تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 26

الموضوع: كلمة مؤمنة في رد كلمة كافرة !

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي كلمة مؤمنة في رد كلمة كافرة !

    * معركة الرافعي مع العقاد:
    بدأت حينما اتهم "العقادُ" "الرافعي"َّ بأنه واضع رسالة الزعيم "سعد زغلول" في تقريظ كتاب الرافعي (إعجاز القرآن) بقوله: إن قول "سعد زغلول" عن الكتاب إنه (تنزيل من التنزيل أو قبس من نور الذكر الحكيم) ليروج الكتاب بين القراء .. هذه العبارة من اختراع الرافعي وليست من يراع الزعيم "سعد زغلول"!
    ويدافع الرافعي عن هذا الاتهام بقوله للمرحوم محمد سعيد العريان: "وهل تظن أن قوة في الأرض تستطيع أن تسخر سعدًا لقبول ما قال، لولا أن هذا اعتقاده".
    وأرجع "الرافعي" السبب في اتهام "العقاد" له إلى أن العقاد كان هو كاتب الوفد الأول، وأن سعدًا كان قد أطلق عليه لقب (جبار القلم)، ولا يقبل "العقاد" منافسًا له في حب "سعد" وإيثاره له.
    وقد أخذت المعركة طابعها العنيف حينما شن "العقاد" حملة شعواء عليه في كتابه (الديوان) سنة 1921م، وتناول العقاد فيه أدب "الرافعي" بحملة شعواء جرده فيها من كل ميزة .. وشمر "الرافعي" عن ساعده على إثرها وتناول العقاد بسلسلة من المقالات تحت عنوان (على السفود) بأسلوب حاد كان أقرب إلى الهجاء منه إلى النقد الموضوعي الجاد.. والسفود في اللغة هو الحديدة التى يُشوى بها اللحم، ويسميها العامة السيخ كما يقول "الرافعي" في شرح العنوان.
    وبعد أن هدأت الخصومة بينهما بسنوات نشر المرحوم "الزيات" صاحب "الرسالة" رأي "الرافعي" الحقيقي في العقاد الذي يشتمل على استنكار الرافعي نفسه للأسلوب الناري الذي اتبعه وفاءً إلى التسامح بعد بضعة عشر عامًا من خمود المعركة على حد تعبير الأستاذ كمال النجمي.
    فقد قال "الزيات" للرافعي وهو يحاوره: ياصاحب (تاريخ آداب العرب) .. هل تستطيع أن تجرد نفسك من ملابسات الخصومة وتجمل لنا رأيك الخالص في العقاد"؟
    فأجاب الرافعي: "أقول الحق، أمَّا العقاد أحترمه وأكرهه لأنه شديد الاعتداد بنفسه قليل الإنصاف لغيره، ولعله أعلم الناس بمكاني في الأدب .. وأحترمه لأنه أديب قد استمسك آداة الأدب وباحث قد استكمل عدة البحث فصَّير عمره على القراءة والكتابة فلا ينفك كتاب وقلم".

    حينما اطلع "العقاد" في الرسالة على ما تقدم من رأي "الرافعي"، وفي أدبه رد على ذلك بعد رحيل "الرافعي" عن عالمنا بثلاث سنوات بقوله: "إني كتبت عن "الرافعي" مرات أن له أسلوبًا جزلاً، وأن له من بلاغة الإنشاء ما يسلكه في الطبقة الأولى من كتاب العربية المنشئين".
    أما المعركة الثالثة في الأهمية فهي تلك التي قال فيها بعضهم: إن كلام العرب في باب (الحكم) أن عبارة (القتل أنفي للقتل) أبلغ من الآية القرآنية: ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة: 179)؛ إذ لم ينم "الرافعي" ليلته، بعد أن لفت الأستاذ الكبير "محمود محمد شاكر" برسالة بتوقيع م.م.ش نظره إلى هذا الأمر بقوله: "ففي عنقك أمانة المسلمين جميعًا، لتكتبن في الرد على هذه الكلمة الكافرة لإظهار وجه الإعجاز في الآية الكريمة، وأين يكون موقع الكلمة الجاهلية منها"؟
    واستطاع الرافعي ببلاغته أن يقوض هذا الزعم من أساسه بمقالاته: (كلمة مؤمنة في رد كلمة كافرة)، التي عدَّد فيها وجوه الإعجاز في الآية الكريمة: ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (البقرة: 179).

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    وحي القلم للرافعي
    تأليف : العلامة مصطفى صادق الرافعي

    كلمة مؤمنة في رد "كلمة كافرة" :
    تلقيت كتابًا هذه نسخته:
    أكتب إليك متعجلًا بعد أن قرأت "كلمة كافرة" في "كوكب الشرق" الصادر مساء الجمعة 27 من أكتوبر؛ كتبها متصدر من نوع قولهم:
    حبذا الإمارة ولو على الحجارة ... وسمى نفسه "السيد، فإن صدق فيما كتب صدق في هذه التسمية.

    طعن القرآن وكفر بفصاحته، وفضل على آية من كلام الله جملة من أوضاع العرب، فعقد فصله بعنوان "العثرات" على ذلك التفضيل، كأنَّ الآية عثرة من عثرات الكتاب يصححها ويقول فيها قوله في غلط الجرائد والناشئين في الكتابة؛ وبرقع وجهه وجبن أن يستعلن، فأعلن بزندقته أنه حديث في الضلالة.
    غلى الدم في رأسي حين رأيت الكاتب يلج في تفضيل قول العرب: "القتل أنفى للقتل" على قول الله -تعالى- في كتابه الحكيم: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179]، فذكرت هذه الآية القائلة: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ } [الأنعام: 121] وهذه الآية: {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ} [الأنعام: 112] ثم هممت بالكتابة فاعترضني ذكرك، فألقيت القلم؛ لأتناوله بعد ذلك وأكتب به إليك.
    ففي عنقك أمانة المسلمين جميعًا لتكتبن في الرد على هذه الكلمة الكافرة لإظهار وجه الإعجاز في الآية الكريمة، وأين يكون موقع الكلمة الجاهلية منها؛ فإن هذه زندقة إن تركت تأخذ مأخذها في الناس؛ جعلت البر فاجرًا، وزادت الفاجر فجورًا: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25].
    ---------------
    1 البلاغ. نوفمبر سنة 1923، وانظر ص172-174 "حياة الرافعي".
    واعلم أنه لا عذر لك. أقولها مخلصًا، يمليها على الحق الذي أعلم إيمانك به، وتفانيك في إقراره والمدافعة عنه والذود عن آياته؛ ثم اعلم أنك ملجأ يعتصم به المؤمنون حين تناوشهم ذئاب الزندقة الأدبية التي جعلت همها أن تلغ ولوغها في البيان القرآني.
    ولست أزيدك، فإن موقفي هذا موقف المطالب بحقه وحق أصحابه من المؤمنين وأذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سئل علمًا فكتمه جاء يوم القيامة ملجمًا بلجام من نار" أو كما قال..
    والسلام عليكم ورحمة الله.
    م.م.ش

    وحي القلم للرافعي 3 / 400

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    قال رحمه الله 3 / 402 :
    قرأت هذا الكتاب فاقشعر جسمي لوعيد النبي صلى الله عليه وسلم، وجعلت أردد الحديث الشريف أستكثر منه وأملأ نفسي بمعانيه، وإنه ليكثر فيَّ كل مرة، فإذا هو أبلغ تهكم بالعلماء المتجاهلين، والجهلاء المتعالمين؛ وإذا هو يؤخذ من ظاهره أن العالم الذي يكتم علمه النافع عن الناس يجيء يوم القيامة ملجمًا، ويؤخذ من باطنه أن الجاهل الذي يبث جهله الضار في الناس يجيء يوم القيامة ملجمًا مبرذعًا.. أي: فهذا وهذا كلاهما من حمير جهنم!

    والتمست عدد "الكوكب" الذي فيه المقال وقرأته، ولم أكن أصدق أن في العالم أديبا مميزًا يضع نفسه هذا الموضع من التصفح على كلام الله وأساء الأدب في وضع آية منه بين عثرات الكتاب، فضلًا عن أن يسمو لتفضيل كلمة من كلام العرب على الآية، فضلًا عن أن يلج في هذا التفضيل، فضلًا عن أن يتهوس في هذه اللجاجة؛ ولكن هذا قد كان، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
    ولعمري وعمر أبيك أيها القارئ، لو أن كاتبًا ذهب فأكل فخلط فتضلع فنام فاستثقل فحلم.. أنه يتكلم في تفضيل كلمة العرب على تلك الآية، واجتهد جهده، وهو نائم ذاهب الوعي فلم يأل تخريفًا واستطالة، وأخذ عقله الباطن يكنس دماغه ويخرج منه "الزبالة العقلية" ليلقيها في طريق النسيان أو في طريق الشيطان -لما جاء في شأوه بأسخف ولا أبرد من مقالة "السيد" فسواء أوقع هذا التفضيل من جهة الهذيان والتخريف كما فعل كاتب النوم، أم وقع من جهة الخلط والحبط ما فعل كاتب الكوكب -فهذا من هذا، طباق سخافة بسخافة..
    نعم إن مقالة الكوكب أفضل من مقالة الكاتب الحالم... ولكن قليل الزيت في الزجاجة التي أهديت لجحا لا يعد زيتًا ما دام هذا القليل يطفو على ملء الزجاجة من.. من البول!
    ولقد تنبأ القاضي الباقلاني قبل مئات السنين بمقالة الكوكب هذه فأسفلها الرد بقوله:
    "فإن اشتبه على متأدب أو متشاعر أو ناشئ أو مرمدٍ فصاحة القرآن وموقع بلاغته وعجيب براعته فما عليك منه، إنما يخبر عن نفسه، ويدل على عجزه، ويبين عن جهله، ويصرح بسخافة فهمه وركاكة عقله" ما علينا...
    يقول كاتب الكوكب بالنص:
    قالت العرب قديمًا في معنى القصاص: "القتل أنفى للقتل"، ثم أقبل القرآن الكريم على آثار العرب "هكذا" فقال: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179]، وقد مضت سنة العلماء من أساطين البيان أن يعقدوا الموازنة بين مقالة العرب هذه وبين الآية الحكيمة أيتهما أشبه بالفصاحة "هكذا"، ثم يخلصون منها إلى تقديم الآية والبيان القرآني... ثم قال: من رأي كاتب هذه الكلمة تقديم الكلمة العربية على الآية الغراء، "اللهم غفرًا" على ثلج الصدر بإعجاز القرآن "كلمة للوقاية من النيابة... وإلا فماذا بقي من الإعجاز وقد عجزت الآية؟ زِه زِه يا رجل..."
    ثم قال: إن فيم تقدم به الكلمة العربية على الآية الحكيمة -"اللهم غفرًا"- مزايا ثلاثًا: أولى هذه المزايا الثلاث، هذا الإيجاز الساحر فيها؛ ذلك أن: "ألقتل أنفى للقتل" ثلاث كلمات لا أكثر، أما الآية فإنها سبع كلمات "كذا"، وعلى تلك فهي أقدم عهدًا وأسبق ميلادًا من آية التنزيل "تأمل" حاشا كلام الله القديم، والإيجاز ميزة أية ميزة؛ الميزة الثانية للكلمة الاستقلال الكتابي وقد التعاقد بينها وبين شيء آخر سابق عليها، حتى أن المتمثل بها المستشهد يبتدئ بها حديثًا مستتمًا ويختتمه في غير مزيد ولا فضل، فلا يتوقف ولا يستعين بغيرها، أما الآية فإنها منسوقة مع ما قبلها بالواو، فهي متعاقدة مترابطة معه، لا يتمثل بها المتمثل حتى يستعين بشيء سواها، وليس الذي يعتمد على غيره فلا يستقل كالذي يعتمد على نفسه فيستقل؛ الميزة الثالثة أن الكلمة ليست متصلة في آخرتها بفضل من القول تغني عنه، على حين تتصل بالآية بما تغني عنه من القول. ويعتد كالفضل وهو كلمتا {يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} [البقرة: 179] و{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179]، وإن كان لا زيادة في القرآن ولا فضول.
    ثم قال: إن مدرسًا جاء بالفصل الذي عقده الإمام السيوطي في كتابه "الإتقان" لتفضيل الآية على الكلمة وفيه قرابة خمسة وعشرين حُجة؛ قال: إنها انحطت بعد أن رماها بنظره العالي إلى أربع: "أما الباقيات فمن نسج الانتحال والتزيد"، قال: وأولاها أن الآية أوجز لفظًا، والكاتب يرى الآية: "سبع كلمات في تحديد ودقة"، قال: إذا لقد بطلت حجة الإيجاز في الآية "اللهم غفرًا"، قال: والثانية: "أن في الكلمة العربية تكرارًا لكلمة القتل سلمت الآية منه، ورد الكاتب أن هذا التكرار: "يتحلل طلاوة ويقطر رقة، "قال": وهذا فمي فيه طعم العسل، "قلنا: وعليه الذباب يا سيدنا..." والثالثة: أن في الآية ذكرًا للقصاص بلفظه على حين لا تذكر الكلمة إلا القتل وحده، وليس كل قتل قصاصًا؛ ودفع الكاتب هذا بأن الكلمة انطوت على قتلين أحدهما ينفي صاحبه، فذاك هو القصاص؛ قال: "إذن فالكلمة والآية في قصد القصاص يلتقيان فرسي رهان"؛ والرابعة: أن القصاص في الآية أعم يشمل القتل وغيره. وأقر الكاتب أن للآية فضلًا على الكلمة من هذه الناحية، ولكن الكلمة حكمة لا شريعة، وهي من قضاء الجاهلية، فليس عليها أن تبين ما لم يعرفه العرب ولم يخلق بعد، قال: "إذن فليست الكلمة مقصرة عن بيان، متبلدة عن إحسان".
    هذا كل مقاله بحروفه بعد تخليصه من الركاكة والحشو وما لا طائل تحته، ونحن نستغفر الله ونستعينه ونقول قولنا، ولكنا نقدم بين يدي ذلك مسألة، فمن أين للكاتب أن كلمة: "القتل أنفى للقتل" مما صحت نسبته إلى عرب الجاهلية، وكيف له أن يثبت إسنادها إليهم وأن يوثق هذا الإسناد حتى يستقيم قوله: إن القرآن أقبل على آثار العرب؟...
    أنا أقرر أن هذه الكلمة مولدة وضعت بعد نزول القرآن الكريم وأخذت من الآية، والتوليد بيِّن فيها، وأثر الصنعة ظاهر عليها؛ فعلى الكاتب أن يدفع هذا بما يثبت أنها مما صح نقله عن الجاهلية؛ ولقد جاء أبو تمام بأبدع وأبلغ من هذه الكلمة في قوله:
    وأخافكم كي تغمدوا أسيافكمإن الدم المغبر يحرسه الدم "الدم يحرسه الدم" هذه هي الصناعة وهذه هي البلاغة لا تلك، ومع هذا فكلمة الشاعر مولدة من الآية، يدل عليها البيت كله؛ وكأن أبا تمام لم يكن سمع قولهم: "القتل أنفى للقتل"، وأنا مستيقن أن الكلمة لم تكن وضعت إلى يومئذ*.
    ولو أن متمثلًا أراد أن يتمثل بقول أبي تمام فانتزع منه هذا المثل الدم يحرسه الدم"، أيكون حتمًا من الحتم أن يقال له: كلا يا هذا فإن البيت سبع كلمات فلا يصح انتزاع المثل منه ولا بد من قراءة البيت بمصراعيه كما يقول كاتب الكوكب في الآية الكريمة ليزعم أنها لا تقابل الكلمة العربية في الإيجاز؟
    إن الذي في معاني الآية القرآنية مما ينظر إلى معنى قولهم القتل أنفى للقتل كلمتان ليس غير، وهما "القصاص، حياة"؛ والمقابلة في المعاني المتمثلة إنما تكون بالألفاظ التي تؤدي هذه المعاني دون ما تعلقت به أو تعلق بها مما يصل المعنى بغيره أو يصل غيره به؛ إذ الموازنة بين معنيين لا تكون إلا في صناعة تركيبهما، ويخيل إلي أن الكاتب يريد أن يقول إن في باقي الآية الكريمة لغو وحشو، فهو حميلة على الكلمتين: القصاص حياة، يريد أن يقولها، ولكنه غص بها، وإلا فلماذا يلج في أنه لا بد في التمثل، أي لا بد في المقابلة، من رد الآية بألفاظها جميعًا؟
    فإذا قيل: إنه لا يجوز أن يتغير الإعراب في الآية، ويجب أن يكون المثل منتزعًا منها على التلاوة، قلنا: فإن ما يقابل الكلمة منها حينئذ هو هذا، "في القصاص حياة"، وجملتها اثنا عشر حرفًا، مع أن الكلمة أربعة عشر، فالإيجاز عند المقابلة هو في الآية دون الكلمة.
    وأما قوله تعالى: {أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179]، لو كان الكاتب من أولي الألباب لفهمها وعرف موقعها وحكمتها، وأن إعجاز الآية لا يتم إلا بها، إذ أريد أن تكون معجزة زمنية كما سنشير إليه، ولكن أني له وهو من الفن البياني على هذا البعد السحيق، لا يعلم أن آيات القرآن الكريم كالزمن في نسقها: ما فيه من شيء يظهره إلا ومن ورائه سر يحققه.
    ثم إن الإيجاز في الكلمة العربية ليس من "الإيجاز الساحر" كما يصفه الكاتب، بل هو عندنا من الإيجاز الساقط؛ وليس من قبيل إيجاز الآية الكريمة ولا يتعلق به فضلًا عن أن يشبهه؛ إذ لا بد في فهم صيغة التفضيل من تقدير المفضل عليه، فيكون المعنى "القتل أكثر نفيًا للقتل من كذا"، فما هو هذا "الكذا" أيها الكاتب المتعثر؟
    أليس تصور معنى العبارة وإحضاره في الذهن قد أسقطها ونزل بها إلى الكلام السوقي المبتذل وأوقع فيها الاختلال؟ وهل كانت إلا صناعة شعرية خيالية ملفقة كما أومأنا إلى ذلك آنفًا، حتى إذا أجريتها على منهجها من العربية رأيتها في طريقة هذا الكلام العربي الأمريكاني كقول القائل: "الفرح أعظم من الترح"، "الحياة هي التي تعطى للحياة"...؟
    بهذا الرد الموجز بطلت الميزات الثلاث التي زعمها الكاتب لتلك الكلمة، وإن الكلمة نفسها لتبرأ إلى الله من أن تكون لها على الآية ميزة واحدة فضلًا عن ثلاثة.
    ولنفرض "فرضًا" أن الكلمة وثيقة الإسناد إلى عرب الجاهلية وأنها من بيانهم، فما الذي فيها؟
    1- إنها تشبه قول من يقول لك: إن قتلت خصمك لم يقتلك. وهل هذا إلا هذا؟
    وهل هو إلا بلاغة من الهذيان؟
    2- إنها تشبه أن تكون لغة قاطع طريق عارم يتوثب على الحلال والحرام لا يخرج لشأنه إلا مقررًا في نفسه أنه إما قاتل أو مقتول، ولذلك تكرر فيها القتل على طرفيها، فهو من أشنع التكرار وأفظعه.
    3- إن فيها الجهل والظلم والهمجية، إذ كان من شأن العرب ألا تسلم القبيلة العزيزة قاتلًا منها، بل تحميه وتمنعه، فتنقلب القبيلة كلها قاتلة بهذه العصبية؛ فمن ثم لا ينفي عار القتل عن قبيلة المقتول إلا الحرب والاستئصال قتلًا قتلًا وأكل الحياة للحياة، فهذا من معاني الكلمة: أي القتل أنفى لعار القتل، فلا قصاص ولا قضاء كما يزعم الكاتب.
    4- إن القتل في هذه الكلمة لا يمكن أن يخصص بمعنى القصاص إلا إذا خصصته الآية فيجيء مقترنًا بها، فهو مفتقر إليها في هذا المعنى، وهي تلبسه الإنسانية كما ترى، ولن يدخله العقل إلا من معانيها؛ وهذا وحده إعجاز في الآية وعجز من الكلمة.
    وقبل أن نبين وجوه الإعجاز في الآية الكريمة ونستخرج أسرارها، نقول لهذا الطفيلي: إنه ليس كل من استطاع أن يطيِّر في الجو ورقةً في قصبة في خيط جاز له أن يقول في تفضيل ورقته على منطاد زبلين، وأن فيما تتقدم به على المنطاد الكريم ميزات ثلاثًا: الذيل، والورق الملون، والخيط...
    يقول الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179].
    1- بدأ الآية بقوله {وَلَكُمْ} [البقرة: 179]، وهذا قيد يجعل هذه الآية خاصة بالإنسانية المؤمنة التي تطلب كمالها في الإيمان، وتلتمس في كمالها نظام النفس، وتقرر نظام النفس بنظام الحياة؛ فإذا لم يكن هذا متحققًا في الناس فلا حياة في القصاص، بل تصلح حينئذ كلمة الهمجية: القتل أنفى للقتل، أي اقتلوا أعداءكم ولا تدعوا منهم أحدًا، فهذا هو الذي يبقيكم أحياء وينفي عنكم القتل؛ فالآية الكريمة بدلالة كلمتها الأولى موجهة إلى الإنسانية العالية، لتوجه هذه الإنسانية في بعض معانيها إلى حقيقة من حقائق الحياة.
    2- قال: {فِي الْقِصَاصِ} [البقرة: 179] ولم يقل في القتل، فقيده بهذه الصيغة التي تدل على أنه جزاء ومؤاخذة، فلا يمكن أن يكون منه المبادأة بالعدوان، ولا أن يكون منه ما يخرج عن قدر المجازاة قل أو كثر.
    3- تفيد هذه الكلمة "القصاص" بصيغتها "صيغة المفاعلة" ما يشعر بوجوب التحقيق وتمكين القاتل من المنازعة والدفاع، وألا يكون قصاص إلا باستحقاق وعدل؛ ولذا لم يأت بالكلمة من اقتص مع أنها أكثر استعمالًا؛ لأن الاقتصاص شريعة الفرد، والقصاص شريعة المجتمع.
    4- من إعجاز لفظة القصاص هذه أن الله -تعالى- سمى بها قتل القاتل، فلم يسمه قتلًا كما فعلت الكلمة العربية؛ لأن أحد القتلين هو جريمة واعتداء، فنزه -سبحانه- العدل الشرعي حتى عن شبهه بلفظ الجريمة؛ وهذا منتهى السمو الأدبي في التعبير.
    5- ومن إعجاز هذه اللفظة أنها باختيارها دون كلمة القتل تشير إلى أنه سيأتي في عصور الإنسانية العالمة المتحضرة عصر لا يرى فيه قتل القاتل بجنايته إلا شرًّا من قتل المقتول؛ لأن المقتول يهلك بأسباب كثيرة مختلفة، على حين أن أخذ القاتل لقتله ليس فيه إلا نية قتله؛ فعبرت الآية باللغة التي تلائم هذا العصر القانوني الفلسفي، وجاءت بالكلمة التي لن تجد في هذه اللغة ما يجزئ عنها في الاتساع لكل ما يراد بها من فلسفة العقوبة.
    6- ومن إعجاز اللفظة أنها كذلك تحمل كل ضروب القصاص من القتل فما دونه، وعجيب أن تكون بهذا الإطلاق مع تقييدها بالقيود التي مرت بك؛ فهي بذلك لغة شريعة إلهية على الحقيقة، في حين أن كلمة القتل في المثل العربي تنطق في صراحة أنها لغة الغريزة البشرية بأقبح معانيها؛ وبذلك كان تكرارها في المثل كتكرار الغلطة؛ فالآية بلفظة القصاص تضعك أمام الألوهية بعدلها وكمالها، والمثل بلفظة القتل يضعك أمام البشرية بنقصها وظلمها.
    7- ولا تنس أن التعبير بالقصاص تعبير يدع الإنسانية محلها إذا هي تخلصت من وحشيتها الأولى وجاهليتها القديمة، فيشمل القصاص أخذ الدية والعفو وغيرهما؛ أما المثل فليس فيه إلا حالة واحدة بعينها كأنه وحش ليس من طبعه إلا أن يفترس.
    8- جاءت لفظة القصاص معرفة بأداة التعريف، لتدل على أنه مقيد بقيوده الكثيرة؛ إذ هو في الحقيقة قوة من قوى التدمير الإنسانية فلا تصلح الإنسانية بغير تقييدها.
    9- جاءت كلمة "حياة" منونة، لتدل على أن ههنا ليست بعينها مقيدة باصطلاح معين؛ فقد يكون في القصاص حياة اجتماعية، وقد يكون فيه حياة سياسية، وقد تكون الحياة أدبية، وقد تعظم في بعض الأحوال عن أن تكون حياة.
    10- إن لفظ "حياة" هو في حقيقته الفلسفية أعم من التعبير "بنفي القتل"؛ لأن نفي القتل إنما هو حياة واحدة، أي ترك الروح في الجسم، فلا يحتمل شيئًا من المعاني السامية، وليس فيه غير هذا المعنى الطبيعي الساذج؛ وتعبير الكلمة العربية عن الحياة "بنفي القتل" تعبير غليظ عامي يدل على جهل مطبق لا محل فيه لعلم ولا تفكير، كالذي يقول لك: إن الحرارة هي نفي البرودة.
    11- جعل نتيجة القتل حياة تعبير من أعجب ما في الشعر يسمو إلى الغاية من الخيال، ولكن أعجب ما فيه أنه ليس خيالًا، بل يتحول إلى تعبير علمي يسمو إلى الغاية من الدقة، كأنه يقول بلسان العلم: في نوع من سلب الحياة نوع من إيجاب الحياة.
    12- فإذا تأملت ما تقدم وأنعمت فيه تحققت أن الآية الكريمة لا يتم إعجازها إلا بما تمت به من قوله: {يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} [البقرة: 179] فهذا نداء عجيب يسجد له من يفهمه؛ إذ هو موجه للعرب في ظاهره على قدر ما بلغوا من معاني اللب، ولكنه في حقيقته موجه لإقامة البرهان على طائفة من فلاسفة القانون والاجتماع، هم هؤلاء الذين يرون إجرام المجرم شذوذًا في التركيب العصبي، أو وراثة محتومة، أو حالة نفسية قاهرة، إلى ما يجري هذا المجرى؛ فمن ثم يرون أن لا عقاب على جريمة؛ لأن المجرم عندهم مريض له حكم المرضى؛ وهذه فلسفة تحملها الأدمغة والكتب، وهي تحول القلب إلى مصلحة الفرد وتصرفه عن مصلحة المجتمع، فنبههم الله إلى ألبابهم دون عقولهم، كأنه يقرر لهم أن حقيقة العلم ليست بالعقل والرأي، بل هي قبل ذلك باللب والبصيرة، وفلسفة اللب هذه هي آخر ما انتهت إليه فلسفة الدنيا.
    13- وانتهت الآية بقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179]، وهي كلمة من لغة كل زمن، ومعناها في زمننا نحن: يا أولي الألباب، إنه برهان الحياة في حكمة القصاص تسوقه لكم، لعلكم تتقون على الحياة الاجتماعية عاقبة خلافه فاجعلوا وجهتكم إلى وقاية المجتمع لا إلى وقاية الفرد.
    وبعد فإذا كان في الآية الكريمة -على ما رأيت- ثلاث عشرة وجهًا من وجوه البيان المعجز، فمعنى ذلك من ناحية أخرى أنها أسقطت الكلمة العربية ثلاث عشرة مرة.


    - - - - - - - - - - - - - - - -

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    رحم الله الرافعي
    ما أبلغه
    ورحم الله أبا فهر إذ ألقى القلم وهو على حمله قادر

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    808

    افتراضي

    بارك الله في شيخنا أبي مالك.
    حكى أبو القاسم الكعبي المعتزلي في كتابه "محاسن خرسان" عن الروندي الملحد أنه كتب كتاب "الزمرذة"، وأنه سمّاه الزمرذة لأن من خاصيات الزمرذ أن الحيّات إذا نظرت إليه ذابت وسالت أعينها فكذلك هذا الكتاب إذا طالعه الخصم ذاب. قال الكعبي ومما قاله فيه- أي كتابه المذكور- أنّا نجد في كلام أكثم بن صيفي شيئًا أحسن من "إنّا أعطيناك الكوثر"! (ينظر مقدمة الانتصار لأبي الحسين الخيّاط تحقيق المستشرق نيبرج).
    وإنما ذكر الملحد سورة الكوثر لأنها أقصر سورة في القرآن وبمثلها يقع الإعجاز.
    والعقاد -ولا شك- أحسن حالا من ابن الروندي الملحد، ولكن بئست قولة امتدت عروقها لترتوي من مستنقع الكفر والإلحاد.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    شرفت بمروركما وبفوائدكما ، أحسن الله إليكما .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو بكر العروي مشاهدة المشاركة
    والعقاد -ولا شك- أحسن حالا من ابن الروندي الملحد، ولكن بئست قولة امتدت عروقها لترتوي من مستنقع الكفر والإلحاد.
    نفع الله بك أستاذنا المفيد.
    وكما تعلمون بأن العقاد لم يقل تلك المقولة الكافرة ، بل رجل أطلق على نفسه "السيد" ، كما ذكر العلامة محمود شاكر في رسالته للعلامة الرافعي رحمهما الله.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    808

    افتراضي

    بارك الله في شيخنا ونفع به.
    كنت قرأت المشاركة الأولى التي جاء فيها : "أما المعركة الثالثة في الأهمية فهي تلك التي قال فيها بعضهم: إن كلام العرب في باب (الحكم) أن عبارة (القتل أنفي للقتل) أبلغ من الآية القرآنية: ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة: 179)"
    وذهلت عن لفظة "بعضهم". ثم قرأت المشاركة الثالثة وفي ذهني أن صاحب المقولة هو العقاد مع استنكار وتعجب وقع في نفسي، ولكن علمي ببعض "خرجات" العقاد أزاح عني التريّث، فاللهم غفرا.
    وشكر الله لكم حسن التنبيه.



  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    نفع الله بكم شيخنا وزادكم تواضعا.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2016
    المشاركات
    582

    افتراضي

    عندما تدخلُ الذاتيةُ في النقدِ الأدبيِّ متمخضةً عنْ خلافاتٍ شخصيةٍ جيناتُها الوراثيةُ تعاني منْ طفرةٍ أبرزُ صفاتِها الناتجةِ البغضاءُ والحسدُ وعقدةُ النقصِ لتطغى على كلِّ الاعتباراتِ وتطالَ النصوصَ المقدّسةَ مثلُ هذهِ المقارناتِ البائسةِ ؛عندئذٍ يجبُ على كلِّ عالمٍ ثقةٍ منْ علماءِ العقيدةِ أنْ يشحذَ قلمَهُ إضافةً لأوتارِهِ الصوتيةِ ويستخدمَها كمبعضٍ لبترِ هذا الجسيمِ الخبيثِ ودفنِهِ تحتَ الثرى حفاظًا على سلامةِ القلوبِ والعقولِ؛ فباطنُ الأرضِ أولى بهِ منْ ظهرِها.
    ونحنُ في المجتمعِ المسلمِ تارةً نسمعُ أديبًا ارتفعتْ هامتُه في عالمِ الأدبِ وكثُرَ معجبوهُ وأتباعُه وسارَ على مذهبِه الأدبيِّ الآلافُ منَ الناسِ فيلتفتُ خلفَهُ ويغرقُ في مستنقعِ العُجْبِ بالنفسِ
    وتحجبُ الغشاوةُ عنْ عينيهِ نورَ الحقيقةِ فينحرفُ عنْ طريقِه ويضيعُ هدفُه
    ولا ننسى دورَ المستشرقينَ في إنتاجِ شخصياتٍ تلمّعُها لتجعلَ لها موطئَ قدمٍ في المجتمعِ الإسلاميِّ،ومنْ ثمَّ تستعملَها سلاحًا فتّاكًا تطعنُ به رموزًا إسلاميةً لهدفٍ خبيثٍ يتمثّلُ في محاربةِ الإسلامِ وهدمِهِ.
    وفيما يتعلّقُ بهاتينِ الشخصيتينِ( الرافعيِّ،والعق ادِ) أقولُ تعبيرًا عنْ رأيٍ شخصيٍّ:أنَّ منَ الأفضلِ لنا أنْ نأخذَ عن ْ أهلِ الأدبِ ما يحسنونه ضمنَ مجالاتِهم منَ الناحيةِ الأدبيةِ منْ أقوالٍ وخبراتٍ لا تتنافى ومبادئَ العقيدةِ الإسلاميةِ السليمةِ،ونتركُ الغثَّ الطالحَ
    أمّا فيما يتعلقُ بالقضايا العقائديةِ،فدين ُنا غالٍ جدًا؛لا يؤخذُ عنْ أيٍّ كانَ،نتعلّمُهُ منْ أهلِ العلمِ الثقاتِ.
    ***هذا مجرّدُ رأيٍ شخصيٍّ للقارئِ أنْ يأخذَ بهِ أو يلقيَهُ أدراجَ الرياحِ.
    كلمةُ حقٍّ نقولُها في الأديبِ المحقّقِ محمودِ بنِ محمدٍ بنِ شاكرٍ الملقبِ بأبي فهر:جزاهُ اللهُ خيرَ الجزاءِ عنْ شجاعتِهِ وتجنيدِهِ للقلمِ ذودًا عنْ كتابِ اللهِ،وإنْ تعهدَ اللهُ بحفظِهِ.
    وليستْ هذهِ المرةَ الأولى؛فمعاركُه ُ معَ (طه حسين) لا تُنسى.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    شكر الله لكم تعليقكم المفيد .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2016
    المشاركات
    582

    افتراضي

    ما قصدْتُه منْ تعليقي :أنّ الكاتبَ الذي ينخدعُ ببهرجةِ الدنيا وكثرةِ المديحِ منَ النّاسِ
    سيتنازلُ عنِ الكثيرِ منَ المبادئِ والأخلاقِ والثوابتِ التي درجَ عليها؛لإرضاءِ الجمهورِ القارئِ،أو تأثرًا بأساتذتِهِ منَ العلمانيينَ والملحدينَ والمستشرقينَ.
    وطهَ بنُ حسينٍ الذي درسَ على يدِ المستشرقينَ أمثالِ( سانت بيف،وهبيوليت تين) خيرُ مثالٍ؛حيثُ أنّه أصبحَ أداةً يحاربُ بها الغربُ اللغةَ العربيةَ والدينَ الإسلاميَّ ،وهنا كانَ للأديبِ المحققِّ محمودِ بنِ محمدِ بنِ شاكرٍ دورٌ مشرّفُ في الذودِ عنِ العربيةِ والشعرِ الجاهليِّ ...
    والرافعيُّ - رحمَهُ اللهُ –كانَ ممّنْ هاجمَ ذاكَ الكتابِ الذي ألّفَهُ طهَ، وللرافعيِّ مؤلفاتٌ رائعةٌ يشهدُ لهُ النّاسُ بذلكَ
    الشاهدُ منْ هذا كلِّهِ :أنْ نتخيّرَ منَ الأدبِ ما ينفعُنا ويدخلُ السرورَ إلى النفسِ؛على أنْ لا يكونَ فيهِ ما يخالفُ العقيدةَ والأخلاقَ الحسنةَ.ولمْ أقصدْ بهذا رفضًا لما وُضِعَ منْ كتابِ وحيِ القلمِ في هذا المجلسِ الطيّبِ؛لهدفٍ سامٍ قصدَ الأخُ الفاضلُ إيصالَهُ للقرّاءِ الكرامِ. كتبَ اللهُ الأجرَ والثوابَ لصاحبِ الموضوعِ ونفعَ بهِ أمّةَ الإسلامِ.

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    808

    افتراضي

    بارك الله فيكم أختنا الفاضلة ونفع بكم.

    لا أريد الخروج عن الموضوع، ولكني أحببت أن أنبّه إلى أمر جانبي:
    قولكم إن طه حسين درس على يد مستشرقين ك Sainte Beuve أوHippolite Taine يحتاج إلى دقة وضبط، فإن الأول توفي قبل ولادة طه حسين بعشرين سنة والثاني توفي وعمر صاحبنا أربع سنوات.
    ولعلكم تقصدون أنه تأثر بكتبهما فهذا صحيح فإنه قرأ للأوّل "les causeries du lundi " (أحاديث الإثنين) ومنه استلهم كتابه (حديث الأربعاء) وقرأ للثاني بعض كتبه التي تنظّر للحتمية التاريخية التي تنص على أن كل حدث في الكون يخضع لسلسلة من الأسباب المنطقية.
    ومعذرة مرة أخرى أختنا الكريمة .

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Mar 2016
    المشاركات
    582

    افتراضي

    قولي أساتذتُهُ،ودرسَ على أيديهمْ،تعبيرٌ مجازيٌ عنْ منهجِهِمْ الذي تشرّبَهُ وسارَ عليهِ.
    شكّرَ اللهُ للأخِ الفاضلِ وباركَ ونفعَ.

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا شيخنا
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    May 2011
    المشاركات
    234

    افتراضي

    [quote=أبو مالك المديني;822450]* معركة الرافعي مع العقاد:
    وفاءً إلى التسامح بعد بضعة عشر عامًا من خمود المعركة على حد تعبير الأستاذ كمال النجمي.
    جزاكم الله خيرا شيخنا على المقال الممتع، والله أعلم كلمة (وفاء) ليست مصدراً، وإنما هي حرف عطف، والفعل (فاء) بمعنى رجع. وأنتم أعلم بذلك. لكم منا كل تقدير

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    ما أجمل الحديث عن الأدب بأدب، جزاكم الله خيرًا
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    May 2011
    المشاركات
    234

    افتراضي

    [quote=أبو بكر العروي;822849]بارك الله في شيخنا ونفع به.
    ثم قرأت المشاركة الثالثة وفي ذهني أن صاحب المقولة هو العقاد مع استنكار وتعجب وقع في نفسي، ولكن علمي ببعض "خرجات" العقاد أزاح عني التريّث، فاللهم غفرا.
    وشكر الله لكم حسن التنبيه.
    صاحب كلمة الكفر هو حسن القاياتي
    (1300 - 1377 هـ = 1883 - 1957 م)
    حسن بن محمد بن عبد الجواد بن عبد اللطيف القاياتي: شاعر مصري، من علماء الأزهر، ولد في (القايات) بمديرية المنيا. وعاش وتوفي بالقاهرة. وكان من أعضاء المجمع اللغوي فيها.
    قرأ بالأزهر. وتولى به مشيخة رواق الفشنية. وعاش متأنقا في مظهرة وفي نظمه. شعره متفرق جمع منه في صباه (ديوان القاياتي - ط) الجزء الأول (طبعه سنة 1910) ونشرت له الصحف بعد ذلك مقطعات كثيرة من ذوات البيتين والثلاثة، وقصائد قليلة (2) .


    [الأعلام للزركلي 2/ 222]
    ينظر تفصيل الحادثة بما كتبه الرافعي رحمه الله لمحمود أبي رية في ((رسائل الرافعي)) (ص267) رسالة رقم (209). وجزى الله خيرا الجميع لإثراء الموضوع

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    [quote=مصطفى البغدادي;824632]
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    * معركة الرافعي مع العقاد:
    وفاءً إلى التسامح بعد بضعة عشر عامًا من خمود المعركة على حد تعبير الأستاذ كمال النجمي.
    جزاكم الله خيرا شيخنا على المقال الممتع، والله أعلم كلمة (وفاء) ليست مصدراً، وإنما هي حرف عطف، والفعل (فاء) بمعنى رجع. وأنتم أعلم بذلك. لكم منا كل تقدير
    إنما أنا ناقل ، جزاكم الله خيرا ونفع بكم .

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    May 2011
    المشاركات
    234

    افتراضي

    [quote=أبو مالك المديني;824691]
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى البغدادي مشاهدة المشاركة
    إنما أنا ناقل ، جزاكم الله خيرا ونفع بكم .
    وجزاكم الله كل خير، والمقصود في الأمر الفكرة ليس إلا.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •