بسم الله الرحمن الرحيم
حكم الشرع في بناء المساجد على القبور
السؤال:
قرية أقدمت على توسيع مسجد وقسمت اليه قبرين، ثم عزلا بسور.
هل تجوز الصلاة في هذا المسجد.
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
المسجد بيت من بيوت الله يتردد إليه العابدين لأداء شعائرهم الدينية اليومية كالصلوات الخمس، والأسبوعية كالجمعة.
والمسجد تناط إليه مهام أخرى شرعية كالقاء دروس فس الوعظ والارشاد وقراءة الفاتحة للمتزوجين، والصلح بين المتخاصمين.
كما أنه وسيلة من وسائل التعارف والتعاون والاتحاد وجمع الكلمة والتشاور بين أبناء الحي والقرية في سبيل المنفعة العامة ومصلحة المسلمين.
والمسجد هذا وظيفته وطبيعته يجب أن يخضع لمقاييس اسلامية عند تأسيسه من حيث التصميم والشرعية كتحديد القبلة بدقة في المحراب وعدم بنائه على أرض مغصوبة مملوكة للغير أو الانفاق عليه من مال حرام أو مشبوه أو يقام على أرض فيها مقابر أو تعلق صور على جدرانه.
وعلى هذا لا ينبغي لاية جمعية دينية أن تقدم على بناء مسجد أو تعديله أو توسيعه إلا بعد استشارة أهل العلم والاختصاص حتى لا تقع في خطأ شرعي قد يصعب تصحيحه.
وما فائدة مسجد تصرف فيه الملايين والصلاة فيه غير مقبولة عند الله لانه أسس على غير تقوى الله، كبناء مسجد جديد بجوار مسجد قديم قصد التنافس والتفاخر واحياء النعوات القبلية، وكبنائه على أرض فيه قبر كما جاء في السؤال.
وقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز بناء مسجد في مكان تحقق فيه وجود قبر بدليل قول النبي –صلى الله عليه وسلم- : " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" وقال أيضا: " إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك" رواه مسلم.
قال أيضا: " الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" رواه الخمسه.
وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: " لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها" رواه الجماعة.
وقد شدد الرسول –صلى الله عليه وسلم- في النهي وبين أنه كان سببا في انحراف الأمم السابقة عن اخلاص العبادة لله تعالى.
ومحافظة على مقيدة المسلم يجب إخلاء المساجد من الأضرحة وخاصة إذا كانت في جهة القبلة، والصلاة إلى القبر أيأكان محرمة ونهى عنها وحكم النهي الشديد يؤدي إلى بطلانها، قال تعالى: " وان المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا"
ولذا يجب على قرية صاحب السؤال اتباع أحد الحلين الآتيين:
الأول: ما دام القبران داخل المسجد يجب نبشهما ونقلهما إلى المقبرة العامة فهما كسائر خلق الله من المسلمين، ولا مزية لهما على غيرهما، وابقاؤهما لا تصح الصلاة فيه استنادا إلى الأحاديث السابقة، وخاصة وقد يؤدي بمرور الزمن إلى تناسي أصل القبرين وتحاك حولهما الأساطير والخرافات ، وينساق الناس إلى زيارتهما لأن العوام صولعون بتقديس من يدفن في داخل المساجد.
والسور الذي بني لعزل القبرين ليس مبررا كافيا لاضفاء الشرعية في صحة الصلاة، لأن بعض المصلين يستقبلون في صلاتهم فضلا عن تشويهه لمنظر المسجد.
الثاني: فإذا كان من يصر للابقاء على القبرين ولا يكون هذا الأمن جماعة قليلة من عائلتهما، فانه في هذه الحالة يجب عزلهما بالتوسع في هذا السور على أن يمتد من جدار المدخل العام إلى جدار المدخل الخلفي والحاقه بالسقف، وهذا الحل يلحق ضررا كبيرا بالمسجد وهو انقاص جزء من مساحته ومع بقائها فارغة ، ويؤدي إلى ضيق المسجد بالمصلين نظرا لازدياد عددهم مستقبلا وخاصة في صلاة الجمعة والعيدين.
وعلى هذا فعلى أهل الراي اقناع معارضي نقل المقبرين باتباع الحل الأول وهو أخف الضررين، حفاظا على المنفعة العامة والمصلحة الشرعية.
والخلاصة: إذا لم يعمل الفتوى باتباع أحد الحلين السابقين فعلى الإمام أن يرفض اقامة الصلاة في هذا المسجد حتى يغير المنكر.
والله أعلم

عن المجلس العلمي
تيزي وزو
رئيس لجنة الفتوى
عبد الله حشروف
http://www.merathdz.com/play.php?catsmktba=1354