تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: التألي على الله حقيقته خطورته والتحذير منه

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2014
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    34

    Lightbulb التألي على الله حقيقته خطورته والتحذير منه

    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فإذا كان المسلم يحرص في هذه الدنيا على كسب الحسنات الوفيرة ـ وحق له ذلك ليسعد يوم القيامة ـ فإن مما ينبغي عليه ألا يغفله هو الحذر الشديد من محبطات الأعمال ومزيلات الإحسان والتي من أخطرها التألي على الله جل جلاله وعظم سلطانه ، وذلك أن المسرفين على أنفسهم بالمعاصي المجاهرين بالظلم والعدوان ، لا يبالون بأحد ولا يقبلون نصيحة أحد ، بل بالعكس تأخذهم العزة بالإثم إذا ما قيل لهم اتقوا الله، فهم لا يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله ، فإذا رأى المسلم أمثال هؤلاء قد تأخذه الحمية وتقوده الغيرة إلى أن يتألى على الله فيحكم بكفرهم أو يطعن في نياتهم فيخلدهم في النار أو يحرمهم رحمة الرحيم الرحمن.
    ونحن على مشارف شهر رمضان الفضيل حيث تقبل الجموع على ربها وتمتلئ المساجد بضيوفها في منظر بهيج يستبشر به المؤمنون ، إلا أن بعض مريضي القلوب كأنه وضع رقيبا على العباد وأنى له ذلك ، يطعن في نيات المصلين فتسمعه يقول : لقد جاء جماعة رمضان وآخر يقول : صلاة القياد الجمعة والأعياد ...وغيرها مما تنبو عنه أذن المؤمن الوجل .
    إذ المسجد بيت الله فليس بيتي ولا بيتك ولا بيته وهؤلاء ضيوف الله فإن لم نرحب بهم ونكرمهم كما هو الواجب فلا نطعن في نياتهم ولنسأل الله قبول أعمالنا.
    لذلك فسأعنى في هذه المقالة ببيان حقيقة التألي وخطورته وصوره والتحذير منه .
    ولعل البحث ينحصر في المسائل التالية:
    المسألة الأولى : تعريف التألي .
    المسألة الثانية : حرمة التألي على الله.
    المسألة الثالثة حبوط عمل المتألي:
    المسألة الرابعة : الفرق بين التألي والإقسام الجائز على الله:
    وتنبيه لطيف .

    المسألة الأولى : تعريف التألي .
    قال الأزهري في تهذيب اللغة:" وَالْفِعْل: آلى يُؤْلي إِيلاء، وتأَلّى يتألّى تألِّياً، وائتلى يَأتلي ائتلاءً، قَالَ الله تَعَالَى: {وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ الْفَضْلِ مِنكُمْ} (النُّور: 22) الْآيَة.
    وَقَالَ الْفراء: الائتِلاء: الحَلف."
    وفي لسان العرب:" والأُلْوَة والأَلْوَة والإِلْوَة والأَلِيَّة عَلَى فعِيلة والأَلِيَّا، كلُّه: الْيَمِينُ، وَالْجَمْعُ أَلايَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ: قَلِيلُ الأَلايَا حافظٌ لِيَمينِه، ... وإنْ سَبَقَتْ مِنْهُ الأَلِيَّةُ بَرَّتِ
    وَرَوَاهُ ابْنُ خَالَوَيْهِ: قَلِيلُ الإِلاء، يُرِيدُ الإِيلاءَ فَحَذَفَ الْيَاءَ، وَالْفِعْلُ آلَى يُؤْلي إِيلَاءً: حَلَفَ، وتأَلَّى يَتأَلَّى تأَلِّياً وأْتَلَى يَأْتَلِي ائْتِلاءً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ
    «2»؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا يَأْتَلِ هُوَ مِنْ أَلَوْتُ أَي قَصَّرْت؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الائْتِلاءُ الحَلِفُ"
    وَفِي الْحَدِيثِ:"مَنْ يَتَأَلَّ على الله يُكْذِبْه " عن ابن مسعود كما في الإبانة لابن بطة .
    أَي مَن حَكَم عليه وخَلَف كَقَوْلِكَ: وَاللَّهِ لَيُدْخِلَنَّ اللَّهُ فُلَانًا النارَ، ويُنْجِحَنَّ اللهُ سَعْيَ فُلَانٍ. وَفِي الْحَدِيثِ: "وَيْلٌ للمُتَأَلِّينَ مِنْ أُمَّتي " الجامع الصغير وضعفه الألباني.
    يَعْنِي الَّذِينَ يَحْكُمون عَلَى اللَّهِ وَيَقُولُونَ فُلَانٌ فِي الْجَنَّةِ وَفُلَانٌ فِي النَّارِ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "مَنِ المُتَأَلِّي عَلَى اللَّهِ".
    إذن التألي في اللغة الحلف وفي الاصطلاح هو أن يحلف شخص بأن الله لا يغفر لفلان أو لا يدخله الجنة أو يدخله النار.
    المسألة الثانية : حرمة التألي على اللَّه.
    وردت عدة نصوص تدل دلالة صريحة على تحريم التألي بل على حبوط عمل المتألي على الله.
    فعن ضمضم بن جوس اليمامي قال قال لي أبو هريرة يا يمامي لا تقولن لرجل والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الله الجنة أبدًا قلت يا أبا هريرة إن هذه لكلمة يقولها أحدنا لأخيه وصاحبه إذا غضب قال فلا تقلها فإني سمعت النبي -صلي الله عليه وسلم - يقول: "كان في بني إسرائيل رجلان كان أحدهما مجتهدًا في العبادة وكان الآخر مسرفًا على نفسه، فكانا متآخيين فكان المجتهد لا يزال يرى الآخر على ذنب فيقول يا هذا أقصر فيقول خلني وربي أبعثت عليّ رقيبًا، قال إلى أن رآه يومًا على ذنب استعظمه فقال له ويحك أقصر قال خلني وربي أبعثت عليّ رقيبًا، قال فقال والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الله الجنة أبدًا قال أحدهما قال فبعث الله إليهما ملكًا فقبض أرواحهما واجتمعا عنده فقال للمذنب اذهب فأدخل الجنة برحمتي وقال للآخر أكنت في عالمًا أكنت على ما في يدي خازنًا اذهبوا به إلى النار، قال فو الذي نفس أبي القاسم بيده لتكلم بالكلمة أوبقت دنياه وآخرته"أخرجه أحمد في المسند وقال أحمد شاكر إسناده صحيح وأصله في مسلم. كتاب البر والصلة (4 / 2023) (رقم: 2621) .
    يتألى: يحلف، والأَلية اليمين.
    قال النووي في " شرح مسلم " (16 / 174) :
    " وفيه دلالة لمذهب أهل السنَّة في غفران الذنوب بلا توبة إذا شاء اللَّه غفرانها، واحتجت المعتزلة به في إِحباط الأعمال بالمعاصي الكبائر، ومذهب أهل السنَّة أنها لا تحبط إلا بالكفرِ، ويتأول حبوط عمل هذا على أنه أسقطت حسناته في مقابلة سيئاته، وسمي إحباطا مجازا، ويحتمل أنه جرىَ منه أمر آخر أوجب الكفر، ويحتمل أن هذا كان في شرع من قبلنا وكان هذا حكمهم" اهـ.
    وعن ابن عباس قال: مَرّ نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - على رجل من بني سُلَيم معه غنم له، فسلم عليهم، فقالوا: ما سلم عليكم إلا تَعَوُّذاً منكم، فعمدوا إليه فقتلوه وأخذوا غنمه، فأتَوا بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله تبارك وتعالى {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} إلى آخَر الآية.أخرجه أحمد وصحح إسناده أحمد شاكر.
    ومما يستدل به في هذا المقام الحادثة العظيمة التي وقعت لأسامة بن زيد حب رسول الله وابن حب رسول الله فعَنْ أَبِي ظَبْيَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: " بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَيْشٍ إِلَى الْحُرُقَاتِ حَيٍّ مِنْ جُهَيْنَةَ فَلَمَّا يَعْنِي هَزَمْنَاهُمِ ابْتَدَرْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ فَقَالَ: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَكَفَّ عَنْهُ الْأَنْصَارِيُّ ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَهَا تَعَوُّذًا، فَقَتَلْتُهُ، فَرَجَعَ الْأَنْصَارِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أُسَامَةُ، قَتَلْتَ رَجُلًا بَعْدَ أَنْ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟ كَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟» فَمَا زَالَ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ إِلَّا يَوْمَئِذٍ "
    ففي هذه النصوص النبوية الشريفة لمقنع وكفاية لمن كان له قلب ، إذ العباد ناصحون معلمون لا حاكمون على الناس .
    فهاهو أسامة بن زيد لا يقبل النبي عذره وستعظم خطأه حفاظا على حرمة المؤمن ووقوفا عن الطعن في الناس، وأسامة رضي الله عنه لم يتأل على الله ولكن عمل على ظنه الغالب فبين له النبي الصواب .
    قال ابن بطال في شرح البخاري:" وأما قتل أسامة الرجل؛ فإنه ظنه كافرًا، وجعل ما سمع منه من الشهادة تعوذًا من القتل، وأقل أحوال أسامة فى ذلك أن يكون قد أخطأ فى فعله؛ لأنه إنما قصد إلى قتل كافر عنده، ولم يكن عرف حكم النبى (صلى الله عليه وسلم) فيمن أظهر الشهادة بلسانه أنها تحقن دمه فسقط عنه القَوَدُ، لأنه معذور بتأويله، .......، وما لقى أسامة من النبى (صلى الله عليه وسلم) فى قتله هذا الرجل الذى ظنه كافرًا من اللوم والتوبيخ، حتى تمنى أنه لم يسلم قبل ذلك اليوم آلى على نفسه ألا يقاتل مسلمًا أبدًا؛ ولذلك قعد عن على ابن أبى طالب يوم الجمل وصفين".اهـ
    المسألة الثالثة حبوط عمل المتألي:
    ورد في بعض روايات الحديث الذي فيه ذكر الرجلين:" وأحبطت عملك" خطابا للمتألي، فهل هذا يعني أن عمله حابط كله بما فيه الإيمان أم أن الحابط هو العمل الذي تفاخر به ؟
    قال الشيخ ابن عثيمين :" ووجه إحباط الله عمله على سبيل العموم -حسب فهمنا والعلم عند الله-: أن هذا الرجل كان يتعبد لله وفي نفسه إعجاب بعمله، وإذلال بما عمل على الله كأنه يمن على الله بعمله، وحينئذ يفتقد ركنا عظيما من أركان العبادة; لأن العبادة مبنية على الذل والخضوع; فلا بد أن تكون عبدا لله عز وجل بما تعبدك به وبما بلغك من كلامه، وكثير من الذين يتعبدون لله بما تعبدهم به قد لا يتعبدون بوحيه، لأنه قد يصعب عليهم أن يرجعوا عن رأيهم إذا تبين لهم الخطأ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويحرفون النصوص من أجله، والواجب أن تكون لله عبدا فيما بلغك من وحيه، بحيث تخضع له خضوعا كاملا حتى تحقق العبودية.
    ويحتمل معنى " أحبطت عملك "; أي: عملك الذي كنت تفتخر به على هذا الرجل، وهذا أهون; لأن العمل إذا حصلت فيه إساءة بطل وحده دون غيره، لكن ظاهر حديث أبي هريرة يمنع هذا الاحتمال، حيث جاء فيه أن الله تعالى قال: اذهبوا به إلى النار".اهـ
    وعلى القول بأنها كبيرة أحبطت حسنات يؤيده قول عائشة رضي الله عنها: أبلغي زيدا أنه أحبط جهاده مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا أن يتوب.كما في فتح الباري لابن رجب.
    قال ابن رجب :"وهذا يدل على أن بعض السيئات تحبط بعض الحسنات، ثم تعود بالتوبة منها".
    المسألة الرابعة : الفرق بين التألي والإقسام الجائز على الله:
    ورد في بعض الأحاديث«ومن عباد الله من لو أقسم على الله لأبره» أي يحلف على أن يفعل الله كذا فيبر الله قسمه ويلبي رغبته فهل يتعارض هذا مع التأي المذموم؟
    قال صالح آل الشيخ:" الإقسام على الله يكون على جهتين: جهة يكون فيها التكبر والتجبر، ورفعة هذا المتألي نفسه حتى يجعل له على الله حقا، وهذا مناف لكمال التوحيد، وقد ينافي أصله، وصاحبه متوعد بالعقاب الذي جاء في مثل هذا الحديث، فهذا يتألى على الله - جل وعلا - أن يحكم بما اختاره هو من الحكم، فيقول: والله لا يحصل لفلان كذا، تكبرا واحتقارا للآخرين، فيريد أن يجعل حكم الله كحكمه تأليا واستكبارا على الله أن يفعل الله - جل وعلا - ما ظنه هو، فهذا التألي والاستكبار نوع تحكم في أمر الله - جل وعلا - وفي فعله، وهذا لا يصدر من قلب معظم لله - جل وعلا.
    والجهة الثانية: أن يقسم على الله - جل جلاله - لا على جهة التألي، ولكن على جهة أن ما ظنه صحيح في أمر وقع له، أو في أمر يواجهه، فهذا يقسم على الله أن يكون كذا في المستقبل على جهة التذلل والخضوع لله لا على جهة التألي، وهذا هو الذي جاء فيه الحديث: «ومن عباد الله من لو أقسم على الله لأبره» (1) ؛ لأنه أقسم على الله، لا على جهة التعاظم والتكبر والتألي، ولكن على جهة الحاجة والافتقار إلى الله، فحين أقسم أقسم محتاجا إلى الله، وأكد ذلك بالله وبأسمائه من جهة ظنه الحسن بالله - جل وعلا - فهذا جائز، ومن عباد الله من لو أقسم على الله لأبره؛ لأنه قام في قلبه من العبودية لله والذل والخضوع ما جعل الله - جل وعلا - يجيبه في سؤاله، ويعطيه طلبته ورغبته."شرح كتاب التوحيد
    تنبيه لطيف :
    قد يجر المتأَلَى عليه إلى الاحتجاج بالتألي لطلب المغفرة مثل ما حصل للحجاج ففي روح البيان :" قيل- ان الحجاج لما أحضرته الوفاة كان يقول اللهم اغفر لى فان الناس يزعمون انك لا تفعل ومات بواسط سنة خمس وتسعين وهي مدينته التي انشأها وكان يوم موته يسمى عرس العراق ولم يعلم بموته حتى أشرفت جارية من القصر وهي تبكى وتقول ألا ان مطعم الطعام ومفلق الهام قد مات ثم دفن ووقف رجل من اهل الشام على قبره فقال اللهم لا تحرمنا شفاعة الحجاج وحلف رجل من اهل العراق بالطلاق ان الحجاج في النار فاستفتى طاووس فقال يغفر الله لمن يشاء وما أظنها الا طلقت فيقال انه استفتى الحسن البصري فقال اذهب الى زوجتك وكن معها فان لم يكن الحجاج في النار فما يضركما انكما في الحرام فقد وقفت من هذا المذكور على ان الله تعالى غفور رحيم يغفر لعبده وان جاء بمثل زبد البحر ذنبا فاللازم للعباد الرجاء من الله تعالى.
    قَالَ عُمَرُ بن عبد العزيز: " مَا حَسَدْتُ الْحَجَّاجَ عَدُوَّ اللهِ عَلَى شَيْءٍ حَسَدِي إِيَّاهُ عَلَى حُبِّهِ الْقُرْآنَ وَإِعْطَائِهِ أَهْلَهُ، وَقَوْلِهِ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي، فَإِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لَا تَفْعَلُ "
    وفي تاريخ الإسلام للذهبي :" وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ الْحَجَّاجُ لَمَّا احْتَضَرَ:
    يَا رَبِّ قَدْ حَلِفَ الأَعْدَاءُ وَاجْتَهَدُوا ... بِأَنَّنِي رَجُلٌ مِنْ سَاكِنِي النَّارِ
    أَيَحْلِفُونَ عَلَى عَمْيَاءَ وَيْحَهُمُ ... مَا عِلْمُهُمْ بِكَثِيرِ الْعَفْوِ سَتَّارِ
    فَأُخْبِرَ الْحَسَنُ فَقَالَ: إِنْ نَجَا فَبِهِمَا.
    وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَمْرٍو الْمَخْزُومِيُّ : ثنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْحَسَنِ، فَأُخْبِرَ بِمَوْتِ الْحَجَّاجِ، فَسَجَدَ.
    وبهذا نكون قد وصلنا لخاتمة المقال فلا يسعنا إلا أن نعمل على إصلاح أنفسنا ودعوة غيرنا وترك التألي على الله .
    سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: التألي على الله حقيقته خطورته والتحذير منه

