تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: أقوال علماء السنة في أن القرآن ليس قديما بقدم الله ولا يوصف بمحدث

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2024
    المشاركات
    48

    افتراضي أقوال علماء السنة في أن القرآن ليس قديما بقدم الله ولا يوصف بمحدث

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
    فلم يتضح لنا من يقصد السائل بقوله: (لماذا تقولون إن القرآن محدث ؟) أما نحن فلم نقل بذلك ولن نقوله.

    بقول شيخ الإسلام ابن تيمية: الله يتكلم بمشيئته وقدرته، وكلامه هو حديث، وهو أحسن الحديث، وليس بمخلوق باتفاقهم، ويسمى حديثًا وحادثًا، وهل يسمى محدثًا ؟ على قولين لهم. ومن كان من عادته أنه لا يطلق لفظ المحدث إلا على المخلوق المنفصل كما كان هذا الاصطلاح هو المشهور عند المتناظرين الذين تناظروا في القرآآن في محنة الإمام أحمد رحمه اللّه وكانوا لا يعرفون للمحدث معنى إلا المخلوق المنفصل فعلى هذا الاصطلاح لا يجوز عند أهل السنة أن يقال: القرآن محدث، بل من قال: إنه محدث، فقد قال: إنه مخلوق. ولهذا أنكر الإمام أحمد هذا الإطلاق على داود لما كتب إليه أنه تكلم بذلك، فظن الذين يتكلمون بهذا الاصطلاح أنه أراد هذا فأنكره أئمة السنة. وداود نفسه لم يكن هذا قصده، بل هو وأئمة أصحابه متفقون على أن كلام اللّه غير مخلوق، وإنما كان مقصوده أنه قائم بنفسه، وهو قول غير واحد من أئمة السلف، وهو قول البخاري وغيره. والنزاع في ذلك بين أهل السنة لفظي، فإنهم متفقون على أنه ليس بمخلوق منفصل، ومتفقون على أن كلام اللّه قائم بذاته، وكان أئمة السنة كأحمد وأمثاله، والبخاري وأمثاله، وداود وأمثاله، وابن المبارك وأمثاله، وابن خزيمة وعثمان بن سعيد الدارمي وابن أبي شيبة وغيرهم، متفقين على أن اللّه يتكلم بمشيئته وقدرته، ولم يقل أحد منهم: إن القرآن قديم. وأول من شهر عنه أنه قال ذلك هو ابن كُلاب. اهـ.
    وقال أيضا رحمه الله: إن أردت بقولك: محدث، أنه مخلوق منفصل عن الله كما يقول الجهمية والمعتزلة والنجارية، فهذا باطل لا نقوله، وإن أردت بقولك: إنه كلام تكلم الله به بمشيئته بعد أن لم يتكلم به بعينه، وإن كان قد تكلم بغيره قبل ذلك مع أنه لم يزل متكلما إذا شاء فإنا نقول بذلك. وهو الذي دل عليه الكتاب والسنة وهو قول السلف وأهل الحديث. اهـ.
    وبهذا يتبين متى يقبل هذا القول ومتى يرد، بحسب المراد منه، وقد وضح ذلك الحافظ ابن كثير عند كلامه على مبدأ فتنة القول بخلق القرآن في عصر المأمون وأنه كتب الكتب بامتحان الناس بذلك، وكان مضمونها الاحتجاج بأن القرآن محدث، وكل محدث مخلوق.
    قال ابن كثير: وهذا احتجاج لا يوافقه عليه كثير من المتكلمين فضلا عن المحدثين، فإن القائلين بأن الله تعالى تقوم به الأفعال الاختيارية لا يقولون بأن فعله تعالى القائم بذاته المقدسة مخلوق، بل لم يكن مخلوقا، بل يقولون: هو محدث. وليس بمخلوق، بل هو كلام الله القائم بذاته المقدسة، وما كان قائما بذاته لا يكون مخلوقا، وقد قال الله تعالى: مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ. {الأنبياء: 2}. وقال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ. {الأعراف: 11}. فالأمر بالسجود صدر منه بعد خلق آدم، فالكلام القائم بالذات ليس مخلوقا، وذا له موضع آخر، وقد صنف البخاري كتابا في هذا المعنى سماه خلق أفعال العباد. اهـ.


    منقول الشبكة الإسلامية بتصرف

    كلام شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:
    ملاحظة: لمن أراد الرجوع إلى الأصل فعليه بالجزء الخامس من النسخة القديمة للفتاوى:
    قال ما نصه:
    ((فلما كان من أصل ابن كلاب ومن وافقه كالحارث المحاسبى وأبى العباس القلانسى وأبى الحسن الأشعري والقضاة أبى بكر بن الطيب وأبى يعلى بن الفراء وأبى جعفر السمانى وأبى الوليد الباجى وغيرهم من الأعيان كأبي المعالي الجوينى وأمثاله وأبى الوفاء بن عقيل وأبى الحسن بن الزاغونى و أمثالهما أن الرب لا يقوم به ما يكون بمشيئته وقدرته ويعبرون عن هذا بأنه لا تحله الحوادث ووافقوا في ذلك للجهم بن صفوان وأتباعه من الجهمية والمعتزلة صاروا فيما ورد في الكتاب والسنة من صفات الرب على احد قولين إما أن يجعلوها كلها مخلوقات منفصلة عنه فيقولون كلام الله مخلوق بائن عنه لا يقوم به كلام وكذلك رضاه وغضبه وفرحه ومجيئه وإتيانه ونزوله وغير ذلك هو مخلوق منفصل عنه لا يتصف الرب بشيء يقوم به عندهموإذا قالوا هذه الأمور من صفات الفعل فمعناه أنها منفصلة عن الله بائنة وهى مضافة إليه لا أنها صفات قائمة به ولهذا يقول كثير منهم أن هذه آيات الإضافات وأحاديث الإضافات وينكرون على من يقول آيات الصفات وأحاديث الصفات وإما أن يجعلوا جميع هذه المعاني قديمة أزلية ويقولون نزوله ومجيئه وإتيانه وفرحه وغضبه ورضاه ونحو ذلك قديم أزلي كما يقولون أن القرآن قديم أزلي ثم منهم من يجعله معنى واحدا ومنهم من يجعله حروفا أو حروفا و أصواتا قديمة أزلية مع كونه مرتبا في نفسه ويقولون فرق بين ترتيب وجوده وترتيب ماهيته كما قد بسطنا الكلام على هذه الأمور في غير هذا الموضع على هذه الأقوال وقائليها وأدلتها السمعية والعقلية في غير هذا الموضع والمقصود هنا أنه ليس شىء من هذه الأقوال قول الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا قول أئمة المسلمين المشهورين بالإمامة أئمة السنة والجماعة وأهل الحديث كالاوزاعى ومالك بن انس وحماد بن زيد وحماد بن سلمة و عبدالله بن المبارك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأمثالهم بل أقوال السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ومن سلك سبيلهم من أئمة الدين وعلماء المسلمين موجودة في الكتب التي ينقل فيها أقوالهم بألفاظها بالأسانيد المعروفة عنهم كما يوجد ذلك في كتب كثيرة مثل كتاب السنة والرد على الجهمية

    وقال أيضاً:
    وهم اذا تكلموا في مسألة القرآن وأنه غير مخلوق أخذوا كلام ابن كلاب والاشعرى فناظروا به المعتزلة والجهمية واخذوا كلام الجهمية والمعتزلة فناظروا به هؤلاء وركبوا قولا محدثا من قول هؤلاء وهؤلاء لم يذهب إليه أحد من السلف ووافقوا ابن كلاب والاشعرى وغيرهما على قولهم إن القرآن قديم واحتجوا بما ذكره هؤلاء على فساد قول المعتزلة والجهمية وغيرهم وهم مع هؤلاء وجمهور المسلمين يقولون إن القرآن العربي كلام الله وقد تكلم الله به بحرف وصوت فقالوا إن الحروف والأصوات قديمة الأعيان أو الحروف بلا أصوات وان الباء والسين والميم مع تعاقبها في ذاتها فهي أزلية الأعيان لم تزل ولا تزال كما بسطت الكلام على أقوال الناس في القرآن في موضع آخر
    والمقصود هنا التنبيه على أصل مقالات الطوائف وابن كلاب




    وقال شيخ الإسلام بن تيمية كما في شرح العقيدة الأصفهانية:
    والفصل الثاني أن القرآن غير قديم فان الكلابية وأصحاب الاشعرى زعموا أن الله كان لم يزل يتكلم بالقرآن وقال أهل الجماعة بل أنه إنما تكلم بالقرآن حيث خاطب به جبرائيل وكذلك سائر الكتب.
    وقال الذهبي في ترجمة ابن كلاب: (وكان يقول بأن القرآن قائم بالذات بلا قدرة ولا مشيئة، وهذا ما سبق إليه أبداً) اه سير أعلام النبلاء

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2024
    المشاركات
    48

    افتراضي رد: أقوال علماء السنة في أن القرآن ليس قديما بقدم الله ولا يوصف بمحدث

    كلام الشيخ العثيمين -رحمه- الله كما في شرح السفارينية:
    ((قوله : ( قديم ) : أي أن القرآن قديم ، وهذا ليس بصحيح ، فالقرآن ليس بقديم بل إن الله عز وجل تكلم به حين إنزاله صحيح أن الكلام جنسه قديم ولكن آحاده حادثة وليست قديمة ، الله عز وجل يحدث من أمره ما شاء { ما يأتيهم من ذكرٍ من ربهم محدثٌ إلا استمعوه وهم يلعبوه } ( الأنبياء 2 ) .
    فالقرآن ليس بقديم ، أما كلام الله من حيث هو كلام الله فهو قديم النوع فإن الله لم يزل ولا يزال متكلماً ))
    قال الشيخ صالح الفوزان في كتابه الممتع (البيان لأخطاء بعض الكتاب) حيث قال في تعليقه على كتاب البوطي الذي سماه ((السلفية)) فذكر كلامه ثم علق قال:
    ((التعقيب الثامن والعشرون‏:‏
    في ص149 قال‏:‏ وتفريق الباحث في مسألة القرآن بين ما فيه من المعاني النفسية والألفاظ المنطوق بها، مع ما يلحق بها من حبر وورق وغلاف ليقول إن الأول ‏(‏يعني المعاني النفسية‏)‏ قديم غير مخلوق، والثاني حادث مخلوق، أيعد بدعة محظورة لأن هذا التفريق لم يُعلم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -?، ومن ثم يجب إطلاق القول بأن القرآن قديم غير مخلوق‏.‏ والثاني حادث مخلوق أيعد بدعة محظورة لأن هذا التفريق لم يُعلم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -?ومن ثم يجب إطلاق القول بأن القرآن قديم غير مخلوق دون تفصيل ولا تفريق، أم لا يعد بدعة وإنما هو شرح وبيان لما علمه الصحابة من قبل على وجه الإجمال، ومن ثم فلا مانع _ لاسيما في مجال التعليم _ من هذا التفريق والتفصيل اهـ كلام البوطي.
    وتعقيبا عليه أقول‏:‏ كلامه هذا يتمشى مع مذهب الأشاعرة الذين يفرقون في كلام الله بين المعنى واللفظ فيقولون‏:‏ المعنى قائم بالنفس وهو قديم غير مخلوق، وهذا كلام الله عندهم، وأما اللفظ فهو عندهم تعبير عن هذا المعنى من قبل جبريل أو النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مخلوق‏.‏
    وهذا تفريق باطل، ومذهب أهل السنة سلفا وخلفا أن كلام الله تعالى هو اللفظ والمعنى، وكلاهما غير مخلوق؛ لأنه كلام الله تعالى وصفة من صفاته، وصفاته غير مخلوقة‏.‏
    وقوله إن الصحابة علموا هذا التفريق بين اللفظ والمعنى في كلام الله هو تقول على الصحابة، ونسبة إليهم ما هم منه براء‏.‏))

    وقال أيضاً:
    في كتاب ((من أعلام المجددين)) و هو كتاب عظيم يدفع به الشيخ الفوزان الشبه عن أعلام السنة شيوخ الإسلام من الإمام أحمد و الإمام بن تيمية و الإمام محمد بن عبدالوهاب التي أثيرت حولهم من قبل أهل البدع فقال في الشبهة السابعة عن شيخ الإسلام ص 39 قال فيها:
    7- قالوا إنه يرى أن القرآن ليس بقديم، والجواب أن نسوق عبارة الشيخ رحمه الله في هذا الموضوع، قال في مجموع الفتاوى (12/54) إن السلف قالوا القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، وقالوا لم يزل متكلماً إذا شاء، فبينوا أن كلام الله قديم أي جنسه قديم لم يزل، ولم يقل أحد منهم أن نفس الكلام المعين قديم، ولا قال أحد منهم القرآن قديم، بل قالوا إنه كلام الله منزل غير مخلوق، وإذا كان الله قد تكلم بالقرآن بمشيئته كان القرآن كلامه وكان منزلاً غير مخلوق، ولم يكن مع ذلك أزلياً قديماً بقدم الله، وإن كان الله لم يزل متكلماً إذا شاء فجنس كلامه قديم، فمن فهم قول السلف وفرق بين هذه الأقوال زالت عنه الشبهات في هذه المسائل المعضلة التي اضطرب فيها أهل الأرض... انتهى كلام شيخ الإسلام ثم قال الشيخ الفوزان حفظه الله ما نصه:
    فتبين بهذا أن نفي القدم عن القرآن ليس رأيه وحده كما يزعم المفترون، وإنما هو رأي سلف هذه الأمة قاطبة، وأن هناك فرقاً بين جنس الكلام وأفراد الكلام، والله أعلم.

    و بهذا يتبين ضلال هذه الكلمة وهي قولهم: القرآن قديم، بل سبحانه ما زال يتكلم ولا يزال متى شاء وكيف شاء والله أعلم
    منقول من منتدى الآجري بتصرف

    قال الشيخ عبد المحسن العباد
    لا يقال عن القرآن بأنه قديم، ولكن يقال عن كلام الله بأن نوعه قديم، بمعنى: أن الله لم يكن غير متكلم ثم تكلم، بل هو متكلم بلا ابتداء، ويتكلم بلا انتهاء، فنوع كلامه قديم، وآحاده حادثة.

    فالكلام الذي كلم الله به موسى عليه السلام حصل في زمن موسى، وسمع موسى كلام الله من الله، فهذا من آحاد الكلام التي وجدت في زمن موسى، والكلام الذي سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الله ليلة المعراج حصل ليلة المعراج، وسمعه عندما تكلم الله به في ليلة المعراج، لذلك عند أهل السنة: أن نوع الكلام قديم، وأن آحاده حادثة، وكلام الله القرآن من آحاد الكلام، لكن لا يوصف بأنه قديم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2024
    المشاركات
    48

    افتراضي رد: أقوال علماء السنة في أن القرآن ليس قديما بقدم الله ولا يوصف بمحدث

    والقول بأن القرآن محدث قول بدعي، حتى ولو أقر قائله بأنه غير مخلوق، وفرَّق بين المحدث والمخلوق، كما هو قول بعض أهل الظاهر، وقد عقد البخاري في كتاب التوحيد من صحيحه: باب قول الله تعالى: {كل يوم هو في شأن} [الرحمن: 29] و{ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} [الأنبياء: 2]، وقوله تعالى: {لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا} [الطلاق: 1] وأن حدثه لا يشبه حدث المخلوقين؛ لقوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11] وقال ابن مسعود [ص:153]: عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث: أن لا تكلموا في الصلاة. انتهى.
    وأسند فيه عن ابن عباس قال: كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الكِتَابِ عَنْ كُتُبِهِمْ، وَعِنْدَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، أَقْرَبُ الكُتُبِ عَهْدًا بِاللَّهِ، تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ. وفي رواية: يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ؛ كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْدَثُ الأَخْبَارِ بِاللَّهِ، مَحْضًا لَمْ يُشَبْ.

    وهذا يبين المعنى الصحيح للإحداث المذكور في الآيات، قال ابن حجر في الفتح: مراده – يعني البخاري - هنا الحدث بالنسبة للإنزال، وبذلك جزم ابن المنير ومن تبعه. اهـ.

    وقال أيضا: أخرج ابن أبي حاتم من طريق هشام بن عبيد الله الرازي أن رجلا من الجهمية احتج لزعمه أن القرآن مخلوق بهذه الآية، فقال له هشام: "محدث إلينا محدث إلى العباد". وعن أحمد بن إبراهيم الدورقي نحوه، ومن طريق نعيم بن حماد قال: "محدث عند الخلق لا عند الله" قال: وإنما المراد أنه محدث عند النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه بعد أن كان لا يعلمه ... وقال الراغب: المحدث ما أوجد بعد أن لم يكن، وذلك إما في ذاته أو إحداثه عند من حصل عنده، ويقال لكل ما قرب عهده حدث، فعالا كان أو مقالا. وقال غيره في قوله تعالى {لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا} وفي قوله {لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا} المعنى يحدث عندهم ما لم يكن يعلمونه فهو نظير الآية الأولى. وقد نقل الهروي في الفاروق بسنده إلى حرب الكرماني سألت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يعني ابن راهويه عن قوله تعالى {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} قال: قديم من رب العزة، محدث إلى الأرض. فهذا هو سلف البخاري في ذلك. وقال ابن التين: احتج من قال بخلق القرآن بهذه الآية قالوا: والمحدث هو المخلوق! والجواب: أن لفظ الذكر في القرآن يتصرف على وجوه: الذكر بمعنى العلم ومنه {فاسألوا أهل الذكر} والذكر بمعنى العظة ومنه {ص والقرآن ذي الذكر} والذكر بمعنى الصلاة ومنه {فاسعوا إلى ذكر الله} والذكر بمعنى الشرف ومنه {وإنه لذكر لك ولقومك} {ورفعنا لك ذكرك}. قال: فإذا كان الذكر يتصرف إلى هذه الأوجه وهي كلها محدثة، كان حمله على إحداها أولى. ولأنه لم يقل: ما يأتيهم من ذكر من ربهم إلا كان محدثا! ونحن لا ننكر أن يكون من الذكر ما هو محدث كما قلنا. وقيل: محدث عندهم. اهـ.

    وقد عقد البغوي في شرح السنة بابا للرد على من قال بخلق القرآن، قال فيه: قوله تعالى: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} ليس ذلك حدث الخلق، إنما هو حدوث أمر، كما قال الله عز وجل: {لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا} [الطلاق: 1]، وقال ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة». وقوله عز وجل: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} يريد: ذكر القرآن لهم، وتلاوته عليهم وعلمهم به، كل ذلك محدث، فالمذكور المتلو المعلوم غير محدث، كما أن ذكر العبد لله محدث، والمذكور غير محدث. وروي عن ابن عباس، رضي الله عنه في قوله عز وجل: {قرءانا عربيا غير ذي عوج} [الزمر: 28]، قال: "غير مخلوق". وقال سفيان بن عيينة: بين الله الخلق من الأمر، فقال تعالى: {ألا له الخلق والأمر} [الأعراف: 54]. وقوله تعالى: {الرحمن. علم القرءان. خلق الإنسان} [الرحمن: 1 - 3]، فلم يجمع القرآن مع الإنسان في الخلق، بل أوقع اسم الخلق على الإنسان، والتعليم على القرآن. انتهى.
    وقال السمعاني في تفسيره: قوله تعالى: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} استدل المعتزلة بهذا على أن القرآن مخلوق، وقالوا: كل محدث مخلوق، والجواب عنه: أن معنى قوله: {محدث} أي: محدث تنزيله، ذكره الأزهري وغيره، ويقال: أنزل في زمان بعد زمان، قال الحسن البصري: كلما جدد لهم ذكرا استمروا على جهلهم، وذكر النقاش في تفسيره: أن الذكر المحدث هاهنا ما ذكره النبي وبينه من السنن والمواعظ. اهـ.

    الشبكة الاسلامية



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •