تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 26 من 26

الموضوع: مقتطفات شرح بلوغ المرام كتاب الصيام للشيخ عبدالكريم الخضير

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    اللهم آمين وإياكم أم أروى، أم يعقوب
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- ((أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس ثم دعا بقدحٍ من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه، فشرب ثم قيل له بعد ذلك إن بعض الناس قد صام فقال: ((أولئك العصاة أولئك العصاة)). وفي لفظٍ قيل له: إن الناس قد شقّ عليهم الصيام وإنما ينتظرون فيما فعلت. فدعا بقدحٍ من ماء بعد العصر فشرب)). [رواه مسلم].

    وعن حمزة بن عمرو الأسلمي -رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله: ((إني أحد فيّ قوةً على الصيام في السفر فهل عليّ جناح؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه)). [رواه مسلم وأصله في المتفق عليه من حديث عائشة أن حمزة بنَ عمروٍ سأل].



    يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- ((أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس))،
    خرج عام الفتح لعشرٍ خلون من رمضان لفتح مكة فصام -عليه الصلاة والسلام- يعني من خروجه إلى أن بلغ كراع الغميم، وهو وادٍ أمام عسفان، وفي بعض الروايات: ((حتى بلغ عسفان))، وفي رواية: ((حتى بلغ الكديد))، وهي أماكن متقاربة، يشملها عسفان والبقية من أعماله،
    فالاختلاف لما بلغ كراع الغميم فصام الناس، الآن صيامه هذا -عليه الصلاة والسلام- ابتدأ من المدينة وكراع الغميم وعسفان على مراحل من المدينة، ثلاث مراحل من المدينة، إذاً صيامه هذا في اليوم الذي شرع فيه في صيامه من المدينة أو في يومٍ شرع فيه الصيام من في السفر؟ الآن هذا اليوم الذي أفطر فيه لما بلغ كراع الغميم بدأ في صيامه بالمدينة؟ أو بدأ صيام هذا اليوم من السفر، في أثناء السفر؟
    ...يعني من باب أولى الأيام التي قبله صام؛ لأن هذه المسألة ثلاث مراحل تحتاج إلى أيام، شرع في الصيام بالمدينة، وأكمل في السفر اليوم الأول والثاني ثم أنشأ الصيام في اليوم الثالث في السفر ثم أفطر لما بلغ كراع الغميم،

    نحتاج هذا الكلام لماذا؟ لماذا نحتاج مثل هذا الكلام، وش الفرق بين أن يبدأ الصيام في السفر أو يبدأه في الحضر؟
    ...لأن من أهل العلم من يرى أنه إذا شهد أول اليوم في الحضر ليس له أن يفطر، ومنهم من يرى أنه إذا صام أول النهار في الحضر ثم تلبس بالسبب المبيح للفطر له أن يفطر، سواء ابتدأ الصيام في السفر أو في الحضر، لا فرق. فنحتاج لمثل هذا التفصيل لمعرفة منشأ القولين،
    من كان منكم مريضاً أو على سفرٍ فعدة. أولاً في الحديث ما يدل على الصيام في السفر، وصام النبي -عليه الصلاة والسلام- في السفر، وصام الصحابة في السفر، بصحبته -عليه الصلاة والسلام-، وكان منهم الصائم ومنهم المفطر، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم.
    فالصوم في السفر صحيح، خلافاً لمن أبطله، وقال إنه لا يجزئ لأن الله تعالى يقول: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ}
    يعني يلزمه عدة، وإذا لزمته العدة هل يجمع بين البدل والمبدل منه؟ يلزمه البدل، لكن إذا لزم البدل هل يجمع بينه وبين ما أبدل منه، لا على قولهم، لكن الجمهور يقدرون في الآية يقولون: فمن كان منكم مريضاً أو على سفرٍ فأفطر فعدة من أيام أخر. فالواجب عليه عدة من أيام أخر.
    فلا يجب عليه عدة إلا إذا أفطر، وهذا التقدير لا بد منه بدلالة الأحاديث الصحيحة الصريحة، وأنه لا يلزمه عدة من أيام أخرى إلا إن أفطر.((خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس))، يعني صام الناس معه ((ثم دعا بقدحٍ من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب فقيل له بعد ذلك إن بعض الناس قد صام)). أفطر النبي -عليه الصلاة والسلام- بمرأى الناس، فيدل على جواز الفطر في أثناء النهار في رمضان إذا قام السبب المبيح للفطر، إذا قام السبب المبيح للفطر، وهو هنا السفر، والسفر مأخوذ من الإسفار وهو البروز والوضوح والظهور ومنه السفور بالنسبة للمرأة التي تبرز شيئاً مما يجب تغطيته؛ فالسفر الأصل فيه البروز فلا ينطبق الوصف حتى يسفر ويخرج عن البلد ويبرز عنه، ويتلبس بالوصف المبيح للفطر، ((حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس ثم دعا بقدحٍ من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب، فقيل له بعد ذلك بعد أن أفطر ورآه الناس واستمر بعض الناس على صيامه فقال: إن بعض الناس قد صام فقال: أولئك العصاة أولئك العصاة)).
    وجاء في الحديث الصحيح: ((ليس من البر الصيام في السفر)). أولئك العصاة، وليس من البر الصيام في السفر، {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، هذه يستدل بها من لا يرى الصوم في السفر. لكن الذين يرون الصيام في السفر هم الجمهور. على خلافٍ بينهم في الأفضل الصيام أو الفطر، يقولون النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت بالنص القطعي أنه صام في السفر وصام الصحابة معه، فلا بد من حمل قوله: ((أولئك العصاة))وقوله: ((ليس من البر))على حالةٍ معينة للتوفيق بين النصوص.
    أولئك العصاة الذين شقّ عليهم الصيام.
    فيكون عندنا مراتب، شخص سافر والصيام لا يشق عليه بحال بل قد يكون حاله أثناء السفر أيسر وأحسن له من حاله حال الحظر، مثل هذا يصوم، والصيام أفضل لعموم قوله: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ}.
    وشخص يصوم تلحقه مشقّة مثل المشقة اللاحقة بالحاضر أو تزيد عنها قليلاً مثل هذا مخيّر، إذا زادت المشقة فالفطر أفضل، إذا زادت المشقة بحيث يحصل معها حرج ((أولئك العصاة))، ((وليس من البر الصيام في السفر))، هذا التفصيل لا بد منه من أجل إيش؟ التوفيق بين النصوص، وفي لفظ فقيل له: ((إن الناس قد شقّ عليهم الصيام،وإنما ينظرون فيما فعلت فدعا بقدحٍ من ماءٍ بعد العصر فشرب)). [رواه مسلم]،
    بعض الناس يشق عليه الصيام. لكن يقول بقي الآن ساعة أو ساعتين بتحمل. هل نقول أن المشقة اللاحقة له بالقضاء أشد من المشقة اللاحقة في هذه المدة اليسيرة يستمر صائم ولو شق عليه الصيام؛ لأن بعض الناس الذي ما تعود على الصيام القضاء أشد عليه من نقل جبل، فيقول أكمل هذي الساعتين على أي حالٍ تكون ولا يبقى في ذمتي صيام يوم كامل وأصوم والناس كلهم مفطرون فبعض الناس يشق عليه الصيام فينظر، لا شك أنه إذا شق عليه الصيام أثناء السفر بحيث يتضرر من صومه لا شك أنه عاصٍ بصيامه.
    ولذا أفطر النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال: بالنسبة لمن شق عليهم أولئك العصاة.
    من شرع في الصيام في الحظر ثم طرأ عليه السفر كثير من أهل العلم يرون أنه ليس له أن يفطر، وأجاز الإمام أحمد وجمع من أهل العلم أنه تلبس بالسفر إذاً له أن يفطر، ما دام السبب قائماً، والحديث الذي يليه.

    يقول وعن حمزة بن عمرو الأسلمي -رضي الله عنه- أنه قال: ((يا رسول الله إني أجد بي قوةً على الصيام في السفر))، وفي روايةٍ: ((إني أسرد الصوم فهل عليّ جناح)) يعني أن أصوم في السفر، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((هي رخصة))، {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.
    هذه رخصة؛ لأن الأصل أن من استطاع الصيام يلزمه الصيام، {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}،
    ومن لم يشهد بأن كان مسافراً فجاءت الرخصة في حقه، وهي رخصة من الله ومن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه، النص يدل على أن الفطر أفضل من الصيام؛ لأن كون الشيء حسناً أفضل من رفع الجناح عنه، فمن أخذ بها الرخصة والله -جل وعلا- يحب أن تؤتى رخصه، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه والمسألة على ما مضى من تفصيل. رواه مسلم وأصله في المتفق عليه من حديث عائشة أن حمزة بن عمروٍ سأل، يعني المتفق عليه الحديث من مسند عائشة، والذي تفرد به مسلم الحديث من مسند حمزة.
    يعني إذا أردت أن تبحث عن هذا الحديث في تحفة الأشراف، تبحث عنه في مرويات حمزة وإلا في مرويات عائشة؟
    الآن تريد أقرب طريق لتصل إلى الحديث من خلال تحفة الأشراف، عائشة مكثرة وحمزة مقل، فهل يمكن أن تجد الحديث في مسند حمزة؟ الحديث حديث الباب الذي اعتمده الحافظ رواية مسلم هو من مسند حمزة، والرواية المتفق عليها من مسند عائشة، فتجده هنا وتجده هناك، فإذا أردت أن تبحث عن مثل هذا الحديث المذكور في الكتب الستة من طريق صحابيٍ مكثر، ومن طريق صحابي ٍمقل، ابحث عنه من طريق المقل لتصل إليه بأقرب فرصة.


    وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: "رخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يومٍ مسكيناً ولا قضاء عليه". [رواه الدارقطني والحاكم وصححه].

    يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن ابن عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما- قال: "رخّص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يومٍ مسكيناً ولا قضاء عليه". وهذا الخبر إذا قال الصحابي: رخّص لنا أو أبيح لنا أو حرّم علينا أو أوجب علينا أو فرض علينا منهم من يرى أنه له حكم الرفع مطلقاً؛ لأن هذه الأحكام إنما تصدر عن المشرع، فالمرخص هنا هو النبي -عليه الصلاة والسلام-، على هذا القول، احتمال آخر وهو الذي أبداه بعضهم، هو أن هذا الترخيص فهمه ابن عباس من قوله -جل وعلا-: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}.
    الصيام في أول الأمر كان على التخيير، القادر إن شاء صام وإن شاء أطعم، ثم حصل الإلزام به وارتفع التخيير وتم نسخ قوله -جل وعلا-: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، المشهور عند الجمهور أنها منسوخة، {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، نسخت الآية السابقة، وعلى رأي ابن عباس أنها ليست منسوخة، بقي حكمها في الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام، له أن يفطر ويطعم عن كل يومٍ مسكيناً ولا قضاء عليه،
    الآية النص فيها وعلى الذين يطيقونه، فهل الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام الشيخ الكبير إذا كان يستطيع الصيام له أن يفطر ويطعم؟ يستطيع الصيام ليس له أن يفطر، الشيخ الكبير الذي لا يستطيع هل يدخل في قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} كما يقول ابن عباس؟
    ترى فيه ملحظ دقيق جداً هنا، يعني الجمهور على أن قوله -جل وعلا-: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}. منسوخة ارتفع حكمها، ارتفع التخيير بقي الإلزام، ثم بعد ذلك بقي التكليف لمن عقله حاضر وهو إما مستطيع أو غير مستطيع، فالذي لا يستطيع هل نقول أنه مثل الحج ما يستطيع يسقط عن الحج وهذا لا يستطيع الصيام يسقط عنه الصيام؟
    كما هي الجادة العادة في جميع التكاليف، صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فنقول هذا الشيخ الكبير مكلف، لا يستطيع الصيام لا يلزمه الصيام، لا يستطيع الحج لا يلزمه الحج، والجادة واحدة، أو نقول أن الصيام في الأصل له بدل. لا يستطيع الأصل يستطيع البدل، في أول الأمر التخيير بين الصيام والإطعام؟ صح وإلا لا،
    إذاً الصيام له بدل، بقي الإلزام في حق المستطيع وأنه ليس له أن يعدل إلى البدل مع قدرته على الأصل، الذي لا يستطيع الأصل وهو مكلف، عقله ثابت، الشيخ الكبير الذي لا يستطيع ولا يطيق الصيام يعود إلى البدل؛ لأنه يستطيع البدل، واضح الاستدلال وإلا ما هو واضح؟
    أقول منزع يعني في غاية الدقة، الأصل أن هذا الشخص مكلف عقله ثابت، والصيام ركن من أركان الإسلام لا يستطيع الأصل يستطيع البدل، يطعم عن كل يومٍ مسكين، لا يستطيع يطعم عن كل يومٍ مسكين، نظيره الذي لا يستطيع الحج ببدنه وعنده مال يحجّ عنه من ماله، فهذا منزع ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- وهذا من دقيق فقه، لكن هل هذه الرخصة التي ذكرها يستند فيها إلى نص يدل عليها بخصوصها أو أنه فهم من الآية ويؤيد فهمه القراءة الأخرى: وعلى الذين يطوقونه. يعني تكلفون يتحملون مشقة شديدة بمباشرته، وعلى كل حال ما يراه ابن عباس هو قول جماهير أهل العلم، أن من بقي التكليف بالنسبة له لكنه لا يستطيع الأصل أنه يعدل إلى البدل وهو الإطعام، ومنهم من قال الإطعام منسوخ مرفوع حكمه بالكلية، وإذا ارتفع الحكم بالكلية ما بقي أن يعمل به أناس ويعفى منه أناس، يعني رفع كلي للحكم، الإطعام منسوخ فلا يطالب به أحد، والمرجح في هذه المسألة ما قاله ابن عباس وهو قول الجمهور...



    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: ((جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هلكت يا رسول الله، قال: وما أهلكك. قال: وقعت على امرأتي في رمضان. قال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين. قال: لا. قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا. ثم جلس فأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بعرقٍ فيه تمر، فقال: تصدق بهذا. فقال: أعلى أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيتٍ أحوج إليه منّا. فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت أنيابه. ثم قال: اذهب فأطعمه أهلك)). [رواه السبعة واللفظ لمسلم].


    يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-. وفي بعض الروايات أعرابي، ومنهم من سماه: سلمة بن صخر البياضي أو سلمان ومنهم من قال أعرابي ولم يسمّه. ((جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هلكت يا رسول الله)).
    هذا يستشعر الذنب ويستشعر عظمة من عصى، بخلاف من يزاول المعاصي وهو يضحك أو يتحدث بها ويتبجح ويتمدح بها،
    هذا يقول:((هلكت يا رسول الله. قال: وما أهلكك. قال: وقعت على امرأتي في رمضان)). وقعت على امرأتي في رمضان، هل كان يعرف الحكم قبل ذلك أو لا يعرف؟
    بدليل قوله: هلكت.
    لو كان ما يعرف أن هذا محرم أو أن هذا مفطر يعذر بجهله أو لا يعذر؟
    يعذر بالجهل، إذا كان لا يعرف أن هذا محرم، ولا يعرف أن هذا مفطر يعذر بجهله ولا يلزمه شيء.
    لكن يعرف أنه محرم ولا يعرف الأثر المترتب عليه، إما يلزم صيام شهرين متتابعين أو عتق رقبة هذا تترتب آثاره عليه لأن ما دام عرف أنه محرم عليه أن يكفّ،
    فرق بين من لا يعرف الحكم أصلاً، وبين من يعرفه ولا يعرف الأثر المترتب عليه ((وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان. فقال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا . قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين. قال: لا. قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا)).
    هذه كفارة الجماع في نهار رمضان. وهي على الترتيب كما هنا.
    وجاءت بفظ التخيير بأول. عند مالك في الموطأ ولذا جنح أنها على التخيير، ولم يشر مالك في روايته أن هذا الذي أفطر عمداً أن فطره كان بالجماع، وإنما ذكر أن أعرابياً جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: أفطرت في رمضان ولذا جعل الكفارة لكل من أفطر عمداً في رمضان بالأكل والشرب والجماع على حدٍ سواء. والكفارة على التخيير لأنه خرجها بـ أو، أعتق رقبة أو أطعم أو صم، على التخيير عنده، ويرى الإمام مالك أن كل من أفطر عن عمد سواء كان عن أكل أو شرب أو جماع أنه تلزمه الكفارة، ولذا ما نص على أن فطر هذا الأعرابي كان بالإجماع، في روايته الأولى الذي اعتمد عليها في الموطأ.
    فجعل الرواية تشمل جميع المفطرات وإلى هذا جنح -رحمه الله- فهنا في الحديث نص على أنه وقع على امرأته. ولذا في الحديث الماضي من أكل أو شرب ناسياً عند مالك أو جامع ناسياً يلزمه القضاء ولا عليه كفارة، كما سبقت الإشارة إليه،
    وعند الجمهور لا يلزمه شيء، من تعمّد الأكل والشرب والجماع في نهار رمضان عند مالك تلزمه الكفارة وعند الجمهور لا تلزم الكفارة إلا من جامع في نهار رمضان كما هنا، قال: ((هل تجد ما تعتق رقبة)).
    طيب هذه كفارة الإجماع في نهار رمضان؟
    الفقهاء يقولون من جامع في نهار رمضان فعليه إيش؟ كفارة إيش؟ كفارة ظهار، لماذا لا يقول أن عليه كفارة مجامع في نهار رمضان؛ لأنها ثابتة بالنص الصحيح ما هو بالقياس، ثبوت الكفارة هنا ليست بالقياس، بالنص، قالوا عليه كفارة ظهار، لماذا؟
    ...ثابتة بأصل ما هي بالقياس بالإلحاق، هنا ملحظ وهو أن ما يثبت بالقرآن الذي يعرفه الخاص والعام، القرآن معروف عند المسلمين كلهم، كلهم يقرؤون سورة المجادلة، لكن مثل هذا النص قد يخفى على كثير من الناس، فإذا كان الحكم واحداً أحيل على ما في القرآن الذي يعرفه الخاص والعام،
    كما قال عبادة: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على بيعة النساء، وش الداعي تقول بيعة النساء والرجال أشرف وبيعة الرجال قبل بيعة النساء؟
    لماذا لأن بيعة النساء مسطرة بالقرآن، بينما بيعة الرجال بالسنة، فالذي يوجد في القرآن يحال عليه؛ لأن القرآن يعرفه عامة الناس بخلاف السنة التي لا يعرفها إلا نفر يسير بالنسبة لعموم الناس، قالوا عليه كفارة ظهار ما قالوا عليه كفارة قتل؟

    ...لا ما في. ظهار هذا، افتراق هذا ما هو التحام، نعم القتل ليس فيها إطعام، كفارة القتل ليس فيها التنصيص على الإطعام وإن قال به بعضهم بالإلحاق، فالكفارة المطابقة لما عندنا هي كفارة الظهار وهي ثابتة بالقرآن فأحيل عليها.
    طالب: من قبل أن يتماسا...؟
    يعني هنا كفارة الظهار من قبل أن يتماسا. كفارة الجماع في نهار رمضان لا ما له علاقة، هذاك ظهار والظهار فيه افتراق، فلا يجوز له أن يمسها حتى يكفر، أما هذه مثل المفطرات الأخرى مثل الكفارات الأخرى. هل تجد ما تعتق رقبة، الرقبة هنا مطلقة، وهي كذلك في كفارة الظهار، في كفارة القتل مقيدة بكونها مؤمنة، فهل تقيد هنا أو لا تقيد؟ هل يعتق الرقبة الكافرة وتجزئ وإلا لا بد أن تكون مؤمنة، لا بد أن تكون مؤمنة حملاً للمطلق على المقيد، حملاً للمطلق على المقيد، المطلق في كفارة الظهار وكفارة الجماع، لكن المقيد في كفارة القتل، فتحرير رقبةٍ مؤمنة، يعني مع هذا الاختلاف في السبب هل يمكن حمل المطلق على المقيد مع الاختلاف في السبب، ممكن لماذا؟
    للاتحاد في الحكم، الحكم واحد كله وجوب العتق في كفارة الظهار، في كفارة الجماع كما هنا في كفارة القتل يجب العتق، في كفارة اليمين لا بد أن تكون مؤمنة حملاً للمطلق على المقيد لأنه يجب، تجب الكفارة في الجميع، طيب مع الاختلاف في السبب
    أما إذا اختلف الحكم فلا يحمل المطلق على المقيد وإن اتحد السبب، إذا اختلفا معاً فلا يحمل، وإن اتحدا معاً فالحمل متفق عليه،

    ((هل تجد ما تعتق رقبة قال: لا ، قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين))؟ لا بد أن يكونا متتابعين، لو أفطر بينهما يوماً واحداً لا بد أن يستأنف فيصوم شهرين متتابعين، لا بد من الاستئناف، اللهم إلا إن أفطر بعذرٍ يبيح له الفطر في رمضان، يبيح له العذر في رمضان فلا ينقطع التتابع، لأن صيام رمضان آكد،

    ((قال: لا، قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا. قال: ثم جلس))وفي رواية قال له: ((اجلس)).
    انتظاراً للفرج، من وحيٍ أو غيره ((ثم جلس فأوتي النبي -صلى الله عليه وسلم بعرق))، العرق الزنمبيل أو المكتل فيه تمر فقال: ((تصدق بهذا))، فيه خمسة عشر صاعاً أو عشرون صاعاً خمسة عشر في حديث أبي هريرة وعشرون في حديث عائشة، فقال: ((تصدق بهذا)).
    يعني إذا تبرع أحد لمن لزمه شيء، لزمه واجب، يجزئ وإلا ما يجزئ، عليك كفارة فتبرع شخص وأخرجها عنك برضاك بعلمك، تجزئ وإلا ما تجزئ؟
    تجزئ، تبرع شخص أخرج عنه كفارة تجزئ، تبرع عنك شخص فأخرج عنك زكاتك، زكاة مالك، وجب عليك ألف ريال زكاة فجاء واحد فقال: ترى أنا بدفع الألف عنك هذا ألف. تجزئ وإلا ما تجزئ؟
    طالب:.......
    الذمة؟!
    طالب:.........

    لها تعلق بالذمة، لكن الأصل فيها المال، وأخرجه هذا تبرعاً عنه، وهذا يكثر بالنسبة للابن الذي يعيش، الابن المكلف الذي يعيش في كنف والده، تجد والده يلتزم بكل شيء، في حديث عمر وفيه منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس الزكاة، ثم جاء عمر إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يذكر له ذلك، فقال: ((أما خالد فقد احتبس أدراعه في سبيل الله وعتاده في سبيل الله، وأما ابن جميل فما ينقم لجميل إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله وأما العباس فهي عليّ ومثلها)).
    هذا تحمل للزكاة وإن قال بعض أهل العلم أنه أخذ منه زكاة عامين، تعجل منه زكاة عامين، فقال: ((هي عليّ ومثلها)). فهنا لما جيء بالزمبيل لولا أن مثل هذا تدخله النيابة ويتحمله غيره عنه لما قال تصدق بهذا،
    فقير خلاص بين أمرين إما أن تسقط عنك كما قال بعض أهل العلم وإما أن تبقى ديناً في ذمتك كما قاله الأكثر وهو الأقيس، كغيرها من الديون والواجبات، فقال: تصدق بهذا. فقال: ((أعلى أفقر منا؟ فما بين لابتيها))، وفي رواية:((فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا)).
    أقسم على غلبة ظنه ولم ينكر عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، لا شك أن هذا غلبة ظن، يعني هل أجرى مسح شامل لبيوت المدينة ولم يوجد فيها أفقر منه؟
    إنما غلب على ظنه لما يعرفه من شدة الحاجة عنده أقسم أنه ما يوجد أفقر منه، ولذا يجوز جمع من أهل العلم القسم على غلبة الظن، ((فما بين لابتيها أهل بيتٍ أحوج منا، فضحك النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى بدت أنيابه))، الموجب للضحك، يعني شخص هالك جاء يدعو بالويل والثبر هلكت وأهلكت وفي رواية: ((ينتف شعره))وفي رواية: ((يحثو على رأسه التراب))، وأخيراً يرجع بمكتلٍ يكفي له شهرين، أو شهر على الأقل؟
    ضحك النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى بدت أنيابه، ثم قال: ((اذهب فأطعمه أهلك)).
    أطعمه أهلك، يعني هل هذا الطعام الذي جيء به هذا التمر، هو الكفارة؟ خذ هذا فتصدق به؟ وهل تصح الكفارة من الإنسان لأهله؟ يدفعها لأهله؟ أو أن نقول لما أقسم أنه ما بين لابتيها أهل بيتٍ أحوج منهم، هذا إسعاف لهذه الأسرة التي ما في المدينة أفقر منهم وتبقى الكفارة مسكوت عنها؟
    ولذا يرى جمع من أهل العلم أن الكفارة تبقى دين في ذمته متى أيسر يدفعها. ومنهم من استدل بالحديث على أنه إذا كان معسراً أثناء الحاجة إلى كفارة أثناء وقت الكفارة إذا كان معسر تسقط عنه، والحديث محتمل، الحديث محتمل، وكل منهم استدل بهذا الحديث والأقيس الجاري على القواعد أنها تثبت ديناً في ذمته كغيرها من الديون، إن أيسر في بقية عمره دفعها وإلا فالله -جل وعلا- يتولاها، ولذا أهل العلم يقولون في الحقوق المتعلقة بالتركة،
    الحقوق الخمسة الأول مؤنة التجهيز،
    والثاني: الديون المتعلقة بعين التركة كالديون برهن،
    والثالث: الديون المرسلة، المطلقة، التي ليست برهن لا تتعلق بعين التركة كديون الآدميين والكفارات،
    ودين الله أحق وفي قوله -عليه الصلاة والسلام-:((دين الله أحق)).
    يدل على أن هناك ما يثبت بذمة المكلف. من الدين لله -جل وعلا-، ثم الوصايا ثم الإرث، إطعام ستين مسكيناً،
    وهي الخصلة الثالثة بعضهم أفتى من علماء الأندلس من أفتى بعض الأمراء بالصيام قبل العتق، وقع على أهله في رمضان قال تصوم شهرين متتابعين، قيل له لماذا؟ قال لو قيل له العتق وطئ كل يوم، سهل العتق عنده، لكن لما يقال له: تصوم شهرين متتابعين لن يعود، فهل هذه الفتوى صحيحة؟
    فتوى باطلة، لأنها مخالفة للنص، إطعام الستين المسكين الخلاف في كون المد كافي أو نصف صاع، مسألة معروفة عند أهل العلم والأحوط أن يجعل نصف صاع، نصف صاع من طعام وسواء أطعم الستين مجتمعين أو متفرقين، المقصود أنه يخرج ثلاثين صاعاً أو خمسة عشر صاعاً على الخلاف المعروف.

    ...بالنسبة لمن جامع في نهار رمضان، الحديث ما فيه هنا في الرواية التي ساقها المصنف ما يدل على أنه يقضي يوماً مكانه. لكن نصّ، يعني جاء من طرقٍ تثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((صم يوماً مكانه واستغفر الله)). ومنهم من يقول الروايات أكثرها ما فيها تنصيص على القضاء فلا قضاء عليه، فالكفارة تشمل الكفارة بمجموعها بدل عن هذا الصيام الذي أبطل فلا قضاء بهذا بعض العلماء لكن الرواية صحيحة وثابتة صم يوماً مكانه، وهي القاعدة أن من أفطر فعدة من أيام أخرى بما في ذلك الفطر بالجماع.



    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  5. #25

    افتراضي

    نفع الله بكِ أم علي شرح مفيد جدا وجزى الله الشيخ خير الجزاء

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    آمين،، وفيكِ بارك الله أم رفيدة المسلمة
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •