السلام عليكم ورحمة الله

في توجيه معنى الحرمان من المغفرة؟
الفتوى رقم: ٦٢٣
للشيخ محمد علي فركوس الجزائري حفظه الله
منقول من موقع الشيخ
http://ferkous.com/home/?q=fatwa-623

السـؤال: كنتُ أعتقد أنَّ الله يغفرُ الذنوبَ جميعًا ما عدا الشرك، ولكِنْ عند قراءتي للحديث الآتي، أشكل عليَّ الأمرُ؛ فأريدُ منكم شيخَنا أَنْ تُوضِّحوا لي المسألة؟ وبارَكَ اللهُ فيكم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قال: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلاَّ رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا»(١).

الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فكلُّ الذنوبِ والمعاصي قَابلةٌ للتوبةِ والغُفران إلاَّ الشرك بالله، سواءٌ وَقَعَ التكفير عن الذنوب بحسناتٍ ماحيةٍ، أو بمصائبَ مكفِّرةٍ، أو بفضلٍ مُطْلَقٍ منه سبحانه، إلاَّ الشرك بالله تعالى، لا يغفره إلاَّ إذا تَرَكَه واستغفر لنفسِهِ ودَخَلَ في الإسلام، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨، ١١٦]، ولقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ﴾ [التوبة: ١١٣]، أمَّا إذا عاد إلى الحقِّ واستغفر العبدُ وتَابَ وأنابَ فإنَّ الله يغفرُ الذنوبَ جميعًا بما فيها مِن الشرك لقوله تعالى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ [الزُّمَر: ٥٣، ٥٤].

أمَّا مراد الحديث الواردِ في وعيد المتشاحنَيْنِ والمتهاجرَيْنِ فإنما يظهر وجهُ حكمة النهي عن المُهاجَرة فوق ثلاثٍ كي لا يقع محرومًا مِن المغفرة في يومَيْ عَرْضِ الأعمال، لا حرمانَه مِن المغفرة مطلقًا.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا. اهـ.
الجزائر في: ٢٥ مِن ذي الحجَّة ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ١٤ يناير ٢٠٠٧م
-------------------------------------
(١) أخرجه مسلمٌ في «البرِّ والصلة» (٢٥٦٥) مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

*****
الله الموفق
والحمد لله ربّ العالمين