم يقل "وجدها، أو سرقها أخوه" مراعاة للحقيقة الواقعة .
    فحينئذ تم ليوسف ما أراد من بقاء أخيه عنده، على وجه لا يشعر به إخوته، قال تعالى: (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ) أي: يسرنا له هذا الكيد، الذي توصل به إلى أمر غير مذموم (مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ) لأنه ليس من دينه أن يُتملك السارق، وإنما له عندهم، جزاء آخر، فلو ردت الحكومة إلى دين الملك، لم يتمكن يوسف من إبقاء أخيه عنده، ولكنه جعل الحكم منهم، ليتم له ما أراد.
    قال تعالى: (نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ) بالعلم النافع، ومعرفة الطرق الموصلة إلى مقصدها، كما رفعنا درجات يوسف، (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) فكل عالم، فوقه من هو أعلم منه حتى ينتهي العلم إلى عالم الغيب والشهادة.
    فلما رأى إخوة يوسف ما رأوا (قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ) هذا الأخ، فليس هذا غريبا منه. (فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) يعنون: يوسف عليه السلام، ومقصودهم تبرئة أنفسهم ، وأن هذا وأخاه قد يصدر منهما ما يصدر من السرقة، وهما ليسا شقيقين لنا.
    وفي هذا من الغض عليهما ما فيه، ولهذا: أسرها يوسف في نفسه (وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ) أي: لم يقابلهم على ما قالوه بما يكرهون، بل كظم الغيظ، وأسرَّ الأمر في نفسه. (وقَالَ) في نفسه (أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا) حيث ذممتمونا بما أنتم على أشر منه، (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ) منا، من وصفنا بالسرقة، يعلم الله أنا براء منها ".اهــ

    وليس هذا من يوسف عليه السلام من الكيد المذموم أو الخداع المحرم ، ولكنه من الكيد الحسن الذي كاد الله به له ليتم عليه نعمته ، ويجمعه بوالديه وأهله ، وليستقبل إخوته التوبة ، وليظهر لهم خطؤهم فيما صنعوه بأبيهم وأخويهم ، وليتم الله نعمته على أبيهم يعقوب عليه السلام ، ويرد عليه ابنه بعد طول غياب وشدة معاناة ، فكاد الله تعالى لنبيه هذا الكيد الحسن المبارك ، لتحصل هذه النعم للجميع ، وليس هذا من الظلم والعدوان والخداع المحرم ، حاشا وكلا .
    والمنادي الذي نادى : ( أيتها العير إنكم لسارقون ) كان يظن أنهم الذين سرقوا صواع الملك ، فنادى بما يعلم ، فلم يكن كاذبا .

    ويوسف عليه السلام قصد أنهم سرقوه من أبيه ، وقد صدق ، وهذا من جملة المعاريض الحسنة التي يتوصل بها إلى معرفة الحق وإقامة الدليل عليه .


    قال الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره 13 / 262 :
    وَقَوْلُهُ : {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} يَقُولُ : هَكَذَا صَنَعْنَا لِيُوسُفَ حَتَّى يُخَلِّصَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ مِنْ إِخْوَتِهِ لِأَبِيهِ ، بِإِقْرَارٍ مِنْهُمْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُمْ وَيَحْتَبِسَهُ فِي يَدَيْهِ ، وَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا إِذْ قِيلَ لَهُمْ {مَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ} : جَزَاءُ مَنْ سَرَقَ الصُّوَاعَ أَنَّ مَنْ وُجِدَ ذَلِكَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ مُسْتَرَقٌّ بِهِ ، وَذَلِكَ كَانَ حُكْمُهُمْ فِي دِينِهِمْ ، فَكَادَ اللَّهُ لِيُوسُفَ كَمَا وَصَفَ لَنَا حَتَّى أَخَذَ أَخَاهُ مِنْهُمْ ، فَصَارَ عِنْدَهُ بِحُكْمِهِمْ وَصُنْعَ اللَّهِ لَهُ.
    وَقَوْلُهُ : {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} يَقُولُ : مَا كَانَ يُوسُفُ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي حُكْمِ مَلِكِ مِصْرَ وَقَضَائِهِ وَطَاعَتِهِ مِنْهُمْ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ حُكْمِ ذَلِكَ الْمَلِكِ وَقَضَائِهِ أَنْ يُسْتَرَقَّ أَحَدٌ بِالسَّرَقِ ، فَلَمْ يَكُنْ لِيُوسُفَ أَخْذُ أَخِيهِ فِي حُكْمِ مَلِكِ أَرْضِهِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ بِكَيْدِهِ الَّذِي كَادَهُ لَهُ ، حَتَّى أَسْلَمَ مَنْ وُجِدَ فِي وِعَائِهِ الصُّوَاعُ إِخْوَتُهُ وَرُفَقَاؤُهُ بِحُكْمِهِمْ عَلَيْهِ وَطَابَتْ أَنْفُسُهُمْ بِالتَّسْلِيمِ. هــ

    قال ابن الجوزي رحمه الله في زاد المسير" 2 / 457 :
    " فإن قيل: كيف جاز ليوسف أن يُسرِّق من لم يسرق؟
    فعنه أربعة أجوبة:
    أحدها: أن المعنى: إِنكم لسارقون يوسف حين قطعتموه عن أبيه وطرحتموه في الجب، قاله الزجاج.
    والثاني: أن المنادي نادى وهو لا يعلم أن يوسف أمر بوضع السقاية في رحل أخيه، فكان غير كاذب في قوله، قاله ابن جرير.
    والثالث: أن المنادي نادى بالتسريق لهم بغير أمر يوسف .
    والرابع: أن المعنى: إِنكم لسارقون فيما يظهر لمن لم يعلم حقيقة أخباركم، كقوله: ( ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ) أي: عند نفسك، لا عندنا. وقولِ النبي صلّى الله عليه وسلم: ( كذب إِبراهيم ثلاث كَذَبات ) أي: قال قولاً يشبه الكذب، وليس به ".


    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 16 / 451 :
    " يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَصَدَ: إنَّكُمْ لَسَارِقُونَ يُوسُفَ مِنْ أَبِيهِ ، وَهُوَ صَادِقٌ فِي هَذَا.
    وَالْمَأْمُورُ قَصَدَ: إنَّكُمْ لَسَارِقُونَ الصُّوَاعَ ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُمْ سَرَقُوهُ، فَلَمْ يَكُنْ مُتَعَمِّدًا لِلْكَذِبِ، وَإِنْ كَانَ خَبَرُهُ كَذِبًا ".اهــ

    وقال العلامة ابن عاشور في التحرير والتنوير 12 / 99 :
    والقول في {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} ...
    والكيد: فعل يتوصل بظاهره إلى مقصد خفي. والكيد: هنا هو إلهام يوسف - عليه السلام - لهذه الحيلة المحكمة في وضع الصواع وتفتيشه وإلهام إخوته إلى ذلك الحكم المصمت.
    وأسند الكيد إلى الله لأنه ملهمه فهو مسببه. وجعل الكيد لأجل يوسف - عليه السلام - لأنه لفائدته.
    وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في مجموع فتاويه :
    وهكذا يكيد الله عز وجل لكل من انتصر لدينه، فإنه يكيد له ويؤيده، قال الله تعالى: { كذلك كدنا ليوسف } [يوسف: 76]، يعني: عملنا عملاً حصل به مقصوده دون أن يشر به أحد . اهــ

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي

    فتح الله عليك شيخنا.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    آمين وإياك أبا أنس .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    227

    افتراضي

    جزاكم الله خيراً ونفع بكم ..

    وإتماماً للفائدة، أنقل كلام ابن القيم رحمه الله في اعلام الموقعين 3/168، حيث قال:
    وَقَدْ ذَكَرُوا فِي تَسْمِيَتِهِمْ سَارِقِينَ وَجْهَيْنِ:
    أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَعَارِيضِ وَأَنَّ يُوسُفَ نَوَى بِذَلِكَ أَنَّهُمْ سَرَقُوهُ مِنْ أَبِيهِ حَيْثُ غَيَّبُوهُ عَنْهُ بِالْحِيلَةِ الَّتِي احْتَالُوا عَلَيْهِ، وَخَانُوهُ فِيهِ، وَالْخَائِنُ يُسَمَّى سَارِقًا، وَهُوَ مِنْ الْكَلَامِ الْمَرْمُوزِ، وَلِهَذَا يُسَمَّى خَوَنَةُ الدَّوَاوِينِ لُصُوصًا. الثَّانِي: أَنَّ الْمُنَادِيَ هُوَ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ يُوسُفَ.
    قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ: أَمَرَ يُوسُفُ بَعْضَ أَصْحَابِهِ أَنْ يَجْعَلَ الصُّوَاعَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُ الْمُوَكَّلِينَ وَقَدْ فَقَدُوهُ وَلَمْ يَدْرِ مَنْ أَخَذَهُ: {أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} عَلَى ظَنٍّ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ كَذَلِكَ، مِنْ غَيْرِ أَمْرِ يُوسُفَ لَهُمْ بِذَلِكَ، أَوْ لَعَلَّ يُوسُفَ قَدْ قَالَ لِلْمُنَادِي: هَؤُلَاءِ سَرَقُوا، وَعَنَى أَنَّهُمْ سَرَقُوهُ مِنْ أَبِيهِ، وَالْمُنَادِي فَهِمَ سَرِقَةَ الصُّوَاعِ فَصَدَقَ يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ، وَصَدَقَ الْمُنَادِي، وَتَأَمَّلْ حَذْفَ الْمَفْعُولِ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} لِيَصِحَّ أَنْ يُضَمِّنَ سَرِقَتَهُمْ لِيُوسُفَ فَيَتِمُّ التَّعْرِيضُ، وَيَكُونُ الْكَلَامُ صِدْقًا، وَذَكَرَ الْمَفْعُولَ فِي قَوْلِهِ: {نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ} وَهُوَ صَادِقٌ فِي ذَلِكَ، فَصَدَقَ فِي الْجُمْلَتَيْنِ مَعًا تَعْرِيضًا وَتَصْرِيحًا، وَتَأَمَّلْ قَوْلَ يُوسُفَ: {مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} وَلَمْ يَقُلْ إلَّا مَنْ سَرَقَ، وَهُوَ أَخْصَرُ لَفْظًا، تَحَرِّيًا لِلصِّدْقِ، فَإِنَّ الْأَخَ لَمْ يَكُنْ سَارِقًا بِوَجْهٍ، وَكَانَ الْمَتَاعُ عِنْدَهُ حَقًّا؛ فَالْكَلَامُ مِنْ أَحْسَنِ الْمَعَارِيضِ وَأَصْدَقِهَا.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    آمين وإياكم .
    ولعل ابن القيم رحمه الله استفاد بعض ما ذكره من شيخه شيخ اﻹسلام ابن تيمية رحمه الله ، حيث قال في مجموع الفتاوى 16 / 451:
    وكذلك من امر غيره بما هو كذب من المأمور كأمر يوسف للمؤذن أن يقول : (أيتها العير إنكم لسارقون) يوسف عليه السلام قصد : إنكم لسارقون يوسف من أبيه وهو صادق في هذا ، والمأمور قصد : إنكم لسارقون الصواع ، وهو يظن أنهم سرقوه ، فلم يكن متعمدا للكذب وإن كان خبره كذبا ...أه

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    وكذا ذكر نحوا منه في بيان تلبيس الجهمية وغيره .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن عبد الله مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيراً ونفع بكم ..

