تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الأربعون النووية بين الرواية والدراية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2015
    المشاركات
    105

    افتراضي الأربعون النووية بين الرواية والدراية

    الحديث الثالث
    عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان " .
    رواه البخاري ومسلم.

    الحديث رواية :

    أخرجه البخاري (8) , ومسلم (16-22) , والترمذي (2609) , والنسائي (5001) , وأحمد 2/ 143 , والقاسم بن سلام في "الإيمان" (ص:21) , وفي "الناسخ والمنسوخ" (379) , والآجري في "الشريعة" (202) , وابن خزيمة (308) و (1880) ، وابن حبان (158) و (1446) , وابن منده في"الإيمان" (40) و (148) ، وأبو نعيم في "المستخرج" 1/ 110 , وفي "أخبار أصبهان" 1/ 146، والنسوي في "الأربعين" (4) , وأبو بكر الخلال في "السنة" (1382) , والطحاوي في "أحكام القرآن" 2/ 214 ,والبيهقي 1/ 358، وفي "السنن الصغير" (249) , وفي "الشعب" (20) و (3567) , وفي "الإعتقاد" (ص: 247-248) , والبغوي في "شرح السنة" (6) , وفي "تفسيره" (248) , وابن عبدالبر في "التمهيد" 16/ 160: من طرق عن حنظلة بن أبي سفيان ، عن عكرمة بن خالد ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال :

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره
    وعند القاسم بن سلام تقديم الصوم على الحج .
    وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح"

    وله طرق أخرى عن ابن عمر :

    الثانية : أخرجه البخاري (4515) : حدثنا محمد بن بشار , حدثنا عبد الوهاب , حدثنا عبيد الله , عن نافع , عن ابن عمر رضي الله عنهما : أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير , فقالا : إن الناس صنعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم فما يمنعك أن تخرج ، فقال : " يمنعني أن الله حرم دم أخي " , فقالا : ألم يقل الله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة سورة البقرة آية 193 ؟
    فقال : " قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله ، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله " ، وزاد عثمان بن صالح , عن ابن وهب , قال : أخبرني فلان ، وحيوة بن شريح , عن بكر بن عمرو المعافري , أن بكير بن عبد الله حدثه ، عن نافع , أن رجلا , أتى ابن عمر , فقال : يا أبا عبد الرحمن , ما حملك على أن تحج عاما ، وتعتمر عاما ، وتترك الجهاد في سبيل الله عز وجل ، وقد علمت ما رغب الله فيه ؟ قال : " يا ابن أخي بني الإسلام على خمس إيمان بالله ورسوله ، والصلاة الخمس ، وصيام رمضان ، وأداء الزكاة ، وحج البيت " , قال : يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله سورة الحجرات آية 9 وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة سورة البقرة آية 193 , قال : " فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان الإسلام قليلا ، فكان الرجل يفتن في دينه إما قتلوه وإما يعذبونه حتى كثر الإسلام ، فلم تكن فتنة " , قال : فما قولك في علي وعثمان , قال : " أما عثمان , فكأن الله عفا عنه ، وأما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه ، وأما علي , فابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وختنه ، وأشار بيده ، فقال : " هذا بيته حيث ترون " .

    وله طريقان آخران عن نافع :

    1 - أخرجه الطبراني في "الأوسط" (6533) : حدثنا محمد بن رزيق بن جامع ، ثنا الحسين بن الفضل بن أبي حديرة المصري ، ثنا عبد العزيز بن عبد الرحمن البالسي ، عن خصيف ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان " .
    وقال الطبراني : " لم يرو هذا الحديث عن خصيف إلا عبد العزيز بن عبد الرحمن ، تفرد به : الحسين بن الفضل ".
    قلت : وإسناده ضعيف جدا
    خصيف : صدوق سيء الحفظ خلط بأخرة ورمي بالإرجاء كما في "التقريب" .
    وعبد العزيز بن عبد الرحمن هو البالسي: اتهمه أحمد بن حنبل كما في "ديوان الضغفاء"
    والحسين بن الفضل بن أبي حديرة : ذكره الذهبي في "تاريخ الإسلام " 5/ 1126 بقوله : " حدّث بمصر عن ضمرة بن ربيعة، وجماعة, وآخر من حدَّث عنه عبد الكريم بن إبراهيم المروذي".
    فهو مجهول الحال .

    2- أخرجه ابن سمعون في "الأمالي" (201) : حدثنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك ، حدثنا أحمد بن الحسين البصري ، حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا أبو خليد ، حدثني ابن ثوبان ، عن نافع ، عن ابن عمر ، رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، والصلاة ، والصيام ، والحج ، والزكاة .
    وهذا إسناد رجاله مابين ضعيف ومجهول فيمن دون نافع عدا عتبة بن حماد بن خليد .

    الطريق الثالثة : أخرجه مسلم (16- 20) , وأبو عوانة في "المستخرج" 1/ 109 , والواحدي في "الوسيط" 1/ 468 , وابن منده في "الإيمان" (42) : من طريق يحيى بن زكريا , ثنا سعد بن طارق حدثني سعد بن عبيدة السلمي ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :
    " بني الإسلام على خمس ، على أن يعبد الله ، ويكفر بما دونه ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان " .
    وله طريق أخرى عن سعد بن طارق :
    أخرجه مسلم (16-19) , وأبو عوانة في "المستخرج" 1/ 109 , وابن منده في "الايمان" (43) , والبيهقي 4/ 335- عطا : من طريق أبي خالد الأحمر عن أبي مالك الأشجعي عن سعد ( وعند أبي عوانة "سعيد"وهو تحريف ) بن عبيدة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
    " بني الإسلام على خمسة على أن يوحد الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج"
    وقال أبو عوانة : " إسناده ضعيف ".
    قلت : أبو مالك الأشجعي هو نفسه سعد بن طارق , وأبو خالد الأحمر هو سليمان بن حيان الأزدي الكوفى : صدوق يخطئ كما في "التقريب" .
    وجاء موقوفا على ابن عمر بإسناد ضعيف :
    أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2930) : حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني ، قال : نا عبيد بن عبيدة التمار ، قال : نا المعتمر بن سليمان ، عن عثمان بن ساج ، عن سعد بن طارق ،
    عن سعد بن عبيدة ، وعبد الرحمن بن أبي هند ، عن عبد الله بن عمر ، قال : جاء رجل من الحرورية ، فقال : يا أبا عبد الرحمن ، لوددت أنك مت مع أصحابك ولم تبق بعدهم ،
    أقبلت على الحج والعمرة ، وتركت الجهاد ؟ فأجاب الحروري : ثكلتك أمك ، لئن كنت كائنا بعدهم خمسين سنة أتفص لقد خلقت للتحسر ، ثم قال عبد الله بن عمر :
    " بني الإسلام على خمس : على أن يعبد الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج بيت الله ، وصوم رمضان " ، فقال رجل من أشراف أهل الشام عنده جالس : أن تعبد الله تأمر بها ؟
    قال : نعم ، قال : فعد الصوم قبل الحج ، فقال : لا أجعله إلا آخرهن ، هكذا سمعتها من في رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    وإسناده ضعيف , عثمان بن ساج : قال أَبو حاتم: عُثْمَان والوليد ابنا عَمْرو بْن ساج، يكتب حَدِيثهما، ولا يحتج بِهِ .
    عبيد بن عبيدة التمار , قال فيه الدارقطني : " عبيد يحدث عن معتمر بغرائب، لم يأت بها غيره" كما في "لسان الميزان" 5/ 356
    قلت : وهذا من غرائبه !

