بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد:
يقول الله تعالى: ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) ،هل المراد بالعموم في هذه الآية أن (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) أم أن المراد بالعموم كما قال أحدهم: "الثاني: أن العلماء سلفًا عن خلف حملوا قوله تعالى: ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) على أن الحكم بغير ما أنزل الله كفر أكبر إذا كان عن استحلال ، أو جحود ، أو تبديل، وإلا فهو كفر دون كفر ، فمن خرج عن هذا الإجماع المتوارث، فيلزمه التكفير بكل حكم على ظاهر الآية؛ لأن ((من)) من صيغ العموم عند أهل الأصول، تدل على كفر كل من لم يحكم بما أنزل الله ، سواء كان بقانون أو بغيره، أو بتشريع عام أو جزئي، أو في مسألة أو مسألتين ، فتخصيصهم النص ببعض أفراده دون نص آخر أو إجماع تخصيص بالرأي وتحكم، خاصة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما أخذ على الصحابة رضي الله عنهم: (وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان)..."
وقد سمعت لأحد الفضلاء حاكيًا عن حواره مع الجماعات الغالية في مسألة (الحكم بغير ما أنزل الله) فيقول ما معناه:
"قلت لهم في قوله تعالى: ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) عمومان، عموم (من) ، وعموم (ما) ، والعموم على ثلاثة أنواع:
1- عموم باق على عمومه.
2- عموم مخصوص.
3- عموم مراد به الخصوص،
فمن أي الأقسام الثلاثة؟ فقالوا: من العموم الباقي على عمومه، فقلت لهم: يلزمكم أن تكفروا أنفسكم ، ثم قال: وإذا أُخذ بهذه العمومات سيكفرون رسول الله وجميع الأنبياء ، فهل حكم النبي بكل ما أنزل الله من التوراة والإنجيل؟..... ا.هـ
وقد جاءت آثار عن السلف الكرام (رحمهم الله) تدل على أن المراد بالعموم الوارد في الآيات هو ما يُعرف بـ (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) ، منها:
قال الحسن البصري رحمه الله: (نزلت في اليهود ، وهي علينا واجبة).
وقال إبراهيم النخعي رحمه الله: [ ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) قال: نزلت في بني إسرائيل، ورضي لكم بها].
فأريد معرفة المراد بالعموم الوارد في الآية.
وجزاكم الله خيرًا.