تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 69

الموضوع: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    2 : غريب الحديث للخطابي (319 - 388 هـ ) (2/ 158) :
    قوله: "خلق اللَّه آدم على صورته" يريد والله أعلم أَنَّهُ خلقه بشرا سويا على صورته تلك لم تشتمل عليه الأرحام ولم تتناقله الأحوال من صغر إلى كبر ومن نقص إلى تمام "

    3 : القاضي عياض (476 - 544 ه ) مشارق الأنوار على صحاح الآثار (2/ 370) :
    وقوله خلق آدم على صورته أما في الحديث الذي لم يذكر فيه في كتاب السلام والاستيدان في البخاري وفي باب كتاب مسلم فالهاء عائدة على آدم أي على خلقته وصورته التي خلقه عليها أو على هيئته التي وجد عليها ولم ينشأ في الأرحام ولا انتقل في الأطوار ولا كان من أبوين ولا كان نطفة ثم علقة ثم مضغة كغيره كما قال تعالى خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون بدليل قوله في نفس الحديث طوله ستون ذراعا هذا أحسن ما فيه .
    وفي الحديث تأويلات آخر للأئمة قد ذكرناها في موضعها من هذا الكتاب ومن شرح مسلم .
    وأما في الحديث الآخر الذي ذكره مسلم في الذي رآه يضرب وجه عبده فأظهر ما فيه أن الهاء عائدة على المضروب ووجهه أن هذه الصورة التي شرفها الله خلق عليها آدم وذريته "

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    4 : فتاوي الخليلي على المذهب الشافعي (1/ 50)

    (سئل) عما ورد في صحيح البخاري من حديث خلق الله آدم على صورته، هل ضمير (صورته) راجع إلى الله تعالى أو إلى آدم كما زعم زاعم؟.

    (أجاب) ذكر العلامة الشمس الرملي في فتاواه بقوله: إن في الحديث المذكور مذهبين؛
    أحدهما السكوت عن تفسيره، والثاني الكلام في معناه،
    واختلف أرباب المذاهب في (الها) إلى من تعود؟ على ثلاثة أقوال؛

    أحدها تعود على بعض بنى آدم، ودليل ذلك» أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر برجل يضرب رجلا وهو يقول: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فقال: إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه؛ فإن الله تعالى خلق آدم على صورته «وإنما خص آدم بالذكر لأنه الذي ابتدئت خلقة وجهه على هذه الصورة التي اعتيد عليها من بعده، وكأنه نبه أنك سببت لآدم لأنك من ولده، ومبالغة في زجره، فعلى هذا تكون (الها) كناية عن المضروب،
    ومن الخطأ الفاحش أن يرجع إلى الله تعالى، لقوله: ووجه من أشبه وجهك؛ فإنه إذا كان كذلك كان تشبيها صريحا.


    القول الثاني أنها كناية عن اسمين ظاهرين فلا يصح أن يصرف إلى الله تعالى؛ لقيام الدليل على أنه تعالى ليس بذي صورة، فعادت إلى آدم، ومعنى الحديث أن الله خلق آدم على صورته التي خلقه عليها تاما بنقله من نطفة إلى علقة كبنيه، هذا مذهب أبي سليمان الخطابي.


    القول الثالث أنها تعود على الله تعالى، وفي معنى ذلك قولان؛ أحدهما: يكون صورة ملك لأنها فعله وخلقه،

    والقول الثاني أن تكون الصورة بمعنى الصفة، ويكون خلق آدم على صورة صفته من العلم والحياة والقدرة والسمع والبصر والإرادة، فميزه بذلك عن جميع الحيوانات، ثم فضله وميزه على الملائكة حين أسجدهم له، والصورة هنا معنوية لا صورة تخطيط، ولا شك ولا ريب أن الحق جل وعلا منزه عن الصورة والشكل والمثل،
    والله تعالى أعلم. "

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    5 : فتاوى اللجنة الدائمة - 1 (3/ 505)
    فتوى رقم (2331) :
    س1 عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خلق الله آدم على صورته ستون ذراعا» فهل هذا الحديث صحيح؟
    ج1 نص الحديث «خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا، ثم قال اذهب فسلم على أولئك النفر، وهم نفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فذهب فقال السلام عليكم، فقالوا السلام عليك ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعا، فلم يزل الخلق تنقص بعده إلى الآن (1) » رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم
    وهو حديث صحيح، ولا غرابة في متنه فإن له معنيان

    الأول أن الله لم يخلق آدم صغيرا قصيرا كالأطفال من ذريته ثم نما وطال حتى بلغ ستين ذراعا، بل جعله يوم خلقه طويلا على صورة نفسه النهائية طوله ستون ذراعا.
    والثاني أن الضمير في قوله «على صورته (1) » يعود على الله بدليل ما جاء في رواية أخرى صحيحة «على صورة الرحمن (2) » وهو ظاهر السياق ولا يلزم على ذلك التشبيه، فإن الله سمى نفسه بأسماء سمى بها خلقه ووصف نفسه بصفات وصف بها خلقه، ولم يلزم من ذلك التشبيه، وكذا الصورة، ولا يلزم من إتيانها لله تشبيهه بخلقه؛ لأن الاشتراك في الاسم وفي المعنى الكلي لا يلزم منه التشبيه فيما يخص كلا منهما، لقوله تعالى: {ليس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (3)
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
    عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
    __________
    __________
    (1) أحمد (2 / 315) ، والبخاري [فتح الباري] برقم (6227) ، ومسلم برقم (2841) ، وابن خزيمة في كتاب [التوحيد] برقم (43، 44) .
    (1) صحيح البخاري الاستئذان (6227) ، صحيح مسلم الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2841) ، مسند أحمد بن حنبل (2/315) .

    (2) الطبراني كما في [فتح الباري] (5 / 183) ، وابن خزيمة في [التوحيد] برقم (41) ، والبيهقي في [الأسماء والصفات] (291) ، وابن أبي عاصم في [السنة] (2 / 229) ، والآجري في [الشريعة] (315) .
    (3) سورة الشورى الآية 11

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    6 : لقاء الباب المفتوح (81/ 28، بترقيم الشاملة آليا)
    معنى حديث: (خلق الله آدم على صورته)

    " السؤال : ما هو التوجيه الصحيح لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق آدم على صورته) ؟

    الجواب
    هذا له توجيهات:
    التوجيه الأول: أن الحديث على ظاهره: (إن الله خلق آدم على صورته) لكن بدون مماثلة، إذ لا يلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثلاً له، والله سبحانه وتعالى قد قال في كتابه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11] ، وقال تعالى: {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:74] والدليل على أنه لا يلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثلاً له، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر: (بأن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر) ومعلوم أنهم لا يماثلون القمر ليلة البدر، لكن من حيث الحسن والجمال يكونون على صورة القمر، فنقول: كون الشيء على صورة الشيء لا يلزم منه المماثلة، ونحن نؤمن بالكتاب والسنة فنقول: إن الله ليس كمثله شيء ولو كان الشيء على صورته، ونقول: (إن الله خلق آدم على صورته) .
    التوجيه الثاني في الحديث: أن الله خلقه على صورة اختارها واجتباها لآدم، فيكون المعنى -أي: الإضافة- التشريف والتكريم، كما في قوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [الحج:26] ومعلوم أن الكعبة ليست بيت الله التي يسكنه بل هو بيته الذي يعظم، وكقوله تعالى: {فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس:13] ومعلوم أن هذه الناقة ليست ناقة الله التي يركبها سبحانه وتعالى، حاشاه من ذلك بل أضافها صالح إلى ربه للتشريف أي: تشريف هذه الناقة وتعظيمها.
    وكلا الوجهين صحيح، لكن الوجه الأول أسلم؛ لأن الوجه الأول: أن الله خلق آدم على صورته من غير مماثلة، أبعد عن التأويل وهو متماش على ظاهر النص."

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    قول الامام أحمد واسحاق مقدم على متأخري الأشاعرة ,
    (وَقَالَ حَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ فِي كتاب السّنة سَمِعت إِسْحَاق بن رَاهْوَيْهِ يَقُولُ صَحَّ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ وَقَالَ إِسْحَاقُ الْكَوْسَجِ سمعت أَحْمَدَ يَقُولُ هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ

    وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي إِنَّ رَجُلًا قَالَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ
    أَيْ صُورَةِ الرَّجُلِ فَقَالَ كَذَبَ هُوَ قَوْلُ الْجَهْمِيَّةِ
    ) انتهىوشيخ الاسلام في التأسيس أبطل من أعاد الضمير على المخلوق بأكثر من عشرة أوجه , وأثبت الاتفاق على أن الضمير يرجع الى الله تعالى ولم يحدث الخلاف الا بعد القرون الثلاثة , لما ظهر الجهمية ,

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي
    القاضي عياض (476 - 544 ه ) مشارق الأنوار على صحاح الآثار (2/ 370) :

    وقوله خلق آدم على صورته أما في الحديث الذي لم يذكر فيه في كتاب السلام والاستيدان في البخاري وفي باب كتاب مسلم فالهاء عائدة على آدم أي على خلقته وصورته التي خلقه عليها أو على هيئته التي وجد عليها ولم ينشأ في الأرحام ولا انتقل في الأطوار ولا كان من أبوين ولا كان نطفة ثم علقة ثم مضغة كغيره كما قال تعالى خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون بدليل قوله في نفس الحديث طوله ستون ذراعا هذا أحسن ما فيه .
    وفي الحديث تأويلات آخر للأئمة قد ذكرناها في موضعها من هذا الكتاب ومن شرح مسلم .
    كما سبق مرارا وتكرارا هذا هو مذهب الأشاعرة الجهمية , مذهب ظاهره التأويل وباطنه التعطيل
    وهو باطل من جهة الأثر ومن جهة النظر
    فقالوا ان آدم عليه السلام خلق على صورة نفسه ؟؟
    وهل يوجد مخلوق في الدنيا خلق على صورة غيره ؟؟؟؟؟؟؟؟

    ان هذا لقول هزيل ومذهب باطل عليل
    فان قالوا ان أدم عليه السلام خلق من غير أطوار
    فيقال حواء أيضا خلقت من غير أطوار, وناقة صالح عليه السلام خلقت من غير تدرج في الخلق ولا أطوار
    مع أنه لا يسلم لهم هذا الكلام المتهافت الذي قالوه فرارا الى التأويل والتعطيل
    فآدم تدرج في الخلق , كان ترابا وطينا وحمأ مسنونا ثم نفخ فيه الروح

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    4 : فتاوي الخليلي على المذهب الشافعي (1/ 50)


    (سئل) عما ورد في صحيح البخاري من حديث خلق الله آدم على صورته، هل ضمير (صورته) راجع إلى الله تعالى أو إلى آدم كما زعم زاعم؟.

    (أجاب) ذكر العلامة الشمس الرملي في فتاواه بقوله: إن في الحديث المذكور مذهبين؛
    أحدهما السكوت عن تفسيره، والثاني الكلام في معناه،
    واختلف أرباب المذاهب في (الها) إلى من تعود؟ على ثلاثة أقوال؛

    أحدها تعود على بعض بنى آدم، ودليل ذلك» أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر برجل يضرب رجلا وهو يقول: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فقال: إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه؛ فإن الله تعالى خلق آدم على صورته «وإنما خص آدم بالذكر لأنه الذي ابتدئت خلقة وجهه على هذه الصورة التي اعتيد عليها من بعده، وكأنه نبه أنك سببت لآدم لأنك من ولده، ومبالغة في زجره، فعلى هذا تكون (الها) كناية عن المضروب،
    ومن الخطأ الفاحش أن يرجع إلى الله تعالى، لقوله: ووجه من أشبه وجهك؛ فإنه إذا كان كذلك كان تشبيها صريحا.
    صدقت , فان الجهمية وأهل البدع كانوا يسمون أهل السنة ومثبتي الصفات مشبهة وحشوية ؟؟
    وهم يناقضون أنفسهم بألسنتهم
    فتارة يرجعون الضمير الى آدم عليه السلام
    وتارة أخرى يردونه الى المضوب ؟
    ولوردوه الى الله تعالى كما فعل السلف لاستراحوا من عناء التأويل وسلموا من سوء التعطيل

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    صجة حديث ان الله خلق آدم على صورة الرحمن , وهو يقطع حجة كل مؤول ومعطل
    http://majles.alukah.net/t169041/#post890254

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    --قال شيخ الإسلام في كتابه نقض التأسيس بعد إيراد روايات الحديث:"والكلام على ذلك أن يقال :هذا الحديث لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاعٌ في أن الضمير عائد إلى الله ،فإنه مستفيض من طرق متعددة عن عدد من الصحابة .
    أين هذه الطرق المتعددة عن الصحابة في أن الضمير يعود إلى الله ؟

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    قال الشيخ صالح ال الشيخ فى شرح الحموية لشيخ الاسلام--قول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق على صحته «إنَّ الله خلق آدم على صورته» فالله جل وعلا خلق آدم على صورة الرحمن سبحانه وتعالى؛ يعني على صفاته سبحانه، فخصَّ آدم من بين المخلوقات بأنَّ له من الصفات من جنس صفات الحق سبحانه وتعالى؛ يعني أن الله سبحانه وتعالى له وجه وجعل لآدم وجها، وله سمع وجعل لآدم سمعا، وله بصر وجعل لآدم بصرا، وله أصابع سبحانه وجعل لآدم أصابعا، وله جل وعلا قدمان وجعل لآدم قدمين، وله سبحانه ساق وجعل لآدم ساقا، إلى آخر ذلك.

    ...
    والله جل وعلا له صورة ليست كصورة المخلوق، وهذا بمعنى الصورة الخاصة، وهو جل وعلا له صورة يعني له صفات، وجعل المخلوق له من الصفات على صفات الرحمن سبحانه «خلق الله آدم على صورته» وهذا خاص بآدم؛ يعني لو تأملت كل المخلوقات ما تجد أنها مثل الإنسان في الاشتراك فيما بين صفاته وصفات الرحمن جل وعلا، فصفات الرحمن سبحانه وتعالى تجد معانيها في الإنسان بما يناسب ذات الإنسان.
    .
    من يقول أن معنى على صورة الله يعني على صفاته فلله وجه ولآدم وجه ولله يدان ولآدم يدان ولله سمع وبصر ولآدم كذلك ولكن الله ليس كمثله شيء .
    فيمكن أن نسأل ما الفرق بين آدم كصفات خلقية من وجه ويدين وقدمين وسمع وبصر وبين القرد مثلا .
    فالشبه بين القرد والإنسان كبير جدا من حيث وجود الوجه والقدمين واليدين والسمع والبصر وغيرها ؟ ! .
    وبهذا يتبين مدى الوقوع في التشبيه إن أعدنا الضمير إلى الله تعالى .
    والسبب في ذلك هو أن المشبه ( آدم ) معلوم الصفات ومشاهد بخلاف ما لو أطلقنا الصفات من غير تشبيه بمخلوق بعينه .
    فإن كان وجه الشبه هو مجرد وجود الوجه مع عدم تطابق الملامح من العينين أو الأذنين أو الفم فلم لا يشمل ذلك القرد شبيه بني آدم . وهذا وذاك كفر .
    ذكر الألباني في صحيح ابن حبان :
    قال أبو حاتم : «هذا الخبر تعلق به من لم يحكم صناعة العلم وأخذ يشنع على أهل الحديث الذين ينتحلون السنن،

    ويذبون عنها، ويقمعون من خالفها بأن قال: ليست تخلو هذه الهاء من أن تنسب إلى الله أو إلى آدم، فإن نسبت إلى الله كان ذلك كفرا، إذ {ليس كمثله شيء} [الشورى: 11] ، وإن نسبت إلى آدم تعرى الخبر عن الفائدة، لأنه لا شك أن كل شيء خلق على صورته لا على صورة غيره، ولو تملق قائل هذا إلى بارئه في الخلوة، وسأله التوفيق لإصابة الحق والهداية للطريق المستقيم في لزوم سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم لكان أولى به من القدح في منتحلي السنن بما يجهل معناه، وليس جهل الإنسان بالشيء دالا على نفي الحق عنه لجهله به.
    ونحن نقول: إن أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا صحت من جهة النقل لا تتضاد، ولا تتهاتر، ولا تنسخ القرآن بل لكل خبر معنى معلوم يعلم، وفصل صحيح يعقل، يعقله العالمون.
    فمعنى الخبر عندنا بقوله صلى الله عليه وسلم: «خلق الله آدم على صورته» : إبانة فضل آدم على سائر الخلق، والهاء راجعة إلى آدم
    والفائدة من رجوع الهاء إلى آدم دون إضافتها إلى البارئ جل وعلا - جل ربنا وتعالى عن أن يشبه بشيء من المخلوقين - أنه جل وعلا جعل سبب الخلق الذي هو المتحرك النامي بذاته اجتماع الذكر والأنثى، ثم زوال الماء عن قرار الذكر إلى رحم الأنثى، ثم تغير ذلك إلى
    العلقة بعد مدة، ثم إلى المضغة، ثم إلى الصورة، ثم إلى الوقت الممدود فيه، ثم الخروج من قراره، ثم الرضاع، ثم الفطام، ثم المراتب الأخر على حسب ما ذكرنا إلى حلول المنية به.

    هذا وصف المتحرك النامي بذاته من خلقه وخلق الله جل وعلا آدم على صورته التي خلقه عليها، وطوله ستون ذراعا من غير أن تكون تقدمه اجتماع الذكر والأنثى، أو زوال الماء، أو قراره، أو تغيير الماء علقة أو مضغة، أو تجسيمه بعده، فأبان الله بهذا فضله على سائر من ذكرنا من خلقه، بأنه لم يكن نطفة فعلقة، ولا علقة فمضغة، ولا مضغة فرضيعا، ولا رضيعا ففطيما، ولا فطيما فشابا كما كانت هذه حالة غيره ضد قول من زعم أن أصحاب الحديث حشوية يروون ما لا يعقلون ويحتجون بما لا يدرون »

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (ص: 319) :
    " ولما وقعت هذه التأويلات المستكرهة، وكثر التنازع فيها، حمل قوما اللجاج على أن زادوا في الحديث، فقالوا: روى بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: "إن الله عز وجل خلق آدم على صورة الرحمن".
    يريدون أن تكون الهاء في "صورته" لله جل وعز،
    وإن ذلك يتبين بأن يجعلوا الرحمن مكان الهاء
    كما تقول: "إن الرحمن خلق آدم على صورته"، فركبوا قبيحا من الخطأ.
    وذلك أنه لا يجوز أن نقول: "إن الله تعالى خلق السماء بمشيئة الرحمن" ولا على إرادة الرحمن وإنما يجوز هذا إذا كان الاسم الثاني غير الاسم الأول، أو لو كانت الرواية: "لا تقبحوا الوجه، فإنه خلق على صورة الرحمن"، فكان الرحمن غير الله، أو الله غير الرحمن.
    فإن صحت رواية بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فهو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تأويل، ولا تنازع فيه.
    قال أبو محمد:
    ولم أر في التأويلات شيئا أقرب من الاطراد، ولا أبعد من الاستكراه، من تأويل بعض أهل النظر، فإنه قال فيه: " أراد أن الله تعالى خلق آدم في الجنة على صورته في الأرض".
    كأن قوما قالوا: إن آدم كان من طوله في الجنة كذا، ومن حليته كذا، ومن نوره كذا، ومن طيب رائحته كذا لمخالفة ما يكون في الجنة، ما يكون في الدنيا.
    فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله خلق آدم" يريد في الجنة "على صورته" يعني في الدنيا. "

  12. #32

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺗﺸﺒﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺋﻨﺎ ﻟﻜﺎﻥ ﻛﻞ ﻗﺎﺋﻞ: ﺃﻥ ﻟﺒﻨﻲ ﺁﺩﻡ ﻭﺟﻬﺎ , ﻭﻟﻠﺨﻨﺎﺯﻳﺮ ﻭاﻝﻗﺮﺩﺓ، ﻭاﻟﻜﻼﺏ، ﻭاﻟﺴﺒﺎﻉ، ﻭاﻟﺤﻤﻴﺮ، ﻭاﻟﺒﻐﺎﻝ، ﻭاﻟﺤﻴﺎﺕ، ﻭاﻟﻌﻘﺎﺭﺏ، ﻭﺟﻮﻫﺎ، ﻗﺪ ﺷﺒﻪ ﻭﺟﻮﻩ ﺑﻨﻲ ﺁﺩﻡ ﺑﻮﺟﻮﻩ اﻟﺨﻨﺎﺯﻳﺮ ﻭاﻝﻗﺮﺩﺓ، ﻭاﻟﻜﻼﺏ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﺫﻛﺮﺕ ﻭﻟﺴﺖ ﺃﺣﺴﺐ ﺃﻥ ﻋﻘﻞ اﻟﺠﻬﻤﻴﺔ اﻟﻤﻌﻄﻠﺔ ﻋﻨﺪ ﻧﻔﺴﻪ، ﻟﻮ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺃﻛﺮﻡ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻴﻪ: ﻭﺟﻬﻚ ﻳﺸﺒﻪ ﻭﺟﻪ اﻟﺨﻨﺰﻳﺮ ﻭاﻝﻗﺮﺩ، ﻭاﻟﺪﺏ، ﻭاﻟﻜﻠﺐ، ﻭاﻟﺤﻤﺎﺭ، ﻭاﻟﺒﻐﻞ ﻭﻧﺤﻮ ﻫﺬا ﺇﻻ ﻏﻀﺐ، ﻷﻧﻪ ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺳﻮء اﻷﺩﺏ ﻓﻲ اﻟﻔﺤﺶ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻖ ﻣﻦ اﻟﺸﺘﻢ ﻟﻠﻤﺸﺒﻪ ﻭﺟﻬﻪ ﺑﻮﺟﻪ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ، ﻭﻟﻌﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﻳﻘﺬﻓﻪ , ﻭﻳﻘﺬﻑ ﺃﺑﻮﻳﻪ ﻭﻟﺴﺖ ﺃﺣﺴﺐ ﺃﻥ ﻋﺎﻗﻼ ﻳﺴﻤﻊ ﻫﺬا اﻟﻘﺎﺋﻞ اﻟﻤﺸﺒﻪ ﻭﺟﻪ اﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺑﻮﺟﻮﻩ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺇﻻ ﻭﻳﺮﻣﻴﻪ ﺑﺎﻟﻜﺬﺏ، ﻭاﻟﺰﻭﺭ، ﻭاﻟﺒﻬﺖ ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻌﺘﻪ، ﻭاﻟﺨﺒﻞ، ﺃﻭ ﻳﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺰﻭاﻝ اﻟﻌﻘﻞ، ﻭﺭﻓﻊ اﻟﻘﻠﻢ، ﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﻭﺟﻪ اﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺑﻮﺟﻮﻩ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻓﺘﻔﻜﺮﻭا ﻳﺎ ﺫﻭﻱ اﻷﻟﺒﺎﺏ

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»


    .............................. .........

    بلغ أحمد أن أبا ثور قال في الحديث خلق الله آدم على صورته إن الضمير لآدم فهجره فأتاه أبو ثور فقال احمد أي صورة كانت لآدم يخلقه عليها كيف تصنع بقوله خلق الله آدم على صورة الرحمن فاعتذر إليه وتاب بين يديه .

    نفح الطيب المقري التلمساني

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة

    وهذا فاسد لأن الصورة يفيد التركيب

    لا ادري ان كنت ترتضي هذا و انت تنتسب للسنة ؟


  14. #34
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    1 : ما سند هذا الكلام ؟!!
    وبين الإمام أحمد والتلمساني قرابة ثمانية قرون !

    2 : رجع أبو ثور أم لم يرجع فهذا ليس مسألتنا !!
    3 : ثم من المؤسف بعد كل المشاركات التي بينت ضعف رواية حديث " على صورة الرحمن " يأتي من يستدل بها !
    فحجة من يعيد الضمير إلى الله سبحانه هو حديث " على صورة الرحمن " وهو ضعيف لا يصح ولن يصح ولا يحل الاستدلال به على مسألة فقهية فرعية بله العقيدة !! .
    ومن ضعفه بين علله بالتفصيل ومن صححه لم يبين حجته ولم يدفع علل من ضعف الحديث .
    لذا أرجو مراجعة أنفسكم .

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    إثبات صفة الصورة لله جل وعلا

    الحمد لله ربِّ العالَمين، والصلاة والسَّلام على النبيِّ الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    أمَّا بعد:
    فممَّا لا شك فيه أنَّ مِن تمام إيمانِ المرْءِ انقيادَه وتسليمَه لأوامر ربِّه، والإيمانَ بها بدون تردُّد أو شكٍّ؛ فإنَّ الخير كلَّ الخير في الخضوع لله ربِّ السَّموات والأرض العليِّ الكبير، وإنَّ الشرَّ كلَّ الشرِّ في التنطُّعِ والتعمُّق والتكلُّف في تكذيب كتاب الله، وسُنَّةِ نبيِّه، وفَهْمِ السَّلف الصالح؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((دَعُوني ما تركْتُكم، فإنَّما هلَكَ مَن كان قبْلَكم بِسُؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهَيْتُكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتُكم بشيء فأْتُوا منه ما استطعتم))؛ أخرجه البخاري (7288).
    فلذا كان لِزَامًا على المؤْمن أن ينقاد إلى ربِّه مطيعًا خاضعًا ذليلاً، ومحبًّا ومعظِّمًا له في ربوبيته وألوهيَّته، وأسمائه وصفاته، وهذا ما ميَّز أهْلَ السُّنة والجماعة عن سائر فِرَق المسلمين، وخصوصًا في باب الأسماء والصِّفات؛ حيثُ إنَّ مذْهبَهم هو إثْبات ما أثبَتَه الله لِنَفسه أو أثْبتَه له رسولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تَكْييف ولا تمثيل.
    وقد جاء في شرح أصول اعتقاد أهل السُّنة والجماعة (875) عن الوليد بن مسلم أنه قال: "سألتُ الأوزاعيَّ وسُفْيان الثَّوري ومالكَ بن أنس والليثَ بن سعْد عن هذه الأحاديث التي فيها الرُّؤْية، فقالوا: أَمِرُّوها بلا كيف".
    وجاء في الفقه الأكْبر لأبي حنيفة - نقلاً عن "اعتقاد الأئمة الأربعة" ص 9 -: "لا يُوصَف الله - تعالى - بصِفَات المخلوقين، وغضَبُه ورضاه صِفَتان من صفاته بلا كيف، وهو قول أهل السُّنة والجماعة، وهو يَغْضب ويَرضى، ولا يُقال: غضَبُه عقُوبتُه، ورِضاه ثوابُه، ونَصِفُه كما وصَف نفْسَه؛ أحَدٌ صمَدٌ، لم يلد ولم يُولَد، ولم يكن له كفُؤًا أحد، حيٌّ قادر، سميع بصير، عالم، يَدُ الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلْقِه، ووَجْهه ليس كوجوه خلقه".
    وقال - أيضا -: "لا ينبغي لأحد أن يَنطق في ذات الله بشيء، بل يَصِفُه بما وصَفَ به نفْسَه، ولا يقول فيه برأْيه شيئًا، تبارك الله وتَعالى ربُّ العالمين".
    وأخرج الهروِيُّ عن أشهب بن عبدالعزيز قال: "سمعتُ مالكًا يقول: إيَّاكم والبدعَ، قيل: يا أبا عبدالله، وما البِدَع؟ قال: أهل البدع الذين يتكَلَّمون في أسْماء الله وصفاته، وكلامِه وعلْمِه وقدرته، ولا يسكتون عمَّا سكَتَ عنه الصحابة والتَّابعون لهم بإحسان"؛ "ذم الكلام".
    وقال الشَّافعي: "أنْ يَبْتَلي اللهُ المرْءَ بما نهَى عنه خَلا الشِّرْك بالله - خيرٌ من أن يبتليه بالكلام"؛ "ذمُّ الكلام"، وقال الإمام أحمد: "لم يزل الله - عزَّ وجلَّ - متكلِّمًا، والقرآن كلام الله - عزَّ وجلَّ - غير مخلوق وعلى كلّ جهة، ولا يوصف الله بشيء أكثر مما وصَفَ به نفسه - عزَّ وجلَّ"؛ كتاب "المحنة" ص 68.
    وقال الإمام البربهاري في "شرح السنة" ص56: "وكل ما سمعتَ من الآثار ممَّا لم يَبْلغه عقْلُك نحْوُ قولِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((قلُوبُ العباد بين إصْبعَيْن من أصابع الرَّحْمن - عزَّ وجلَّ -))، وقولِه: ((إنَّ الله - تبارك وتعالى - يَنْزِل إلى سماء الدنيا))، و((يَنْزل يوم عرَفَة))، و((ينزل يوم القيامة))، و((جهنم لا يزال يطرح فيها، حتَّى يضعَ عليها قَدَمه - جلَّ ثناؤُه -))، وقول الله للعبد: ((إنَّ الله خلق آدم على صورته))، وقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((رأيت ربِّي في أحْسن صورة)) وأشباه هذه الأحاديث، فعليك بالتَّسْليم والتصديق والتفويض والرِّضا، لا تفسِّرْ شيئًا من هذه بِهَواك؛ فإنَّ الإيمان بهذا واجب، فمَن فسَّر شيئًا من هذا بهواه، أو رَدَّه فهو جهْمِي".
    وفي ذلك يقول ابن تيميَّة - رحمه الله -: "إنَّ الأئمَّة المشْهورين كلّهم يُثْبِتون الصِّفات لله - تعالى - ويقولون: إنَّ القرآن كلام الله ليس بمخلوق، ويقولون: إنَّ الله يُرَى في الآخِرَة، هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم، وهذا مذهب الأئمَّة المتْبُوعين، مثل مالك بن أنس والثَّوْري والليث بن سعْد والأوزاعي وأبي حنيفة والشَّافعي وأحْمد..."؛ "منهاج السنة" (2/106).
    ولعلَّ مِن أهمِّ المسائل التي كَثر الحديث عنها ما بيْنَ مثْبِت ونافٍ، هي صِفَة الصُّورة، وعلى الخصوص خَلْق آدم على صورة الرَّحْمن، فهذا بحْثٌ بسيط حول هذه المسألة، نحاول من خلاله الوقوفَ على القول الحقِّ الذي هو قول أهْل السُّنة والجماعة الذين يُثْبِتون هذه الصفة، خلافًا لغيرهم من الجهمية ومن تابَعَهم من أشاعرة وغيرهم.
    وقد جعلتُه من مقدِّمة، وسبعة مباحث، وخاتمة:
    المقدمة.
    إثبات صفة الصورة لله - جل وعلا.
    معنى الصورة لغة.
    سبب الخلاف بين العلماء.
    حجة من ضعَّف الحديث من العلماء.
    حجَّة من صحَّحه.
    الخلاف الحاصل حول ضمير على صورته.
    فَهْم السَّلف للحديث.
    خاتمة.
    إثبات صفة الصورة لله جل وعلا
    أخرج البخاري (6573) ومسلم (182) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ ناسًا قالوا لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: يا رسول الله، هل نَرَى ربَّنا يوم القيامة؟ فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((هل تضَارون في رؤْية القمر ليلةَ البدْر؟)) قالوا: لا يا رسول الله... وفيه: ((يجمع الله الناسَ يوم القيامة، فيقول: مَن كان يعبد شيئًا فلْيتبعه، فيَتبع مَن كان يعبد الشمسَ الشمسَ، ويتبع من كان يعبد القمرَ القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيتَ الطواغيت، وتَبقى هذه الأمَّة فيها منافقوها، فيأتيهم الله - تبارك وتعالى - في صورة غير صورته التي يَعْرفون، فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا يأتينا ربُّنا، فإذا جاء ربُّنا عرفناه، فيأتيهم الله - تعالى - في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: أنت ربنا، فيتبعونه...)) الحديث.
    وأخرج البخاري (3326) ومسلم (2841) وغيرهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعًا...)) الحديث
    وحديث ((رأيتُ ربِّي في أحْسن صورة))؛ رواه الترمذي (3235) وأحمد (2580).
    فهذه الأحاديث قد تضافَرَت في إثبات صفة الصُّورة لله - تعالى - على ما يَلِيق بجلال وجْهه وعظيم سُلْطانه؛ فهي صفة ذاتية لله، خلافًا لِمَن أنكَرَها من الجهميَّة ومَن تابعهم، فبهذه الأحاديث قد أثبَتَ أهْلُ السُّنة والجماعة صفةَ الصُّورة.
    ويقول ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث": "والَّذي عندي - والله تعالى أعلم - أنَّ الصُّورة ليست بأعْجَب من اليدَين والأصابع والعين، وإنَّما وقَع الإِلْف لتلك؛ لِمَجيئها في القرآن، ووقعَت الوَحْشة من هذه؛ لأنَّها لم تأتِ في القرآن، ونحن نؤْمن بالجميع، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حدٍّ".
    معنى الصورة لغة
    قال ابن الأثير: "الصُّورة تَرِد في كلام العرب على ظاهرها، وعلى معْنَى حقيقة الشيء وهيئته، وعلى معنى صفته"؛ "النهاية" 3/59.
    قال شيخ الإسلام: "لفظ الصورة في الحديث كسائر ما ورد من الأسماء والصفات التي قد يُسمَّى المخْلوق بها على وجْه التقْييد، وإذا أُطلِقت على الله اختصَّت به، مثل العليم، والقدير، والرحيم، والسميع، والبصير، ومثل خَلْقِه بيديه، واستوائِه على العرش، ونحو ذلك"نقض التَّأْسيس" 3/396.

    سبب الخلاف بين العلماء
    اتَّفق أهْلُ السُّنة والجماعة على إثبات صفة الصُّورة لله - جل وعلا - على ما يليق بِجَلاله وعظيم سلطانه، والخلاف بينهم محْصُور في مسألة "خَلْق آدم على صورة الرَّحْمن" فحَسْب، فمن صحَّحه أثْبتَ مُقْتَضاه، ومن ضعَّفه لم يجعله محَلاًّ لإثْباتها، ومَن افْترض صحَّته من الفِرَق الأخرى منهم أوَّلَه مشْيًا على قاعدتهم:
    وَكُلُّ نَصٍّ أَوْهَمَ التَّشْبِيهَا ♦♦♦ فَوِّضْهُ أَوْ أَوِّلْ وَرُمْ تَنْزِيهَا
    والحديث رواه عبدالله بن أحمد في "السُّنة" 498، وابن أبي عاصم في "السنة" 529، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/85، والدارقطني في "الصفات" 45، 48، وغيرهم من طريق جَرِير عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عَطَاء، عن ابن عمر مرفوعا: ((لا تقبِّحوا الوجْه؛ فإنَّ الله خلَقَ آدم على صورة الرَّحمن)).
    حُجَّة من ضعَّف الحديث
    عُمْدة مَن ضعَّف هذا الحديث هو ابن خزيمة - رحمه الله - في كتاب "التوحيد" 1/87 وقد أعلَّه بثلاث عِلَل:
    الأُولى: أنَّ الثَّوري قد خالف الأعْمش في إسناده فأرسَلَه.
    الثانية: عنعَنةُ الأعمش، وهي مردودة؛ لأنَّه مدلِّس ما لم يصرِّح بالسَّماع من حبيب بن أبي ثابت.
    الثالثة: لا يُعلَم لحبيب بن أبي ثابت سمَاعٌ من عطاء.
    ثم أضاف الشيخ الألباني - رحمه الله - علَّة رابعة، وهي تغَيُّر جرير بن عبدالحميد وسُوء حِفْظه، وقد اضْطَربت روايته برواية لفْظ ((على صورته)) عند ابن أبي عاصم 530، واللالكائي 716.
    وقد قوَّى الشيخُ طارق عوض الله هذه العلَّة في حاشيته على "المنتخب من العلل" للخلاَّل بذِكْر الإمام الدارقطني لتفرُّد جرير بن عبدالحميد عن الأعْمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء؛ انظر "المنتخب من علل الخلال" لابن قدامة ص 269.
    والخامسة: الانقطاع بين عطاء وابن عمر - رضي الله عنهما.
    حجَّة من صحح الحديث
    أمَّا بخصوص أنَّ ابن خُزَيمة ضعَّفه، فقد صححه مَن هو أجَلُّ منه، وهُما إسحاق بن راهويه وأحمد، ولا مُتَمسَّك لمن نفَى تصحيح أحمد لهذا الحديث؛ لأنَّ الاحتجاج فرْعُ التصحيح، ولا يُمْكِن للإمام أحمد أن يتَساهل في مِثْل هذا كما هو معلوم من أصوله.
    ثم إنَّ هناك نقْلاً نَقَله الحافظُ في "الفتح" 5/183، قال إسحاق الكوسج: سمعتُ أحمد يقول: هو حديثٌ صحيح، هذا إذا احتجَّ في تصْحيحه بالرِّجال، خصوصًا وأنَّ الإمام أحمد يَعلم إرسال الثوري، ولم يَقدح في الحديث عنده.
    من جهة أخرى فللحديث شواهد تقوِّيه:
    أوَّلُها: عند ابن أبي عاصم (1/ 227 - 228): حدَّثنا محمد بن ثعلبة بن سواء، حدَّثني عمِّي محمَّد بن سواء، عن سعيد بن أبي عرُوبة، عن قتَادة، عن أبي رافع، عن أبي هُرَيرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا قاتَلَ أحدُكم فليجتنب الوجْه؛ فإنَّ الله - تعالى - خلَقَ آدم على صورة وجْهه))؛ وإسناده صحيح.
    الشيء الذي يَمنع تفسير ضمير "على صورته" بآدم الَّذي جاء من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((إذا قاتَلَ أحدُكم فليتَّقِ الوجه؛ فإنَّ الله خلَقَ آدم على صورته))؛ "المسْنَد" (2/512) وغيره، غير أنَّ الشيخ الألباني ضعَّف زيادة: "على صورة وجْهه" وفي ذلك نظَر؛ لأنَّ الزِّيادة إذا كانت بيانًا، وليس فيها نوع مُنافاة، فلا شذُوذ فيها وهي مقبولة، كما قرَّره ابنُ الصَّلاَح في "مقدِّمته"؛ قال في النوع الثاني من أنواع الزيادات قال: "ألاَّ يكون فيه منافاةٌ ومخالَفةٌ أصْلاً لما رواه غيره...".
    ثانيها: ما رواه ابن أبي عاصم (533) من طريق ابن أبي مَرْيم، حدَّثنا ابن لهيعة عن أبي يونس سليم بن جبير، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من قاتلَ فلْيجتَنِب الوجه؛ فإنَّ صورة وجْه الإنسان على صورة وجْه الرحمن)).وابن لهيعة وإن رُمِي بسوء الحفْظ، فحَديثه يعتبر به، ويَصْلح في الشَّواهد والمتابعات.وقد أخرج ابن أبي عاصم في "السنَّة" (1/230) والدَّارقطني في "الصفات" (49) من طريق ابن لهيعة عن أبي يونس والأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلَّم - قال: ((إذا ضرَبَ أحَدُكم فليجتنب الوجه؛ فإنَّ صورة الإنسان على صورة الرحمن - عزَّ وجلَّ -)) وهذا إسناد رجاله ثقات، إلاَّ ابن لهيعة وهو يَصْلح في الشواهد والمتابعات.
    قال الحافظ في "النُّزهة": "ومتَى تُوبع السيِّئ الحفْظ بِمُعتَبر، وكذا المستور والمرْسِل والمدلِّس - صار حديثُهم حسَنًا، لا لذاته؛ بل بالمجموع".لذا صحَّح الحديث كلٌّ من الذَّهبي في "الميزان" والهيثمي في "مجمع الزوائد" وابن حجر العسقلاني في "الفتح"، ومن المعاصرين حماد بن محمد الأنصاري في رسالته "تعريف أهل الإيمان بصحة صورة الرحمن" وحمود التويجري في "عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن" والشيخ عبدالله الغنيمان في "شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري".

    الخلاف الحاصل حول ضمير "على صورته"
    اختَلَف العلماء في تفسير ضمير "على صورته" على ثلاثة أقوال:
    فقال ابن خزيمة ومن تابعه في كتاب "التوحيد" (1/84 - 85): "توهَّم بعض من لم يتَحَرَّ العلم أنَّ قوله ((على صورته)) يريد صورة الرحمن، عزَّ ربُّنا وجلَّ عن أن يكون هذا معنى الخبر، بل معنى قوله ((خلَقَ آدم على صورته)) الهاء في هذا الموضع كناية عن اسْم المَضْروب والمشتوم، أراد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ الله خلَقَ آدم على صورة هذا المضروب الذي أُمِر الضَّارب باجْتناب وَجْهِه بالضرب، والذي قبح وجهه".
    وهذا تكليف للُّغة ما لا تُطِيق، وقد وجَّه ابنُ تيميَّة الردَّ على هذا القول من ثلاثةَ عشرَ وجْهًا يرجع فيها إلى "نقض التأسيس".
    ويَكفي في ردِّ هذا القول أنَّ شيخ الإسلام نقَلَ عن الشيخ محمد الكرخي الشافعي أنَّه قال في كتابه: "الفصول في الأصول، عن الأئمة الفحول؛ إلزامًا لذوي البدع والفضول": "أمَّا تأويل مَن لم يتابِعه عليه الأئمَّة فغير مقبول، وإن صدَرَ ذلك عن إمام معروف غير مجهول، نحو ما يُنْسَب إلى أبي بكر محمَّد بن إسحاق بن خزيمة في تأويل الحديث: ((خلق آدم على صورته)) فإنَّه يفسِّر ذلك بذلك التَّأويل، ولم يتابعه عليه مَن قَبْلَه من أئمَّة الحديث".
    وبعد ذلك قال شيخ الإسلام: "قلتُ: فقد ذكَر الحافظ أبو موسى المَدِيني فيما جمعه من مناقب الإمام الملقَّب بقوام السُّنة أبي القاسم إسماعيل بن محمد التميمي صاحب كتاب "الترغيب والترهيب"، قال: سمعتُه يقول: أخطأ محمَّد بن إسحاق بنِ خزيمة في حديث الصورة، ولا يُطْعَن عليه بذلك، بل لا يُؤْخَذ عنه فحسب.
    قال أبو موسى: أشار بذلك إلى أنَّه قلَّ مِن إمام إلاَّ وله زلَّة، فإذا تُرِك ذلك الإمام لأجْل زلَّته تُرِك كثير من الأئمة، وهذا لا يَنبغي أن يُفعل"، ونفس الشيء أشار إليه الذَّهبي في "سِيَر أعلام النبلاء" (17/374).
    القول بعودة الضمير على آدم:
    وهو مَحْكيٌّ عن أبي ثَوْر إبراهيم بن خالد الكلبي، وبعض محدِّثي البصْرة، وهو منسوب إلى أهل الكلام.وهذا القول مردود بحديث ((خُلِق آدم على صورة الرحمن)) وفَهْمِ السَّلف له، وقد دَكَّ ابنُ تيميَّة هذا القول في "نقْضِ التأسيس"، والمانع من نقْله خوف الإطالة.
    الضمير عائد على الله - عزَّ وجلَّ -:
    وهذا القول هو قول جماهير السَّلف، كما حقَّقه شيخ الإسلام وانتصر له.
    حيث قال في كتابه "نقض التأسيس": "لم يكن بين السَّلف مِن القرون الثلاثة نِزَاع في أنَّ الضمير في هذا الحديث عائد إلى الله - تعالى - فإنَّه مستفيض من طرُق متعدِّدة عن عدَد من الصَّحابة، وسياق الأحاديث كلِّها تَدُل على ذلك، وهو أيضًا مذكور فيما عند أهْل الكتابَيْن من الكتب؛ كالتوراة وغيرها، وما كان من العِلْم الموروث عن نبيِّنا محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلنا أن نستشهد عليه بما عند أهل الكتاب، كما قال - تعالى -: ﴿ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 43] ولكنْ كان مِن العلماء في القرن الثالث مَن يكره روايته، ويَرْوِي بعْضَه، كما يكره رواية بَعض الأحاديث لِمَن يخاف أنْ يلم نفْسه، ويفسد عقله أو دينه....".وقد قيل غير هذه الأقوال، كما أنَّ بعْض المتأخِّرين أرجعوا الضمير إلى الله - عزَّ وجلَّ - غير أنَّهم أوَّلوا الصورة.
    وهي كما قال العلماء تصوُّرُها كافٍ في بُطْلانها، ومِن هذه الأقوال:
    أنَّ المراد بالصورة الصِّفة، وهذا مخالِفٌ للُّغة، فصار تأويلاً بلا دليل.
    أنَّ إضافة الصورة إضافةُ تَشْريف، وهي مَرْدودة بأنَّ إضافة التَّشْريف تكون في الأعيان لا المعاني.
    ومنهم مَن قال هي صورة يَخْلقها الله، فتقوُّل على الله بغير علْم، والنَّصُّ موجود، فإذا كان النصُّ موجودًا ولم تَقْبلوه، أفنَقبل قياسَكم الذي هو أوْهَى من بيت العنكبوت، بل هو مَحْضُ تخَرُّص بغير علْم، فما دام هذا القول عاريًا عن الدَّليل فلا وَزْن له.وقد استطرد شيخُ الإسلام في توجيه الردود على هذه الأقوال وغيرها، وقد أعرَضْتُ عن ذِكْرها؛ لأنَّها لا تساوي في الميزان العِلْمي شيئًا، وقد تكَفَّل شيخُ الإسلام بدكِّها من أساسها، فجزاه الله خيرًا عن المسلمين.
    كيف فَهِم السلف الحديث؟
    بعد أن ثَبَت لنا صحَّةُ حديث ((خلَق اللهُ آدَمَ على صورة الرحمن))، بَقِي أن نَبحث في فَهْم أئمَّة السَّلف له؛ هل أوَّلوه أو أنَّهم أثْبتوه على ما تقرَّر عند أهْل السنة والجماعة مِن إمْرارها كما جاءت بلا كيف؟
    قال شيخ الإسلام: "وقد ذكَر الخَلاَّل في السُّنة ما ذكَرَه إسحاق بن منصور الكوسج عن أحمد وإسحاق، أنَّه قال لأحمد: ((لا تُقَبِّحوا الوجه؛ فإنَّ الله خلَقَ آدم على صورته))، أليس تَقُول بهذه الأحاديث؟ قال أحمد: صحيح، وقال إسحاق: صحيح.
    وذُكِر عن يعقوب بن بختان أنَّ أبا عبدالله أحمدَ بن حنبل سُئِل عن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((خلَقَ اللهُ آدمَ على صورته)) قال الأعمش: يقول عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن عمر.
    قال: وسمعتُ أبا عبدالله، يقول: لقد سمعتُ الحميديَّ بحضرة سفيان بن عيينة وذَكَر هذا الحديث: ((خلَقَ الله آدمَ على صورته))، فقال: مَن لا يقول بهذا الحديث فهو كذا وكذا، يَعني من الشَّتْم، وسفيان لا يرُدُّ عليه شيئًا.
    قال المروزي: أظنُّ أنِّي ذَكَرت لأبي عبدالله عن بعْضِ المحدِّثين بالبصرة أنَّه قال: قوْلُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم – ((خلَق الله آدم على صورته))، قال: صورة الطِّين، قال: هذا جَهْمي، وقال: نسلِّم للخبر كما جاء، ورَوى الخَلاَّل عن أبي طالب مِن وجهين، قال: سمعتُ أبا عبدالله - يعني: أحمد بن حنبل - يقول: "مَن قال: إنَّ الله خلق آدَم على صورة آدم، فهو جهْمي، وأيُّ صورة كانت لآدم قبل أن يَخلقه؟"؛ انظر "شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري" للغنيمان.
    خاتمة

    لا ريب في أنَّ الصُّورة صفة ثابتةٌ لله - تعالى - بلا خلاف بين السَّلَف كما قُلْنا في أوَّل البحث، والخلاف مَحْصور في ضمير "صورته" هل يَصْلح حديثُ صورة الرَّحْمن مفسِّرًا له أو لا؟
    فتبَيَّن من خلال البحث أنَّ الحديث صحيح بلا شكٍّ، وأنَّ الَّذين ضعَّفوه قد كَلَّفوا طُرَقه ما لا تُطِيق من الطَّعن والنقد لِرَدِّه، وما ذلك إلاَّ لعدم سعَةِ عقولهم له، ولكنْ على فَرْض ضعْفه، أليس لنا في فَهْم السَّلف أُسْوَة؟
    ونحن نتغَنَّى باتِّباعهم، وهم قد فَهِموا وأثبتوا فلا يَسَعُنا إلا اتِّباعهم، وأنَّ مَن خالف في هذا ما معه إلاَّ تكَلُّفات وتفريعات ما تكَلَّفها أهل القرون الأولى.

    فالواجب هو إثبات أنَّ الله - تعالى - خلَقَ آدم على صورته - عزَّ وجلَّ - كما أخْبَر الحديثُ، وأنَّ هذا لا يَسْتَلزم التشبيه بل لا بد أن يكون ذلك في إطار قوله - تعالى -: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، فالله - عزَّ وجلَّ - سميع بصير، والإنسان سميع بصير، ومع ذلك فلم يَلْزَم أهْلَ السنة والجماعة من إثبات ما أثبَتَته النصوص من السَّمْع والبصر - تشبيهُ الله - تعالى - بخلْقِه الموصوفين بتلك الصِّفات - تعالى اللهُ عن ذلك علوًّا كبيرًا.
    وحديث الصورة المذكور هو من جملة النصوص التي أثبَتَ الله - تعالى - لنفسه فيها على لسان رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما هو - سبحانه - أعلم بكيفيته وكُنْهِه، وما على المؤمن الحقِّ إلاَّ التَّسليم له - تعالى - فيما أخبر، وإثبات ما أثبت.
    هذا، وما كان من توفيق فَمِن الله وحْدَه، وما كان من خطأٍ فمنِّي ومن الشيطان، والله ورسولُه منه برَاء.
    وصلَّى الله وسلَّم وبارك على سيِّدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/25154/#ixzz5X9cOjhj5
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    السؤال

    عندما قال رسول الله " وخلق الله آدم على صورته أو هيئته " إلى من تعود كلمة صورته أو هيئته، وكيف نفسر هذا ؟.
    نص الجواب



    الحمد للهروى البخاري (6227) ومسلم (2841) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ الْمَلائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآن".
    وروى مسلم (2612) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ ".
    وروى ابن أبي عاصم في السنة (517) عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقبحوا الوجوه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن" .
    قال الشيخ عبد الله الغنيمان حفظه الله : ( هذا حديث صحيح صححه الأئمة ، الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية وليس لمن ضعفه دليل إلا قول ابن خزيمة ، وقد خالفه من هو أجل منه ).
    وروى ابن أبي عاصم (516) أيضا عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قاتل أحدكم فليجتب الوجه فإن الله تعالى خلق آدم على صورة وجهه" وقال الشيخ الألباني : إسناده صحيح .
    وهذان الحديثان يدلان على أن الضمير في قوله " على صورته " راجع إلى الله تعالى .وروى الترمذي (3234) عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أتاني ربي في أحسن صورة فقال يا محمد قلت لبيك ربي وسعديك قال فيم يختصم الملأ الأعلى..." الحديث ، صححه الألباني في صحيح الترمذي .
    وفي حديث الشفاعة الطويل : " فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة" رواه البخاري (7440) ومسلم (182).
    ومن هذه الأحاديث يعلم أن الصورة ثابتة لله تعالى ، على ما يليق به جل وعلا ، فصورته صفة من صفاته لا تشبه صفات المخلوقين ، كما أن ذاته لا تشبه ذواتهم.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( لفظ الصورة في الحديث كسائر ما ورد من الأسماء والصفات ، التي قد يسمى المخلوق بها ، على وجه التقييد ، وإذا أطلقت على الله اختصت به ، مثل العليم والقدير والرحيم والسميع والبصير ، ومثل خلقه بيديه ، واستواءه على العرش ، ونحو ذلك) نقض التأسيس 3/396
    والصورة في اللغة : الشكل والهيئة والحقيقة والصفة. فكل موجود لابد أن يكون له صورة .
    قال شيخ الإسلام : ( وكما أنه لابد لكل موجود من صفات تقوم به ، فلابد لكل قائم بنفسه من صورة يكون عليها ، ويمتنع أن يكون في الوجود قائم بنفسه ليس له صورة يكون عليها ).
    وقال : ( لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى ، فإنه مستفيض من طرق متعددة ، عن عدد من الصحابة ، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك ...
    ولكن لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة جعل طائفة الضمير فيه عائدا إلى غير الله تعالى ، حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة في عامة أمورهم ، كأبي ثور وابن خزيمة وأبي الشيخ الأصفهاني وغيرهم ، ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة ) نقض التأسيس 3/202
    وقال ابن قتيبة رحمه الله : ( الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين ، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن ، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن ، ونحن نؤمن بالجميع ، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد) تأويل مختلف الحديث ص 221
    قال الشيخ الغنيمان : ( وبهذا يتبين أن الصورة كالصفات الأخرى ، فأي صفة ثبتت لله تعالى بالوحي وجب إثباتها والإيمان بها ) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري 2/41
    وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ينهى فيه عن تقبيح الوجه ، وأن الله سبحانه خلق آدم على صورته . فما الاعتقاد السليم نحو هذا الحديث ؟
    فأجاب رحمه الله :الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه فإن الله خلق آدم على صورته" وفي لفظ آخر : " على صورة الرحمن " وهذا لا يستلزم التشبيه والتمثيل .والمعنى عند أهل العلم أن الله خلق آدم سميعا بصيرا ، متكلما إذا شاء ، وهذا وصف الله فإنه سميع بصير متكلم إذا شاء ، وله وجه جل وعلا .
    وليس المعنى التشبيه والتمثيل ، بل الصورة التي لله غير الصورة التي للمخلوق، وإنما المعنى أنه سميع بصير متكلم إذا شاء ومتى شاء ، وهكذا خلق الله آدم سميعا بصيرا ذا وجه وذا يد وذا قدم ، لكن ليس السمع كالسمع وليس البصر كالبصر ، وليس المتكلم كالمتكلم ، بل لله صفاته جل وعلا التي تليق بجلاله وعظمته ، وللعبد صفاته التي تليق به ، صفات يعتريها الفناء والنقص ، وصفات الله سبحانه كاملة لا يعتريها نقص ولا زوال ولا فناء ، ولهذا قال عز وجل : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى / 11 ، وقال سبحانه : ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ) الإخلاص / 4 ، فلا يجوز ضرب الوجه ولا تقبيح الوجه ) انتهى من مجموع فتاوى الشيخ 4/ 226
    ومما يبين معنى هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ) رواه البخاري ( 3245 ) ومسلم ( 2834 ) ، فمراده صلى الله عليه وسلم أن أول زمرة هم على صورة البشر ، ولكنهم في الوضاءة والحسن والجمال واستدارة الوجه ، وما أشبه ذلك على صورة القمر ، فصورتهم فيها شبه بالقمر ، لكن بدون ممائلة ...
    فتبين أنه لا يلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثلاً له من كل وجه .
    فقوله صلى الله عليه وسلم : ( خلق آدم على صورته ) أي أن الله عز وجل خلق آدم على صورته سبحانه ، فهو سبحانه له وجه وعين وله يد ورجل سبحانه وتعالى ، وآدم له وجه وله عين وله يد وله رجل ... ، لكن لا يلزم من أن تكون هذه الأشياء مماثلة للإنسان فهناك شيء من الشبه ، لكنه ليس على سبيل المماثلة ، كما أن الزمرة الأولى من أهل الجنة فيها شبه من القمر ، لكن بدون مماثلة ، وبهذا يصدق ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من أنّ جميع صفات الله سبحانه وتعالى ليس مماثلة لصفات المخلوقين ، من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل .انظر شرح العقيدة الواسطية للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ( 1 / 107 ، 293 )
    وللمزيد ينظر : شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للشيخ الغنيمان 2/33-98 وفيه نقل مطول عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يبطل تأويلات أهل الكلام ومن وافقهم لهذا الحديث .
    والله أعلم .
    https://islamqa.info/ar/answers/2065...B1%D8%AA%D9%87
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    من المؤسف بعد كل المشاركات التي بينت ضعف رواية حديث " على صورة الرحمن " يأتي من يستدل بها ! وينقل فتاوى تستدل به .!!
    فحجة من يعيد الضمير إلى الله سبحانه هو حديث " على صورة الرحمن " وهو ضعيف لا يصح ولن يصح ولا يحل الاستدلال به على مسألة فقهية فرعية بله العقيدة !! .
    ومن ضعفه بين علله بالتفصيل ومن صححه لم يبين حجته ولم يدفع علل من ضعف الحديث .
    وهذا ليس من العلم في شيء .


  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    إثبات صفة الصورة لله جل وعلا

    الحمد لله ربِّ العالَمين، والصلاة والسَّلام على النبيِّ الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    أمَّا بعد:
    فممَّا لا شك فيه أنَّ مِن تمام إيمانِ المرْءِ انقيادَه وتسليمَه لأوامر ربِّه، والإيمانَ بها بدون تردُّد أو شكٍّ؛ فإنَّ الخير كلَّ الخير في الخضوع لله ربِّ السَّموات والأرض العليِّ الكبير، وإنَّ الشرَّ كلَّ الشرِّ في التنطُّعِ والتعمُّق والتكلُّف في تكذيب كتاب الله، وسُنَّةِ نبيِّه، وفَهْمِ السَّلف الصالح؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((دَعُوني ما تركْتُكم، فإنَّما هلَكَ مَن كان قبْلَكم بِسُؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهَيْتُكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتُكم بشيء فأْتُوا منه ما استطعتم))؛ أخرجه البخاري (7288).
    فلذا كان لِزَامًا على المؤْمن أن ينقاد إلى ربِّه مطيعًا خاضعًا ذليلاً، ومحبًّا ومعظِّمًا له في ربوبيته وألوهيَّته، وأسمائه وصفاته، وهذا ما ميَّز أهْلَ السُّنة والجماعة عن سائر فِرَق المسلمين، وخصوصًا في باب الأسماء والصِّفات؛ حيثُ إنَّ مذْهبَهم هو إثْبات ما أثبَتَه الله لِنَفسه أو أثْبتَه له رسولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تَكْييف ولا تمثيل.
    وقد جاء في شرح أصول اعتقاد أهل السُّنة والجماعة (875) عن الوليد بن مسلم أنه قال: "سألتُ الأوزاعيَّ وسُفْيان الثَّوري ومالكَ بن أنس والليثَ بن سعْد عن هذه الأحاديث التي فيها الرُّؤْية، فقالوا: أَمِرُّوها بلا كيف".
    وجاء في الفقه الأكْبر لأبي حنيفة - نقلاً عن "اعتقاد الأئمة الأربعة" ص 9 -: "لا يُوصَف الله - تعالى - بصِفَات المخلوقين، وغضَبُه ورضاه صِفَتان من صفاته بلا كيف، وهو قول أهل السُّنة والجماعة، وهو يَغْضب ويَرضى، ولا يُقال: غضَبُه عقُوبتُه، ورِضاه ثوابُه، ونَصِفُه كما وصَف نفْسَه؛ أحَدٌ صمَدٌ، لم يلد ولم يُولَد، ولم يكن له كفُؤًا أحد، حيٌّ قادر، سميع بصير، عالم، يَدُ الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلْقِه، ووَجْهه ليس كوجوه خلقه".
    وقال - أيضا -: "لا ينبغي لأحد أن يَنطق في ذات الله بشيء، بل يَصِفُه بما وصَفَ به نفْسَه، ولا يقول فيه برأْيه شيئًا، تبارك الله وتَعالى ربُّ العالمين".
    وأخرج الهروِيُّ عن أشهب بن عبدالعزيز قال: "سمعتُ مالكًا يقول: إيَّاكم والبدعَ، قيل: يا أبا عبدالله، وما البِدَع؟ قال: أهل البدع الذين يتكَلَّمون في أسْماء الله وصفاته، وكلامِه وعلْمِه وقدرته، ولا يسكتون عمَّا سكَتَ عنه الصحابة والتَّابعون لهم بإحسان"؛ "ذم الكلام".
    وقال الشَّافعي: "أنْ يَبْتَلي اللهُ المرْءَ بما نهَى عنه خَلا الشِّرْك بالله - خيرٌ من أن يبتليه بالكلام"؛ "ذمُّ الكلام"، وقال الإمام أحمد: "لم يزل الله - عزَّ وجلَّ - متكلِّمًا، والقرآن كلام الله - عزَّ وجلَّ - غير مخلوق وعلى كلّ جهة، ولا يوصف الله بشيء أكثر مما وصَفَ به نفسه - عزَّ وجلَّ"؛ كتاب "المحنة" ص 68.
    وقال الإمام البربهاري في "شرح السنة" ص56: "وكل ما سمعتَ من الآثار ممَّا لم يَبْلغه عقْلُك نحْوُ قولِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((قلُوبُ العباد بين إصْبعَيْن من أصابع الرَّحْمن - عزَّ وجلَّ -))، وقولِه: ((إنَّ الله - تبارك وتعالى - يَنْزِل إلى سماء الدنيا))، و((يَنْزل يوم عرَفَة))، و((ينزل يوم القيامة))، و((جهنم لا يزال يطرح فيها، حتَّى يضعَ عليها قَدَمه - جلَّ ثناؤُه -))، وقول الله للعبد: ((إنَّ الله خلق آدم على صورته))، وقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((رأيت ربِّي في أحْسن صورة)) وأشباه هذه الأحاديث، فعليك بالتَّسْليم والتصديق والتفويض والرِّضا، لا تفسِّرْ شيئًا من هذه بِهَواك؛ فإنَّ الإيمان بهذا واجب، فمَن فسَّر شيئًا من هذا بهواه، أو رَدَّه فهو جهْمِي".
    وفي ذلك يقول ابن تيميَّة - رحمه الله -: "إنَّ الأئمَّة المشْهورين كلّهم يُثْبِتون الصِّفات لله - تعالى - ويقولون: إنَّ القرآن كلام الله ليس بمخلوق، ويقولون: إنَّ الله يُرَى في الآخِرَة، هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم، وهذا مذهب الأئمَّة المتْبُوعين، مثل مالك بن أنس والثَّوْري والليث بن سعْد والأوزاعي وأبي حنيفة والشَّافعي وأحْمد..."؛ "منهاج السنة" (2/106).
    ولعلَّ مِن أهمِّ المسائل التي كَثر الحديث عنها ما بيْنَ مثْبِت ونافٍ، هي صِفَة الصُّورة، وعلى الخصوص خَلْق آدم على صورة الرَّحْمن، فهذا بحْثٌ بسيط حول هذه المسألة، نحاول من خلاله الوقوفَ على القول الحقِّ الذي هو قول أهْل السُّنة والجماعة الذين يُثْبِتون هذه الصفة، خلافًا لغيرهم من الجهمية ومن تابَعَهم من أشاعرة وغيرهم.
    وقد جعلتُه من مقدِّمة، وسبعة مباحث، وخاتمة:
    المقدمة.
    إثبات صفة الصورة لله - جل وعلا.
    معنى الصورة لغة.
    سبب الخلاف بين العلماء.
    حجة من ضعَّف الحديث من العلماء.
    حجَّة من صحَّحه.
    الخلاف الحاصل حول ضمير على صورته.
    فَهْم السَّلف للحديث.
    خاتمة.
    إثبات صفة الصورة لله جل وعلا
    أخرج البخاري (6573) ومسلم (182) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ ناسًا قالوا لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: يا رسول الله، هل نَرَى ربَّنا يوم القيامة؟ فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((هل تضَارون في رؤْية القمر ليلةَ البدْر؟)) قالوا: لا يا رسول الله... وفيه: ((يجمع الله الناسَ يوم القيامة، فيقول: مَن كان يعبد شيئًا فلْيتبعه، فيَتبع مَن كان يعبد الشمسَ الشمسَ، ويتبع من كان يعبد القمرَ القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيتَ الطواغيت، وتَبقى هذه الأمَّة فيها منافقوها، فيأتيهم الله - تبارك وتعالى - في صورة غير صورته التي يَعْرفون، فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا يأتينا ربُّنا، فإذا جاء ربُّنا عرفناه، فيأتيهم الله - تعالى - في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: أنت ربنا، فيتبعونه...)) الحديث.
    وأخرج البخاري (3326) ومسلم (2841) وغيرهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعًا...)) الحديث
    وحديث ((رأيتُ ربِّي في أحْسن صورة))؛ رواه الترمذي (3235) وأحمد (2580).
    فهذه الأحاديث قد تضافَرَت في إثبات صفة الصُّورة لله - تعالى - على ما يَلِيق بجلال وجْهه وعظيم سُلْطانه؛ فهي صفة ذاتية لله، خلافًا لِمَن أنكَرَها من الجهميَّة ومَن تابعهم، فبهذه الأحاديث قد أثبَتَ أهْلُ السُّنة والجماعة صفةَ الصُّورة.
    ويقول ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث": "والَّذي عندي - والله تعالى أعلم - أنَّ الصُّورة ليست بأعْجَب من اليدَين والأصابع والعين، وإنَّما وقَع الإِلْف لتلك؛ لِمَجيئها في القرآن، ووقعَت الوَحْشة من هذه؛ لأنَّها لم تأتِ في القرآن، ونحن نؤْمن بالجميع، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حدٍّ".
    معنى الصورة لغة
    قال ابن الأثير: "الصُّورة تَرِد في كلام العرب على ظاهرها، وعلى معْنَى حقيقة الشيء وهيئته، وعلى معنى صفته"؛ "النهاية" 3/59.
    قال شيخ الإسلام: "لفظ الصورة في الحديث كسائر ما ورد من الأسماء والصفات التي قد يُسمَّى المخْلوق بها على وجْه التقْييد، وإذا أُطلِقت على الله اختصَّت به، مثل العليم، والقدير، والرحيم، والسميع، والبصير، ومثل خَلْقِه بيديه، واستوائِه على العرش، ونحو ذلك"نقض التَّأْسيس" 3/396.

    سبب الخلاف بين العلماء
    اتَّفق أهْلُ السُّنة والجماعة على إثبات صفة الصُّورة لله - جل وعلا - على ما يليق بِجَلاله وعظيم سلطانه، والخلاف بينهم محْصُور في مسألة "خَلْق آدم على صورة الرَّحْمن" فحَسْب، فمن صحَّحه أثْبتَ مُقْتَضاه، ومن ضعَّفه لم يجعله محَلاًّ لإثْباتها، ومَن افْترض صحَّته من الفِرَق الأخرى منهم أوَّلَه مشْيًا على قاعدتهم:
    وَكُلُّ نَصٍّ أَوْهَمَ التَّشْبِيهَا ♦♦♦ فَوِّضْهُ أَوْ أَوِّلْ وَرُمْ تَنْزِيهَا
    والحديث رواه عبدالله بن أحمد في "السُّنة" 498، وابن أبي عاصم في "السنة" 529، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/85، والدارقطني في "الصفات" 45، 48، وغيرهم من طريق جَرِير عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عَطَاء، عن ابن عمر مرفوعا: ((لا تقبِّحوا الوجْه؛ فإنَّ الله خلَقَ آدم على صورة الرَّحمن)).
    حُجَّة من ضعَّف الحديث
    عُمْدة مَن ضعَّف هذا الحديث هو ابن خزيمة - رحمه الله - في كتاب "التوحيد" 1/87 وقد أعلَّه بثلاث عِلَل:
    الأُولى: أنَّ الثَّوري قد خالف الأعْمش في إسناده فأرسَلَه.
    الثانية: عنعَنةُ الأعمش، وهي مردودة؛ لأنَّه مدلِّس ما لم يصرِّح بالسَّماع من حبيب بن أبي ثابت.
    الثالثة: لا يُعلَم لحبيب بن أبي ثابت سمَاعٌ من عطاء.
    ثم أضاف الشيخ الألباني - رحمه الله - علَّة رابعة، وهي تغَيُّر جرير بن عبدالحميد وسُوء حِفْظه، وقد اضْطَربت روايته برواية لفْظ ((على صورته)) عند ابن أبي عاصم 530، واللالكائي 716.
    وقد قوَّى الشيخُ طارق عوض الله هذه العلَّة في حاشيته على "المنتخب من العلل" للخلاَّل بذِكْر الإمام الدارقطني لتفرُّد جرير بن عبدالحميد عن الأعْمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء؛ انظر "المنتخب من علل الخلال" لابن قدامة ص 269.
    والخامسة: الانقطاع بين عطاء وابن عمر - رضي الله عنهما.
    حجَّة من صحح الحديث
    أمَّا بخصوص أنَّ ابن خُزَيمة ضعَّفه، فقد صححه مَن هو أجَلُّ منه، وهُما إسحاق بن راهويه وأحمد، ولا مُتَمسَّك لمن نفَى تصحيح أحمد لهذا الحديث؛ لأنَّ الاحتجاج فرْعُ التصحيح، ولا يُمْكِن للإمام أحمد أن يتَساهل في مِثْل هذا كما هو معلوم من أصوله.
    ثم إنَّ هناك نقْلاً نَقَله الحافظُ في "الفتح" 5/183، قال إسحاق الكوسج: سمعتُ أحمد يقول: هو حديثٌ صحيح، هذا إذا احتجَّ في تصْحيحه بالرِّجال، خصوصًا وأنَّ الإمام أحمد يَعلم إرسال الثوري، ولم يَقدح في الحديث عنده.
    من جهة أخرى فللحديث شواهد تقوِّيه:
    أوَّلُها: عند ابن أبي عاصم (1/ 227 - 228): حدَّثنا محمد بن ثعلبة بن سواء، حدَّثني عمِّي محمَّد بن سواء، عن سعيد بن أبي عرُوبة، عن قتَادة، عن أبي رافع، عن أبي هُرَيرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا قاتَلَ أحدُكم فليجتنب الوجْه؛ فإنَّ الله - تعالى - خلَقَ آدم على صورة وجْهه))؛ وإسناده صحيح.
    الشيء الذي يَمنع تفسير ضمير "على صورته" بآدم الَّذي جاء من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((إذا قاتَلَ أحدُكم فليتَّقِ الوجه؛ فإنَّ الله خلَقَ آدم على صورته))؛ "المسْنَد" (2/512) وغيره، غير أنَّ الشيخ الألباني ضعَّف زيادة: "على صورة وجْهه" وفي ذلك نظَر؛ لأنَّ الزِّيادة إذا كانت بيانًا، وليس فيها نوع مُنافاة، فلا شذُوذ فيها وهي مقبولة، كما قرَّره ابنُ الصَّلاَح في "مقدِّمته"؛ قال في النوع الثاني من أنواع الزيادات قال: "ألاَّ يكون فيه منافاةٌ ومخالَفةٌ أصْلاً لما رواه غيره...".
    ثانيها: ما رواه ابن أبي عاصم (533) من طريق ابن أبي مَرْيم، حدَّثنا ابن لهيعة عن أبي يونس سليم بن جبير، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من قاتلَ فلْيجتَنِب الوجه؛ فإنَّ صورة وجْه الإنسان على صورة وجْه الرحمن)).وابن لهيعة وإن رُمِي بسوء الحفْظ، فحَديثه يعتبر به، ويَصْلح في الشَّواهد والمتابعات.وقد أخرج ابن أبي عاصم في "السنَّة" (1/230) والدَّارقطني في "الصفات" (49) من طريق ابن لهيعة عن أبي يونس والأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلَّم - قال: ((إذا ضرَبَ أحَدُكم فليجتنب الوجه؛ فإنَّ صورة الإنسان على صورة الرحمن - عزَّ وجلَّ -)) وهذا إسناد رجاله ثقات، إلاَّ ابن لهيعة وهو يَصْلح في الشواهد والمتابعات.
    قال الحافظ في "النُّزهة": "ومتَى تُوبع السيِّئ الحفْظ بِمُعتَبر، وكذا المستور والمرْسِل والمدلِّس - صار حديثُهم حسَنًا، لا لذاته؛ بل بالمجموع".لذا صحَّح الحديث كلٌّ من الذَّهبي في "الميزان" والهيثمي في "مجمع الزوائد" وابن حجر العسقلاني في "الفتح"، ومن المعاصرين حماد بن محمد الأنصاري في رسالته "تعريف أهل الإيمان بصحة صورة الرحمن" وحمود التويجري في "عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن" والشيخ عبدالله الغنيمان في "شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري".

    الخلاف الحاصل حول ضمير "على صورته"
    اختَلَف العلماء في تفسير ضمير "على صورته" على ثلاثة أقوال:
    فقال ابن خزيمة ومن تابعه في كتاب "التوحيد" (1/84 - 85): "توهَّم بعض من لم يتَحَرَّ العلم أنَّ قوله ((على صورته)) يريد صورة الرحمن، عزَّ ربُّنا وجلَّ عن أن يكون هذا معنى الخبر، بل معنى قوله ((خلَقَ آدم على صورته)) الهاء في هذا الموضع كناية عن اسْم المَضْروب والمشتوم، أراد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ الله خلَقَ آدم على صورة هذا المضروب الذي أُمِر الضَّارب باجْتناب وَجْهِه بالضرب، والذي قبح وجهه".
    وهذا تكليف للُّغة ما لا تُطِيق، وقد وجَّه ابنُ تيميَّة الردَّ على هذا القول من ثلاثةَ عشرَ وجْهًا يرجع فيها إلى "نقض التأسيس".
    ويَكفي في ردِّ هذا القول أنَّ شيخ الإسلام نقَلَ عن الشيخ محمد الكرخي الشافعي أنَّه قال في كتابه: "الفصول في الأصول، عن الأئمة الفحول؛ إلزامًا لذوي البدع والفضول": "أمَّا تأويل مَن لم يتابِعه عليه الأئمَّة فغير مقبول، وإن صدَرَ ذلك عن إمام معروف غير مجهول، نحو ما يُنْسَب إلى أبي بكر محمَّد بن إسحاق بن خزيمة في تأويل الحديث: ((خلق آدم على صورته)) فإنَّه يفسِّر ذلك بذلك التَّأويل، ولم يتابعه عليه مَن قَبْلَه من أئمَّة الحديث".
    وبعد ذلك قال شيخ الإسلام: "قلتُ: فقد ذكَر الحافظ أبو موسى المَدِيني فيما جمعه من مناقب الإمام الملقَّب بقوام السُّنة أبي القاسم إسماعيل بن محمد التميمي صاحب كتاب "الترغيب والترهيب"، قال: سمعتُه يقول: أخطأ محمَّد بن إسحاق بنِ خزيمة في حديث الصورة، ولا يُطْعَن عليه بذلك، بل لا يُؤْخَذ عنه فحسب.
    قال أبو موسى: أشار بذلك إلى أنَّه قلَّ مِن إمام إلاَّ وله زلَّة، فإذا تُرِك ذلك الإمام لأجْل زلَّته تُرِك كثير من الأئمة، وهذا لا يَنبغي أن يُفعل"، ونفس الشيء أشار إليه الذَّهبي في "سِيَر أعلام النبلاء" (17/374).
    القول بعودة الضمير على آدم:
    وهو مَحْكيٌّ عن أبي ثَوْر إبراهيم بن خالد الكلبي، وبعض محدِّثي البصْرة، وهو منسوب إلى أهل الكلام.وهذا القول مردود بحديث ((خُلِق آدم على صورة الرحمن)) وفَهْمِ السَّلف له، وقد دَكَّ ابنُ تيميَّة هذا القول في "نقْضِ التأسيس"، والمانع من نقْله خوف الإطالة.
    الضمير عائد على الله - عزَّ وجلَّ -:
    وهذا القول هو قول جماهير السَّلف، كما حقَّقه شيخ الإسلام وانتصر له.
    حيث قال في كتابه "نقض التأسيس": "لم يكن بين السَّلف مِن القرون الثلاثة نِزَاع في أنَّ الضمير في هذا الحديث عائد إلى الله - تعالى - فإنَّه مستفيض من طرُق متعدِّدة عن عدَد من الصَّحابة، وسياق الأحاديث كلِّها تَدُل على ذلك، وهو أيضًا مذكور فيما عند أهْل الكتابَيْن من الكتب؛ كالتوراة وغيرها، وما كان من العِلْم الموروث عن نبيِّنا محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلنا أن نستشهد عليه بما عند أهل الكتاب، كما قال - تعالى -: ﴿ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 43] ولكنْ كان مِن العلماء في القرن الثالث مَن يكره روايته، ويَرْوِي بعْضَه، كما يكره رواية بَعض الأحاديث لِمَن يخاف أنْ يلم نفْسه، ويفسد عقله أو دينه....".وقد قيل غير هذه الأقوال، كما أنَّ بعْض المتأخِّرين أرجعوا الضمير إلى الله - عزَّ وجلَّ - غير أنَّهم أوَّلوا الصورة.
    وهي كما قال العلماء تصوُّرُها كافٍ في بُطْلانها، ومِن هذه الأقوال:
    أنَّ المراد بالصورة الصِّفة، وهذا مخالِفٌ للُّغة، فصار تأويلاً بلا دليل.
    أنَّ إضافة الصورة إضافةُ تَشْريف، وهي مَرْدودة بأنَّ إضافة التَّشْريف تكون في الأعيان لا المعاني.
    ومنهم مَن قال هي صورة يَخْلقها الله، فتقوُّل على الله بغير علْم، والنَّصُّ موجود، فإذا كان النصُّ موجودًا ولم تَقْبلوه، أفنَقبل قياسَكم الذي هو أوْهَى من بيت العنكبوت، بل هو مَحْضُ تخَرُّص بغير علْم، فما دام هذا القول عاريًا عن الدَّليل فلا وَزْن له.وقد استطرد شيخُ الإسلام في توجيه الردود على هذه الأقوال وغيرها، وقد أعرَضْتُ عن ذِكْرها؛ لأنَّها لا تساوي في الميزان العِلْمي شيئًا، وقد تكَفَّل شيخُ الإسلام بدكِّها من أساسها، فجزاه الله خيرًا عن المسلمين.
    كيف فَهِم السلف الحديث؟
    بعد أن ثَبَت لنا صحَّةُ حديث ((خلَق اللهُ آدَمَ على صورة الرحمن))، بَقِي أن نَبحث في فَهْم أئمَّة السَّلف له؛ هل أوَّلوه أو أنَّهم أثْبتوه على ما تقرَّر عند أهْل السنة والجماعة مِن إمْرارها كما جاءت بلا كيف؟
    قال شيخ الإسلام: "وقد ذكَر الخَلاَّل في السُّنة ما ذكَرَه إسحاق بن منصور الكوسج عن أحمد وإسحاق، أنَّه قال لأحمد: ((لا تُقَبِّحوا الوجه؛ فإنَّ الله خلَقَ آدم على صورته))، أليس تَقُول بهذه الأحاديث؟ قال أحمد: صحيح، وقال إسحاق: صحيح.
    وذُكِر عن يعقوب بن بختان أنَّ أبا عبدالله أحمدَ بن حنبل سُئِل عن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((خلَقَ اللهُ آدمَ على صورته)) قال الأعمش: يقول عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن عمر.
    قال: وسمعتُ أبا عبدالله، يقول: لقد سمعتُ الحميديَّ بحضرة سفيان بن عيينة وذَكَر هذا الحديث: ((خلَقَ الله آدمَ على صورته))، فقال: مَن لا يقول بهذا الحديث فهو كذا وكذا، يَعني من الشَّتْم، وسفيان لا يرُدُّ عليه شيئًا.
    قال المروزي: أظنُّ أنِّي ذَكَرت لأبي عبدالله عن بعْضِ المحدِّثين بالبصرة أنَّه قال: قوْلُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم – ((خلَق الله آدم على صورته))، قال: صورة الطِّين، قال: هذا جَهْمي، وقال: نسلِّم للخبر كما جاء، ورَوى الخَلاَّل عن أبي طالب مِن وجهين، قال: سمعتُ أبا عبدالله - يعني: أحمد بن حنبل - يقول: "مَن قال: إنَّ الله خلق آدَم على صورة آدم، فهو جهْمي، وأيُّ صورة كانت لآدم قبل أن يَخلقه؟"؛ انظر "شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري" للغنيمان.
    خاتمة

    لا ريب في أنَّ الصُّورة صفة ثابتةٌ لله - تعالى - بلا خلاف بين السَّلَف كما قُلْنا في أوَّل البحث، والخلاف مَحْصور في ضمير "صورته" هل يَصْلح حديثُ صورة الرَّحْمن مفسِّرًا له أو لا؟
    فتبَيَّن من خلال البحث أنَّ الحديث صحيح بلا شكٍّ، وأنَّ الَّذين ضعَّفوه قد كَلَّفوا طُرَقه ما لا تُطِيق من الطَّعن والنقد لِرَدِّه، وما ذلك إلاَّ لعدم سعَةِ عقولهم له، ولكنْ على فَرْض ضعْفه، أليس لنا في فَهْم السَّلف أُسْوَة؟
    ونحن نتغَنَّى باتِّباعهم، وهم قد فَهِموا وأثبتوا فلا يَسَعُنا إلا اتِّباعهم، وأنَّ مَن خالف في هذا ما معه إلاَّ تكَلُّفات وتفريعات ما تكَلَّفها أهل القرون الأولى.

    فالواجب هو إثبات أنَّ الله - تعالى - خلَقَ آدم على صورته - عزَّ وجلَّ - كما أخْبَر الحديثُ، وأنَّ هذا لا يَسْتَلزم التشبيه بل لا بد أن يكون ذلك في إطار قوله - تعالى -: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، فالله - عزَّ وجلَّ - سميع بصير، والإنسان سميع بصير، ومع ذلك فلم يَلْزَم أهْلَ السنة والجماعة من إثبات ما أثبَتَته النصوص من السَّمْع والبصر - تشبيهُ الله - تعالى - بخلْقِه الموصوفين بتلك الصِّفات - تعالى اللهُ عن ذلك علوًّا كبيرًا.
    وحديث الصورة المذكور هو من جملة النصوص التي أثبَتَ الله - تعالى - لنفسه فيها على لسان رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما هو - سبحانه - أعلم بكيفيته وكُنْهِه، وما على المؤمن الحقِّ إلاَّ التَّسليم له - تعالى - فيما أخبر، وإثبات ما أثبت.
    هذا، وما كان من توفيق فَمِن الله وحْدَه، وما كان من خطأٍ فمنِّي ومن الشيطان، والله ورسولُه منه برَاء.
    وصلَّى الله وسلَّم وبارك على سيِّدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/25154/#ixzz5X9cOjhj5
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    من المؤسف بعد كل المشاركات التي بينت ضعف رواية حديث " على صورة الرحمن " يأتي من يستدل بها ! وينقل فتاوى تستدل به .!!
    فحجة من يعيد الضمير إلى الله سبحانه هو حديث " على صورة الرحمن " وهو ضعيف لا يصح ولن يصح ولا يحل الاستدلال به على مسألة فقهية فرعية بله العقيدة !! .
    ومن ضعفه بين علله بالتفصيل ومن صححه لم يبين حجته ولم يدفع علل من ضعف الحديث .
    وهذا ليس من العلم في شيء .

    علَّك تراجع هذا الكلام.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    سأفعل . تدَّلل
    .
    .
    .
    قرأت ما يتعلق بالحديث ولم يفلح الكاتب بدفع حجج من ضعفه .
    وسأبين ذلك في وقت لاحق إن شاء الله

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعيصفي مشاهدة المشاركة
    سأفعل . تدَّلل
    وأنت خير من يتدلل عليه .
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •