ملخص السؤال:
شابٌّ يحب العلوم الشرعية ويريد دراستها، لكن والده يريده أن يدرس الهندسة.. وهو يطلب نصيحة بهذا الخصوص.

تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا شاب مُحِبٌّ للدين وللعلم، درستُ شيئًا من العلوم الشرعية، وأريد التخصُّص فيها لحبي الشديد لها، ولكن الأهل يرفضون بحجة أنني لن أجدَ وظيفةً وغير ذلك، ويأبون إلا أن أدرسَ الهندسة! وأنا لا تطيق نفسي أي دراسة غير دراسة الكتب الشرعية؛ مما أدى لانحدار معدلي الجامعي كثيرًا، فجلُّ وقتي منصرفٌ للدراسة الشرعية.
قال لي والدي: أدرس الشريعة لكنني لستُ راضيًا عن ذلك، فقلت له: لا، حتى ترضى.
يريدني أن أدرسَ الهندسة، وأقرأ الكتب الخاصة بها، ويمنعني من حضور دروس المشايخ! وأنا أخاف أن أدخلَ الهندسة وأرُسب فيها!
دعوتُ الله أن يُيَسِّرَ أمري، وأرجو أن تفيدوني بشيء من نصائحكم، جزاكم الله خيرًا

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.شكرًا أخي العزيز وابني الكريم على تواصلك معنا.
في البداية هنيئًا لك حب الدين والعلم، فذلك مِن نِعَمِ الله عليك، وخاصة دراستك لبعض العلوم الشرعية؛ فالعلمُ منه ما هو فرضُ عينٍ على كل مسلم، ومنه ما هو فرضُ كفايةٍ ينبغي أن يقومَ به مَن يكفي المسلمين.
وليس معنى ذلك أنه لا يدرس العلوم الأخرى، فهي مطلوبةٌ ليستغنيَ المسلمون عن غيرهم، ويسدُّوا حاجاتهم بأنفسهم.
وتبقى الرغبةُ والميول لدى كل شخص محلّ تقدير واحترام، وحتى لدى مؤسسات التعليم العالي والجامعات، فهي تُقَدِّر ذلك وتحسب له، وتنظر إلى معدلات الطالب المتقدم للدراسة في المواد القريبة مِن رغباته التي يريد المواصَلة فيها.
والعلومُ الشرعيةُ هي أشرفُ العلوم لارتباطها بكتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعرفة توحيد الله وشرعه وعبادته، وكيفية تعامل المسلم مع الآخرين في المعاملات والأخلاق، ومجالها رحْبٌ واسعٌ، وقد قطع المسلمون فيها شوطًا كبيرًا قديمًا وحديثًا، وما زالت الأمةُ تحتاج إلى العلماء والدعاة وأهل الاختصاص، وخاصة أن الإسلام ينتشر بفضل الله، مما يزيد الطلب على العلماء والدعاة.
ومسألةُ دراسة علوم الشريعة لا تقتصر على الجامعة فقط، فيستطيع الحريص عليها التحصيل مِن خلال العلماء وحلقاتهم، وعبر وسائل الاتصال الحديثة والكتب النافعة.
أما رغبةُ والدك وأهلك فهي محلُّ تقديرٍ واحترامٍ، وجزاك الله خيرًا على بِرِّك بهم وطاعتك لهم وخدمتك إياهم، لكن في مسألة الدراسة والتخصص إن استطعتَ أن تجمعَ بين الأمرين فتدرس الهندسة في الجامعة (تحقيقًا لرغبة الأهل)، وتطلب العلم الشرعي عند العلماء فحَسَنٌ، وإن رأيتَ الجمعَ بينهما صعبًا، فانظرْ لرغبتك وتفوقك، وأقنع الوالد من خلال الحوار الهادئ والنقاش المقنع، ولا يمنع أن تستشيروا مَن تَتَّفِقُون عليه مِن أهل العلم والمعرفة.
ومسألةُ الوظيفة والعمل بعد التخرج لا بد أيضًا مِن وَضْعِها في الاعتبار، مع اعتقاد أن الأرزاق بيد الله، وقد تكفَّل الله بها لعباده؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 56 - 58]، وأحيانًا تكون الوظائف أوفر لحمَلة شهادات الشريعة والعلوم الدينية في بعض البلاد.
ونسأل الله لك التوفيق والسداد


http://www.alukah.net/fatawa_counsels/0/85020/