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عدة مشاهدة المشاركة

    المسألة الرابعة : الفرق بين التألي والإقسام الجائز على الله:
    ورد في بعض الأحاديث«ومن عباد الله من لو أقسم على الله لأبره» أي يحلف على أن يفعل الله كذا فيبر الله قسمه ويلبي رغبته فهل يتعارض هذا مع التأي المذموم؟
    قال صالح آل الشيخ:" الإقسام على الله يكون على جهتين: جهة يكون فيها التكبر والتجبر، ورفعة هذا المتألي نفسه حتى يجعل له على الله حقا، وهذا مناف لكمال التوحيد، وقد ينافي أصله، وصاحبه متوعد بالعقاب الذي جاء في مثل هذا الحديث، فهذا يتألى على الله - جل وعلا - أن يحكم بما اختاره هو من الحكم، فيقول: والله لا يحصل لفلان كذا، تكبرا واحتقارا للآخرين، فيريد أن يجعل حكم الله كحكمه تأليا واستكبارا على الله أن يفعل الله - جل وعلا - ما ظنه هو، فهذا التألي والاستكبار نوع تحكم في أمر الله - جل وعلا - وفي فعله، وهذا لا يصدر من قلب معظم لله - جل وعلا.
    والجهة الثانية: أن يقسم على الله - جل جلاله - لا على جهة التألي، ولكن على جهة أن ما ظنه صحيح في أمر وقع له، أو في أمر يواجهه، فهذا يقسم على الله أن يكون كذا في المستقبل على جهة التذلل والخضوع لله لا على جهة التألي، وهذا هو الذي جاء فيه الحديث: «ومن عباد الله من لو أقسم على الله لأبره» (1) ؛ لأنه أقسم على الله، لا على جهة التعاظم والتكبر والتألي، ولكن على جهة الحاجة والافتقار إلى الله، فحين أقسم أقسم محتاجا إلى الله، وأكد ذلك بالله وبأسمائه من جهة ظنه الحسن بالله - جل وعلا - فهذا جائز، ومن عباد الله من لو أقسم على الله لأبره؛ لأنه قام في قلبه من العبودية لله والذل والخضوع ما جعل الله - جل وعلا - يجيبه في سؤاله، ويعطيه طلبته ورغبته."شرح كتاب التوحيد
    بارك الله فيك

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: التألي على الله حقيقته خطورته والتحذير منه

    أجدت وأفدت، أحسن الله إليك
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: التألي على الله حقيقته خطورته والتحذير منه

    (عَنْ جُنْدَب بن عبد الله (، قال : قال رسول الله ( «قَالَ رَجُل: وَاللّهِ لاَ يَغْفِرُ اللّهُ لِفُلاَنٍ، فقال اللهُ عز وجل: مَنْ ذَا الذِي يَتَأَلَّى عَلَيّ أَنْ لاَ أَغْفِرَ لِفُلاَنٍ») هذا الذي قال (وَاللّهِ لاَ يَغْفِرُ اللّهُ لِفُلاَنٍ) كان رجلا صالحا، والآخر كان رجلا فاسقا، فقال هذا الرجل الصالح: (وَاللّهِ لاَ يَغْفِرُ اللّهُ لِفُلاَنٍ)؛ لأن فلان هذا كان رجلا فاسقا مريدا كثير العصيان، متألي هذا العابد وعظم نفسه وظن أنه بعبادته إلى الله جل وعلا بلغ مقاما يكون متحكما فيه بأفعال الله جل وعلا وألا يرد شيء طلبه ، أو له أن يتحكم في الخلق، وهذا ينافي حقيقة العبودية التي هي التذلل لله جل وعلا، فالله سبحانه وتعالى عاقبه فقال (مَنْ ذَا الذِي يَتَأَلَّى عَلَيّ) يعني يتعاظم ويتكبر عليّ ويحلف علي فيقسم عليَّ؛ لأن يتألى من الألِيَّة وهي الحلف ومنه قوله تعالى منه قوله تعالى ?لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِم تَرَبُصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُو فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ?[البقرة:226]، والإيلاء من الألية وهي الحلف، فـ(يَتَأَلَّى) يعني يحلف على جهة التكبر والتعاظم، (أَنْ لاَ أَغْفِرَ لِفُلاَنٍ. فَإِنّي قَدْ غَفَرْتُ لِهُ. وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ) فغُفرللطالح وأُحبط عمل ذلك الرجل العابد.-------------------فالواجب على العباد جميعا أن يعظِّموا الله وأن يخبتوا إليه و أن يظنوا أنهم أسوء الخلق، حتى يقوم في قلوبهم أنهم أعظم حاجة لله جل وعلا وأنهم لم يوفوا الله حقه.
    أما التعاظم بالنفس والتعاظم بالكلام والمدح والثناء ونحو ذلك فليس من صنيع المجلين لله جل وعلا الخائفين من تقلب القلوب، فالله جل وعلا يقلب القلوب ويصرِّفها كيف يشاء، فالقلب المخبت المنيب يحذر ويخاف دائما أن يتقلب قلبُه، فينتبه للفظه، وينتبه لحظه، وينتبه لسمعه، وينتبه لحركاته لعل الله جل وعلا ان يميته غير مفتون ولا مخزي
    [كفاية المستزيد]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •