تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أنا بعيد عن زوجتي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2016
    المشاركات
    599

    Exclamation أنا بعيد عن زوجتي

    ملخص السؤال:
    شاب متزوج حديثًا، ولم يجلس مع زوجته إلا شهرين فقط، وقد عادت زوجته إلى بلدها وبقي هو في بلد الإقامة.. وهو يتكلم عن معاناته بعيداً عنها.
    تفاصيل السؤال:
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا شابٌّ عمري 24 عامًا، والداي منفصلان، وأنا تزوجتُ من ابنة عمي وعشتُ معها فترة قصيرة واضطررت للسفر لأنها تعيش في دولة غير دولتي، ولأن إقامتي انتهتْ، وللأسف لا أستطيع أن أستقدمها لبلدي لأن الاستقدام لبلدي صعب جدًّا، ولأن راتبي ضعيف جدًّا لا يكفي للمصروفات الأساسية.
    تركتُ عملي وبحثتُ عن عملٍ آخر أفضل، وللأسف لم أجدْ عملًا إلى الآن، وأعاني من البُعد عن زوجتي، خصوصًا أني لم أجلس معها إلا شهرين فقط، ولا أستطيع أن أرسلَ لها أي مصروفات، ولا أعلم ماذا أفعل؟أشيروا عليَّ بما يمكنني أن أفعل، فقد مللتُ من البحث عن وظيفة، وتعبتُ من البعد عن زوجتي وضيق الحال.
    أخبروني ماذا أفعل؟

    الجواب


    الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:أسأل الله أن يرزقك رزقًا واسعًا، وأن ييسرَ لك أمرك، وأن يرزقك من فضله، آمين.
    فأبشِرْ أيها الابن الكريم بالفرَج القريبِ، فالفرجُ بعد الضيق، واليسر بعد العسر، مَنوطٌ بالله، فأَولى لك إذًا أن تعقدَ به الأمر كله، وأن تتجه إليه بالأمر كله، وأن تُراقبه وتتقيه، فالأمرُ كله إليه، وهو المانح المانع، القابض الباسط، وبيده الضيقُ والفرَج، والعسر واليسر، والشدة والرخاء.
    وقد بَشَّر سبحانه المعسرين بزوال شدتهم، ورفع مشقتهم؛ قال تعالى: ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 7]، وقال تعالى: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6]، وفي الآية بشارة عظيمة، ووعدٌ للمتقين بأكبر وأسمى ما يتطلعون إليه أنه كلما وجد عسرًا وصعوبة فإن اليسر يُقارنه ويصاحبه، حتى لو دخل العسر جحرًا لتبعه اليسر حيث كان؛ كما يقول ابن مسعود.وفي الحديث المرسل قال صلى الله عليه وسلم: ((لن يغلب عسر يسرين))، إشارة إلى قوله تعالى: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6]، فالعسرُ وإن تكرر مرتين فتكرَّر بلفظ المعرفة فهو واحد، واليسر تكرر بلفظ النكرة فهو يسران، فالعسر محفوفٌ بيسرين؛ يسر قبله، ويسر بعده، فلن يغلب عسر يسرين.
    ولتحذرْ أيها الابن الكريم أن يتسلل اليأس إلى قلبك، أو أن تفقد الأمل؛ فالله تعالى يداول الأيام بين الناس، ولعل هذا ابتلاء من الله ليمتحنَ إيمانك ثم يعقب ذلك بالفرَج.
    وَلَرُبَّ نازلةٍ يَضيقُ بها الفَتَى
    ذَرْعًا وعند اللهِ منها المَخْرَجُ


    ضاقَتْ فلمَّا استَحْكَمَتْ حَلَقاتُها
    فُرِجَتْ وكنتُ أظنُّها لا تُفرَجُ
    وراجعْ نفسك، وقفْ معها وقفات محاسبة وتصحح، وجدد التوبة، فإنه ما نزلتْ عقوبةٌ إلا بذنب ولا رُفِعَتْ إلا بتوبةٍ، واللهُ تعالى يقول: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ [آل عمران: 165]، وقال: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30].
    تيقَّنْ أن الرزق مِن عند الله، وأن الله لا يضيع عبده المؤمن؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].
    وفي الحديث الذي رواه ابنُ ماجَهْ وصححه
    الألباني عن جابر بنِ عبد الله، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس، اتقوا الله، وأجملوا في الطلب، فإنَّ نفسًا لن تموتَ حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل، ودعوا ما حرم)).
    فاستعنْ بالله تعالى في تيسير أمورك، واتق الله، واستقم على الطاعة، وتحلَّ بالصبر، وواصل البحث عن عمَل.
    وتأمَّل نصيحة شيخ الإسلام ابن تيميَّة لتعمل بها حيث قال في "مجموع الفتاوى" (10/ 137): "وليتَّخِذْ وردًا مِن "الأذكار" في النهار ووقت النوم، ولْيصبرْ على ما يَعرض له من الموانع والصوارف، فإنه لا يلبث أن يؤيده الله بروح منه، ويكتب الإيمان في قلبه، ولْيحرِصْ على إكمال الفرائض مِن الصلوات الخمس باطنة وظاهرة، فإنها عمود الدين، وليكن هِجيراه لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنها بها تُحمل الأثقال، وتكابد الأهوال، وينال رفيع الأحوال، ولا يسأم من الدعاء والطلب، فإن العبد يستجاب له ما لم يعجل، فيقول: قد دعوت ودعوت فلم يستجب لي، وليعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العُسر يسرًا، ولم ينل أحد شيئًا مِن ختم الخير نبي فمَن دونه إلا بالصبر".
    فتبارك الذي مِن كمال حكمته وقدرته أن أخرج الأضداد من أضدادها، والأشياء مِن خلافها، فأخرج الحي من الميت، والميت من الحي، والرطب من اليابس، واليابس من الرطب، فكذلك أنشأ اللذات من الآلام، والآلام من اللذات، فأعظم اللذات ثمرات الآلام ونتائجها، وأعظم الآلام ثمرات اللذات ونتائجها، وبعد فاللذة والسرور والخير والنعم والعافية والمصلحة والرحمة في هذه الدار المملوءة بالمحن والبلاء أكثر مِن أضدادها بأضعاف مضاعفة، فأين آلام الحيوان مِن لذته، وأين سقمه من صحته، وأين جوعه وعطشه مِن شبعه وريه وتعبه من راحته...، وهذا لأن الرحمة غلبت الغضب، والعفو سبق العقوبة، والنعمة تقدمت المحنة، والخير في الصفات والأفعال، والشر في المفعولات لا في الأفعال، فأوصافه كلها كمال وأفعاله كلها خيرات"؛ قاله ابن القيم في "شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل" (1/ 251).

    هذا؛ وسأُلَخِّص لك بعض ما يحضرني من طرق مجربة يُستجلب بها رزق الله عز وجل:

    استعن بالله، واصدق اللجوء لمن بيده خزائن السموات والأرض، وأكثِرْ مِن الدعاء أن يصب الله عليك الرزق صبًّا، وتحرَّ أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل وقت النزول الإلهي.

    أكثِرْ من التوبة والاستغفار؛ يقول الله تعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12].

    اصدق التوكل على الله؛ ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]، وروى الإمام أحمد والترمذي عن عمر بن الخطاب، أنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو أنكم كنتم تَوكلون على الله حق توكُّله لَرَزَقكم كما يرزُق الطير، ألا ترون أنها تغدو خماصًا، وتَروح بطانًا)).

    حافِظْ على أداء فرائضك، ومنها برُّ الوالدين، وصلة الرحم عمومًا؛ ففي الصحيحين عن أنس بن مالك، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((مَن أَحَبَّ أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فلْيَصِلْ رحمه))، وعن أبي بكرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وإن أعجل الطاعة ثوابًا لصلة الرحم، حتى إن أهل البيت ليكونوا فجرة فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصَلوا))؛ رواه ابنُ حبان، وصححه الألباني.

    الإنفاقُ في سبيل الله، والإحسانُ للفقراء، وبذل العون؛ ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله عز وجل: أَنفِق أُنفِق عليك، وقال: يد الله ملأى لا تغيضها نفقة سحاء الليل والنهار، وقال: أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض، فإنه لم يغض ما في يده))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((وهل تُرزقون وتنصرون إلا بضعفائكم؟))؛ رواه أحمد.ولا تظن - سلمك الله - أن النفقة قاصرة على دفع المال؛ فهي شاملة لكل عمل صالح، ففي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: سألتُ النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: ((إيمان بالله، وجهاد في سبيله))، قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: ((أعلاها ثمنًا، وأنفسها عند أهلها))، قلت: فإن لم أفعل؟ قال: ((تُعين ضايعًا، أو تصنع لأخرق))، قال: فإن لم أفعل؟ قال: ((تدع الناس مِن الشر، فإنها صدقةٌ تَصدَّق بها على نفسك)).
    وعنه في سُنن الترمذي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتُك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك مِن دلوك في دلو أخيك لك صدقة)).
    والأحاديثُ في هذا المعنى كثيرة.

    البحث بجدٍّ عن عمل، فاطلب الرزق في أرض الله الواسعة، وكلما أغلق باب في بلد ابحث عن غيره في بلد آخَر، حتى ولو تركت وطنك؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ﴾ [النساء: 100]، قال ابن عباس: المراغم، التحول من الأرض إلى الأرض، والسعة في الرزق؛ كما في "تفسير الطبري" (9/ 121).

    وانظرْ حولك ستجد أن كثيرًا ممن تعرف لما تعسرتْ أحوالهم، ولم يفلحوا في جمع وظيفة في بلدانهم، طلبوا رزقَ الله في مكان آخر، ففُتحتْ لهم أبواب الرزق، وعليك أن تعملَ بوصية الرؤوف الرحيم صلى الله عليه وسلم حيث يقول: ((المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأَحَبُّ إلى الله مِن المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرصْ على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز))؛ رواه مسلم.
    وروي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا يقعدن أحدكم في المسجد يقول: الله يرزقني، فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة".

    فالحياةُ كلها كفاحٌ، ولا ينال منها شيء إلا بالجلد والصبر على مكابدة أهوالها، مع تَرْك الدعة والتكاسُل، والاستسلام للفقر، فادفعْ قدَر الله بقدَر الله، أو كما في الصحيحين: أن الفاروق عمر بن الخطاب لما خرَج إلى الشام أخبر أن الوباء قد وقع فاستشار المهاجرين والأنصار فاختلفوا، فنادى عمر في الناس: "إني مُصبح على ظهر فأصبحوا عليه"، فقال أبو عبيدة بن الجراح: أفِرارًا مِن قدَر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عُبيدة - وكان عُمَرُ يكره خلافه - نعم، نفرُّ مِن قدَر الله إلى قدَر الله، أرأيت لو كانتْ لك إبل فهبطت واديًا له عُدوتان، إحداهما خصبة والأخرى جدبة، أليس إن رعيتَ الخصبة رعيتَها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟! قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف - وكان متغيبًا في بعض حاجته - فقال: إن عندي من هذا علمًا، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه))، قال: فحمد الله عمر بن الخطاب ثم انصرف.

    وراجِع على شبكة الألوكة مقال: قضية الرزق للدكتور محمد عمارة

    وأسأل الله أن يرزقك رزقًا واسعًا مِن حيث لم تحتسبْ




  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    نفع الله بك
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •