بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ؛ اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ؛ أما بعد :

إن في هذه الأوقات العصيبة التي تَمُرّ بها الأمّة شبابًا وشِيبَانا ، لا ترى - إلا نادرًا - تربية في تعاملات كلٍّ مع كلّ ، وإنما التحامل والتجاهل والطَّيْش !
فلو رحم الكبير الصغير ، واحترم الصغير الكبير !! لَمَا صِرْنَا إلى ما صِرْنا إليه .
وعند الإمام أحمد من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما - مرفوعا : "ليس منَّا من لم يوقِّر كبيرَنا ويرحَم صغيرَنا"

( كل ) كبير يحترم ويعطى حقه !
لأن الكبير وصف لصنف من الناس لا يَنفَك عنهم ولا يُسْلَب منهم (!!)
والصغير يَكْبر (!) والكبير لا يَصْغُر ! ( فتأمل )!! .
فالحق ثابت لهم بثبوت الصفة ، والصفة ثابتة لا تزول مادامت الحياة!!
فمن نازع في الثوابت فاتهمه في عقله ، ومن تعدى عليها فاعلم أنه فاتح باب شر !

التعدي على الكبير تعدٍّ على ( مكانه ) و(مكانته) و( سلطانه ) .
فالوالد كبير البيت - لا بالسن ! ولكن ؛ - مكانة ووظيفة - فالتعدي عليه تعدٍّ على الوَالِدِيَّة والأبوة لا الشخص نفسه !
والحق ثابت للوصف، والوظيفة لا الشُخُوص (!!)
فالله رب العالمين قال " وَبِالوَالِدَين ِ إِحْسَانًا " أيًّا كان شخصهما وحالهما .. المهم أنه والد ثبت له ( وصف الأبوة )! = ( وظيفة الوالدية ) !

و ( الخليفة ! ) - ولي الأمر ، الحاكم ، الرئيس ، الأمير ، السلطان - كبير البلد .
والتعدي عليه ، تعدٍّ على الوصف والوظيفة ؛ والحق ثابت للوصف والوظيفة لا الشُّخوص (!!)
قال الله - جلّ وعلا - : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ۖ ) [سورة النساء 59]

فالسلطان ظلّ الله في الأرض كما جاء في الحديث عن أبي بكرة رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" السلطان ظل الله في الأرض فمن أكرمه أكرمه الله و من أهانه أهانه الله " أخرجه الترمذي
ولفظ أحمد في المسند " من أكرم سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أكرمه الله يوم القيامة ومن أهان سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أهانه الله يوم القيامة".
والحديث حسنة شيخنا الألباني .

وقال ابن زمنين في ( رياض الجنة ) : «ومن قول أهل السنة: إن السلطان ظل الله في الأرض، وإنَّ من لم ير على نفسه سلطانًا برًّا كان أو فاجرًا فهو على خلاف السنة»

وَلَمَّا احْتُضِرَسُلَيْ مَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ جَعَلَ يَقُولُ :
" إِنَّ بَنِيَّ صِبْيَةٌ صِغَارُ ... أَفْلَحَ مَنْ كَانَ لَهُ كِبَارُ "
[ ومع كلام في اسناد الخبر لكنه حِكْمَة !]

وكم كان يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم - قوما : أين كبيركم ؟

فأين كبيركم ؟!
( نِعْمَةٌ ) أن يكون لك ( كبير )! ، ترجع إليه .. واسألوا عمن لا كبير له ، تعرفون نعمة الله عليكم ؛ فلا تنكرونها !!