    وإتماماً للفائدة، أنقل كلام ابن القيم رحمه الله في اعلام الموقعين 3/168، حيث قال:
    وَقَدْ ذَكَرُوا فِي تَسْمِيَتِهِمْ سَارِقِينَ وَجْهَيْنِ:
    أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَعَارِيضِ وَأَنَّ يُوسُفَ نَوَى بِذَلِكَ أَنَّهُمْ سَرَقُوهُ مِنْ أَبِيهِ حَيْثُ غَيَّبُوهُ عَنْهُ بِالْحِيلَةِ الَّتِي احْتَالُوا عَلَيْهِ، وَخَانُوهُ فِيهِ، وَالْخَائِنُ يُسَمَّى سَارِقًا، وَهُوَ مِنْ الْكَلَامِ الْمَرْمُوزِ، وَلِهَذَا يُسَمَّى خَوَنَةُ الدَّوَاوِينِ لُصُوصًا. الثَّانِي: أَنَّ الْمُنَادِيَ هُوَ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ يُوسُفَ.
    قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ: أَمَرَ يُوسُفُ بَعْضَ أَصْحَابِهِ أَنْ يَجْعَلَ الصُّوَاعَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُ الْمُوَكَّلِينَ وَقَدْ فَقَدُوهُ وَلَمْ يَدْرِ مَنْ أَخَذَهُ: {أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} عَلَى ظَنٍّ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ كَذَلِكَ، مِنْ غَيْرِ أَمْرِ يُوسُفَ لَهُمْ بِذَلِكَ، أَوْ لَعَلَّ يُوسُفَ قَدْ قَالَ لِلْمُنَادِي: هَؤُلَاءِ سَرَقُوا، وَعَنَى أَنَّهُمْ سَرَقُوهُ مِنْ أَبِيهِ، وَالْمُنَادِي فَهِمَ سَرِقَةَ الصُّوَاعِ فَصَدَقَ يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ، وَصَدَقَ الْمُنَادِي، وَتَأَمَّلْ حَذْفَ الْمَفْعُولِ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} لِيَصِحَّ أَنْ يُضَمِّنَ سَرِقَتَهُمْ لِيُوسُفَ فَيَتِمُّ التَّعْرِيضُ، وَيَكُونُ الْكَلَامُ صِدْقًا، وَذَكَرَ الْمَفْعُولَ فِي قَوْلِهِ: {نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ} وَهُوَ صَادِقٌ فِي ذَلِكَ، فَصَدَقَ فِي الْجُمْلَتَيْنِ مَعًا تَعْرِيضًا وَتَصْرِيحًا، وَتَأَمَّلْ قَوْلَ يُوسُفَ: {مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} وَلَمْ يَقُلْ إلَّا مَنْ سَرَقَ، وَهُوَ أَخْصَرُ لَفْظًا، تَحَرِّيًا لِلصِّدْقِ، فَإِنَّ الْأَخَ لَمْ يَكُنْ سَارِقًا بِوَجْهٍ، وَكَانَ الْمَتَاعُ عِنْدَهُ حَقًّا؛ فَالْكَلَامُ مِنْ أَحْسَنِ الْمَعَارِيضِ وَأَصْدَقِهَا.
    وهذا الكلام برمته ذكره أيضا في إغاثة اللهفان 2 / 111 - 112 .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    الدولة
    مصر سوهاج حي الزهراء
    المشاركات
    2

    افتراضي

    هذا السؤال سأله وأجاب عنه فيلسوف المفسرين فخر الدين الرازي :فَإِنْ قِيلَ: هَلْ كَانَ ذَلِكَ النِّدَاءُ بِأَمْرِ يُوسُفَ أَوْ مَا كَانَ بِأَمْرِهِ؟ فَإِنْ كَانَ بِأَمْرِهِ فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالرَّسُولِ الْحَقِّ مِنْ عِنْدِ اللَّه أَنْ يَتَّهِمَ أَقْوَامًا وَيَنْسُبَهُمْ إِلَى السَّرِقَةِ كَذِبًا وَبُهْتَانًا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهُ مَا كَانَ ذَلِكَ بِأَمْرِهِ فَهَلَّا أَنْكَرَهُ وَهَلَّا أَظْهَرَ بَرَاءَتَهُمْ عَنْ تِلْكَ التُّهْمَةِ.
    قُلْنَا: الْعُلَمَاءُ ذَكَرُوا فِي الْجَوَابِ عَنْهُ وُجُوهًا:
    الْأَوَّلُ: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَظْهَرَ لِأَخِيهِ أَنَّهُ يُوسُفُ قَالَ لَهُ:
    إِنِّي أُرِيدُ أن أحبسك هاهنا، وَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ إِلَّا بِهَذِهِ الْحِيلَةِ فَإِنْ رَضِيتَ بِهَا فَالْأَمْرُ لَكَ فَرَضِيَ بِأَنْ يُقَالَ فِي حَقِّهِ ذَلِكَ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَمْ يَتَأَلَّمْ قَلْبُهُ بِسَبَبِ هَذَا الْكَلَامِ فَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ ذَنْبًا .
    وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ يُوسُفَ مِنْ أَبِيهِ إِلَّا أَنَّهُمْ مَا أَظْهَرُوا هَذَا الْكَلَامَ وَالْمَعَارِيضُ لَا تَكُونُ إِلَّا كَذَلِكَ.
    وَالثَّالِثُ: أَنَّ ذَلِكَ الْمُؤَذِّنَ رُبَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ النِّدَاءَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِفْهَامِ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَخْرُجُ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَذِبًا.
    الرَّابِعُ: لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُمْ نَادُوا بِذَلِكَ النِّدَاءِ عَنْ أَمْرِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْأَقْرَبُ إِلَى ظَاهِرِ الْحَالِ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمَّا طَلَبُوا السِّقَايَةَ وَمَا وَجَدُوهَا وَمَا كَانَ هُنَاكَ أَحَدٌ إِلَّا هُمْ غَلَبَ عَلَى ظُنُونِهِمْ أَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ أَخَذُوهَا ثُمَّ إِنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ .

  9. #9

    افتراضي

    قوله تبارك وتعالى( ياأيتها العيـرُ إنّكم لسارقون) يُحتمل أنه خطابٌ مُوَجَّهٌ للعيـر المُّدبرةِ إلى الشَّام ؛ وهي القافلةُ الكاملة ؛ وليس المَعنيَّ بذلك على وجهِ التخصيص إخوةُ يوسف -عليه الصلاة والسلام-؛ وذلك لقولهم لمّا تسَّمعوا النّداء (قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون ) فهو قولٌ يُوحيِ بأنه خطابٌ غيـر مخصصٍ لنَفرٍ بأعيانهم ؛ وقولي أن العيـر هي القافلة التـي أقبلت إلى مصر من بلاد كنعان ؛ ولا غرو أن العيـر لا تتكون من نفرٍ واحد ؛ بل هي كالقوافل التـي كانت عند العرب في رحلتـي الصيف والشتاء تجتمع في القافلة الواحدة المئاتُ من الرواحل المحملة بالبضائع والمتاجر ؛ ودليل ذلك قولهم لما رجعوا إلى بلادهم (وسئل القرية التـي كنا فيها والعيـر التـي أقبلنا فيها ).
    والثاني : أن القائم بأمر الملك في البحث عن الصواع المفقود تعهد بالمُكافأة لمن يجيء بهِ ؛ سواء يخرجه من رحلهِ ابتداءً من غيـر استخراج منهم بالقوة ؛ أو يُدللُ عليهِ (ولمن جاء به حملُ بعيـر) فلما لم يكن من الأمرين شـيءٌ عمدوا إلى استخراج ذلك بأنفسهم من رواحل العيـر عامةً ؛ ومن رواحل إخوة يوسف -عليه الصلاة والسلام .
    ولكيلا أعيد ما تقدم ذكره من الإخوة الكـرام من النقولات الطيّبة من أقوال أهل العلم والتفسيـر والنظر ؛ أضيفُ أنه قد يكون من العيـر -كما تقدم تنبهنا إلى ذلك - من سرق حقيقة خلا الصواع ؛ وكان نداء المؤذن تعريضاً وتصريحا على الصوَّاب ؛ وفي المعاريض مندوحةٌ عن الكذبِ كما قالتُ العرب .
    وقول القائل أنهم سارقون لما فعلوه بيوسفَ من قبلُ ؛ فلقائلٍ أن يقول إنَّ السَّرقة المراد بها الإنتفاع بالشـيىىء المسروق في ذاتهِ ؛ أو لغيـره لا على وجهِ الإضرارِ بالذيِّ وقعَتْ عليه السرقة ؛ فإن السّارق قد يسرقُ من لا يعرفهُ ابتداءًا ؛ وأولئك-أي إخوة يوسف عليه السلام- لم ينتفعوا بيوسفَ في ذاتهِ إذا قدَّرنا أنهم (سَرَقُوهُ من أبيهِ) بل كانت المَنفعةُ منعقدةً في رأيين :إما قتلهُ وإما تغييبهُ ليخلوا لهم وجه أبيهم خالصا من دون يوسف .
    وفعلهم هذا من المكر والكيد المذموم يقابله الكيد المحمود الذي كاده الله تبارك وتعالى لنبيّه عليه الصلاة والسلام يوسف ، وكيدُ الأنبياء تبعٌ لكيد الله تبارك وتعالى ولا يكادُ إلا على أهل الكيدِ والمكر كقوله تبارك وتعالى (إنهم يكيدون كيدا ، وأكيد كيدا ، فمهل الكافرين أمهلهم رويدا) ونظائر ذلك كثيـرة كقوله تبارك وتعالى ( ويمكرون ويمكرُ الله والله خيرُ الماكرين) ؛ والكيدُ هو التدبيرُ الخفي المتَّعمد لجلبِ منفعة فيظهر كأنهُ عَفويٍ مثاله ككيدِ امرأة العزيز وتغليقها الأبواب ، وتقديمها الأسباب لتخلو بيوسف-عليه السلام- .
    وقد يحقُّ لقائل أن يقول فإن كان كيدُ إخوة يوسف وامرأة العزيز مذموماً ؛ فالأول لصرفِ وجه أبيهم عن يوسف ، وهذا من الشرِّ الكبيـر ، ومن أعظم ما يفرح الشيطان الرجيـم ، إذ هو من باب التـفرقة ، والثاني كيدٌ للإجتماع على ما حرَّم الله تبارك وتعالى ، وذلك بالزّنا ؛ فإن كيد يوسف هو من المحمود إذ لا أنفع من إجتماع الإخوة ؛ وصلّة الأرحام ؛ وهذان أخوان شقيقان اجتمعا
    أما قولهم ( إن سرق فقد سرق أخ له من قبل) فإن كانوا يعنون به محبة أبيهم الكبيـرة لهُ ، فهذا من النـبز وتبديل الكلم والتأويل الفاسد؛ كما كانت قريش تنبز النبي عليه الصلاة والسلام بالمُذمم ؛ والشاعر ، والمجنون ، والساحر ؛ وهنا يتوجهُ قول القائل إن قول المؤذن ( يا أيتها العيـرُ إنكم لسارقون) هو تعريض بإخوة يوسفَ دون غيـرهم لأنهم سرقوا يوسف من أبويهِ وأهلهِ وبلاده ؛ أما إن انتـفى هذا الاحتمال فهو افتراءٌ وبهتان عظيم يدلُّ على أنهم رغم مرورِ السنينِ على فعلتهم لا يزالون يحسدون يوسف على ما حباه الله من الرّعاية وما ألقى عليه من المحبة في قلب أبيه والناس .
    والعلم عند الله تعالى

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    جزاك الله خيرا .
    قولك :
    وليس المَعنيَّ بذلك على وجهِ التخصيص إخوةُ يوسف -عليه الصلاة والسلام-

    لو نقلت كلام العلماء ممن يقول بهذا ، بارك الله فيك .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •