من هو الكُسعى وماهى قصته التى جرت مثلاً خلده الفرزدق فى بيت شعره عقب تطليق الفرزدق لزوجته نـُوار
حتى خلط الناس فى شخصية المُطلق وهل كان هو الكُسعى أم الفرزدق فقد قال الفرزدق :-

نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِـيّ لمــــــا ... غدت مِنّي مُطَلَّقَـةً نَـــــــوَارُ
وَكَانَتْ جَنّتي، فَخَرَجْتُ منها ... كآدم حِينَ لَجّ بِهِ الضِّـــــرَارُ
وَكُنْتُ كفاقئ عَيْنَيْهِ عمــــــدًا ... فأصبح مَا يُضِيءُ لَهُ النّهَــارُ
وَلا يُوفي بحبِّ نَوَارَ عِنْــدِي ... وَلا كَلَفي بهَـا إلاّ انْتِحَـــــــا رُ
وَلَوْ رَضِيتْ يَدايَ بهَا وقرت ... لكان لهَا عَلى القَدَرِ الخِيَــــارُ
وَمَا فَارَقْتُهَا شِبَعاً، ولكـــــــن ... رأيت الدّهْرَ يَأخُذُ مَا يُعَـــــارُ

أما قصة الكُسعى نفسه فى الندامة
فهى كما يلى:-

".. يحكى أن أعرابيا يدعى " الكُسَعي " كان يهوى صيد الظباء ، وإذ رغب في التفوق على منافسيه في الصيد ، فقد خطط لاقتناء قوس ما عرفت العرب مثل قوته ومرونته .

وكان أن حمل ذلك الأعرابي فسيلة فتية من نبتة نفيسة ونادرة سيكون للعود المستخرج من ساقها بعد حين شأن عظيم في صنع أقوى قوس وأمضى سهم سيعرفه العربان .

ومضى الأعرابي في الصحراء حتى عثر على شق عميق في صخرة صماء قاسية ، فغمر ذلك الشق بالتراب وزرع فيه تلك الفسيلة وأخذ ينقل لها الماء براحتيه كل يوم ليرويها ويمضي ساعات النهار بجانبها لحراستها من الحيوانات السائبة أو عبث العابرين .

وبعد شهور من الحراسة والرعاية والاهتمام المتواصل ، فقد شبّ العود وبات جاهزا للقطع والتحضير ليصبح اسمه بعد اليوم " قوس الكُسَعي "

وما إن تم تجهيز القوس وسهامه من ذلك العود النادر حتى تنفس الكُسَعي الصعداء ومضى يحث الخطو في أول رحلة للصيد برفقة قوسه الجديد وسهامه الحادة .

.. غربت الشمس وحل الظلام والأعرابي يختبئ خلف جذع نخلة باسقة بانتظار الصيد الموعود ، وما خذله أمله إذ سمع وقع حوافر الظباء تعدو بالقرب منه وها هي أشباحها تتراقص أمام ناظريه بين الأفق الفضي وظلام الصحراء ، هتف الأعرابي فرحا : هذا يومك يا كُسَعي ، وأطلق سهمه الأول نحو واحد من الظباء ، يا إلهي !! صاح الكُسَعي ، لقد اصطدم السهم بالصخر وتطاير الشرر الناري أمام عينيه ، عليك بالثانية يا كُسَعي ، وأطلقها ، ربّاه !! حتى الثانية ما أصابت فريستها !! فقد ارتطم السهم الثاني بالصخر وتطاير منه الشرر أيضا !! وحاول بالثالثة والنتيجة كانت هي ذاتها
أدار السعي ظهره بتثاقل اليائس الحزين وأسند ظهره المتعَب إلى جذع النخلة وألم الخذلان يمزقه.

نظر إلى قوسه نظرة الحاقد وقال : لماذا خيّبت أملي أيها القوس اللعين ، لقد أتيت ببذرتك من أقاصي البلاد وزرعتك في شق صخرة صماء وأرضعتك زلال الماء بكفيّ هاتين وسهرت على حمايتك ورعايتك حتى تنمو وأجني ثمرة جهودي معك ، فما كنتَ إلا خائن العهد عديم الوفاء ، فإلى الجحيم أيها الغادر اللئيم ،، إلى الجحيم .. قالها الكُسَعي وهو يحطِّم قوسه ويكسِّر سهامه ، واستسلم للنوم من شدة الحسرة والألم .

.. ومع إشراقه الشمس وإطلالة خيوطها الذهبية .. استيقظ الأعرابي يفرك عينيه .. ثم حانت منه التفاتة نحو الجهة الخلفية للنخلة .. ربّاه !! ما هذا ؟؟ واحد .. اثنان.. ثلاثة.. !! ثلاثة ظباء صرعى على الأرض !! اقترب منها وأخذ يفرك عينيه بشدة لعله يستوضح الأمر، ثم صرخ بأعلى صوته: إلهي !! كم كنتُ عَجولا أعمى البصر والبصيرة !! لقد اخترقت السهام الحادة بطون الظباء الثلاثة من جهة لتخرج من الجهة الثانية وترتطم بالصخر الأصم قادحة شررا تطاير في كل جهة بما أوحت للكُسَعي بأن السهام أخطأت الظباء وأصابت الصخر .

.. وتداعى جسد الأعرابي وسقط أرضا فما عادت ساقاه تطيقان حمله ، ثم أخذ ينوح ويبكي لاعنا حظه العاثر ، ومن شدة ندمه على تحطيم قوسه أخذ يعض أصابعه ندما معاقبا إياها على سرعة حكمها على القوس دون تبصر وحكمة وروية ، حتى سالت منها الدماء وجُبلت برمال الصحراء .
ومنذ ذلك الحين ، يقول الأعراب : لقد ندم فلان ندامة الكُسَعي وأصبحت مثلاً

وقصة الكسعي وقيل هو الفرزدق للشاهد التالي:

اجتمع شعراء النقائض الثلاثة: (جرير والفرزدق والأخطل)، عند الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان فاخرج الخليفة كيسا فيه: (1500) درهم وقال:أيكم يقول بيتا من الشعر يغلب فيه الاّخَرْين فله هذا الكيس، فبدأ بالفرزدق حيث قال:

أنا القطِران والشعراءُ جربى .... وفي القطران للجربى شفاءُ
ثم أنشد الأخطل:
فأن تك زقّ زاملةٍ فأنني ... أنا الطاعون ليس له دواءُ
فقال جرير:
أنا الموت الذي أتي عليكم ... فليس لهارب مني نجاةُ
فقال الخليفة: قد غلبكما جرير فأخد الكيس، فعز ذلك على الفرزدق أن يغلبه جرير في مجلس الخليفة،فقال: يا أمير المؤمنين زوجتي طالق إن لم أغلبه (يعني جريرا) هذه المرة (أي يريد مبارزة أخرى) فنصحه الخليفة بأن يحتفظ بزوجته ولا يبارز، إلا أنه أصر على المبارزة، فقال له الخليفة: أنت وشأنك قد نصحتك، فقال له قل يا فرزدق، فقال:
إني أنا الموت الذي هو واقع بك ... فانظر كيف انت مزاوله
فقال الخليفة: قل يا جرير فقال:
أنا الدهر والدهر غالبٌ ... فجئني بمثل الدهر شيئًا يطاوله
فقال عبد الملك: قدغلبك ثانية يا فرزدق فماذا تقول؟ قال:أنفذ شرطي وزوجتي طالق مني،وكان اسمها (نوار)فندم على طلاقها، وقال:
ندمت ندامة الكسعيّ ... لما بانت مطلقة مني نوارُ
كانت جنتي فخرجت منها ...كاّدم حين أخرجه الضرار