تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: أحدهم استيقظ في ذاكرتي.. وأنا أريد أن أنام

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,820

    افتراضي أحدهم استيقظ في ذاكرتي.. وأنا أريد أن أنام

    الثريد
    أ. محمود مفلح




    بأيِّ كفٍّ أخطُّ الحرفَ يا قلمُ
    وما غناؤُكَ والأهوالُ تقتَحِمُ

    وما عرفْتُ سوى الأحزانِ لي رَحِماً
    متى ستطلقُني من ليلِها الرَّحِمُ؟

    كلُّ العصافيرِ في أعشاشِها انتحرَتْ
    ولا يُحلِّق إلا البومُ والرَّخَمُ

    وللسياطِ على أجسادِهم طُرُقٌ
    كيما يمرَّ عليها الفارسُ العَلَمُ

    كم يفتكونَ بنا والصمتُيلجُمُنا
    فلا تثورُ على جزارِها الغَنَمُ

    ها إنَّ إسْريلَ قدْ دكَّتْ حصونَكُمُ
    ومَرَّغَتْ في وحولِ العارِ وَجْهَكُمُ

    أذلَّةٌ وكتابُ اللهِ يَدمَغُهُم
    فكيفَ يدمغُنا يا قومُ ذُلُّهُمُ؟!

    ليتَ الهوانَ الذي قدْ مسَّ أُمَّتَنا
    قدْ صبَّهُ في كؤوسِ الحقدِ غَيرُهُمُ


    وليتَ مَنْ ذَبحوا التاريخَ يا وطني
    وزيَّفُوهُ وباعُوا سيفَهُ عَجَمُ



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,820

    افتراضي رد: ستار (قصة قصيرة)

    ستار (قصة قصيرة)
    عبير عبدالله







    قاومتُ فضولي كثيرًا؛ لمعرفة صاحب الصوت الرخيم الخاشع في صلاة التراويح، أعجبتني دروسُه القصيرة في الفاصلة بين ركعات التراويح، أشعرُ كأنه يكلمني أنا، ويلقي عليَّ مواعظه، يشرح لي أشياء ربما تكون بديهية، ولكن لطول بعدنا وانشغالنا بالدنيا لم أفهمها أو حتى أقف عندها!


    استغفرت ربي كثيرًا، وأنا أحاول معرفة تفاصيل هذا المسجد العجيب في راحته الذي لم أدخله إلا هذا الشهر الكريم رغم قربه من منزلنا؛ لظني عدم وجود مكان للنساء فيه.
    أزحت الستار قليلًا في المنطقة التي تفصل بين ستارين بمشابك الغسيل بطريقة بدائية، لكن فعَّالة جدًّا تؤدي الغرض...، هاها!


    لم أتوقَّع أن تلتقي عينانا عندما نظرت من خلال الثقب الذي صنعته بيدي - وكأنه عفو - بعد تغييري لموضع صلاتي، نظرة لا تنسى!
    أنا بعيوني الوسنانة شديدة السواد، بحاجبيَّ الثقيلين الأسودين في غير تهذيب يضفي عليَّ براءةً لا تقاوم، مع بياض بشرتي المشرب بحمرة، لم أحترس لشدة تفجُّرها بمجرد شعوري بالخجل، فأرخى عينيه بسرعة وقد أدركت تلعثمه الخفيف وحركة يديه، وكأنه يبعد عنه شيطانًا - لذيذًا - سامحني الله.


    تَعَثَّرَتْ وهي تقوم منحنيةً متساندةً على مساند الكراسي؛ لتصلَ إلى عكازها، سارعتُ فناولتُها إيَّاه، وقدَّمتُ لها ذراعي لتستندَ إليه حتى باب المسجد.
    ناوليني كوبَ ماء يا بنتي، فقد جفَّ ريقي من الصيام والسكر، عافاك الله وحرسك لشبابك.
    أين حذائي؟ آه يا ظهري...
    تسلمي يا بنتي، وخذي هذه الزجاجة الفارغة، واملئيها عرقسوس.
    نظرت لها متعجبةً...


    خلفَ الستارِ، في المكان الفاصل بين الرجال والنساء ستجدين كولمان للعرقسوس وآخر للتمر وغيرهما، لا تترددي يا بنتي، يكفيك ربنا شر المرض.
    وأزاحت لي الستار لأخرج...
    وجدت طفلين جميلين يحملان أكوابًا ويوزِّعانها على المصلين، أشار إليَّ أحدهما...


    عرقسوس؟ أم قمر الدين؟ أم كركديه؟
    عرقسوس.
    الأخير على الشمال.
    ملأتُ لها الزجاجة، وأنا أتعجبُ لجرأتي في تخطِّي عتبةِ النساء، وسماعي كلامَ هذه المرأة العجوز، حمدت الله لقدرتي على خدمتها، وأنا لا أستطيع أن أنازع نفسي شغفًا من التطلع إلى المسجد ومعرفة أبعاده، رغم خفضي نظري أغلب الوقت؛ حتى لا يقع قلبي في الرياء والفتنة!


    لم أتنبه إلى الحقيبة المركونة تحت الكرسي، التي أمسكت بها وهي تتلفَّت حولها...
    والله هذه الحقيبة ثقيلة، ذهب الشبابُ يومَ كنت أحمل أضعافها دون أن أتأثَّر...
    تقدَّمَتْ مُصلِّيةٌ شابةٌ!
    عَنِّكْ أَنْتِ يا حاجَّةْ.
    وسارت معنا...
    أليس لك أولاد؟
    ليس لهم قيمة، الله يصلح حالهم، يتركونني وحيدةً ولا يسألون عنِّي.
    ربنا يهدينا ويهديهم، كلنا أولادك.
    تنبهتُ إلى من التفت إلى صوتي، فخفض بصره حياءً وأسرع.
    ابتسمتُ في نفسي، وقد تأكَّدْتُ يومًا بعد يوم أنه قد عرفني ويمنع نفسه.
    التفت إلى زميلتي، فابتسمت.


    هو شيخنا، شاب على خلق ما شاء الله أبوه رحمه الله شيخٌ جليلٌ، كان صديقًا لأبي، والطفلان الرقيقان اللذان يسقيان الناس ويوزِّعان الحلوى والعصائر هما ابناه.

    رغم أنه يمكنه مساعدة أكثر شباب المسجد وشاباته، فإنني لا أدري لماذا تعطَّل تنفيذُ الأمر القرآني؛ ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ ﴾ [النور: 32]؟!


    ابتسمنا ونحن نتهرَّب من هذه العجوز، وقد طلبت منا صنع صينية كنافة في بيتها، رغم تأخُّر الوقت، واكتشافنا أن لديها بنات يزُرْنَها، وحفيدين مراهقين يعيشان معها.
    في اليوم التالي عند اتخاذي المكانَ نفسَه، وجدت الستارين قد خيطا معًا في الموضع الذي أنظر منه، حمدت الله واستغفرته وأنا أصارع وحشًا كاد يفتك بي.
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,820

    افتراضي رد: سر الحجر

    سر الحجر
    السيد شعبان جادو


    المرور من هذا المكان يُثيرُ في نفسه الخوفَ، تنتابه حالةٌ من الذعر، يا له مِن حَجَر يتَّشِح بكثير من الأسرار، ثَمة رسوماتٌ لا يستطيع التعرُّف عليها، الخيوطُ متقاطعةٌ، الأشكال التي عليه تدلُّ على شيء ما، أي يدٍ فعلت هذا بحجرٍ وضع في مكان ناءٍ!

    الصغار يصعدون فوقه يلعبون في عفوية، النسوة التي أصابت أرحامَهن الملوحةُ أو ضربهن العقم، تأتين إلى هنا، قِيلت حكاياتٌ لا تحصى، الحجر هذا جاء مع النيل، حمله جنِيٌّ يتبعه تمساحٌ، البعض لم يُصدِّق، الأكثرون تحاشَوا المرور بجواره، إنه مسحورٌ، يضيء في الظلام، تخرج منه أشعةٌ ملوَّنة، تسكنه جنيَّة النهر، لعينَيْها جمال آسِر، ولقوامِها الممشوق تدلُّل، شَعرُها الأصفر الذي تغازله نسائمُ الهواء له فتنةٌ، استلبت عقلَه، هام بها، يقف كل ليلة خلف شجرة السنط العجوز ينظر إليها، ولأنها من الجنِّ عرفَتْه، أخذت تعابثه، تظهر كل آونة بشكل مختلف، أحبها، وكثير من الحب جنون!

    كانت حارسة الحجر، قُيِّدت به لا تغادره، المارد ربط قلبَها بالحجر، بلغت من العمر عقودًا لا تُعَد، قيل: منذ ما يقارب ألف عام وهي هنا، ثمة حبٌّ يُبدِيه للحجر، البشر والحجر سواء، جديلتانِ من شِعرٍ التفَّتا، تعشقته، أما هو، فلا سبيل إليها، في الليلة الفائتة غازَل القمرُ وجهَ الحجر، أبان عن رمزٍ أخفاه المارد، به إشارةٌ عابرة، الحجر يحمل خارطة تؤدي إلى ممر تحت النهر، وآخر عبر السهل، أما الأول، فقد أشار إلى امتداد الصحراء، وأما الآخر، فالشيخ الأخضر يحمله إلى البقعةِ المباركة في جانب الوادي الأيمن.

    أبانت عن جمال فاتنٍ، لم تكن جنيَّة مثلما أشيع عنها.
    أخبرته: إنها فتاة فرت من هول إيزابيلا الشريرة، حاولت أن تقتلها، أوصَتْ بمن يلقيها في البحر، وهل يعقل أن تعيش امرأةٌ ألفَ عام؟
    في ذعرٍ فرَّ هاربًا، وعند شجرة السنط أصابَتْه إغماءة، مسحَتْ بيدَيْها على رأسه، هذه نهايتي أن أمس بشرًا سويًّا!
    آن لها أن تتكلم، ألف عام وعام تكفي لأن تتحدث!

    السر وجب عليَّ أن أبوح لك به، الحجر مخزن أسرار بني الأحمر، وضَعوه هنا، كلَّفوا المارد أن يرحل به بعيدًا؛ ولأنه قوي حمله على ظهره، أردفني خلفه، يومًا ما كنت الأميرة، كان شرطه أن أبقى هكذا، أداعب القمرَ ألف عام وعامًا، حتى يبقى الحجر؛ ولأن إيزابيلا شيطانة تبعَتْنا حتى مدخل الثغر، عند رشيدٍ توقَّفت سفنها، في النهر جِئنا نحن الثلاثة، الحجر والمارد وأنا!

    في ذلك الموضع ثبت الحجر، المارد يتركنا عند منتصف الشهر، حين يكون القمر بدرًا، لا يقوى أن يراه يُغازِلني، أعلم أنه يحبني، لو مسَّني لتحول إلى حجر أسود، ومن ثم تنكشف أسرار الحجر، يهوذا يطوف بالبراري ليعرف موضعنا.

    لا تخبر أحدًا، ستصاب بلعنة الحجر، تنفتح كُوَّة بالسد، الفأر الأبيض يبتلع النهر، الصغار سيصابون بالجذام، أطرافُهم ستتآكل، أما النسوة، فسيلدن أطفالًا لهم وجوه الماعز!

    لا تقترب رجاءً، دعني فأنا أسيرة ألف عام، ليتَني كان لي طفل جميل، أصابَتْني الملوحة، الليل مُوحِش، الهمسات اشتياقٌ، الثوب المخملي المطرز بضوء القمر أحنُّ كثيرًا إليه، اللهو عبر السهل، أشعار ابن زيدون، أما تعرِفني؟ أنا ولادة لكن للأسى عدتُ بلا ولدٍ!




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •