أولًا: معنى كلمة الذكـــــر:
لغةً: التنبيه على الشيء.
شرعًا: هو ما مدلوله الثناء على الله، أو: هو ما وضعه الشارع ليتعبد به. قاله سعدي أبو حبيب القاموس الفقهي ص 137
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: (والمراد بالذكر هنا الإتيان بالألفاظ التي ورد الترغيب في قولها والإكثار منها مثل الباقيات الصالحات وهي: (سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر).
وما يلتحق بها من الحوقلة والبسملة والحسبلة والاستغفار ونحو ذلك، والدعاء بخيري الدنيا والآخرة، ويطلق ذكر الله أيضًا ويراد به المواظبة على العمل بما أوجبه أو ندب إليه كتلاوة القرآن وقرأة الحديث ومدارسة العلم والتنفل بالصلاة).


(والمراد بالذكر هنا الإتيان بالألفاظ التي ورد الترغيب في قولها والإكثار منها مثل الباقيات الصالحات وهي: (سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر).
وما يلتحق بها من الحوقلة والبسملة والحسبلة والاستغفار ونحو ذلك، والدعاء بخيري الدنيا والآخرة، ويطلق ذكر الله أيضًا ويراد به المواظبة على العمل بما أوجبه أو ندب إليه كتلاوة القرآن وقرأة الحديث ومدارسة العلم والتنفل بالصلاة).
فتح الباري (11/212).

ثانيًا: أنواع الذكر:
قال القاضي عياض: وذكر الله تعالى ضِربان:
1- ذكر بالقلب، و 2- ذكر باللسان
والذكر بالقلب نوعان:
أحدهما: وهو الأذكار و أجلها الفكر في عظمة الله تعالى وجلاله وجبروته وملكوته وآياته في سمواته وأرضه ومنه الحديث: (خير الذكر الخفي).
والثاني: ذكره بالقلب عند الأمر و النهي فيمتثل ما أمر به ويترك ما نهى عنه ويقف عما اشكل عليه.
وأما الذكر باللسان: فهو أضعف الأذكار ولكن فيه فضل عظيم كما جاءت به الأحاديث. (الأذكار ص 8 ، شرح مسلم 17/15 النووي).
- واختلف السلف في ذكر القلب واللسان أيهما أفضل؟
قال عياض: (والخلاف عندي إنما يتصور في مجرد ذكر القلب تسبيحًا وتهليلًا وشبههما وعليه يدل كلامهم؛ لأنهم مختلفون في الذكر الخفي الذي ذكرناه وإلا فذلك لا يقاربه ذكر اللسان فكيف يفاضله، وإنما الخلاف في ذكر القلب بالتسبيح المجرد ونحوه والمراد بذكر اللسان مع حضور القلب فإن كان لاهيًا فلا، واحتج من رجح ذكر القلب بأن عمل السر أفضل، ومن رجح ذكر اللسان قال: لأن العمل فيه أكثر فإن زاد باستعمال اللسان اقتضى زيادة أجر). اهـ كلامه (شرح مسلم 17/15-16).
قال الحافظ ابن حجر: (ثم الذكر يقع تارة باللسان ويؤجر عليه الناطق ولا يشترط استحضاره لمعناه ولكن يشترط أن لا يقصد به غير معناه وإن انضاف إلى النطق الذكر بالقلب فهو أكمل فإن انضاف إلى ذلك استحضار معنى الذكر وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى ونفي النقائص عنه ازداد كمالًا فإن صحح التوجه وأخلص لله تعالى في ذلك فهو أبلغ الكمال. (الفتح 11/212-213).
وقال النووي في الأذكار: (والأفضل منه ما كان بالقلب واللسان جميعًا فإن اقتصر على أحدهما فالقلب أفضل). (شرح مسلم 17/ 16، والأذكار ص 8).

- مسألة: هل تكتب الملائكة ذكر القلب؟
قال عياض: (قيل تكتبه و يجعل الله تعالى لهم علامة يعرفونه بها، وقيل لا يكتبونه لأنه لا يطلع عليه غير الله تعالى ...).
قال النووي: (والصحيح أنهم يكتبونه). (شرح مسلم 17/16).

ثالثًا: الأذكار توقيفية: (لا يزاد فيها ولا ينقص):
قال الإمام النووي: (أن هذا ذكر ودعاء فينبغي فيه الاقتصار على اللفظ الوارد بحروفه وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف ولعله أوحي إليه صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمات فيتعين أداؤها بحروفها، حكاه عن المازري وغيره، ثم قال: (وهذا القول حسن). (شرح مسلم 17/33).
قال الحافظ: (وأولى ما قيل .. أن ألفاظ الأذكار توقيفية ولها خصائص وأسرار لا يدخلها القياس فتجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به، وهذا اختيار المازري ..).
(الفتح 11/116).

رابعًا: الأعداد في الأذكار توقيفية:
قال الحافظ: (واستنبط من هذا أن مراعاة العدد المخصوص في الأذكار معتبرة .... -إلى أن قال- ويؤيد ذلك أن الأذكار المتغايرة إذا ورد لكل ٍ منها عدد مخصوص مع طلب الإتيان بجميعها متوالية لم تحسن الزيادة على العدد المخصوص لما في ذلك من قطع الموالاة ... (الفتح 2/384).

خامسًا: هل تثبت الأذكار بالتجربة؟
روى الطبراني وأبو يعلى و ابن السني في: (عمل اليوم و الليلة)، من حديث ابن مسعود مرفوعًا: (إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله احبسوا عليّ، فإن لله في الأرض حاضرًا سيحبسه عليكم).
قال السخاوي في:
(الابتهاج بأذكار المسافر و الحاج): وسنده ضعيف؛ لكن قال النووي: (إنه جربه هو وبعض أكابر شيوخه).
قال الحافظ في:
(تخريج الأذكار): أخرجه الطبراني بسند منقطع عن عتبة بن غزوان مرفوعًا وزاد في آخره (وقد جرب ذلك). ثم قال الحافظ: (كذا في الأصل المنقول منه هذا الحديث من كتاب الطبراني، ولم أعرف تعيين قائله ولعله مصنف المعجم، والله أعلم).
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: (العبادات لا تؤخذ من التجارب سيما ما كان منها في أمر غيبي كهذا الحديث، فلا يجوز الميل إلى تصحيحه بالتجربة، كيف و قد تمسك به بعضهم في جواز الاستغاثة بالموتى عند الشدائد وهو شرك خالص والله المستعان، وما أحسن ما روى الهروي في: ذم الكلام (4/68/1).
(أن عبد الله بن المبارك ضلّ في بعض أسفاره في طريق، وكان قد بلغه أن من اضطر (كذا في الأصل، ولعل الصواب: من ضلّ ) في مفازة فنادى: يا عباد الله أعينوني أ ُعين. قال: فجعلت أطلب الجزء أنظر إسناده.
قال الهروي: فلم يستجز أن يدعو بدعاء لا يرى إسناده.
قال الألباني: (فهكذا ليكن الإتباع و مثله في الحسن ما قاله العلامة الشوكاني في: (تحفة الذاكرين بمثل هذه المناسبة): (السنة لا تثبت بمجرد التجربة ولا يخرج الفاعل للشيء معتقدًا أنه سنة عن كونه مبتدعًا وقبول الدعاء لا يدل على أن سبب القبول ثابت من رسول الله صلى عليه وسلم فقد يجيب الله الدعاء من غير توسل بسنة وهو أرحم الراحمين وقد تكون الاستجابة استدراجًا). اهـ (السلسلة الضعيفة 2/108-110 رقم 655).

سادسًا: لا تشترط النية للأذكار:
قال الحافظ: (قال ابن عبد السلام - أي العز - : أن النية إنما تشترط في العبادة التي لا تتميز بنفسها، وأما ما يتميز بنفسه فإنه ينصرف بصورته إلى ما وضع له كالأذكار والأدعية والتلاوة لأنها لا تترد بين العبادة والعادة، ولا يخفى أن ذلك إنما هو بالنظر إلى أصل الوضع أما ما حدث فيه عرف كالتسبيح للتعجب فلا، ومع ذلك فلو قصد بالذكر القربة إلى الله تعالى لكان أكثر ثوابًا، ومن ثم قال الغزالي: حركة اللسان بالذكر مع الغفلة عنه تحصل الثواب لأنه خير من حركة اللسان بالغيبة، بل هو خير من السكوت مطلقًا أي المجرد عن التفكر، قال: و إنما هو ناقص بالنسبة إلى عمل القلب). (الفتح 1/21).


سابعًا: بيان وقت أذكار الصباح و المساء:
قال العلامة ابن القيم في: (الوابل الصيب من الكلم الطيب): ( صـ 90-91): (فصل: في ذكر طرفي النهار وهما ما بين الصبح وطلوع الشمس، وما بين العصر والغروب، قال سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرًا كثيرًا وسبحوه بكرةً وأصيلًا).الأحزاب: 41-42
والأصيل: قال الجوهري: هو الوقت بعد العصر إلى المغرب،..و قال تعالى: (و سبح بحمد ربك بالعشي والإبكار). غافر: 55
فالإبكار أول النهار و العشي آخره.
وقال تعالى:
(وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب). ق: 39
وهذا تفسير ما جاء في الأحاديث ومن قال كذا وكذا حين يصبح وحين يمسي، أن المراد به قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، وأن محل هذه الأذكار بعد الصبح و بعد العصر).
وقد سئل الشيخ محمد صالح العثيمين: ما هو الوقت المحدد لأذكار الصباح والمساء الوارد في السنة المطهرة مثلًا، هل وقت أذكار المساء ما بين المغرب والعشاء أو ما بين العصر و المغرب؟
فأجاب قائلًا: (الذي يظهر أن الوقتين كلاهما من المساء ما بين العصر إلى المغرب وما بين المغرب والعشاء وأفضل ما تكون الأذكار في الصباح ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس وفي المساء ما بين صلاة العصر وغروب الشمس و لكن الوقت يمتد إلى أكثر من ذلك، فوقت الصباح قد يمتد إلى إشراق الشمس وكذلك وقت المساء قد يمتد إلى طائفة من أول الليل والأمر في ذلك واسع لكن ما ورد تخصيصه بالليل فإنه لا يفعل في النهار كما في قوله صلى الله عليه وسلم في آية الكرسي، من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح)، فمثل هذا النص واضح في تخصيص ذلك بالليل).
(نور على الدرب 2/74).

ثامنًا: الذكر محدثًا:
قال الحافظ في الفتح: (1/344): (إن جازت القراءة -أي للقرآن- بعد الحدث فجواز غيرها من الأذكار بطريق الأولى.

تاسعًا: الفرق بين الذكر والدعاء:
هناك ثلاثة فروق بين الذكر والدعاء حسب ما تبين من الأدلة، وهي كما يلي:
1. الأذكار مقيدة بوقت بخلاف الدعاء فإنه لا يتقيد بوقت ولا مكان.
2. الأذكار لا ترفع فيها الأيدي ولكنها في الدعاء من أسباب الإجابة.
3. بعض الأذكار يأتي مقيدة بعدد بخلاف الدعاء فلا عدد فيه.

وصلى الله وبارك على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

منقول