من المعلوم أن كلمة عورة في عرف المحدثين تعني أن الحديث فيه علة أو خطأ ، قد كشف عنها كما إذا كشف عن العورة .

قال الشافعي رحمه الله في الرسالة ص 379 :
(( ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته في روايته ، وليست تلك العورة بكذب فيرد بها حديثه ، ولا على النصيحة في الصدق فنقبل منه ما قبلنا من أهل النصيحة في الصدق ، فقلنا ، لا نقبل من مدلس حديثاً حتى يقول : حدثني أو سمعت )) .

الحديث الأول :
1324- وسألتُ أبِي عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ جرِيرُ بنُ حازِمٍ ، عن مُحمّدِ بنِ الزُّبيرِ ، عن أبِيهِ ، سمِعتُ عِمران بن حُصينٍ ، يقُولُ : قال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لا نذر فِي غضبٍ ، وكفّارتُهُ كفّارةُ يمِينٍ.
قال أبِي : رواهُ جماعةٌ ، مِنهُم : يحيى بنُ أبِي كثِيرٍ ، والثّورِيُّ ، وأبُو بكرٍ النّهشلِيُّ ، وغيرُهُم قالُوا : عن مُحمّدِ بنِ الزُّبيرِ ، عن أبِيهِ ، عن عِمران بنِ حُصينٍ ، ولم يذكُرُوا السّماع كما ذكرهُ جرِيرُ بنُ حازِمٍ.
ورواهُ عبدُ الوارِثِ ، عن مُحمّدِ بنِ الزُّبيرِ ، عن أبِيهِ ، عَمَّن سمِع عِمران بن حُصينٍ ، عنِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
قال أبِي : حدِيثُ عَبدِ الوارِثِ أشبهُ ، لأنّهُ قد بيّن عورة الحدِيثِ.اهـــ

الحديث الثاني :
1719- وسألتُ أبِي عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ عبدُ الرّزّاقِ ، عن جعفرِ بنِ سُليمان الضُّبعِيِّ ، عن حُميدٍ الأعرجِ ، عن مُجاهِدٍ ، قال : كُنتُ عِند ابن عُمر فقرأ : ( وإِن تُبدُوا ما فِي أنفُسِكُم أو تُخفُوهُ يُحاسِبكُم بِهِ اللَّهُ ) فدخلتُ على ابنِ عبّاسٍ فذكرتُ ذلِك لهُ ، فقال : يرحمُ اللَّهُ ابن عُمر، إِنَّ هذِهِ الآية حِين أُنزِلت غمّت أصحاب رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فقالُوا : يا رسُول اللهِ هلكنا ، فنزلت : لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت.
قال أبِي : كُنتُ مُعجبًا بِهذا الحدِيثِ حتّى أصبتُ لهُ عورةً : رأيتُ فِي رِوايةِ أبِي ظُفرٍ ، عن جعفرِ بنِ سُليمان ، عن حُميدٍ الأعرجِ ، عنِ الزُّهرِيِّ ، عن رجُلٍ ، عنِ ابنِ عُمر ، عنِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
قال أبِي : وهذا الرّجُلُ هُو سعِيدُ بنُ مُرجانة ، ومِنهُم من يروِي عنِ الزُّهرِيِّ ، عن سالِمٍ ويُخطِئُ فِيهِ ، وأكثرُهُم يقُولُون : عن سعِيدِ بنِ مُرجانة ، فعلِمتُ أنَّ حدِيث عَبدِ الرّزّاقِ خطأٌ.اهـــ

الحديث الثالث :
1724- وسمِعتُ أبِي يقُولُ : كان مُحمّدُ بنُ المُصفّى يروِي دهرًا مِن الدّهرِ ، عن بقِيّة ، عن شُعبة ، عن مُجالِدٍ ، عنِ الشّعبِيِّ ، عن شُريحٍ ، عن عُمر بنِ الخطّابِ ، عنِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تلا : إِنَّ الّذِين فارقُوا دِينهُم.
قال أبِي : وجدتُ عورة هذا الحدِيثِ عِند عَمرِو بنِ عُثمان ، قال : حدّثنا بقِيّةُ ، قال : حدّثنا الثِّقةُ ، عن مُجالِدٍ ، فعلِمنا أنّهُ أخطأ فِيهِ.اهـــ

الحديث الرابع :
2522- وَسَأَلْتُ أَبِي ، وَأَبَا زُرْعَةَ ، عَنْ حَدِيثٍ ؛ رَوَاهُ مَعْمَرٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : لَمْ يُقْسَمِ الرِّفْقِ لأَهْلِ بَيْتٍ إِلاَّ نَفَعَهُمْ ، وَلَمْ يُعْزَلْ عَنْهُمْ إِلاَّ ضَرَّهُمْ.
فَقَال : هَذَا خَطَأٌ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : أَخْطَأَ فِيهِ مَعْمَرٌ.
قَالَ أَبِي : إِنَّمَا هُوَ رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ ، وَعَبْدَةُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ أَبِي طُوَالَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، مرسلاً ، وَأُمِّ حَبِيبَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ أَبِي : وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مَعْمَرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الرِّفْقِ : هَذَا الْحَدِيثُ.
قَالَ أَبِي : فأدخل قوم لا يفهمون علة هَذَا الْحَدِيث فِي مسند الوحدان ، وقالوا : ما أسند عُبَيْد الله بْن معمر ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : هَذَا وَهْمٌ أيضا ، إنما أراد حَمَّاد : هِشَام ، عَنْ أَبِي طوالة عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن معمر ، ولم يضبط ، وغلط فيه معمر وحماد ، والحديث حَدِيث أَبِي مُعَاوِيَة ، أبدى عورة حديثهم.اهـــ

الحديث الخامس :
2721- وَسَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثِ بَشِيرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ ، عَنِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ فِي قِصَّةِ الْجَسَّاسَةِ ، مَا عِلَّتُهُ ؟ فَقَالا : لَهُ عَوْرَةٌ.
قُلْتُ : وَمَا هِيَ ؟ قَالا : رَوَى عَبْدُ الْوَارِثِ ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ ذَكْوَانَ الْمُعَلِّمِ ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فِي ذَلِكَ.
قَالا : فَأَفْسَدَ هَذَا الْحَدِيثَ حَدِيثُ بَشِيرٍ. اهـــ