تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 17 من 17

الموضوع: علوم الحديث سؤال وجواب؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb علوم الحديث سؤال وجواب؟

    علوم الحديث سؤال وجواب؟
    ورد في السؤال الأول: لامتحان الدور الأول يوليو 2012م
    يري الإمام ابن الصلاح أن الإمام البخاري أول من ألف في الصحيح. وضح ما اعترض به مغلطاي ثم اذكر جواب العلماء عليه؟

    الإجابة
    :
    قال ابن الصلاح: أول من صنف الصحيح البخاري انتهى.
    قال ابن حجر: في "النكت" (1/276): اعترض عليه الشيخ علاء الدين مغلطاي فيما قرأت بخطه بأن مالكا أول من صنف الصحيح، وتلاه أحمد بن حنبل، وتلاه الدارمي.
    قال: "وليس لقائل أن يقول: لعله أراد الصحيح المجرد، فلا يرد كتاب مالك؛ لأن فيه البلاغ، والموقوف، والمنقطع، والفقه، وغير ذلك، لوجود مثل ذلك في كتاب البخاري". انتهى.
    [رد العراقي على مغلطاي:]
    وقد أجاب شيخنا -رضي الله عنه -عما يتعلق بالموطأ بما نصه: "أن مالكا لم يفرد الصحيح، وإنما أدخل في كتابه المرسل، والمنقطع ... " إلى آخر كلامه،
    وكأن شيخنا لم يستوف النظر في كلام مغلطاي.
    وإلا فظاهر مقبول بالنسبة إلى ما ذكره في البخاري من الأحاديث المعلقة، وبعضها ليس على شرطه، بل وفي بعضها ما لا يصح كما سيأتي التنبيه عليه عند ذكر تقسيم التعليق، فقد مزج الصحيح بما ليس منه كما فعل ذلك.
    [رد الحافظ على مغلطاي:]
    وكأن مغلطاي خشي أن يجاب عن اعتراضه بما أجاب به شيخنا من التفرقة، فبادر إلى الجواب عنه، لكن الصواب في الجواب عن هذه المسألة أن يقال:
    ما الذي أراده المؤلف بقوله: "أول من صنف الصحيح". هل أراد الصحيح من حيث هو؟ أو أراد الصحيح المعهود الذي فرغ من تعريفه؟
    الظاهر أنه لم يرد إلا المعهود، وحينئذ فلا يرد عليه ما ذكره في الموطأ وغيره؛ لأن الموطأ، وإن كان عند من يرى الاحتجاج بالمرسل، والمنقطع، وأقوال الصحابة صحيحا ذلك على شرط الصحة المعتبرة عند أهل الحديث، والفرق بين ما فيه من المقطوع، والمنقطع، وبين ما في البخاري من ذلك واضح؛ لأن الذي في الموطأ من ذلك هو مسموع لمالك كذلك في الغالب، وهو حجة عنده وعند من تبعه.
    والذي في البخاري من ذلك قد حذف في البخاري أسانيدها عمداً ليخرجها عن موضوع الكتاب، وإنما يسوقها في تراجم الأبواب تنبيها، واستشهادا، واستئناسا، وتفسيرا لبعض الآيات. وكأنه أراد أن يكون كتابه جامعا لأبواب الفقه، وغير ذلك من المعاني التي قصد (جمعه فيها)، وقد بينت في كتاب "تغليق التعليق" كثيرا من الأحاديث التي يعلقها البخاري في "الصحيح" فيحذف إسنادها أو بعضها، وتوجد موصولة عنده في موضع آخر من تصانيفه التي هي خارج الصحيح.
    (والحاصل من هذا أن أول من صنف في الصحيح) يصدق على مالك باعتبار انتقائه، وانتقاده للرجال، فكتابه أصح من الكتب المصنفة في هذا الفن من أهل عصره وما قاربه كمصنفات سعيد بن أبي عروبة، وحماد بن سلمة، والثوري، وابن إسحاق، ومعمر، وابن جريج، وابن المبارك، وعبد الرزاق وغيرهم، ولهذا قال الشافعي: "ما بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك"، فكتابه صحيح عنده، وعند من تبعه ممن يحتج بالمرسل والموقوف.

    وأما أول من صنف الصحيح المعتبر عند أئمة الحديث الموصوف بالاتصال وغير ذلك من الأوصاف.
    فأول من جمعه البخاري، ثم مسلم كما جزم به ابن الصلاح.

    وأما قول القاضي أبي بكر بن العربي في مقدمة شرح الترمذي: "والموطأ هو الأصل الأول، والبخاري هو الأصل الثاني. وعليهما بنى جميع من بعدهما كمسلم، والترمذي وغيرهما.
    فإن أراد مجرد السبق إلى التصنيف فهو كذلك، ولا يلزم منه مخالفة لما تقدم، وإن أراد الأصل في الصحة فهو كذلك، لكن على التأويل الذي أولناه.

    وأما قول مغلطاي: "إن أحمد أفرد الصحيح"، فقد أجاب الشيخ عنه في التنبيه السادس من الكلام على الحديث الحسن.
    وأما ما يتعلق بالدارمي فتعقبه الشيخ بأن فيه الضعيف والمنقطع.

    لكن بقي مطالبة مغلطاي بصحة دعواه بأن جماعة أطلقوا على مسند الدارمي كونه صحيحا، فإني لم أر ذلك في كلام أحد ممن يعتمد عليه، ثم وجدت بخط مغلطاي أنه رأى بخط الحافظ أبي محمد المنذري ترجمة كتاب الدارمي بالمسند الصحيح الجامع.
    وليس كما زعم، فلقد وقفت على النسخة التي بخط المنذري، وهي أصل سماعنا للكتاب المذكور، والورقة الأولى منه مع عدة أوراق ليست بخط المنذري، بل هو بخط أبي الحسن ابن أبي الحصني، وخطه قريب من خط المنذري، فاشتبه ذلك على مغلطاي وليس الحصني من أحلاس هذا الفن حتى يحتج بخطه في ذلك، كيف ولو أطلق ذلك عليه من يعتمد عليه لكان الواقع يخالفه لما في الكتاب المذكور من الأحاديث الضعيفة والمنقطعة، والمقطوعة.
    والموطأ في الجملة أنظف أحاديث، وأتقن رجالا منه، ومع ذلك كله فليست أسلم أن الدارمي صنف كتابه قبل تصنيف البخاري "الجامع" لتعاصرهما، ومن ادعى ذلك فعليه البيان والله أعلم.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb تابع السؤال الأول

    سـ؟؟؟؟
    كتب الصحيح لابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وكتب المستخرجات على الصحيحين، هل يمكن الحكم بصحتها، وضح الجواب في ذلك. وما وسيلة الحكم الحقيقي على أحاديثها؟

    الإجابة:
    قال ابن الصلاح (صـ81/فحل): ثم إن الزيادة في الصحيح على ما في الكتابين يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات المعتمدة المشتهرة لأئمة الحديث كأبي داود السجستاني، وأبي عيسى الترمذي، وأبي عبد الرحمن النسائي وأبي بكر بن خزيمة، وأبي الحسن الدارقطني وغيرهم، منصوصا على صحته فيها. ولا يكفي في ذلك مجرد كونه موجودا في كتاب أبي داود، وكتاب الترمذي، وكتاب النسائي، وسائر من جمع في كتابه بين الصحيح وغيره، ويكفي مجرد كونه موجودا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه ككتاب ابن خزيمة، وكذلك ما يوجد في الكتب المخرجة على كتاب البخاري، وكتاب مسلم، ك*: كتاب أبي عوانة الإسفراييني، وكتاب أبي بكر الإسماعيلي، وكتاب أبي بكر البرقاني، وغيرها من تتمة لمحذوف أو زيادة شرح في كثير من أحاديث "الصحيحين". وكثير من هذا موجود في "الجمع بين الصحيحين" لأبي عبد الله الحميدي.
    واعتنى الحاكم أبو عبد الله الحافظ بالزيادة في عدد الحديث الصحيح على ما في الصحيحين، وجمع ذلك في كتاب سماه "المستدرك" أودعه ما ليس في واحد من "الصحيحين" مما رآه على شرط الشيخين قد أخرجا عن رواته في كتابيهما، أو على شرط البخاري وحده، أو على شرط مسلم وحده، وما أدى اجتهاده إلى تصحيحه، وإن لم يكن على شرط واحد منهما، وهو واسع الخطو في شرط الصحيح، متساهل في القضاء به.

    وسيلة الحكم الحقيقي على الأحاديث التي في ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم؟
    فالأولى أن نتوسط في أمره فنقول: ما حكم بصحته ولم نجد ذلك فيه لغيره من الأئمة، إن لم يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل الحسن يحتج به ويعمل به، إلا أن تظهر فيه علة توجب ضعفه، ويقاربه في حكمه "صحيح أبي حاتم بن حبان البستي" -رحمهم الله أجمعين-والله أعلم.

    قال ابن حجر في "النكت على كتاب ابن الصلاح" (1/289):
    ومقتضى هذا أن يؤخذ ما يوجد في كتاب ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما -ممن اشترط الصحيح -بالتسليم، وكذا ما يوجد في الكتب المخرجة على الصحيحين، وفي كل ذلك نظر.
    أما الأول: فلم يلتزم ابن خزيمة وابن حبان في كتابيهما أن يخرجا الصحيح الذي اجتمعت فيه الشروط التي ذكرها المؤلف، لأنهما ممن لا يرى التفرقة بين الصحيح والحسن، بل عندهما أن الحسن قسم من الصحيح لا قسيمه، وقد صرح ابن حبان بشرطه.
    وحاصله: أن يكون راوي الحديث عدلا مشهورا بالطلب غير مدلس سمع ممن فوقه إلى أن ينتهي.
    فإن كان يروي من حفظه فليكن عالما بما يحيل المعاني، فلم يشترط على الاتصال، والعدالة، ما اشترطه المؤلف في الصحيح من وجود الضبط، ومن عدم الشذوذ، والعلة. وهذا وإن لم يتعرض ابن حبان لاشتراطه فهو إن وجده كذلك أخرجه، وإلا فهو ماش على ما أصّل، لأن وجود هذه الشروط لا ينافي ما اشترطه.
    وسمى ابن خزيمة كتابه "المسند الصحيح المتصل بنقل العدل عن العدل من غير قطع في السند ولا جرح في النقلة".
    وهذا الشرط مثل شرط ابن حبان سواء، لأن ابن حبان تابع لابن خزيمة مغترف من بحره ناسج على منواله.
    ومما يعضد ما ذكرنا، احتجاج ابن خزيمة، وابن حبان، بأحاديث أهل الطبقة الثانية، الذين يخرج مسلم أحاديثهم في المتابعات، كابن إسحاق، وأسامة بن زيد الليثي، ومحمد بن عجلان، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وغير هؤلاء.
    فإذا تقرر ذلك عرفت أن حكم الأحاديث التي في كتاب ابن خزيمة، وابن حبان صلاحية الاحتجاج بها، لكونها دائرة بين الصحيح، والحسن ما لم يظهر في بعضها علة قادحة.
    وأما أن يكون مراد من يسميها صحيحة أنها جمعت الشروط المذكورة في حد الصحيح فلا. - والله أعلم -.

