تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا عدوى"

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,412

    افتراضي معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا عدوى"

    السؤال :
    ما النص الأصلي لحديث " لا عدوى في الدين " و ما هو المقصود به ؟

    الجواب :
    الحمد لله
    الحديث مروي بألفاظ ، منها : ما رواه البخاري (5776) ومسلم (2224) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال : "َ لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ".
    ورواه البخاري (5316) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ ".

    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
    ( قوله صلى الله عليه وسلم ) : ( لا عدوى ) لا نافية للجنس ، ونفي الجنس أعم من نفي الواحد والاثنين والثلاثة ؛ لأنه نفي للجنس كله ، فنفي الرسول صلى الله عليه وسلم العدوى كلها .

    والعدوى : انتقال المرض من المريض إلى الصحيح ، وكما يكون في الأمراض الحسية يكون أيضا في الأمراض المعنوية الخلقية ، ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن جليس السوء كنافخ الكير ؛ إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه رائحة كريهة.
    فقوله : ( لا عدوى ) يشمل الحسية والمعنوية ، وإن كانت في الحسية أظهر .
    قوله : ( ولا طيرة ) الطيرة هي التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم .
    قوله : ( ولا هامة ) الهامة ؛ بتخفيف الميم فسرت بتفسيرين :
    الأول : أنها طير معروف يشبه البومة ، أو هي البومة ، تزعم العرب أنه إذا قتل القتيل ؛ صارت عظامُةُ هامة تطير وتصرخ حتى يؤخذ بثأره ، وربما اعتقد بعضهم أنها روحه .
    التفسير الثاني : أن بعض العرب يقولون : الهامة هي الطير المعروف ، لكنهم يتشاءمون بها ، فإذا وقعت على بيت أحدهم ونعقت ؛ قالوا : إنها تنعق به ليموت ، ويعتقدون أن هذا دليل قرب أجله ، وهذا كله بلا شك عقيدة باطلة
    قوله : ( ولا صفر ) قيل : إنه شهر صفر ، كانت العرب يتشاءمون به ولاسيما في النكاح .
    وقيل : إنه داء في البطن يصيب الإبل وينتقل من بعير إلى آخر ، وعلى هذا ؛ فيكون عطفه على العدوى من باب عطف الخاص على العام .
    ... والأقرب أن صفر يعني الشهر ، وأن المراد نفي كونه مشؤوما ؛ أي: لا شؤم فيه ، وهو كغيره من الأزمان يقدر فيه الخير ويقدر فيه الشر .
    وهذا النفي في هذه الأمور الأربعة ليس نفيا للوجود ؛ لأنها موجودة ، ولكنه نفي للتأثير ؛ فالمؤثر هو الله ، فما كان منها سببا معلوما ؛ فهو سبب صحيح ، وما كان منها سببا موهوما ؛ فهو سبب باطل ، ويكون نفيا لتأثيره بنفسه إن كان صحيحا ، ولكونه سببا إن كان باطلا .
    فقوله : ( لا عدوى ) : العدوى موجودة ، ويدل لوجودها قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يورد ممرض على مصح " أي : لا يورد صاحب الإبل المريضة على صاحب الإبل الصحيحة ؛ لئلا تنتقل العدوى .

    وقوله صلى الله عليه وسلم : " فر من المجذوم فرارك من الأسد " والجذام مرض خبيث معد بسرعة ويتلف صاحبه ؛ حتى قيل : إنه الطاعون ؛ فالأمر بالفرار من المجذوم لكي لا تقع العدوى منه إليك ، وفيه إثبات لتأثير العدوى ، لكن تأثيرها ليس أمرا حتميا ، بحيث تكون علة فاعلة ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالفرار ، وأن لا يورد ممرض على مصح من باب تجنب الأسباب لا من باب تأثير الأسباب نفسها ؛ فالأسباب لا تؤثر بنفسها ، لكن ينبغي لنا أن نتجنب الأسباب التي تكون سببا للبلاء ؛ لقوله تعالى : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) البقرة/195 ، ولا يمكن أن يقال : إن الرسول صلى الله عليه وسلم ينكر تأثير العدوى ؛ لأن هذا أمر يبطله الواقع والأحاديث الأخرى .
    فإن قيل : إن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال : " لا عدوى . قال رجل : يا رسول الله ! الإبل تكون صحيحة مثل الظباء ، فيدخلها الجمل الأجرب فتجرب ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فمن أعدى الأول ؟ " يعني أن المرض نزل على الأول بدون عدوى ، بل نزل من عند الله عز وجل ؛ فكذلك إذا انتقل بالعدوى ؛ فقد انتقل بأمر الله ، والشيء قد يكون له سبب معلوم وقد لا يكون له سبب معلوم ، فَجَرَبُ الأول ليس سببه معلوما ؛ إلا أنه بتقدير الله تعالى ، وجرب الذي بعده له سبب معلوم ، لكن لو شاء الله تعالى لم يجرب ، ولهذا أحيانا تصاب الإبل بالجرب ، ثم يرتفع ولا تموت ، وكذلك الطاعون والكوليرا أمراض معدية ، وقد تدخل البيت فتصيب البعض فيموتون ويسلم آخرون ولا يصابون .

    فعلى الإنسان أن يعتمد على الله ، ويتوكل عليه ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل مجذوم ، فأخذ بيده وقال له : " كل " يعني من الطعام الذي كان يأكل منه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لقوة توكله صلى الله عليه وسلم ؛ فهذا التوكل مقاوم لهذا السبب المعدي .
    وهذا الجمع الذي أشرنا إليه هو أحسن ما قيل في الجمع بين الأحاديث ) انتهى من شرح كتاب التوحيد 2/80
    وعلى هذا فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم : (لا عدوى ) أي أن المرض لا ينتقل من المريض إلى الصحيح بنفسه ، وإنما ينتقل بتقدير الله تعالى ، فمخالطة المريض للصحيح سبب من أسباب انتقال المرض ، ولكن ليس معنى ذلك أنه واقع لا محالة ، بل لا يقع إلا إذا شاء الله ، ولهذا نجد كثيرا ما يخلف المرضى الأصحاء ولا ينتقل إليهم المرض .
    والله أعلم .
    https://islamqa.info/ar/45694

  2. #2

    افتراضي

    نفع الله بكِ .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •