تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: مهمات باب الأذان والإقامة من شرح البلوغ للشيخ عبد الكريم الخضير

  1. #1

    افتراضي مهمات باب الأذان والإقامة من شرح البلوغ للشيخ عبد الكريم الخضير

    مهمات شرح باب الأذان والإقامة من بلوغ المرام
    للشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير نفعنا الله به
    كتبه العبد الفقير أبو هاجر النجدي

    1. أذَّن تأذيناً وأذاناً ككلَّم تكليماً وكلاماً وهو في اللغة الإعلام كقوله تعالى (وأذانٌ من الله ورسوله) أي إعلام وهو هنا الإعلام بدخول الوقت وهذا هو الأصل فيه أنه لدخول الوقت وسيأتي ما يدل على أنه للصلاة أيضاً وإن كان بعد دخول الوقت بوقت وهذا هو الأذان الأكبر. وألفاظ الأذان دل عليها حديثا عبد الله وبن زيد وأبي محذورة.
    2. الأذان الأصغر هو الإقامة فالإقامة يطلق عليها أذان لأنها إعلام كما في الحديث الصحيح (بين كل أذانين صلاة) والمراد بذلك الأذان والإقامة.
    3. كان فرض الأذان بالمدينة وأول ما شرع في قصة عبد الله بن زيد بن عبد ربه وهو غير عبد الله بن زيد بن عاصم راوي حديث الوضوء وإن وهم بعض العلماء فجعلهما واحداً. وفي باب ما جُعِلَ من الاثنين واحداً والعكس كتاب نفيس جداً للخطيب البغدادي في غاية الأهمية لطالب العلم اسمه (موضح أوهام الجمع والتفريق) وليعتني طالب العلم بقراءة مقدمته ليرى الأدب الجم الذي يتحلى به الكبار كالخطيب لأن موضوع كتابه هذا نقد لأئمة هم أكبر من الخطيب كالبخاري وأبي حاتم.
    4. قبل هذه الرؤيا لما كثر الناس تداولوا مع رسول الله كيفية إعلام الناس بدخول وقت الصلاة فأشار بعضهم بالناقوس لكن قال إنه للنصارى وأشار بعضهم بالبوق لكن قال إنه لليهود وأشار بعضهم بجعل نار للتنبيه لكن قال إنها للمجوس فاهتم عبد الله بن زيد بهذا الأمر فرأى رؤيا وهي رؤيا حق أُقِرَّت من قبل الشارع (إنها لرؤيا حق) وإلا فالأصل أن الرؤى لا يثبت بها تشريع ولا أحكام ولا تناقض بها الشريعة مهما كان صدق قائلها لأن الدين كامل فليس لأحد أن يتعبد بأمر رآه في الرؤيا ولو تكرر لكن لو جاءت بتأكيد أمر مهم جاء الشرع بتأكيده فإنها تكون رؤيا صادقة وهي جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة.
    5. في حديث عبد الله بن زيد جاء التكبير في أول الأذان مربعاً إضافةً إلى أنه ليس فيه ترجيع يعني بغير تكرير للشهادتين (أشهد ألا إله إلا الله مرتين بصوت منخفض ثم يعيدهما بصوت مرتفع وكذا أشهد أن محمداً رسول الله مرتين بصوت منخفض ثم يعيدهما بصوت مرتفع) وفي الإقامة لفظ مفرد لكل جملة إلا (قد قامت الصلاة) فإنها تثنى لأنها اللفظ الأهم في الإقامة لأن المطلوب في الإقامة طلب قيام الحاضرين إلى الصلاة وسيأتي ما في تثنية التكبير في أول الإقامة وفي آخرها وما في جعل كلمة الإخلاص آخر الأذان مرة واحدة. فيكون قوله (أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة) كلام أغلبي. وحديث عبد الله بن زيد صحيح.
    6. كثير من الكلام في لغة العرب يطوى ولا يذكر للعلم به.
    7. حكم الأذان: جاء الأمر به وجاء تعظيم شأنه والحث عليه للجماعة والفرد فجاء ترغيب الأفراد بالأذان وأن المؤذنين أطول الناس أعناقاً يوم القيامة وجاء أيضاً تعليق الإغارة على البلد وعدمها بالأذان فدل على أنه من شعائر الإسلام العظيمة ويختلفون في وجوبه والأدلة محتملة لكن القول المقرر عند أهل العلم أنه واجب على الكفاية يعني إذا وجد في البلد من يبلغ جميع أهل البلد دخول وقت الصلاة بالأذان المشروع لا أذان الآلات كفاهم ذلك فهو فرض كفاية. لو فرضنا أن في البلد مائة مسجد فالأصل أن يؤذن الجميع لكن إذا أذن من تقوم به الكفاية كما لو أذن ستون مسجداً فإن الوجوب يسقط ويبقى سنة في حق الباقين ولعل هذا مراد من قال بأنه سنة لأنه لا يتصور أنه سنة بالمعنى الاصطلاحي بحيث لو تركه الناس كلهم كان كترك سنة من السنن.
    8. ليس في حديث عبد الله بن زيد زيادة التثويب في أذان الفجر وإنما ساق أحمد قصة عبد الله بن زيد ثم وصل بها رواية بلال وفيها التثويب فلينتبه لإيهام عبارة الحافظ ابن حجر.
    9. إذا قال الصحابي (من السنة) فالمراد السنة المرفوعة وهو قول الأكثر كما في قصة ابن عمر مع الحجاج في الصحيح (إن كنت تريد السنة فهجِّر بالصلاة) ولا يريدون بذلك إلا سنة النبي عليه الصلاة والسلام لأنه إذا استدل بها على حكم شرعي فلا يريد إلا السنة الملزمة.
    10. جاء في السنن ما يدل على أن التثويب في الأذان الأول كما في السنن الكبرى للنسائي من حديث أبي محذورة قال (كنت أؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت أقول في أذان الفجر الأول: الصلاة خير من النوم) وجاء ما يدل على أنه في الأذان الثاني لصلاة الفجر وتواتر العمل والتوارث يدل على أنه في الأذان الثاني وتوجيه قول أبي محذورة أن يقال إن أذان الفجر الثاني أذان أول بالنسبة للإقامة.
    11. جاء ترجيع الشهادتين في حديث أبي محذورة إضافةً إلى أن التكبير جاء مرتين في أوله كما في مسلم ولكنه جاء مربعاً عند الخمسة وفي المنتقى للمجد عزا تربيع التكبير لمسلم أيضاً ومن المعلوم أن الكتب الأصلية لها روايات فمسلم روى عنه كتابه خلائق والروايات المدونة المضبوطة معروفة عند أهل العلم (أكثر ما تظهر الفروق في روايات صحيح البخاري). ومسلم له روايات معتمدة عند المشارقة وروايات معتمدة عند المغاربة وقد يوجد في بعض هذه الروايات ما لا يوجد في الروايات الأخرى فتربيع التكبير لا يوجد في صحيح مسلم برواية المشارقة وأشار القاضي عياض إلى أنه موجود في بعض الروايات عن الجلودي. فينبغي ألا نسارع إلى تخطئة الأئمة كالمجد ابن تيمية رحمه الله ولا نحكم إلا بعد الاطلاع ونقول (لعل هذا في رواية لم نطلع عليها) وقد نفى بعض أهل العلم وجود أحاديث في الصحيح مع أنها فيه كمن نفى وجود حديث ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي عليه الصلاة والسلام في البخاري لأنه لم يجده في باب الإحصار من كتاب الحج مع أنه موجود في باب الأكفاء في الدين من كتاب النكاح بسبب لفظة (وكانت تحت المقداد) لأنه كان مولى فأراد أن يبين أن الكفاءة إنما ينظر إليها من حيث الدين فقط فلا تزوج المسلمة بالكافر ولا تزوج العفيفة بالفاجر.
    12. على كل حال سواء ثبت التربيع في حديث أبي محذورة أو لم يثبت وسواء ثبت الترجيع في حديث عبد الله بن زيد أو لم يثبت فهذا لا يؤثر لأنهما ليسا حديثاً واحداً حتى يؤثر ونقول إن هذا من اختلاف الرواة بل هما حديثان مستقلان ونقول إن للأذان صيغ ويكون هذا من باب اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد كما في التشهد والاستفتاح وقول (ربنا ولك الحمد) وعليه فمن أذن بأذان عبد الله بن زيد فله ذلك ومن أذن بحديث أبي محذورة فله ذلك.
    13. أبو محذورة علمه رسول الله الأذان ومكث أكثر من نصف قرن يؤذن في المسجد الحرام في مكة وأذان عبد الله بن زيد أمره رسول الله أن يلقيه على بلال لأنه أندى منه صوتاً فأذن مدة طويلة بين يدي رسول الله بأذان عبد الله بن زيد.
    14. الترجيع مشروع لثبوته في حديث أبي محذورة ولم يكن في أذان بلال ولا يقال أنه ليس بمشروع بل للمسلم أن يختار لأن الكل ثابت كما أنه له أن يتشهد بتشهد بابن مسعود وله أن يتشهد بالتشهدات الأخرى وكون أحمد يرجح تشهد ابن مسعود لا يعني إلغاء التشهدات الأخرى التي عمل بها الأئمة.
    15. لو قيل باستعمال هذا مرة وهذا مرة كان أولى كأدعية الاستفتاح.
    16. الجمهور على أن قول الصحابي (أمرنا) أو (نهينا) له حكم الرفع ولو قاله بعد العهد بالنبوي بمدة لأن الرسول هو الآمر والناهي الحقيقي في القضايا الشرعية خلافاً لأبي بكر الإسماعيلي الذي حكم بالوقف حتى نتأكد من الآمر أو الناهي.
    17. مقتضى حديث أنس أن تكون جميع جمل الأذان حتى كلمة الإخلاص في آخر الأذان كلها تكون شفعاً وتُكَرَّر لكنه خبر مجمل بُيِّنَ في الأحاديث الأخرى وأن كلمة الإخلاص مرة واحدة فيكون هذا الحديث أغلبياً يعني أن غالب جمل الأذان تكون شفعاً.
    18. ومقتضاه أيضاً أن جميع جمل الإقامة وتر حتى التكبير في أولها وفي آخرها إلا (قد قامت الصلاة) والجواب: إما أن نقول إن الحديث جاء بحكم أغلبي أو نقول إن تثنية التكبير تكون وتراً بالنسبة لتربيعه في الأذان لأن المرجح عند جمع من أهل العلم أن يقرن المؤذن في الأذان بين كل تكبيرتين في أوله (الله أكبر الله أكبر ثم الله أكبر الله أكبر) فهذا شفع أي مرتين بينما في الإقامة يقول (الله أكبر الله أكبر) مرة واحدة فتكون وتراً فلا نحتاج إلى استثناء ويكون الحديث على بابه فاستثنيت الإقامة ولا يوجد غيرها وأما التكبير فهو في حكم الوتر بالنسبة لتربيع التكبير في الأذان.
    19. كون المؤذن يقرن بين التكبيرتين هو ما يفيده حديث إجابة المؤذن وفيه (فإذا قال الله أكبر الله أكبر قال الله أكبر الله أكبر).
    20. قد يقول قائل: إذا ساغ مثل هذا الكلام في التكبير في أول الإقامة فكيف يسوغ بالنسبة للتكبير في آخرها إذا قارناه بالتكبير في آخر الأذان؟ كيف نجري الحديث الذي معنا على عمومه ولا يستثنى منه إلا الإقامة؟ ماذا عن تثنية التكبير في آخر الأذان وتثنية التكبير في آخر الإقامة؟ إذا قرنا التكبير في آخر الأذان صار وتراً واحتجنا إلى أن نستثني من عموم الخبر غير كلمة الإخلاص في آخر الأذان؟ أو نقول: على المؤذن أن يفصل بين التكبيرتين في آخر الأذان ويقرن بين التكبيرتين في آخر الإقامة حتى تكون تكبيرات الإقامة وتراً وتكون في حكم التكبيرة الواحدة وتكبيرات الأذان شفعاً؟.
    21. من أهل العلم من يقول إن الإقامة جملها بعدد جمل الأذان لكن أحاديث الباب ترد عليهم ومنهم من يقول بأن كل جمل الإقامة مفردة ووتر على مقتضى حديث أنس لكن ماذا عن الاستثناء (إلا الإقامة)؟.
    22. رواية النسائي (أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً) صحيحة لكن هل هذه الصيغة في القوة وإفادة الوجوب مثل ما لو قال (أوتر الإقامة يا بلال واشفع الأذان)؟ الأمر له صيغ منها فعل الأمر والفعل المضارع المقترن بلام الأمر وأيضاً لفظ الأمر كما هنا. جماهير أهل العلم على أن الصحابي إذا عبر عن الأمر بلفظه (أمر) أنه بمنزلة قول النبي صلى الله عليه وسلم (افعلوا كذا) وكذا في النهي (نهى) مثل (لا تفعلوا). خالف في ذلك داود الظاهري وبعض المتكلمين فقالوا إنه لا يدل لا على الأمر ولا على النهي حتى ينقل الصحابي اللفظ النبوي لاحتمال أن يسمع الصحابي كلاماً يظنه أمراً أو نهياً وهو في الحقيقة ليس أمراً ولا نهياً وهذا ليس بمتصور فلا يمكن أن يسمع الصحابي العربي الذي لم تختلط عربيته بغيرها من اللغات كلاماً يظنه أمراً أو نهياً وهو ليس بأمر ولا نهي. إذا سمع الصحابة الأخبار وفهموا منها أنها تدل على الأمر أو على النهي (والمطلقات يتربصن) (والوالدات يرضعن) من خلال السياق والنظر في النصوص الأخرى وتلقت الأمة فهمهم بالقبول فكيف يظن بهم أنهم يسمعون كلاماً لا يدل على الأمر أو النهي فيعبرون عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أو نهى؟ إذا لم يعرف الصحابة مدلولات الألفاظ الشرعية فمن يعرفها؟ نعم جاء في الحديث الصحيح (رب مبلغ أوعى من سامع) لكن (رب) للتقليل والأصل أن الصحابة أعرف الناس بمدلولات الألفاظ الشرعية لأنهم عايشوا النبي عليه الصلاة والسلام وعاشروه وفهموا مقاصده ومرامي كلامه فقول داود وبعض المتكلمين لا قيمة له فإذا قال الصحابي (أمر النبي صلى الله عليه وسلم) فكأنه قال (افعلوا كذا).
    23. إذا قال النبي عليه الصلاة والسلام (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم) و (نهيت عن قتل المصلين) فالآمر والناهي هو الله عز وجل قولاً واحداً ولا يرد فيه من الخلاف ما يرد في قول الصحابي (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم) لأنه يؤدي إلى اتهام النبي عليه الصلاة والسلام في فهمه عن الله عز وجل وهذا لا يقوله مسلم.
    24. الرواية من وراء حجاب جائزة عند أهل العلم كما كان الصحابة والتابعون يتلقون الحديث عن النساء وعن زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى هذا يتخرج تلقي العلم عن العلماء عن طريق الآلات فهذا شبيه بالتلقي من وراء حجاب سواء بعدت المسافة أو قصرت ففي كلتا الحالتين التلقي يكون من وراء حجاب وعلى هذا يصير من فعل ذلك من تلاميذ أولائك العلماء لكن لا ينبغي التدليس والإيهام بالرحلة إليهم.
    25. النسائي ذهب ليأخذ عن الحارث بن مسكين وهو من الثقات فلما رأى النسائي يهتم بمظهره كأنه اتهمه بالثراء والحارث رحمه الله يأخذ أجرة على التحديث (وأخذ الأجرة على التحديث مسألة خلافية لكن هذا رأيه) فحصل بينه وبين النسائي سوء تفاهم فطرده من الدرس فجلس النسائي خلف أسطوانة وصار يسمع فروى عن الحارث بن مسكين ولم يقل (حدثنا الحارث بن مسكين أو أخبرنا) لورعه فجاء بالإخبار دون صيغة (وإن كان السنن المطبوع فيه الصيغة لكن القصة تدل على أنه بدون صيغة) فكان يقول (الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع).
    26. الأجر على قدر المشقة إذا كانت المشقة من مقتضيات العبادة ومتطلباتها وإلا فالمشقة لذاتها ليست مطلباً شرعياً.
    27. الالتفات في الحيعلتين (عند الدعاء إلى الصلاة) يميناً وشمالاً من السنة ليكون أقوى للصوت في تبليغ الجهات كلها وكذلك جعل الأصابع (أطراف الأنامل) في الأذنين من السنة لأنه أقوى للصوت بالإضافة إلى معرفة كون هذا مؤذن لأنه ليس كل الناس يسمعون الصوت.
    28. (ولم يستدر) يعني ولم يستدر ببدنه وإنما لوى عنقه يميناً وشمالاً.
    29. العلة ظاهرة والفائدة محسوسة حينما كان الأذان في المنارة بحيث يرى المؤذن ويختلف صوته يميناً وشمالاً عن كونه صامداً أمامه لكن في مثلنا ظروفنا الآن المؤذن لا يرى وإذا التفت يميناً وشمالاً ضعف الصوت. إذا قيل إن العلة قد زالت بل انتقضت وانعكست فبدل أن يلتفت يميناً وشمالاً ليقوى صوته إلى جهة اليمين والشمال فإن صوته يضعف إذا فعل ذلك أمام المكبرات فهل نقول بأن الاستحباب قد التغى؟ عندنا من الأحكام ما شرع لعلة فارتفعت العلة وبقي الحكم فالأصل في مشروعية القصر للصلاة الخوف (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) والأصل في مشروعية الرمل في الطواف قول المشركين (يأتي محمد وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب) ولما انقرض المشركون ولا يوجد من يقول هذا الكلام هل نقول إن الرمل غير مشروع؟ لا بل ارتفعت العلة وبقي الحكم فهل نقول هنا إن العلة ارتفعت وبقي الحكم فنلتفت؟ أو نقول انعكست العلة فبدلاً من حكمة التشريع التبليغ لمن كان في جهة اليمين أو في جهة الشمال انعكست فصار الصوت يضعف فيلتغي الحكم؟ أو نقول الحكم باق؟ أما إن أمكن الجمع بين الالتفات والتبليغ فهو المتعين يعني لو صار المكبر يدوياً يلتفت به يميناً وشمالاً أو يستطيع أن يحرك هذا المكبر أو يتقدم يسيراً ويتحرك يميناً وشمالاً لكي يطبق هذه السنة مع ما شرعت هذه السنة من أجله فهو المتعين لكن إذا التفت وانقطع الصوت فماذا نقول؟ يؤثر عن الإمام أحمد أنه لا يدور إلا إذا كان على منارة قصداً لإسماع أهل الجهتين. وعلى كل حال إن أمكن الجمع بين تطبيق السنة مع حصول المصلحة والفائدة وتحقيق العلة فهذا هو المتعين لكن إذا لم يتمكن فالمقصود الأصلي من الأذان إعلام الناس بدخول وقت الصلاة وليحافظ على هذا الأصل وإن كان لا بد من بذل شيء من الجهد لتحقيق السنة إلا إذا تعذر فالشرع جاء بجلب المصالح وأحكامه معقولة غالباً فإذا كان تطبيق السنة يصادم ما شرعت السنة من أجله فعندنا سنة وعندنا حرص على تطبيق السنة وعندنا فقه في كيفية تطبيق السنة. بعض الناس يعرف السنة لكن لا يحرص على تطبيقها فهذا مفرط وبعضهم يعرف السنة ويحرص على تطبيقها لكن لا يفقه كيف يطبق هذه السنة فيقع في المحظورات أكثر مما حصله من أجر في تطبيق هذه السنة. فعلى المؤذن أن يتحرى في تطبيق السنة وأن يتحرى أيضاً تحقيق الهدف من هذه السنة وهو إسماع أهل الجهتين.
    30. ينبغي أن يكون المؤذن حسن الصوت وندي الصوت لقوله لعبد الله بن زيد (ألقه على بلال فإنه أندى منك صوتاً) وفرق بين نداوة الصوت وجمال الصوت وبين التغني به وتمطيطه الذي يخرج الكلام عن معانيه المطلوبة فالتطريب مذموم والمدود التي يترتب عليها زيادة بعض الحروف في الكلمات والجمل مرفوضة لكن يبقى أنه ينبغي أن يكون المؤذن صيتاً ويشترط أهل العلم أن يكون عارفاً بالأوقات ندي الصوت لأن الصوت مهما كان له أثر فكما أننا أمرنا بأن نزين القرآن بأصواتنا (كما في الحديث الصحيح) فإنه مطلوب أيضاً تزيين الأذان بالصوت. هل معنى هذا أننا نتأثر ونؤثر بالأصوات؟ بدليل أننا لو سمعنا هذا القدر من القرآن من فلان حسن الصوت تأثرنا وإذا سمعنا نفس المقطع من شخص آخر أقل منه صوتاً فإننا لا نتأثر. هل هذا التأثير بالصوت أو بالقرآن المؤدى بهذا الصوت؟ يجب ألا نغفل عن الأمر بتحسين الصوت فتحسين الصوت مقصد شرعي مأمور به. فالمسلم مطلوب منه أن يحسن الصوت لا لذات الصوت بل لكي يؤثر بالقرآن المؤدى بهذا الصوت. قد يقول: لو كان التأثير بالقرآن ما اختلف تأثيره من شخص لآخر؟ نقول: يختلف بدليل أن صاحب الصوت الندي الجميل المؤثر بالقرآن لو قرأ بهذا الصوت غير القرآن ما أثر فالتأثير للقرآن المؤدى بهذا الصوت وليس للصوت ذاته.
    31. الأذان عبادة والصلاة عبادة ومقتضى شهادة أن محمداً رسول الله ألا يعبد الله إلا بما شرع فهذه العبادات لا بد أن يكون لها أصل شرعي فالصواب أن صلاة العيد لا ينادى لها بل بمجرد ما يصل الإمام إلى المصلى يشرع في الصلاة وإن استحسن بعض أهل العلم النداء لصلاة العيد وقال إن عثمان رضي الله عنه زاد الأذان الأول في صلاة الجمعة فلماذا لا نزيد الأذان لصلاة العيد؟ نقول: القياس مع الفارق فعثمان رضي الله عنه من الخلفاء الراشدين المهديين الذين أمرنا بالأخذ بسنتهم. فالدين كمل واستقر فليس لأحد أن يزيد. استحسن هؤلاء النداء لصلاة العيد وبعضهم قال بالأذان المعروف لأنها صلاة تقاس على سائر الصلوات ومنهم من قال أنها صلاة طارئة تأخذ حكم صلاة الكسوف فينادى لها (الصلاة جامعة) ولا هذا ولا ذاك لأن القاعدة عند أهل العلم أن ما وجد سببه في عصر النبي عليه الصلاة والسلام ولم يفعله ففعله بعده بدعة لكن ينبغي أن نلاحظ مقدار قيام السبب في عصره عليه الصلاة والسلام يعني هل السبب قام في عصره عليه الصلاة والسلام بنفس مستوى السبب الذي وجد بعده؟ على سبيل المثال: الخطوط التي في الصفوف بعض الناس يقول إنها بدعة لقيام السبب في عصره عليه الصلاة والسلام لتعديل الصفوف ولم يفعل ذلك فهي بدعة لكن هل قيام السبب وقيام الحاجة الداعية إلى هذه الخطوط في عصره عليه الصلاة والسلام بنفس مستوى الحاجة الداعية إلى ذلك في العصور المتأخرة؟ مسجد النبي عليه الصلاة والسلام في عهده كان صغيراً وغير مفروش بل يصلون على الرمل فكيف يتمكن من إيجاد خطوط في مسجده والحاجة غير داعية وأيضاً الخط غير ممكن لأنه رمل؟ والذي يقول إنها بدعة يقول على الإمام أن يسوي الصفوف بنفسه ويتأكد لكن في المساجد الكبيرة مترامية الأطراف لا يمكن تحقيق التسوية وهذا ظاهر في مصليات العيد تجد الصفوف كالأقواس قبل الفرش لبعد أطراف الصفوف عن بعضها البعض. لا شك أن هذه الخطوط تحقق مصالح فتحقق تسوية الصفوف التي هي من تمام الصلاة ولا يترتب عليها مفسدة بأي وجه من الوجوه وهذه وجهة نظر من يقول بأن وجود مثل هذه الخطوط لا مانع منه ولا يدخل في حيز البدعة لقيام الحاجة والمصلحة داعية والمفسدة مغتفرة في مثل هذا وقل مثل هذا في الخط الموازي للركن في المطاف والخلاف في هذا كبير فقد وجد بفتوى ويمكن أن يزال بفتوى نظراً لاختلاف وجهات النظر في مثل هذه المسائل. على كل حال ما وجد سببه وتساوى قيام السبب في عصر النبي عليه الصلاة والسلام مع قيامه في العصور المتأخرة فلم يفعله النبي عليه الصلاة والسلام فوجوده بعد عصره بدعة كما قرر ذلك الشاطبي وغيره. فالأذان عبادة والصلاة عبادة والزيادة في هذه العبادات بدعة وقد يقول قائل: وهذه المكبرات كيف نصلي بها والنبي عليه الصلاة والسلام ما صلى بها؟ نقول: من أهل العلم من قال بهذا فيصلي بدون مكبر لأن الصلاة عبادة محضة فكيف يدخل فيها مثل هذه الآلات؟ لكن جل أهل العلم رأوا أن هذا يحقق مصلحة سماع المأمومين ولا يترتب عليه أدنى مفسدة ولا علاقة له بهيكل الصلاة وداخل الصلاة وإنما هو أمر يبلغ الصوت كالمكبر وراء الإمام أو المبلغ لقول المحدث وهو المستملي فهذه الآلات حكمها حكم ذلك.
    32. كون النبي عليه الصلاة والسلام نام عن صلاة الصبح فيه تشريع وفيه أيضاً تسلية للمسلم الذي تفوته بعض الصلوات من غير قصد ولا اختيار بعد أن فعل جميع الاحتياطات وارتفعت جميع الأسباب التي تقتضي فوات الصلاة فهذا له أن يقول إن النبي عليه الصلاة والسلام حصل له ذلك. لو أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يحصل له ذلك أبداً لشق ذلك على أهل الحرص والصلة إن حصل لهم شيء من ذلك.
    33. في حديث أبي قتادة ذكر أذان بلال وفي حديث أبي هريرة عند مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً بالإقامة ولم يذكر الأذان فإما أن يقال إن أبا هريرة لم يسمع الأذان فيكون المثبت معه زيادة علم خفيت على من لم يذكر أو نقول إن بلالاً أذن من غير أمر إنما أمر بالإقامة وأذن على المعتاد فيكون أمر الأذان أخف لأن الأصل في شرعية الأذان الإعلام بدخول الوقت والوقت قد خرج وعلى هذا نقول إن لم يؤذن للفائتة فالأمر فيه سعة ليست كمثل المؤداة بدليل أنه في صحيح مسلم أمر بلالاً بالإقامة لكنه من حديث أبي هريرة وقلنا إنه قد يكون خفي على أبي هريرة أن بلالاً قد أذن ولم يسمعه لبعده عن مكان التأذين أو نقول إن بلالاً أذن لكنه بحضرة النبي عليه الصلاة والسلام وبإقراره وعدم إنكاره فالشرعية موجودة على كل حال لكن لا يكون حكمه كحكم الأذان في أول الوقت لأن الأمر إنما جاء بالإقامة.
    34. جابر رضي الله عنه ضبط حجة النبي عليه الصلاة والسلام وأتقنها من خروجه عليه الصلاة والسلام من بيته إلى رجوعه إليه ولذا يعتمد كثير من أهل العلم على ما يرويه جابر ويقدمه على ما يرويه غيره ولذا حديث جابر من أفراد مسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين وحديث ابن مسعود وهو في البخاري أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى بالمزدلفة المغرب بأذان وإقامة والعشاء بأذان وإقامة يعني بأذانين وإقامتين والأصل أن ما يرويه البخاري أرجح مما يرويه مسلم عند الجماهير فهذه قاعدة مطردة (أول من صنف في الصحيحِ محمدٌ وخُصَّ بالترجيحِ ومسلمٌ بعدُ وأهل الغرب مع أبي علي فضلوا ذا لو نفع) لكن قد يعرض للمفوق مما يرويه مسلم ما يجعله فائقاً على ما يرويه البخاري ومنه ما عندنا فجابر رضي الله عنه اعتنى بضبط الحجة عناية فائقة ولذا يرجح خبره على خبر ابن مسعود وإن كان في البخاري لكن يقول بعضهم أنه قد يكون أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالأذان للصلاتين وخفي الأذان الثاني على جابر فيؤذن لكل صلاة أذان وكذا لكل الصلوات المجموعة فكل صلاة لها أذان وإقامة.
    35. رواية ابن عمر المجملة تقتضي أنه إنما أقام لصلاة المغرب ولم يقم لصلاة العشاء أو العكس لأنه قال (بإقامة واحدة) لكن بينت رواية أبي داود هذا الإجمال حيث قال الحافظ (زاد أبو داود: لكل صلاة) وفي رواية (ولم يناد في واحدة منهما) وهنا نقول خفي الأذان على ابن عمر بأن يكون وقت الأذان قد ذهب ليقضي حاجته أو ليجدد الوضوء أو لغير ذلك لأن عدم الذكر لا يعني عدم الوجود بينما الذكر هو الذي يحتاج إلى الإجابة عنه يعني نحتاج إلى أن نجمع بين حديث ابن مسعود وحديث جابر ولا نحتاج إلى أن نجمع بين حديث ابن عمر وحديث جابر أو ابن مسعود لأن كون ابن عمر لم يذكر فلأنه قد خفي عليه لبعده أو لكونه نسي والعبرة بمن حفظ ومن حفظ حجة على من لم يحفظ والمثبت مقدم على النافي. فالمعتمد أنه في الصلوات المجموعة يؤذن أذان واحد ويقام لكل صلاة.
    36. قرب الإمام من المكبر عند إرادة التكبير في الصلاة وإطالة عنقه ليصل إليه عند تكبيره للسجود كل ذلك من الحركات التي تخل بالخشوع وهذه الآلات تلتقط ولو من بعد فلا حاجة إلى التكلف.
    37. المدود التي تحيل معاني كلمات الأذان تبطل الأذان.
    38. قال أبو جحيفة (رأيت بلالاً ..) كيف يكون حديثاً ولم يذكر فيه رسول الله؟ إذا فُعِل الشيء في عهده عليه الصلاة والسلام لا يخلو أن يكون مما يغلب على الظن خفاؤه عنه أو يكون مما يغلب على الظن علمه به واطلاعه عليه أو يكون مستوي الطرفين فإذا قال الصحابي (كنا نفعل على عهد النبي عليه الصلاة والسلام كذا وكذا) يحتمل أنه اطلع عليه وأقره ويحتمل أنه لم يطلع عليه لكن الجمهور على أن مثل هذا له حكم الرفع لأنه في عصر التنزيل ففعل بلال لهذه العبادة التي علمه إياها النبي عليه الصلاة والسلام لا يظن ببلال أنه يزيد من عنده أو يتصرف من عنده في عصر التنزيل لأنه لو فعل لفضحه القرآن فمثل هذا لا شك في أن له حكم الرفع. والحديث هو ما أضيف إلى رسول الله حقيقةً بالتصريح به أو حكماً كما هنا.
    39. للسخاوي كتاب اسمه (الأصل الأصيل في ذكر الإجماع على تحريم النقل من التوراة والإنجيل) لكن نرى أهل العلم ينقلون منهما للرد على ما فيهما.
    40. في حديث أبي هريرة عن رسول الله (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه) والمشاهد أن البعير إذا برك يقدم يديه قبل رجليه بغض النظر عن كون الركبتين في اليدين أو في الرجلين ومقتضى النظر الظاهر في الحديث أن أوله يعارضه آخره ولذا قال ابن القيم إنه انقلب على الراوي لكن الصحيح أنه لم ينقلب على الراوي بل آخره يشهد لأوله. المنهي عنه البروك وهو النزول على الأرض بقوة فيقال برك البعير وحصحص البعير إذا أثار الغبار وفرق الحصى فمن يبرك بقوة على يديه يكون قد أشبه البعير ومثله من يبرك بقوة على ركبتيه فهذا منهي عنه أيضاً وإنما المقصود أن يضع يديه مجرد وضع على الأرض ولا يبرك بقوة فآخر الحديث يشهد لأوله وهو أرجح من حديث وائل (كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه) وقال في حديث وائل (وضع) فالملاحظ الوضع في الحالين ولذا شيخ الإسلام لم يرجح بين الحديثين بل يرى أن المصلي إن قدم يديه بمجرد الوضع أو قدم ركبتيه بمجرد الوضع فالأمر لا يختلف لأن هذا جاء من فعله وذاك جاء من أمره لكن من يريد الترجيح بين الأمرين فحديث أبي هريرة وفيه تقديم اليدين أرجح من حديث وائل فإن له شاهداً من حديث ابن عمر.
    41. الأذان إذا أطلق فإنه ينصرف إلى الأذان المعروف لا الإقامة وأما الإقامة وإن كان فيها إعلام بقرب القيام إلى الصلاة إلا أن الكلمة عند الإطلاق لا تنصرف إليها.
    42. جاء في الخبر (إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان) والغيلان نوع من الجن فإذا تراءت للناس فالمشروع المبادرة بالأذان حتى يكفيهم الله شرها.
    43. (وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم قالا) الترضي يعود على عمر وابنه وعائشة والقول يعود على ابن عمر وعائشة.
    44. (إن بلالاً يؤذن بليل) يعني قبل طلوع الصبح لقوله (فكلوا واشربوا) وابن أم مكتوم يؤذن على طلوع الصبح (وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت) يعني دخلت في الصباح. وقوله (لا ينادي ..) مدرج في الحديث إما من ابن عمر وإما من الزهري ودليل الإدراج أنه جاء في بعض الروايات في البخاري (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم قال وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت).
    45. (أصبحت) قد تطلق هذه الكلمة ويراد بها حقيقتها وهي الدخول الفعلي في الصباح وهو الأصل في معناها وقد يراد بها أخذ الحيطة والحذر فقد يتأخر الإنسان في الأكل فيقرب من طلوع الصبح فيقال (أصبحت) وقد يزاد في المبالغة فيقال (أضحيت) خشية أن يأكل في غير وقت الأكل.
    46. المقصود أن الأذان المتقدم على طلوع الصبح لا يمنع من الأكل كما أنه لا يبيح الصلاة والحديث يدل على جواز اتخاذ مؤذِّنَيْن.
    47. ليس هناك فاصل كبير بين الأذانين وإنما غاية ما هنالك أن ينزل هذا ويصعد هذا كما في بعض الروايات.
    48. فيه دليل على جواز قبول خبر المؤذن وإن كان واحداً فالأذان إخبار بدخول الوقت والمفترض في المؤذن أن يكون ثقة فإذا أذن قبلنا خبره بلا نظر في تقويم أو غياب شمس ونحو ذلك بل يقبل خبره إذا كان ثقة ولو كان أعمى.
    49. جواز ذكر الإنسان بعاهته إذا كان القصد من ذلك مجرد التعريف ولم يقصد بذلك شينه ولا عيبه (عبس وتولى ...) فلم يقصد عيبه ولكن للحاجة الداعية إلى ذكر هذه العاهة لتعريف السامع بالسبب فإذا كانت العاهة لها أثر في الخبر كما هنا فإنها تذكر وكذا إذا كان الشخص لا يعرف إلا بها كالأعمش والأعرج ولا يقصد بذلك شينه ولا عيبه وهذا مستفيض عند أهل العلم.
    50. جواز نسبة الرجل إلى أمه إذا كان لا يكره ذلك أو كانت الأم أشهر من الأب ولم يكن القصد من ذلك الحط من قيمته ولا ازدراء أبيه وإنما هو لمجرد التعريف والأصل (ادعوهم لآبائهم) فإذا كان يكره النسبة إلى أمه أو كان أبوه أشهر من أمه فلا يجوز أن يدعى بأمه.
    51. (يوم ندعواْ كل أناس بإمامهم) يوم القيامة يدعى الإنسان بأحب الأسماء إليه لكن ما معنى (بإمامهم)؟ هل المراد به جمع أم أو المراد به الإمام المتبوع؟ المراد به الإمام المتبوع لكن من أهل العلم من شذ وقال إن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم لأن (بإمامهم) جمع أم ولا عُهِدَ أن الأم تجمع على (إمام) وإنما تجمع على (أمات) و (أمهات) لكن هؤلاء يعللون لهذا القول بأن فيه تشريفاً لعيسى حيث يدعى لأمه وستراً على أولاد الزنا لأن ولد الزنا ينسب إلى أمه ولا ينسب إلى أبيه (للعاهر الحجر).
    52. إذا وثق بالصوت فإن الخبر يقبل من وراء حجاب فيجوز أن تروي عمن لا ترى شخصه إذا وثقت بصوته كما أنه يجوز لك أن تروي عنه وجادةً إذا جزمت بأن هذا خطه وإن لم تسمعه من كلامه وشعبة بن الحجاج يمنع من الرواية إذا لم ير الشخص لئلا يتلبس الشيطان ببعض الناس ويحدثهم فينقلون عنه والراجح في هذا قول الجمهور.
    53. الإدراج إذا كان لمجرد تفسير كلمة غريبة أو لتوضيح كلام موجود في أصل المتن لا إشكال فيه وهو كثير في النصوص لكن إذا وجد الإدراج بحيث أن هذا الراوي المدرِج لا ينبه على هذا الكلام المدرَج في بعض المجالس بحيث يروى عنه من بعض الطرق أنه من كلامه أي لم يفصل بين كلامه وبين كلام النبي عليه الصلاة والسلام في بعض المجالس وأوهم الناس أن هذا من كلامه عليه الصلاة والسلام فمثل هذا حرام.
    54. يعرف المدرَج بجمع الطرق فالمدرِج يأتي في بعض الطرق ما يدل على أنه هو الذي زاد هذا الكلام.
    55. اتخاذ مؤذنين في آنٍ واحد منع منه قوم لأنه يحصل به التشويش ويشوش بعضهم على بعض وعلى هذا إذا أمن التشويش وصار في اجتماع الصوتين قوة في الصوت فإنه لا يمنع منه وإذا وجد في المسجد أكثر من منارة وهي متباعدة لكبر المسجد بحيث يضعف صوت من عن يسار المسجد عن يمين المسجد فلا يسمعه من عن يمين المسجد وكذلك العكس فمن منع لأجل التشويش فمثل هذا يحقق مصلحة ولا يوجد تشويش على أنه لو أذن من على جهة اليمين أولاً فلما فرغ أذن من على جهة الشمال فلا بأس وأما أذانهما في آنٍ واحد فهو غير مأثور. هذا كان موجوداً في المسجد النبوي في آنٍ واحد يؤذنون ثم منع منه.
    56. الذي يقابل المحفوظ الشاذ وهو مخالفة الثقة من هو أوثق منه.
    57. قيل عن حديث (ألا إن العبد نام) أنه غير محفوظ وعليه فهو شاذ للمخالفة بينه وبين حديث (إن بلالاً يؤذن بليل) لأنه في هذا الحديث أمره بالرجوع فينادي (ألا إن العبد نام) وفي ذاك لم يأمره بالرجوع فحصلت المخالفة بين الحديثين لأنه لا يتصور أن يأمره النبي عليه الصلاة والسلام بأن يقول ناد في الناس (ألا إن العبد نام) مع أنه يؤذن بليل كما في الحديث المتفق عليه وعليه فالحديث شاذ مخالف لما هو أقوى منه.

  2. #2

    افتراضي

    . (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن) تتحقق المماثلة في متابعة المؤذن جملة جملة وجاء التفصيل في حديث عمر (فإذا قال الله أكبر الله أكبر قال الله أكبر الله أكبر) وبهذا يستدل من يقول باستحباب جمع الجملتين في التكبير.
    59. لو كان المؤذن يستغرق أذانه خمس دقائق كما في بعض الجهات والإنسان بيده عمل أو كتاب أو مصحف يقرأ فيه ويقول (إذا قرب من الفراغ أسرد الأذان) فهل تتم المتابعة بمثل هذا؟ قوله (مثل ما يقول) يقتضي أن تكون الجملة بعد قول المؤذن هذه الجملة لأنه إذا قال (حي على الفلاح) فقلت (الله أكبر) فهل قلت مثل ما يقول؟ لا تتم المماثلة وإن كان هناك مماثلة من وجه لكن المماثلة لا تتم إلا إذا كانت جمل المجيب بعد جمل المؤذن.
    60. مقتضى العموم في قوله (فقولوا مثل ما يقول) أنه يقول مثل ما يقول في جميع جمل الأذان بما في ذلك الحيعلتين ومقتضى رواية مسلم من حديث عمر في فضل القول كما يقول المؤذن أنه يقول في الحيعلتين (لا حول ولا قوة إلا بالله) وهذه الرواية كالصريحة في أن المجيب يقول ذلك ولا يقول (حي على الصلاة حي على الفلاح) وهذا نظير (وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد) ومقتضى الأمر بمتابعة الإمام وعدم الاختلاف عليه أن يقول مثل ما يقول وهو أيضاً مقتضى الاقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام (صلوا كما رأيتموني أصلي) فهذا التوجيه يشمل الإمام والمأموم والمنفرد فمقتضى ذلك أن يقول المأموم (سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد) وبهذا قال الشافعية والجمهور على أن الإمام يقول (سمع الله لمن حمده) والمأموم يقول (ربنا ولك الحمد) ولا يقول (سمع الله لمن حمده) لأن قول المأموم عُقِّب على قول الإمام بالفاء التي تقتضي التعقيب المباشر بغير فاصل وكأن هذا هو المرجح. في حديث عمر (سوى الحيعلتين) ولولا هذا لقلنا إن الجمع ممكن ولا تنافي بين أن يعمل بالعام ويأتي باللفظ الخاص لأنه لا منافاة بين العموم والخصوص وبهذا قال جمع من أهل العلم أن المجيب يجمع فيأتي بالحيعلتين ثم بعد ذلك يحوقل لكن المرجح عند أكثر أهل العلم أنه لا يأتي الحيعلتين لأنه لا فائدة من ذلك فالمؤذن حينما يقول الحيعلتين فلأنه يدعو الناس إلى الصلاة ففيه فائدة بالنسبة له لكن المجيب وهو يجيب بينه وبين نفسه بكلام سري ما الفائدة من الحيعلتين بالنسبة له؟ وهذا وجه كونه لا يجيب بقوله (حي على الصلاة حي على الفلاح) وإنما يحوقل. إذا قال المؤذن (الله أكبر الله أكبر) ثم قال المجيب (الله أكبر الله أكبر) فإنه يثاب عليه المجيب والشهادتان كذلك إلى آخر الأذان.
    61. إذا ثوب المؤذن لصلاة الصبح فقال (الصلاة خير من النوم) فإن عموم (إذا سمعتم المؤذن ...) يقتضي أن المجيب يقول (الصلاة خير من النوم) وبعض المتأخرين من الفقهاء يقول إن (الصلاة خير من النوم) خبر فلا فائدة في ذكره سراً مثل الحيعلتين وإنما يقول بدل ذلك (صدقت وبررت) وهذا مجرد استحسان لا دليل عليه ولذا لا يشرع مثل هذا الكلام وإنما يقول مثل ما يقول المؤذن.
    62. هل طلب الإمامة (اجعلني إمام قومي) مثل طلب الإمامة المنهي عنه في قوله (يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة) وفي الخبر (لا نولي هذا الأمر من طلبه أو حرص عليه)؟ لا شك أن الطلب يتفاوت بحسب القصد فمن طلب الإمامة بقصد ألا تفوته الصلاة وأن يراجع حفظه فلا بأس بذلك لأن هذا قصد صحيح ومن طلبها من أجل المكافأة فلا يجوز ذلك. طلب الإمارة المنهي عنه إنما هو في أمور الدنيا.
    63. هل الأفضل الإمام الذي يضبط صلاته لأنه إمام وخلفه من يهابهم فيلاحظهم لئلا يقال إنه كثير السهو أو الإمام الذي ينتبه إلى المعاني وينظر إلى حقيقة الصلاة ويتدبر ما يقوله ويترتب على ذلك وجود السهو في صلاته؟ نص بعض المالكية على أن الإمام الذي يسهو في صلاته أفضل من الإمام الذي لا يسهو في صلاته لأن سهوه دليل على أنه لم يلاحظ المخلوق وإنما يتأمل ويتدبر في صلاته والذي لا يسهو إلا نادراً هذا دليل على أنه ملاحظ للمخلوق مع أنه قد يلاحظ الخالق ولا يسهو لأنه إذا فرغ قلبه وقالبه من مشاغل الدنيا وأقبل على صلاته فإنه يضبط صلاته ولا يلزم أن يكون هذا من ملاحظة المخلوق.
    64. إذا طلب الإمامة سواء كانت في الدين أو في الدنيا بقصد حسن أجر على هذا القصد وإذا طلبها من أجل الدنيا فإنه لا يؤجر والنبي عليه الصلاة والسلام أجاب عثمان إلى هذا الطلب. إذا كان الإنسان قد تعين عليه القضاء أو الإفتاء وكان أمثل القوم وغيره لا تبرأ الذمة به فأهل العلم يقولون إنه لا مانع من أن يتعرض لمثل هذ وإن لم يصرح لأن هدفه صحيح ومقصده شرعي يؤجر عليه وقد صرح يوسف عليه السلام (اجعلني على خزائن الأرض) وإن كان قد يقول قائل إن هذا في شرع من قبلنا وأما في شرعنا فجاء النهي (لا تسأل الإمارة) وعلى كل حال إذا كان مقصده شرعياً فإنه يؤجر عليه. وأما إذا كان قصده الوجاهة في الدنيا وحب الشرف أو المال فإنه حينئذ يحرم عليه.
    65. (واقتد بأضعفهم) اجعل الأضعف نصب عينيك فلا تشق عليه واجعل الحد الأدنى من التحمل تحمل هذا الأضعف. فإذا كان خلفك من لا يتحمل الوقوف أكثر من خمس دقائق وآخر يستطيع الوقوف إلى عشرين دقيقة فاقتد بالذي لا يتحمل أكثر من خمس دقائق فلا تتجاوزها.
    66. أخذ الأجرة على العبادات المحضة لا يجوز. مثاله: لا أصير لكم إماماً إلا بمبلغ وقدره كذا ولا أصلي ولا حتى مأموماً إلا بمبلغ وقدره كذا ولا أصوم إلا إذا أعطيتموني عن كل يوم مائة ريال فهذا حرام ولا يجوز.
    67. لكن إذا قال (أنا مستعد للإمامة ولا أريد أجراً على الإمامة وإنما أريد أجراً على ارتباطي حول المسجد) فلا مانع من أن يفرض له جُعْل من بيت المال وأما أن يشارط ويقول (لا أصلي بكم إلا بكذا) فهذا يقول الإمام أحمد فيه (من يصلي خلف هذا؟!!).
    68. فالأجر والمشارطة في العبادات لا تجوز ولا مانع من أخذ الجُعْل من بيت المال.
    69. أما بالنسبة للتعليم وقصر النفس عليه والتفرغ له والانقطاع عن المصالح والكسب له ولولده فجمهور أهل العلم على جواز أخذ الأجرة عليه وعمدتهم في ذلك الحديث الصحيح (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) فإذا جاز أخذ الأجرة على تعليم القرآن فمن باب أولى أن يجوز أخذ الأجرة على الحديث على أن الإمام أحمد والحميدي وجمع من أهل التحري يمنعون من أخذ الأجرة على الحديث لكن الجمهور على جواز أخذ الأجرة على التحديث لا سيما إذا أفضى إلى انقطاع المعلم عن الكسب له ولأولاده ومن تحت يده. بعضهم يفرق بين العلوم الشرعية التي هي عبادات وبين علوم الدنيا أو علوم الوسائل كالعربية مثلاً فإنهم يجيزون أخذ الأجرة على ذلك وقد عرف من أهل العلم من يأخذ أجرة على التحديث وعرف من يأخذ أجرة على تعليم العربية حتى ذكر عن بعضهم أنه لا يعلم ألفية ابن مالك إلا بكل بيت درهم. على كل حال الورع شيء والحكم بالمنع والتحريم شيء آخر وأما بالنسبة للعبادات المحضة كالإمامة والأذان فالمشارطة عليها حكمه معروف لكن لا بأس من أخذ جعل من بيت المال على أن لا يكون الهدف هو هذا الجعل وكونه يستعين به ليتفرغ فهذا لا بأس به.
    70. حديث عثمان بن أبي العاص أقل أحواله الحُسْن.
    71. (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم) حضور الصلاة هو حضور وقتها كما هو الأصل في شرعية الأذان أو حضور فعل الصلاة. واللام هنا لام الأمر وهذا أحد أدلة القائلين بوجوب الأذان ووجوبه ظاهر من هذا الحديث وغيره.
    72. لا يشترط في المؤذن مزيد على شرط الإسلام لقوله (أحدكم) مع أنه من يلاحظ المعاني ويلاحظ عمومات ما جاء من النصوص في الأذان فإنه يعلم أن الأندى صوتاً والأعرف بالأوقات أولى من غيره وأنه لا بد أن يكون ثقة يعتمد على خبره وهذا الحديث (أحدكم) مجمل بينته النصوص الأخرى.
    73. (إذا أنت فترسل) أي تأن ورتل (وإذا أقمت فاحدر) أي أسرع لأن الأذان شرع لنداء الغائبين إلى الصلاة ويناسب الغائب عدم العجلة وعدم السرعة بينما الإقامة هي إعلام الحاضرين فالحاضر يعلم بالإقامة وإن كانت مع السرعة والحدر على أن الخبر ضعيف لأن في إسناده جهالة وله شواهد لكنها كلها واهية. لكن معناه صحيح.
    74. (واجعل بين أذانك وإقامتك مقدار ما يفرغ الآكل من أكله) والشارب من شربه وصاحب الحاجة من حاجته إذا دخل الخلاء لكن الخبر ضعيف. لكن يجعل بينهما وقتاً يكفي لتحصيل شرط الصلاة.
    75. الأوقات المحددة بين الأذان والإقامة من قبل الجهة المعنية أمور تنظيمية لا مانع من الإلزام بها إذا رأى ولي الأمر ذلك وإلا فالأصل إذا لم يشق على الناس أن الإمام يراعي حال المأمومين فإذا اجتمعوا بادر وإذا تأخروا تأخر لكن في مثل هذه الأوقات لا يمكن ضبط الناس بهذه الطريقة ولو وجد مجموعة تكون ظروفهم متماثلة فإنه يطبق فيهم السنة.
    76. البخاري ترجم في صحيحه (باب كم بين الأذان والإقامة) ولم يذكر حداً محدداً لأنه لم يثبت عنده في ذلك شيء.
    77. الزهري لا تصح له رواية عن أبي هريرة وعليه فحديث (لا يؤذن إلا متوضئ) منقطع وعليه فهو ضعيف ويصح الأذان من المحدث سواء كان حدثه أصغر أو أكبر على ألا يدخل المسجد من كان حدثه أكبر.
    78. وإن لم تشترط الطهارة للأذان إلا أن المنع يأتي من جهة أخرى وهي الخروج من المسجد بعد الأذان وجاء في الحديث الصحيح (أما هذا فقد عصى أبا القاسم). نعم هذه حاجة لكن ما الداعي إلى مثل هذه الحاجة؟ لو قدر أن المؤذن جاء متأخراً فأذن ثم خرج بسرعة ورجع فهو معذور لكن أن يكون ديدنه أن يأتي ليؤذن ويسقط هذا الواجب عنه ثم يرجع إلى بيته فيكمل أعماله ويتوضأ ثم يرجع إلى المسجد ليقيم فمثل هذا لا يأتي الصلاة إلا عن دبر.
    79. (من أذن فهو يقيم) ضعيف لأن في إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي والجمهور على أن عبد الرحمن هذا ضعيف. وإن كان ضعف الخبر ليس بشديد لكن هذا حكم من الأحكام لا يثبت بمثل هذا الإسناد. وإن كان الحكم المشتمل عليه هذا الحديث أن من أذن فهو يقيم هو قول أكثر أهل العلم فقد قال الترمذي (العمل على هذا عند عامة أهل العلم).
    80. حديث عبد الله بن زيد (أنا رأيته) في المنام كما تقدم (وأنا كنت أريده) والنبي عليه الصلاة والسلام قال (ألقه على بلال فإنه أندى منك صوتاً) وقال (فأقم أنت). وهذا الحديث ضعيف وهو يخالف الحديث السابق لأن مفاده أنه ألقى الأذان على بلال فأذن بلال وقوله (فأقم أنت) يدل على أن الذي أقام غير الذي أذن وعلى هذا فلا يشهد هذا الحديث للسابق.
    81. أهل العلم يكرهون أن تقرأ السورة التي فيها سجدة في الصلاة السرية لأنها تشوش على الناس لأنه لو سجد لسبحوا به لأنهم لا يدرون أنه سجد للتلاوة وأما كونه ينبههم قبل الصلاة بأنه سيقرأ سورة فيها سجدة فهذا ليس بمأثور وعليه فلا ينبغي أن يقرأ سورة فيها سجدة في السرية لتضمنها التشويش على الناس.
    82. (المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة) ضعيف لتفرد شريك القاضي به وهو معروف بسوء الحفظ فالمرفوع ضعيف لكن الموقوف على علي صحيح ومعناه صحيح.
    83. بمجرد ما يتفرد ابن عدي برواية الخبر نعرف أنه ضعيف لأنه لا يروي في كتابه (الكامل) إلا أحاديث تفرد بها الراوي المترجم له وأُنكِرت تلك الأحاديث عليه يعني من منكرات ذلك الراوي ولذا يقول الناظم صاحب طبعة الأنوار (وما نُمِي (يعني من مظان الضعيف) لِعَق (أي العقيلي) وعَد (أي ابن عدي) وخَط (أي الخطيب) وكِر (أي ابن عساكر) ومسند الفردوس ضعفه شُهِرْ) والمقصود أن الكامل لابن عدي من مظان الضعيف فلا يحتاج الحافظ إلى أن يقول (وهو ضعيف) لكنه تصريح بما هو مجرد توضيح.
    84. المفترض في المؤذن أنه ثقة عارف بالأوقات فليس من صلاحيات الإمام أن يتدخل في الأذان كما أن الإقامة مربوطة بالإمام فليس للمؤذن أن يفتات على الإمام فيقيم قبل حضوره إلا إذا كان بينهما علامة كما لو كان بينهما اتفاق أنه بمجرد ما يدخل الإمام فإن المؤذن يقيم فله أن يقيم بمجرد دخول الإمام لكن لو كان الإمام أحياناً إذا دخل يأمر بالإقامة مباشرة وأحياناً يتنفل قبل ذلك فليس للمؤذن أن يقيم بمجرد ما يدخل الإمام المسجد.
    85. في الحديث (إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني) وبلال إذا حان وقت الإقامة ذهب وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام ثم جاء فأقام وأحياناً يقوم المأموم قبل أن يحضر الإمام وقد يتأخر الإمام بعد الإقامة والنبي عليه الصلاة والسلام دخل في يوم من الأيام فأقام بلال فتذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن عليه غسلاً فرجع واغتسل وهم قيام ولم تُعَد الإقامة وجاء عند البيهقي وغيره أن قيام المأموم عند قول المقيم (قد قامت الصلاة) وهو المنصوص عليه عند الحنابلة لكن الخبر ضعيف لأن في سنده الحجاج بن أرطاة والمقصود أن قيام المأموم مربوط برؤية الإمام لقوله (إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني).
    86. (لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة) فهو من المواطن التي ترجى فيها إجابة الدعاء يعني بعد متابعة المؤذن وقول (اللهم رب هذه الدعوة التامة ..).
    87. ذكر البيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند كلمة الإقامة (أقامها الله وأدامها) وفي إسناده شهر بن حوشب وهو ضعيف ففي مقدمة صحيح مسلم (ألا إن شهراً نزكوه) يعني رموه بالنيزك أي ضعفوه.
    88. (من قال حين يسمع النداء اللهم رب ..) قوله (حين يسمع النداء) هل يقول ذلك في أثناء الأذان ووقت سماعه له أو بعد الفراغ منه؟ ما هي دلالة اللفظ؟ الحين هو الوقت فهل معناه (من قال وقت سماع النداء) أو بعد الفراغ من النداء؟ وهل في وقت سماع النداء تقول مثل ما يقول بحيث يكون وقت سماع النداء مستغرق بإجابة المؤذن؟ بعد سماع المؤذن وإجابة النداء والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام تُسأل له الوسيلة والمراد ما جاء في هذا الحديث. الفعل المضارع قد يطلق ويراد به ما يرادف الماضي كما أن الماضي يطلق ويراد به المستقبل فهما متقارضان. في الفعل الماضي السياق قد يدل على أن الفعل يكون بعد تمام ما رتب عليه وأحياناً يكون عند إرادة ما رتب عليه وأحياناً يكون عند الشروع فيما رتب عليه: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) يعني إذا أردتم القيام لا بعد الفراغ من القيام للصلاة وكذا (إذا قرأت القرآن فاستعذ بالله) فأحياناً يطلق ويراد به إرادة الفعل وأحياناً يطلق ويراد به الفراغ من الفعل وهذا هو الأصل كما في قوله (إذا كبر فكبروا) فليس معناه إذا أراد التكبير فكبروا ولا إذا شرع في التكبير فكبروا بل إذا فرغ من التكبير فكبروا وأما قوله (إذا ركع فاركعوا) فالمراد به إذا شرع في الركوع اركعوا وليس إذا أراد الركوع ولا إذا فرغ من الركوع لأنك إذا انتظرت حتى يفرغ منه فاتتك الركعة. فـ(حين يسمع) أي إذا سمع بدليل رواية مسلم أنه بعد الصلاة والسلام على رسول الله يقول (اللهم رب هذه الدعوة ..).
    89. حديث (من قال حين يسمع ..) مخرج في البخاري.
    90. الدعوة التامة هي دعوة التوحيد في أول الأذان (أشهد ألا إله إلا الله) وفي آخره (لا إله إلا الله).
    91. (والصلاة القائمة) التي أقيم لها أو ستقام (والوسيلة) هي ما يتقرب به إلى الله عز وجل (والفضيلة) المرتبة الزائدة على سائر الخلق.
    92. (مقاماً محموداً) بحيث يُحمد قيامه فيه ومعنى (ابعثه) أي أعطه أو ابعثه من قبره متصفاً بهذا الوصف. والتنكير هنا للتعظيم والتفخيم وقد روي بالتعريف (المقام المحمود) عند النسائي وابن حبان والتنكير أولى لما يشتمل عليه من تعظيم وتفخيم ولأنه هو الموافق لما جاء في القرآن (عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً) وهو المروي في الصحيح.
    تم الشروع في تقييد فوائد هذا الشرح المبارك ليلة الأربعاء السابع والعشرين من محرم عام ثمانيةٍ وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية المباركة, وتم الفراغ من تقييد فوائده ليلة الثلاثاء الرابع من شهر صفر, وكان ذلك قرب برلين في مدينة من مدن الكفار الحقيرة يقال لها (درسدن) بألمانيا.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    215

    افتراضي رد: مهمات باب الأذان والإقامة من شرح البلوغ للشيخ عبد الكريم الخضير

    بارك الله فيك على هذه الدرر ... و وفق الله الشيخ لكل خير

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    27

    افتراضي رد: مهمات باب الأذان والإقامة من شرح البلوغ للشيخ عبد الكريم الخضير

    شكرا لك ... بارك الله فيك ...

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    406

    افتراضي رد: مهمات باب الأذان والإقامة من شرح البلوغ للشيخ عبد الكريم الخضير

    جزاك الله خيرا

  6. #6

    افتراضي رد: مهمات باب الأذان والإقامة من شرح البلوغ للشيخ عبد الكريم الخضير

    اخي الكريم هل يوجد شرح صوتي للشيخ على بلوغ المرام افيدونا بارك الله فيكم

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    167

    افتراضي رد: مهمات باب الأذان والإقامة من شرح البلوغ للشيخ عبد الكريم الخضير

    ابو هاجر بارك الله فيك .


    ابو عبدالبر ،، نعم هناك شرح الشيخ مسجل على البلوغ وسينزل باذن الله تعالى في موقع الشيخ .
    الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ د . عبدالكريم الخضير حفظه الله

    www.khudheir.com

  8. #8

    افتراضي رد: مهمات باب الأذان والإقامة من شرح البلوغ للشيخ عبد الكريم الخضير

    هل يجوز أخذ الأجرة على التحديث ؟؟؟
    أرجو ذكر مراجع تتناول الخلاف في المسالة
    جزاكم الله خيرا

  9. #9

    افتراضي رد: مهمات باب الأذان والإقامة من شرح البلوغ للشيخ عبد الكريم الخضير

    من أخذ على التحديث أجرًا منع ذلك من قبول روايته عند قوم من أئمة الحديث، رُوِّيناعن إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه أنه سُئل عن المحدث يحدث بالأجر فقال: لا يُكتبعنه. وعن أحمد بن حنبل وأبو حاتم الرازي نحو ذلك، وترخص أبو نعيم الفضل بن دكين،وعلي بن عبد العزيز المكي، وآخرون في أخذ العوض على التحديث، وذلك شبيه بأخذ الأجرةعلى تعليم القرآن ونحوه، غير أن في هذا من حيث العُرف خرمًا للمروءة، والظن يُساءبفاعله؛ لأنه ربما ابتغاء الأجر يجعله غير عدل في روايته، والظن يساء بفعله إلا أنيقترن ذلك بعذر ينفي ذلك عنه، كمثل ما حدثنيه الشيخ أبو المظفر عن أبيه الحافظ أبيسعيد السمعاني أن أبا الفضل محمد بن ناصر السلامي ذكر أن أبا الحسين بن ناقور فعلذلك؛ لأن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أفتاه بجواز أخذ الأجرة على التحديث، لأن أصحابالحديث كانوا يمنعونه من الكسب لعياله، والله تعالى أعلم.
    هل لدى أحدكم إضافة أو تفصيل أكثر في المسألة
    جزاكم ربنا جنته برحمته

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    10,732

    افتراضي رد: مهمات باب الأذان والإقامة من شرح البلوغ للشيخ عبد الكريم الخضير

    بلوغ المرام من أدلة الأحكام

    لا إله إلا الله
    اللهم اغفر لي وارحمني ووالديّ وأهلي والمؤمنين والمؤمنات وآتنا الفردوس الأعلى

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •