مقدِّمةُ المؤلِّف (المُخْتَصِر)الحمدُ للهِ القائلُ في كتابِهِ : «ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم»..
وصلِّ اللهمَّ وسلِّم على نبيِّنا محمدٍ ، القائلِ: «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الكَلِمِ»، وجاءَ من طُرُقٍ ضَعيفةٍ «واختُصِر لي الحديثُ اختصاراً»..
يعني: أنَّ اللهَ سبحانَه وَتَعالى جَمَعَ له المعانيَ الكثيرةَ فِي الألفاظِ القليلةِ..
وهذا في الوحْيَيْنِ على السَّواءِ، القرآنِ والسُّنَّةِ..
وَمِنْ هُنَا اجْتَهَد العُلماءُ في بَيانِ هذهِ المعاني والفوائدِ التي يَدُلُّ عليها نَصُّ الوَحيين..
وقد كَثُرَتْ هذه المعاني كثرةً عظيمةً موزعةً بين العلوم الشرعية، أُصُوْلِهَا وَفُرُوعِهَا..
مِنْ معانٍ عقديةٍ وفقهيةٍ، إلى معانٍ أُصوليةٍ ولُغويةٍ، إلى غيرِ ذلكَ من المعاني في مختلَفِ العُلُومِ الشَّرعيَّةِ..
إلَّا أنَّ طالبَ العِلمِ المُنتهي، بل والمبتدي، بل والمسلمُ ، لا يَسَعْهُ إلا أنْ يعلمَ أصولَ هذهِ المعاني..
أعني الحدَّ الأدنى الذي ينبغي أنْ يقفَ عليه كلُّ مُسْلِمٍ من معاني الوحيين..
إلا أنَّ هذا الحدَّ الأدنى المتعلِّقَ بمعاني القرآنِ قد غَرَقَ في بِحَارِ علومِ القرآنِ وكتبِ التفسيرِ المختلِفَةِ..
وَمِن هُنَا كانتِ الحَاجَةُ إلى الغَوصِ في هِذِه الكتبِ لِإتْيِانِ مَا لَا يَسْتَغْنِي عَنْه كلُّ مُسْلِمٍ مَعْرِفَتَهُ مِنْ مَعَانٍ لا يسعِ الإنسانُ أَنْ يَجْهَلَهَا..
وقدْ اجتهَدَ العلماءُ في مختلَفِ عصورِ الإسلامِ إلى وقتِنا هذا في تَحقيقِ هذهِ الغايَةِ..
إلا أنَّ الحَاجَةَ لا تزالُ ملحةٌ رَغْمَ كَثْرَةِ التَّجارِبِ في هذا المَجَالِ..
وحتى يتضحَ مَدَى هَذِهِ الحاجةُ لابُدَّ مِنْ بَيَانِ مفهومِ الاختصارِ، وأسبابِه، وأنواعِه، وشروطِه، وفوائدِه، وعيوبِه، وآثارِه..
ثمَّ بيانِ فائدةِ اختصارِ تفسير الطبري بين هذه المختصرات..
ثم بيانِ فائدةِ هذا الاختصارِ الذي بين أيدينا، وخآصةٍ هذا المختَصَرِ، وَمَا الَّذي يُمَيِّزَه عَن هَذِهِ المختصراتِ، والمنهجِ الَّذي سلكتُه فِيهِ..
ولتحقيقِ بعضِ هذِه المقاصِدِ وغيرِها اطَّلعتُ على كِتابين مِن أَنفسِ ما كُتِبَ في هَذَا المَوضوعِ وهُمَا:
الاختصارُ في التَّفِسيرِ، للشيخ علي بن سعيد بن محمد العَمري.
والتفاسير المختصر، للدكتور محمد بن راشد بن محمد البَرَكَة.
وبعد الاطِّلاع عليهِمَا استخلصْتُ مِنْهُمَا بعضَ المسائلِ جَمَعْتُهَا إِلى غَيرِهَا مما يتعلَّقُ بمقدِّمةِ هِذِا الكِتَابِ، وَإليكَ بيانُها..
................يتبع