    الرابعة : أخرجه مسلم (16-21) , وأحمد 2/ 119 , وأبو يعلى (5788) ، وابن خزيمة (309) و (1881) ، والاجري في"الشريعة" (203) , وأبو عوانة في "المستخرج" 1/ 109 , وابن منده في"الإيمان"
    (41) و (149), وأبو بكر الخلال في "السنة" (1184) , والبيهقي 4/ 81 , وفي "الشعب" (3972): من طرق عن عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، قال : قال عبد الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    " بني الإسلام على خمس ، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان " .
    وله طريق أخرى عن محمد بن زيد بن عبد الله :
    أخرجه ابن خزيمة (309) , وابن منده في"الإيمان" (150) : من طريق واقد بن محمد بن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر به .
    وأخرجه الطحاوي في "أحكام القرآن" 2/ 214 : من طريقين عن أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: حدثنا عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن واقد بن محمد، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان " .
    وإسناده صحيح .

    الخامسة : أخرجه الطحاوي في "أحكام القرآن" 2/ 214 : من طريق عبد الله بن وهب، قال: حدثني عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أن أباه، حدثه عن ابن عمر، أنه قال:
    " وجدت الإسلام بني على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت "

    السادسة: أخرجه الترمذي (2609) , والحميدي في "مسنده" (720) و (721) , والآجري في "الشريعة" (201) , وفي "الأربعين" (4) , والطبراني في "الأوسط" (6264) , وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" (480)
    وابن المقرىء في "الأربعين" (6) : من طريق حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عمر به .
    وقال الترمذي "حديث حسن صحيح ".
    قلت : إسناده ضعيف , حبيب بن أبي ثابت : ثقة فقيه جليل ، و كان كثير الإرسال والتدليس كما في "التقريب" , ولم يصرّح بالتحديث .

    السابعة : أخرجه أحمد 2/ 26 , ومن طريقه أبو بكر الخلال في "السنة" (1383) : من طريق سالم بن أبي الجعد ، عن يزيد بن بشر ، عن ابن عمر ، قال :
    " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان " ، قال : فقال له رجل : والجهاد في سبيل الله ، قال ابن عمر :
    الجهاد حسن ، هكذا حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
    وهذا إسناد ضعيف ، فيه علتان:
    الأولى: الإنقطاع بين سالم بن أبي الجعد ويزيد فإن بينهما عطية بن قيس الكلابي مولى لبنى عامر كما في "المصنف" لابن أبي شيبة 5/ 352-353 ، وذكر ذلك البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 322 ، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل " 6/ 383-384 , وجاء عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 60/ 130 من رواية منصور بن المعتمر عنه , وقال ابن عساكر : "منصور لم يسمعه من يزيد" ثم أخرجه بإسناده من طريق منصور عن سالم بن أبي الجعد عن يزيد به , ثم قال ابن عساكر : "وسالم ابن أبي الجعد أيضا لم يسمعه من يزيد وإنما رواه عن عطية العامري " أخرجه البيهقي في "الشعب" (20) من طريق ابن ابي شيبة
    وذكر الدارقطني في "العلل" 13/ 231 الاختلاف في إسناده ورجّح أن بين سالم ويزيد : عطية ، مولى بني عامر .
    وقال الحافظ في "إتحاف الخيرة" بعد أن ذكره من رواية ابن أبي شيبة : " هذا إسناد ضعيف ، لجهالة التابعي والراوي عنه " , قلت : يعني يزيد بن بشر , وعطية .
    والثانية: يزيد بن بشر وهو السكسكي : مجهول , قاله أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 9 / 254 .

    الثامنة : أخرجه أحمد 2/ 92-93 : بركة بن يعلى التيمي ، حدثني أبو سويد العبدي ، قال : أتينا ابن عمر ، فجلسنا ببابه ليؤذن لنا ، قال : فأبطأ علينا الإذن ، قال : فقمت إلى جحر في الباب ، فجعلت أطلع فيه ، ففطن بي ، فلما أذن لنا جلسنا ، فقال : أيكم اطلع آنفا في داري ؟ قال : قلت : أنا ، قال : بأي شيء استحللت أن تطلع في داري ؟ ! قال : قلت : أبطأ علينا الإذن ، فنظرت ، فلم أتعمد ذلك ، قال : ثم سألوه عن أشياء ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصيام رمضان " ، قلت : يا أبا عبد الرحمن ، ما تقول في الجهاد ؟ قال : من جاهد ، فإنما يجاهد لنفسه .
    وإسناده ضعيف , لجهالة بركة بن يعلى وشيخه أبي سويد العبدي , ويُنظر "تعجيل المنفعة" 1/ 341 , 2/ 477 و "مجمع الزوائد" 8/ 44

    التاسعة : أخرجه عبد بن حميد (823-المنتخب) , : ثنا يعلى، ثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن سلمة بن كهيل، عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان ".
    وعبد الملك بن أبى سليمان : ميسرة العرزمي : صدوق لها أوهام كما في "التقريب" , ولم يهم هنا فروايته موافقة للمتفق عليه من لفظ الحديث .

    العاشرة : أخرجه الطبراني في "الأوسط" (6770) , وفي "مسند الشاميين" (1347) : من طريق هشام بن عمار ، ثنا إسماعيل بن عياش ، عن عبد العزيز بن عبيد الله ، عن سالم ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
    " أسس الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله , وحده لا شريك له , وأن محمدا عبده ورسوله , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , وحج البيت , وصوم رمضان " , فجعل الرجل يرددهن ، ويقول : الصوم قبل الحج , وعبد الله يقول : حج البيت .
    قلت : وإسناده ضعيف فإن عبدالعزيز بن عبيدالله : ضعيف الحديث , وتابعه حنظلة بن أبي سفيان :
    أخرجه الطبراني (13203) : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي , ثنا محمد بن عبد الواحد بن عنبسة بن عبد الواحد , حدثني جدي . ح وحدثنا موسى بن هارون , ثنا محمد بن بكار , ثنا عنبسة بن عبد الواحد , عن حنظلة , عن سالم بن عبد الله , عن أبيه , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , وصوم رمضان , وحج البيت " .

    الحادية عشر: أخرجه الطبراني (13518) : من طريق الحسن بن أبي جعفر , عن يزيد الأعرج الشني , عن مجاهد , عن ابن عمر , قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم , يقول :
    " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , وصوم رمضان , وحج البيت , وحج هذا البيت " مرتين .
    وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 318 مختصرًا عن عارم حدثنا سعيد بن زيد سمع يزيد الأعرج به .
    وسعيد بن زيد أخو حماد :وثقه ابن معين وضعفه القطان والدارقطني , وقال الحافظ في "التقريب" :"صدوق له أوهام" , و يزيد الشني ذكره الذهبي في "تاريخ الإسلام" 3/ 758 وقال : "بصري صدوق".

    الثانية عشر : أخرجه ابن منده في "كتاب التوحيد" (163) : من طريقين عن إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا إسحاق بن سليمان ، عن حنظلة بن أبي سفيان ، عن طاوس ، عن ابن عمر ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :
    " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت " .
    واسناده صحيح , وقد تقدم في الطريق الأولى من رواية إسحاق بن سليمان ، عن حنظلة بن أبي سفيان ، عن عكرمة بن خالد ، عن ابن عمر به .
    أخرجه القاسم بن سلّام في "الإيمان" (ص:21) , وفي "الناسخ والمنسوخ" (379) وغيره , وجاء في بعض طرقه أن حنظلة بن أبي سفيان ، يقول : سمعت عكرمة بن خالد ، يحدث طاوسا أن رجلا ، قال لعبد الله بن عمر : ألا نغزو ؟ فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
    يقول : فذكره .
    أخرجه مسلم (16-22) وغيره , فإن حنظلة سمعه من عكرمة بن خالد وطاوس , فالروايتان صحيحتان .

    الثالثة عشر: أخرجه الأنصاري في "ذم الكلام" (551) : أخبرنا يحيى بن الفضيل ، أخبرنا محمد بن عبد الله ، أخبرنا أحمد بن نجدة ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا أبو الأحوص ، عن العلاء بن المسيب ، عن عمرو بن مرة ، قال : جاء رجل إلى ابن عمر ، فقال : مالك تحج وتعتمر ولا تجاهد ؟ قال : " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصيام رمضان " ، فأخذهن الرجل يعدهن بيده : وصيام رمضان ، وحج البيت ، فقال ابن عمر : وحج البيت ، وصيام رمضان ، هكذا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
    وإسناده ضعيف , عمرو بن مرة لم يسمع من ابن عمر , ويحيى بن الفضيل : لم أجد له ترجمة .

    الحديث دراية :
    قوله : ( بني الإسلام على خمس ) قال النووي في "شرح مسلم" : " إن ما يسمى إسلاما يسمى إيمانا وأن الإسلام والإيمان يجتمعان ويفترقان" .
    قلت : إذا اجتمع الإيمان والإسلام كما في حديث سؤال جبريل عن الايمان والإسلام والإحسان , فإن كل واحد منهما يدل على شيء , وإن افترقا فإنهما يدلان على الدين كله .
    قال الإمام الآجري في "الأربعين" : " اعرف معنى هذا الحديث تفقهه إن شاء الله تعالى . اعلم أنه أول ما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يدعو الناس إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فمن قالها صادقا من قلبه ومات على ذلك
    دخل الجنة ، ثم فرضت عليهم الصلاة بعد ذلك فصلوا ثم هاجروا إلى المدينة ، ثم فرضت عليهم الفرائض حالا بعد حال ، كلما فرض عليهم فرض قبلوه ، مثل صيام شهر رمضان ، ومثل الزكاة ، ثم فرض الحج على من استطاع إليه سبيلا ، فلما آمنوا بذلك
    وعملوا بهذه الفرائض قال الله عز وجل : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا سورة المائدة آية 3 ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس " فاعلم ذلك ، فمن ترك فريضة من هذه الخمس وكفر بها
    وجحد بها لم ينفعه التوحيد ولم يكن مسلما ".
    وقال ابن رجب في "فتح الباري" 1/ 22-28: " وهذا الحديث دل على أن الإسلام مبني على خمس أركان، وهذا يدل على أن البخاري يرى أن الإيمان والإسلام
    مترادفان ,ومعنى قوله صلي الله عليه وسلم " بني الإسلام على خمس ": أن الإسلام مثله كبنيان، وهذه الخمس: دعائم البنيان وأركانه التي يثبت عليها البنيان. وقد روي في لفظ:
    " بني الإسلام على خمس دعائم ". خرجه محمد بن نصر المروزي .
    وإذا كانت هذه دعائم البنيان وأركانه، فبقية خصال الإسلام كبقية البنيان، فإذا فقد شيء من بقية الخصال الداخلة في مسمى الإسلام الواجب نقص البنيان ولم يسقط بفقده, وأما هذه
    الخمس ، فإذا زالت كلها سقط البنيان ولم يثبت بعد زوالها وكذلك إن زال منها الركن الأعظم وهو الشهادتان، وزوالهما يكون بالإتيان بما يضادهما ولا يجتمع معهما, وأما زوال الأربع
    البواقي: فاختلف العلماء هل يزول الاسم بزوالها أو بزوال واحد منها؟ أم لا يزول بذلك؟ أم يفرق بين الصلاة وغيرها فيزول بترك الصلاة دون غيرها؟ أم يختص زوال الإسلام بترك الصلاة
    والزكاة خاصة, وفي ذلمك اختلاف مشهور، وهذه الأقوال كلها محكية عن الإمام أحمد وكثير من علماء أهل الحديث يرى تكفير تارك الصلاة.
    وحكاه إسحاق بن راهويه إجماعا منهم حتى إنه جعل قول من قال: لا يكفر بترك هذه الأركان مع الإقرار بها من أقوال المرجئة , وكذلك قال سفيان بن عيينه: المرجئة سموا ترك الفرائض
    ذنبا بمنزلة ركوب المحارم، وليسا سواء، لأن ركوب المحارم متعمدا من غير استحلال: معصية، وترك الفرائض من غير جهل ولا عذر: هو كفر , وبيان ذلك في أمر آدم وإبليس وعلماء اليهود
    الذين أقروا ببعث النبي صلي الله عليه وسلم ولم يعملوا بشرائعه, وروي عن عطاء ونافع مولى ابن عمر أنهما سئلا عمن قال: الصلاة فريضة ولا أصلي، فقالا: هو كافر. وكذا قال الإمام أحمد ,
    ونقل حرب عن إسحاق قال: غلت المرجئة حتى صار من قولهم: إن قوما يقولون: من ترك الصلوات المكتوبات وصوم رمضان والزكاة والحج وعامة الفرائض من غير جحود لها لا نكفره، يرجى أمره
    إلى الله بعد، إذ هو مقر، فهؤلاء الذين لا شك فيهم - يعني في أنهم مرجئة. وظاهر هذا: أنه يكفر بترك هذه الفرائض , وروى يعقوب الأشعري، عن ليث، عن سعيد بن جبير قال: من ترك الصلاة
    متعمدا فقد كفر، ومن أفطر يوما في رمضان فقد كفر، ومن ترك الحج متعمدا فقد كفر، ومن ترك الزكاة متعمدا فقد كفر .
    ويروى عن الحكم بن عتيبة نحوه، وحكى رواية عن أحمد - اختارها أبو بكر من أصحابه -، وعن عبد الملك بن حبيب المالكي مثله، وهو قول أبي بكر الحميدي .
    وروي عن ابن عباس التكفير ببعض هذه الأركان دون بعض، فروى مؤمل، عن حماد بن زيد، عن عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس - ولا أحسبه إلا رفعه - قال:
    " عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة عليهن أسس الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وصوم رمضان، من ترك منها واحدة فهو بها كافر حلال الدم، وتجده كثير
    المال لم يحج فلا يزال بذلك كافرا ولا يحل دمه، وتجده كثير المال لا يزكي فلا يزال بذلك كافرا ولا يحل دمه . ورواه قتيبة عن حماد بن زيد فوقفه واختصره ولم يتمه. ورواه سعيد بن زيد - أخو حماد - عن عمرو بن مالك ورفعه، وقال: " من ترك منهن واحدة فهو بالله كافر، ولا يقبل منه صرف ولاعدل وقد حل دمه وماله " ولم يزد على ذلك.
    والأظهر: وقفه على ابن عباس، فقد جعل ابن عباس ترك هذه الأركان كفرا، لكن بعضها كفرا يبيح الدم وبعضها لا يبيحه، وهذا يدل على أن الكفر بعضه ينقل عن الملة وبعضه لا ينقل.
    وأكثر أهل الحديث على أن ترك الصلاة كفر دون غيرها من الأركان كذلك حكاه محمد بن نصر المروزي وغيره عنهم. وممن قال بذلك: ابن المبارك، وأحمد - في المشهور عنه -، وإسحاق، وحكى عليه إجماع أهل العلم - كما سبق - وقال أيوب: ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه. وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير
    الصلاة. خرجه الترمذي .
    وقد روي عن علي وسعد وابن مسعود وغيرهم قالوا: من ترك الصلاة فقد كفر. وقال عمر: لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة .
    وفي صحيح مسلم " عن جابر عن النبي صلي الله عليه وسلم قال " " بين الرجل وبين الشرك والكفر: ترك الصلاة " .
    وخرج النسائي والترمذي وابن ماجه من حديث بريدة، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال " العهد الذي بيننا وبينهم: الصلاة، فمن تركها فقد كفر " وصححه الترمذي وغيره.
    ومن خالف في ذلك جعل الكفر هنا غير ناقل عن الملة كما في قوله تعالى {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] .
    فأما بقية خصال الإسلام والإيمان فلا يخرج العبد بتركها من الإسلام عند أهل السنة والجماعة, وإنما خالف في ذلك الخوارج ونحوهم من أهل البدع.
    قال حذيفة: الإسلام ثمانية أسهم: الإسلام سهم، والصلاة سهم، والزكاة سهم، والحج سهم، ورمضان سهم، والجهاد سهم، والأمر بالمعروف سهم، والنهي عن المنكر سهم، وقد خاب من لا سهم له.
    وروي مرفوعا، والموقوف أصح .
    فسائر خصال الإسلام الزائدة على أركانه الخمسة ودعائمه إذا زال منها شيء نقص البنيان ولم ينهدم أصل البنيان بذلك النقص.
    وقد ضرب الله ورسوله مثل الإيمان والإسلام بالنخلة. قال الله تعالى: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهاَ} [إبراهيم: 23 - 24] .
    فالكلمة الطيبة هي كلمة التوحيد وهي أساس الإسلام، وهي جارة على لسان المؤمن وثبوت أصلها هو ثبوت التصديق بها في قلب المؤمن، وارتفاع فرعها في السماء هو علو هذه الكلمة وبسوقها وأنها تحرق ( كذا ولعلها : تخرق)الحجب ولا تتناهى دون العرش، وإتيانها أكلها كل حين: هو ما يرفع بسببها للمؤمن كل حين من القول الطيب والعمل الصالح، فهو ثمرتها.
    وجعل النبي صلي الله عليه وسلم مثل المؤمن أو المسلم كمثل النخلة .
    وقال طاوس: مثل الإسلام كشجرة أصلها الشهادة، وساقها كذا وكذا، وورقها كذا وكذا، وثمرها: الورع، ولا خير في شجرة لا ثمر لها، ولا خير في إنسان لا ورع فيه .
    ومعلوم أن ما دخل في مسمى الشجرة والنخلة من فروعها وأغصانها وورقها وثمرها إذا ذهب شيء منه لم يذهب عن الشجرة اسمها، ولكن يقال: هي شجرة ناقصة، وغيرها أكمل منها، فإن قطع أصلها وسقطت لم تبق شجرة، وإنما تصير حطبا، فكذلك الإيمان والإسلام إذا زال منه بعض ما يدخل في مسماه مع بقاء أركان بنيانه لا يزول به اسم الإسلام والإيمان بالكلية، وإن كان قد سلب الاسم عنه لنقصه بخلاف ما انهدمت أركانه وبنيانه فإنه يزول مسماه بالكلية، والله أعلم".

    قوله (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ) معنى شهادة ألا إله إلا الله: هو توحيد الله وإخلاص العبادة له، والكفر بما يعبد من دونه.
    وهذا هو معنى حقيقة التوحيد الذي بعث الله به المرسلين، وأنزل به الكتب، وقام عليه الجهاد، وانقسم الناس فيه إلى كافر ومؤمن، وشقي وسعيد.
    قال تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى اللّه ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين} وإن منزلة لا إله إلا الله بمزلة الرأس من الجسد , روى الترمذي وحسنه الشيخ الألباني عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " , وروى البخاري في " الأدب المفرد " وصححه الألباني عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " إن نبي الله نوحاً صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة قال لابنه: آمرك بلا إله إلا الله، فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعن في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة لرجحت بهن, ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة لقصمتهن لا إله إلا الله " فهذه بعض فضائل هذه الكلمة العظيمة.
    لا معبود يستحق العبادة إلا الله، فهي تتكون من ركنين أساسيين، الأول: نفي الألوهية الحقيقية عن غير الله سبحانه، والثاني: إثبات الألوهية الحقيقية له سبحانه دون من سواه فهي كلمة الإخلاص , وشهادة الحق , ودعوة الرسل , وبراءة من الشرك , ونجاة العبد , ورأس هذا الأمر , ولأجلها خُلق الخلق كما قال تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } ولأجلها أرسلت الرسل , وأُنزلت الكتب كما قال تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أن لا إله إلا أنا فاعبدون } ومن أجلها أفترق الناس إلى فريقين , فريق في الجنة وفريق في السعير , ومن أجلها سُلت سيوف الجهاد , وفارق الابن أباه , والزوج زوجته فلا يدخل الإنسان في الإسلام إلا بعد أن يشهد هذه الشهادة , شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله , وهي الركن الأول من أركان الإسلام , وهي مفتاح الجنة .
    جاء في الصحيحين عن ابن المسيب عن أبيه , قال : " لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم , وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل , فقال له : " يا عم قل : لا إله إلا الله , كلمة أحاج لك بها عند الله " فقالا له : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟! فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأعادا , فكان آخر ما قال : هو على ملة عبد المطلب . وأبى أن يقول لا إله إلا الله , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لأ ستغفرنَّ لك ما لم أنه عنك " فأنزل الله عزوجل : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم }, وانزل في أبي طالب : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } .
    وهذا يدل على عِظم هذه الكلمة , ومعنى هذه الكلمة أي : لا معبود بحق إلا الله , فهي جامعة للنفي والإثبات , فـ( لا إله ) نفي لجميع ما يعبد من دون الله كالأصنام والأوثان والملائكة والأنبياء والصالحين والجن الذين عُبدوا من دون الله , و ( إلا الله ) إثبات العبادة لله وحدة لا شريك له في العبادة دون غيره من المعبودات .
    وأما ( محمد رسول الله ) فمعناها : طاعته فيما أمر , وتصديقه فيما أخبر , واجتناب ما نهى عنه وزجر , وأن لا يعبد الله إلا بما شرع , وهذا التعريف لمعنى شهادة أن محمدا رسول الله شامل لها , لأن العبادة لابد أن تكون موافقة لما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلا يُعبد الله بالبدع , والخرافات , وما يستحسنه الناس من عند أنفسهم , فلابدّ لقبول العبادة من شرطين
    الأول : الإخلاص , والثاني : الإتباع .
    ولايكفي التلفّظ بهذه الكلمة الطيبة فقط فلا بد من معرفة معناها والعمل بمقتضادها قيل للحسن إن أناساً يقولـون من قال لا إله إلا الله دخل الجنة فقال :
    " من قال لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة ".
    وقال وهب بن منبه لمن سأله :
    أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة ؟ قال : بلى , ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان , فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك ".
    وأما الاستدلال بإنكار النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أسامة قتله من قال : لا إله إلا الله , وقال له : " أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله " , وبأحاديث أخرى في الكف عمّن قالها .فجوابه : أن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قتل رجلاً ادعى الإسلام وهو محارب للإسلام وأهله , فظن أسامة أنه ما قالها إلا تعوّذًا , فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا الظن لأنه قتل رجلاً أظهر الإسلام ومن اظهر الإسلام وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك , والدليل من كتاب الله , قال الله تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} فالآية تدل على أنه يجب الكف عن قتله حتى يظهر منه ما يخالف الإسلام , وكل من أظهر الإسلام وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يناقض الإسلام , ولقد قاتل أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بني حنيفـة وهم يشهدون أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ويصلون ويدّعون الإسلام , قال ابن رجب في "الإخلاص" : " فهم عمر وجماعة من الصحابة أن من أتى بالشهادتين امتنع من عقوبة الدنيا بمجرد ذلك فتوقفوا في قتال مانعي الزكاة , وفهم الصديق أنه لا يمتنع قتاله إلا بأداء حقوقه لقوله صلى الله عليه وسلم :فإذا فعلوا ذلك منعوا مني دماءهم إلا بحقه وحسابهم على الله..
    وقال : " والزكاة حق المال " وهذا الذي فهمه الصديق قد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحاً غير واحد من الصحابة منهم ابن عمر وأنس وغيرهما وأنه قال : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة) وقد دل على ذلك قول الله تعالى:
    { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} كما دل قوله تعالى : { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} على أن الأخوة لا تثبت إلا بأداء الفرائض مع التوحيد فإن التوبة من الشرك لا تحصل إلا بالتوحيد , فلما قرر أبو بكر هذا للصحابةرجعوا إلى قوله ورأوه صوابا , فإذا علم أن عقوبة الدنيا لا ترتفع عمن أدى الشهادتين مطلقاً بل ويعاقب بإخلاله بحق من حقوق الإسلام فكذلك عقوبة الآخرة ...
    وقال أيضاً : وقالت طائفة من العلماء المراد من هذه الأحاديث أن التلفظ بلا إله إلا الله سبب لدخول الجنة والنجاة من النار ومقتضى لذلك , ولكن المقتضى لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه , فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه أو لوجود مانع ...".
    ولقد نظم شروطها الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله تعالى بقوله :
    وَبشروط سبعة قد قيدت **** وفي نصوص الوحي حقا وردت
    فإنه لم ينتفع قائلها **** بالنطق إلا حيث يستكملها
    العلم واليقين والقبول **** والانقياد فادر ما أقول
    والصدق والإخلاص والمحبة **** وفقك الله لما أحبه
    ونظمها الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله تعالى فجعلها ثمانية بقوله:

    علم يقين وإخلاص وصدقك مع **** محبة وانقياد والقبول لها
    وزيد ثامنها الكفران منك بما **** سوى الإله من الأوثان قد أُلّه

    قلت : زيادة الثامن من باب التوضيح والتأكيد , وإن هذا الشرط الذي ذكره الشيخ سليمان داخل في شرط الإخلاص والعلم بمعناها , فإن الإخلاص لله هو توحيد الله بالعبادة , ولا يتحقق الإخلاص إلا بالكفر بالطاغوت وهو كل ما عُبد من دون الله تعالى , وهو مقتضى العلم بمعناها .
    ولنضع شرحًا مختصرٍا على هذه الشروط :
    (1) العلم :أي العلم المنافي للجهل . و هي أن تعلم المُراد منها نفيًا و إثباتًا , فمعناها نفي العبادة عن غير الله و إثباتها لله وحده . قال تعالى { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ }. و قال صلى الله عليه و سلم (من مات و هو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة) رواه مسلم .

    (2) اليقين : وهو المنافي للشك , وهو أن يكون قائلها مستيقنًا بما دلت عليه يقينًا جازمًا كما قــال تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا } فاشترط في صــدق إيمــانهم عــدم الإرتياب و الشك . قال صلى الله عليه و سلم (من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد ألا إله إلا الله مستيقنًا بهاقلبه , فبشره بالجنة) رواه مسلم .

    (3) القبول : أي القبول المنافي للرد . بمعنى أن تقبل بهذه الكــلمة و بـمــا دلـت علــيه . قــال تعـــالى { إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } فــــلما
    استـكــبـروا عن قبول هذه الكلمة استحقوا العـــذاب .

    (4) الانقياد : وهو المنافي للترك . بمعنى أنه ينـقــاد لمقتضياتها و حقوقها من الأوامر والنواهي , قال تعالى { وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى } ,
    و من نظــر فـي حال أبي طالب عرف أن الإذعان و الانقياد شرط من شروط هذه الكلمة فإنه كان مصدقا بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله و سلم و مستيقنًا صدقه و عالما به فصرح بهذا
    قائلا :
    ولقد علمـت بأن دين محمـد .. من خير أديان البرية ديــنا
    لولا الهوان أو حذار مسـبـة .. لوجدتني سمحا بذاك مبيــنا
    لكن لم ينفعه ذلك إذ لم ينقد لأوامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم و نواهيه , فكان جزاؤه أنه خالد في نار جهنم و -العياذ بالله - فلابد من الانقياد و الإذعان لحقوق هذه الكلمة .

    (5) الصدق :أي الصدق المنافي للكذب , بمعنى أن يقولها صــدقًا من قلبه لا كالمنافقين الذين قال الله فيهم { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ } فنفى عنهم الإيمان لأنهم لم تتواطأ قلوبهم على ما قالوه بألسنتهم , وقال صلى الله عليه وآله وسلم " ما من أحـد يشهد أن لا إله إلا الله , و أن محمدًا عبده و رســوله , صــدقًا من قلـبه إلا حرمه الله على النار" متفق عليه .

    (6) الإخلاص : وهو المنافي للشرك , بمعنى الإخــلاص في الإيمان بها و ما تدل عليه , قال تعالى { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء } الآية .
    و قال صلى الله عليــه وآله و ســلم " أسعــد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله مخلصًا من قلبه أو من نفسه" رواه البخاري .
    و قال صلى الله عليه وآله و سلم " فــإن الله حــرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله " متفق عليه .

    (7) المحبة :وهي المنافيه للبغض , بمعنى أن يحب هذه الكلمة و يحب ما دلت علــيه وما اقتضته و يحـــب أهــلها القــائلين بها الآتين بشروطها,
    قال تعالى { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ } , و قــال صــلى الله عليه وآله و سلم
    " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان - و ذكــر منـها - أن يكون الله و رسوله أحب إليه مما سواهما " .
    وعلامة حب العبد ربه هي اتباع نبيه صلى الله عليه وآله وسلم . كما قال تعالى { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُم } .
    ومَنْ أراد التوسّع في هذا فعليه بما كتبه شيخ الإسلام وابن القيم وأئمة الدعوة النجدية جزاهم الله خيرًا .

    قوله ( وإقام الصلاة) أعظم أعمال الجوارح : الصلاة , لما أرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم معاذا رضي الله عنه إلى اليمن قال له " إنك تأتي قوما في أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله , فإن هم أطاعوك لذلك , فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ..." الحديث , وهذا يدل على أهمية الصلاة وأنها تأتي بعد التوحيد مباشرة , وقد أجمع أهل السنة أن الإيمان قول وعمل ونية , فلا بدّ من العمل وهو مرتبط بالإيمان فلا يصحّ إيمان بلا عمل , ولا يصح القول ولا ينفع ولا يستقيم ولا يقبل إلا بالعمل، وإن عمل القلب مرتبط بعمل الجوارح فلا يتصور وجود الإيمان الباطن مع تخلف العمل الظاهر، وإن تارك العمل بالكلية كافر وإن قلبه خالٍ من الإيمان الصحيح روى ابن بطة في "الإبانة الكبرى" 2/ 803: عن علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما قالا : " لا ينفع قول إلا بعمل , ولا عمل إلا بقول , ولا قول وعمل إلا بنية , ولا نية إلا بموافقة السنة".
    قال ابن بطال في "شرح اليخاري"1/ 78-79: " قال المؤلف-يعني البخاري-: قوله تعالى: {وتلك الجنة التى أورثتموها بما كنتم تعملون} [الزخرف: 72] حجة فى أن العمل تنال به درجات الجنة،
    وأن الإيمان قول وعمل ويشهد لذلك قوله (صلى الله عليه وسلم) حين سئل أى العمل أفضل؟ فقال: إيمان بالله -، ثم ذكر الأعمال معه فى جواب السائل. فإن قيل: أليس قد تقدم من قولكم أن
    الإيمان هو التصديق؟ قيل: التصديق هو أول منازل الإيمان، ويوجب للمصدق الدخول فيه، ولا يوجب له استكمال منازله، ولا يقال له: مؤمنا مطلقا، لأن الله تعالى فرض على عباده فرائض وشرع شرائع، لا يقبل تصديق من جحدها، ولم يرض من عباده المؤمنين بالتصديق والإقرار دون العمل لما تقدم بيانه فى غير موضع من هذا الكتاب. هذا مذهب جماعة أهل السنة، أن الإيمان قول وعمل. قال أبو عبيد: وهو قول مالك والثورى والأوزاعى ومن بعدهم من أرباب العلم والسنة الذين كانوا مصابيح الهدى، وأئمة الدين من أهل الحجاز والعراق والشام وغيرهم. وهذا المعنى أراد البخارى، رحمه الله، إثباته فى كتاب الإيمان وعليه بوب أبوابه كلها، فقال: باب أمور الإيمان، وباب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وباب إطعام الطعام من الإيمان، وباب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وباب حب الرسول (صلى الله عليه وسلم) من الإيمان، وباب الصلاة من الإيمان، وباب الزكاة من الإيمان، وباب الجهاد من الإيمان وسائر أبوابه. وإنما أراد الرد على المرجئة، لقولهم: إن الإيمان قول بلا عمل، وتبيين غلطهم وسوء اعتقادهم ومخالفتهم للكتاب والسنة، ومذهب الأئمة. وقال المهلب فى حديث
    أبى هريرة:

    إنما اختلفت هذه الأحاديث فى ذكر الفرائض، لأنه (صلى الله عليه وسلم) أعلم كل قوم بما لهم الحاجة إليه، ألا تراه قد أسقط ذكر الصلاة والزكاة والصيام من جوابه للسائل: أى العمل أفضل - يعني مارواه البخاري وغيره من حديث أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل: أي العمل أفضل؟ فقال: "إيمان بالله ورسوله". قيل: ثم ماذا؟ قال: "الجهاد في سبيل الله"
    قيل: ثم ماذا؟ قال: "حج مبرور"- وهى -أي الصلاة- آكد من الجهاد والحج، وإنما ترك ذلك لعلمه أنهم كانوا يعرفون ذلك ويعملون به، فأعلمهم ما لم يكن فى علمهم حتى دعائم الإسلام والحمد لله ".

    قوله ( وإيتاء الزكاة وحج البيت، وصوم رمضان ) قال القرطبي : "وإنما خص هذه بالذكر ولم يذكر معها الجهاد مع أنه يظهر الدين ويقمع عناد الكافرين لأن هذه الخمس فرض دائم والجهاد من فروض الكفايات وقد يسقط في بعض الأوقات ".
    قال ابن دقيق العيد : "وقد وقع في بعض الروايات في هذا الحديث تقديم الحج على الصوم وهو وهم، والله أعلم. لأن ابن عمر لما سمع المستعيد- يعني الذي أعاد رواية الحديث-يقدم الحج على الصوم زجره ونهاه عن ذلك وقد قدم الصوم على الحج وقال: "هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم".
    قلت : لا أدري ما هو وجه قول ابن دقيق العيد أنه وهم , نعم الحديث مخرج في صحيح مسلم، بتقديم الصيام على الحج وهو مما انفرد به مسلم عن البخاري ،وجاء في الصحيحين بتقديم الحج على الصيام، وعلى هذا بنى البخاري ترتيب كتابه، وقدم المناسك على الصيام، والجمهور على تقديم الصيام على الحج , لكن الرواية المتفق عليها هي الأرجح بتقديم الحج على الصيام وقد جاء في شأن الحج من تعظيم أمره مما لا يوجد نظيره في الصيام مثلا في قوله تعالى: {فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} بعد ذلك قال: {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} [97 سورة آل عمران] وإن ترك الحج أمره عظيم، وشأنه خطير، روى أبو بكر الإسماعيلي بسنده من طريق الأوزاعي حدثني إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر ، حدثني عبد الرحمن بن غنم ، سمع عمر بن الخطاب يقول : " من أطاق الحج فلم يحج ، فسواء عليه يهوديا مات أو نصرانيا ".
    وقال ابن كثير في "تفسيره" : " وهذا إسناد صحيح إلى عمر رضي الله عنه ، وروى سعيد بن منصور في سننه عن الحسن البصري قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
    " لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا إلى كل من كان عنده جدة فلم يحج ، فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين ".
    قلت : الحسن لم يسمع من عمر فهو منقطع والله أعلم .


    وكتب
    أبو سامي العبدان
    حسن التمام
    26 ربيع الأول 1437 من هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن التمام مشاهدة المشاركة
    قوله ( وإيتاء الزكاة وحج البيت، وصوم رمضان ) قال القرطبي : "وإنما خص هذه بالذكر ولم يذكر معها الجهاد مع أنه يظهر الدين ويقمع عناد الكافرين لأن هذه الخمس فرض دائم والجهاد من فروض الكفايات وقد يسقط في بعض الأوقات ".
    قال ابن دقيق العيد : "وقد وقع في بعض الروايات في هذا الحديث تقديم الحج على الصوم وهو وهم، والله أعلم. لأن ابن عمر لما سمع المستعيد- يعني الذي أعاد رواية الحديث-يقدم الحج على الصوم زجره ونهاه عن ذلك وقد قدم الصوم على الحج وقال: "هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم".
    قلت : لا أدري ما هو وجه قول ابن دقيق العيد أنه وهم , نعم الحديث مخرج في صحيح مسلم، بتقديم الصيام على الحج وهو مما انفرد به مسلم عن البخاري ،وجاء في الصحيحين بتقديم الحج على الصيام، وعلى هذا بنى البخاري ترتيب كتابه، وقدم المناسك على الصيام، والجمهور على تقديم الصيام على الحج , لكن الرواية المتفق عليها هي الأرجح بتقديم الحج على الصيام وقد جاء في شأن الحج من تعظيم أمره مما لا يوجد نظيره في الصيام مثلا في قوله تعالى: {فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} بعد ذلك قال: {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} [97 سورة آل عمران] وإن ترك الحج أمره عظيم، وشأنه خطير، روى أبو بكر الإسماعيلي بسنده من طريق الأوزاعي حدثني إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر ، حدثني عبد الرحمن بن غنم ، سمع عمر بن الخطاب يقول : " من أطاق الحج فلم يحج ، فسواء عليه يهوديا مات أو نصرانيا ".
    وقال ابن كثير في "تفسيره" : " وهذا إسناد صحيح إلى عمر رضي الله عنه ، وروى سعيد بن منصور في سننه عن الحسن البصري قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
    " لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا إلى كل من كان عنده جدة فلم يحج ، فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين ".
    قلت : الحسن لم يسمع من عمر فهو منقطع والله أعلم .

    قال الشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله في شرح بلوغ المرام:

    حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان))[الحديث متفق عليه].
    وأجمع المسلمون على أنه ركن من أركان الإسلام.

    في حديث ابن عمر الرواية المتفق عليها في تقديم الحج على الصيام، وعلى هذه الرواية بنى البخاري تأليف كتابه فقدم الحج على الصيام ولعل ذلك لما جاء في الحج بخصوصه من النصوص الشديدة مما لم يأت نظيره في الصيام.

    في آية آل عمران {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}[(97) سورة آل عمران]، ثم قال: {وَمَن كَفَرَ}هذا أمر عظيم {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} وجاء عن عمر وغيره أنهم يرسلون إلى عمالهم في الأقاليم أن ينظروا من كانت له جِدَة ولم يخرج فليفرضوا عليه الجزية، ما هم بمسلمين؟ ما هم بمسلمين، جاء مثل هذه النصوص التي تجعل بعض العلماء لا سيما الإمام البخاري يجعل الحج آكد من الصيام والرواية المتفق عليها بتقديم الحج على الصيام،

    وفي صحيح مسلم من حديث ابن عمر بعض روايات الحديث عند مسلم قال: ((وصوم رمضان والحج)) فقدم الصيام على الحج،
    فقال رجل: الحج وصوم رمضان،
    فقال ابن عمر: لا، صوم رمضان والحج،
    إنكار ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- على هذا المستدرك لا شك أنه مشكل مع أنه ثبت عن ابن عمر أنه قدم الحج على الصيام، يشكل عليك، كيف ترد عليه وقد ثبت عنك أنك قدمت الحج على الصيام، والحديث في الصحيحين،
    فأهل العلم لهم كلام في السبب الذي من أجله رد ابن عمر على هذا المستدرك،

    ومن ذلك ما قاله النووي -رحمه الله-، قال:
    لعل ابن عمر روى الحديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على الوجهين، مرة بتقديم الحج ومرة بتقديم الصوم، فرواه كذلك على وجهين، ثم لما رد عليه هذا المستدرك أراد أن يؤدبه، فقال: لا تستدرك ولا تعترض بما لا علم لك به،
    وهذا أسلوب من أساليب تربية بعض الطلاب الذين يتعجلون بحضور الأكابر، فيردون عليهم ويستدركون عليهم، يعني من السهل جداً أن تجد طالب صغير والشيخ يتكلم يقول: لا يا شيخ، كذا، أمر سهل جداً أن أتقدم بسؤال فإذا أجيب قال: لا يا شيخ الشيخ فلان يقول كذا، مثل هذا يحتاج إلى تأديب مثل تأديب ابن عمر لهذا المستدرك، وإلا فالحديث ثابت على الوجهين.
    جوز النووي -رحمه الله تعالى- أن يكون ابن عمر يروي الحديث على الوجهين، ثم لما رواه بتقديم الصيام على الحج نسي الوجه الأول، الذي فيه تقديم الحج على الصيام فلما استدرك عليه المستدرك قال: لا، صوم رمضان والحج.

    الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- يرى أن هذا الاختلاف من الرواة عن ابن عمر، أو من الراوي عن ابن عمر وحنظلة، يقول إن نسبة الرواية بالمعنى إذا قيل أن ابن عمر يروي الحديث على وجه واحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لتقديم الصيام على الحج، بدليل أنه أنكره على الرجل الذي استدرك عليه، يقول ابن عمر يرويه هكذا جزماً ثم الراوي عنه رواه بالمعنى، فمرة قدم الحج ومرة قدم الصيام. ويقول: هذا التصرف ينسب إلى التابعي أولى من أن ينسب إلى الصحابي؟
    افترضنا أن الراوي نسي فقدم وأخر، هل نسبة هذا النسيان للصحابي أولى من نسبته إلى التابعي أو العكس؟
    يقول: إلى التابعي نسبته، نسبة هذا التقديم والتأخير إلى التابعي والرواية جائزة بالمعنى والعطف بالواو لا يقتضي الترتيب سواء قدم أو أخر ما يضر؛ بدليل أنه جاء في بعض الروايات تقديم الحج على الزكاة، فهل يقال أن عمر رواه على ثلاثة أوجه؟
    على كل حال المسألة سهلة يعني، الصيام والحج كلاهما ركن من أركان الإسلام. وسواء قدم الحج على الصوم، والصوم على الحج فالأمر سهل، لكن عامة أهل العلم على تقديم الصيام على الحج، والبخاري رحمه الله تعالى اعتماداً على الرواية المتفق عليها قدم الحج على الصيام.

    بالنسبة للأركان الخمسة الركن الأول: الشهادتان، من لم يأت بهما لم يدخل الإسلام أصلاً؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله)) فلا إسلام دون التلفظ بالشهادتين،
    وأما بالنسبة للركن الثاني فجاء فيها النصوص الشديدة ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) أما من ترك أحد الأركان الخمسة جحوداً فهذا يكفر اتفاقاً، فالمسألة مفترضة من تركها تهاوناً وكسلاً لا جحوداً، وجاء في الصلاة ما يخصها من مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) ((بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)) ولذا يفتي جمع من أهل التحقيق أن تارك الصلاة كافر، ولو اعترف بوجوبها وهذه رواية عند الإمام أحمد ينصرها شيخ الإسلام وابن القيم وجمع من أهل التحقيق، وهو المفتى به الآن.

    ونقل اتفاق الصحابة على أنهم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة، وأما بالنسبة لبقية الأركان الزكاة والحج والصيام فقيل بكفر تاركها، وهي رواية عن الإمام أحمد نصرها جمع من أصحابه وهي قول عند المالكية، ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان، والجمهور على عدم كفر تارك هذه الأركان مع الاعتراف بوجوبها، لكنه على خطر عظيم. أي بناء تهدمت أركانه لا يقال له شيء والركن جانب الشيء الأقوى، فإذا هدم أي ركن من أركانه يكاد أن يزول.







    http://shkhudheir.com/scientific-lesson/33199417
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •