بسم الله الرحمن الرحيم
صفة التيمم- كيف تحدد الرضعة؟
1- صفة التيمم :
قال الإمام البخاري: باب التيمم للوجه والكفين.
عن عبدالرحمن بن أبزى قال : قال عمار-رضي الله عنه- : فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم- بيده الأرض فمسح بوجهه وكفيه.
قال الحافظ ابن حجر : قوله (باب التيمم للوجه والكفين ) أي هو الواجب المجزئ ، وأتى بصيغة الجزم مع شهرة الخلاف فيه لقوة دليله،فإن الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم و عمار –رضي الله عنهما- وما عداهما فضعيف أو مختلف في رفعه ووقفه ، والراجح عدم رفعه ، فأما حديث أبي جهيم (... فمسح بوجهه ويديه ) فورد بذكر اليدين مجملا ، وأما حديث عمار فورد بذكر الكفين في الصحيحين وبذكر المرفقين في الساق، وفي رواية إلى نصف الذراع...، فأما رواية المرفقين وكذا نصف الذراع ففيهما مقال، ..ومما يقوي رواية الصحيحين في الاقتصار على الوجه والكفين كون عمار- رضي الله عنه- كان يفتي بعد النبي
- صلى الله عليه وسلم- بذلك ، وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره ولا سيما الصحابي المجتهد .(فتح الباري 1/ 530)
وفي صحيح البخاري من حديث عمار أيضا فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال "يكفيك الوجه والكفان".
قال الحافظ ابن حجر : وأما ما استدل به من اشتراط بلوغ المسح إلى المرفقين من أن ذلك مشترط في الوضوء فجوابه أنه قياس في مقابلة النص ، فهو فاسد الاعتبار وقد عارضه من لم يشترط ذلك بقياس آخر وهو الإطلاق في آية السرقة، ولا حاجة لذلك مع وجود النص. (فتح الباري 1/530-531)
وقال ابن المنذر: فأما الأخبار الثلاثة (الأحاديث الثلاثة) التي احتج بها من رأى أن التيمم ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين فمعلولة كلها لا يجوز أن يحتج بشىء منها.
( الاختيارات الفقهية والأصولية للإمام ابن المنذر لأبي الأشبال أحمد إبراهيم المرسي ص 116، الناشر: دار الفاروق)
وقال ابن قدامة :لا نعرف في اللغة التعبير بالكفين عن الذراعين.(المغني 1/323، الناشر: دار عالم الكتب)
وقال ابن القيم: كان صلى الله عليه وسلم يتيمم بضربة واحدة للوجه والكفين، ولم يصح عنه أنه تيمم بضربتين ولا إلى المرفقين.
قال الإمام أحمد: من قال: إن التيمم إلى المرفقين ، فإنما هو شىء زاده من عنده.(زاد المعاد في هدي خير العباد 1/ 199-200، الناشر : مؤسسة الرسالة)
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة :يمسح كفيه كل واحدة بالأخرى من أطراف الأصابع إلى مفصل الكف من الذراع والمفصل الذي يلي الكف داخل في المسح لا إلى المرفقين .. .(فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 5/386)
وما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال : التيمم ضربتان : ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين، فهو حديث ضعيف. ضعفه الشيخ الألباني ( ضعيف الجامع 2519)
قال ابن حزم : فالواجب الرجوع إلى ما افترض الله الرجوع إليه من القرآن والسنة عند التنازع ففعلنا فوجدنا الله تعالى يقول :"فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ..." (المائدة من الآية6 )
فلم نجد الله تعالى ذكر غير اليدين ونحن على يقين من أن الله تعالى لو أراد إلى المرافق والرأس والرجلين لبينه ونص عليه كما فعل في الوضوء، ولو أراد جميع الجسد لبينه كما فعل في الغسل، فإذ لم يزد –عز وجل – على ذكر الوجه واليدين فلا يجوز لأحد أن يزيد في ذلك مالم يذكره الله تعالى من الذراعين والرأس والرجلين وسائر الجسد، ولم يلزم في التيمم إلا الوجه والكفان وهي أقل ما يقع عليه اسم يدين، ووجدنا السنة الثابتة قد جاءت بذلك. (المحلى 2/134، الناشر: مكتبة دار التراث ،تحقيق العلامة أحمد شاكر)
قال البهوتي: وأما رواية أبي داود إلى المرفقين فلا يعول عليها ، لأنه إنما رواها سلمة وشك فيها. ذكر ذلك النسائي فلا تثبت مع الشك مع أنه قد أنكر عليه وخالف به سائر الرواة الثقات .(كشاف القناع 1/412، الناشر : وزارة العدل بالسعودية )
قال الشنقيطي: الظاهر من جهة الدليل الاكتفاء بضربة واحدة؛ لأنه لم يصح من أحاديث الباب شىء مرفوعا، إلا حديث عمار وحديث أبي جهيم –رضي الله عنهما- وليس في واحد منهما ما يدل على أنهما ضربتان كما رأيت وقد دل حديث عمار على أنها واحدة، والذي يظهر من الأدلة -والله تعالى أعلم- أن الواجب في التيمم هو مسح الكفين فقط .( الجواهر الحسان من تفسير أضواء البيان ، جمع وترتيب مروان بن راجح بن هادي 1/326)
فائدة: الفرق بين المرفق والكوع
المرفق : هو المفصل الذي بين العضد والذراع .وسمي بذلك من الارتفاق ، لأن الإنسان يرتفق عليه أي : يتكئ .
والكوع : هو العظم الذي يلي الإبهام ؛ وأنشدوا :
وعظم يلي الإبهام كوع وما يلي لخنصره الكرسوع ، والرسغ ما وسط
وعظم يلي إبهام رجل ملقب ببوع فخذ بالعلم واحذر من الغلط
(الشرح الممتع لابن عثيمين 1/256، الناشر دار ابن الهيثم )
والدليل على أن المسح إلى الكوعين :
1- قوله تعالى :" فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه .." (المائدة من الآية6 )
واليد إذا أطلقت فالمراد بها الكف بدليل قوله تعالى:" والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما.." ( المائدة من الآية 38) والقطع إنما يكون من الكف.
2- حديث عمار بن ياسر –رضي الله عنهما- وفيه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال : " إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا" وضرب بيديه الأرض ، ومسح الكفين فقط. رواه البخاري ومسلم . ولم يمسح الذراع.
3- قياس التيمم على الوضوء قياس مقابل للنص يسمى عند الأصوليين بفاسد الاعتبار (الشرح الممتع 1/256-257).

خلاصة القول في صفة التيمم:
ينوي أولا التيمم ويسمي ، ثم يضرب بيديه الصعيد الطيب ثم ينفخ في يديه ثم يمسح بهما وجهه وكفيه فقط . يعني يمسح يديه إلى الرسغين وهذه الصفة سواء كان التيمم عن الحدث الأصغر أو الحدث الأكبر.(تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة للشيخ عادل العزازي 1/125 الناشر: دار العقيدة)
كيف تحدد الرضعة؟
قال العلامة البهوتي : ومتى امتص ثم قطعه لتنفس أو انتقال إلى ثدي آخر ونحوه فرضع ، فإن عاود ولو قريبا فثنتان .(الروض المربع شرح زاد المستقنع 2/394، الناشر دار الآثار)
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: "أن الرضعة هي : أن يمسك الطفل الثدي ثم يمص منه لبنا فإن تركه ثم عاد ومص لبنا فرضعة ثانية وهكذا، وإن كان الرضاع أقل من خمس أو بعد الحولين فلا أثر له على النكاح .(فتاوى اللجنة الدائمة 21/112)
واختلف العلماء في تحديد الرضعة والراجح أن مرجع ذلك إلى العرف فلو انقطع النفس لعارض أو استراحة يسيرة ، أو لشىء يلهيه عن قرب ، أو نقلته من ثدي لثديها الآخر، فإن كل ذلك يحسب رضعة واحدة مهما قطع ذلك مرارا حتى يقطع الرضاعة باختياره ، فإذا قطعت المرضعة عليه فلا يعتد به، فإن الاعتبار بفعله لا بفعلها.(تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة 3/ 86)
تنبيه: كثير من الناس يظن أن الرضاع المحرم يكون بخمس رضعات مشبعات، والصحيح أن لفظ مشبعات غير موجود بالحديث ولا يلزم أن تكون الرضعة مشبعة بل خمس رضعات معلومات.
روى الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة –رضي الله عنها- أنها قالت :" كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات ..." (شرح صحيح مسلم 4/1101 ، الناشر دار الغد العربي)
والله الموفق...وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ،،،