    تنبيه: لم يتعرض ابن حجر في هذا الموضع الكلام على مستدرك الحاكم

    وأما الثاني: وهو ما يتعلق بالمستخرجات ففيه نظر أيضا:
    لأن كتاب أبي عوانة، وإن سماه بعضهم مستخرجا على مسلم فإن له فيه أحاديث كثيرة مستقلة في أثناء الأبواب، نبه هو على كثير منها، ويوجد فيها الصحيح، والحسن، والضعيف -أيضا -والموقوف.
    وأما كتاب الإسماعيلي فليس فيه أحاديث مستقلة زائدة، وإنما تحصل الزيادة في أثناء بعض المتون، والحكم بصحتها متوقف على أحوال رواتها. فرب حديث أخرجه البخاري من طريق بعض أصحاب الزهري عنه -مثلا -فاستخرجه الإسماعيلي، وساقه من طريق آخر من أصحاب الزهري بزيادة فيه وذلك الآخر ممن تكلم فيه فلا يحتج بزيادته.
    وقد ذكر المؤلف -بعدُ -أن أصحاب المستخرجات لم يلتزموا موافقة الشيخين في ألفاظ الحديث بعينها.
    والسبب فيه أنهم أخرجوها من غير جهة البخاري، ومسلم، فحينئذ يتوقف الحكم بصحة الزيادة على ثبوت الصفات المشترطة، في الصحيح للرواة الذين بين صاحب المستخرج، وبين من اجتمع، مع صاحب الأصل الذي استخرج عليه، وكلما كثرت الرواة بينه وبين من، اجتمع مع صاحب الأصل فيه، افتقر إلى زيادة التنقير، وكذا كلما بعد عصر المستخرج من عصر صاحب الأصل كان الإسناد كلما كثرت رجاله احتاج الناقد له إلى كثرة البحث عن أحوالهم. فإذا روى البخاري -مثلا -عن علي بن المديني، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري حديثا،
    ورواه الإسماعيلي -مثلا -عن بعض مشايخه، عن الحكم بن موسى، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري.
    واشتمل حديث الأوزاعي على زيادة على حديث ابن عيينة، توقف الحكم بصحتها على تصريح الوليد بسماعه من الأوزاعي، وسماع الأوزاعي، من الزهري؛ لأن الوليد بن مسلم من المدلسين على شيوخه وعلى شيوخ شيوخه.
    وكذا يتوقف على ثبوت صفات الصحيح لشيخ الإسماعيلي، وقس على هذا جميع ما في المستخرج.
    وكذا الحكم في باقي المستخرجات، فقد رأيت بعضهم حيث يجد أصل الحديث، اكتفى بإخراجه، ولو لم تجتمع الشروط في رواته، بل رأيت في مستخرج أبي نعيم وغيره الرواية عن جماعة من الضعفاء، لأن أصل مقصودهم بهذه المستخرجات أن يعلو إسنادهم، ولم يقصدوا إخراج هذه الزيادات، وإنما وقعت اتفاقا. والله أعلم.
    ومن هنا يتبين أن المذهب الذي اختاره المؤلف من سد باب النظر عن التصحيح غير مرضي، لأنه منع الحكم بتصحيح الأسانيد التي جمعت شروط الصحة فأداه ذلك إلى الحكم بتصحيح ما ليس بصحيح، فكان الأولى ترك باب النظر والنقد مفتوحا، ليحكم على كل حديث بما يليق به. - والله الموفق -.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb تابع السؤال الأول

    سـ؟؟؟؟
    زاد الحميدي في الجمع بين الصحيحين زيادات ليست في واحد من الصحيحين. هل زادها بإسناده أو اصطلح فيها اصطلاحاً خاصاً؟ وضح واذكر شاهداً، ولماذا زادها؟ وما طريقته في إيراد هذه الزيادات؟

    الإجابة:
    قال ابن حجر في "النكت" (1/300):
    [زعم العراقي أن الحميدي لم يذكر اصطلاحا في الزيادات:]
    قال العراقي: "والزيادات الموجودة في كتاب الحميدي ليست في واحد من الكتابين، ولم يروها الحميدي بإسناده فيكون حكمها حكم المستخرجات، ولا أظهر لنا اصطلاحا، أنه يزيد زوائد التزم فيها الصحة فيقلد فيها". انتهى.
    قال ابن حجر: وقد اعتمد شيخنا رحمه الله تعالى هذا منظومته فقال: "وليت إذ زاد الحميدي ميّزا
    وشرح ذلك بمعنى الذي ذكره هنا: أن الحميدي لم يميز الزيادات التي زادها في الجمع، ولا اصطلح على أنه لا يزيد إلا ما صح فيقلد في ذلك.
    وكأن شيخنا -رضي الله عنه -قلد في هذا غيره، وإلا فلو راجع كتاب "الجمع بين الصحيحين" لرأى في خطبته ما دل على ذكره لاصطلاحه في هذه الزيادات وغيرها.
    ولو تأمل المواضع الزائدة لرآها معزوة إلى من زادها من أصحاب المستخرجات، وتبعه على ذلك الشيخ سراج الدين النحوي، فألحق في كتابه "المقنع" ما صورته: "هذه الزيادات ليس لها حكم الصحيح، لأنه ما رواها بسنده كالمستخرج، ولا ذكر أنه يزيد ألفاظا، واشترط فيها الصحة حتى يقلد في ذلك".
    وقال شيخنا شيخ الإسلام أبو حفص البلقيني في "محاسن الاصطلاح" في هذا الموضع ما صورته: وفي "الجمع بين الصحيحين" للحميدي تتمات لا وجود لها في الصحيحين، وهو كما قال ابن الصلاح. إلا أنه كان ينبغي التنبيه على حكم تلك التتمات لتكمل الفائدة.

    والدليل على ما ذهبنا إليه من أن الحميدي أظهر اصطلاحه لما يتعلق بهذه الزيادات موجود في خطبة كتابه إذ قال في أثناء المقدمة ما نصه: "وربما اضفنا إلى ذلك نبذا مما نبهنا له من كتب أبي الحسن الدارقطني، وأبي بكر الإسماعيلي وأبي بكر الخوارزمي (يعني البرقاني) وأبي مسعود الدمشقي وغيرهم من الحفاظ الذين عنوا بالصحيح، مما يتعلق بالكتابين من تنبيه على غرض، أو تتميم لمحذوف، أو زيادة من شرح، أو بيان لاسم، ونسب، أو كلام على إسناد، أو تتبع لوهم.

    فقوله: "تتميم لمحذوف أو زيادة" هو غرضنا هنا، وهو يختص بكتابي الإسماعيلي، والبرقاني، لأنهما استخرجا على البخاري. واستخرج البرقاني على مسلم.

    وقوله: "من تنبيه على غرض، أو كلام على إسناد، أو تتبع لوهم، أو بيان لاسم أو نسب"، يختص بكتابي الدارقطني وأبي مسعود، ذاك في "كتاب التتبع" وهذا في "كتاب الأطراف".

    وقوله: "مما يتعلق بالكتابين"، احترز به عن تصانيفهم التي لا تتعلق بالصحيحين، فإنه لم ينقل منها شيئا هنا.
    فهذا الحميدي قد أظهر اصطلاحه في خطبة كتابه.
    1 -ثم إنه فيما تتبعته من كتابه، إذا ذكر الزيادة في المتن يعزوها لمن زادها من أصحاب المستخرجات وغيرها، فإن عزاها لمن استخرج أقرها، وإن عزاها لمن لم يستخرج تعقبها غالبا، لكنه تارة يسوق الحديث من الكتابين، أو من أحدهما، ثم يقول: مثلا: زاد فيه فلان كذا. وهذا لا إشكال فيه.
    2 -وتارة يسوق الحديث، والزيادة جميعا في نسق واحد، ثم يقول في عقبه مثلا: اقتصر منه البخاري على كذا، وزاد فيه الإسماعيلي كذا، وهذا يُشْكِلْ على الناظر غير المميز، لأنه إذا نقل منه حديثا برمته، وأغفل كلامه بعده، وقع في المحذور الذي حذر منه ابن الصلاح، لأنه حينئذ يعزو على أحد الصحيحين ما ليس فيه، فهذا الحامل لابن الصلاح على الاستثناء المذكور. حيث قال عن الحميدي إلى آخره.

    [من المواضع التي تعقبها على أصحاب المستخرجات:]
    1-فمن أمثلة ذلك: أنه قال في مسند العشرة في حديث طارق بن شهاب، عن أبي بكر -رضي الله عنه -في قصة وفد بزاخة من أسد، وغطفان، وأن أبا بكر -رضي الله عنه-خيرهم بين الحرب المجلية، والسلم المخزية، فساق الحديث بطوله، وقال في آخره: "اختصره البخاري فأخرج طرفا منه"، وأخرجه بطوله أبو بكر البرقاني".

    2-ومن ذلك: قوله في مسند أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-عن أبي صالح عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «مثلي ومثل النبيين، كمثل رجل بنى دارا، وأتمها، إلا لبنة، قال فجئت، أنا فأتممت تلك اللبنة».
    قال الحميدي: "أحال به مسلم على حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-في هذا المعنى، ولم يسق حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-إلا قوله: «مثلي ومثل النبيين» ثم قال، فذكر نحوه".
    قال الحميدي: "وحديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه -الذي أحال عليه أزيد لفظا، وأتم معنى، ومتن حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-هو الذي أوردناه بينه أبو بكر البرقاني".

    3-ومنها: ما ذكره في مسند عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-في إفراد البخاري عن هزيل، عن ابن مسعود -رضي الله عنه-قال: «إن أهل الإسلام لا يسيبون، وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون».
    قال الحميدي: "اختصره البخاري، ولم يزد على هذا". وأخرجه بطوله أبو بكر البرقاني من تلك الطريق عن هزيل قال: "جاء رجل إلى عبد الله-رضي الله عنه-فقال: إني أعتقت عبدا لي سائبة فمات، وترك مالا، ولم يدع وارثا". فقال عبد الله -رضي الله عنه-: "إن أهل الإسلام لا يسيبون كأهل الجاهلية، فإنهم كانوا يسيبون، فأنت ولي نعمته ولك ميراثه، فإن تأثمت، أو تحرجت في شيء، فنحن نقبله، ونجعله في بيت المال".

    4-ومنها ما ذكره في مسند أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه -قال: الحديث الحادي والثلاثون يعني: من أفراد البخاري عن أبي سعيد المقبري كيسان، عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «من لم يدع قول الزور، والعمل به، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه».
    قال الحميدي: أخرجه أبو بكر البرقاني في كتابه من حديث أحمد بن يونس، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه وهو الذي أخرجه البخاري من طريقه فزاد فيه: "والجهل بعد قوله والعمل به". انتهى.
    فانظر كيف لم يسامح بزيادة لفظة واحدة في المتن حتى بينها وأوضح أنها مخرجة من الطريق التي خرجها البخاري. فمن يفصل هذا التفصيل كيف يظن به أنه لا يميز بين ألفاظ الصحيحين اللذين جمعهما وبين الألفاظ المزيدة في رواية غيرهما.

    5-ومنها: ما ذكره في مسند عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما -في أفراد البخاري عن أبي السفر سعيد بن يحمد، قال: سمعت ابن عباس -رضي الله عنهما -يقول: "يا أيها الناس اسمعوا مني ما أقول لكم، وأسمعوني ما تقولون ولا تذهبوا فتقولوا قال ابن عباس: "من طاف بالبيت، فليطف من وراء الحجر، ولا تقولوا الحطيم، فإن الرجل في الجاهلية كان يحلف فيلقي سوطه أو نعله أو قوسه" لم يزد (يعني البخاري).
    وزاد البرقاني في الحديث بالإسناد المخرج به: "وأيما صبي حج به أهله، فقد قضت حجته عنه، ما دام صغيرا، فإذا بلغ فعليه حجة أخرى.
    وأيما عبد حج به أهله، فقد قضت [حجته] عنه ما دام عبدا فإذا أعتق فعليه حجة أخرى.

    ومن المواضع التي تعقبها على غير أصحاب المستخرجات:
    1 -ما حكاه في مسند جابر عن أبي مسعود الدمشقي أنه قال -في الأطراف -: حديث أبي خثيمة زهير بن معاوية، عن أبي الزبير، عن جابر -رضي الله عنه-قال: جاء سراقة فقال: يا رسول الله! بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن. أرأيت عمرتنا هذه لعامنا أو للأبد؟
    قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "بل للأبد".
    قالوا يا رسول الله! فبين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن. فيم العمل اليوم ...؟ الحديث.
    قال أبو مسعود: رواه مسلم عن أحمد (يعني ابن يونس)، ويحيى (يعني ابن يحيى) يعني كلاهما عن زهير.
    قال الحميدي: "كذا قال أبو مسعود. والحديث عند مسلم في القدر، كما قال عن أحمد ويحيى، وليس فيه هذه القصة التي في العمرة".
    قال الحميدي: "والحديث في الأصل أطول من هذا، وإنما أخرجه مسلم منه ما أراد وحذف الباقي.
    وقد أورده بطوله أبو بكر البرقاني في كتابه بالإسناد من حديث زهير، ثم ساقه الحميدي من عند البرقاني بتمامه. وهذا غاية في التمييز، والتبيين، والتحري.
    2-ونظير هذا سواء. قال أبو مسعود أيضا في ترجمة قرة بن خالد، عن أبي الزبير، عن جابر -رضي الله عنه-قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "من لقي الله تعالى لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار"، قال: ودعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم -بصحيفة عند موته، فأراد أن يكتب لهم كتابا لا يضلوا بعده، فكثر اللغط، وتكلم عمر -رضي الله عنه-فرفضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم -.
    قال الحميدي: من قوله: "ودعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم -" إلى آخره ليس عند مسلم، وهو في الحديث أخرجه بطوله البرقاني من حديث قرة، ولكن مسلما اقتصر على ما أراد منه.

    3-ومن ذلك: ما ذكره في حديث ابن عباس عن علي -رضي الله عنهم -قال: "نهاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم -عن القراءة في الركوع والسجود"، قال زاد في الأطراف في روية ابن عباس، عن علي -رضي الله عنهم -النهي عن خاتم الذهب، وليس ذلك عندنا في أصل كتاب مسلم.
    قال الحميدي: "ولعله وجد في نسخة أخرى".

    4-وقال في مسند أبي هريرة -رضي الله عنه-في الحديث الثالث: عن أنس بن مالك عن عن أبي هريرة -رضي الله عنهما -عن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال: "قال الله عز وجل: إذا تقرب عبدي مني شبرا تقربت منه ذراعا، وإذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة".
    لفظ حديث مسلم، زاد ابن مسعود -رضي الله عنه-: "وإن هرول سعيت إليه، والله تعالى أسرع بالمغفرة".
    قال الحميدي: "لم أر هذه الزيادة في الكتابين".
    قلت [أي ابن حجر]: والزيادة المذكورة تفرد بها محمد بن أبي السري العسقلاني، ولم يخرجا له. وقد بينت ذلك في تغليق التعليق.

    فهذه الأمثلة توضح أن الحميدي يميز الزيادات التي يزيدها هو أو غيره خلافا لمن نفى ذلك, - والله أعلم -.
    وقد قرأت في كتاب (الحافظ أبي سعيد) العلائي في علوم الحديث له، قال -لما ذكر المستخرجات -: ومنها: المستخرج على البخاري للإسماعيلي. والمستخرج على الصحيحين للبرقاني وهو مشتمل على زيادات كثيرة، في تضاعيف متون الأحاديث، وهي التي ذكرها الحميدي في الجمع بين الصحيحين منبها عليها.
    هذا لفظه بحروفه وهو عين المدعى ولله الحمد.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb تفصيل السؤال الأول مرة أخرى مقطع الإجابة، مع زيادات أخرى

    السؤال الأول: الدور الأول يوليو 2012م
    يري الإمام ابن الصلاح أن الإمام البخاري أول من ألف في الصحيح.
    وضح ما اعترض به مغلطاي، ثم اذكر جواب العلماء عليه؟ صـــ149/د: خشوعي.

    الإجابة:
    قال ابن الصلاح: أول من صنف الصحيح البخاري انتهى.
    قال ابن حجر: في "النكت" (1/276): اعترض عليه الشيخ علاء الدين مغلطاي فيما قرأت بخطه بأن مالكا أول من صنف الصحيح، وتلاه أحمد بن حنبل، وتلاه الدارمي.
    قال: "وليس لقائل يقول: لعله أراد الصحيح المجرد، فلا يرد كتاب مالك؛ لأن فيه البلاغ، والموقوف، والمنقطع، والفقه، وغير ذلك، لوجود مثل ذلك في كتاب البخاري". انتهى.
    [رد العراقي على مغلطاي:]
    وقد أجاب شيخنا -رضي الله عنه -عما يتعلق بالموطأ بما نصه: "أن مالكا لم يفرد الصحيح، وإنما أدخل في كتابه المرسل، والمنقطع ..." إلى آخر كلامه،
    وكأن شيخنا لم يستوف النظر في كلام مغلطاي.
    وإلا فظاهر مقبول بالنسبة إلى ما ذكره في البخاري من الأحاديث المعلقة، وبعضها ليس على شرطه، بل وفي بعضها ما لا يصح كما سيأتي التنبيه عليه عند ذكر تقسيم التعليق، فقد مزج الصحيح بما ليس منه كما فعل ذلك.
    [رد الحافظ على مغلطاي:]
    وكأن مغلطاي خشي أن يجاب عن اعتراضه بما أجاب به شيخنا من التفرقة، فبادر إلى الجواب عنه، لكن الصواب في الجواب عن هذه المسألة أن يقال:
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb سـ1: من أول من صنف في الصحيح المعهود في عصره، باعتبار انتقائه، وانتقاده للرجال؟

    سـ1: من أول من صنف في الصحيح المعهود في عصره، باعتبار انتقائه، وانتقاده للرجال؟
    الإجابة:
    ما الذي أراده المؤلف بقوله: "أول من صنف الصحيح"، هل أراد الصحيح من حيث هو؟ أو أراد الصحيح المعهود الذي فرغ من تعريفه؟
    الظاهر أنه لم يرد إلا المعهود، وحينئذ فلا يرد عليه ما ذكره في الموطأ وغيره؛ لأن الموطأ، وإن كان عند من يرى الاحتجاج بالمرسل، والمنقطع، وأقوال الصحابة صحيحا، ذلك على شرط الصحة المعتبرة عند أهل الحديث، والفرق بين ما فيه من المقطوع، والمنقطع، وبين ما في البخاري من ذلك واضح؛ لأن الذي في الموطأ من ذلك هو مسموع لمالك كذلك في الغالب، وهو حجة عنده، وعند من تبعه.
    والذي في البخاري من ذلك قد حذف في البخاري أسانيدها عمداً ليخرجها عن موضوع الكتاب، وإنما يسوقها في تراجم الأبواب تنبيها، واستشهادا، واستئناسا، وتفسيرا لبعض الآيات. وكأنه أراد أن يكون كتابه جامعا لأبواب الفقه، وغير ذلك من المعاني التي قصد (جمعه فيها)، وقد بينت في كتاب "تغليق التعليق" كثيرا من الأحاديث التي يعلقها البخاري في "الصحيح" فيحذف إسنادها أو بعضها، وتوجد موصولة عنده في موضع آخر من تصانيفه التي هي خارج الصحيح.
    (والحاصل من هذا أن أول من صنف في الصحيح) يصدق على مالك باعتبار انتقائه، وانتقاده للرجال، فكتابه أصح من الكتب المصنفة في هذا الفن من أهل عصره، وما قاربه كمصنفات سعيد بن أبي عروبة، وحماد بن سلمة، والثوري، وابن إسحاق، ومعمر، وابن جريج، وابن المبارك، وعبد الرزاق وغيرهم، ولهذا قال الشافعي: "ما بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك"، فكتابه صحيح عنده، وعند من تبعه ممن يحتج بالمرسل والموقوف.
    إجابة السؤال التالي تابعه لإجابة السؤال الأول
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb سـ2: من أول من صنف الصحيح المجرد، المعتبر عند أئمة الحديث؟

    سـ2: من أول من صنف الصحيح المجرد، المعتبر عند أئمة الحديث؟
    الإجابة:
    أما أول من صنف الصحيح المعتبر عند أئمة الحديث الموصوف بالاتصال وغير ذلك من الأوصاف، فأول من جمعه البخاري، ثم مسلم كما جزم به ابن الصلاح، وأما قول القاضي أبي بكر بن العربي في مقدمة شرح الترمذي: "والموطأ هو الأصل الأول، والبخاري هو الأصل الثاني. وعليهما بنى جميع من بعدهما كمسلم، والترمذي وغيرهما، فإن أراد مجرد السبق إلى التصنيف فهو كذلك، ولا يلزم منه مخالفة لما تقدم، وإن أراد الأصل في الصحة فهو كذلك، لكن على التأويل الذي أولناه.
    إجابة السؤال التالي تابعه لإجابة السؤال الأول
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb سـ3: كيف ترد على قول مغلطاي: "إن أحمد أفرد الصحيح"؟

    سـ3: كيف ترد على قول مغلطاي: "إن أحمد أفرد الصحيح"؟
    الإجابة:
    وأما قول مغلطاي: "إن أحمد أفرد الصحيح"، لا نسلم أن أحمدا اشترط الصحة في كتابه"، ونوجه كلام مغلطاي إلى ما المراد بالصحة؟
    ◄إن قيل باعتبار الشرائط التي تقدم ذكرها –في شروط الحديث الصحيح-، فلا يمكن دعوى ذلك في المسند مع ما فيه من الأحاديث المعللة والمضعفة.
    ◄وإن قيل باعتبار ما يراه أحمد من التمسك بالأحاديث، ولو كانت ضعيفة، ما لم يكن ضعفها شديدا. كما تقدم في الكلام على أبي داود فهذا يمكن دعواه.
    ◄ هناك أحاديث صحيحة مخرجة في الصحيح، وليست في مسند أحمد".
    أقول: أجاب بعضهم عن هذا بأن الأحاديث الصحيحة التي خلا عنها المسند لا بد أن يكون لها فيه أصول أو نظائر أو شواهد أو ما يقوم مقامها، قلت: فعلى هذا إنما يتم النقض أن لو وجد حديث محكوم بصحته سالم من التعليل ليس هو4 في المسند وإلا فلا -والله أعلم ([1]).
    إجابة السؤال التالي تابعه لإجابة السؤال الأول
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb سـ4: كيف ترد على قول مغلطاي: مالك صنف في الصحيح، وتلاه أحمد بن حنبل، وتلاه الدارمي.

    سـ4: كيف ترد على قول مغلطاي: مالك صنف في الصحيح، وتلاه أحمد بن حنبل، وتلاه الدارمي.
    الإجابة:
    ◄وأما ما يتعلق بالدارمي فتعقبه الشيخ بأن فيه الضعيف والمنقطع.
    لكن بقي مطالبة مغلطاي بصحة دعواه بأن جماعة أطلقوا على مسند الدارمي كونه صحيحا، فإني لم أر ذلك في كلام أحد ممن يعتمد عليه، ثم وجدت بخط مغلطاي أنه رأى بخط الحافظ أبي محمد المنذري ترجمة كتاب الدارمي بالمسند الصحيح الجامع.
    وليس كما زعم، فلقد وقفت على النسخة التي بخط المنذري، وهي أصل سماعنا للكتاب المذكور، والورقة الأولى منه مع عدة أوراق ليست بخط المنذري، بل هو بخط أبي الحسن ابن أبي الحصني، وخطه قريب من خط المنذري، فاشتبه ذلك على مغلطاي، وليس الحصني من أحلاس هذا الفن، حتى يحتج بخطه في ذلك، كيف، ولو أطلق ذلك عليه من يعتمد عليه لكان الواقع يخالفه لما في الكتاب المذكور من الأحاديث الضعيفة والمنقطعة، والمقطوعة، والموطأ في الجملة أنظف أحاديث، وأتقن رجالا منه، ومع ذلك كله فليست أسلم أن الدارمي صنف كتابه قبل تصنيف البخاري "الجامع" لتعاصرهما، ومن ادعى ذلك فعليه البيان، والله أعلم.


    [1] ـ ◄ وهنا [أحاديث منتقدة في مسند أحمد:] قوله (ع): "بل فيه (أي المسند) أحاديث موضوعة، وقد جمعتها في جزء.
    قال ابن حجر: أقول: ذكر الشيخ تقي الدين بن تيمية: أن أصل هذه القصة: أن الحافظين أبا العلاء الهمذاني، وأبا الفرج ابن الجوزي سئلا هل في المسند أحاديث موضوعة أم لا؟ فأنكر ذلك أبو العلاء أشد الإنكار، وأثبت ذلك أبو الفرج، وبين ما فيه من ذلك بحسب ما ظهر له، قلت: ثم انتدب أبو موسى المديني فانتصر لشيخه أبي العلاء الهمذاني، وصنف الجزء الذي أشار إليه شيخنا، وأما الجزء المذكور فهو مشتمل على تسعة أحاديث، وهي الستة التي ساقها الشيخ هنا من المسند، والحديثان المساقان من زيادات عبد الله، والتاسع حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما -مثل حديث أنس -رضي الله عنه -فيمن عُمِّر أربعين سنة، والحكم على الأحاديث التسعة بكونها موضوعة محل نظر، وتأمل، ثم إنها كلها في الفضائل أو الترغيب والترهيب، ومن عادة المحدثين التساهل في مثل ذلك، وفي الجملة لا يتأتى الحكم على جميعها بالوضع.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb ستـ5: كتب الصحيح لابن خزيمة، وابن حبان هل يمكن الحكم بصحتها؟

    ستـ5: كتب الصحيح لابن خزيمة، وابن حبان هل يمكن الحكم بصحتها؟
    الإجابة:
    قال ابن حجر في "النكت على كتاب ابن الصلاح" (1/289):
    من قال بالصحة لكل ما في كتاب ابن خزيمة، وابن حبان وغيرهما -ممن اشترط الصحيح -بالتسليم، وكذا ما يوجد في الكتب المخرجة على الصحيحين، وفي كل ذلك نظر.
    لعدة أسباب:
    الأول: لم يلتزم ابن خزيمة وابن حبان في كتابيهما أن يخرجا الصحيح الذي اجتمعت فيه الشروط التي ذكرها ابن الصلاح، لأنهما ممن لا يرى التفرقة بين الصحيح والحسن، بل عندهما أن الحسن قسم من الصحيح لا قسيمه، وقد صرح ابن حبان بشرطه.
    وحاصله: أن يكون راوي الحديث عدلا، مشهورا بالطلب، غير مدلس، سمع ممن فوقه إلى أن ينتهي، فإن كان يروي من حفظه، فليكن عالما بما يحيل المعاني.
    فلم يشترط على الاتصال، والعدالة، ما اشترطه المؤلف في الصحيح من وجود: الضبط، ومن عدم الشذوذ، والعلة. وهذا وإن لم يتعرض ابن حبان لاشتراطه فهو إن وجده كذلك أخرجه، وإلا فهو ماش على ما أصّل، لأن وجود هذه الشروط لا ينافي ما اشترطه.
    وسمى ابن خزيمة كتابه "المسند الصحيح المتصل بنقل العدل عن العدل من غير قطع في السند ولا جرح في النقلة".
    وهذا الشرط مثل شرط ابن حبان سواء، لأن ابن حبان تابع لابن خزيمة، مغترف من بحره ناسج على منواله.
    ومما يعضد ما ذكرنا، احتجاج ابن خزيمة، وابن حبان، بأحاديث أهل الطبقة الثانية، الذين يخرج مسلم أحاديثهم في المتابعات، كابن إسحاق، وأسامة بن زيد الليثي، ومحمد بن عجلان، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وغير هؤلاء.
    فإذا تقرر ذلك عرفت أن حكم الأحاديث التي في كتاب ابن خزيمة، وابن حبان صلاحية الاحتجاج بها، لكونها دائرة بين الصحيح، والحسن ما لم يظهر في بعضها علة قادحة.
    وأما أن يكون مراد من يسميها صحيحة أنها جمعت الشروط المذكورة في حد الصحيح فلا. -والله أعلم -.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb ستـ6: كتب المستخرجات هل يمكن الحكم بصحتها؟

    ستـ6: كتب المستخرجات هل يمكن الحكم بصحتها؟
    الإجابة:
    أما ما يتعلق بالمستخرجات ففيه نظر أيضا:
    1-أولا كتاب أبي عوانة، وإن سماه بعضهم مستخرجا على مسلم، فإن له فيه أحاديث كثيرة مستقلة في أثناء الأبواب، نبه هو على كثير منها، ويوجد فيها الصحيح، والحسن، والضعيف -أيضا -والموقوف.
    2-أما كتاب الإسماعيلي، فليس فيه أحاديث مستقلة زائدة، وإنما تحصل الزيادة في أثناء بعض المتون، والحكم بصحتها متوقف على أحوال رواتها. فرب حديث أخرجه البخاري من طريق بعض أصحاب الزهري عنه -مثلا -فاستخرجه الإسماعيلي، وساقه من طريق آخر من أصحاب الزهري بزيادة فيه، وذلك الآخر ممن تكلم فيه فلا يحتج بزيادته.
    وقد ذكر المؤلف -بعدُ -أن أصحاب المستخرجات لم يلتزموا موافقة الشيخين في ألفاظ الحديث بعينها.
    والسبب فيه أنهم أخرجوها من غير جهة البخاري، ومسلم، فحينئذ يتوقف الحكم بصحة الزيادة على ثبوت الصفات المشترطة، في الصحيح للرواة الذين بين صاحب المستخرج، وبين من اجتمع، مع صاحب الأصل الذي استخرج عليه، وكلما كثرت الرواة بينه وبين من، اجتمع مع صاحب الأصل فيه، افتقر إلى زيادة التنقير، وكذا كلما بعد عصر المستخرج من عصر صاحب الأصل كان الإسناد كلما كثرت رجاله احتاج الناقد له إلى كثرة البحث عن أحوالهم. فإذا روى البخاري -مثلا -عن علي بن المديني، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري حديثا، ورواه الإسماعيلي -مثلا -عن بعض مشايخه، عن الحكم بن موسى، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري، واشتمل حديث الأوزاعي على زيادة على حديث ابن عيينة، توقف الحكم بصحتها على تصريح الوليد، بسماعه من الأوزاعي، وسماع الأوزاعي، من الزهري؛ لأن الوليد بن مسلم من المدلسين على شيوخه، وعلى شيوخ شيوخه.
    وكذا يتوقف على ثبوت صفات الصحيح لشيخ الإسماعيلي، وقس على هذا جميع ما في المستخرج.
    3-وكذا الحكم في باقي المستخرجات، فقد رأيت بعضهم حيث يجد أصل الحديث، اكتفى بإخراجه، ولو لم تجتمع الشروط في رواته، بل رأيت في مستخرج أبي نعيم وغيره الرواية عن جماعة من الضعفاء، لأن أصل مقصودهم بهذه المستخرجات أن يعلو إسنادهم، ولم يقصدوا إخراج هذه الزيادات، وإنما وقعت اتفاقا. والله أعلم.
    ومن هنا يتبين أن المذهب الذي اختاره المؤلف من سد باب النظر عن التصحيح غير مرضي، لأنه منع الحكم بتصحيح الأسانيد التي جمعت شروط الصحة فأداه ذلك إلى الحكم بتصحيح ما ليس بصحيح، فكان الأولى ترك باب النظر والنقد مفتوحا، ليحكم على كل حديث بما يليق به. -والله الموفق -.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb ستـ7: كتاب المستدرك للحاكم هل يمكن الحكم بصحته؟

    ستـ7: كتاب المستدرك للحاكم هل يمكن الحكم بصحته؟
    الإجابة:
    قال ابن حجر في "النكت "قوله : في ذكر المستدرك للحاكم: "وهو واسع الخطو في شرط الصحيح متساهل في القضاء به، فالأولى أن نتوسط في أمره ... " إلى آخر كلامه.
    [زعم الماليني أنه ليس في المستدرك حديث على شرط الشيخين:] أقول: حكى الحافظ أبو عبد الله الذهبي، عن أبي سعد الماليني، أنه قال: "طالعت المستدرك على الشيخين الذي صنفه الحاكم من أوله إلى آخره فلم أر فيه حديثا على شرطهما"، وقرأت بخط بعض الأئمة أنه رأى بخط عبد الله بن زيدان المسكي، قال: أملى علي الحافظ أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي سنة خمس وتسعين وخمسمائة قال: "نظرت إلى وقت إملائي عليك هذا الكلام فلم أجد حديثا على شرط البخاري ومسلم لم يخرجاه إلا ثلاثة أحاديث:
    1-حديث أنس "يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة".
    2-وحديث الحجاج بن علاط لما أسلم.
    النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر (1/ 314)
    3-وحديث علي -رضي الله عنه -"لا يؤمن العبد حتى يؤمن بأربع"، انتهى، وتعقب الذهبي قول الماليني فقال: هذا غلو وإسراف، وإلا ففي المستدرك جملة وافرة على شرطهما، وجملة كثيرة على شرط أحدهما، وهو قدر النصف، وفيه نحو الربع مما صح سنده أو حسن، وفيه بعض العلل. وباقيه مناكير وواهيات، وفي بعضها موضوعات قد أفردتها في جزء انتهى كلامه.
    وهو كلام مجمل يحتاج إلى إيضاح وتبيين: من الإيضاح أنه ليس جميعه كما قال، فنقول:
    أ-ينقسم المستدرك أقساما كل قسم منها يمكن تقسيمه:
    الأول: أن يكون إسناد الحديث الذي يخرجه محتجا برواته في الصحيحين أو أحدهما على صورة الاجتماع، سالما من العلل.
    واحترزنا بقولنا على صورة الاجتماع عما احتجا برواته على صورة الانفراد كسفيان بن حسين عن الزهري، فإنهما احتجا بكل منهما، ولم يحتجا برواية سفيان بن حسين، عن الزهري؛ لأن سماعه من الزهري ضعيف، دون بقية مشايخه، فإذا وجد حديث من روايته عن الزهري لا يقال على شرط الشيخين، لأنهما احتجا بكل منهما، بل لا يكون على شرطهما إلا إذا احتجا بكل منهما على صورة الاجتماع، وكذا إذا كان الإسناد قد احتج كل منهما برجل منه، ولم يحتج بآخر منه، كالحديث الذي يروى عن طريق شعبة مثلا: عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما -، فإن مسلما احتج بحديث سماك إذا كان من رواية الثقات عنه، ولم يحتج بعكرمة، واحتج البخاري بعكرمة دون سماك، فلا يكون الإسناد والحالة هذه على شرطهما، فلا يجتمع فيه صورة الاجتماع، وقد صرح بذلك الإمام أبو الفتح القشيري وغيره.
    واحترزت بقولي: أن يكون سالما من العلل؛ بما إذا احتجا بجميع رواته على صورة الاجتماع إلا أن فيهم من وصف بالتدليس أو اختلط في آخر عمره، فإنا نعلم في الجملة أن الشيخين لم يخرجا من رواية المدلسين بالعنعنة إلا ما تحققا أنه مسموع لهم من جهة أخرى، وكذا لم يخرجا من حديث المختلطين عمن سمع منهم بعد الاختلاط إلا ما تحققا أنه من صحيح حديثهم قبل الاختلاط. فإذا كان كذلك لم يجز الحكم للحديث الذي فيه مدلس قد عنعنه أو شيخ سمع ممن اختلط بعد اختلاطه، بأنه على شرطهما، وإن كانا قد أخرجا ذلك الإسناد بعينه.
    إلا إذا صرح المدلس من جهة أخرى بالسماع، وصح أن الراوي سمع من شيخه قبل اختلاطه، فهذا القسم يوصف بكونه على شرطهما أو على شرط أحدهما، ولا يوجد في المستدرك حديث بهذه الشروط لم يخرجا له نظيرا أو أصلا إلا القليل كما قدمنا، نعم وفيه جملة مستكثرة بهذه الشروط، لكنها مما أخرجها الشيخان أو أحدهما استدركها الحاكم، واهما في ذلك ظنا أنهما لم يخرجاها.

    (ب) القسم الثاني: أن يكون إسناد الحديث قد أخرجا لجميع رواته لا على سبيل الاحتجاج، بل في الشواهد، والمتابعات، والتعاليق، أو مقرونا بغيره، ويلحق بذلك ما إذا أخرجا لرجل، وتجنبا ما تفرد به أو ما خالف فيه. كما أخرج مسلم من نسخة العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه -ما لم يتفرد به، فلا يحسن أن يقال إن باقي النسخة على شرط مسلم؛ لأنه ما خرج بعضها إلا بعدما تبين له أن ذلك مما لم ينفرد به. فما كان بهذه المثابة لا يلحق أفراده بشرطهما.
    وقد عقد الحاكم في كتاب المدخل بابا مستقلا ذكر فيه من أخرج له الشيخان في المتابعات، وعدد ما أخرجا من ذلك، ثم أنه مع هذا الاطلاع يخرج أحاديث هؤلاء في المستدرك، زاعما أنها على شرطهما، ولا شك في نزول أحاديثه عن درجة الصحيح، بل ربما كان فيها الشاذ، والضعيف، لكن أكثرها لا ينزل عن درجة الحسن.
    ◄والحاكم وإن كان ممن لا يفرق بين الصحيح، والحسن، بل يجعل الجميع صحيحا، تبعا لمشايخه كما قدمناه، عن ابن خزيمة، وابن حبان، فإنما يناقش في دعواه أن الحديث هؤلاء على شرط الشيخين أو أحدهما. وهذا القسم هو عمدة الكتاب.

    (ج) القسم الثالث: أن يكون الإسناد لم يخرجا له لا في الاحتجاج، ولا في المتابعات. وهذا قد أكثر منه الحاكم، فيخرج أحاديث عن خلق ليسوا في الكتابين، ويصححها، لكن لا يدعي أنها على شرط واحد منهما، وربما ادعى ذلك على سبيل الوهم. وكثير منها يعلق القول بصحتها على سلامتها من بعض رواتها. كالحديث الذي أخرجه من طريق الليث عن إسحاق بن بزرج، عن الحسن بن علي: في التزيين للعيد. قال في أثره: "لولا جهالة إسحاق لحكمت بصحته"، وكثير منها لا يتعرض للكلام عليه أصلا، ومن هنا دخلت الآفة كثيرا فيما صححه، وقَلَّ أن تجد في هذا القسم حديثا يلتحق بدرجة الصحيح فضلا عن أن يرتفع إلى درجة الشيخين -والله أعلم.
    ومن العجيب ما وقع للحاكم أنه أخرج لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وقال بعد روايته: "هذا صحيح الإسناد، وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن". مع أنه قال في كتابه الذي جمعه في الضعفاء: "عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه"، وقال في آخر هذا الكتاب: "فهؤلاء الذين ذكرتهم قد ظهر عندي جرحهم؛ لأن الجرح لا أستحله تقليدا. انتهى. فكان هذا من عجائب ما وقع له من التساهل والغفلة.
    ومن هنا يتبين صحة (قول ابن الأخرم التي قدمناها).
    وأن قول المؤلف أنه يصفو له منه صحيح كثير غير جيد، بل هو قليل بالنسبة إلى أحاديث الكتابين؛ لأن المكرر يقرب من ستة آلاف، والذي يسلم من المستدرك على شرطهما أو شرط أحدهما مع الاعتبار الذي حررناه دون الألف، فهو قليل بالنسبة إلى ما في الكتابين -والله أعلم -.
    وقد بالغ ابن عبد البر فقال: ما معناه أن البخاري ومسلما إذا اجتمعا على ترك إخراج أصل من الأصول فإنه لا يكون له طريق صحيحة، وإن وجدت فهي معلولة.
    وقال في موضع آخر: "وهذا الأصل لم يخرج البخاري، ومسلم شيئا منه وحسبك بذلك ضعفا"، هذا وإن كان لا يقبل منه فهو يعضد، قول ابن الأخرم، والله أعلم.
    كلام على شرط الحاكم في المستدرك:
    قوله (ع): "وكلام الحاكم مخالف لما فهموه" يعني: ابن الصلاح، وابن دقيق العيد، والذهبي من أنهم يعترضون على تصحيحه على شرط الشيخين أو أحدهما، بأن البخاري -مثلا -ما أخرج لفلان، وكلام الحاكم ظاهر أنه لا يتقيد بذلك حتى يتعقب به عليه.
    قلت: لكن تصرف الحاكم يقوي أحد الاحتمالين اللذين ذكرهما شيخنا -رحمه الله تعالى-فإنه إذا كان عنده الحديث قد أخرجا أو أحدهما لرواته قال: "صحيح على شرط الشيخين أو أحدهما وإذا كان بعض رواته لم يخرجا له قال: صحيح الإسناد حسب، ويوضح ذلك قوله -في باب التوبة -لما أورد حديث أبي عثمان، عن أبي هريرة -رضي الله عنه -مرفوعا: "لا تنزع الرحمة إلا من شقي"، قال: هذا حديث صحيح الإسناد، وأبو عثمان هذا ليس هو النهدي، ولو كان هو النهدي لحكمت بالحديث على شرط الشيخين.
    فدل هذا على أنه إذا لم يخرجا لأحد رواة الحديث لا يحكم به على شرطهما وهو عين ما ادعى ابن دقيق العيد وغيره.
    وإن كان الحاكم قد يغفل عن هذا في بعض الأحيان، فيصحح على شرطهما بعض ما لم يخرجا لبعض رواته، فيحمل ذلك على السهو والنسيان، ويتوجه به حينئذ عليه الاعتراض. - والله أعلم -.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb ستـ8: ما هي فوائد المستخرجات؟

    ستـ8: ما هي فوائد المستخرجات؟
    الإجابة:
    [فوائد المستخرجات:]
    قال ابن الصلاح: إن التخاريج المذكورة على الكتابين يستفاد منها فائدتان:
    إحداهما: علو الإسناد.
    والثانية: الزيادة في قدر الصحيح لما يقع فيها من ألفاظ زائدة، وتتمات في بعض الأحاديث تثبت صحتها بهذه التخاريج؛ لأنها واردة بالأسانيد الثابتة في الصحيحين، أو أحدهما، وخارجة من ذلك المخرج الثابت، والله أعلم.
    الثالثة: زادها العراقي على ابن الصلاح: تكثر طرق الحديث، ليرجح بها عند المعارضة، وهذه الفائدة قد ذكرها المصنف في مقدمة شرح مسلم له، وتلقاها عنه الشيخ محي الدين النووي، فاستدركها عليه في مختصره في علوم الحديث.
    زاد ابن حجر في النكت:
    رابعا: الحكم بعدالة من أخرج له فيه، لأن المخرج على شرط الصحيح، يلزمه ألا يخرج إلا عن ثقة عنده، فالرجال الذين في المستخرج ينقسمون أقساما منهم:
    أ-من ثبتت عدالته قبل هذا المخرج، فلا كلام فيهم.
    ب-ومنهم من طعن فيه غير هذا المخرج، فينظر في ذلك الطعن إن كان مقبولا قادحا فيقدم (وإلا فلا).
    ج-ومنهم من لا يعرف لأحد قبل هذا المخرج فيه توثيق، ولا تخرج، فتخريج من يشترط الصحة لهم ينقلهم من درجة من هو مستور إلى درجة من هو موثوق. فيستفاد من ذلك صحة أحاديثهم التي يروونها بهذا الإسناد، ولو لم يكن في ذلك المستخرج، والله أعلم.
    خامسا: ما يقع فيها من حديث المدلسين بتصريح السماع، وهي في الصحيح بالعنعنة، فقد قدمنا أنا نعلم في الجملة أن الشيخين اطلعا على أنه مما سمعه المدلس من شيخه، لكن ليس اليقين كالاحتمال، فوجود ذلك في المستخرج بالتصريح ينفي أحد الاحتمالات.
    سادسا: ما يقع فيها من حديث المختلطين عمن سمع منهم قبل الاختلاط (وهو في الصحيح في حديث من سمع منهم قبل ذلك)، والحال فيها كالحال في التي قبلها سواء بسواء.
    سابعا: ما يقع فيها من التصريح بالأسماء المبهمة، والمهملة في الصحيح في الإسناد، أو في المتن.
    ثامنا: ما يقع فيها من التميز للمتن المحال به، على المتن المحال عليه، وذلك في "كتاب مسلم كثير جدا، فإنه يخرج الحديث على لفظ بعض الرواة ويحيل، بباقي ألفاظ الرواة على ذلك اللفظ الذي يورده، فتارة يقول: مثله فيحمل على أنه نظير سواء، وتارة يقول: نحوه أو معناه، [فتوجد] بينهما مخالفة بالزيادة، والنقص، وفي ذلك من الفوائد ما لا يخفى.
    تاسعا: ما يقع فيها من الفصل للكلام المدرج في الحديث مما ليس في الحديث، ويكون في الصحيح غير مفصل.
    عاشرا: ما يقع فيها من الأحاديث المصرح برفعها، وتكون في أصل الصحيح موقوفة، أو كصورة الموقوف، كحديث ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما - قال: "اللهم بارك لنا في يمننا... الحديث أخرجه البخاري في أواخر الاستسقاء هكذا موقوفا، ورواه الإسماعيلي، وأبو نعيم في مستخرجيهما من هذا الوجه مرفوعا بذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه، في أمثلة كثيرة لذلك، وكملت فوائد المستخرجات بهذه الفوائد السبعة التي ذكرناها عشر فوائد - والله الموفق.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb هل تفيد أحاديث الصحيحين الظن أو العلم؟ اذكر مذاهب العلماء؟ وأدلتهم في ذلك، وجواب الجمهور عن أدلة المخالفين؟

    سـ9: هل تفيد أحاديث الصحيحين الظن أو العلم؟ اذكر مذاهب العلماء؟ وأدلتهم في ذلك، وجواب الجمهور عن أدلة المخالفين؟
    الإجابة
    قال ابن الصلاح: هذا القسم جميعه مقطوع بصحته، والعلم اليقيني النظري واقع به.
    ◄وقال ابن حجر في "النكت": وقد عاب ابن عبد السلام على ابن الصلاح هذا، وذكر أن بعض المعتزلة يرون أن الأمة إذا عملت بحديث اقتضى ذلك القطع بصحته، وقال النووي: خالف ابن الصلاح المحققون والأكثرون، فقالوا: يفيد الظن ما لم يتواتر، وقال في شرح مسلم: لا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما، إجماعهم على أنه مقطوع بأنه من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم.
    ◄ رد الحافظ ابن حجر: على النووي وابن عبد السلام: أقول أقر شيخنا هذا من كلام النووي، وفيه نظر، وذلك أن ابن الصلاح لم يقل: إن الأمة أجمعت على العمل (بما فيهما)، وكيف يسوغ له أن يطلق ذلك، والأمة لم تجمع على العمل بما فيهما، لا من حيث الجملة، ولا من حيث التفصيل، لأن فيهما أحاديث ترك العمل بما دلت عليه، لوجود معارض من ناسخ أو مخصص، وإنما نقل ابن الصلاح أن الأمة أجمعت على تلقيهما بالقبول من حيث الصحة، ويؤيد ذلك أنه قال في شرح مسلم ما صورته: "ما اتفقا عليه مقطوع بصدقه لتلقي الأمة له بالقبول، وذلك يفيد العلم النظري، وهو في إفادة العلم كالمتواتر، إلا أن المتواتر يفيد العلم الضروري، وتلقي الأمة بالقبول يفيد العلم النظري.
    ثم حكى عن إمام الحرمين مقالته المشهورة، أنه لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في "كتاب البخاري ومسلم" مما حكم بصحته من قول النبي -صلى الله عليه وسلم -لما ألزمته الطلاق ولا حنثته لإجماع علماء المسلمين على صحتهما.
    فهذا يؤيد ما قلنا أنه ما أراد أنهم اتفقوا على العمل، وإنما اتفقوا على الصحة. وحينئذ فلابد لاتفاقهم من مزية، لأن اتفاقهم على تلقي خبر غير ما في الصحيحين بالقبول، ولو كان سنده ضعيفا يوجب العمل بمدلوله، فاتفاقهم على تلقي ما صح سنده ماذا يفيد؟
    فأما متى قلنا يوجب العمل فقط، لزم تساوي الضعيف والصحيح، فلابد للصحيح من مزية، وقد وجدت فيما حكاه إمام الحرمين في البرهان عن الأستاذ أبي بكر محمد بن الحسن بن فورك ما يصرح بهذا التفصيل الذي أشرت إليه؛ فإنه قال في الخبر الذي تلقته الأمة بالقبول مقطوع بصحته.
    ثم فصل ذلك فقال:
    1-إن اتفقوا على العمل به، لم يقطع بصدقه، وحمل الأمر على اعتقادهم، وجوب العمل بخبر.
    2-وإن تلقوه بالقبول قولا، وفعلا، حكم بصدقه قطعا.
    وحكى أبو نصر القشيري عن القاضي أبي بكر الباقلاني، أنه بين في "كتاب التقريب" أن الأمة إذا اجتمعت، أو أجمع أقوام لا يجوز عليهم التواطؤ على الكذب، من غير أن يظهر منهم ذلك التواطؤ على أن الخبر صدق، كان ذلك دليلا على الصدق.
    قال أبو نصر وحكى إمام الحرمين عن القاضي أن تلقي الأمة لا يقتضي القطع بالصدق.
    ولعل هذا فيما إذا تلقته بالقبول، ولكن يحصل إجماع على تصديق الخبر فهذا وجه الجمع بين كلامي القاضي.
    وجزم القاضي أبو نصر عبد الوهاب المالكي في "كتاب الملخص" بالصحة فيما إذا تلقوه بالقبول.
    ◄قال: وإنما اختلفوا فيما إذا أجمعت على العمل بخبر المخبر، هل يدل ذلك على صحته أم لا؟ على قولين:
    قال: "وكذلك إذا عمل بموجبه أكثر الصحابة -رضي الله عنهم -وأنكروا على من عدل عنه، فهل يدل على صحته، وقيام الحجة به؟
    1-ذهب الجمهور إلى أنه لا يكون صحيحا بذلك".
    2-وذهب عيسى بن أبان إلى أنه يدل على صحته، انتهى.
    فقول الشيخ محيي الدين النووي: "خالف ابن الصلاح المحققون والأكثرون". غير متجه، بل تعقبه شيخنا شيخ الإسلام في محاسن الاصطلاح، فقال: "هذا ممنوع فقد نقل بعض الحفاظ المتأخرين، عن جمع من الشافعية، والحنفية، والمالكية، والحنابلة أنهم يقطعون بصحة الحديث الذي تلقته الأمة بالقبول".
    ◄قلت: وكأنه عني بهذا الشيخ تقي الدين بن تيمية، فإني رأيت فيما حكاه عن بعض ثقات أصحابه ما ملخصه: الخبر إذا تلقته الأمة بالقبول، تصديقا له، وعملا بموجبه، أفاد العلم عند جماهير العلماء من السلف، والخلف، وهو الذي ذكره جمهور المصنفين في أصول الفقه، كشمس الأئمة السرخسي، وغيره من الحنفية، والقاضي عبد الوهاب وأمثاله من المالكية، والشيخ أبي حامد الإسفرائيني، والقاضي أبي الطيب الطبري، والشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وسليم الرازي، وأمثالهم من الشافعية، وأبي عبد الله بن حامد، والقاضي أبي يعلى، وأبي الخطاب، وغيرهم من الحنبلية، وهو قول أكثر أهل الكلام من الأشاعرة، وغيرهم كأبي إسحاق الإسفرائيني، وأبي بكر ابن فورك، وأبي منصور التميمي، وابن السمعاني، وأبي هاشم الجبائي، وأبي عبد الله البصري، قال: وهو مذهب أهل الحديث قاطبة، وهو معنى ما ذكره ابن الصلاح في مدخله إلى علوم الحديث -فذكر ذلك استنباطا، وافق فيه هؤلاء الأئمة،
    ◄وخالفه في ذلك من ظن أن الجمهور على خلاف قوله، لكونه لم يقف إلا على تصانيف من خالف في ذلك، كالقاضي أبي بكر الباقلاني، والغزالي، وابن عقيل، وغيرهم، لأن هؤلاء يقولون إنه لا يفيد العلم مطلقا.
    وعمدتهم أن خبر الواحد لا يفيد العلم بمجرده، والأمة إذا عملت بموجبه فالوجوب العمل بالظن عليهم، وأنه لا يمكن جزم الأمة بصدقه في الباطن، لأن هذا جزم بلا علم.
    ◄والجواب: أن إجماع الأمة معصوم عن الخطأ في الباطن. وإجماعهم على تصديق الخبر كإجماعهم على وجوب العمل به، والواحد منهم، وإن جاز عليه أن يصدّق في نفس الأمر، من هو كاذب أو غالط، فمجموعهم معصوم عن هذا، كالواحد من أهل التواتر، يجوز عليه بمجرده الكذب والخطأ، ومع انضمامه إلى أهل التواتر ينتفي الكذب، والخطأ عن مجموعهم، ولا فرق، (انتهى كلامه).
    ◄وأصرح من رأيت كلامه في ذلك ممن نقل الشيخ تقي الدين عنه ذلك فيما نحن بصدده -الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني فإنه قال: "أهل الصنعة مجمعون على أن الأخبار التي اشتمل عليها الصحيحان مقطوع بها عن صاحب الشرع، وإن حصل الخلاف في بعضها، فذلك خلاف في طرقها ورواتها".
    كأنه يشير بذلك إلى ما نقده بعض الحفاظ، وقد احترز ابن الصلاح عنه.
    وأما قول الشيخ محي الدين: "لا يفيد العلم إلا أن تواتر" فمنقوض بأشياء:
    أحدها: الخبر المحتف بالقرائن يفيد العلم النظري، وممن صرح به إمام الحرمين والغزالي، والرازي، والسيف الآمدي، وابن الحاجب، ومن تبعهم.
    ثانيها: الخبر المستفيض الوارد من وجوه كثيرة، لا مطعن فيها، يفيد العلم النظري للمتبحر في هذا الشأن، وممن ذهب إلى هذا الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني، والأستاذ أبو منصور التميمي، والأستاذ أبو بكر بن فورك. وقال الأبياري -شارح البرهان -بعد أن حكى عن إمام الحرمين أنه ضعف هذه المقالة: "بأن العرف، واطراد الاعتبار، لا يقتضي الصدق قطعا، بل قصاراه غلبة الظن لغلبة الإسناد". أراد أن النظر في أحوال المخبرين من أهل الثقة، والتجربة يحصل ذلك، ومال إليه الغزالي. وإذا قلنا أنه يفيد العلم، فهو نظري لا ضروري، وبالغ أبو منصور التميمي في الرد على من أبى ذلك، فقال: المستفيض وهو الحديث الذي له طرق كثيرة، صحيحة، لكنه لم يبلغ مبلغ التواتر، يوجب العلم المكتسب، ولا عبرة بمخالفة أهل الأهواء في ذلك.
    ثالثها: ما قدمنا نقله عن الأئمة في الخبر إذا تلقته الأمة بالقبول. ولا شك أن إجماع الأمة على القول بصحة الخبر، أقوى من إفادة العلم من القرائن المحتفة، ومن مجرد كثرة الطرق.
    ثم بعد تقرير ذلك كله جميعا لم يقل ابن الصلاح، ولا من تقدمه أن هذه الأشياء تفيد العلم القطعي، كما يفيده الخبر المتواتر، لأن المتواتر يفيد العلم الضروري الذي لا يقبل التشكيك، وما عداه مما ذكر يفيد العلم النظري الذي يقبل التشكيك، ولهذا تخلفت إفادة العلم عن الأحاديث التي عللت في الصحيحين -والله أعلم.
    الخلاصة ◄وبعد تقرير هذا فقول ابن الصلاح "والعلم اليقيني النظري حاصل به" ، لو اقتصر على قوله العلم النظري لكان أليق بهذا المقام.
    أما اليقيني فمعناه القطعي، فلذلك أنكر عليه من أنكر، لأن المقطوع به لا يمكن الترجيح بين آحاده، وإنما يقع الترجيح في مفهوماته. ونحن نجد علماء هذا الشأن قديما وحديثا يرجحون بعض أحاديث الكتابين على بعض بوجوه من الترجيحات النقلية، فلو كان الجميع مقطوعا به (ما بقي للترجيح مسلك، وقد سلم ابن الصلاح هذا القدر فيما مضى)، لما رجح بين صحيحي البخاري ومسلم، فالصواب الاقتصار في هذه المواضع على أنه يفيد العلم النظري، كما قررناه -والله أعلم.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb سـ10: هل تستثنى الأحاديث المنتقدة على الصحيحين من تلقيها بالقبول؟ وما أنواع هذه الأحاديث؟ وكيف توجهها؟

    سـ10: هل تستثنى الأحاديث المنتقدة على الصحيحين من تلقيها بالقبول؟ وما أنواع هذه الأحاديث؟ وكيف توجهها؟
    الإجابة:
    فالمواضع المذكورة متخلفة عنده عن التلقي فيتعين استثناؤها، وقد اعتنى أبو الحسن الدارقطني بتتبع ما فيهما من الأحاديث المعللة، فزادت على المائتين، ولأبي مسعود الدمشقي في أطرافه انتقاد عليهما، ولأبي الفضل بن عمار تصنيف لطيف في ذلك، وفي كتاب التقييد لأبي علي الجياني، جملة في ذلك.
    والكلام على هذه الانتقادات من حيث التفصيل من وجوه:
    منها: ما هو مندفع بالكلية.
    ومنها: ما قد يندفع:
    1-فمنها: الزيادة التي تقع في بعض الأحاديث إذا انفرد بها ثقة من الثقات، ولم يذكرها من هو مثله أو أحفظ منه، فاحتمال كون هذا الثقة غلط ظن مجرد، وغايتها أنها زيادة ثقة، فليس فيها منافاة لما رواه الأحفظ، والأكثر فهي مقبولة.
    2-ومنها: الحديث المروي من حديث تابعي مشهور عن صحابي سمع منه، فيعلل بكونه روي عنه بواسطة كالذي يروى عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة -رضي الله عنه -. ويروى عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة. وأن مثل هذا لا مانع أن يكون التابعي سمعه بواسطة، ثم سمعه بدون ذلك الواسطة. ويلتحق بذلك ما يرويه التابعي عن الصحابي، فيروى من روايته عن صحابي آخر، فإن هذا يكون سمعه منهما فيحدث به تارة عن هذا وتارة عن هذا. كما قال علي بن المديني في حديث رواه عاصم، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن شداد بن أوس.
    ورواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان -رضي الله تعالى عنه –، قال ما أرى الحديثين إلا صحيحين، لإمكان أن يكون أبو قلابة سمعه من كل منهما، قلت هذا إنما يطرد حيث يحصل الاستواء في الضبط، والاتقان.
    3 -ومنها ما يشير صاحب الصحيح إلى علته كحديث يرويه مسندا ثم يشير إلى أنه يروى مرسلا، فذلك مصير منه إلى ترجيح رواية من أسنده على من أرسله.
    4 -ومنها ما تكون علته مرجوحة بالنسبة إلى صحته كالحديث الذي يرويه ثقات متصلا، ويخالفهم ثقة فيرويه منقطعا، أو يرويه ثقة متصلا، ويرويه ضعيف منقطعا، ومسألة التعليل بالانقطاع، وعدم اللحاق قل أن تقع في البخاري بخصوصه، لأنه معلوم أن مذهبه عدم الاكتفاء في الإسناد المعنعن بمجرد إمكان اللقاء، وإذا اعتبرت هذه الأمور من جملة الأحاديث التي انتقدت عليهما لم يبق بعد ذلك مما انتقد عليهما سوى مواضع يسيرة جدا، ومن أراد حقيقة ذلك فليطلع المقدمة التي كتبتها لشرح صحيح البخاري، فقد بينت فيها ذلك بيانا شافيا بحمد الله تعالى.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb سـ11: عرف الحسن كل من الامامين الخطابي، والترمذي، فماذا قصد كل بتعريفه؟

    السؤال الثاني: الدور الأول يوليو 2012م
    سـ11: عرف الحسن كل من الامامين الخطابي، والترمذي، فماذا قصد كل بتعريفه؟
    الإجابة:
    قال الخطابي: الحسن هو: ما عرف مخرجه، واشتهر رجاله، قال: وعليه مدار أكثر الحديث، وهو الذي يقبله أكثر العلماء، ويستعمله عامة الفقهاء.
    قال الترمذي: الحسن هو: أن لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب، ولا يكون حديثا شاذا، ويروى من غير وجه نحو ذلك.
    قال ابن حجر:
    ◄الخطابي قصد تعريف الأنواع الثلاثة عند أهل الحديث، فذكر الصحيح ثم الحسن ثم الضعيف.
    وأما الذي سكت عنه وهو: حديث المستور إذا أتى من غير وجه، فإنما سكت عنه، لأنه ليس عنده من قبيل الحسن، فقد صرح بأن رواية المجهول من قسم الضعيف، وأطلق ذلك ولم يفصل، والمستور قسم من المجهول.
    ◄وأما الترمذي فلم يقصد التعريف بالأنواع المذكورة عند أهل الحديث، بدليل أنه لم يعرف بالصحيح، ولا بالضعيف، بل ولا بالحسن المتفق على كونه حسنا، بل المعرف به عنده، وهو حديث المستور -على ما فهمه المصنف -لا يعده كثير من أهل الحديث من قبيل الحسن، وليس هو في التحقيق عند الترمذي مقصورا على رواية المستور، بل يشترك معه الضعيف بسبب سوء الحفظ، والموصوف بالغلط، والخطأ، وحديث المختلط بعد اختلاطه، والمدلس إذا عنعن، وما في إسناده انقطاع خفيف، فكل ذلك عنده من قبيل الحسن بالشروط الثلاثة وهي:
    1-أن لا يكون فيهم من يتهم بالكذب.
    2-ولا يكون الإسناد شاذا.
    3-وأن يروى مثل ذلك الحدي أو نحوه من وجه آخر فصاعدا، وليس كلها في المرتبة على حد السواء، بل بعضها أقوى من بعض.
    ومما يقوي هذا ويعضده، أنه لم يتعرض لمشروطية اتصال الإسناد أصلا، بل أطلق ذلك، فلهذا وصف كثيرا من الأحاديث المنقطعة بكونها حسانا.
    [أمثلة لما يحسنه الترمذي:]
    ولنذكر لكل نوع من ذلك مثلا من كلامه، يؤيد ما قلناه. فأما أمثلة ما وصفه بالحسن وهو من رواية المستور، فكثير لا نحتاج إلى الإطالة بها، وإنما نذكر أمثلة لما زدناه على ما عند المصنف -رحمه الله -.
    1-فمن أمثلة ما وصف بالحسن، وهو من رواية الضعيف السيئ الحفظ، ما رواه من طريق شعبة، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه قال: "إن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ " قالت: نعم. قال: فأجازه النبي -صلى الله عليه وسلم -". قال الترمذي: هذا حديث حسن.
    وفي الباب عن عمر، وأبي هريرة، وعائشة، وأبي حدرد، رضي الله عنهم.
    وذكر جماعة غيرهم. وعاصم بن عبيد الله ضعفه الجمهور، ووصفوه بسوء الحفظ، وعاب ابن عيينة على شعبة الرواية عنه.
    ◄وقد حسن الترمذي حديثه هذا لمجيئه من غير وجه كما شرط والله أعلم.
    ◄ثم قال ابن حجر: إذا تقرر ذلك كان من رأيه -أي الترمذي -أن جميع ذلك، إذا اعتضد لمجيئه من وجه آخر، أو أكثر، نزل منزلة الحسن، احتمل ألا يوافقه غيره على هذا الرأي، أو يبادر للإنكار عليه إذا وصف حديث الراوي الضعيف، أو ما إسناده منقطع بكونه حسنا، فاحتاج إلى التنبيه على اجتهاده في ذلك، وأفصح عن مقصده فيه، ولهذا أطلق الحسن لما عرف به، فلم يقيده بغرابة، ولا غيرها، ونسبه إلى نفسه ومن يرى رأيه فقال: "عندنا كل حديث" إلى آخر كلامه الذي ساقه شيخنا بلفظه.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb سـ12: هل الحديث الحسن عند الترمذي كما عرفه هو! مما يحتج به، وهل هو الذي يعده ابن حبان، وابن خزيمة، والحاكم من قبيل الصحي

    سـ12: هل الحديث الحسن عند الترمذي كما عرفه هو! مما يحتج به، وهل هو الذي يعده ابن حبان، وابن خزيمة، والحاكم من قبيل الصحيح؟ وما الذي زاده ابن القطان الفاسي حتى يعمل به.
    الإجابة:
    ◄وإذا تقرر ذلك بقي وراءه أمر آخر، وذلك أن المصنف وغير واحد نقلوا الاتفاق على أن الحديث الحسن، يحتج به كما يحتج بالصحيح، وإن كان دونه في المرتبة، فما المراد على هذا بالحديث الحسن الذي اتفقوا فيه على ذلك هل هو القسم الذي حرره المصنف، وقال: إن كلام الخطابي ينزل عليه. وهو رواية الصدوق المشهور بالأمانة إلى آخر كلامه، أو القسم الذي ذكرناه آنفا عن الترمذي مع مجموع أنواعه التي ذكرنا أمثلتها، أو ما هو أعم من ذلك؟
    لم أر من تعرض لتحرير هذا، والذي يظهر لي أن دعوى الاتفاق، إنما تصح على الأول، دون الثاني، وعليه أيضا يتنزل قول المصنف أن كثيرا من أهل الحديث لا يفرق بين الصحيح، والحسن، كالحاكم، كما سيأتي، وكذا قول المصنف: "إن الحسن إذا جاء من طرق ارتقى إلى الصحة" كما سيأتي إن شاء الله تعالى، فأما ما حررناه عن الترمذي أنه يطلق عليه اسم الحسن من الضعيف، والمنقطع إذا اعتضد، فلا يتجه إطلاق الاتفاق على الاحتجاج به جميعه، ولا دعوى الصحة فيه إذا أتى من طرق، ويؤيد هذا قول الخطيب: "أجمع أهل العلم أن الخبر لا يجب قبوله، إلا من العاقل، الصدوق، المأمون على ما يخبر به".
    ◄وقد صرح أبو الحسن ابن القطان أحد الحفاظ النقاد من أهل المغرب في كتابه "بيان الوهم والإيهام" بأن هذا القسم لا يحتج به كله، بل يعمل به في فضائل الأعمال، ويتوقف عن العمل به في الأحكام، إلا إذا:
    1-كثرت طرقه.
    2-وعضده اتصال عمل.
    3-أو موافقة شاهد صحيح.
    4-أو ظاهر القرآن.
    ◄وهذا حسن قوي رايق ما أظن منصفا يأباه والله الموفق.
    ويدل على أن الحديث إذا وصفه الترمذي بالحسن لا يلزم [عنده] أن يحتج به؛ لأنه أخرج حديثا من طريق خثيمة البصري، عن الحسن، عن عمران بن حصين – رضي الله تعالى عنه -وقال بعده هذا حديث حسن، وليس إسناده بذاك.
    وقال في كتاب العلم بعده: بعد أن أخرج حديثا في فضل العلم: "هذا حديث حسن، قال: وإنما لم نقل لهذا الحديث: صحيح، لأنه يقال: أن الأعمش دلس فيه فرواه بعضهم عنه، قال: "حدثت عن أبي صالح عن أبي هريرة -رضي الله عنه -" انتهى.
    فحكم له بالحسن للتردد الواقع فيه، وامتنع عن الحكم عليه بالصحة لذلك، لكن في كل المثالين نظر، لاحتمال أن يكون سبب تحسينه لهما كونهما جاءا من وجه آخر كما تقدم تقريره. لكن محل بحثنا هنا هل يلزم من الوصف بالحسن، الحكم له بالحجة أم لا؟ هذا الذي يتوقف فيه، والقلب إلى ما حرره ابن قطان أميل-والله أعلم.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb سـ13: وما حكم المستور عند الخطابي؟ الدور الأول يوليو 2012م.

    سـ13: وما حكم المستور عند الخطابي؟ الدور الأول يوليو 2012م.
    الإجابة:
    قال ابن حجر:
    ◄الخطابي قصد تعريف الأنواع الثلاثة عند أهل الحديث، فذكر الصحيح ثم الحسن ثم الضعيف.
    وأما الذي سكت عنه وهو: حديث المستور إذا أتى من غير وجه، فإنما سكت عنه، لأنه ليس عنده من قبيل الحسن، فقد صرح بأن رواية المجهول من قسم الضعيف، وأطلق ذلك ولم يفصل، والمستور قسم من المجهول.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •