الغني الحميد



في بحثنا عما اقترن من أسماء الله الحسنى وما انفرد بلغنا «الغني».
- ماذا عن اسم الله «الغني»؟
- ورد «الغني» ثماني مرات.. و«غني» عشر مرات و«غنيا» مرة واحدة، أتى في بيان استغناء الله عن العالمين وجميع المخلوقات.. كقوله عز وجل: {وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } (العنكبوت:6).. وقوله سبحانه: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}الزمر: 7).
واقترن «الغني» بـ«الحميد».. وجاء منفردا في قوله سبحانه: { قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ ...} (يونس:68)، وفي قوله سبحانه: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ ۚ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} (الأنعام:133)، وفي قوله عز من قائل: {هَا أَنْتُمْ هَٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ ۖ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ ۚ...} (محمد:38)، ولاحظنا أن «الغني» يأتي بعدها اسم من الأسماء الحسنى أو صفة من الصفات العلى «غني كريم»، «غني حليم»، «غني حميد»، أو منفرد.
- وماذا عن اللغة؟!
- «الغنيّ» هو الذي لا يحتاج إلى أحد في شيء، وكل أحد محتاج إليه. هذا هوالغنى المطلق المراد في حق الله عز وجل.. فهو سبحانه يغني من يشاء من عباده بما يشاء. و«غنى» المخلوقات إنما هو غنى نسبي، ووصف الله بعض عباده بهذه الصفة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِين َ ۚ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَنْ تَعْدِلُوا...} (النساء:135)، وفي قوله سبحانه {وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِف ْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ.. .} (النساء: 6).
- وماذا عن اسم الله «الحميد»؟
- اقترن اسم الله «الحميد» بـ«العزيز»، و«الغني»، و«الولي»، و«الحكيم»، و«المجيد».. وورد الاسم مفردا مرة واحدة في قوله تعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَىٰ صِرَاطِ الْحَمِيد } (الحج:24).
كنت خلف جهاز الحاسوب وصاحبي وضع جهازه على حجره، فنبهني إلى أمر.
- ألم تلاحظ أن «الحميد» دائما هو الاسم الثاني وما اقترن به يسبقه؟ «الغني الحميد، «العزيز الحميد»، «حكيم حميد»، «الولي الحميد».
- نعم، ملاحظة جميلة؛ وذلك أن «الحمد» لغة نقيض الذم، يقال: أحمدته وجدته حميدا محمودا»، و«الحمد» في حق الله: هو «المدح» و«الثناء».. ولذلك ينبغي أن يبدأ الدعاء بـ«الحمد لله»، والخطبة تبدأ بـ«إن الحمد لله...».. وفي الحديث.. «لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك».
- ولماذا سبقت «الحميد» «المجيد»؟
- لو تدبرنا سورة الفاتحة.. ففي صحيح مسلم.. فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام فقال: اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {الحمد لله رب العالمين}، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قال: مجَّدني عبدي (وقال مرة: فوَّض إليَّ عبدي)، فإذا قال: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ } قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.
- الشاهد أن «التحميد» أتى أولا ثم «التمجيد». أما في صفات الله عز وجل وأسمائه فإنها جميعا تنتهي بحمد الله والثناء عليه سبحانه وتعالى.
- وكم عدد المرات التي ورد فيها «الحميد» في كتاب الله عز وجل؟
- ورد اسم الله «الحميد» عشر مرات، و«حميدا» مرة واحدة، اقترن بـ«الغني» عشر مرات، وبـ«العزيز» ثلاث مرات.



اعداد: د. أمير الحداد