قال تعالى: (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) البقرة: 273
قال ابن عثيمين: (ومنها: الإشارة إلى الفراسة، والفطمة؛ لقول تعالى: (تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ)، فإن السيما هي العلامة التي لا يطلع عليها إلا ذوو الفراسة؛ وكم من إنسان سليم القلب ليس عنده فراسة). تفسير العثيمين: (3/ 370).
وقال تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِ ينَ). الحجر: 75
قال مجاهد: (لِلْمُتَوَسِّم ينَ)، المتفرسين. تفسير ابن كثير: (4/ 466).
وروى الطبراني في: (الأوسط)، عن أنس بن مالك مرفوعًا: (إن لله عبادًا يعرفون الناس بالتّوسُّم). بسند حسن كما في: (سلسلة الأحاديث الصحيحة): (1693).
وتطلق الفراسة على معنيين كما في: (النهاية في غريب الأثر)، لابن الإثير رحمه الله:
أحدهما: ما يُوقِعُهُ الله تعالى في قلوب أوليائه، فيعلمون أحوال بعض النَّاس بنوع من الكرامات وإصابة الظَّن والحدْس.
والثاني: نوع يُتَعلَّم بالدلائل والتجارب والخَلق والأخلاق، فيُعْرَفُ به أحوال النَّاس، وللنَّاس فيه تصانيف قديمة وحديثة.
والفراسة الإيمانية كما يقول ابن القيم رحمه الله في: (مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين): (2/ 453):
سببها نور يقذفه الله في قلب عبده. يفرق به بين الحق والباطل، والحالي والعاطل، والصادق والكاذب.
وحقيقتها: أنها خاطر يهجم على القلب ينفي ما يضاده. يثب على القلب كوثوب الأسد على الفريسة. لكن الفريسة فعيلة بمعنى مفعولة. وبناء الفراسة كبناء الولاية والإمارة والسياسة.
وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان. فمن كان أقوى إيمانا فهو أحد فراسة).
وقال أيضًا: (أهل الفراسة يعرفون صدق الصادق من ثبات قلبه وقت الإخبار وشجاعته ومهابته، ويعرفون كذب الكاذب بضد ذلك؛ ولا يخفى ذلك إلا على ضعيف البصيرة).