عزٌّ تامٌّ وعلمٌ غزيرٌ( وفي زمان هذه الطّبقة كان الإسلامُ وأهلهُ في عزٍّ تامٍّ وعلمٍ غزيرٍ ، وأعلامُ الجهادِ منثورَة ، والسُّنَنُ مشهورَة ، والبدعُ مكبوتةَ ، والقَوَّالونَ بالحقِّ كثيرٌ ، والعُبَّادُ متوافرُونَ ، والنّاسُ فيِ بُلَهْنِيِةٍ من العيشِ بالأمن وكثرةِ الجُيوشِ المُحمَّديّة ، مِن أقصى المغرب وجزيرةِ الأندلس ، وإلى قريب مملكةِ الخطا ، وبعض الهندِ وإلى الحبشة. وخلفاءُ هذا الزّمان أبو جعفرٍ ، وأينَ مثلُ أبي جعفرٍ-على ظُلْمٍ فيه- في شجاعتِه وحزمِه ، وكمال عقلِه ، وفهمهِ وعلمِه ، ومشاركتِه في الأدبِ ووُفور هيبتِه . ثمَّ ابنهُ المهديّ في سخائه وكثرةِ محاسنِه ، وتتبُّعِه لاستئصال الزّنادقة . وولدُه الرّشيدُ هارونُ في جهادِخ وحجِّه وعظمةِ سلطانهِ-على لعبٍ ولهوٍ- ولكن كان معَظِّماً لحُرمات الدِّين ، قويَّ المشاركة في العلمِ ، نبيلَ الرَّأي ، مُحِبّاً للسُّنن .وكان في هذا الوقت من الصّالحينَ مثلُ إبراهيم بن أدهم ودواد الطّائيِ وسفيانَ الثّوري. ومن النُّحاة مثلُ عيسى بن عمر والخليلُ بن أحمد وحمّادُ بن سلمة وعدّةٌ. والقُرّاءُ كحمزةَ بن حبيبٍ وأبي عمرو بن العلاء ونافع بن أبي نُعيم وشبل بن عَبّادٍ وسَلاَّمٌ الطَّويل شيخُ يعقوب.ومن الشّعراء عددٌ كثيرٌ كمروان بن أبي حفصة وبشّار بن بُردٍ. ومن الفقهاءِ كأبي حنيفةَ ومالكٍ والأوزاعي)
تذكرة الحفاظ 1/244