الحمد لله رب العالمين واشهد إن لاإله إلاالله وحده لاشريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله أما بعد:
فهذا الكتاب لحفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحم الله الجميع وفيه من الكنوز مالله به عليم فأحبب أن استخرج منه الدرر وما خفى فيه كثير لكن على حسب المجتهد .
1_ هو سليمان بن الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولد سنة 1200ه كان آية فى العلم والحفظ والذكاءله المعرفة التامة فى الحديث ورجاله والصحيح والفقه والتفسير والنحو وكان فى معرفة رجال الحديث يسامى أكابر الحفاظ وضُرب به المثل فى زمانه بالذكاء وكان حسن الخط ليس فى زمانه من يكتب بالخط مثله .
2_ قد اكرمه الله بالشهادة سنة 1233ه وذلك عندما وشي بعض المنافقين إلى ابراهيم باشا بن محمد على باشا بعد دخوله الدرعية واستيلائه عليها فأحضره ابراهيم باشا وأظهر بين يديه الآت اللهو والمعازف إغاظة له ثم أخرجه غلى المقبرة وأمر جنده ان يطلقوا عليه الرصاص جميعاً فمزقوا جسده رحمه الله تعالى واجزل له المثوبة .
3_ محال أن يحصل اليقين والبصيرة غلا من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ،وكيف ينال الهدى والإيمان من زعم ان ذلك لايحصل من القرآن إنما يحصل من الآراء الفاسدة التى هى زبالة الاذهان .
4_والمتابعة لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم هى حقيقة ديت الإسلام الذى افترضه الله على العام والخاص وهو حقيقة الشهادتين الفارقتين بين المؤمنين والكفار والسعداء اهل الجنة والاشقياء أهل النار .
5_قال تعالى (شهد الله انه لااله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لااله إلا هو العزيز الحكيم ) جعل الله أهله هم الشهداء على الناس يوم القيامة ، لما فضلهم به من الأقوال والأعمال ،و الأعتقادات التى توجب إكرامه .
6_صرف مخ العبادة (الدعاء ) لغير الملك الديان ورجاء النفع والعطاء والمنع ممن لايملك لنفسه نفعاً ولاضراً فضلاً عن غيره من نوع الإنسان ودعوى التصرف فى الملك لصالح رميم فى التراب والأكفان قد عجز عن دفع ماحل به من امر الله فكيف يدفع عمن دعاه من بعيد الاوطان .
7_وحيث أطلقت شيخ الإسلام فالمراد أبو العباس ابن تيميه رحمه الله وإذاقلت الحافظ فالمراد به أبو الفضل ابن حجر العسقلانىصاحب فتح البارى وغيره رحمه الله .
8_ افتتح المصنف رحمه الله كتابه بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز وعملاً بالحديث (كل امر ذى بال لايبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو اقطع ) رواه الحافظ عبد القادر الرهاوى فى الاربعين من حديث أبو هريرة مرفوعاً وأخرجه الخطيب فى الجامع بنحوه .
9_ اتفقالعلماء على أن الجار والمجرور فى (بسم الله ) متعلق بمحذوف قدره الكوفيون فعلاً متقدماً ، وقدره البصريون اسماً مقدماً والتقدير ابتدائى كائن أو مستقر .
10_ ذكر ابن القيم لحذف العامل فى بسم الله فوائد عديدة منها أنه موطن لاينبغي ان يتقدم فيه سوى ذكر الله تعالى فلو ذكرت الفعل وهو لايستغنى عن فاعله كان ذلك مناقضاً للمقصود فكان فى حذفه مشاكلة للفظ للمعنى ليكون المبدوء به اسم الله ، ومنها ان الفعل إذا حذف صح الابتداء بالتسميه فى كل عمل وقول وحركة وليس فعل أولى بها من فعل فكان الحذف أعم للذكر ، فاى فعل ذكرته كان المحذوف اعم منه .
11_ قال ابن القيم رحمه الله القول الصحيح أن الله أصله الاله كما هو قول سيبويه وجمهور أصحابه إلا من شذ منهم وان اسم الله تعالى هو الجامع لجميع معانى الاسماء الحسنى والصفات العلى .
12_ قال ابن القيم رحمه الله : وزعم السهيلى وشيخه أبو بكر بن العربي ان اسم الله غير مشتق لأن الاشتقاق يستلزم مادة يشتق منها واسمه تعالى قديم ولا القديم مادة له فيستحيل الاشتقاق وهو باطل .
13_ (الرحمن الرحيم ) قال ابن كثير رحمه الله : اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة ورحمان اشد مبالغة من رحيم ، قال ابن عباس رضى الله عنهما : هما اسمان رقيقان أحدهما ارق من الاخر اى اوسع رحمه ، وقال ابن المبارك رحمه الله : الرحمن إذا سئل أعطى ، والرحيم إذا لم يسأل يغضب .
14 _ فالصواب إن شاء الله تعالى ماقاله ابن القيم رحمه الله : إن الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه ، والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم ،فكان الاول للوصف والثانى للفعل فالاول دال على ان الرحمة صفته ، والثانى دال على انه يرحم خلقه برحمته .
15 _الكتاب مصدر كتب يكتب كتاباً وكتباً ومدار المادة على الجمع ومنه تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا والكتيبة لجماعة الخيل ، والكتابة بالقلم لاجتماع الحروف والكلمات وسمى الكتاب كتاباً لجمعه ما وضع له ذكره غير واحد .
16 _ التوحيد : مصدر وحد يوحد توحيدا ، اى جعله واحدا ، وسمي دين الاسلام توحيدا لان مبناه على ان الله واحد فى ملكه وافعاله لاشريك له وواحد فى ذاته وصفاته لانظير له وواحد فى الهيته وعبادته لاند له .
17 _ذكر شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله وتلميذه ابن القيم : ان التوحيد قسمان الاول فى المعرفة والاثبات وهو توحيد الربوبية والاسماء والصفات وتوحيد فى الطلب والقصد وهو توحيد الالهية والعبادة .
18_النوع الاول توحيد الربوبية والملك : وهو الاقرار بأن الله تعالى رب كل شئ وماليكه وخالقه ورازقه وانه المحيي المميت النافع الضار المتفرد بإجابة الدعاء عند الاضطرار ، الذى له الامر كله وبيده الخير كله القادر على مايشاء ليس له فى ذلك شريك ويدخل فى ذلك الايمان بالقدر ،وهذا التوحيد لايكفى العبد فى حصول الاسلام بل لابد أن يأتى مع ذلك بلازمه من توحيد الالهية .
19_ النوع الثانى :توحيد الاسماءوالصفات وهو الاقرار بأن الله بكل شئ عليم وعلى كل شئ قدير وان الحي القيوم لاتأخذه سنة ولانوم له المشيئة النافذة والحكمة البالغة وانه سميع بصير رؤوف رحيم على العرش استوى وعلى الملك احتوى وانه الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عمايشركون الى غير ذلك من الاسماء الحسنى والصفات العلى.
20_ وهذا أيضأ لايكفى فى حصول الاسلام (الثانى ) بل لابد مع ذلك من الاتيان بلازمه من توحيد الربوبية والالهية والكفار يقرون بجنس بهذا النوع وإن كان بعضهم قد ينكر بعض ذلك غما جهلاً وإما عناداً ،كما قالوا : لانعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة فأنزل الله فيهم :(وهم يكفرون بالرحمن ) .