♦ ملخص السؤال:
شاب خطب فتاة، ولكن ثقتُه مهزوزة في نفسه، ويعاني من تشتت الذهن، ويشكُّ فيمَن حوله أيضاً... وهو الآن يريد العودة إلى طبيعته النفسية.


♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بدايةً أشكركم جزيل الشُّكْر على هذا الصَّرح الطَّيِّب الذي يحتضن الكثير مِن القلوب الموجوعة والتائهة، فيرويها بالحكمة والنُّصح والإرشاد.


أنا شابٌّ عمري 27 عامًا، أعمل أستاذًا، خطبتُ فتاةً ولم أعقدْ عليها بعدُ، الفتاة أخلاقُها طيبةٌ، وتخاف الله، وتُجيد الحوار، وهبَها الله ذكاءً وفطنة، وأنا الحمدُ لله موهوب وذكي، لكن قيَّدَتْني الذنوب؛ فأنا أُشاهد الأفلام والأغاني وأُمارس العادة السِّريَّة.


ابتعدتُ عن الله تعالى، وأصبحتُ أعاني مِن التشتُّت الذِّهني، واضطراب المزاج، واهتَزَّتْ ثقتي بنفسي!


أصبحتُ حسَّاسًا جدًّا، أشك في نيات الناس، وأخاف أن يُؤثِّر هذا على حياتي الزوجية، حتى إنني اطَّلَعْتُ على حساب التواصل الاجتماعي لخطيبتي بدون معرفتِها، والحمد لله وجدتُها كما توقَّعْتُ تخاف الله، وهذا أراحني كثيرًا.


كيف أرجع إلى طبيعتي النفسية، فلا أريد أن أَظْهَرَ ضعيفًا أمام خطيبتي الذكية الواثقة المحاورة عكسي أنا، وزواجي بعد أشهُر قليلة؟


• هل أنا مخطئ في تجسُّسي عليها بدافع الغيرة؟ وهل أُصارحها بذلك؟


• أحسُّ أحيانًا بعدم التوافق بيننا، وأنها لا تناسبني فهل هذا طبيعي؟


وجزاكم الله خيرًا


الجواب


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
في البداية نُرحِّب بك أخانا وابننا الكريم عبر شبكة الألوكة، ونسأل الله لك حياةً سعيدةً مُوفَّقة.
وشكرًا لك على إعجابك بشبكة الألوكة وثنائك عليها، ونسأل الله أن يجعلنا عند حُسن ظنك.


بالنسبة لاستشارتك حول مشروع الزواج الذي أقدمتَ عليه، فنُبارك لك الخطوة الطيبة المباركة، ونسأل الله لك تمام المشروع، فالزواجُ مِن الفضائل العظيمة الطيبة المحبَّبة إلى النفوس، وله دورٌ عظيم في الراحة والسعادة والسكن والطمأنينة؛ يقول تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، وكونُك وفِّقتَ ورزُقْتَ بامرأةٍ ذات دين، فهو المطلوبُ والمرغوبُ الذي حث عليه الرسولُ صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((فاظْفَرْ بذات الدين تَرِبَتْ يداك)).


ومثلُ هذه الفتاة التي ذكرتَ نعمةٌ وهِبَةٌ مِن الله، فاحرصْ عليها، واشكر الله المُنْعِم المتكرم، ومِن مُقْتَضَيات الشكر لله طاعته وعدم معصيته، وإن حصَل منك شيءٌ مِن التفريط والوُقوع في بعض الأخطاء والمعاصي فعندك بابُ التوبة مفتوحٌ، فسارِعْ إليه ولا تتأخَّرْ، واعلمْ بأن الله يَفْرَح بتوبة التائبين، بل يُبدل سيئاتهم إلى حسنات؛ قال تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70].


وحتى تكونَ التوبةُ صادقةً وكاملةً فلا بد مِن اكتمال شروطها؛ مِن الإقلاع عن المعاصي، والندَم والعزم على عدم العودة، ومَن تاب تابَ اللهُ عليه وطَهَّره، فكن كذلك ابني الحبيب، وابدأْ حياةً جديدةً طيبةً نقيةً، ولا تلقِ بالًا إلى الماضي ولا تتحدَّثْ فيه، ولا داعي لذِكْر أخطائك للآخرين حتى للزوجة.


أما إحساسُك بعدم التوافق فسوف يَتَغَيَّر بعد التوبة بإذن الله، فالتوبةُ سوف تُغَيِّر أمورًا كثيرةً في حياتك إلى الأحسن والأفضل.


بل سوف تُغَيِّر في مشاعرك وأحاسيسك وأفكارك وسلوكك وسعادتك، وحتى تَثْبُت على الطاعة عليك بالمسجد وصحبة الصالحين، وحضور مجالس العلماء والدعاة.


وأنت قد شخَّصْتَ نفسك بتقييد الذنوب لك، مع أنك موهوبٌ وذكيٌّ، فاستغلَّ ذكاءك في التلذُّذ بطاعة ربك وعبادته والقُرب منه، والتحرُّر مِن الشيطان وأعوانِه.


كنْ أستاذًا في الدعوة إلى الله، وتوجيه الآخرين إلى الاستقامة والسير على طريق سيد المرسلين، وخاصة أنك أستاذ ومعلم وتستطيع التأثير في الآخرين، ولا تُبالِ بوساوس الشيطان الذي يريد أن يُثنيك ويُبعدك لتكونَ مِن أتباعه وجنوده، وطبيعي أن يبثَّ وساوسه، ولكنك سوف تنتصر عليه بإذن الله؛ ﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76].


وفي الختام نقول: إنَّ الزواج أيضًا سوف يكون عونًا لك في الطاعة والاستقامة، وخاصة عندما تكون الزوجة مثل الفتاة التي ذكرت.


نسأل الله لكما سعادة الدارين




رابط الموضوع: http://www.alukah.net/fatawa_counsel...#ixzz49wuZjl1v