السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا تخريج لحديث "لا تصحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي" .. ابتدأ بعض الإخوة مناقشته على هذا الرابط،
لا تصاحب إلا مؤمناً ... هل يصحّ
فقربته مع بعض الزيادات .. فقلتُ مستعيناً بالله :
هذا الحديث أخرجه أحمد في المسند 11355، والدارمي في سننه 2057، وأبو يعلى في مسنده 1315،عن زهير بن حرب، عن عبد الله بن يزيد المقرئ عن حيوة بن شريح عن سالم بن غيلان عن الوليد بن قيس التجيبي عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه، أو عن ابي الهيثم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه – الشك من سالم -، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
"لا تصحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي".
خالفهم (أحمدَ والدارمي وزهير) إبراهيمُ بن منقذ، فرواه عن عبد الله بن يزيد عن حيوة بن شريح عن سالم بن غيلان عن دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد، أخرجه البيهقي في الشعب 7/42 ح9382، وزاد في "الآداب" له، أَوْ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
ورواية الجماعة أصح.
وقد توبع عليه عبد الله بن يزيد بالإسنادين الراجحين معاً،
تابعه عبد الله بن المبارك كما في الزهد له رواية الحسين المروزي 346، ومن طريقه أبو داود في سننه 4832، والترمذي في جامعه 2395، وقال: هَذَا حَدِيثٌ – حَسَنٌ - إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وابن أبي الدنيا في "الإخوان" 41، والكلاباذي في بحر الفوائد ص243، والبغوي في شرح السنة 13/69، وفي تفسيره 3/368، والمزي في تهذيب الكمال 10/170،
ثم رواه الحاكم في المستدرك 4/143، من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وابن حبان في صحيحه 554، 555، والخطابي في العزلة ص47، من طريق عبد الله بن المبارك، وابن حبان في صحيحه 560 من طريق عبد الله بن وهب،
ثلاثتهم (المقرئ وابن المبارك وابن وهب) عن حيوة بن شريح ولكن بالإسناد الأول فقط.
خالف أبو داود الطيالسي فرواه عن عبد الله بن المبارك عن حيوة بن شريح الشامي – كذا- عن رجل قد سماه عن أبي سعيد مرفوعاً. اخرجه في مسنده 2213، ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان 7/42 ح9383.
والمحفوظ عن عبد الله بن المبارك رواية من سبق.
ورواه عبد الله بن لهيعة واختلف عليه،
فرواه أحمد بن منيع كما في إتحاف الخيرة 4/288، عن الحسن بن موسى عن ابن لهيعة عن حيوة بن شريح به بالإسنادين معاً، ولكن بإسقاط الوليد بن قيس، ولكن هذا الإسقاط لا يستقيم، إذ قال: عن سالم بن غيلان أنه سمع أبا سعيد الخدري، وسالم متأخر الطبقة جداً عن أبي سعيد فلعله خطأ من الناسخ أو الطابع.
ورواه الطبراني في المعجم الأوسط 3136، ومن طريقه أبو نعيم في "الأربعين على مذهب المحققين من الصوفية" 32، عن بكر بن سهل عن عبد الله بن يوسف عن ابن لهيعة قال حدثنا سالم بن غيلان، بالإسناد الثاني.
قال الطبراني : لا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ : سَالِمٌ.
وبكر بن سهل هو أبو محمد الدمياطي، ضعفه النسائي.
فعلى هذا يكون حديث الحسن بن موسى عن ابن لهيعة أصح، ويكون ابن لهيعة متابعاً من ذكرنا عن حيوة بن شريح.
حيوة بن شريح هو ابن صفوان التجيبي أبو زرعة المصري، ثقة روى له الجماعة.
سالم بن غيلان التجيبي المصري، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.
قال أحمد: ما أرى به بأساً. قال أبو داود والنسائي: لا بأس به. قال ابن معين: ليس بحديثه بأس.
وقال العجلي : ثقة، وذكره ابن حبان وابن شاهين في «الثقات» ، وكذا ابن خلفون، وقال: قال ابن بكير : سالم بن غيلان ثقة.
قال الدارقطني: متروك، وقال الساجي: صدوق، وأهل البصرة أعلم به من ابن معين في قوله: ليس بشيء!
وقال ابن يونس : كان فقيها.
الوليد بن قيس بن الأخرم التجيبي المصري روى له أبو داود والترمذي. ذكره ابن حبان في الثقات، وقال العجلي: مصري تابعي ثقة.
أبو الهيثم هو سليمان بن عمرو المصري صاحب أبي سعيد، روى له أصحاب السنن. متفق على توثيقه.
والخلاصة أن هذا إسناد حسن، ولا يضره الشك من سالم بن غيلان لأن الوليد بن قيس أدرك أبا سعيد الخدري رضي الله عنه لأنه مات على رأس المائة في خلافة عمر بن عبد العزيز، وقد ثبت تصريحه بالسماع من أبي سعيد في أحاديث أخرى، ومن باب أولى أن زيادة أبي الهيثم في الإسناد لا تضر. وإن كنت أرجح الإسناد الأول لأن الوليد بن قيس معروف بالرواية عن أبي سعيد ولم أجد له رواية عن أبي الهيثم سوى ما ذكر في هذا الحديث، والله أعلم.
طريق آخر عن أبي سعيد :
أخرجه أبو يعلى في مسنده 1106، 1332 عن عبد الله بن يزيد المقرئ عن سعيد بن أبي أيوب عن عبد الله بن الوليد عن أبي سليمان الليثي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" مثل المؤمن ومثل الإيمان كمثل الفرس في آخيته ، يجول ثم يرجع إلى آخيته ، وإن المؤمن يسهو ثم يرجع إلى الإيمان ، فأطعموا طعامكم الأتقياء ، وأولوا معروفكم المؤمنين ".
وأخرجه أحمد في المسند 11532، وأبو الشيخ في أمثال الحديث 352، والشهاب في مسنده 1356، مقتصراً على الفقرة الأولى منه .
وأخرجه البرجلاني في الكرم 41، وابن أبي الدنيا في الإخوان 196، وفي إصطناع المعروف 48، مقتصراً على الفقرة الأخيرة منه موضع الشاهد .
وتوبع المقرئ عليه؛
تابعه عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب به، بمثل رواية أبي يعلى السالفة. أخرجه أحمد في المسند 11543، وهو في الزهد لابن المبارك رواية الحسين المروزي 73، وأخرجه محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة 650، وابن فيل في جزئه 58، وابن حبان في صحيحه 616، وابن بشر في أماليه 22، وأبي نعيم في الحلية 8/179، والشهاب في مسنده مختصراً 1355، والبيهقي في شعب الإيمان 7/452، والبغوي في شرح السنة 3485.
قال أبو نعيم: هذا لا يعرف إلا من حديث أبي سعيد بهذا الإسناد، وأبو سليمان الليثي قيل إن اسمه عمران بن عمران.
قال أبو الفضل بن طاهر: حديث غريب لا يذكر إلا بهذا الإسناد.
وقال الهيثمي في المجمع 10/201: رجاله رجال الصحيح غير أبي سليمان الليثي وعبد الله بن الوليد التجيبي، وكلاهما ثقة!
قلت: هذا إسناد ضعيف، فيه عبد الله بن الوليد بن قيس الأخرم التجيبي المصري، روى له أبو داود، وهو ضعيف.
قال الدارقطني: لا يعتبر بحديثه، وأورده البخاري في التاريخ الكبير، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. وذكره ابن حبان في الثقات.
وأبو سليمان الليثي مجهول. قال الحافظ ابن حجر في تعجيل المنفعة 2/473: قال علي بن المديني: مجهول، وذكره أبو أحمد الحاكم فيمن لا يعرف اسمه. أهـ
وذكره ابن حبان في الثقات.
وفي الباب عن ابن عمر، وعائشة وابن مسعود رضي الله عنهم.
يتبع ...