أختاه! احذري صيحات المشاغبين في ميراثك الشرعي! يقولون: لماذا يكون حظُّ الأنثى من الميراث على النصف من حصة الذكر؟!
وجوابه عند كل مسلم ومسلمة: لأن الله تعالى يقول: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ }[النساء: 11].
لكن المشاغبين يريدون جوابًا آخر؛ لأنهم لم يرتضوا بأمرٍ قد فرضه الله تعالى فرضًا، وقال فيه: {فَرِيضَةً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}[النساء: 11].
فأقول لهؤلاء:
أولاً - إن الشرع الحكيم لم ينظر في تحديد الحصة الإرثية إلى جنس الوارث – ذكرًا أو أنثى- ولكنه نظر إلى الجانب النفعي ماديًّا كان أو معنويًّا، فالجهة الوارثة التي تكون أكثر نفعًا للمورِّث قبل موته هي التي تكون صاحبة الحظ الأكبر من الميراث، وهو ما ختمت به آية الميراث السابقة في قوله تعالى: {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا}[النساء: 11] .
وذلك الجانب النفعي بين الوارث والمورِّث لا يمكن للبشر أن يحيطوا به في كل مواقعه من مسائل الميراث، كما جاء في قوله تعالى: {لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} لكننا في ميراث الابن والبنت يمكننا الوقوف على بعض معاني التفريق بينهما في الحصة الإرثية، فمن ذلك:
إن الأب إذا افتقر أو عجَز عن الكسب، وعنده أبناء وبنات، فنفقته حينئذٍ تجب على الأبناء دون البنات، فابناؤه في هذه الحال هم أقرب نفعًا إليه من بناته، فكان حظهم من الميراث أكبر من حظهن!.
وإن الذكر مطلوب منه حين زواجه بدفع المهر إلى زوجته، وبالنفقة عليها ما دامت في عصمته، بخلاف أخته التي تكون هنا في مقام القابض، والمنفَق عليه! فلو أن الأنثى أخذت بمثل حظ أخيها من أبيها، وكان عليه -لا عليها- كل ما سبق ذكره من الإنفاق، لوقع أخوها في ظلم وجور يأباه الشرع أشد الإباء!.
ثانيًا - مبدأ تنصيف حصة الأنثى ليس على الدوام! فالأنثى في بعض الأحوال تأخذ من الترِكة كحصة الذكر، كما في حال الأب والأم يموت لهما ولد عنده أولاد، يقول الله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ}[النساء: 11].
ثالثًا - في بعض الأحوال تكون حصة الأنثى أكبر من حصة الذكر، كما إذا ماتت امرأة عن أم وأب وزوج وبنتين، فللبنتين الثلثان، ولو كان بدل البنتين ابنان من الذكور، لكان لهما أقلّ من الثلثين بالإجماع.
رابعًا - في بعض الأحوال ترث الأنثى، ولا يرث الذكر، كما إذا مات إنسان عن جد لأم، وجدة لأم، فالتركة كلها للجدة لأم، ولا شيء منها للجد لأم بالإجماع.
أرأيتم إلى ما صنع المشاغبون؛ كي يشككوا المرأة في دينها وقسمة ربها: تكلموا عن حصتها النصفيه، وأعرضوا عن حصتها المثلية، وعن الأكبر منها أيضًا؟!.
وبعد، أهكذا يكون الإنصاف أيها المشاغبون؟! هداكم الله أجمعين قبل أن يصيبكم قوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}[الشعراء: 227].