ملخص السؤال:
فتاة كانتْ تُحبُّ قراءة الروايات الرومانسية، ثم بدأتْ تُشاهد الأفلام الإباحية، وتريد تركها بعد أن أدمنَتْها لكنها لا تستطيع.
تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا فتاة عمري 18 عامًا، الحمدُ لله مُلتزمة، وأرتدي لباسًا شرعيًّا، وأُحاول قدْرَ الإمكان أن أكونَ صالحةً.أحيانًا يَأتيني شعورٌ بعدم السيطرة على نفسي، بل نفسي ومَشاعري هي التي تتحكَّم فيَّ، فقد كنتُ أقرأ الرِّوايات الرُّومانسية، ثم تَحوَّلت القراءةُ إلى نوعٍ آخر مِن الهواية وهي: مُشاهدة الأفلام الخليعة والإباحية!استغفرتُ ربي كثيرًا، وتوقَّفتُ عن مُشاهدتِها، ثم لم أستطع المقاومة، وعدتُ إليها مرةً أخرى؛ إذ أجد في مشاهدتها سعادةً مزيفة.أشعُر بالضياع والفراغ فقد حاولتُ كثيرًا الابتعاد عنها لكن لا أستطيع، وما زاد بُؤسي أن تلك اللقطات الخليعة ما زالتْ صورتُها في ذهني.أشعُر بالذنب الشديد، وأنَّ الله يُعاقبني بعدم توفيقه لي في حياتي، وأريد تركَها والتخلُّص منها، لكنني لا أستطيع.للأسف أشعُر أني أعيش حالةً مِن الانفصام؛ فتارةً أستغفر الله تعالى وأتوب إليه وأُصلِّي وأذكُر، وتارةً أرجع لذنوبي أسوأ مما كنتُ، والفاصلُ بينهما يومٌ واحد فقط!
أرجو أن تدلوني على الطريقِ الصحيحِ الذي يُمكن أن أَسْلُكَه وجزاكم الله خيرًا

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمدُ لله رب العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه وسلم.عزيزتي، نَشكُر لك ثقتك في شبكة الألوكة، ونرجو مِن الله أن نُساعدَك على تجاوُز الأزمة التي تَمُرِّين بها بإذن الله.
أُحَيِّيك على يقَظةِ ضميرك، وخوفك مِن عاقبة الذنب الذي وقعتِ فيه، ورغبتك في التوبة الصادقة.وكما ذكرتِ كانت البدايةُ هي قراءة القصص الرُّومانسية، ثم تطوَّر الأمرُ إلى مُشاهَدة الأفلام الإباحية الخليعة، وهذا أمرٌ طبيعيٌّ، فاللهُ سبحانه وتعالى لم يُحَذِّر ابن آدم مِن اتباع الشيطانِ فقط، وإنما حذَّره مِن اتباع خطوات الشيطان؛ فقد قال اللهُ عز وجل في أكثر مِن موضعٍ في القرآن الكريم: ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ [البقرة: 168]، فالشيطانُ لا يُوسوس للإنسانِ بمعصيةٍ كبيرةٍ ابتداءً، لكنه يَأتيه بالمعصيةِ الصغيرةِ حتى يَألفَها ويَعتادَها، ثم يَنتقل إلى معصيةٍ أكبر حتى يقعَ في كبائر الذنوب، ثم يتخلَّى عنه كما قال الله تعالى: ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الحشر: 16].إليك بعض الخطوات العمَلية، والتي قد تُساعدك بإذن على التخلُّص مِن المشكلة: إن الله وَهَب الإنسانَ القدرةَ والإرادةَ التي يستطيع بها فِعلَ كثيرٍ مما نظنُّه مُستحيلات، فعليك أن تتحلَّي بالإرادة القوية مع نفسك. عليك بالتوبة الصادقة النَّصوح، والتي لا تتحقَّق إلا بشُروطها، وهي: الإقلاعُ عن الذنب، والندَم، والعزمُ على عدم العودة إليه. استعيذي بالله مِن الشيطان الرجيم كلما فكَّرتِ في المعصية، واستعيني بالله على التخلُّص مِن المشكلة. استشعري مُراقبةَ الله لك، واطِّلاعه عليك في السِّرِّ والعلَن، وأن الله سميع بصير، لا تَخفى عليه خافية، فكيف تعصين الله وهو يَراك؟ مما يُشعرك بالحياء مِن الله، وردِّدي في نفسك دائمًا: إن الله يراني. فكِّري أن الموت قد يأتيك على تلك الحال، وسوف يختم لك بخاتمة سوء لا سَمَح الله. تأمَّلي في عاقبة المعصية، وأنها قد تَجُرُّ إلى ذنبٍ أعظم منها قد يَخسر فيها الإنسان دُنياه وآخرته، واقرئي قصة العابد برصيصا، وكيف انتهى إلى الكفر بالله بعدما كان عابدًا لله. أكثري مِن الدعاء والاستغفار، وأداء الصلوات بخشوعٍ وطمأنينة. تجنَّبي الجلوس بمفردك، والخلوة مع نفسك؛ حتى لا يَتَسَلَّط عليك الشيطانُ. ابتعدي عن المثيرات التي قد تَدفعك لهذا السلوك. اشغلي نفسك بأمور مفيدةٍ ومحببةٍ لك. مارسي الأنشطة الاجتماعية المفيدة، وحاولي مُمارَسة الأعمال التطوُّعيَّة في أوقات الفراغ. لا بد مِن ملاحَظة الأفكار التي تَسبق السلوك والعمل على إيقافها وتشتيتها بالاستعاذة مِن الشيطان مثلًا، أو التفكير في عملِ أو شيءٍ مفيدٍ. تذكَّري أنك قادرة على التخلُّص مِن هذا السلوك بإذن الله تعالى، وأن لا شيء مستحيل.
أسأل الله العليَّ العظيمَ أن يَمُنَّ عليك بالتوبة الصادقةِ الخالصة النَّصوح وأن يرزقك طاعتَه ورضاه